تاريخ أوروبا

Europe depicted by Antwerp cartographer Abraham Ortelius in 1595

أوربا كلمة يقال أنها ترجع لإسم إيروبا إبنة فيونكس Phoenix (أي العنقاء) في الأساطير الإغريقية أو ترجع لكلمة إيرب Ereb الفينيقية التي معناها غروب الشمس.وكانت أوربا مركزا هاما للثقافة والإقتصاد.

ترجع معظم اللغات الأوربية إلي اللغة الآرية ماعدا لغة ويلز واسكتلندة وإيرلندة وبريطانيا. لأن أصل لغتهم السلتية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ما قبل التاريخ

Map showing the Neolithic expansions from the 7th to the 5th millennium BC, including the Cardium Culture in blue.


Lepenski Vir - Vinča - Cucuteni cultures 7000-2750 BC

The markings on the Dispilio tablet. 5260 BC

لم تكن اوروپا ما قبل التاريخ مهداً انطلق منه الإنسان وإنما جاءتها الهجرات البشرية من إفريقيا الشمالية خاصة، ومن جنوب غربي آسيا، ومن منطقة اوروپا الآسيوية Eurasia. ودلّت المكتشفات الأثرية على أن الإنسان الأول، من نوع الإنسان المنتصب (هومو إركتوس) Homo erectus، قد عاش في اوروپا منذ أكثر من مليون عام. ثم ظهر إنسان نياندرتال في بدء العصر الجليدي الأخير في ما بين 80000 و35000 سنة تقريباً. ومنذ نحو 40.000 سنة ظهر الإنسان العاقل، إنسان كرومانيون Cromagnon (موقع في فرنسة) أحد الرئيسات التي سبقت الإنسان الأوروبي الحالي. وتميزت هذه العصور باستخدام الإنسان للأدوات الحجرية على نطاق واسع، وقد عثر على بقاياها في مختلف أرجاء القارة الأوروبية.

وقد عاش سكان القارة في جماعات متنقلة تبعاً لمواسم جمع الثمار البرية وإمكانات الصيد. وشيئاً فشيئاً أخذت تقنية الأدوات تتطور وتتكامل. وحدثت في هذه المرحلة تحولات مهمة في نظام حياة السكان، بعد أن ازدادت برودة المناخ ولجأ الناس إلى استخدام المغاور وطوَّروا قدراتهم على كل صعيد.

ومع بداية العصر الحجري القديم الأعلى، منذ نحو 40 ألف سنة بدت أوائل مظاهر الفن الإنساني التي تطورت فيما بعد، كما دلت عليها مكتشفات مواقع لاسكو وألتاميرا.

وفي نحو منتصف الألف السادس قبل الميلاد حصل تطور جذري حين عرف الإنسان في غربي اوروپا وجنوب شرقيها ممارسة الزراعة وتربية الحيوانات. وقد مهد هذا التطور المبكر لظهور الحضارات التي أدت إلى بدء الاستقرار وظهور القرى في أشكالها الأولى. واستمر هذا العصر حتى نحو مطلع الألف الثالث ق.م، واستمرت فيه عملية التطور الحضاري على المستويات كلها، حتى بدء العصر الحجري النحاسي، بين نحو 3000 و 2000 ق.م، وعلى امتداد العصر البرونزي بين نحو 2000 و 1000 سنة ق.م. ثم دخلت اوروپا فيما بعد في عصر الحديد وظهرت حضارات غنية، واسعة الانتشار (حضارات هالشتات Hallstatt ولاتين La Téne والأتروسكيين Etrousque) التي كانت نواة قيام المدن الأوربية الأولى وبداية العصور التاريخية.

وعندما ظهر الإنسان العاقل Homo sapiens بأوربا في أواخر العصر الحجري وكان قناصا وجامعا للثمار. وقد خلف وراءه آثاره التي يرجع تاريخها 25 ألف إلي 10 آلاف سنة في حوالي 200 كهف معظمها في أسبانيا وفرنسا. وفي العصر الحجري الحديث بدأ إنسان أوربا في ممارسة الزراعة لتحل محل الصيد. وخلال الألفية السادسة ق.م. إنتشرت الزراعة في غرب أوربا. وهذه الحضارات النيوليثية قد بدأت عام 5000ق.م. حيث أقامت النصب الحجرية العملاقة . وظهرت في هذه الفترة ثقافات الدانوب والبلقان بصربيا واليونان القديمة التي تميزت بالقري الحصينة . وقد أظهرت الحفريات بهذه المناطق الحضارية بالبلقان ان النحاس كان مستعملا منذ 4000ق.م .أثناء حضارة فينشا Vinča culture. وأثناء هذه الفترة كان يجلب العتير من بحر البلطيق وكان له أهميته.

Minoans and Mycenae 2700-1100 BCE

The Treasury of Atreus, or Tomb of Agamemnon in Mycenae 1250 BCE

عاش سكان أوربا في العصر البليوبيثي علي صيد الأسماك والحيوانات. وفي العصر النيوليثي (مادة) قاموا بتربية الحيوانات والزراعة. وبدأ في كريت تعدين البرونز سنة 3000ق.م. وقد نقلت عن المصريين والفينيقيين. ووصلت الصناعة التعدينية إلي ألمانيا وبريطانيا سنة 2000ق.م. . وأقام اليونانيون الحضارة الميسينية سنة 1400ق.م. . وهذه الحضارة إنتقلت لشمال وغرب أوربا. وفي سنة 700ق.م. إنتشرت في أوربا الأبجدية الفينيقية والنقود من آسيا الصغري. وفي القرنين 6- 4 ق.م. قامت الحضارة الإغريقية. وفي القرن الثالث ق.م. قامت الحضارة ظهرت الحضارة الرومانية في شبه جزيرة إيطاليا وظلت حتي القرن الثاني ق.م. . وقد إندمجت فيها الثقافة الإغريقية.

وأثناء الألفية الثالثة ق.مز اكتشف النحاس والقصدير لكميات في بوهيميا (التشيك) بوسط أوربا وصنع منهما البرونز. وكانت المقابر الملكية والطبقة الراقية في هذه الفترة عبارة عن لحود فوقها التراب. لكن في أواخر الألفية الثانية كان حرق الموتي ووضع الرماد في قوارير urn وكانت هذه عادة متبعة في حضارة إبرنفيلد urnfield culture. وحتي الآن لايعرف كيف نشأت اللغة الهندو اوربية في القارة الأوربية . ويقال أن الهندو أوربيين قد عاشوا بشمال البحر الأسود سنة 2500ق.م. وانتشروا بالبلقان بعد غزوها واحضروا معهم الخيول لأوربا سنة 2200ق.م. قد إنتشروا بعدها لبقية أوربا أثناء منتصف العصر البرونزي. وكانت اول حضارة ظهرت في أوربا كانت بجزيرة كريت أثناء الألفية الثانية ق.م. وفي عصر الحديد الذي بدأ سنة 1000ق.م. كانت حضارة إيرنفيلد التي إمتدت الطرف الرئيسية علي الأنهار مما أدت إلي تكوين مجموعات بشرية كالسلت والسلاف والمتكلمين بالإيطالية والليرياتيين Illyrians.

كما ظهرت بشمال إيطاليا حضارة فيلانوفان مابين 1000ق.م. و700ق.م. واصبح لها أهميتها وظهرت حضارة مشابهة هي حضارة هالشتات Hallstatt مابين القرنين 8 ق.م. و5 ق.م التي إنتشرت نع السلت في معظم غرب أوربا مابين القرنين 7 ق.م. و4 ق.م. وكان السلت تعرف حضارتهم بحضارة اللاتين La Tène التي أخذت الكثير من حضارة هاللشتات. وأخذت الشعوب الجرمانية Germanic Peoples تنتشر من جنوب إسكندينافيا والبلطيق منذ سنة 500ق.م. وفي سنة 800ق.م.بدأت تبزغ الحضارة الإغريقية يعد هجوم الدوريون ولكن بطريقة تخالف الميسينيون. وهذا بقضل الفينيقيين الذين أقاموا مراكز تجارية وحضارية في البحر الأبيض المتوسط. ونشروا عناصر تجاه الغرب. فنقل عنهم الإغريق الأبجدية. لكنهم أضافوا لها حروف العلة.

