جزويت

Coordinates: 41°54′4.9″N 12°27′38.2″E / 41.901361°N 12.460611°E / 41.901361; 12.460611
(تم التحويل من اليسوعيون)
جمعية يسوع
Society of Jesus
Ihs-logo.svg
الاختصارSJ, Jesuits
التشكل27 سبتمبر 1540
المؤسسإگناتيوس من لويولا
فرانسيس زاڤيير
پيتر فابر
تأسست فيپاريس، فرنسا
رسمياً في روما
النوعالنظام الديني الكاثوليكي
الموقع
الإحداثيات41°54′4.9″N 12°27′38.2″E / 41.901361°N 12.460611°E / 41.901361; 12.460611
الأعضاء
16.378[1]
أرتورو سوسا
الموقع الإلكترونيwww.jesuits.global Edit this at Wikidata
Remarksكنيسة گسو، هي الكنيسة الأم للجزويت، مقابل المكان الذي كان يقع فيه مكتب إگناتيوس.
جزويت

تاريخ الجزويت
Regimini militantis
Suppression

هيراركية اليسوعيين
Superior General
Adolfo Nicolás

الروحانية الإگناتية
Spiritual Exercises
Ad majorem Dei gloriam
Magis
Discernment

مشاهير اليسوعيين
القديس إگناتيوس من لويولا
القديس فرانسس زاڤييه
Blessed Peter Faber
القديس ألويسيوس گونزاگا
St. Robert Bellarmine
St. Peter Canisius
St. Edmund Campion

كنيسة گسو، تقع في روما، وهي الكنيسة الأم للجزويت

.

الجزويت أو اليسوعيون باللاتينية Societas Iesu، هي واحدة من أهم الرهبنيات الفاعلة في الكنيسة الكاثوليكية، ومن أكبرها. تأسست على يد القديس إغناطيوس دي لويولا في القرن السادس عشر أيام البابا بولس الثالث في إسبانيا، كجزء من الإصلاح المضاد، وأخذت على عاتقها مهمة التبشير ونشر الديانة في العالم الجديد. مكثت الرهبنة اليسوعية من أقوى منظمات الكنيسة الكاثوليكية المؤثرة، واصطدمت أواخر القرن الثامن عشر ببعض السلطات الأوروبية ما دفع إلى حلّها عام 1773 وهو القرار الذي ألغي عام 1814 على يد البابا بيوس السابع. عند تأسيسها اعتبرت الرهبنة اليسوعية "الأكثر حداثة ودلالة، لقد جسدت الكفاءة والفاعلية اللتين ستصبحان سمتين مميزتين للحضارة الحديثة"،[2] ولقد رفع مؤسسها إغناطيوس إلى مرتبة قديس عام 1622.[3][4]

تتواجد الرهبنة اليسوعية في 112 منطقة جغرافية موزعين على قارات العالم الست، ومركزها الرئيسي يقع في روما، وتتبع نمط الإدارة اللامركزية، وتدير أعدادًا كبيرة من المدارس، والجامعات، والمشافي، ودور العجزة، والمكتبات، وتهتم بالحوار المسكوني، والتطوير اللاهوتي، والعدالة الاجتماعية. يعرف المنخرطون في هذه الرهبنة باسم «جنود الله»، نظرًا لخلفية مؤسسها العسكرية، والطاعة التي توليها قواعد الرهبنة أهمية بالغة. في 13 مارس 2013 انتخب أحد أعضاء هذه الرهبنة بابا باسم البابا فرنسيس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

التأسيس

مصلى سان دنيس، شارع إيڤون لو تك، باريس.

نشأ إگناتيوس من لويولا رجلاً كبير المطامع محباً للشهرة والفخفخة ، فاتخذ صناعة الجندية سلماً لأطماعه رجاء أن ينال بتبريزه فيها مقاماً بين الناس محموداً ، ولكنه في حصار بامبولين أصيب بكسر في فخذه قضى عليه من الوجهة العسكرية. وبينما كان يمرض في المستشفى أعطي إليه كتاب في حياة القديسيين ليطالعه في وحدته، فأكب عليه وتأثر بما فيه غاية التأثر وعزم أن يتبع طريق الدينيين.

فلما أبل اندفع لنيل غايته فتحنث وتبتل حتى كان يصاب بشبه إغماء يروي في أثنائه مرائي روحانية ، فجال في خاطره عند ذاك تأسيس طائفة دينية ولكنه أدرك أن جهله لا يسمح له بالتطلع لهذا المركز الرفيع ، فأكب على دراسة العلوم وسنه ثلاث وثلاثون سنة وصار ينتقل من جامعة إلى جامعة لتحصيل الفلسفة العالية حتى نال مكاناً عالياً منها.

كان لوتر الألماني في هذا العهد يمهد طريق الإصلاح الديني أي البروتستانتية فأجمع انياس لايولا على معاكسته وصد الناس عن سبيله. فكان كلما أرشد لوتر إلى اعتبار العقل واستشعار الحرية في البحث والمناقشة وتأييد الحكومة الحرة المدعمة على القوانين ، كان انياس يتشدد في وجوب الطاعة بلا تردد لأحكام الدين ، وبتقرير حكومة مطلقة يقودها ملك فرد ، فكان يرمي في تعاليمه إلى جعل أتباعه أشبه بالجنود في ساحة الوغى يجب عليهم الاستسلام لقائدهم يوجههم ويرمي بهم حيث أراد.

