الحرب الپرتغالية المصرية

الحرب البحرية الپرتغالية المملوكية
Portuguese–Mamluk naval war
Diu Map.gif
التواجد الپرتغالي في المحيط الهندي في أوائل القرن 16.
التاريخ1505–1517
الموقع
بحر العرب
النتيجة انتصار الپرتغاليين
المتحاربون
Flag Portugal (1495).svg الپرتغال Mameluke Flag.svg سلطنة المماليك
القادة والزعماء
Flag Portugal (1495).svg مانوِل الأول من الپرتغال Mameluke Flag.svg قانصوه الغوري

الحرب الپرتغالية المصرية، هي نزاع بحري بين الدولة المصرية المملوكية والپرتغال في المحيط الهندي، في أعقاب توسع الپرتغاليين بعد الإبحار حول رأس الرجاء الصالح عام 1497. وقع النزاع في أوائل القرن 16، من عام 1505 حتى سقوط سلطنة المماليك عام 1517.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العمليات

الخلفية

في أعقاب قصف الپرتغاليون لكاليكوت عام 1500–01 بواسطة الأرمادا الهندية الپرتغالية الثانية تحت قيادة كابرال، تراجعت تجارة التوابل التي تربط الهند بمصر ثم البندقية بشكل خطير وارتفعت الأسعار.[1] كما تعرضت السفن العربية للهجوم المباشر: في عام 1503، قام الپرتغاليون بسرقة أول سفينة مصرية وإغراقها أثناء عودتها من الهند.[2] في عام 1504، دمر البپتغاليون 17 سفينة عربية في ميناء پانان الهندي.[2]


الأرمادا الهندية الپرتغالية السابعة تقاتل في المحيط الهندي منذ 1505.

عام 1504، أرسل السلطان المملوكي قانصوة الغوري أول مبعوث إلى الپاپا، في حضور رئيس دير القديسة كاترين، محذاً من أنه إذا لم يتخذ الپاپا إجراءاً صارماً لإيقاف الاعتداءات الپرتغالية على المسلمين، فإنه سيلحق الخراب بالأماكن المسيحية المقدسة في بلاد الشام وبالمسيحيين الذين يعيشون في سلطنته.[2][3]

عام 1504، أرسل البنادقة، الذين كان لهم مصالح مشتركة مع المماليك في تجارة التوابل وأرادوا القضاء على التحدي الپرتغالي إن أمكن، المبعوث فرانشسكو تيدي .[4] حاول تلدي إيجاد نوع من التعاون بين المملكتين، مشجعاً المماليك على عرقلة الملاحة الپرتغالية.[4] زعم البنادقة أنهم لا يستطيعون التدخل بطريقة مباشرة، وشجعوا السلطان المملوكي قانصوة الغوري على اتخاذ إجراء من خلال الاتصال بالأمراء الهنود في كوتشي وكنانور لإغرائهم بعدم التجارة مع الپرتغاليين وسلاطين لكاليكوت وكامباي للقتال ضدهم.[4]

وهكذا تم إبرام نوع من التحالف بين البندقية والمماليك ضد الپرتغاليين.[5] كانت هناك ادعاءات ، تم التعبير عنها خلال حرب عصبة كمبراي، بأن سكان البندقية زودوا المماليك بالأسلحة وبنائي السفن المهرة.[1]

ومع ذلك، لم يكن لدى المماليك ميل كبير للعمليات البحرية: "كانت الحرب ضد الپرتغاليين، كونها حرباً بحرية في المقام الأول، غريبة تماماً على المماليك وقليلاً ما اختبروها. كانت البحرية وكل ما يتعلق بها محتقراً من قبل المماليك الذين يغلب عليهم الفرسان ذوي المهارات البرية".[6]

ومع ذلك استمر الپرتغاليون في حصار البحر الأحمر، والاستيلاء على السفن التجارية للمسلمين.[3]

التجريدة المملوكية (1505)

عام 1505 أمر السلطان المملوكي قانصوه الغوري بخروج أول تجريدة ضد الپرتغاليين.

تم بناء الأسطول بأخشاب وأسلحة من الدولة العثمانية، وتجنيد طواقم وبنائي السفن من جميع أنحاء شرق المتوسط.[1] التجريدة التي كانت تحت قيادة الأمير حسين الكردي، غادرت السويس في نوفمبر وأبحرت إلى جدة، حيث قامت بتحصين المدينة.[3][4] استعد الأسطول للذهاب إلى عدن.[3] تزامن ذلك مع إرسال الأرمادا الهندية الپرتغالية السابعة إلى المحيط الهندي، تحت قيادة فرانسسكو دي ألميدا.

