تاريخ اوقيانوسيا

Polynesian migration
A house in Fiji, 1842
Exploration by Europeans till 1812
  1606 Willem Jansz
  1616 Dirk Hartog
  1644 Abel Tasman
  1770 James Cook
  1797-1799 George Bass
  1801-1803 Matthew Flinders

يعد تاريخ اوقيانوسيا وتطورها أمراً معقداً يكتنفه الغموض لافتقاره إلى الوثائق العلمية، فالمعلومات التاريخية المتوافرة عن اوقيانوسيا قليلة وشبه محدودة ولاسيما معطيات ماقبل التاريخ والتاريخ القديم. ومع ذلك فإن الدراسات التي بدأت منذ مطلع الستينات على نحو مكثف ألقت الضوء على جوانب كانت مجهولة من تاريخ المنطقة.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ما قبل التاريخ والتاريخ القديم

الاستيطان الأول

دلّت الآثار واللقى المختلفة، في كثير من جزر اوقيانوسيا على قِدم استيطان الإنسان إياها ولاسيما جزرها الغربية والجنوبية الغربية. كما أظهرت أن السكان الأوائل فيها كانوا لايعرفون المعادن واستعمالها، وأنهم صنعوا أدواتهم وأسلحتهم من الحجر والعظم والخشب ومن القواقع والأصداف البحرية التي عثر عليها جنباً إلى جنب مع العظام البشرية والفحم الخشبي والرماد. ويغلب الاعتقاد أن عصور ماقبل التاريخ بدأت في ميلانيزيا وفي جزيرة غينيا الجديدة حيث كشفت أعمال التنقيب عن أدوات وأسلحة حجرية بدائية وفحم خشبي أقدم من 25000 سنة، عُثر عليها في مواقع يرجع زمن استيطانها إلى العصر الجليدي الأخير (الفورم Würm)، حين كان مستوى سطح البحر والمحيط أخفض من مستواه الراهن، وأعماق المياه بين الجزر وأشباهها قليلة، والمسافات بين هذه الجزر وبينها وبين جنوب شرقي قارة آسيا قصيرة تسمح بالانتقال بيسر لذلك انتشر السكان الأوائل في الجزر الغربية التي كانت تربطها بآسيا جسور برية. لكن ارتفاع درجات الحرارة وذوبان جليد عصر الفورم رفعا مستوى مياه المحيط فغمرت اليابسة وزادت الأعماق بينها وبين القارة الآسيوية، فانعزل السكان الميلانيزيون السود والبابوا من سكان غينيا الجديدة والجزر القريبة منها عن سكان إندونيسيا وآسيا واستراليا. وظلوا في عزلتهم حتى وصول موجات بشرية من آسيا والفليبين وفرموزة (تايوان) وإندونيسيا، قبل نحو 4000-4500 سنة. وقد عاش القادمون الجدد مع سابقيهم من الميلانيزيين وشرعوا في بدء إعمار ميكرونيزيا بين 3000-2000ق.م.

فخار لابيتا والحضارة الاوقيانوسية

فخار لابيتا.jpg
جزيرة إيستر.jpg

تأتي اللقى الفخارية في مقدمة الآثار التي اعتمد عليها الباحثون في دراسة تاريخ اوقيانوسيا القديم وخاصة الفخار المصنوع الذي عُثر عليه في مواقع كثيرة في ميلانيزيا، ويعرف بفخار لابيتا Lapita نسبة إلى الموقع الذي كشف فيه أول مرة في جزيرة بريطانيا الجديدة سنة 1909.

إن انتشار حضارة فخار لابيتا على رقعة واسعة من ميلانيزيا تمتد من أرخبيل بسمارك في الشمال الغربي حتى جزر تونغة وفيجي في الجنوب الشرقي، وهي أبعد نقاط انتشار الميلانيزيين، يطرح مسألة تاريخية مهمة تؤكد قيام حضارة متطورة في ميلانيزيا سبقت حضارة البولينيزيين المتأخرة عنها زمنياً. إذ يقدر عمر فخار لابيتا المزخرف بعمر استيطان الميلانيزيين لجزر شريط انتشار الفخار، الذي يميل الاعتقاد إلى أنه يرجع إلى ماقبل التاريخ ومطلع التاريخ القديم. كذلك تؤكد وجود شعب قديم يؤلف الأسلاف القدماء للبولينيزيين المتأخرين. ولكن لايُعرف بعد ما إذا كان أفراده من الميلانيزيين، أم إنهم من شعب أقدم غير معروف.