تعرف انياس لايولا أثناء إقامته بباريس ببعض الطلاب في علم اللاهوت وهم بيبر لوفيفر ورود ريجز وفرانسوا كسافييه وثلاثة من الإسبانيين مثله وهم جان لينز ونيكولا بوباديلا والفونس سالميرون. فاجتمع بهم في 15 أغسطس سنة (1534) م في مكان تحت الأرض من كنيسة مونتمرتر ، وهنالك تعاهدوا على العفاف والفقر وإرشاد الكفار إلى الدين ، وحج الأراضي المقدسة ولما كانت الحروب قائمة بين الأوروبيين والأتراك في ذلك العهد عدلوا عن الحج إلى إرشاد الكفار للدين وقرروا أن يتفرقوا في الأقطار على أن يجتمعوا في فنيز سنة (1537) م أي بعد تعاهدهم بثلاث سنين ليقدم كل منهم بياناً عما فعله في تلك المدة.

وفي أكتوبر من السنة التالية اجتمع لايولا ولوفيفر ولينز وشخصوا إلى روما فقابلوا البابا بولس الثالث وعرضوا عليه مشروعهم من تكوين طائفة دينية لنشر مبادىء الديانة الكاثوليكية وتأييد مركز الكنيسة الرومانية فأظهر ارتياحه لعملهم وأصدر أمره بتأسيس تلك الطائفة في 17 سبتمبر سنة (1540) م وسمي لايولا طائفته بالجزويت مصداقاً لمشهد روحاني شهده كما قال رأى فيه الآب مع ابنه حاملاً صليباً طويلاً وهو يشكو من آلامه ، فأوصى الآب المسيح بلايولا وأوصى لايولا بالمسيح خيراً.

كان لايولا يرمي بهذه الجمعية إلى تحقيق غرضين أولهما هداية الكافرين إلى المسيحية وثانيهما تكوين جيش محارب لنصر البابا. فوضع لايولا نظام هذه الطائفة ولما خلفه تلميذه لينز غيّر كثيراً من ذلك النظام وخفف من صرامته.

الجزويت في أوروبا

بعد أن مات دييجو لاينتز (1565)، اختارت »جمعية يسوع«، فرانتشسكو بورجا قائداً لها، وكان خلقه وسيرته علامة على جيله. فهذا الرجل الذي ولد غنياً، والذي كان حفيداً للبابا إسكندر السادس، وارتقى دوقا لجانديا ثم حاكماً لقتلونيا، والذي صاحب الملوك-هذا الرجل دخل الطائفة الجديدة عام 1546، ووهبها كل ثروته الشخصية، واكتسب مرتبة القديسين بما اتصفت به حياته من قداسة صارمة. أما خليفته ايفيرارد مركوريان فلم يترك أي أثر في التاريخ، ولكن كلوديو أكوافيفا قاد الجمعية بكثير من الحكمة والباقة خلا أربعة وثلاثين عاماً من المتاعب (1581-1615) حتى ليعده كثير من اليسوعيين زهاء خمسة آلاف، وحين مات كان عددهم ثلاثة عشر ألفاً.

وقد وضعت لجنة من فقهاء اليسوعيين تحت غدارته (1584-99) خطة للتعلم ظلت إلى عام 1836 تقرر نظام للدراسات في الكليات اليسوعية وطريقتها. فهذا النظام الدراسي الذي يتسلم الأولاد من سن الحادية عشرة إلى الرابعة عشرة ويمتد ست سنوات، كان يتيح لهم ثلاث سنوات من دراسة اليونانية واللاتينية لغة وأدباً، أما السنوات الباقية فتخصص للفلسفة بأوسع معانيها، فتشمل العلوم الطبيعية والمنطق والميتافيزيقيا والأخلاق.وتجمع الشواهد على أن هذه المواد كلها كانت تدرس على نحو يدعو للإعجاب. صحيح أن الفلسفة كانت وسيطة (سكولاستيه) ولكن لم يكن عنها بديل مقبول بعد. أما الأحياء والتاريخ الدنيوي الحديث فقد أهملا إلى حد كبير كما كان الشأن في جميع مدارس العصر تقريباً، ربما لأن بساطة الإيمان الواثقة كانت تتأذى من بشاعة مشهد الصراع على البقاء بين الحيوان، ومن موكب الحرب الذي لا يكاد ينقطع بين بني الإنسان. لقد كانت خطة الدراسة في جملتها توفيقاً ماهراً بين العصور الوسطى والنهضة. ففي قدرة بالغة على التكيف، رحب اليسوعيون بمولد الدراما من جديد، فترجموا والفوا ومثلوا المسرحيات، واكتشفوا في المسرحيات المدرسية وسيلة حية لتعليم الكلام والبلاغة، وتقدموا عصرهم في إدارة المسرح ومشاهده. واستعانوا بالمناظرات شحذا للذكاء وقوة الحجة، ولكنهم ثبطوا أصالة الفكر في المعلم والطالب على السواء. ولقد كان هدفهم فيما يبدو إعداد صفوة متعلمة ولكنها محافظة، قادرة على القيادة الذكية العملية ولكنها بنجوة من متاعب الشكوك العقائدية، راسخة في الإيمان الكاثوليكي لا تحدي عنه قيد أنملة.

Jesuit missionary, painting from 1779.