ومعظم المجموعات العرقية في غرب أوربا بما فيها الإتروسكان Etruscans الذين أقاموا حضارة فيللانوفان Villanovans قد توائموا مع الثقافة الإغريقية. و بعض المراكز الإغريقية كأثينا قد تطورت للديموقراطية بالقرن 5 ق.م.وفي هذه الفترة كان اليونان مهددة من الخطر الفارسي ولاسيما وأن آسيا الصغري قد خضعت للفرس الذين هاجموا اليونان عام 490 ق.م.وبعد طردهم عام 479 ق.م. أصبحت أثينا الديموقراطية القوة العظمي في العالم الإغريقي. فأقيمت إمبراطورية أثينا في منطقة بحر إيجه مما حقق تكاملا ثقافيا وإقتصاديا في القرن 5 ق.م. الذي يعتبر العصر الذهبي التقليدي للحضارة الإغريقية. بعدها تفشت النزاعات الداخلية بين المدن اليونانية حتي ظهرت قوة مقدونيا بشمال اليونان علي يد فيليب وابنه الإسكندر الأكبر(مادة) من بعده بالقرن 4 ق.م حيث وحدا اليونان ومقدونيا وأستول الإسكندر علي مصر والشام وبلاد الفرس حتي الهند. ثم قضي الرومان هذه الإمبراطورية الهيللينية بعدما إستولوا علي مقدونيا واليونان بالقرن الثاني ق.م. وإيطاليا غير اليونان في عصر الحديد. فقد كانت منقسمة لعدة مجموعات عرقية ولغوية مطعمة بحضارات العصر النيوليثي المبكر. وكانت هذه المجموعات عبارة عن تنوعات من الهندوأوربيين الذين نزحوا لشمال إيطاليا في الألفية الثانية ق.م. التي توالت علي شبه الجزيرة الإيطالية. وكان غالبية هذه المجموعات من الإيطاليين.

العصر الكلاسيكي القديم

The Parthenon, an ancient Athenian Temple on the Acropolis (hill-top city) fell to Rome in 176 BC

مع قدم الحضارة الهيلينية في بلاد اليونان، ومع أن أول تاريخ حقيقي لبلاد الإغريق لم يبدأ إلا مع أول ألعاب أولمبية سنة 776 ق.م.، فإن علم الآثار قدم معلومات ألقت أضواء على حضارة إغريقية باكرة فاقت الحضارة الهلّينية قدماً وعراقة ومهدت السبيل لظهورها. وقد تركزت هذه الحضارات الأوربية الأولى في جزر بحر إيجة Aegean Sea شرقي اليونان. ويطلق العلماء عليها اسم حضارة بحر إيجة، لأنها انبعثت في عدد من جزر هذا البحر ومدنه الساحلية وخاصة جزيرتي ميلوس Melos وكريت Crete ومدينتي موكيناي (مسنيا) Mycenae وطروادة. وقد تكوَّنت هذه الحضارات التي كانت عناصرها البشرية من عرق البحر المتوسط منذ الألف الثاني قبل الميلاد، ووصلت إلى ذروة ازدهارها في كريت، إلا أنها انهارت سنة 1400 ق.م. لغزو خارجي أطاحها. واستلم الآخيون وهم أصحاب الحضارة الموكينية لواء السيادة السياسية والحضارية بعد تحطيمهم طروادة في نحو منتصف القرن الثالث عشر ق.م، ولكنهم تعرضوا للغزو الهلّيني (الدوريين) من الشمال في أواخر الألف الثاني ق.م وبذلك قضي على آخر ممثل للحضارة الإيجية. استخدم سكان بعض الجزر الإيجية، في كريت خاصة، نظاماً للكتابة، وكان بينهم البحّارة والمغامرون والتجار. وظهرت حضارة مماثلة للحضارة الإيجية في جزيرة مالطة جنوب جزيرة صقلية الإيطالية. وتمكن بحارة إيجيُّون ومالطيُّون من الإبحار على طول السواحل الجنوبية والغربية لاوروپا وقدموا للشعوب التي التقوها طريقتهم وأسلوبهم في الحياة. ومن القطاع الأوربي للاتحاد السوفييتي سابقاً، قامت قبائل من الفرسان من أصول مختلفة يغلب عليها الطابع الهندي ـ الأوروبي باجتياح جنوبي اوروپا وغربيها نحو 2000 ق.م. وكان رجال هذه القبائل المحاربة من الذين يعملون رعاة في السهول الخضراء التي تقع شمال شرقي البحر الأسود. وقد تمكن هؤلاء من نشر ثقافة الحرب والقتال في معظم أنحاء اوروپا لغزوهم عدداً كبيراً من القرى.

ولقد كان الإغريق القدماء والرومان قد أقاموا حضارات كبري إشتهرت بالفلسفة والآداب والفنون الجميلة والحكومة والإدارة. وأصل الأوربيين قد نزحوا من الشرق في شكل موجات مهاجرة عبر آراضي آسيا الصغري للبلقان بشرق أوربا أو من حول البحر الأسود سعيا وراء الكلأ منذ عصر ماقبل التاريخ.

اليونان القديمة

انتسب اليونان بمجموعهم إلى هيلين (ابن دوكاليون من زوجته بيرا كما في الأساطير اليونانية) فأطلق عليهم اسم الهلينيين Hellenes وأطلق على بلادهم اسم الهيلاس أو الهيلاد. ولا يعرف على وجه التحقيق المكان الذي هاجر منه أوائل اليونان ولا الوقت الذي استوطنوا فيه تلك البلاد. وترجح معظم الدراسات الحديثة انتساب أوائل الإغريق إلى الأقوام الهندية الأوربية التي تسربت من مناطق متعددة من حوض الدانوب إلى بلاد اليونان، منذ أوائل القرن العشرين قبل الميلاد على شكل هجرات استهلتها القبائل الآخية، ثم تلتها القبائل الأيولية والإيونية التي اختلطت بسكان البلاد الأصليين وتمازجت حضارة الطرفين هناك. على أن آخر الهجرات الكبرى وأهمها هي هجرة الدوريين Dorians التي تمت في أواخر القرن الثاني عشر ق.م إذ شجعت حالة الآخيين (الموكينيين) الضعيفة القبائل الدورية على مهاجمة بلاد اليونان واكتساحها. وبدأت الأوضاع تستقر هناك بعد قرنين من الزمن، واختلط الفاتحون بالسكان الأصليين فنشأ لذلك جيل جديد تمكن من مدِّ سيطرته إلى شواطئ آسيا الصغرى وإيطالية وصقلية وشمالي إفريقية. وإبّان القرون التالية توحّدت مجموعات من تلك القبائل وكوّنت نوعاً جديداً من التكتل السياسي المستقل Synoekismos ومعناه الحرفي (الإسكان المشترك). وكانت كل وحدة من هذه الوحدات تسمى «بوليس» Polis المدينة ـ الدولة. وبلغت الحضارة اليونانية أوج عظمتها إبان القرنين الخامس والرابع ق.م مع بروز مدينتي إسبرطة Sparta وأثينا Athens ومدن أخرى لاتقل عنهما قوةً ونفوذاً. وقد انتشرت فكرة الديمقراطية في هذه المرحلة كما ازدهر الفن والعلم وبرزت أثينة مركزاً ثقافياً للعالم القديم. إلا أن بلاد اليونان خاضت في الوقت نفسه تقريباً حروباً طويلةً فيما بينها ومع أعداء خارجيين، ومع أن أثينا وحليفاتها هزمت القوات الفارسية الغازية من الشرق فإن الحروب الداخلية بين المدن الإغريقية نفسها أدت إلى انهيار قوة الإغريق السياسية. وظل العالم اليوناني مُجَزَّأً إلى عددٍ كبيرٍ من الكيانات السياسية، إضافة إلى نشوب ثورات شعبية داخلية في معظم مدن اليونان وازدياد أعداد طبقة العبيد وتناقص أعداد الأحرار المنوطة بهم فقط مهمة الحروب والدفاع، عدا فتور الروح الوطنية وضعف الروح القومية الكفيلة بتكوين قومية تشمل دول المدن اليونانية جميعها. وفي تلك الأثناء كان الفرس يثبّتون سيطرتهم على سواحل آسيا الصغرى ويتدخلون في الأمور الداخلية للمدن اليونانية، كما كانت قوة دولة مقدونيا التي تبوأ عرشها الملك فيليپ الثاني سنة 360 ق.م. آخذة بالازدياد.

وفي عام 336 ق.م أَصْبَحَ الاسكندر الكبير Alexander The Great ملكاً لمقدونية واستطاع أَنْ يوحّد بلاد اليونان تحت سلطته، ويقود الجيوش الإغريقية في مواطن الامبراطورية الفارسية، وتمكن من القضاء عليها، ومن ثم تابع حروبه نحو الشرق حتى بلغ حدود الهند. وأقام نظاماً ملكياً تبوأ هو سدته وكان مولعاً بالثقافة الهلّينية فعمل على نشرها في أرجاء امبراطوريته الواسعة.

ضعفت الامبراطورية المقدونية بعد موت الاسكندر الكبير وهو في شرخ الشباب في سنة 323 ق.م. وتقاسم قادته الامبراطورية فيما بينهم بعد وفاته فأسس سلوقس دولة السلوقيين في فارس وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى وبلاد الشام، وأسس بطلميوس دولة البطالمة في مصر، وأسس آنتيگونوس دولته في مقدونية وماتبعها من بلاد اليونان. وقد لاقى العلم في المرحلة الهلّنستية تشجيعاً كبيراً حتى غدت المدن الهلّنستية الاسكندرية وأنطاكية وبرغامة مراكز إشعاع علمي. حيث أُنشئت فيها مكتبات ومتاحف كثيرة وجرت مبادلات فكرية وتعليمية بينها. وقد ظلت الامبراطورية التي رسم حدودها الاسكندر ممزقة على تلك الحال حتى جاء الرومان وقضوا على ممالكها الواحدة تلو الأخرى.