عام 1506، بدأ أسطول آخر تحت قيادة أفونسو دي ألبوكرك مهاجمة سواحل الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، بعد هزيمة الأسطول المسلم.[7] عام 1507، دخل أسطول من 20 سفينة پرتغالية البحر الأحمر وأغار على سفن الشحن الهندية هناك، فأوشكت التجارة الهندية-المملوكية على الانهيار.[3] حاول الپرتغاليون إنشاء قاعدة في سقطرى عام 1507 لإيقاف تجارة المماليك عبر البحر الأحمر، لكن تبين أن الجزيرة غير ملائمة للغاية وغير فعالة لهذا الدور، لذا غادر الپرتغاليون بعد بضعة أشهر.[8]

في أغسطس-سبتمبر 1507، عسكر أسطول مملوكي يضم حوالي 50 سفينة في عدن، استعداداً للذهاب إلى الهند.[3]

معركة چاول (1508)

عام 1507، أُرسل إلى الهند أسطولاً تحت قيادة الأمير حسين الكردي.[4] كان تحالف المماليك مع سلطنة گجرات المسلمة، أول قوة بحرية للهند في ذلك الوقت.[9] لاقى الأسطول ترحيباً كبيراً في ديو، وانضم حسين الكردي إلى ملك‌عياز، أميرال مملوكي من أصول دلماطية يخدم في گجرات، كقائد للأسطول المملوكي في معركة چاول، حيث واجه وهزم أسطول لورنسو دى ألميدا، ابن نائب الملك الپرتغالي في الهند، فرانسسكو دي ألميدا.[9][10]

معركة ديو (1509)

في أعقاب هذه المعركة، عاد الپرتغاليون للقتال بشراسة بقيادة نائب الملك نفسه، الذي كان يسعى للانتقام لمقتل ابنه وتحرير الپرتغاليين الذين أُسروا في چاول عام 1508. في النهاية نجح الپرتغاليون في القضاء على أسطول المماليك الجنوبي في معركة ديو عام 1509.[11]

منعت مقاومة المماليك الپرتغاليين من غلق طريق التجارة في البحر الأحمر بالكامل.[4] ومع ذل ، كان انقطاع الإمدادات كافياً لرفع الأسعار في مصر إلى مستويات فلكية.[12]

الدبلوماسية

الدبلوماسية البندقية

في عهد الدوق ليوناردو لوردانو كان البنادقة يميلون للمماليك والعثمانيين ضد الپرتغاليين.

حاول المماليك مرة أخرى تأمين مساعدة البنادقة ضد الپرتغاليين، وقد تدخلوا بدفاعهم عن قضيتهم لدى الپاپا.[9]

البنادقة، الذين كانوا يتمتعون بعلاقات سلمية مع العثمانيين منذ توقيع معاهدة سلام 1503 التي وقعتها أندريا گريتي في أعقاب الحرب البندقية العثمانية، استمروا في تأمين السلام مع العثمانيين، وجددوا معاهدة السلام الخاصة بهم في عام 1511، مما دفعهم إلى تشجيع العثمانيين على المشاركة إلى جانب المماليك في الصراع ضد الپرتغاليين.[13]

السفير البندقي لدى الحاكم المملوكي في دمشق عام 1511، رسم جوڤاني بليني.

سمح هذا التقارب للبندقية بتزويد العثمانيين بالإمدادات في موانئهم المتوسطية مثل قبرص.[13] كما طلبت البندقية الدعم العثماني في حرب عصبة كمبراي، لكن هذا لم يحدث.[13]

تم التوقيع على معاهدة تجارية مملوكية-بندقية بواسطة سفير البندقية لدى القاهرة دومنيكو ترڤيسان عام 1513.[13] بعد هذه المرحلة، ومع انتكاسات المماليك والفرس ضد العثمانيين، فضلت البندقية بشكل أكبر التقارب مع الدولة العثمانية.[13]

محاولات ألبوكركي لخلق تحالف پرتغالي-فارسي

من ناحية أخرى، سعى الپرتغاليون، الذين كانوا يخشون تجريدة مملوكية جديدة، للتقارب مع فارس، وسعوا إلى خلق تحالف يمكن أن يعطي قواعد للپرتغاليين على السواحل الشمالية للمحيط الهندي ويشكل تهديداً للعثمانيين والمماليك من الشرق.[13] استقبل ألبوكركي سفير شاه إسماعيل في گوا، ورد برسالة وأرسل السفير روي گوميز.[13] في رسالته إلى شاه إسماعيل، اقترح ألبوكركي شن هجوماً مشتركاص ضد المماليك والعثمانيين:

وإذا كان لديك الرغبة في تدمير السلطان [قانصوه] عن طريق البر، يمكنك سيدي أن ترد المساعدة العظيمة التي قدمتها الأرمادا الملكية عن طريق البحر، وأعتقد أنك بصعوبة صغيرة يمكنك أن تفرض سيادتك على مدينة القاهرة وجميع ممالك وتوابع قانصوه، وبالتالي يمكن أن يقدم لك ملكي مساعدة كبيرة عن طريق البحر ضد الأتراك، وبالتالي يمكن لأساطيله عن طريق البحر وأنت وقواتك العظيمة وسلاح الفرسان براً أن تجتمع لإلحاق إصابات كبيرة بهم

— من ألبوكركي إلى شاه إسماعيل.[13]

حملة البحر الأحمر الپرتغالية (1513)

في أعقاب انتصارهم في معركة ديو والقضاء على الأساطيل المسلمة المنافسة في المحيط الهندي، سعى الپرتغاليون إلى التمدير الممنهج للشحن التجاري الإسلامي.[7]

عام 1513، قاد ألبوكركى حملة على البحر الأحمر من أجل إيقاف تجارة المماليك بالكامل مع الهند، والقضاء على الخطط الممولكية بإرسال أسطولاً إلى الهند.[14] في 7 فبراير 1513، غادر گوا برفقة 1.700 پرتغالي و1.000 هندي في 24 سفينة.[14] قام ألبوكركى بالإبرار في عدن يوم 26 مارس 1513، عند مدخل البحر الأحمر، وحاول الاستيلاء على المدينة، لكنه لاقى مقاومة.[8] أثناء إبحاره في البحر الأحمر، قام بتدمير ميناء كمران (يونيو ويوليو 1513). بعد فشل ألبوكركى في الإبحار إلى جدة بسبب الرياح العكسية، تراجع إلى الهند بعد قصف عدن مرة أخرى.[8]

وهكذا فشلت أبوكركى في إيقاف تجارة التوابل عبر البحر الأحمر وخلق احتكار تجاري لتجارة التوابل بين أوروپا والهند.[8] إلا أن هذه الحملة كانت بمثابة تهديداً خطيراً على ميناء السويس الممولكي وعلى مكة والمدينة]] المقدستين، مما وضع سلطان المماليك تحت ضغط كبير. وهكذا اضطر السلطان المملوكي قانصوه إلى طلب المساعدة العثمانية، على الرغم من أن العثمانيين كانوا منافسين تقليديين، في مقاومته للپرتغاليين.[15]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحملة العثمانية-المملوكية (1514–17)

المماليك والعثمانيون تحت قيادة سلمان ريس يدافعون عن جدة ضد الهجوم الپرتغالي عام 1517.

عام 1514-16 كان العثمانيون يتعاونون مع المماليك ضد الپرتغاليين.[9] أرسل العثمانيون للمماليك قائداً عثمانياً يدعى سلمان ريس، بالإضافة إلى الأسلحة النارية. دخل سلمان ريس في خدمة المماليك، وقاد مجموعة من 2.000 من المشرقيين المسلحين، ربما ضد رغبات السلطان العثماني سليم الأول، والتقى بهذه القوة مع السلطان قانصوه في السويس في أبريل 1514.[15][16] كما أُسست دفاعات مدفعية في جدة والإسكندرية.[15] هذا التركيز على الجبهة البرتغالية كان له الأثر النهائي، لكن إضعاف القوة المملوكية التي يمكن وضعها ضد العثمانيين في بلاد الشام.[15] كان الاستثمار ضخماً، حيث كلف الأسطول السلطان الممولكي حوالي 400 ألف دينار.[15]

بعد أن عطل الپرتغاليون تجارة التوابل بين الهند ومصر المملوكية، قاد سلمان ريس أسطول مملوكي من 19 سفينة إلى المحيط الهندي عام 1515. غادر السويس بقيادة الأسطول في 30 سبتمبر 1515.[17] كما تضمن الأسطول 3.000 رجل، منهم 1.300 جندي تركي.[17] قام الأسطول ببناء حصناً في كمران، لكنه فشل في الاستيلاء على اليمن وعدن في 17 سبتمبر 1516.[17] تمكن الأسطول المشترك من الدفاع عن جدة ضد هجوم الپرتغاليين عام 1517، لكن بحلول ذلك الوقت كانت الحرب بين العثمانيين والمماليك محتدمة بالفعل.[9]