وكانت المدارس اليسوعية في جميع الحالات تقريباً بإنشائها ومنح الهبات لها السلطات الزمنية أو زعماء الكنيسة أو الأفراد الميسورون، ولكن اليسوعيين احتفظوا بالهيمنة الكاملة عليها. ومع أن بعض كلياتهم أنشئ خصيصاً لأبناء الأشراف. فإن كلها تقريباً كان مفتوحاً، دون رسوم تعليم، لاي طالب مؤهل فقيراً كان أو غنياً. أما المدرسون الذين كانوا عادة من رجال الطائفة فأفضل إعداداً من نظرائهم البروتستنت؛ أوفياء لمهنتهم لا يتقاضون عنها أجراً، يتيح لهم ثوب الكهنوت وتأثيره سلطاناً محترماً مكنهم من حفظ النظام دون اللجوء إلى التخويف أو العقاب البدني. وقد أرسل كثيرون من البروتستنت أبناءهم إلى الكليات اليسوعية لكي ييسروا لهم، فضلا عن الإلمام السليم بالدراسات الكلاسيكية، تدريباً رفيعاً على الفضيلة وآداب السلوك وقوة الخلق. يقول فرانسس بيكون »أما الجانب التربوي فاقصر قاعدة أن يقال لك استشر مدارس اليسوعيين، لأنه لم يجرب ما هو خير منها«(40). وفي عام 1615 كان لليسوعيين 372 كلية، وفي عام 1700 كان لهم 769، وأربع وعشرون جامعة منبثة في أرجاء العالم. وفي الدول الكاثوليكية كاد التعليم الثانوي باسره يكون في قبضتهم، مما أتاح لهم نفوذاً هائلا في تشكيل الفكر القومي.

ثم التمسوا مسمع الملوك في طرف السلم الآخر. وقد حظر عليهم أكوافينا ان يصبحوا كهنة اعتراف للملوك، ونهاهم عن الاشتراك في السياسة. ومع ذلك فحتى في عهد أكوافينا قبل الأب كوتون دعوة هنري الرابع له ليكون مرشده الروحي، وبعد هذا وافق اليسوعيون على رأي ألمع تلاميذهم فولتير، وهو أن خير السبل لتشكيل الشعب هو تشكيل ملكه. وما أوفى عام 1700 حتى كانوا آباء الاعتراف لمئات من أبرز الشخصيات. وكان النساء على الاخص شديدات الشعور بحسن آدابهم ويتقبلهم السمح للدنيا، وبفضل تلقيهم اعترافات لنساء ذوات أهمية، استطاع الآباء الدهاة أن يصلوا إلى رجال ذو أهمية.

الجزويت في الصين.

وإذ جهروا بنية الاختلاط بالناس بدلا من الاعتزال في الأديرة، فقد كيفوا مبادئهم الخلقية وفق طرق البشر العصية على الاصلاح. ففي رأيهم أن الأخلاق المسيحية الصارمة لم تكون ميسورة إلا للنساك والقديسين، فواقع الطبيعة البشرية يقتضي بعض التخفيف من قاعدة الكمال. ومثل هذه التوفيقات للقانون الخلقي وضعها أرسطو على نزعة أفلاطون الكمالية، ووضعها معلمو الناموس اليهود ليلائموا بين الشرائع العبرية القديمة والظروف الجديدة للحياة الحضرية. ومع أن اليسوعيين في مذهبهم - وفي تطبيقهم للمذهب عادة - يحتقرون الجسد، فأنهم فهموا الجسد، وأتاحوا له ملاذا خلقياً لكيلا يكره الخطاة على التمرد فتخسرهم الكنيسة. ورغبة في تخفيف التوتر بين ناموس المسيح وطبيعة البشر، طور اللاهوتيون من اليسوعيين وغيرهم فكرة الإفتاء - أي تطبيق التعاليم الخلقية على الحالات الخاصة. ولكن لنترك الآن هذا العلم العويص حتى نصل إلى أعدى أعدائه بليز باسكال.

ويمكن القول عموماً بأن اليسوعيين مالوا في لاهوتهم إلى الرأي السمح والنظرة المتحررة. كان من رأي بعضهم، كالأب ليس والاب هامل في لوفان (1585)، إنه ليس من الضروري الإيمان بأن كل كلمة أو كل تعليم في الكتاب المقدس موصى به من الله(41). وقد أكد كل اليسوعيين تقريباً المعتقد السكولاسي القائل بأن الحكومات الزمنية تستقي سلطتها من الشعب، وقد بشر عدد غير قليل منهم - مثل ماريانا وبزنباوم - بحق الشعب عن طريق ممثليه الشرعيين في أن يعزل، بل أن يقتل، الملك »الفاسد« ولكن »الفاسد«في هذا المجال كان معناه المهرطق، وربما كان مبعث هذا التشديد الديمقراطي رغبة اليسوعيين، بحكم ولائه المطلق لسيادة روما، في الإعلاء من سلطة البابا التي تفردت بالقداسة والسمو. وعلى النقيض من لوثرن آمن اليسوعيون بفعالية الأعمال الصالحة في نيل الخلاص، واستنكروا على الخطية الأصلية، وقابلوا الجبرية القائمة التي قال بها بولس، وأوغسطين، ولوثر، وكلفن، ويانسن، بالتأكيد من جديد لحرية الإرادة. ولقد أثار لويز مولينا، وهو يسوعي أسباني، ضجة لاهوتية حين زعم أن الإنسان يستطيع تقرير مصيره الابدي بإرادته وأعماله، وان اختياره الحر يمكن إما أن يتعاون مع النعمة الإلهية أو يغلبها. وطالب اللاهوتيون والدومنيكان بإدانة مولينا بالهرطقة، ولكن اليسوعيون خفوا للدفاع عنه، وحمى وطيس الجدل إلى حد دعا كليمنت الثامن إلى أمر الفريقين بالكف عنه (1596). وتضافرت أخلاقيات اليسوعيين، الرحيمة بالقياس إلى أخلاقيات غيرهم، مع أفكارهم الراديكالية، واتصالاتهم المحافظة، وسلطانهم المتسع، لتزهد فيهم الاكليروس الكاثوليكي غير المنتسب إلى الرهبان وتثير كراهية البروتستنت لهم. فرماهم القديس شارل بوروميو بالتساهل المخزي مع ذوي النفوذ من الخطاة(42). وقال ساربي لو أن القديس بطرس كان مرشده كاهن اعتراف يسوعياً لوصل به الأمر إلى إنكار المسيح دون أن يحسب ذلك عليه خطيئة. أما موتيو فيتيللسكي، قائد اليسوعيين الذي خلف أكوافيفا، فقد نبه أفراد الطريقة إلى أن حرصهم على جمع المال يثير اللوم عليهم من جمع الناس. وأما القساوسة البروتستنت في إنجلترا، الملتزمون بعقيدة الحق الإلهي لملوكهم في الحكم، فقد صدمتهم آراء اليسوعيين في سيادة الشعب وقتل الملوك أحيانا. وندد روبرت فيلمر برأي الكردينال بللارميني القائل بأن »السلطة الزمنية أو المدنية..كائنة في الشعب، إلا إذا خلعها على ملك«(45). أما البروتستنت الألمان فحاربوا اليسوعيين زاعمين أنهم »مخلوقات من الشيطان تقيأتهم جهنم« وطالب بعضهم بحرقهم كما تحرق الساحرات. وفي عام 1612 ظهر في بولندة كتاب »التعليمات السرية«، وهو يوهم قارئه بأنه تعليمات سرية لليسوعيين في فن الظفر بالتركات والوصول إلى السلطات السياسية. وأعيد طبع الكتاب اثنتين وعشرين مرة قبل علم 1700. وكان يصدق إلى وقتنا هذا تقريبا، ولكن أغلب الرأي فيه الآن أنه أما هجاء ذكي أو تزوير وقح .