وفي القرن 8ق.م. بدأ الإغريق ينتشرون بمستعمراتهم ولاسيما في جنوبي إيطاليا. وفي القرن الذي يليه بلغت الحضارة الهيللية وكان للتبادل التجاري بين هذه المناطق المحتلة والإغريق قد أسفر عن إنتشار الثقافة الإغريقية. وكانوا يخشون علي ميراثهم الحضاري معتبرين غيرهم برابرة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ظهور روما

Cicero addresses the Roman Senate to denounce Catiline's conspiracy to overthrow the Republic, by Cesare Maccari

نشأت روما Roma في منتصف القرن الثامن ق.م من اتحاد سبع قرى فوق سبعة تلال على ضفة نهر التيبر الذي يخترق سهل اللاتيوم. وكان السابينيون يسكنون أربعاً من تلك القرى ويسكن القرى الثلاث الأخرى اللاتينيون. وفي القرن السابع ق.م سيطر الأتروسكيون الذين قدموا على الأرجح من منطقة ليدية في آسيا الصغرى، على مناطق واسعة من إيطاليا وأقاموا دولاً صغيرةً في إترورية وأسسوا عدة مدن وتمكنوا من التوسع والسيطرة على سهل اللاتيوم ومدينة روما وتابعوا تقدمهم جنوباً إلى أن اصطدموا باليونانيين، الذين كانوا قد أسسوا مستعمرات في تلك المناطق. وتحالف الأتروسكيون مع القرطاجيين فانتصروا على اليونانيين في معركة بحرية سنة 535ق.م وأجلوهم عن بعض المناطق. وكذلك سيطر الأتروسكيون على منطقة سهل البو في شمالي إيطالية، وبذلك أصبحت مناطق واسعة في إيطالية خاضعة لسيطرتهم في القرن السادس ق.م. إلا أن اللاتين تمكنوا من طرد الأتروسكيين من منطقة روما وسهل اللاتيوم في سنة 509 ق.م. ثم شرعت رومة تمدّ سيطرتها على وسط شبه الجزيرة الإيطالية، ولكنها تعرضت لمقاومة تحالف المدن اللاتينية في سهل لاتيوم، ودار الصراع طويلاً في حروب عرفت باسم الحروب اللاتينية خرجت منها روما منتصرة. واستطاع الرومان أن يردوا عن البلاد غزوات الغاليين ويسيطروا على شمالي إيطاليا، وهاجموا المستعمرات اليونانية في جنوبي إيطالية وصقلية وأخضعوا المنطقة لسيطرتهم، وبذلك استطاعت رومة أن توحد إيطالية كلها تحت زعامتها، وبدأت بعد ذلك بتنفيذ مشروعها التوسعي، فاصطدمت بدولة قرطاجة التي أسسها الفينيقيون في شمالي إفريقية (قرب تونس الحالية). واستطاع الرومان أن يُخْضِعُوا قرطاجة ويسيطروا على الحوض الغربي للبحر المتوسط سيطرة تامة في نهاية الحروب البونية الثانية (218-201ق.م). ثم توجهت جيوشهم نحو الشرق فاستولت على مقدونيا وبلاد اليونان وآسيا الصغرى وقضت على دولة السلوقيين والبطالمة.

وبلغت الامبراطورية الرومانية أوج عظمتها إبان ما يعرف بالسلام الروماني Pax Romana الذي استمر من سنة 27ق.م حتى سنة 180. وبلغ العلم والفن الرومانيان الذروة، كما ازدهرت التجارة في جميع أرجاء الامبراطورية. واقتبس الرومانيون كثيراً من الأفكار والعلوم اليونانية مما ساعدهم على نشر الثقافة الإغريقية اليونانية في أرجاء امبراطوريتهم، وغالباً ما دعيت هذه الثقافة الرومانية باسم الثقافة اليونانية ـ الرومانية. وأسهم الرومان في الحياة الأوربية بتشييد المدن وفقَ مخططات مدروسة وإقامة شبكات الطرق. كما أصبحت اللغة اللاتينية أساساً تفرعت منه اللغات الرومانية المتداولة في أوربا اليوم. كما أصبح الكثير من الأسس القانونية التي وضعها الرومان جزءاً من الأنظمة القانونية في أوربا و[بأمريكا]].

انهيار الإمبراطورية الرومانية

Map of the Roman Empire partition in 395, at the death of Theodosius I: the Western (red) and Eastern Roman Empire (Byzantine Empire) (purple).

قدمت الشعوب الجرمانية من شبه جزيرة اسكندناڤية Scandinavia في شمالي اوروپا إلى أواسطها نحو سنة 1000 ق.م.، واستوطنت أقاليم في حوض الراين والدانوب على طول الحدود الشمالية والشمالية الشرقية للامبراطورية الرومانية في القرن الثالث الميلادي. وقد تبنى بعض الجرمان حضارة جيرانهم الرومان وتعلموا زراعة الأرض واعتنقوا المسيحية. لكن معظم الجرمان كان شعباً «همجاً» عاش أساساً على الصيد وعلى الزراعة البدائية في مستوى حضاري متدنٍ لذا أطلق عليهم الرومان لقب «البرابرة» Barbare. ولما غزا الهون Huns الذين جاؤوا من أواسط آسيا القبائلَ الجرمانية في أواخر القرن الرابع الميلادي وإبان القرن الخامس الميلادي، تمكنوا من طردها إلى أطراف الامبراطورية الرومانية الغربية. وكانت الامبراطورية الرومانية آنذاك قد فقدت الكثير من قوتها ولم يعد بمقدور جيوشها الدفاع عن حدودها الطويلة مما أدى إلى تمزق هذه الامبراطورية وسقوطها بأيدي البرابرة الجرمان. فقد احتل القوط الغربيون Visigoths والبورغنديون Burgundians والسويفي (السوابيون) Suevians إسپانيا وجزءاً من گاليا Gallia. واحتل الآلان والفاندال (الوندال) Vandals شمالي إفريقية وسيطروا على حوض المتوسط الغربي ثم أغاروا على رومة نحو سنة 455. وطرد الكلتيون (السلتيون) Celts القوات الرومانية من بريطانية التي تعرضت لغزو قبائل الأنغلز Angles والسكسون Sexons في منتصف القرن الخامس. كما غزت الفرنجة (الفرانكيون) Franks شمال غالية (فرنسة) وأسست فيها مملكة فرنجية في أواخر القرن الخامس. وتمرد الجنود البرابرة بقيادة زعيمهم الجرماني أودوأكر Odoacer في عام 476 وتمكنوا من عزل الامبراطور رومولوس أغسطولس Romulus Augustuls وإسقاط العرش الروماني. وقد استقر السلاف Slaves في شرقي اوروپا وعاشوا مع الرومان بسلام في الوقت الذي نزحت فيه القبائل الجرمانية إلى غربي اوروپا.

العصور القديمة المتأخرة وعصر الهجرة

2nd to 5th century simplified migrations. See also map of the world in 820 AD.
Map showing Europe in 526 AD with the three dominating powers of the west

كان سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي بوابة لكثير من التغيرات في القارة كان أبرزها ما حدث إبان عصر الهجرات. عانت اوروپا كثيرا في المعيشة في العصور المظلمة.

العصور الوسطى

Map of Europe in 814, as the Frankish reached their peak, while Byzantium faced the Islamic conquest

يمتد تاريخ العصور الوسطى من سقوط الامبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس الميلادي حتى القرن السادس عشرالميلادي. فاختفت الحكومات القوية التي أسسها الجرمان في العصور الوسطى المبكرة، وحلت محلها ممالك متعددة، وتراجعت التجارة الأوربية، فانصرف الناس إلى الزراعة، وقُسم معظم اوروپا الغربية في القرن التاسع إلى إقطاعيات كبيرة من الأرض (الضياع Manor) وأصبحت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية القوة الحضارية الرئيسة التي قادت اوروپا دينياً وسياسياً وألقت بظلها على الفنون والعلوم.