بقيت الأحداث المتصلة بإعمار ميلانيزيا وميكرونيزيا واستيطانهما مقتصرة على الجزر الغربية في اوقيانوسيا عملياً، حتى وصول موجات البولينيزيين قادمة من الغرب أيضاً، ويُعتقد أن توغل البولينيزيين في أعماق وسط اوقيانوسيا وشرقيها كان للبحث عن جزر غير مأهولة وصالحة للسكن بعيداً عن جزر الغرب الأوقيانوسي. وهكذا توجه البولينيزيون إلى أرخبيلات فيجي وساموة وتونغة واستوطنوها نحو 1140ق.م، وحملوا معهم إليها صناعة الفخار المتأخر عن فخار لابيتا.

الاستكشافات البولينيزية

طور البولينيزيون حضارتهم ولغتهم و«فولكلورهم» وصناعاتهم المرتبطة بالبحر والملاحة في مواطنهم حتى أصبحت جزرهم مهد حضارة «اوقيانوسيا ـ بولينيزيا» متقدمة، ارتكزت عليها معارف البولينيزيين المتأخرين وثقافاتهم خاصة، وبقية سكان اوقيانوسيا عامة في الألف الأول للميلاد. ومن مواطن الحضارة البولينيزية هذه أبحرت المراكب إلى جهات المحيط الهادئ المختلفة وكشفت مجرة جزره وأرخبيلاته وأعمر البولينيزيون كثيراً منها. ففي أواخر القرن الأول قبل الميلاد وفي أثناء القرن الأول للميلاد انطلق البولينيزيون من مهد سلطتهم في جزر تونغة وساموة إلى أنحاء المحيط الهادئ بحثاً عن مواطن جديدة ومصادر عيش إضافية ورغبة في التوسع والكشف عن جزر لإعمارها واستغلال مواردها الطبيعية، فأبحروا شرقاً وكشفوا أرخبيل ماركيز (ماركيزاس) وكشفوا أرخبيل توكِلاو في الشمال، وجزر أليس في الشمال الغربي. وقد أصبح الأرخبيلان الأخيران تابعين لنواة بولينيزية (تونغة وساموة وفيجي) لقربهما منها. أما جزر ماركيز البعيدة فقد جعلوا منها مركزاً متقدماً أبحرت منه المراكب البولينيزية إلى جزر اوقيانوسيا غير المكتشفة. ففي القرن الخامس للميلاد بسط البولينيزيون نفوذهم على أرخبيلات تاهيتي وإيستر، ويعتقد أنهم وصلوا إلى جزر إيستر نحو عام 400. ويعد إبحارهم من جزر ماركيز إلى إيستر في أقصى الجنوب الشرقي منها مغامرة بحرية جريئة وخيالية لبعد الشقة بين الأرخبيلين (نحو 3900كم) ولبدائية المراكب والإبحار عكس التيارات المحيطية والرياح. وقد وجد البولينيزيون في جزيرة إيستر الرئيسية تماثيل حجرية ضخمة مجهولة الهوية حتى اليوم، تنسب أحياناً إلى أناس من أصول عرقية بيضاء (قفقاسيا) جاؤوها من البيرو، من دون دليل قاطع على صحة ذلك.

وقد أثار وصول البولينيزيين إلى إيستر القريبة من أمريكا الجنوبية، جدالاً حول إدخال البطاطا الحلوة إلى أوقيانوسية، وهي المادة الغذائية الوحيدة التي وصلت إليها من الغرب، إذ يرى بعضهم أن البولينيزيين وصلوا إلى شواطئ البيرو ونقلوها معهم في طريق عودتهم، وآخرون يعتقدون بوصول بحارة من البيرو إلى مشارف أوقيانوسية الشرقية حملوا معهم البطاطا الحلوة إلى بعض جزرها.

