لؤي الأتاسي

لؤي الأتاسي

الفريق لؤي بن أحمد سامي بن ابراهيم أفندي بن محمد الأتاسي (1926 - 11 نوفمبر 2003) رئيس دولة سورية والقائد العام للجيش والقوات المسلحة.

ولد في حمص عام 1926. تخرج من الكلية الحربية بحمص عام 1948م، ثم تابع دراساته العليا في كلية أركان الحرب العربية. وارتقى في المناصب العسكرية حتى بلغ رتبة اللواء ثم الفريق، واشترك في الحرب العربية-الإسرائلية عام 1948م كقائد فصيل، ورجع منها بإصبع مقطوع من جراء إصابته برصاصة العدو في أحد المعارك. وعندما نهض الأتاسيون بانقلابهم على أديب الشيشكلي في 25 فبراير 1954 كان الأتاسي أحد المشتركين فيه إلى جانب العقيدين فيصل وزياد الأتاسيين، وقد كان لؤي الأتاسي أثناءها قائداً للشرطة العسكرية في حلب. [1] [2] [3]

تولى الأتاسي مهاماً عسكرية عدة ممثلاً فيها بلاده، فعين مرافقا عسكريا لرئيس الجمهورية آنذاك ابن عم والده الرئيس الجليل السيد محمد هاشم الأتاسي [2]، ثم عين ملحقاً عسكرياً مساعداً في السفارة السورية بجمهورية مصر قبل الوحدة، فمسؤولاً في إحدى الوحدات العسكرية بالإسكندرية أثناء الوحدة، ثم عين في مناصب عسكرية بسفارة الجمهورية العربية المتحدة بموسكو إلى أن عاد إلى بلاده في تشرين الأول عام 1961م[3].

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بعد الإنفصال

بعد انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة، بالإنقلاب الذي قام به عبد الكريم النحلاوي وحيدر الكزبري وموفق عصاصة في 28 سبتمبر 1961 [4] عاد الأتاسي إلى سوريا. وفي 28 آذار عام 1962م قامت حركة جديدة غرضها الإعتراض على حكومة الدواليبي قادها ضباط عدة في الجيش يترأسهم العقيد عبدالكريم النحلاوي، وقام قواد الإنقلاب الجديد باعتقال المجلس الوزاري وبعض النواب ورئيس الجمهورية الرئيس ناظم القدسي، ولكن سرعان ما اتضح أن قواد الحركة كانوا على خلاف فيما بينهم، إذ تلا ذلك عصيان حمص في 1 أبريل 1962م نظمه ناصريون وبعثيون ومستقلون عقدوا مؤتمراً، وكان الإجتماع قد حضره 41 ضابطاً انتدبوا عن قطاعات الجيش كافة ذلك، فكان العقيد الأتاسي أحد المؤتمرين، ممثلاً المنطقة الشمالية الشرقية بحكم كونه قائدها[5].

وتقرر في المؤتمر إبعاد بعض الضباط وإقصاؤهم إلى خارج البلاد كالنحلاوي والهنيدي وعبدالغني دهمان، وإعادة ترتيب هيئة القيادة في الجيش، ودراسة أمر الوحدة، ثم انتخب اللواء عبدالكريم زهر الدين قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة، وأعاد المجتمعون القدسي إلى رئاسته بشرط تشكيل حكومة جديدة بقيادة بشير العظمة[6].