كانت مملكة الفرنجة Frankish Kingdom هي المملكة الجرمانية الوحيدة التي كتب لها البقاء والاستمرار، إذ حلت تدريجياً محل الامبراطورية الرومانية الغربية. ويعد كلوديون أقدم ملوك الفرنجة، ثمَّ تولى العرش بعده ميروفتش Merovech (Moroveus) ـ الذي اشتق من اسمه اسم الأسرة الميروفنجية التي حكمت غالية حتى عام 751 ـ ثم خلفه شيلدريك Childeric (457 (457-481). ويُعد اعتلاء حفيده كلوڤيس Clovis العرش (481-511) نقطة مهمة في التاريخ الأوربي الغربي. وبعد موته انقسمت الدولة الفرنجية الميروفنجية إلى ثلاث ممالك. ودب الضعف في أوصال هذه المملكة وتزايد نفوذ رؤساء البلاط، أمراء القصر Mayor of the Palace وتدخلهم في شؤونها. وكانت أسرة بيبان Pepin قد تمكنت من منصب رئيس البلاط منذ أوائل القرن السابع، وحولت هذا المنصب إلى منصب وراثي لأفرادها. وفي عام 687 تمكن پيپن الثاني هريستال Pepin of Heristal من جمع رئاسة البلاط في مملكتين منهما (نوسترية وأسترازية) مع بقاء الميروفنجيين على رأسي المملكتين اسمياً. وبعد وفاته عام 714 أصبح ابنه شارل مارتل Charles Martel رئيساً للبلاط في الممالك الفرنجية الثلاث. ومع أن شارل مارتل تمكن من صد العرب المسلمين ومنعهم من فتح غالية في معركة بلاط الشهداء (بواتيه Poitiers) عام 732 واكتسابه لقب «حامي اوروپا»، فإنه لم يتمكن من اعتلاء العرش الفرنجي، في حين استطاع ابنه بيبان القصير Pepin the Short عزل آخر ملوك الأسرة الميروفنجية، واعتلاء عرش المملكة الفرنجية، وبذلك انتهى حكم الأسرة الميروفنجية وانتقلت السلطة إلى الأسرة الكارولنجية Carolingian. وقد قامت علاقات دبلوماسية ودية بين الخلافة العباسية في بغداد في عهد الخليفة المنصور وبين بيبان القصير هذا. وخلف بيبان القصير ابنه شارلمان Charlemagne الذي حكم في ذروة قوته الغرب الأوربي كله ماعدا الجزر البريطانية وإيطالية وصقلية. وعمل شارلمان على حماية الكنيسة ومصالحها وعلى الحفاظ على وحدة الشعب الأوربي داخل الكنيسة، وأسس مدرسة في قصره في عاصمته إكس لاشابيل Aix-La Chapelle (آخن Achen). وأظهر اهتماماً كبيراً بالتعليم. وكانت علاقة شارلمان بالخليفة العباسي هارون الرشيد ودية وحسنة.

احتفل شارلمان قبل وفاته سنة 814 بتتويج ابنه لويس التقي، الذي خلفه في حكم الامبراطورية حتى سنة 840. وقسم لويس التقي المملكة بين أولاده، الذين تنازعوا فيما بينهم وحدثت حرب أهلية استمرت حتى عام 843، حين اجتمع أبناء لويس التقي في مدينة فردان Verdun، وعقدوا معاهدة قُسمت بموجبها الامبراطورية إلى ثلاث ممالك مستقلة، صارت لاحقاً دولاً مستقلة، هي فرنسا وإيطالية وألمانية. وقد تعرضت أراضي الامبراطورية المجزأة في هذه المرحلة إلى موجات فَتْح قادها المسلمون من الأندلس وغزوات خارجية شنها المجر Magyars والفايكينغ Vikinges. وفي أواخر القرن التاسع الميلادي لم يبق للامبراطورية الكارولنجية وجود. ومن الملاحظ أن اوروپا عانت الفقر وقلة السكان في الحقبة الواقعة مابين القرنين الخامس والعاشر الميلاديين، لقلة المساحات المزروعة بسبب كثافة الغابات ولوجود المستنقعات، كما أدت الأمراض والمجاعات والحروب وانخفاض معدل المواليد إلى عدم زيادة السكان.

لقد عاشت أوربة في القرن الرابع عشر وجزء من القرن الخامس عشر أزمات عنيفة هزت بناها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. وولدت لدى نخبتها الثقافية ذلك القلق الفكري الذي دفعها نحو البحث المثمر عن مخرج من تلك الأزمات. واتضح في أثناء تلك الأزمات مفهوم الدولة الحديثة، وتفتح الوعي الإنساني وتراجع النظام الإقطاعي وتدعمت البرجوازية. وجاءت ردود الفعل الأوربية على تلك التحديات غنية ومثمرة، وقد تجلى ذلك بوضوح في النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي إذ حدثت تطورات اقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة ومهمة واختفت الفروسية Chivalry وبدأت مظاهر النبالة الإقطاعية بالتلاشي تدريجياً لتحل محلها الطبقة البرجوازية. وبدأ عباقرة عصر النهضة أمثال رونسار ورابليه في فرنسا وشكسبير في إنگلترة ودانتي في إيطاليا وسرفانتس في إسبانيا، يكتبون إبداعهم بلغات محلية متخلين عن اللاتينية، وتكونت الجمعيات الفكرية وتأسست الجامعات ونما علم التاريخ وتطور الأدب وولد الفكر الواقعي والفكر اللاديني المتحرر من ضغوط الكنيسة.

بيزنطة

Constantine I and Justinian I offering their fealty to the Virgin Mary inside the Hagia Sophia

اعتاد المؤرخون المعاصرون أن يطلقوا على الامبراطورية الرومانية الشرقية اسم الامبراطورية البيزنطية أو بيزنطة بدءاً من نقل العاصمة من روما سنة 330 إلى القسطنطينية. وقد عاشت الامبراطورية البيزنطية أكثر من ألف سنة (330-1453) ثم سقطت بأيدي الأتراك العثمانيين. وكانت بيزنطة في القرون الرابع والخامس والسادس الميلادي استمراراً للامبراطورية الرومانية القديمة، ولكنها كونت لنفسها في هذه المرحلة شخصية مستقلة لها معالمها المتميزة من عالم الامبراطورية الرومانية القديمة. تأثرت بيزنطة بالثقافة الهلنستية، كما اتخذت اليونانية لغة رسمية لها منذ القرن السابع. وكانت بيزنطة في منتصف القرن السادس تضم دالماسية وإيطالية وشمالي إفريقية وسورية وآسيا الصغرى وجنوب شرقي إسبانية وجزر صقلية وسردينيا وكورسيكة وجزر الباليار، وأصبح البحر المتوسط بحيرة رومانية.

وفي الوقت الذي كان فيه الفرس والبيزنطيون في شغل شاغل بالنزاع والحروب المستمرة فيما بينهم ظهر الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وامتد بقيمه الإنسانية الرفيعة إلى الشام والعراق وفارس وبلاد ماوراء النهر والسند في قارة آسيا، وإلى مصر والسودان وبلاد المغرب في أفريقية، وإلى الأندلس وصقلية وجنوبي فرنسة وإيطالية وكريت في اوروپا.

وقد تمكن الفكر العربي الإسلامي في تلك الربوع من صهر أفضل عناصر الحضارات المعروفة في بوتقته، فنمت الحضارة العربية الإسلامية وكانت أعظم حضارة عرفتها العصور الوسطى في جميع المجالات. وفقد التاريخ البيزنطي أهميته العامة منذ اتساع الفتوح الإسلامية. وتحولت الدولة البيزنطية التي تقوقعت على نفسها في شبه جزيرة الأناضول والمورة درعاً يحمي اوروپا من الشرق والجنوب.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العصور الوسطى المبكرة

الإقطاعية المسيحية

سيطر على اوروپا في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين شكل من الحكم عرف بالنظام الإقطاعي Feudal System فقد أصبح المئات من المقطَعين الأرضَ التابعين، من حَمَلة الألقاب والنبلاء مثل أمير أو بارون أو كونت Count ـ حكاماً مستقلين في إقطاعاتهم الخاصة، وضعفت بالمقابل سلطة معظم الملوك في ممالكهم. وتمتع النبلاء بسلطات سياسية واقتصادية وعسكرية وقضائية ولم يعد الملك في فرنسة يحكم سوى منطقة صغيرة قريبة من باريس في حين قسمت بقية فرنسة إلى إقطاعات. وأصبحت إنكلترة في عهد وليم الفاتح (1066-1087) أقوى إقطاعية في اوروپا. وفي القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين أتاح الحكم الإقطاعي القوي للحكام فرصة إقامة حكومات مركزية قوية في كل من فرنسة وإنكلترة. أما في ألمانية وإيطالية فقد استمر النزاع بين الدوقات الأقوياء والملوك مئات السنين. وقد حقق اوتو الأول Otto the Great ملك بافاريا السيطرة على الدوقات الآخرين وتمكن في القرن العاشر الميلادي من ضم أراض جديدة إلى دولته، وبسط نفوذه على النصف الشمالي من شبه الجزيرة الإيطالية. وبتتويج أوتو الأول في عام 962 بمباركة البابا وُضعت اللبنة الأولى لما عرف فيما بعد بالامبراطورية المقدسة The Holy Roman Empire. إلا أن هذه الامبراطورية كانت صغيرة وضعيفة شملت ألمانيا وإيطاليا الشمالية فقط. وقد تعرضت مرات كثيرة للانقسام نزاعاً على السلطة بين البابوية والأباطرة من جهة، ونزوعاً من الأمراء وأصحاب الإقطاعات إلى الاستقلال والسلطة من جهة ثانية.

