تاريخ البندقية

الارتباطات التاريخية

تاريخ البندقية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأصول والتاريخ

موقع البندقية في إيطاليا وبحيرة البندقية

بالرغم من عدم وجود سجلات تاريخية تتعامل مباشرة مع أصول البندقية, فالأدلة المتوافرة دفعت العديد من المؤرخين للإتفاق على أن السكان الأصليين للبندقية ضموا لاجئين من مدن رومانية مثل پادوا, أكويليا, ألتينو و كونكورديا (پورتوگروارو المعاصرة) الذين فروا أمام موجات متتالية من الغزوات الجرمانية.[1]


البندقية 451-1095

البندقية

وبينما كانت هذه الأحداث تجري في مجراها إذا ولدت دولة جديدة في الطرف الشمالي من شبه الجزيرة؛ قدر لها أن تزداد قوة وعظمة حين كانت الفوضى تضرب بجيرانها على الجزء الأكبر من إيطاليا. وتفصيل ذلك أن سكان أكويليا Aquileia، وبدوا، وبلونو Belluno، وفلتري Feltre وغيرها من المدن فروا في أثناء غارات القبائل الهمجية في القرن الخامس والسادس-وبخاصة في أثناء غارة اللمبارد في عام 568-لينجوا بأنفسهم من الهلاك وينضموا إلى صيادي السمك المقيمين في الجزائر الصغيرة التي كونها نهر البياف Piav والأديج Adige في الطرف الشمالي من البحر الأدرياوي. وبقى بعض هؤلاء اللاجئين في هذه الجزائر بعد انتهاء الأزمة، وأنشئوا فيها محلات: هرقلية، وملامكو Melamocco وجرادو Grado، وليدو Lido... وريفو ألتو Rivo Alto (النهر العميق). وقد أضحت هذه المحلة الأخيرة التي سميت فيها بعد ريالتو Rialto عاصمة حكومتهم المتحدة (811). وكانت قبلية من الفنيتي Veneti قد احتلت شمالي إيطاليا قبل عهد يوليوس قيصر بزمن طويل، وأطلق اسم فنيزيا Venezia في القرن الثالث عشر على المدينة الفذة التي نشأت حيث كان يقيم اللاجئون.

وكانت الحياة فيها شاقة في بادئ الأمر، فكان من الصعب الحصول على الماء العذب، لأن قيمته لم تكن تقل عن قيمة الخمر. وأرغمت الظروف البنادقة-أهل فنيزيا-لأن يصبحوا أهل سفن وتجارة لاضطرارهم إلى استبدال القمح وغيره من السلع بما يحصلون عليه من البحر من سمك وملح؛ وما لبثت تجارة أوربا الشمالية والوسطى أن أخذت تنساب تدريجياً عن طيق الثغور البندقية. وأقر أن المدن البندقية الجديدة بسيادة بيزنطية عليه ليحمي نفسه من الألمان واللمبارد، ولكن مركز هذه الجزائر المنيع في مياهها الضحلة وتعذر الهجوم عليها براً أو بحراً لهذا السبب، مضافاً إلى جد أهلها وجلدهم، وازدياد الثراء الناتج من انتشار تجارتها، كل هذا قد وهب الدولة الصغيرة سيادة واستقلالاً غير منقطعين مدى ألف عام.

پياتزا سان ماركو في البندقية.

وظل اثنا عشر تربينوناً-يبدو أن كل واحد منهم كان يشرف على شئون جزيرة من الجزائر الاثنتي عشرة الكبيرة-يصرفون شئون الحكم حتى عام 697 حين أحست هذه العشائر بحاجتها إلى سلطة عليا موحدة، فاختارت أول دوج أو دوق أو زعيم doge, dux يتولى شئون الحكم حتى ينزله الموت أو تنزله الثورة عن عرشه. ودافع الدوج أجنلو بدور Agnelle Badoer (809-827) عن المدينة ضد الفرنجة دفاعاً أظهر فيه من ضروب المهارة ما جعل الأدواق فيما بعد يختارون من سلالته حتى عام 942. وثأرت البندقية لنفسها في عهد أرسلو Orsello الثاني (991-1088) من غارات القراصنة الدلماشيين بأن هاجمت معاقلهم واستولت على دلماشيا، وبسطت سيادتها على البحر الأدرياوي. وشرع البنادقة في عام 998 يحتفلون في عيد الصعود من كل عام بهذا النصر البحري وبهذه السيادة الاحتفال الرمزي المعروف عندهم باسم اسبوزاليزيا (sposalisia): فكان الدرج يقذف في البحر من سفينة مزينة بهجة بخاتم مدشن، وينادي باللغة اللاتينية: "إننا نتزوجك أيها البحر، دليلاً على سلطاننا الحق الدائم"(7). وسَرَّ بيزنطية أن تقبل البندقية حليفاً لها مستقلاً، وكافأتها على صداقتها النافعة بامتيازات تجارية في القسطنطينية وغيرها وصلت تجارة البندقية بفضلها إلى البحر الأسود بل تعدته إلى بلاد الإسلام نفسها.