نتيجة لذلك، تمكن الپرتغاليون من إنشاء مراكز تجارة في شبه القارة الهندية، وتولوا تجارة التوابل إلى أوروپا، والتي كانت مصدراً رئيسياً لإيرادات الدولة المملوكية.[11] أصبحت سلطنة المماليك في ضائقة مالية، وهزمتها الدولة العثمانية في النهاية تحت قيادة سليم الأول، براً، في الحرب العثمانية المملوكية (1516–17). استولى العثمانيون على القاهرة في 26 يناير 1517، مما أدى إلى تفكك سلطنة المماليك.[11]

الاستيلاء العثماني

من ناحية أخرى، تمكن العثمانيون من تأسيس وجود قوي لهم في المحيط الهندي، والذي سيطورونه أكثر خلال بقية القرن.[15] تولى العثمانيون مهمة قتال الپرتغاليين في المحيط الهندي، خاصة من خلال أميرالهم سلمان ريس، الذي احتل عدن واليمن عام 1525 بأسطول من 18 سفينة و299 مدفعاً، مما أجبر الپرتغاليين على التراجع.[18] إلا أن العثمانيون فشلوا في حصار ديو عام 1538.

من ناحية أخرى، فقدت مصر مكانتها كقوة عظمى، وحرمت من موارد تجارة المحيط الهندي، ولم تظهر على الساحة الرئيسية للقرون الثلاثة التالية.[19]

انظر أيضاً


الهامش

  1. ^ أ ب ت Venice, a maritime republic by Frederic Chapin Lane p.290
  2. ^ أ ب ت E.J. Brill's first encyclopaedia of Islam 1913–1936 by M. Th. Houtsma p.720ff
  3. ^ أ ب ت ث ج ح Mecca: a literary history of the Muslim Holy Land by Francis E. Peters p.176ff
  4. ^ أ ب ت ث ج ح Ottoman seapower and Levantine diplomacy in the age of discovery by Palmira Johnson Brummett p.34ff
  5. ^ "During the reign of el-Ghuri, a far-sighted policy led the Sultan to enter into an alliance with the Venetians to oppose the installation of the Portuguese in India. Unfortunately the Mamluk fleet carried insufficient fire-power" in Splendours of an Islamic world by Henri Stierlin,Anne Stierlin p.40
  6. ^ Ayalon, quoted in Mecca: a literary history of the Muslim Holy Land by Francis E. Peters p.434 Note 82
  7. ^ أ ب A military history of modern Egypt: from the Ottoman Conquest to the Ramadan War by Andrew James McGregor p.20ff
  8. ^ أ ب ت ث A history of Portuguese overseas expansion, 1400–1668 by M. D. D. Newitt p.87ff
  9. ^ أ ب ت ث ج Firearms: a global history to 1700 by Kenneth Warren Chase p.103ff
  10. ^ "The Mamluk fleet was warmly greeted at Diu by its governor, Malik Ayyaz, a Russian Mamluk who had found favor with the king of Gujarat. Gujarat, which traded mainly through the Red Sea and Egypt, continued to resist the Portuguese" in A military history of modern Egypt: from the Ottoman Conquest to the Ramadan War by Andrew James McGregor p.20
  11. ^ أ ب ت Islam at war: a history by George F. Nafziger, Mark W. Walton p.69
  12. ^ Trade and civilisation in the Indian Ocean by K. N. Chaudhuri p.67
  13. ^ أ ب ت ث ج ح خ د Ottoman seapower and Levantine diplomacy in the age of discovery by Palmira Johnson Brummett p.45ff
  14. ^ أ ب Rise of Portuguese Power in India by R.S. Whiteway p.153ff
  15. ^ أ ب ت ث ج ح Ottoman seapower and Levantine diplomacy in the age of discovery by Palmira Johnson Brummett p.118
  16. ^ The Ottoman Age of Exploration Giancarlo Casale p.32
  17. ^ أ ب ت An Economic and Social History of the Ottoman Empire, Volume 1, by Halil İnalcik p.321ff
  18. ^ An Economic and Social History of the Ottoman Empire by Halil İnalcik p.323
  19. ^ A military history of modern Egypt: from the Ottoman Conquest to the Ramadan War by Andrew James McGregor p.22