أسماء بنت أبي بكر

أسماء بنت أبي بكر (و. ح. 595 - ت. 692)، هي صحابية من الفضليات، أبوها أبو بكر الصديق وأمها قُتَيْلة بنت عبد العزى، وهي أكبر من أختها لأبيها عائشة أم المؤمنين بعشر سنين. كانت أسماء ممن سبق إلى الإسلام بمكة المكرمة، ولقيت الكثير من عذاب المشركين وأذاهم. وقد سميت ذات النطاقين لأنها شقت نطاقها نصفين ليلة خرج الرسول محمد مع أبيها إلى غار حراء، فجعلت واحداً لتضع فيه الطعام والآخر لربط قربة الماء.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نسبها

قال فرج حسن البوسيفي أسماء بنت عبد الله بن عثمان التيمية، والدة عبد الله بن الزبير بن العوام، وهي بنت أبي بكر الصديق، وأمها قتلة أو قتيلة بنت عبد العزى، قرشية من بني عامر بن لؤي، أسلمت قديما بمكة بعد سبعة عشر نفسا، وتزوجها الزبير بن العوام، وهاجرت وهي حامل منه بولده عبد الله، فوضعته بقباء فكان أول مولود يولد في المدينة المنورة بعد الهجرة، وعاشت إلى أن ولي ابنها الخلافة، ثم إلى أن قتل، وماتت بعده بقليل، وكانت تلقب بذات النطاقين، سماها رسول الله بذات النطاقين؛ لأنها هيأت له لما أراد الهجرة سفرة فاحتاجت إلى ما تشدها به، فشقت خمارها نصفين، فشدت بنصفه السفرة، واتخذت النصف الآخر منطقا، وفي رواية: صُنِعتْ سفرة للنبي في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به فقالت لأبي بكر ما أجد إلا نطاقي قال شقيه باثنين فاربطي بواحد منهما السقاء وبالآخر السفرة. قال الحافظ في الإصابة سنده صحيح. وقال الزبير بن بكار في هذه القصة قال لها رسول الله أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة فقيل لها ذات النطاقين.


حياتها

أسلمت أسماء بنت أبي بكر مع السابقين الأولين وهي فتاة غضة في الرابعة عشرة من عمرها يوم أن عاد والدها الصديق إلى الدار مشرق الوجه متهلل الجبين باسم الثغر تكاد عيناه تنطقان بالكلمات قبل أن يتلفظ بها لسانه، فها هو يزف إلى أهله بشرى نبوة "محمد الأمين" صديقه وصفية ويعلن أنه قد تابعه وآمن به. ولما آن أوان إسلام أسماء كان ترتيبها في الإسلام [الثامن عشر] بين الرجال والنساء على حد سواء فهي من المؤمنات السابقات.

تزوجها الزبير بن العوام بعد الهجرة، وكان من الأوائل الذين اعتنقوا الإسلام، فولدت له خمسة أبناء وثلاث بنات أكبرهم عبد الله. وكان الزبير ضيّق ذات اليد لا يملك إلا فرسه، فكانت تعينه على كسب قوتهما، وتقوم من أجل ذلك بالأعمال الصعبة، وكان زوجها قاسياً شديد الغيرة عليها، فكانت تحتمل ذلك منه صابرة. [1]

أنجبت من الزبير ثمانية أطفال، هم:

  1. عبد الله,[2] الذي كان أول مسلم يولد في المدينة بعد الهجرة.
  2. المنذر.
  3. عاصم.
  4. المهاجر.
  5. خديجة.
  6. أم الحسن.
  7. عائشة.
  8. عروة، من كبار رواة الحديث.[3]

معركة اليرموك

شهدت مع زوجها الزبير بن العوام معركة اليرموك، وأبلت فيها بلاءً حسناً. ولما طلقها زوجها عاشت مع ابنها عبد الله.

أسماء والحجاج

كانت أسماء تقول وابن الزبير يقاتل الحجاج: لمن كانت الدولة اليوم؟ فيقال لها للحجاج. فتقول: ربما أمر الباطل. فإذا قيل لها: كانت لعبد الله، تقول: اللهم انصر أهل طاعتك ومن غضب لك. قال عروة: دخلت على أسماء أنا وعبد الله، قبل أن يقتل بعشر ليال، وإنها لوجعة، فقال لها عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت: وجعة، قال: إن في الموت لعافية. قالت: لعلك تشتهي موتي، فلا تفعل، وضحكت، وقالت: والله ما أشتهي أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما أن تقتل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني، وإياك أن تعرض علي خطة لا توافق، فتقبلها كراهية الموت.

لما قتل الحجاج ابن الزبير صلبه، وأرسل إلى أمه أن تأتيه، فأبت، فأرسل إليها لتأتين أو لأبعثن من يسحبك بقرونك، فأرسلت إليه: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني. فلما رأى ذلك أتى إليها فقال: كيف رأيتني صنعت بعبد الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وقد بلغني أنك كنت تعيره بابن ذات النطاقين، فقد كان لي نطاق أغطي به طعام رسول الله من النمل ونطاق لابد للنساء منه فانصرف ولم يراجعها. دخل الحجاج عليها فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وإن الله أذاقه من عذاب أليم. قالت: كذبت، كان برا بوالديه، صواما قواما، ولكن قد أخبرنا رسول الله أنه سيخرج من ثقيف كذابان، الآخر منهما شر من الأول، وهو مبير. إسناده قوي، وهذا درس في الصدع بقول الحق أمام الجبابرة، لا يقدر عليه إلا من أوتي قوة وشجاعة دين وتوكل.