جياد القديس مارك هؤلاء هم نسخة طبق الأصل من Triumphal Quadriga التي استولت عليها البندقية من القسطنطينية في 1204 وحـُمِلت إلى البندقية كغنيمة

وحدث في عام 1033 أن قضت أرستقراطية التجار على انتقال السلطة إلى الأدواق عن طريق الوراثة، وعادت مبدأ الانتخابات على يد جمعية من المواطنين، وأرغمت الدوج على أن يحكم بعدئذ بالاشتراك مع مجلس من الشيوخ. وكانت البندقية في ذلك الحين قد أصبحت تلقب "بالذهبية " (فنيسيا أوريا Venetia Aurea)، واشتهر أهلها بثيابهم المترفة، وبانتشار التعليم بينهم، وبإخلاصهم لوطنهم وكبريائهم. وكانوا أقواماً نشطين راغبين في الكسب، ماهرين، دهاة، شجعاناً، ميالين للنزاع، أتقياء، لا يحرصون على مبدأ، يبيعون العبيد المسيحيين للمسلمين(8)، وينفقون بعض مكاسبهم في بناء الأضرحة للقديسين. وكان في حوانيت ريالتو صناع ورثوا من إيطاليا الرومانية حذق أهلها الصناعي؛ وكانت تجارة محلية نشيطة تسير في قنواتها، هادئة ساكنة إلا من صيحات بحارة قواربها الأنيقة اللفظ؛ وكانت موانئ الجزائر تجملها السفن المغامرة تحمل منتجات أوربا وبلاد الشرق. وكانت قروض الرأسماليين تمول رحلات التجار البحرية، وتعود على أصحاب هذه الأموال بربح لا يقل عن عشرين في المائة في الأحوال العادية(9). واتسعت الهوة بين الأغنياء (الماجوري) والفقراء (المنيوري) حين ازداد ثراء الأثرياء، ولم ينقص فقر الفقراء إلا قليلاً. ولم يكن أحد يظهر الرأفة بالسذج البسطاء، فكان الكسب والثراء من نصيب الأسرع، والظفر من نصيب الأقوى. فكان الفقراء يمشون على الأرض العارية، وتنساب فضلات بيوتهم في الشوارع إلى القنوات؛ أما الأثرياء فقد شادوا القصور الفخمة، وسعوا لكسب رضاء الله والناس بإقامة أفخم كنيسة ميرى في العالم اللاتيني، وتبدلت واجهة قصر الدوج، التي شيدت أول مرة في عام 814 واحترقت في عام 976، وتغير شكلها مراراً عدة قبل أن تستقر على شكلها الحاضر الذي هو مزيج رشيق من الزخرف الإسلامي والصورة التي هي من مميزات عصر النهضة.