الجزويت في الأقطار غير المسيحية

كان الرأي عند الجماهير الكاثوليكية أن أخطاء اليسوعيين لها ما يرجحها كثيرا من فضائل في التعليم وجرأة في التبشير. صحيح أن طرقا دينية أخرى شاركت في هذه المغامرة التقية، مغامرة نشر الدين، ولكن أين هذا من جرأة اليسوعيين وإقدامهم واستشهادهم في الهند والصين واليابان والأمريكتين؟ ففي الهند مثلا دعا السلطان المغولي المستنير أكبر بعض اليسوعيين إلى بلاطه في فاتحبور سكري (1579) ، واستمع إليهم في حب استطلاع وتعاطف، ولكنه أبى أن يطرد حريمه.

وانضم شريف إيطالي يدعى روبرتودي نوبيلي إلى جماعة اليسوعيين، وذهب إلى الهند مبشرا (1605)، وهناك درس العقائد والطقوس الهندية، واتخذ لباس البراهمة واتبع نظامهم، وألف الكتب بالسنسكريتية، وحول البعض إلى المسيحية. ومارس يسوعيون آخرون اليوجا، وعملوا بين الطبقات الدنيا. وعبر المرسلون اليسوعيون الهملايا إلى التبت حوالي عام 1624 وزودوا أوروبا بأول معلومات وثيقة-وآخرها حتى وقت طويل-عن ذلك العالم المحجوب.

أما اليابان فقد دخلها اليسوعيون في تاريخ مبكر (عام 1549)، وفي عام 1580 زعموا أنهم حولوا إلى المسيحية 100.000، وفي عام 1587 امروا بالرحيل عن الجزر ، وفي عام 1597 لقي اليسوعيون والفرنسسكان اضطهادا عنيفا صلب فيه القساوسة والرهبان وآلاف المسيحيين اليابانيين-وهي طريقة جديدة زعم قاتلوهم أنهم أخذوها عن الأناجيل. وحوالي عام 1616 دخلت فئة جديدة من اليسوعيين اليابان وكسبوا مسيحيين جددا لا يستهان بعددهم، ولكن التجار الهولنديين والانجليز حرضوا الحكومة على اضطهادهم من جديد ظنا منهم بأنهم يمهدون الطريق للتجارة البرتغالية أو الأسبانية ، فأعدم من اليسوعيين واحد وثلاثون، ولم تحل سنة 1645 حتى اختفت المسيحية من اليابان.

وأما الصين فكانت خطراً يتحدى اليسوعيين ، إذ توعد الأباطرة أي مسيحي يجرؤ على دخول »المملكة الوسطى« بالموت. وقد رأينا في غير هذا الموضع من الكتاب كيف مات اليسوعي فرانسس زافير (1552) وهو قاب قوسين من الصين بعد أن عول على كسبها للمسيحية. وفي عام 1557 أنشأ التجار البرتغاليون مستعمرة في مكاو ، على ساحل الصين الجنوبي الشرقي. هناك انقطع بعض اليسوعيين لتعلم لهجات الصين وعاداتها. وأخيراً دخل اثنان منهم، وهما ماثيو ريتشي وميكيلي رودجيري، ولاية كوانتونج مسلحين باللغات والفلك والرياضة والساعات كبيرها وصغيرها والكتب والخرائط والآلات. وافتتن حاكم الإقليم بهذه الطرف وكانا يتخذان أسماء صينية ولباسا صينيا، ويعيشان عيشة البساطة، ويشتغلان بجد، ويسلكان مسلك التواضع الذي توقعه الصينيون من أبناء حضارة حديثة العمر قليلة النضج كحضارة أوربا، لذلك سمح لهما بالبقاء. واتخذ ريتشي سمته إلى كانتون حيث أثار إعجاب المندوبين (كبار الموظفين) بمعارفه العلمية والجغرافية. وهناك أقام المزاول، ورسم الخرائط المريحة الوثيقة، وأجرى الحسابات الفلكية العويصة. ثم دخل اصدقاءه الجدد إلى حظيرة المسيحية بكتابته خلاصة مفرغة في أسئلة وأجوبة شرحت العقائد الأساسية للمسيحية، ودعمت بمقتبسات من النصوص الشرقية القديمة. وشجعه التسامح الذي لقبه فانتقل إلى ضاحية من ضواحي بكين (1601) وأرسل ساعة كبيرة إلى الأمبراطور (كانج هسي) فلما تعطلت الساعة ولم يستطع أحد من العلماء الصينيين أن يديرها من جديد، أرسل »أبن السماء« في طلب مهديها. وحضر ريتشي، وضبط الساعة، وقدم إلى الحاكم الطلعة مزيدا من الأدوات العلمية، وما لبث ريتشي وآخرون من اليسوعيين أن ثبتوا في بلاط مينج. ولم يضع الامبراطور الطيب أي عقبه في سبيل اعتناق كثير من علية الصينيين للمسيحية. وبعد موت ريتشي (1610) واصل يسوعي آخر يدعى »يوهان آدم شال فون بل« عمل البعثة العلمي والتبشيري. فاصلح التقويم الصيني، وصنع المدافع الممتازة للجيوش الصينية، وغدا الصديق الحميم للإمبراطور وموضع إكرامه، ولبس الحرير المندري، وسكن قصرا، وقامر بالسياسة، ثم ألقى في أحد السجون، ومات بعد سنة من الافراج عنه.