ومما قاله الحجاج لها: يا أمه، إن أمير المؤمنين أوصاني بك فهل لك من حاجة؟ فقالت: لست لك بأم، ولكني أم المصلوب على رأس البنية، وما لي من حاجة، ولكن أحدثك: سمعت رسول الله يقول: " يخرج في ثقيف كذاب ومبير " فأما الكذاب، فقد رأيناه - تعني المختار بن أبي عبيد - وأما المبير فأنت. قال يعلى التيمي دخلت مكة بعد أن قتل ابن الزبير فرأيته مصلوبا ورأيت أمه أسماء عجوزا طوالة مكفوفة فدخلت حتى وقفت على الحجاج فقالت: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ قال: المنافق؟ قالت: لا والله ما كان منافقا وقد كان صواما قواما. قال: اذهبي فإنك عجوز قد خرفت. فقالت: لا والله ما خرفت سمعت رسول الله يقول: " يخرج في ثقيف كذاب ومبير " فأما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فأنت هو.

قيل لابن عمر إن أسماء في ناحية المسجد، وذلك حين قتل ابن الزبير وهو مصلوب، فمال إليها، فقال: إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله، فاتقي الله، وعليك بالصبر. فقالت: وما يمنعني وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل. وهذا من أعظم دروس الصبر للأمهات إذ ترى ابنها معلقا على خشبة وتصبر على ذلك؛ لأنه كان في ذات الله، وما كان في رضاء الله لا يضر معه ألم ولو كان الموت.

قدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر - وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية – بهدايا فأبت أن تقبل هديتها، وأرسلت إلى عائشة: سلي رسول الله، فقال: " لتدخلها وتقبل هديتها " ونزلت (" لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "). وهذا درس عظيم في الرد على المتشددين، في محاربة وعداوة أهل الكتاب المسالمين، مع أن التقارب بيننا وبينهم فيه فرصة لدعوتهم وتعريفهم بدين الحق.

صفاتها

كانت أسماءُ سخية النفس وكانت تقول: يا بناتي تصدقن ولا تنتظرن الفضل، لا تنتظرن ما يزيد عن حاجتكن، فإنكن إن انتظرتن الفضل لن تجدنه، وإن تصدقن لن تجدن فقده. وقال ابن الزبير: ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء، وجودهما يختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه، وأما أسماء فكانت لا تدخر شيء لغد. وقد فرض عمر ألفا ألفا للمهاجرات، منهن أم عبد الله وأسماء. كانت تمرض المرضة، فتعتق كل مملوك لها، من باب داووا مرضاكم بالصدقة. كانت مع سخائها عالمة رضي الله عنها، وكان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا، وقد أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر، وأخذت عن أبيها.

روايتها للحديث

اشتهرت أسماء برواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فروت ستة وخمسين حديثاً، منها اثنان وعشرون في الصحيحين. وكانت ذات منطق وبيان، ولها شعر قليل. وعرفت بالجود والكرم والصلاح، فكانت لا تدّخر شيئاً من مالها، وتعتق حين مرضها كل مملوك لها، وتحث أهلها على الصدقة. وكانت تعاني من ورم في رقبتها وصداع يعتريها، ومع ذلك فقد عاشت مئة سنة محتفظة بسداد تفكيرها وحضور ذهنها.

مما روته أسماء

عن أسماء قالت: أتيت عائشة وهي تصلي فقلت ما شأن الناس؟ فأشارت إلى السماء فإذا الناس قيام فقالت: سبحان الله قلت: آية. فأشارت برأسها أي نعم فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب على رأسي الماء فحمد النبيُّ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار فأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم.

قالت أسماء من فتنة المسيح الدجال يقال ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن لا أدري بأيهما قالت أسماء فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا هو محمد ثلاثا فيقال نم صالحا قد علمنا إن كنت لموقنا به وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته.

ويحدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله فاستفتيت رسول الله قلت: وهي راغبة أفأصل أمي قال نعم صلي أمك.

في الثقافة العامة

اقرأ نصاً ذا علاقة في

أسماء بنت أبي بكر



مرئيات

إلقاء الشعر للراحل زكي طليمات.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ ج. ت. "أَسْمَاء بِنْت أبي بكر". الموسوعة العربية. Retrieved 2015-01-26.
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة [69]
  3. ^ Bewley/Saad p. 176.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قراءات إضافية

  • ابن سعد، الطبقات الكبرى (دار صادر، بيروت).
  • أبو نعيم الأصفهاني، حلية الأولياء (المطبعة السلفية، بيروت).
  • عمر رضا كحالة، أعلام النساء (دار صادر، بيروت).

وصلات خارجية