في بداية القرن الحادي عشر الميلادي قدَّم اللوردات مساعدات عسكرية أسهمت في إرساء قواعد الأمن والسلام إذ تمكن عدد من النبلاء Seigneur الأكفاء في هذا القرن من إقامة حكومات قوية في ظل النظام الإقطاعي فتحسنت الأحوال الاقتصادية بتحسن نظام الحكم، وأخذ التجار مجدداً يسلكون الطرق البرية والمائية القديمة في أوربة، كما نشأت المدن على طول الطرق الرئيسة للتجارة واستقر التجار والحرفيون تدريجياً في المدن، حيث بدؤوا النشاط الصناعي. وأدى الانتعاش الاقتصادي إلى تغييرات مهمة وكثيرة في التنظيم الاجتماعي والسياسي لأوربة، فقد أخذ النظام الإقطاعي بالانحسار لقلة اعتماد السكان على الأرض، ونزح معظم الفلاحين من الأرياف إلى المدن، كما اشترى فلاحون آخرون حريتهم بالمال الذي جمعوه ببيعهم المواد الغذائية لسكان المدن. وأصبح بمقدور الملوك الإنفاق على حملاتهم العسكرية من أموالهم الخاصة بدلاً من منح الإقطاعات المعهودة قبل تلك الحقبة، مما أدى إلى ازدياد قوة الملوك الذين أصبحوا قادرين على إجبار الإقطاعيين على الخضوع لسلطانهم. وقد سخر التعليم والفن لتعزيز سلطة الكنيسة في المدة الواقعة مابين القرن الحادي عشر والقرن الثالث عشر الميلاديين، وأسهم الأمراء والعمال بالأموال لبناء الكاتدرائيات Cathedrals. وللاحتكاك المتزايد بالحضارة العربية الإسلامية والبيزنطية توفر للأوربيين قدر طيب من المعارف المتنوعة.

High Middle Ages

Europe in 1092
In 1097, as the First Crusade to the Holy Land commences

A divided church

The Bayeux Tapestry depicts the Battle of Hastings and the events leading to it

وفي مطلع القرن الرابع عشر الميلادي أدت الحروب والأمراض والمشكلات الاقتصادية إلى تمزيق أوربة الغربية، فقد نتج عن انهيار النظام الإقطاعي اندلاع الحروب الأهلية في غالبية أرجاء أوربة، إذ ثار الفلاحون على الأمراء الإقطاعيين وثار العمال في المدن على البرجوازيين وأصحاب الأموال الذين أبقوهم فقراء بلا حول ولا قوة.

الحروب المقدسة

The Siege of Antioch, from a medieval miniature painting, during the First Crusade

وشنت دول اوروپا الغربية في المدة الواقعة ما بين 1096-1270م سلسلة من الحملات العسكرية على المشرق العربي عرفت باسم الحروب الصليبية وذلك بهدف السيطرة عليه واستغلال خيراته وموارده. فخلفت وراءها الخراب والفقر والدمار، كما أغنت تلك الحروب الصليبية الحياة الأوربية من خلال زيادة التجارة والتبادلات مما أدى إلى ازدهار المدن الإيطالية. واستفاد الأوربيون من تقدم المشرق العربي الصناعي في تطوير المصنوعات النسيجية والمعدنية وصناعة الورق في اوروپا. كما اقتبسوا من المشرق الأدوات التي تستخدم في تسليح الجيش كالعربة والبوق والطبل والشعارات والرموز إضافة إلى كثير من الخبرات والتجارب والفنون. وقد تمكن المسلمون الأتراك القادمون من آسيا الوسطى من السيطرة على آسيا الصغرى والقضاء على الدولة البيزنطية (1453) كما استطاعوا مد سيطرتهم على أجزاء واسعة من شرقي اوروپا في القرن السادس عشر الميلادي، ووصلت جيوشهم إلى وسط اوروپا وحاصرت فيينة، وتمكنت الامبراطورية العثمانية من الحفاظ على كثير من تلك المناطق حتى القرن التاسع عشر.

وتزايد سكان أوربة منذ تلك المرحلة، وارتحل عدد كبير منهم إلى المدن بحثاً عن العمل. وبعد استقرار التجار والحرفيين في المدن أسسوا تنظيمات أطلق عليها اسم النقابات guilds، ولاتصال الفلاحين بالعرب المسلمين في الأندلس وصقلية وإبان الحروب الصليبية، فقد تعلموا أساليب جديدة أفضل من أساليبهم وأنتجوا مواد غذائية أكثر كميةً وتنوعاً لتتناسب مع النمو السكاني. وبدأ الفلاحون باستصلاح الأراضي من أجل زراعتها. وكانت الحروب الصليبية قد شجعت التجارة مع المشرق العربي. وقد بنى الإيطاليون في كل من جنوة وبيزا والبندقية أساطيل ضخمة من السفن لحمل سلع التجار عبر المتوسط إلى المراكز التجارية في كل من إسبانية وشمالي إفريقية والمشرق العربي. ولم يقتصر نشاط التجار على نقل سلعهم فحسب وإنما تبادلوا أيضاً الأفكار حول الطرائق الجديدة المتعلقة بالزراعة والصناعات الحديثة والأحداث السياسية التي تقع في بلدانهم.

أواخر العصور الوسطى

Animation showing the spread of the "Black Death" from 1346 to 1351 through Europe

لقد عاقت حرب المئة عام (1337-1453) بين إنكلترة وفرنسة التجارة واستنفدت اقتصاد الأمتين. وحدثت حروب داخلية في إيطالية لانقسامها، ونشبت الحرب الليتوانية الروسية في الشمال وحرب البولنديين مع الفرسان التيوتون Teutonic في الوقت الذي كانت فيه الامبراطورية البيزنطية وشرقي أوربا يتعرضان لضربات الأتراك العثمانيين، وفي مرحلة ضعفت فيها الامبراطورية الجرمانية المقدسة فلم تعد قادرة على المواجهة.

اوروبا في العصر الحديث

Genoese (red) and Venetian (green) maritime trade routes in the Mediterranean and Black Sea

عصر النهضة

Leonardo da Vinci's Vitruvian Man depicts his vision for the perfectly proportioned man
For more than a month at Szigetvár in late 1566, Captain Nikola Zrinski and the 2,500 Christian soldiers under his command held out against Turkish forces numbering up to 100,000.[1]

يمثل عصر النهضة الأوربية الفترة الانتقالية من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، وغالباً ما يحدده المؤرخون بين 1300ـ1600، ويميّزونه من غيره بمجموعة حركات ثقافية وفكرية وعلمية شكلت انفجاراً ثقافياً وفكرياً وعملياً غيّر معالم الحياة وقيمها في أوربة على مدى ثلاثة قرون. إذ شهدت هذه القرون تغيرات جوهرية أهمها تبلور اللغات والآداب القومية الحديثة، وتبلور حركات الاستقلال القومي والوحدة القومية، وكذلك ظهور الكنائس القومية وانسلاخها عن الكنيسة الكاثوليكية، وتقلص سلطة البابوية وما يتبع ذلك من سيادة الدولة على الدين، وحلول فكرة الحق الطبيعي محل الحق الإلهي. كما حدث في تلك المدة انهيار النظام الإقطاعي نتيجة لحركات الوحدة القومية وظهور الملكية المطلقة ثم الملكية المقيدة وبعدها الديمقراطيات الحديثة. وفيها انتشرت حركات الإصلاح الديني. ومن سمات عصر النهضة الأوربية أيضاً إحياء التراث القديم (اليوناني والروماني) السابق على المسيحية بوصفه جزءاً لا يتجزأ من تراث الإنسانية والتأثر بالثقافة العربية الإسلامية، مما أدى إلى ازدهار الإبداع الفكري، وحلول الطباعة محل النسخ اليدوي منذ اختراع حروف الطباعة 1400 وبداية الاستعمار الاستيطاني إثر اكتشاف القارة الأمريكية في عام 1492 وغيرها من بقاع العالم المجهولة. وقد مثل القرن السادس عشر ومابين عامي 1492-1610 مطلع العصور الحديثة وفجرها المتلألئ.


أوربا في العصر الحديث

الاكتشافات والتجارة

Cantino planisphere, 1502, earliest chart showing explorations by Gama, Columbus and Cabral

وفي سنة 1045 م. دخلت أوربا قترة تحول كبري حيث توقفت هجرة الجرمان والآسيويين واستقرت أوربا في السكان. وتوسعت التجارة بشكل كبير في إيطاليا وجنوب فرنسا وهولاندا. فالنهضة التي بزغت منذ القرن14 م. كانت فترة إنجازات للفنانين والمعماريين الأوربيين وعصر الإكتشافات الكبري وقتها التي بدأت في القرن 15 م. بإكتشافات بحرية للأراضي والبحار المجهولة. وأخذت البرتغال وبريطانيا وفرنسا وأسبانيا تبني إمبراطورياتها الإستعمارية في أفريقيا وآسيا والأمريكتين. وفي القرن 18م. ظهرت صناعات جديدة تظهر وتطورت.

الإصلاح

The Ninety-Five Theses of German monk Martin Luther which broke Papal autocracy
Map of Europe 1648.

شهد هذا القرن تحولات كبيرة في أوربة، ففيه اكتشفت القارة الأمريكية ونجح الإصلاح الديني البروتستنتي والنهضة العلمية والأدبية والفنية التي تمكنت من إزاحة أنماط تفكير العصور الوسطى وأصبحت أوربا مركزاً للعالم. وقد أخفقت محاولة شارل الخامس (شارلكان) في إقامة امبراطورية عالمية وطغت المصالح القومية على المصالح المسيحية.