وحدث في عام 828 أن سرق بعض تجار البنادقة من إحدى كنائس الإسكندرية ما يظن أنه مخلفات القديس مرقس. واتخذت البندقية ذلك القديس شفيعاً لها وحاميها ونهبت نصف العالم لتواري عظامه. وبدئ بإنشاء كنيسة القديس مرقص الأولى في عام 830 ثم دمرتها النار في عام 976 تدميراً رأى معه أرسيولو Orseolo الثاني أن يبدأ كنيسة جديدة أوسع منها رقعة. واستدعى لهذا الغرض فنانين من بيزنطية أقاموها على نمط كنيسة الرسول المقدس في القسطنطينية- ذات سبع قباب فوق بناء صليبي. وظل العمل فيها جارياً نحو قرن من الزمان؛ وتم البناء الرئيسي بشكله الحاضر تقريباً في عام 1071، ودشن في عام 1095. ولما فقدت مخلفات القديس مرقس حين شبت النار في الكنيسة عام 976، وهدد فقدها قداستها، اتفق على أن يجمع المصلون في الكنيسة في يوم تدشينها ويدعوا الله أن توجد هذه المخلفات. وتقول إحدى الروايات المأثورة العزيزة على البنادقة الصالحين إن إحدى الأعمدة خر لدعواتهم، وسقط على الأرض، وكشف عن عظام القديس(10). وتهدم البناء وأصلح مراراً، وقلما مرت عشر سنين دون أن تشهد فيه تغييراً أو تحسيناً. وليست كنيسة القديس بطرس التي نعرفها الآن بنت تاريخ واحد أو عصر واحد، بل إنها سجل من الحجارة والجواهر لألف عام، فقد أضيفت في القرن الثاني عشر واجهة من الرخام إلى جدرانها المقامة من الآجر، وجيء بأعمدة مختلفة الأنواع من أكثر من عشر مدائن، وقم الفنانون البيزنطيون الذين اتخذوا البندقية وطناً لهم بعمل فسيفساء الكنيسة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وأخذ أربعة جياد برونزية من القسطنطينية حين استولى البنادقة عليها في عام 1204، ووضعت فوق البوابة الرئيسية، وأضاف الفنانون القوط في القرن الرابع عشر أبراجاً، وشبابيك مفرغة، وستاراً للضريح المقدس، وغطى مصورو عصر النهضة في القرن السابع عشر ونصف الفسيفساء بصور للجدران غير ذات شأن كبير. واحتفظ البناء العجيب في خلال هذا التغيير كله وهذه القرون الطوال بمميزاته ووحدته- فكان على الدوام بيزنطياً وعربياً، منمقاً وشاذاً غير مألوف: فهو من خارجها شديد البريق ذو أقواس، وأكتاف، وأبراج مستدقة، وأبواب، والتفافات لولبية، ورخام متعدد الألوان مغلف بالمعادن، وطنف منحوتة، وقباب بصلية الشكل. وهو من الداخل يحوي متاهة من العمد الملونة، ومثلثات مطلية بين العقود؛ ومظلمات قائمة، وخمسة آلاف ياردة مربعة من الفسيفساء، وأرضية مرصعة باليشب والعقيق وغيرهما من الحجارة الكريمة، وحظاراً زخرفياً خلف المذبح صنع عام 976 في القسطنطينية من المعادن الغالية والميناء ذات الحزوز، مثقلة بألفين وأربعمائة قطعة من الجواهر، ومقاماً خلف المذبح الرئيسي منذ عام 1105. وقد عدت الرغبة الجامحة في الزخرف كورها في كنيسة القديس مرقس كما عدته في كنيسة أيا صوفيا، فرأت أن تكرم الله بالرخاء والحلي، وأن تروع الإنسان، وتؤدبه، وتشجعه، وتواسيه بمائة مشهد ومشهد من الملحمة المسيحية من بداية الخلق إلى نهاية العالم. وكانت كنيسة القديس مرقس أسمى وأخص ما عبر به عن أنفسهم أقوام لاتين استحوذ عليهم الفن الشرقي حتى ملك عليهم مشاعرهم.

التوسع

من القرن التاسع إلى القرن الثاني عشر تطورت البندقية إلى دولة مدينة (an Italian thalassocracy or Repubblica Marinara, the other three being Genoa, Pisa, and Amalfi). Its strategic position at the head of the Adriatic made Venetian naval and commercial power almost invulnerable. The city became a flourishing trade center between Western Europe and the rest of the world (especially the Byzantine Empire and the Islamic world).

In the 12th century the foundations of Venice's power were laid: the Venetian Arsenal was under construction in 1104; Venice wrested control of the Brenner Pass from Verona in 1178, opening a lifeline to silver from ألمانيا; the last autocratic doge, Vitale Michiele, died in 1172.

استولت جمهورية البندقية على الشواطئ الأدرياتي قبل 1200، mostly for commercial reasons, because pirates based there were a menace to trade. The Doge already carried the titles of Duke of Dalmatia and Duke of Istria. Later mainland possessions, which extended across Lake Garda as far west as the Adda River, were known as "Terraferma", and were acquired partly as a buffer against belligerent neighbours, partly to guarantee Alpine trade routes, and partly to ensure the supply of mainland wheat, on which the city depended. In building its maritime commercial empire, the Republic acquired control of most of the islands in the Aegean, including Cyprus and Crete, and became a major power-broker in the Near East. By the standards of the time, Venice's stewardship of its mainland territories was relatively enlightened and the citizens of such towns as Bergamo, Brescia and Verona rallied to the defence of Venetian sovereignty when it was threatened by invaders.