ولكن بعض أنصار الوحدة قرروا الإنسحاب من المؤتمر والتمرد على مقرراته لما تبين أنها لم تكن في صالح الوحدويين كالعقيد جاسم علوان والمقدم محمد عمران، وحاول هؤلاء القيام بانقلاب عسكري في حلب لصالح الوحدويين الناصريين، فاستولوا على مبنى الإذاعة وطفقوا يطلقون شعارات الوحدة باسم الجمهورية العربية المتحدة، عندها طلبت الرئاسة العسكرية من الأتاسي الذي كان قائدا للمنطقة الشرقية في دير الزور التفاوض مع المتمردين باعتباره من مناصري الوحدة المقربين، فذهب إلى حلب لاخماد الشعلة، إلا أن هؤلاء لم يقبلوا بالتنازل، فأرسلت القيادة العامة طائراتها وقصفت معاقلهم في مبنى الإذاعة وغيره، وأتبعت ذلك بالمدرعات التي أحاطت بقواعدهم، فاضطروا للتسليم. [4] وأبعد بعد ذلك الأتاسي كملحق عسكري للسفارة السورية في واشنطن ذلك العام، ولكنه استدعي في أوائل العام التالي للإدلاء بشهادته في محاكمة ضباط حلب، فلما لم تتلاءم شهادته ورغبات صاحبي القرار في الجيش زج به في سجن المزة ليفرج عنه قبل أيام من قيام ثورة الثامن من آذار عام 1963م[8].


مشاركته في ثورة 8 آذار 1963

وقامت ثورة 8 آذار 1963 والتي جاء فيها البعث إلى الحكم، وقد كان لؤي الأتاسي أحد المرتبطين بها، فغدا أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة التسعة[9]. وكان من أول مقررات المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي تكون إثر قيامها هو ترقية العميد الأتاسي إلى رتبة الفريق وتعيينه قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة[10]. وفي 11 آذار (مارس) من ذلك العام عين المجلس الوطني لقيادة الثورة الفريق لؤي الأتاسي نائباً للحاكم العسكري العام في سوريا[11]، وفي 19 آذار (مارس) استقل الفريق الأتاسي الطيارة الرئاسية الخاصة (صالون) يصحبه صلاح الدين البيطار، وميشيل عفلق، والمقدم فهد الشاعر عضو المجلس الوطني لقيادة الثورة، والضابط محمد كنعان عثمان مدير مكتب الأتاسي، والضابط محمد سعيد الدباح المرافق العسكري للأتاسي، وعبدالهادي بكار، وتوجه لزيارة الرئيس جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر في مصر لمباحثة أمور الوحدة، وكان في استقبالهم في مطار القاهرة رئيس الوزراء علي صبري، ووصل القاهرة أيضا وفد عراقي، واستمرت المباحثات بين السوريين والمصريين والعراقيين حتى 17 نيسان 1963م، وتم في النهاية التوقيع على اتفاقية الوحدة الثلاثية. [5] [6] [7]

لؤي الأتاسي والرئيس جمال عبدالناصر يوقعان على ميثاق الصداقة والوحدة في القاهرة عام 1963

وفي 23 مارس 1963 تولى الأتاسي منصب رئيس المجلس الوطني لقيادة الثورة، والمخول بسلطات تنفيذية وصلاحيات إقالة الحكومة بأكثرية ثلثي الأصوات للمجلس، فكان بذلك ثاني رئيس للدولة السورية من الأتاسيين، بالإضافة لتوليه مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة، واستمر في منصبه حتى 27 يوليو من ذلك العام[13]. وإثر توليه رئاسة الدولة كلف الأتاسي الدكتور سامي الجندي لرئاسة المجلس الوزاري من 11 أيار إلى 13 أيار عام 1963 بموجب مرسوم، ثم كلف الأتاسي صلاح الدين البيطار برئاسة مجلس الوزراء بمرسوم صدر في 13 أيار عام 1963م[14].

وفي خلال مدة رئاسته للمجلس الوطني تم إعلان ميثاق الوحدة الثلاثية (مع العراق ومصر) وإبرام مجلس الثورة لها (وإن لم تأت تلك الوحدة إلى حيز الوجود)، وتأميم المصارف السورية، وتشكيل منظمات الحرس القومي المرتبطة مباشرة بمجلس قيادة الثورة والتي أعلن عنها الأتاسي، وقد انضم إلى الحرس القومي 30,000 متطوع[15].