المذهب التجاري والتوسع الاستعماري

Animated map showing Colonial empires evolution from 1492 to present

كما شهد هذا القرن انتقال القوى البحرية من جنوة والبندقية إلى البرتغال وإسبانيا ومن ثم إلى هولندة. وقد انحطت ألمانيا في نهاية القرن السادس عشر بعد أن فرّقتها الصراعات الدينية والنظام الإقطاعي. وأدّى توسع الدول الأوربية المطلة على المحيط الأطلسي وتدفق الذهب والفضة من الأمريكتين وتحول طرق التجارة التقليدية إلى انحطاط المدن التجارية في مناطق الهانزا والراين والدانوب مما أفضى إلى انفتاح البلاد الاسكندنافية من جديد على الاقتصاد الغربي. وشكلت روسية في الشرق حداً بين أوربا وآسيا، وعدت وريثة لبيزنطة بعد أن فتح العثمانيون القسطنطينية. وتمت الوحدة الفرنسية في هذا القرن أيضاً كما تم اتحاد مملكتي اسكتلندا وإنگلترة منذ عام 1603، وشكلت المقاطعات السبع في الأراضي المنخفضة عام 1597 «جمهورية المقاطعات المتحدة» بعد تخلصها من السيادة الإسبانية. وضمت إسبانية البرتغال إليها عام 1580 واستمر هذا الوضع حتى عام 1640. وقد تمكن العثمانيون من هَزْم النمسويين في بلغراد عام 1521 والهنغاريين في عام 1526، وتوقف تقدمهم في البحر المتوسط في معركة ليبانتو عام 1518، وفي عام 1585 وقع العثمانيون صلحاً مع إسبانيا اعترف فيه بالوضع الراهن آنذاك.

كساد القرن 17

وحدثت في القرن السابع عشر (1610- 1715) في أوربا أزمات كثيرة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والدينية والفنية، لكن أوربة استطاعت إبان تلك الأزمات أن تحقق تغييراً حاسماً، وأن تخطو إلى الأمام وتتخلص نهائياً من آثار العصور الوسطى. وبسبب تزايد السلطة المركزية في دول أوربا أطلق على هذا القرن اسم «عصر الحكم المطلق». وقد برزت فيه إلى الوجود دول أوربية جديدة مثل المقاطعات المتحدة (هولندا) وروسيا وبروسيا. وعانت أوربا حروباً كثيرة (حرب الثلاثين عاماً ـ حروب لويس الرابع عشر، والحروب في مواجهة الدولة العثمانية والحروب في منطقة بحر البلطيق). وبرزت ظاهرة ضعف الحكام الوراثيين التي سادت في القرن السادس عشر، ويتضح ذلك بظهور دكتاتورية كرومويل في إنگلترة وسيادة ريشيليو وكولبير في فرنسا. ويمكن عدّ مشاركة الرأي العام عن طريق الصحافة في مناقشة القضايا الدولية ظاهرة جديدة في القرن السابع عشر. وقد حرص رجال الدولة آنذاك على مبدأ توازن القوى في سياستهم الخارجية، ويتبدى ذلك واضحاً بحروب لويس الرابع عشر. وبقي الحفاظ على التوازن الأوربي في السيادة الأوربية عنصراً أساسياً في العلاقات الدولية في القرون التالية. وخرجت فرنسة سيدة القرن السابع عشر مضعضعة القوى في نهايته، إذ اشتدت المعارضة على الحكم المطلق الذي سعى الملك لويس الرابع عشر لتثبيته، وغدت إنكلترة في هذا القرن نموذجاً سياسياً مثالياً للنظام الحر، في حين تركز النظام الاستبدادي المطلق في كل الدويلات الألمانية وروسية. وقد هدأت الصراعات الدينية في ألمانية مع أنها بقيت مجزأة آنذاك، وتحسنت الحياة الاجتماعية في النصف الثاني من ذلك القرن وتابعت تقدمها من الناحية الفكرية والعلمية.

التنوير

The Encyclopédie published in France in 1751, presented a taxonomy of human knowledge inspired by Francis Bacon


After the Peace of Westphalia, Europe's borders were still stable in 1708

وفي القرن الثامن عشر (1715- 1789) ازدهرت الحياة الاقتصادية في أوربا، من تزايد عدد السكان، ووفرة رؤوس الأموال، وبدايات الثورة التقنية، وخاصة في إنكلترة. وقد تبدت مظاهر التقدم الاقتصادي في ميدان الزراعة الذي شهد أوسع التطورات إذ امتدت الملكيات الواسعة على حساب الملكيات الأخرى، وأدخلت التقنيات الحديثة إليها، وساعدت رؤوس الأموال التجارية والأعمال المصرفية على ازدهار الصناعة وخروجها من النطاق الحرفي الضيّق. وشهدت التجارة تطوراً كبيراً، وخاصة التجارة البحرية، وكوّنت التجارة بين دول أوربة والمستعمرات عصب هذه التجارة. وعُدّ القرن الثامن عشر عصر التنوير الذي تجاوزت العقلانية فيه حدود العلم فشملت جميع المجالات، وانصبت الاهتمامات الفكرية على العلوم والاقتصاد والفلسفة. وحلت فكرة حقوق الشعب والأمة محل السلطة المطلقة للملك، فقد رأى مفكرون أمثال لوك وجان جاك روسو وغيرهما أن الشعب هو السيد والحاكم الحقيقي وأن الملك لا يحكم إلا بعقد مع ذلك الشعب. وسادت هذه الأفكار أوربة والعالم بأكمله في القرن التاسع عشر وسعت أغلبية الشعوب لتحقيقها.

من الثورة إلى الإمبريالية

In 1815 Europe's borders were resettled, its roots shaken up by Napoleon's armies

الثورة الصناعية

London's chimney sky in 1870, by Gustave Doré

في منتصف القرن التاسع عشر انتشرت الثورة الصناعية، التي بدأت في بريطانيا في القرن الثامن عشر، في غربي أوربا وكان من نتائجها بدء التوسع الأوربي الاستعماري بحثاً عن المواد الخام وسعياً لإيجاد أسواق لتصريف منتجاتها.

الثورة السياسية

The storming of the Bastille in the French Revolution of 1789
The Battle of Waterloo, where Napoleon was defeated by the Duke of Wellington in 1815

أوربا في المرحلة المعاصرة

تعد الثورة الفرنسية (1789- 1799) أكثر الثورات الديمقراطية أهمية في أوربة في تلك الحقبة. فقد ثارت الطبقتان الدنيا والوسطى على الملك لويس السادس عشر Louis XVI. وتمكنتا من الاستيلاء على مقاليد الحكم وتبنّت الجمعية الوطنية الفرنسية Assemblee Nationale وثيقة إعلان حقوق الإنسان. وبرز نابليون بونابرت من بين صفوف الجيش الفرنسي إبان الثورة الفرنسية وتمكن من الاستيلاء على الحكم عام 1799. واستطاع بفضل انتصاراته العسكرية أن يبني امبراطورية غير مترابطة جغرافياً ولا عرقياً، وتعارضت طموحاته مع مصالح الدول الكبرى آنذاك فتعاونت فيما بينها على إسقاطه ونجحت في مساعيها بعد انتصارها في معركة لايبزگ Leipzig عام 1813 وفي معركة واترلو Waterloo عام 1815. وبسقوط نابليون سعت الدول المنتصرة لإعادة رسم خريطة أوربا وإقامة نظام جديد للتوازن الدولي. وقد شهد القرن التاسع عشر ثورات كثيرة على الأنظمة الملكية المستبدة في أوربا وتألفت عدة حكومات قومية في أماكن مختلفة. فقد اندلعت ثورات على الحكم الملكي في إيطاليا وإسبانيا عام 1820، وفي اليونان عام 1821. وفي مطلع الثلاثينات من القرن التاسع عشر نشبت ثورات ديمقراطية في كل من بلجيكا وفرنسا وبولندا.


تزايد التوحيد

Cheering the Revolutions of 1848 in Berlin

فقد سارعت الدول الأوربية، وخاصةً فرنسا وإنگلترا، إلى إقامة مستعمرات لها في قارتي آسيا وإفريقية. وإبان القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين تحولت معظم بلدان إفريقية ونحو ثلث أقطار آسيا إلى مستعمرات أوربية. وكشف التنافس الاستعماري الأوربي في إفريقيا وآسيا عن خريطة جديدة للتحالفات والعداوات بين الدول الكبرى. فقد شهدت أوربة في الحقبة التي سبقت الحرب العالمية الأولى تَشَكُل شبكة جديدة من الأحلاف انتهت إلى تجمع الدول الأوربية العظمى تدريجياً في معسكرين متخاصمين، وحدثت سلسلة من الأزمات الدبلوماسية كانت كلها نذيراً بالحرب ومقدمة لها.