أصبحت البندقية قوة امبراطورية في أعقاب الحملة الصليبية الرابعة، التي استولت على القسطنطينية in 1204 and established the Latin Empire; Venice herself carved out a sphere of influence known as the دوقية الأرخبيل. هذا الاستيلاء على القسطنطينية would ultimately prove as decisive a factor in ending the Byzantine Empire as the loss of the Anatolian themes after ملاذكرد. Though the Byzantines recovered control of the ravaged city a half century later, the Byzantine Empire was greatly weakened, and existed as a ghost of its old self until Sultan Mehmet The Conqueror took the city in 1453. Considerable Byzantine plunder was brought back to Venice, including the Winged Lion of St. Mark, symbol of Venice.

Situated on the Adriatic Sea, Venice traded with the Byzantine Empire and the Muslim world extensively. During the late thirteenth century, Venice was the most prosperous city in all of Europe. At the peak of its power and wealth, it had 36,000 sailors operating 3,300 ships, dominating Mediterranean commerce. During this time, Venice's leading families vied with each other to build the grandest palaces and support the work of the greatest and most talented artists. The city was governed by the Great Council, which was made up of members of the most influential families in Venice. The Great Council appointed all public officials and elected a Senate of 200 to 300 individuals. The Senate then chose the Council of Ten, a secretive group which held the utmost power in the administration of the city. One member of the great council was elected "doge", or duke, the ceremonial head of the city, who held the title until his death.

The Venetian governmental structure was similar in some ways to the republican system of ancient Rome, with an elected executive power (the Doge), a senate-like assembly of nobles, and a mass of citizens with limited political power, who originally had the power to grant or withhold their approval of each newly elected Doge. Church and various private properties were tied to military service, though there was no knight tenure within the city itself. The Cavalieri di San Marco was the only order of chivalry ever instituted in Venice, and no citizen could accept or join a foreign order without the government's consent. Venice remained a republic throughout its independent period and politics and the military were kept completely separate, except when on occasion the Doge personally led the military. War was regarded as a continuation of commerce by other means (hence, the city's early production of large numbers of mercenaries for service elsewhere, and later its reliance on foreign mercenaries when the ruling class was preoccupied with commerce).

Palazzo Contarini del Bovolo.

The chief executive was the Doge (duke), who, theoretically, held his elective office for life. In practice, a number of Doges were forced by pressure from their oligarchical peers to resign the office and retire into monastic seclusion when they were felt to have been discredited by perceived political failure.

وكانت البندقية أغنى دول إيطاليا وأقواها بعد ميلان، وكانت حكومتها أقدر الحكومات وأكثرها حزماً بلا استثناء. واشتهر صناعها اليدويون بجمال مصوغاتهم، وكانت كثرتها خاصة بتجارة مواد الترف. وكانت دار صنعتها البحرية تضم 16.000 رجل، و 36.000 بحار يسيرون 3300 سفينة حربية وتجارية. وكان الذي يسرون سفائنها بالمجاديف رجالا من الأحرار لا من العبيد كما جرت بذلك العادة في القرن السادس عشر. وكان تجار البندقية يغزون جميع الأسواق من بيت المقدس إلى أنتويرب، ويتاجرون مع المسيحيين والمسلمين على السواء، ولا يميزون بين أولئك وهؤلاء، وجروا على أنفسهم اللعنات البابوية التي كانت تتساقط عليهم كما يتساقط الظل على الأرض. وكان بترارك الذي جاب الآفاق من نابلي إلى فلاندرز ليشبع "حبه وتحمسه لرؤية كثير من الأشياء" يعجب أشد العجب من كثرة ما يرى من السفن في مياه البندقية:

"أرى سفناً... لا تقل حجماً عن قصري، وسارياتها أعلى من ستة أبراج، كأنها جبال تسبح فوق الماء، تخرج لتواجه ما لا يحصى من الأخطار في كل صقع من أصقاع العالم، تحمل النبيذ إلى إنجلترا، والشهد إلى روسيا، والزعفران والزيت ونسيج الكتان إلى آشور، وأرمينية، وبلاد الفرس والعرب، والخشب إلى مصر وبلاد اليونان، ثم تعود مثقلة بالحاصلات على اختلاف أنواعها فترسلها إلى جميع أنحاء العالم(54).

وكانت هذه التجارة العظيمة الواسعة تعتمد على الأموال الخاصة يجمعها ويستثمرها المرابون الذين أطلق عليهم في القرن الرابع عشر لقب "المصرفيين" Bancherii، وهذا الأسم الإيطالي مشتق من لفظ Banco أي المقعد الذي كانوا يجلسون عليه أمام نضدهم لمبادلة النقود. وكانت أهم وحدات النقد هي الليرا (واسمها مختصر من لبرا، أي رطل) والدوقات (من دوقا، أي دون أو دوج)، والثانية قطعة من النقد الذهبي زنتها 3560 جراماً وكانت هذه القطعة النقدية هي والفلورين الفلورنسي أكثر أنواع العملة ثباتاً وأعظمها تقديراً في العالم المسيحي .