وقد تكون بقية القصة، التي اتصلت إلى القرن الثامن عشر، باعث تسلية لمؤرخ فلسفي النزعة. ذلك ان اليسوعيين في الصين كانوا بفضل تبحرهم في العلم، قد نفضوا عنهم تزمت اللاهوت. فحين درسوا آداب الصين الكلاسيكية تأثروا بما كشفوه فيها من حكمة سامية. وبدت لهم عبادة الصينيين لأسلافهم كأنها دافع رائع على الاستقرار الخلفي والاجتماعي، وكان في كونفوشيوس الكثير مما يبرر تبجيله. ولكن مرسلين آخرين شكوا إلى محكمة تفتيش روما (1645) من أن اليسوعيين يغضون من قدر الصليب وعقيدة الخلاص الإلهي لما قد يصدم الصينيين مهما إذ لا عهد لهم بفكرة البشر يقتلون إلها، ومن أن اليسوعيين يتلون القداس بالصينية دون اللاتينية، وأنهم أذنوا لمن نصروهم بأن يحتفظوا بكثير من شعائر دينهم القومي، وأن المبعوثين اليسوعيين يقتنون المال لأنهم يعملون أطباء وجراحيين وتجارا ومرابين ومشيرين للقواد والأباطرة. أما اليسوعيون فقد راعهم إصرار الدومنيكان والفرانسسكان على أن يقولوا للصينيين إن المسيحية هي الملاذ الوحيد من الهلاك الأبدي، وأن الأسلاف الذين يعبدونهم إنما يصلون نار جهنم. وأمر أنوسنت العاشر اليسوعيين بحظر قرابين اللحم والشراب التي تقدم لظلال الأجداد. وكان الآباء اليسوعيون خلال ذلك يرسلون إلى أوربا أوصافا لحياة الصين ودوينها وفكرها، وهي الأوصاف التي قدر لها أن تشارك في ازعاج السنية المسيحية في القرن الثامن عشر.

وأما في أمريكا الجنوبية فقد اكتسب المرسلون اليسوعيون احترام الوطنيين وثقتهم بفتحهم المدارس والمراكز الطبية، وبذلهم الجهود الشاقة للتخفيف من وحشية السادة الأسبان. وقد صنفوا المعاجم وكتب النحو، وارتادوا المجاهل الداخلية الخطرة، ودفعوا الجغرافية دفعة هائلة. وارسلوا إلى أوربا قشرة الشجرة البيروية التي أصبحت-في هيئة الكينين- العقار الثابت لعلاج الملاريا. وفي براجواي أنشئوا مجتمعا مثاليا شيوعيا.

هنالك في سهول الباميز والغابات التي تحف بنهر أوروجواي، وفوق الشلالات الخطرة التي ثبطت همة المستعمرين، نظموا مستوطناتهم الهندية. واذن لهم فيليب الثالث ملك أسبانيا في أن يحظروا الإقامة فيها على جميع البيض فيما خلا اليسوعيين المستعمرة. وقالوا إنهم وجدوا في الأهالي براءة ومودة- ومائتا ألف من الهنود صالحون من جميع الوجوه لملكوت الله. فتعلموا لغة الأهالي ولم يعلموهم الاسبانية ولا البرتغالية، وثبطوا كل اتصال بالمستعمرين. واستمالوا الناس إلى المسيحية بالمحبة والرحمة والموسيقى. وأنشئوا المدارس لتعليم الموسيقى، والفوا الفرق الموسيقية التي تعزف على جميع الآلات الأوربية الهامة وتؤدي كل ألوان الالحان تقريبا، حتى المختارات من الأوبرات الإيطالية. وسرعان ما تعلم الأهالي أن ينشدوا أضخم ألحان الكورال. وقيل على التحقيق إنه في فرقة من ألف صوت لم تسمع نغمة ناشزة واحدة. وكانت فرقة الموسيقى تتقدم الناس في غدوهم ورواحهم، وتصحب جهدهم في المتاجر والحقول. واحتفل القوم بالأعياد المسيحية بالغناء والرقص والالعاب الرياضية, وألف الآباء اليسوعيون المسرحيات الفكاهية ولموا الرعية كيف يؤدونها.