وفي عام 1861 وُحِّدت إيطاليا على أساس قومي وبعد عشر سنوات أُقيم الاتحاد الألماني 1871.

الإمبريالية

The Berlin Conference (1884) headed by Otto von Bismarck that regulated European colonization in Africa during the New Imperialism period


الحروب العالمية والحرب الباردة

Trenches were a striking feature of the First World War

الحرب العالمية الأولى

اندلعت الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) للتنافس الاقتصادي بين الدول الأوربية وتسابقها من أجل إقامة المستعمرات، ونتيجةً للأحلاف العسكرية بين دول أوربا. وقد ساندت دول التحالف (فرنسة، بريطانيا، روسيا) الصرب على قوى الوسط (النمسة، المجر، ألمانية) وانضمت إلى الطرفين كليهما فيما بعد دول أخرى، ففي عام 1917 انضمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى دول التحالف. وقامت في تشرين الثاني من العام نفسه ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا مما دفع روسيا إلى الانسحاب من الحرب. وفي عام 1918 حققت دول التحالف النصر على دول الوسط.

ما بين الحربين

اوروبا في 1919

وُقِّعت معاهدة فرساي Versailles عام 1919 التي أنهت الحرب العالمية الأولى. وأحدثت الحرب دماراً وخسائر كبيرة، فقد خرجت دول أوربة منهكة من هذه الحرب. وسقطت ملكيّات أوربية كثيرة (ملكية القيصر نيقولا الثاني في روسية 1916، وتنازل القيصر فيلهلم الثاني (غليوم) عن العرش في ألمانية، كما تخلى امبراطور النمسا والمجر، شارل عن عرشه 1918)، كما أحدثت تغيرات كثيرة في حكومات دول أوربا، فقد قُسمت النمسا ـ المجر إلى عدة دويلات قومية، ونالت ست دول أوربية استقلالها (تشيكوسلوفاكيا، إستونيا Estonia، لاتڤيا Latavia، ليتوانيا Lithuania، بولندا، يوغسلافيا).

ومن الملاحظ أن معاهدة فرساي تركت بعض المشكلات من دون حل وأوجدت مشكلات جديدة مثل تغيير الحدود بين الدول وتكوين دول أوربية جديدة. وأُجبرت ألمانية على نزع سلاحها وفُرض عليها دفع تعويضات ضخمة للحلفاء. وقد اتسمت المدة الواقعة مابين 1922- 1936 بالتفكك التدريجي لمعاهدات الصلح وظهور أنظمة سياسية متعددة (الشيوعية والفاشية والنازية). وتحولت السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية إلى ما يشبه الفوضى الدولية، فلم تعد تحترم المواثيق والمعاهدات وفقدت الدول الصغيرة استقلالها أمام أطماع الدول الكبيرة، فقامت اليابان بغزو الصين، واستعمرت إيطاليا الحبشة، وأُقيمت ديكتاتورية فرانكو في إسبانيا، ونجح هتلر في فرض وحدة الشعوب الألمانية (دمج النمسا مع ألمانيا Anschluss) وضم إقليم السوديت Sudeten.

الكساد الكبير

الحرب العالمية الثانية

American and Soviet troops meet in April 1945, east of the Elbe River.

جاء الاتفاق السوڤييتي الألماني بعدم الاعتداء في تموز/آب 1939 (Nichtangriffsvertrag) ليمنح هتلر فرصة الهجوم على بولندا في الأول من أيلول فكانت الشرارة التي أشعلت نار الحرب العالمية الثانية (1939-1945). ووقفت دول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان وعدد قليل من الدول الأخرى) في مواجهة دول الحلفاء (فرنسا وبريطانيا والاتحاد السوڤييتي والولايات المتحدة الأمريكية وأكثر من أربعين دولة أخرى). وتمكنت الجيوش الألمانية والإيطالية في عام 1941 من احتلال معظم أراضي أوربة. وفي العام نفسه بدأت ألمانية بغزو الاتحاد السوفييتي. وشنت اليابان هجوماً على قوات الولايات المتحدة الأمريكية في ميناء بيرل هاربور Pearl Harbor بهاواي. إلا أن مجرى الحرب بدأ يتحول تدريجياً لمصلحة الحلفاء بدخول الاتحاد السوڤييتي والولايات المتحدة الأمريكية الحرب. فسقطت إيطاليا في عام 1943 وألمانيا في عام 1945.

الحرب الباردة

East German construction workers building the Berlin Wall, 20 November 1961

ووضعت الحرب العالمية الثانية نهاية لأوربا الغربية بصفتها مركز القوى العالمية، وقسمت ألمانيا إلى قسمين شرقية وغربية، في حين ظهر الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية قوتين عظيمتين في العالم، وأدى الصراع بين المعسكر الاشتراكي الذي يقوده الاتحاد السوفييتي والمعسكر الرأسمالي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في الخمسينات وأوائل الستينات من القرن العشرين إلى ما يعرف باسم الحرب الباردة.

وكونت الولايات المتحدة وكندا ومعظم دول أوربة الغربية منظمة حلف شمالي الأطلسي (الناتو) عام 1949. وكان هدف هذا الحلف العسكري إيجاد قيادة عسكرية موحدة للدفاع عن الدول الأعضاء. وفي عام 1955 وقع الاتحاد السوڤييتي مع معظم دول أوربة الشرقية معاهدة دفاع مشترك عرفت باسم حلف وارسو. إلا أن حدة التوتر بدأت تخف تدريجياً منذ أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين. ومنذ عام 1980 قامت بعض حكومات وشعوب الدول الأوربية ببعض الإصلاحات. فمنذ عام 1985 بدأ ميخائيل گورباتشوف باتباع سياسة الإصلاح الاقتصادي في الاتحاد السوڤييتي. وكان من نتائج هذه الإصلاحات قيام سلسلة من الحركات الإصلاحية في أوربا الشرقية. وبدأ الاتحاد السوڤييتي في عامي 1988 ـ 1989 بتخفيض قواته التقليدية في شرقي أوربة وسمح بالمزيد من الديمقراطية وحرية التعبير داخل الاتحاد السوفييتي مما شجع الكثير من دول أوربة الشرقية، على التخلي عن النظم الشيوعية في بلادها منذ عام 1989 (بولندا ـ المجر ـ ألمانية الشرقية ـ تشيكوسلوڤاكيا) وحُققت الوحدة بين شطري ألمانية الشرقية والغربية في عام 1990 وانتهى الحكم الشيوعي في الاتحاد السوفييتي عام 1991. وجَمّدَ البرلمان السوڤيتي جميع أنشطة الحزب الشيوعي واعترف باستقلال جمهوريات بحر البلطيق (إستونية ـ لاتفية ـ ليتوانية) وانفصلت أوكرانية وروسية البيضاء وبعض الدول الأخرى عن الاتحاد السوفييتي مما أدى إلى تفككه وإلغائه. وفي عام 1993 انقسمت تشيكوسلوفاكية إلى دولتين. كما تفككت جمهورية يوگسلاڤيا الاتحادية إلى عدد من الجمهوريات المستقلة التي دخلت فيما بينها في صراعات دموية ماتزال آثارها قائمة.

التاريخ الحديث

Germans standing on top of the Berlin Wall at the Brandenburg Gate, November 1989; it would begin to be torn apart in the following days.

يرجع أصل الرغبة في إقامة اتحاد أوربي إلى تاريخ أوربا القديم. فقد وَفَّرَ التراث الثقافي المشترك للقارة الأوربية ـ المؤسس على المساهمات اليونانية والرومانية الحافز على محاولات تحقيق وحدة سياسية، فقد كانت الامبراطورية التي أقامها الرومان على جزء كبير من أوربة تعبيراً مبكراً عن هذه الرغبة. وقد أعطت قوة الكنيسة تحت سيطرة البابا ومن ثم الامبراطورية الرومانية المقدسة في العصور الوسطى شكلاً من أشكال الوحدة مع تفككها. وبمجيء عصر النهضة والإصلاح الديني اجتاحت أوربة تغييرات عنيفة، حيث حَلَّ النزاع بين الكنائس المسيحية المتنافسة محل الوحدة الدينية وظهرت سلسلة من الدول القومية المستقلة في تلك الحقبة. وجرت محاولات كثيرة من قبل الدول المتعاقبة لإنشاء تجانس بين الجيران، ولكنها أدت إلى نزاعات وحروب متكررة بلغت ذروتها في الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وقد بدأت الخطوة الأولى لبناء أوربة الموحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك بالتركيز على المشروعات التنموية الشاملة لإزالة ما خلفته الحرب من دمار وخراب. فمنذ عام 1949 تأسس المجلس الأوربي الذي هدف إلى ربط الدول الأوربية الأعضاء ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، وأُنشئت المجموعة الأوربية للفحم الحجري والفولاذ (ECSC) في عام 1951 وهدفت هذه المنظمة إلى تطوير صناعة الفحم الحجري والحديد والفولاذ في بلجيكا وفرنسا وإيطاليا وهولندا ولكسمبورگ وألمانيا الغربية. وقد كونت هذه الدول المجموعة الاقتصادية الأوربية عام 1957 التي هدفت إلى إزالة الحواجز والقيود التي كانت تعوق حرية حركة السلع ورؤوس الأموال واليد العاملة والخدمات بين الدول الأعضاء، وفي العام نفسه اتفقت الدول الست على تكوين منظمة الطاقة النووية الأوربية من أجل العمل على تطوير الطاقة النووية، وبعد عام بدأت المجموعة الأوربية للفحم الحجري والفولاذ ومنظمة الطاقة النووية بالعمل فعلياً، وأصبحت الدول الست الأعضاء تعرف باسم (المجموعة الأوربية). وأصبحت المجموعة الأوربية للفحم والصلب، والمجموعة الاقتصادية الأوربية مجتمعتين تعرفان باسم (السوق الأوربية المشتركة).