وكانت الحياة هنا تكاد تبلغ من المرح ما بلغته مدينة نابلي في عهد بوكاتشيو. فكان البنادقة يحتفلون بأعيادهم وأيام نصرهم احتفالات فخمة، ويصنعون ويلونون سفنهم الخاصة بالنزهة وسفنهم الحربية، ويرتدون الحرائر الشرقية، وتتلألأ على موائدهم آنية الزجاج البندقية، وتعزف لهم الموسيقى في البيوت وعلى صفحة الماء.

ورأس الدوج لورندسو تشلسي Lorenzo Celssi يصاحبه بترارك مباراة بين أمهر الموسيقيين في إيطاليا، وأنشدت الأغاني على نغمات مختلف الآلات الموسيقية، وغنت فرق المغنيين، وكانت الجائزة الأولى من نصيب فرانتشيسكو لنديني Francesco Londini الفلورنسي، وهو مؤلف ضرير للقصص الشعرية والقصائد الغزلية. وكان لورندسو فينيدسيانو Lorenzo Veneziano وغيره ينتقلون وقتئذ بالمظلمات من صرامة العصور الوسطى إلى رشاقة النهضة ويبشرون ببهاء فن التصوير البندقي و زهاء ألوانه.

فكانت البيوت، والقصور، والكنائس ترتفع فوق البحر كالمرجان. ولم يكن في البندقية قصور كالقلاع او مساكن محصنة، أو أسوار ضخمة منيعة، لأن خصام الأفراد فيها سرعان ما كان يخضع لسلطان القانون، هذا إلى أنه يكاد يكون لكل بيت خندق من صنع الطبيعة، وظل التخطيط المعماري قوطياً كما كان، ولكنه يحوي من الرشاقة والخفة ما لا تجرؤ العمارة القوطية الشمالية أن تكونه. وشيدت في ذلك العهد الكنيسة الفخمة التي تحمل أسم القديسة ماريا جلوريوزا دي فراري Santa Maria gloriza dei Frari، وظلت كنيسة القديس مرقس بين الفينة والفينة ترفع وجهها القديم مزداناً بالجديد من التماثيل، والفسيفساء، والنقوش العربية، وتعلوها أقواس قوطية فوق عقود مستديرة من الطراز البيزنطي القديم. ولا يكاد بترارك يصدق أن ميدان القديس مرقس Piazza San Marco، "كان له مثيل في أية بقعة من بقاع العالم (55)" وإن لم يكن قد أحيط في ذلك الوقت بكل ما أحيط به من العمائر الفخمة.