أما تاريخ كشف جزر تاهيتي ومجموعة أرخبيل سوسيتي واحتلالها من قبل البولينيزيين فغير معروف على وجه الدقة، لكنه لابد أن يكون بعد إعمار جزر الماركيز، وأنه حصل قبل نحو عام 500 للميلاد، كما يستنتج من دراسة اللقى من الفؤوس الحجرية وحراب صيد السمك وأدوات الزينة والحلي التي عثر عليها هناك. وجاء الكشف عن جزر هاواي واستيطانها بعد ذلك، إذ أبحر البولينيزيون من الماركيز نحو الشمال والشمال الغربي حتى وصلوا إلى مدار السرطان واستقرت مجموعات منهم في هاواي نحو عام 450، ومجموعات أخرى كشفت جزر أرخبيل لاين (الخط) واستوطنتها في التاريخ ذاته تقريباً. وبعد نحو أربعة قرون (بين 800- 900) للميلاد، اتجه الماركيزيون ـ البولينيزيون نحو الجنوب الغربي فكشفوا أرخبيل تواموتو والكثير من جزر بولينيزية الشرقية، كما وصلوا إلى أبعد جزر أوقيانوسية الجنوبية وأكبرها وهي نيوزيلندا. وهكذا انتشر البولينيزيون على رقعة مثلث رؤوسه في هاواي وإيستر ونيوزيلندة، وأصبحوا سادة أوقيانوسية من دون منازع طوال الألف الأول للميلاد والنصف الأول من الألف الثاني، وخاصة بعدما أقاموا مراكز ومستوطنات متفرقة لهم في أنحاء ميكرونيزيا وميلانيزيا وأعمروا بولينيزية الغربية قبل وصول المستعمرين الأوربيين إلى أوقيانوسية قي القرون الوسطى.

الحضارة الاوقيانوسية البولينيزية

رافق الكشوف البولينيزية والتوسع في جزر أوقيانوسية نشوء حضارة تصح تسميتها بالحضارة الأوقيانوسية ـ البولينيزية أفرزت نحو سنة 1000-1100 للميلاد أشكالاً ثقافية ومظاهر اجتماعية ودينية، من أبرزها ظهور هافايي (راياتيا) لتصبح عاصمة دينية وثقافية لأرخبيل سوسيتي، وكذلك خروج مجموعات من المغامرين المنتمين إلى طبقة اجتماعية رفيعة إلى جزر هاواي وكوك وتوباي وتواموتو لتثبيت أركان السلطة البولينيزية فيها، وإقامة إمارات قبلية فيها، ولاسيما في جزر هاواي التي اتحدت إماراتها في مملكة عاشت حتى سنة 1893. تعد صناعة المراكب والقوارب من أهم منجزات البولينيزيين المادية، إذ بلغ عدد الأنواع التي صنعوها واستخدموها في رحلاتهم المحيطية أكثر من ستة عشر نوعاً، أصغرها يتسع لشخصين مثل قارب «واكا» و«كايب» وأكبرها المركب المسمى «ندوا» و«واكاتاو» الذي يحمل 200-300 محارب بعتادهم. وقد صنعت كلها من الخشب المعشق والمربوط بحبال ولا يدخل أي معدن أو مسمار معدني في أجزائها. وتتصف هذه المراكب والقوارب بسرعتها اللافتة للنظر، وقد قال عنها القبطان الإنكليزي كوك J.Cook سنة 1769 (مكتشف شرق استراليا) إنها أسرع من سفينته الأوروبية السريعة «أنديفور» بمرتين. كما تمتاز من سواها بتزويدها بركائز جانبية متينة أو بأنها مؤلفة من قاربين متصلين مما يحفظ لها التوازن وعدم الغرق بسهولة.

أما خبرة البولينيزيين ومهارتهم الملاحية ومعارفهم البحرية في ذلك الزمن وفي أحوال المحيط الهادئ الطبيعية المعروفة فأمور تستحق الإعجاب وتثير الدهشة، ذلك أنهم لم يعرفوا البوصلة ولا أي وسيلة توجيه مشابهة، ولم يبحروا بمحاذاة سواحل يابسة معروفة قريبة يلجؤون إليها حين الضرورة. وبقدر مااستعان البولينيزيون والميكرونيزيون، في أسفارهم البحرية بالظواهر الطبيعية وحدها، من اتجاهات الرياح وحركات المياه وأشكال الأمواج وألوان المياه والغيوم وهيئاتها وانعكاس الأضواء على قواعدها واختلاف تلونها فوق الجزر البعيدة غير المرئية، فإنهم استدلوا على المواقع والجهات بالشمس والقمر وبأكثر من 150 نجماً، واستفادوا من مشاهدة كل طائر أو عشبة في الماء، وغيرها من أسباب متنّوعة تفسر الانتشار الواسع للبولينيزيين الذين يرجع إليهم فضل كشف أوقيانوسية.