وقد انضمت كل من بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى المجموعة الأوربية عام 1973. وانضمت اليونان إلى المجموعة عام 1981 والبرتغال وإسبانيا عام 1986. وقد شهدت الدول الأوربية المشتركة توسعاً أكبر عام 1990 حين وُحِّد شطرا ألمانية في دولة واحدة. ثم حين انضمت إلى المجموعة كل من النمسا وفنلندا والسويد عام 1995 وبذلك صار الاتحاد الأوربي يضم 15 دولة تزيد مساحتها على 3ملايين كم2 ويصل عدد سكانها إلى نحو 375 مليون نسمة.

ومنذ الخمسينات والستينات من القرن العشرين تكوّنت منظمات أخرى لدول أوربة الغربية مثل اتحاد التجارة الحرة الأوربية، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي وكان الهدف من إنشاء هاتين المنظمتين دفع النشاط الاقتصادي. وأُسست منظمة أبحاث الفضاء الأوربية (وكالة الفضاء الأوربية الحالية) بهدف إنشاء برامج فضائية مشتركة مستقلة تخص دولاً أوربية. وعقدت معاهدة ماستريگت Mastrecht عام 1992 التي تسعى إلى مزيد من الاندماج الاقتصادي والوحدة السياسية. ثم تقرر إصدار عملة أوربية مشتركة (يورو) بدأ تداولها في مطلع عام 1999 في معظم دول الاتحاد. وهناك خطط لتوسيع الاتحاد الأوربي بضم دول جديدة من وسط أوربة وشرقيها إلى عضويته وتقوية المؤسسات الأوربية المشتركة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية لتدخل أوربا القرن الحادي والعشرين بوصفها إحدى القوى والتكتلات الكبرى في العالم.

خط زمني

AD

انظر أيضا

المصادر

  1. ^ Shelton, Edward (1867). The book of battles: or, Daring deeds by land and sea. London: Houlston and Wleft. pp. 82–83.

ببلوگرافيا

Surveys

  • McKay, John P. et al. A History of Western Society (2 vol 2010) 1300pp
  • Roberts, J. M. The History of Europe (1997)

الكلاسيكية

  • Boardman, John, et al. eds. The Oxford History of Greece and the Hellenistic World (2nd ed. 2002) 520pp
  • Boardman, John, et al. eds. The Oxford History of the Roman World(2001)
  • Cartledge, Paul. The Cambridge Illustrated History of Ancient Greece (2002)

رومان القديمة

  • Heather, Peter. Empires and Barbarians: The Fall of Rome and the Birth of Europe (Oxford University Press; 2010); 734 pages; Examines the migrations, trade, and other phenomena that shaped a recognizable entity of Europe in the first millennium.
  • Jones, A. H. M. The Later Roman Empire, 284-602: A Social, Economic, and Administrative Survey (2 Vol. 1964)
  • Mitchell, Stephen. A History of the Later Roman Empire, AD 284-641: The Transformation of the Ancient World (2006)

العصور الوسطى

  • Davis, R.H.C. A History of Medieval Europe (2nd ed. 2000)
  • Hanawalt, Barbara. The Middle Ages: An Illustrated History (1999)
  • Holmes, George, ed. The Oxford Illustrated History of Medieval Europe (2001)
  • Koenigsberger, H.G. Medieval Europe 400-1500 (1987)
  • Riddle, John M. A history of the Middle Ages, 300-1500 (2008)

العصر الحديث المبكر

  • Blanning, T. C. W. The Culture of Power and the Power of Culture: Old Regime Europe 1660–1789 (2003)
  • Cameron, Euan. Early Modern Europe: An Oxford History (2001)
  • Rice, Eugene F. The Foundations of Early Modern Europe, 1460–1559 (2nd ed. 1994) 240pp
  • Merriman, John. A History of Modern Europe: From the Renaissance to the Present (3rd ed. 2009, 2 vol), 1412 pp
  • Wiesner, Merry E. Early Modern Europe, 1450–1789 (Cambridge History of Europe) (2006)

القرن 19

  • Anderson, M.S. The Ascendancy of Europe: 1815–1914 (3rd ed. 2003)
  • Blanning, T. C. W. ed. The Nineteenth Century: Europe 1789–1914 (Short Oxford History of Europe) (2000) 320pp
  • Grab, Alexander. Napoleon and the Transformation of Europe (2003)
  • Mason, David S. A Concise History of Modern Europe: Liberty, Equality, Solidarity (2011), since 1700 excerpt and text search
  • Steinberg, Jonathan. Bismarck: A Life (2011)
  • Salmi, Hannu. 19th Century Europe: A Cultural History (2008)
  • Taylor, A. J. P. The Struggle for Mastery in Europe: 1848-1918 (Oxford History of Modern Europe) (1955), diplomatic history

القرن 20

  • Brose, Eric Dorn. A History of Europe in the Twentieth Century (2004) 548pp
  • Buchanan, Tom. Europe's Troubled Peace: 1945 to the Present (Blackwell History of Europe) (2012) excerpt and text search
  • Davies, Norman. No Simple Victory: World War II in Europe, 1939–1945 (2008)
  • Dear, I. C. B. and M. R. D. Foot, eds. The Oxford Companion of World War II (2006)
  • Judt, Tont. Postwar: A History of Europe Since 1945 (2006)
  • Mazower, Mark. Dark Continent: Europe's Twentieth Century (2000) 512pp
  • Paxson, Robert. Europe in the 20th Century (1996)
  • Weinberg, Gerhard L. A World at Arms: A Global History of World War II (2005)

الزراعة والاقتصاد

  • Bakels, C. C. The Western European Loess Belt: Agrarian History, 5300 BC – AD 1000 (2009)
  • Broadberry, Stephen, and Kevin H. O'Rourke, eds. The Cambridge Economic History of Modern Europe (2 vol 2010), 1700 to present
  • Dovring, Folke, ed. Land and labor in Europe in the twentieth century: a comparative survey of recent agrarian history . 1965. 511 pp
  • Gras, Norman. A history of agriculture in Europe and America (1925). free online edition
  • Murray, Jacqueline. The First European Agriculture (1970)
  • Pounds, N.J.G. An Historical Geography of Europe (2 vol 2009) from 450BC to 1840
  • Slicher van Bath, B. H. The agrarian history of Western Europe, AD 500-1850 (1966)
  • Thorp, William Long. Business Annals: United States, England, France, Germany, Austria, Russia, Sweden, Netherlands, Italy, Argentina, Brazil, Canada, South Africa, Australia, India, Japan, China (1926) capsule summary of conditions in each country for each quarter-year 1790-1925

الدين

  • MacCulloch, Diarmaid. Christianity: The First Three Thousand Years (2011)

الأفكار والعلوم

  • Heilbron, John L., ed. The Oxford Companion to the History of Modern Science (2003)
  • Outhwaite, William. The Blackwell Dictionary of Modern Social Thought (2003).
  • Wiener, Philip P. Dictionary of the History of Ideas (5 vol 1973)

الاجتماعية

  • Stearns, Peter N., ed. Encyclopedia of European Social History (6 vol 2000), 3000 pp
  • Tipton, F. and R. Aldrich. An Economic and Social History of Europe, 1890–1939 (1987)

الحروب

  • Archer, Christon I.; John R. Ferris, Holger H. Herwig. World History of Warfare (2002)
  • Paret, Peter, ed. Makers of Modern Strategy (1986)

المرأة والجنوسة

  • Anderson, Bonnie S. and Judith P. Zinsser. A History of Their Own: Women in Europe from Prehistory to the Present (2nd ed 2000)
  • Bridenthal, Renate, et al. eds. Becoming Visible: Women in European History (3rd ed. 1997), 608pp; essays by scholars
  • Hufton, Olwen. The Prospect Before Her: A History of Women in Western Europe, 1500-1800 (1996) excerpt and text search
  • Herzog, Dagmar. Sexuality in Europe: A Twentieth-Century History (2011) excerpt and text search
  • Offen, Karen. "Surveying European Women's History since the Millenium: A Comparative Review", Journal of Women's History Volume 22, Number 1, Spring 2010 DOI:10.1353/jowh.0.13

وصلات خارجية

هناك كتاب ، European History، في معرفة الكتب.


Wikiversity
At Wikiversity, you can learn about: European History