ووجهت في عام 1378 ضربة مهلكة إلى هذا الجمال كله الذي كان ظله يتماوج منعكساً على مياه القناة العظمى، وهذا الصرح الموحد من نظامي الحكم والاقتصاد الذي كان يسيطر على إمبراطورية تشمل البحر الأدرياوي وبحر إيجة، وهو نفسه قائم في بقعة مائية صغيرة على سطح الأرض، وذلك حين بلغ النزاع القديم أوجه بين البندقية وجنوي. وسار لوتشيانو دوريا Luciano Doria على رأس أسطول حربي من جنوي إلى بولا Pola، ووجد الأسطول البندقي قد أضعفه وباء تفشى بين بحارته، وأوقع به هزيمة ساحقة استولى فيها على خمس عشرة من سفنه. وأسر نحو ألفين من رجاله. وقتل لوتشيانو في المعركة, ولكن أخاه أمير رجيو خلفه في إمارة الأسطول، واستولى على بلدة Chiogia -الواقعة على رأس ضيق في البحر على بعد خمسة عشر ميلاً أو نحوها جنوب البندقية نفسها. ثم عقد حلفاً مع بدوا وسد الطريق على جميع سفن البندقية، واستعد لغزو المدينة نفسها ببحارة من جنوي وجنود مرتزقة من بدوا. وظنت المدينة المزهوة بنفسها أنها عاجزة عن الدفاع فطلبت الصلح، ولكن الشروط التي فرضها المنتصرون كانت من الوقاحة والشدة بحيث رفضها المجلس الكبير، وصمم على الدفاع عن كل شبر من المياه الضحلة المتصلة بالبحر. وأخرج الأغنياء ما كانوا يخبئونه من المال وصبوه صبا في خزائن الدولة، وأخذ الأهلون يكدون ليلا ونهاراً لبناء أسطول جديد، وانشئت قلاع سابحة حول الجزائر، وجهزت بالمدافع التي ظهرت وقتئذ لأول مرة في إيطاليا (1379). ولكن أهل جنوي وبدوا كانوا قد حاصروا البندقية من ناحية البحر ثم مدوا حصاراً آخر من الجند على مداخلها البرية وقطعوا الطعام عن المدية. وبينما كان بعض أهلها يموتون جوعاً كان ڤيتورى پيزاني Vittore Pisani يدرب المجندين للأسطول الجديد. حتى إذا كان شهر ديسمبر من عام1379 قاد بيزاني والدوگه أندريا كونتاريني Andrea Contarini هذا الأسطول المجدد- وكان مؤلفا من أربع وثلاثين سفينة واطئة ذات سطح واحد، وستين مركباً كبيراً، وأربعمائة قارب صغير-ليحاصر به الغزاة الجنويين وسفائنهم عند كيوجيا. وكان أسطول جنوي أصغر من أن يواجه أسطول البندقية الجديد، وكانت مدافع البنادقة تصب على مراكب جنوي ومعاقل جنودها ومعسكراتهم حجارة زنة الواحد منها مائة وخمسون رطلا، وقتلت فيمن قتلت وهم كثيرون أمير البحر بيترو دوريا. ولم يجد الغزاة من أهل جنوي حاجتهم من الطعام ، فطلبوا أن يؤذن لهم أن يخرجوا النساء والأطفال من كيوجيا، واجابهم البنادقة إلى ما طلبوا، ولما أن طلب الجنويون أن يخضعوا إذا سمح لأسطولهم أن يعود إلى بلدهم، جاء دور البنادقة فطلبوا بلا شرط. ودام حصار البنادقة ستة أشهر حتى فت الموت والمرض في عضد الجنويين فاستسلموا، وعاملتهم البندقية معاملة كريمة رحيمة. ولما أن عرض أماديوس السادس Amadeus VI كونت سافوي أن يتوسط لحسم النزاع وافق الطرفان المنهوكا القوى، ونزل كلاهما عن بعض مطالبه، وتبادلا الأسرى، وجنحا إلى السلم (1381).

Though the people of Venice generally remained orthodox Roman Catholics, the state of Venice was notable for its freedom from religious fanaticism and it enacted not a single execution for religious heresy during the Counter-Reformation. This apparent lack of zeal contributed to Venice's frequent conflicts with the Papacy. Venice was threatened with the interdict on a number of occasions and twice suffered its imposition. The second, most famous, occasion was on April 27, 1509, by order of Pope Julius II (see League of Cambrai).

Venetian ambassadors sent home still-extant secret reports of the politics and rumours of European courts, providing fascinating information to modern historians.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اضمحلال البندقية

Venice’s long decline started when she sent troops to help defend Byzantine Constantinople against the besieging Turks (1453). After the city fell to Sultan Mehmet II he declared war on Venice. It lasted thirty years and cost Venice much of her eastern Mediterranean possessions. Next, Spain discovered the New World. Then Portugal found a sea route to India, destroying Venice’s land route monopoly. France, England and Holland followed them. Venice’s oared galleys could not traverse the open seas. She was left behind in the race for colonies.

In 1630, the plague killed a third of Venice's 150,000 citizens.[2] Venice began to lose its position as a center of international trade during the later part of the Renaissance as Portugal became Europe's principal intermediary in the trade with the East, striking at the very foundation of Venice's great wealth, while فرنسا and Spain fought for hegemony over Italy in the الحروب الإيطالية, marginalising her political influence. However, the Venetian empire was a major exporter of agricultural products and, until the mid-18th century, a significant manufacturing center.

العلاقات العسكرية والبحرية

Several gondolas docked in Venice
الجندول في البندقية
جندول في القناة الكبرى بجانب جسر ريالتو.

By 1303, crossbow practice had become compulsory in the city, with citizens training in groups. As weapons became more expensive and complex to operate, professional soldiers were assigned to help work merchant sailing ships and as rowers in galleys. The company of "Noble Bowmen" was recruited in the later 14th century from among the younger aristocracy and served aboard both war-galleys and as armed merchantmen, with the privilege of sharing the captain's cabin.