ولقد هيمنوا على الاقتصاد كما هيمنوا على شئون الحكم. وأبدى الأهالي استعدادا ملحوظاً لمحاكاة المنتجات الأوربية، حتى صناعة الساعات المعقدة، والمخزمات الهفافة، والآلات الموسيقية. وكان العمل إجبارياً، ولكن للشباب الحرية في اختيار حرفهم، ويباح الفراغ اللازم للترفيه والتثقيف. أما يوم العمل فثماني ساعات في المتوسط. وحدد اليسوعيون ساعات العمل والنوم والصلاة واللعب. وكان جزء من الارض يملكه الأفراد، ولكن أكثرها ملك مشاع, ونتاج العمل الجماعي يسلم للحكومة ويفرز جزء منه للبذر او لسنوات الجدب، وجزء يؤدي فرضة رءوس لملك أسبانيا، وأكثره يوزع على العشرين الف اسرة كل حسب حاجته، ومن المسلم به أن جزءاً كان يخصص ليعول، على مستوى متواضع ، اليسوعيون المائة والخمسين الذي يعملون مديرين وملاحظين وأطباء و معلمين وقساوسة. وقد حرم عليهم بمقتضى مرسوم ملكي اقترحه اليسوعيون أن يشاركوا في أرباح الاقتصاد، وطلب إليهم أن يقدموا حساباً دورياً لرئيسهم الإقليمي. أما القانون فيطبقه قضاة وشرطة من الوطنيين، وأما العقوبات فهي الجلد والسجن والنفي وليس فيها الإعدام. ولكل مستوطنة مستشفاها وكنيستها للتيسير على الشيوخ أو العجزة. لقد كانت شيوعية دينية، ينال فيها الوطنيون الرزق والأمن والسلام وقسطاً من الحياة الثقافية نظير قبولهم المسيحية والنظام.

من أين يا ترى استقى اليسوعيون فكرة هذا النظام العجيب ؟ ربما بعضها من »يوتوبيا« مور (1516)، وبعضها من الأناجيل، وبعضها من دستور جماعتهم التي كانت هي ذاتها أشبه بجزيرة شيوعية وسط بحر يدين بالفردية. أياً كان الأمر، فقد أثبت النظام أنه محل حب الوطنيين لأنه أقيم على الإقناع دون ضغط، وحافظ على كيانه 130 عاماً (تقريباً 1620-1750)، وحين هوجم من الخارج دافع عن نفسه بحماسة أذهلت المهاجمين، وكان مثل الإعجاب حتى من شكاك حركة التنوير الفرنسية. يقول دالمبير »اقام اليسوعيون بالدين سلطة ملكية (؟) في برجواي ، لا تستند إلا على ما أوتوا من قوة في الإقناع وترفق في الحكم. وإذا كانوا السادة المتصرفين في البلد فإنهم اسعدوا الشعب الذي حكموه.« أما فولتير فوصف هذه التجربة بأنها »انتصار للإنسانية«. وقد انتهى النظام بكارثة لأنه لم يستطع عزل نفسه عن العالم الخارجي فالتجار الأسبان نعوا على اليسوعيين اشتغالهم بالتجارة، والمستعمرون الأسبان كرهوا أن يحال بينهم وبين منطقة تغرى باستغلال الموارد والبشر. وراحت عصابات خطف الرقيق تهاجم المستوطنات اليسوعية المرة بعد المرة، وأخلى الآباء ورعاياهم الأقاليم الأكثر تعرضاً لغاراتهم. فلما أوغلت الغارات حصل اليسوعيون على إذن من ملك اسبانيا بتسليح الأهالي بأسلحة أوربية، وبعدها أمكن مقاومة الغارات بنجاح. على أن خطراً أكبر على المستعمرة كان يكمن في مجرى السياسة والفكر الأوربيين. ذلك أن الدسائس السياسية المستمرة التي تورط فيها اليسوعيون في فرنسا واسبانيا والبرتغال تضافرت مع نهضة الفكر الحر والعداء للاكليريكية لتفضي إلى طرد جماعة اليسوعيين من جميع الأقطار تقريبا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. ونشط المركيز بومبال-وهو وزير حاكم في البرتغال-نشاطاً ملحوظا في حركة العداء لليسوعيين. ففي عام 1750 رتب إبرام معاهدة بمقتضاها نزلت البرتغال لأسبانيا عن مستعمرة سكرمنتو، على مصب ريو دلا بلاتا، لقاء أراض أسبانية أبعد منها شمالا-شملت سبع مستوطنات يسوعية تضم ثلاثين ألف هندي. وراجت خلال ذلك شائعة تزعم أن بهذه الأراضي ذهبا وأن اليسوعيين يختزنوه. وأمرت السلطات البرتغالية الآباء والأهالي بالرحيل عن المستوطنات السبع خلال ثلاثين يوما.

أما اليسوعيين فاشاروا بالتسليم (كما توقع الناس)، وأما الهنود فآثروا المقاومة، وردوا الهجمات البرتغالية طوال سنوات خمس. ولكن في عام 1755 جلب الجيش البرتغالي المدفعية، وذبح المئات من الهنود، أما الباقون ففروا إلى الغابات أو استسلموا، واصدر الرؤساء اليسوعيون في أوربا لمرءوسيهم الأمر بالعودة إلى أسبانيا. وهكذا اختتمت تجربة »المسيحية السعيدة« كما سماها موراتوري(53). أما قصة المبعوثين اليسوعيين في أمريكا الشمالية فهي أشهر، ويكفي أن نلم بها إلمامة سريعة لنحيط بمجال النشاط اليسوعي في هذه الحقبة. فقد دخلوا المكسيك عام 1572 وشاركوا في تحويل الوطنيين بسرعة إلى المسيحية، ولكن عبء هذه المغامرة الأكبر وقع على كاهل الدومنيكان والفرانسسكان. وترك الفرنسسكان قافلة من البعثات والهيئات اللطيفة للرهبان »المتسولين« على طول الطريق من المكسيك إلى المدينة الفاتنة التي تحمل أسم مؤسس طريقتهم. ولقي كثير من اليسوعيين العذاب وأبشع الميتات في محاولتهم ضم الهنود إلى حظيرة الكاثوليكية. من ذلك أن إسحاق يوجس شوه جسده واستبعد ثم قتل. أمان جان دبريبوف، وجابرييل لالمانت، وأنتوني دانيال، وغيرهم من اليسوعيين، فقد احرقوا أو غلوا على النار خلال عامي 1648-49. قد نختلف مع هؤلاء الرجال على اللاهوت الذي حاولوا بثه، ولكن يجب أن نحترم إنسانيتهم وإخلاصهم، ولو لمجرد كونهما النقيض المؤسف لقسوة المستعمرين والمسيحيين وجشعهم، هؤلاء الصيادين الجلابين للرقيق، الذين شكوا من أن نشاط المبشرين الإنساني يحول دون تحضير الهنود.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاضطهاد ثم التعافي