لؤي الأتاسي رئيس دولة سورية في الوسط مع جمال عبدالناصر إلى يساره، ورئيس وزرائه صلاح الدين البيطار إلى يمينه في مصر عام 1963

وفي تموز (يوليو) زار الأتاسي الرئيس عبدالناصر في مصر مجددا لإكمال مباحثات الوحدة، وفي أثناء تواجده في مصر نظم الناصريون بقيادة جاسم علوان محاولة انقلاب في 18 تموز (يوليو) من عام 1963م، وجرت معارك حربية بين أطراف قواد البعث، ولكن المنقلبين خرجوا غير منتصرين وأعدم عدد منهم، وبسبب ذلك، ولأنه وجد أن كلا الطرفين السوري والمصري قد سلكا مسارين منفصلين بحيث تعذر أمر الوحدة، رأى الأتاسي أن مبرر وجوده على رأس الدولة قد زال، فقدم استقالته بعد عودته إلى سورية، وحاول آنها نور الدين الأتاسي وأمين الحافظ جاهدين أن يرجعوه عن قراره مترددين على مكتبه لعدة أيام، ولكنه أصر على الاستقالة فقبلت استقالته أخيرا في 27 تموز 1963م، عندها اختير أمين الحافظ محل الأتاسي في رئاسة المجلس الوطني لقيادة الثورة ورئاسة الدولة. [8]

اعتزاله السياسة

واعتزل المترجم السياسة من بعد ذلك حتى تناقل إلى سمعي أنه اختير مؤخراً في أواخر عام 2000 ليصبح مستشاراً في القصر الجمهوري.

اشتهر الأتاسي في البلاد العربية أجمع بجهوده في محاولة توحيد البلاد العربية وخاصة مصر وسورية، وله عند الكثير من المصريين معزة لأجل ذلك، ولا زال شعب مصر يذكره ويذكر محادثاته الشهيرة مع عبدالناصر، هذا ويجدر بالذكر أن الأتاسي أسس النادي الثقافي بحمص وتولى رئاسته بين عامي 1942-1946[17].

تراجمه

جاءت ترجمته وذكر أعماله السياسة في العديد من المؤلفات التاريخية وكتب التراجم فمنها:

  • "الموسوعة التاريخية الجغرافية" للخوند،
  • "موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين" للبواب،
  • "موسوعة السياسة"،
  • Who`s Who in the Arab World،
  • Who`s Who in the World
  • International Who`s Who
  • The Middle East
  • Political Dictionary of the Arab World (Shimoni)

وغيرها من مؤلفات تاريخية وسياسية ومذكرات السياسيين.

وفاته

وجاءه المنون في صباح 19 رمضان 1424 هـ الموافق 11 نوفمبر 2003، ونعاه إلى آل الأتاسي عميدهم، سيدي زياد بن خليل الأتاسي، وتوافدت التعزيات والبرقيات إلى منزول آل الأتاسي وتوالت الوفود من الحكومة والجيش إلى المنزول للتعزية بموته، وشيع جثمانه -الذي لف بالعلم السوري- بموكب رسمي حافل حضره الدكتور غسان اللحام وزير الدولة للشؤون الرئاسية ممثلا رئيس الدولة ومحافظ حمص صبحي حميدة واللواء خيرو عطية حسين قائد المنطقة الوسطى وعدد من النواب والمسؤولين بدأ من مستشفى حمص العسكري إلى مسجد خالد بن الوليد حيث صلي على جثمانه وانتهى بمقبرة آل الأتاسي حيث وري الثرى.