Though Venice was famous for its navy, its army was equally effective. In the 13th century, most Italian city states already were hiring mercenaries, but Venetian troops were still recruited from the lagoon, plus feudal levies from Dalmatia and Istria. In times of emergency, all males between seventeen and sixty years were registered and their weapons were surveyed, with those called to actually fight being organized into companies of twelve. The register of 1338 estimated that 30,000 Venetian men were capable of bearing arms; many of these were skilled crossbowmen. As in other Italian cities, aristocrats and other wealthy men were cavalrymen while the city's conscripts fought as infantry.

By 1450, more than 3,000 Venetian merchant ships were in operation, and most of these could be converted when necessary into either warships or transports. The government required each merchant ship to carry a specified number of weapons (mostly crossbows and javelins) and armor; merchant passengers were also expected to be armed and to fight when necessary. A reserve of some 25 (later 100) war-galleys was maintained in the Arsenal. Galley slaves did not exist in medieval Venice, the oarsmen coming from the city itself or from its possessions, especially Dalmatia. Those from the city were chosen by lot from each parish, their families being supported by the remainder of the parish while the rowers were away. Debtors generally worked off their obligations rowing the galleys. Rowing skills were encouraged through races and regattas.

Early in the 15th century, as new mainland territories were expanded, the first standing army was organized, consisting of condottieri on contract. In its alliance with Florence in 1426, Venice agreed to supply 8,000 cavalry and 3,000 infantry in time of war, and 3,000 and 1,000 in peacetime. Later in that century, uniforms were adopted that featured red-and-white stripes, and a system of honors and pensions developed. Throughout the 15th century, Venetian land forces were almost always on the offensive and were regarded as the most effective in Italy, largely because of the tradition of all classes carrying arms in defense of the city and official encouragement of general military training.

The command structure in the army was different from that in the fleet. By ancient law, no nobleman could command more than twenty-five men (to prevent against sedition by private armies), and while the position of Captain General was introduced in the mid-14th century, he still had to answer to a civilian panel of twenty "wise men". Not only was efficiency not degraded, this policy saved Venice from the military takeovers that other Italian city states so often experienced. A civilian commissioner (not unlike a commissar) accompanied each army to keep an eye on things, especially the mercenaries. The Venetian military tradition also was notably cautious; they were more interested in achieving success with a minimum expense of lives and money than in the pursuit of glory.


القرن 18

ملكة الأدرياتيك - جمهورية البندقية

بين ميلان والبندقية استرخت بعض المدن الصغرى. فـبرگامو اضطرت إلى أن تقنع في نصف القرن الذي نحن بصدده بمصورين مثل جيسلاندي، وبمؤلفين موسيقيين مثل لوكاتلي. وقدمت ڤـِرونا الأوبرات في مسرحها الروماني، وكانت محظوظة برجل مرموق هو المركيز فرانشسكو سكپيوني دي مافي. وقد قلد ڤولتير مسرحيته الشعرية (ميروبي) (1713) وأهداه في كرم مسرحيته (ميروب) باعتباره "أول كاتب أوتي من الشجاعة والعبقرية ما أعانه على المغامرة بكتابة مأساة تخلوا من الغزل، مأساة جديرة بأثينا في عزها، حيث تكون محبة الأم هي قوام المؤامرة كلها، وينبعث أرق ضروب التشويق من أطهر الفضائل(32)". وهناك عمل آخر لمافي أبرز حتى من مسرحيته تلك وهو "ڤـِرونا المصورة" (1731-32) وهو كتاب بدأ تحديد خطى علم الآثار. واعتزت مدينته به فأقامت له تمثالاً في حياته. وكانت ڤتشنتزا بمبانيها التي شيدها بلاديو كعبة يحج إليها المعماريون الذين يحبون الطراز الكلاسيكي. أما پادوا فكان بها جامعة اشتهرت بكليتي الحقوق والطب ولمه فيها جوزپى تارتيني، الذي اعترف به الجميع (عدا جمنياني) إماماً لعازفي الفيولينة الأوربيين، ومن الذي لم يستمع إلى موسيقى تارتيني "رعشة الشيطان"؟

هذه المدن كلها كانت جزءاً من جمهورية البندقية. وكذلك كانت تريفيزو وفريولي، وفلتري، وباسانو، وأوديني، وبللونو، وترنتو، وبولتسانو في الشمال، وإستريا في الشرق، وفي الجنوب امتدت دولة فينيتسيا مخترقة كيودجا وروفيجو إلى نهر بو، وملكت عبر الأدرياتيك كتارو وبريفيتسا وأجزاء أخرى مما يقع في يوغوسلافيا وألبانيا، وكانت تملك في الأدرياتيك جزائر كورفو وكفالونيا وزنطة. وسكن هذا الملك المعقد نحو ثلاثة ملايين من الأنفس كل منها يعد نفسه مركز العالم.