فقد هاجر كثير منهم إلي جزر شرق إفريقيا,

إن التوسع البولينيزي، وإن كانت المهارات والخبرات البحرية ركيزته الأساسية، تبقى له ركيزة أساسية أخرى لا يجوز إغفالها، وهي عدم مجابهة ذلك التوسع بأي مقاومة تذكر. والسبب يرجع إلى خلو الجزر التي كشفها البولينيزيون من السكان إلا ما ندر، وإن وُجدوا فقلة لم تقف عائقاً أمامهم. وهكذا أصبح البولينيزيون سادة آلاف الجزر الأوقيانوسية إلى جانب سيادة الميكرونيزيين والميلانيزيين على أنحاء غربية وجنوبية غربية من أوقيانوسية حتى وصول المستعمرين الأوربيين.

الاستكشافات الاوروبية

تاريخ أوقيانوسية بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر هو تاريخ التنافس الاستعماري الغربي ولاسيما الأوروبي والكشوف الجغرافية التي ارتبطت به.

وقد رافق وصول سفن المستعمرين الأوربيين إبادة أعداد كبيرة من الأوقيانوسيين الأصليين الذين كانوا عاجزين عن مجابهة القوى الغربية المسلحة بأسلحة متطورة ونارية كانت مجهولة من قبلهم. فبعد رحلة بالبوا (1513) وبعثة ماجلان (1519-1520) ووصول السفن الإسبانية إلى أرخبيل ماريانا التي سميت جزره جزر اللصوص، نشأت المستعمرة الإسبانية الأولى في أوقيانوسيا. أعقب ذلك تدفق السفن الأوربية في رحلات كثيرة قام بها الهولنديون (نورت 1598) و(تورِس وكيروس 1605) و(تاسمان 1642) وغيرهم كثيرون.

الاستعمار

وارتفع عدد البعثات الاستعمارية الأوربية الهولندية والبريطانية والفرنسية والدنماركية إلى أرخبيلات أوقيانوسية إلى المئات مع مطلع القرن الثامن عشر (بعثات ج.أنسون وج.بيرون وس. واليس ول. دوبوغنفيل وج.كوك وبعثاته الثلاث بين 1769-1780 وغيرهم). ولم ينقض القرن المذكور إلا وعالم المحيط الهادئ يواجه استعماراً أوربياً وتنافساً فعلياً بين القوى الأوربية على مناطق النفوذ في أوقيانوسية، ولاسيما بين بريطانية وفرنسة، استمر حتى القرن التاسع عشر الذي شهد ظهور قوتين جديدتين على مسرح الصراع هما ألمانيا ثم الولايات المتحدة الأمريكية. فقد احتلت ألمانية أرخبيلات سليمان وبسمارك وغينيا الجديدة، كما تغلغلت في جزر ميكرونيزية بعد شرائها من إسبانية عام 1899. كذلك احتلت الولايات المتحدة جزر غوام وويك وهاواي وساموة الشرقية (1898- 1899)، وبدأت تنافِس القوى الأوربية في التوسع في أوقيانوسية وبسط نفوذها على جزرها. علماً أن الولايات المتحدة حصلت على حق استثمار سماد الغوانو من جميع الجزر غير المأهولة، التي يتوافر فيها هذا السماد، وذلك في اتفاقية غوانو لعام 1856.

عجز السكان الأصليون عن التصدي للتوسع الاستعماري واحتلال جزرهم لضعف مقاومتهم للغزاة، وانهيار هذه المقاومة إن وُجدت للتباين الكبير بين تسلحهم الذي يرجع إلى عهود تاريخية قديمة تقف على عتبة العصر الحجري الحديث، وتسلح الغزاة. فهاواي التي أقام فيها كامهاميها الأول مملكة موحدة عام 1810، ثم تحولت إلى جمهورية عام 1893 لم تتمكن من الصمود أمام الاحتلال الأمريكي. مثلها في ذلك مثل باقي إمارات أو كيانات الجزر الأوقيانوسية أو كياناتها الأقل أهمية. وهكذا أصبح الصراع بين القوى الاستعمارية التقليدية الأوربية وبينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وانعكاسات النزاعات الدولية في أوقيانوسية وعليها السمة المميزة للأحداث التي سبقت نشوب الحرب العالمية الأولى.