كلية بوسطن حيث أكبر تجمع للجزويت في العالم

الجزويت اليوم

Jesuits in the World (2007)[5]: 91 Provinces and 12 Dependent Regions: 3 in Africa, 4 in the Americas and 5 in Asia-Oceania.
Region Jesuits Percentage
South Asia Assistancy 4,018 20.9%
United States of America 2,952 15.4%
South Europe 2,448 12.7%
West Europe 1,958 10.2%
East Asia-Oceania 1,672 8.7%
South Latin America 1,513 7.9%
Africa 1,430 7.4%
North Latin America 1,374 7.2%
East Europe 1,119 5.8%
Central Europe 732 3.8%

الروحانية الإغناطية

Sacred Heart of Jesus. According to Benedict XVI, the Jesuits have always been "extremely active in the promotion of this essential devotion."
Visit of Benedict XVI to the Pontifical Gregorian University, "one of the greatest services the Society of Jesus carries out for the universal Church."

ينقسم أعضاء هذه الطائفة إلى خمسة أقسام:

1- الأعضاء الزمنيين: وهم الذين يمكثون سنة تحت التمرين تؤخذ عليه عهود بسيطة ويشتغلون بأعمال يدوية ويؤدون الوظائف الدنيئة.

2- الأعضاء الجدد: وهم شبان متعلمون معتني بانتخابهم. يحرم عليهم الاشتغال بأي درس مدة سنتين ولا تؤخذ عليهم عهود ، وبعد مضي السنتين يسمح لهم بدراسة الأدب والفلسفة والعلوم ، فإذا بلغوا الثامنة والعشرين أو الثلاثين بدأوا بدراسة علم اللاهوت ثم عينوا قسوساً وإذ ذاك ينقطعون سنة كاملة عن كل درس أو اختلاط مع الناس، وتسمى هذه السنة بمدرسة القلب وبعدها تؤخذ عليهم العهود المقررة.

3- الأعضاء المسمين بالتلاميذ: هم رجال متعلمون أخذت عليهم العهود السرية المقررة ووظيفتهم الدعوة والإرشاد وقيادة الضمائر.

4- الأعضاء الروحيون: وهم أرقى من السابقين تؤخذ عليهم عهود عالية ووظيفتهم مساعدة الأساتذة.

5- الأساتذة: وهم الطبقة العليا من هذه الطائفة اختيروا من خلاصة الأشياع وهم الأعضاء الحقيقيون لجماعة الجزويت العارفون بأسرار طائفتهم ولأجل أن يبلغ الرجل إلى هذه المكانة يجب عليه أن يتعهد برعاية الرهبنة وإيثار الفقر والإخلاص المطلق للبابا وأن يقبل أي مهمة تسند إليه.

رئاسة هذه الطائفة تسند إلى واحد من قسم الأساتذة يشغلها مدة حياته. وعليه أن يقيم بروما وله سلطة مطلقة على أشياعه اتباعاً لهذا الأصل الذي وضعه ـ انياس لايولا ـ مؤسس هذه الطائفة وهو «على كل عضو من هذه الطائفة أن يطيع كما لو كان جثة هامدة أو عصا في يد رجل هرم».

ولما جاء البابا جول الثالث زاد في امتيازاتهم فجعلهم غير خاضعين لأي سلطة في الأرض إلا سلطته وسلطة رئيسهم وقد عرف الجزويت كيف يستفيدون من هذا المركز الاستثنائي فبذلوا جهدهم لتحقيق أمنيتهم وهي قيادة العالم والسيطرة على أرواحهم.

تذرع هؤلاء الناس بالصبر والحلم والمداخلات والثبات ، فلم يهنو أمام كارثة ، ولم يتشددوا أمام جبار كيلا يكسرهم ، بل عرفوا كيف يدارون وكيف يتدخلون ويحتاطون بالأكابر والأصاغر كل على قدر عقله ورتبته حتى أنك كنت تجدهم مع الملوك وعند نديماتهم ومع القادة والمقودين على السواء لذلك لم يحدث حدث سياسي أو اجتماعي إلا ولهم يد فيه ، فكانوا يؤيدون الوزراء أو يسقطونهم ، ويهيئون الثورات أو يفشلونها ، ويروجون الإشاعات ويبطلونها ، فكانوا همالحاكمين حقيقة خلف كل ملك ووراء كل قائد آمر.

كان مما قرره مؤسس طائفتهم عليهم من القيام على هيئة من الهيئات أنه يجب على كل منهم أن يكون رأسه منخفضاً إلى الأمام غير مائل إلى أحد الجانبين ، وأن تكون عينه دون مخاطبه بحيث لا يراه إلا اختلاساً ، ويجب أن تكون شفتاه لا مفرطتين في الانطباق ولا مفتوحتين ، وأن لا يجعد جبهته ولا أنفه وأن يظهر مسروراً محبوباً لا حزيناً عبوساً.