المصادر

  1. ^ الأهرام. جريدة الأهرام اليومية-9 آذار 1963-العدد 27847-الصفحة الأولى, 9 مارس 2007. قـُرأت في 16 مارس 2007
  2. ^ الأهرام. International Who s Who (1992-93)-56th Edition, p 70, 1993. قـُرأت في 16 مارس 2007
  3. ^ الخوند. الموسوعة التاريخية الجغرافية-الخوند-الجزء العاشر، ص 231, 1993. قـُرأت في 16 مارس 2007
  4. ^ موقع آل الأتاسي. هذا ما رواه لي بنفسه الفريق الأتاسي في مقابلتي معه في حمص في مايو 2003، كما حدثني بذلك السيد جابر بن برهان الدين بن ابراهيم بن محمد الأتاسي، أما عدد من الكتب التاريخية فتذكر أن الأتاسي كان على رأس المتمردين في حلب الذين قاموا بمحاولة الانقلاب لصالح الوحدة وأنه كان آنها قائدا لحامية حلب، انظر مثلا الكتب التاليةHafez El-Assad: Le Parcours D’un Combattant-Bitterlin-p52 ، ومذكرات الدكتور عبداللطيف اليونس-ص 461، و هؤلاء حكموا سوريا-المدني-ص 144، وذكريات وخواطر-أسعد الكوراني- ص 366، والحقيقة أنه لم يكن قائدا لمنطقة حلب بل كان في دير الزور قائدا للمنطقة الشرقية في ذلك الوقت، وإنمما كان من المتعاطفين مع أنصار الوحدة., 2007. قـُرأت في 16 مارس 2007
  5. ^ عبدالهادي بكار. أسرار سياسية عربية (عبدالهادي بكار)-ص 37، وجريدة الأهرام اليومية-20 آذار 1963-العدد 27858-الصفحة الأولى. ويجدر بالذكر أن الرئيس عبدالناصر كان يتعامل مع الأسرة الأتاسية كثيراً في سياسيته مع سورية منذ اعتلائه منصب رئاسته وحتى وفاته عام 1970م، وذلك بحكم مراكز رجال هذه الأسرة كرؤساء للدولة والحكومة ووزراء وقواد عسكريين ونواب في مجلس الأمة ورؤساء لأحزاب سياسية، فقد تقابل عبدالناصر مع كثير من هؤلاء وتداول معهم شؤوناً سياسية مختلفة باختلاف الظروف وتباين الانتماءات لهؤلاء الساسة، فمن الذين التقوا بالرئيس عبدالناصر من الأتاسية الرئيس الجليل هاشم الأتاسي، وفيضي الأتاسي، وعدنان الأتاسي، وشوقي الأتاسي، ولؤي الأتاسي، وجمال الأتاسي، ونور الدين الأتاسي وغيرهم., 9 مارس 2007. قـُرأت في 16 مارس 2007
  6. ^ الأهرام. جريدة الأهرام اليومية-20 آذار 1963-العدد 27858-الصفحة الأولى., 3 مارس 1963. قـُرأت في 16 مارس 2007
  7. ^ Kerr. كتاب The Arab Cold War لمؤلفه Kerr يجد الباحث تفصيلات للمباحثات التي دارت بين لؤي الأتاسي وعبدالناصر في اجتماعاتهما، وقد أخذ المؤلف بعض مادة الكتاب من الأتاسي نفسه كما أخبر في المقدمة., 9 مارس 2007. قـُرأت في 16 مارس 2007
  8. ^ لقاء شخصي. هذه رواية الفريق الأتاسي لي، وكذلك رواية السيد جابر الأتاسي، مع أن عددا من الكتب التاريخية قد تذكر أن الأتاسي لعله كان له يد في محاولة انقلاب 18 تموز، أو أنه نحي عن منصبه مجبرا، انظر مثلا: Hafez El-Assad: Le Parcours D’un Combattant-Bitterlin-p58، والموسوعة التاريخية الجغرافية-الخوند-الجزء العاشر، ص 231، وهؤلاء حكموا سورية-المدني-ص 151، ولكن الحقيقة أنه لم يتحمل وزر دماء الذين أعدموا في 18 تموز عام 1963، وكان يعتبر نفسه وحدويا معتدلا بين ناصريين وبعثيين. وفي كتاب الحكومات السورية في القرن العشرين-جمعة وظاظا-ص 102-103 ذكر المرسوم الذي قبلت فيه استقالة الأتاسي في 27 تموز عام 1963م., 3 مارس 1963. قـُرأت في 16 مارس 2007