أما سكان الجزر الأصليون فقد سجلت أعدادهم تناقصاً مر ذكره، إضافة إلى تخلخل بنيتهم الاجتماعية وتغيرها باختلاطهم بالوافدين إلى جزرهم من آسيا وأمريكا وأوروبا، وارتفاع أعداد هؤلاء وأعداد الهجناء والمولّدين حتى زادت نسبتهم على نسبة السكان الأصليين.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القرن العشرين في وقت مبكر

US marines during the Guadalcanal Campaign in 1942. (modern day Solomon Islands)

اتصف هذا القرن بكثير من الأحداث التاريخية التي ارتبطت بأحداث عالمية أفرزتها الحربان العالميتان الأولى والثانية من جهة، والتطورات التقنية في وسائل النقل البحرية والجوية وأثرها في أهمية جزر أوقيانوسية من جهة ثانية. وأدى ظهور اليابان قوة مؤثرة في الأحداث إلى نتائج جديدة في توازن القوى الاستعمارية. فبعد انتصار اليابان على روسيا عام 1905، دخلت مسرح التنافس في أوقيانوسيا فاستولت على الممتلكات الألمانية في ميكرونيزيا مع بداية الحرب العالمية الأولى، وحصلت بعدها على حق الانتداب عليها عام 1920-1922. كذلك احتلت أستراليا المستعمرات الألمانية في جنوب غربي أوقيانوسية عام 1914، وأصبحت دولة منتدَبة عليها. وهكذا تم إبعاد ألمانيا عن مسرح الأحداث في أوقيانوسية مقابل ظهور اليابان وأسترالية مكانها بعد الحرب العالمية الأولى. وقد ارتبطت التطورات المذكورة بتحسن وسائل النقل البحرية والجوية فازدادت أهمية جزر أوقيانوسية من الناحية التجارية بوصفها محطات للسفن والطائرات، ومن الناحية الاستراتيجية بوصفها قواعد عسكرية وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى وإبان الحرب العالمية الثانية.

إن الحرب العالمية الثانية ودخول اليابان فيها طرفاً معادياً للحلفاء والولايات المتحدة الأمريكية كانت أكبر حدث تاريخي أثر في مسرح العمليات الحربية في المحيط الهادئ. ففي 7 كانون الأول 1941 باغتت اليابان أضخم قاعدة عسكرية أمريكية في بيرل هاربر وكبدت أمريكا خسائر فادحة جداً، تبع ذلك التوسع الياباني السريع، إذ استطاعت احتلال أجزاء المحيط الغربية كافة وهددت الهند وأسترالية وأصبحت ميكرونيزية وميلانيزية، وبولينيزية الغربية تحت سيطرتها في ستة شهور ونيف. وتوالت هزائم الأمريكيين والأستراليين والإنكليز، لكن الحلفاء استعادوا السيطرة على الموقف في المحيط الهادئ، وهُزمت اليابان في معارك عام 1944.


فترة ما بعد الحرب

وبعد استسلام اليابان إثر ضربها بالقنبلتين الذريتين وانتهاء الحرب العالمية الثانية، أضحت الولايات المتحدة القوة الأولى في أوقيانوسية بسيطرتها على أكثر من 2141 جزيرة تقع شمال خط الاستواء وغرب خط التوقيت الدولي، إضافة إلى الجزر التي كانت تحت الانتداب الياباني قبل الحرب، ووُضعت تحت الإدارة الأمريكية عام 1947.

أما باقي جزر أوقيانوسية فبقيت تحت حكم بريطانية وفرنسة وبقي بعضها تحت الإدارة الأسترالية والنيوزيلندية. وقد حصل بعضها على استقلاله من ذلك بابوا ـ غينية الجديدة وتونغة وسامة الغربية وناورو، كما أن عدداً آخر يسعى إلى الاستقلال.

دمرت الحرب غالبية الجزر ومنشآتها، وكان من آثارها انهيار الاقتصاد المحلي والبنية الاجتماعية للسكان الأصليين، وزادت المعاناة بعد الحرب، وأخذت أنماط الحياة الأمريكية بسلبياتها وإيجابياتها تطغى على أساليب عيش السكان. كذلك تراجعت أهمية كثير من القواعد الجوية في أوقيانوسية بسبب التطور الكبير في مجال الطيران السريع والبعيد المدى، كما تحولت بعض جزرها إلى حقول تجارب نووية وهدروجينية مما أضر بالبيئة والسكان.

العصر الحديث

انظر أيضا

المصادر

  1. ^ عادل عبد السلام. "أوقيانوسية (تاريخياً)". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-06-21.