كانت كل مجهودات الجزويت ترمي إلى غرض واحد وهو توزيع جيشهم الجرار في كل مكان بحيث إذا أعطيت لهم إشارة قاموا دفعة واحدة في آن واحد لتحقيق مراد داعيهم الأكبر.

ثبت تدخل الجزويت في الجرائم السياسية كمقتل هنري الرابع ، فاضطرت بعض الأمم لطردهم من بلادها فقد طردوا سنة (1578) م من أنفير ، وسنة (1598) م من هولاندا ، حيث ثبتت عليهم المؤامرة على قتل موريس ناسو ، وسنة (1618) م من بوهميا ، وسنة (1619) م من مورافيا وسنة (1643) م من مالطة ، وسنة (1723) م من روسيا ، وسنة (1759) م من البرتغال حيث تآمروا على قتل الملك ، وسنة (1767) م من أسبانيا حيث كدروا صفو الأمن العام ، وسنة (1767) م من سيسيليا ، وسنة (1786) م من بارم.

اشتهر الجزويت في جميع أقطار الأرض بتحريك السواكن والعمل في الخفاء لأغراض بعيدة ، فرمتهم الأمم عن قوس حتى أن البابا كليمان الرابع عشر لما اضطر لتحسين سياسته مع ملوك أوروبا إلى إقفال مدرستهم في روما سنة (1772) م ، ثم أصدر أمره في السنة التالية بمحو طائفتهم.

كان عدد الجزويت عند نكبتهم هذه (22559) فلم تنثن عزيمتهم ولم تفتر همتهم بل ضموا صفوفهم وجعلوا لهم رئاسة سرية ، فلما تولى البابوية بي السابع أعاد اعتبار طائفتهم سنة (1801) م تحت اسم طائفة القلوب المقدسة وتمكن سنة (1814) م من إصدار أمر بابوي ملغيا لأمر كليمانس الرابع عشر وأعاد لطائفة الجزويت حقوقها كافة ، ولكنها لتهم أفرادها ومداخلاتهم استجلبت سخط الممالك من جديد فابتدأت تطاردها.

امتازت طائفة الجزويت بغرض بعيد وهو أنها رأت أن المسيحية جاءت لتخلع الناس عن هذه الحياة فلم تنجح وحاول رجال القرون الوسطى أن يعيدوا شباب مبادئها هذه ففشلوا فكان الفارق بين المسيحية وروح العصور كبيراً جداً فأراد الجزويت أن يخففوا من هذا التشدد ليجذبوا الناس إلى ديانتهم.

رأوا أن الناس كلهم لا يأتون إليهم فذهبوا هم إلى الناس ورأوا أنهم لا يحضرون إلى الكنائس فحملوا إلى الكنائس فحملوا الكنائس إليهم وآنسوا أنهم أصبحوا يحبون التقرب من الطبيعة فاعتبروها وجعلوا لها من مباحثاتهم شأناً وقال هنري مارتان الكاتب الفرنسي: فلو أضافوا إلى هذه الأغراض الحاذقة استقامة وحرية وروحاً دينية حقيقية لاستطاعوا أن يردوا إلى الطبيعة حقوقها بدون أن يمسوا بقوانين الحق والفضيلة الأزلية.

انظر أيضا

وصلات خارجية

  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/The Society of Jesus "|The Society of Jesus]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/St. Ignatius Loyola "|St. Ignatius Loyola]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/Distinguished Jesuits "|Distinguished Jesuits]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/History of the Jesuits Before the 1773 Suppression "|History of the Jesuits Before the 1773 Suppression]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/The Suppression of the Jesuits (1750-1773) "|The Suppression of the Jesuits (1750-1773)]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/The Jesuits During the Interim (1773-1814) "|The Jesuits During the Interim (1773-1814)]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/The Jesuits After the Restoration (1814-1912) "|The Jesuits After the Restoration (1814-1912)]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/Jesuit Apologetic "|Jesuit Apologetic]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)
  • Wikisource-logo.svg Pollen, J.H. (1913). [[wikisource:Catholic Encyclopedia (1913)/Jesuit Generals Prior to the Suppression of the Society (1541-1773) "|Jesuit Generals Prior to the Suppression of the Society (1541-1773)]"]. Catholic Encyclopedia. New York: Robert Appleton Company. {{cite encyclopedia}}: Check |url= value (help)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وثائق الكنيسة الكاثوليكية

وثائق الجزويت

مواقع الكترونية للجزويت في مختلف المناطق

أفريقيا
آسيا - اوقيانوسيا
اوروبا
أمريكا الشمالية
أمركيا الجنوبية

الإعلام

المصادر

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Cheney
  2. ^ النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، كارين آرمسترونغ، ترجمة محمد الجورا، دار الكلمة، طبعة أولى، دمشق 2005، ص.21
  3. ^ إغناطيوس دي لويولا، اليسوعيون، 16 مارس 2013. Archived 2017-12-04 at the Wayback Machine
  4. ^ لمحة عن القديس إغناطيوس دي لويولا، كلاديا، 16 مارس 2013. Archived 2016-03-14 at the Wayback Machine
  5. ^ Curia Generalis, Society of Jesus (2007-May-07). "News from the Curia (Vol. 11, N. 9)". The Jesuit Portal - Society of Jesus Homepage. Retrieved 2007-10-24. The annual statistics of the Society for 2006 have been compiled and will be mailed to the Provinces within a few days. As of January 1, 2007 the number of Jesuits in the world was 19,216 (364 fewer than in 2005)... {{cite news}}: Check date values in: |date= (help)