الحياة الڤـِنـِتسية

أما مدينة البندقية ذاتها عاصمة الجمهورية، فكانت تضم 137.000-نسمة. وكانت الآن في فترة اضمحلال سياسي واقتصادي، بعد أن استولى الترك على إمبراطوريتها الأيجية، وانتزعت دول الأطلنطي الكثير من تجارتها الخارجية. وكان فشل الحروب الصليبية، وإعراض الحكومات الأوربية بعد انتصارها في ليبانتو (1571) عن تقديم المعونة للبندقية في الدفاع عن مخافر العالم المسيحي الأمامية في الشرق، ولهفة تلك الحكومات على أن تقبل من تركيا امتيازات تجارية ضنت بها على أشجع أعدائها-هذه التطورات كلها قد خلفت البندقية في حال من الضعف أعجزها عن الاحتفاظ ببهائها أيام النهضة، ومن ثم أن ترعى بيتها هي-فتمنح مملكاتها الإيطالية والأدرياتية حكومة صارمة في القانون، والرقابة السياسية، والإشراف الشخصي، ولكنها كفء في الإدارة، متسامحة في الدين والأخلاق، متحررة في التجارة الداخلية.

وكانت تحكمها أوليجاركية شأن غيرها من جمهوريات أوربا في القرن الثامن عشر. وفي هذا الخليط من حطام السلالات المختلفة-انطونيين وشيلوكيين وعطيليين، وبين جماهير لم تصب من التعليم حظاً يذكر، بطيئة التفكير سريعة الحركة، تؤثر اللذة على السلطة، كان معنى الديمقراطية -لو استقرت فيها-هو الفوضى المتوجة. ومن ثم قصر الحق في عضوية المجلس الأعلى على نحو ستمائة أسرة تضمنها "الكتاب الذهبي" ولكن هذه الأرستقراطية الوطنية أضيفت لها إضافات حكيمة من صفوف التجار ورجال المال وإن كانوا من دم غريب. وكان المجلس الأعلى يختار السناتو، الذي كان يختار مجلس العشرة القوي النفوذ. وكان جيش من الجواسيس ينتقل في صمت بين المواطنين ويبلغ القضاة بأي تصرف أو كلام مريب يصدر من أي بندقي-حتى من الدوج نفسه. وكان الأدواج الآن عادة حكاماً صوريين وظيفتهم استقطاب الوطنية وتزيين الدبلوماسية.

وكان الاقتصاد يخوض معركة خاسرة ضد المنافسة الأجنبية ورسوم الاستيراد وقيود النقابات الحرفية. ولم تتوسع صناعة البندقية لتبلغ مرحلة المشروعات الحرة والتجارة الحرة والإدارة الرأسمالية، بل قنعت بشهرة حرفها. ولم يبق في صناعة الصوف التي كانت تشغل ألفاً وخمسمائة عامل في عام 1700 غير ستمائة في نهاية القرن، واضمحلت صناعة الحرير في الفترة ذاتها فلم يبق فيها غير ألف واحد بعد أن حفلت باثني عشر ألفاً. وقاوم صناع زجاج مورانو كل تغيير في الطرق التي أذاعت في الماضي شهرتهم في طول أوربا وعرضها، وتسربت أسرارهم إلى فلورنسة وفرنسا وبوهيميا وإنجلترا، واستجاب منافسوهم لما طرأ من تقدم على الكيمياء، وللتجارب التي أجريت في الصناعة، وهكذا ولى زمان المورانو. وبالمثل استسلمت صناعة الدنتلا لمنافسيها وراء الألب، فلم يحل عام 1750 حتى كان البنادقة أنفسهم يلبسون المخرمات الفرنسية. وازدهرت صناعتان: مصايد الأسماك التي استخدمت ثلاثين ألف رجل، واستيراد العبيد وبيعهم.

ولم يسمح للدين بالتدخل في أرباح التجارة أو لذات الحياة. ونظمت الدولة جميع المسائل المتعلقة بممتلكات الكنيسة وبجرائم رجال الدين. وكان اليسوعيون قد أعيدوا في 1657 بعد طردتهم في 1606، ولكن بشروط حدت من نفوذهم في التعليم والسياسة. ووجدت تعاليم فولتير وروسو وهلڤتيوس وديدرو طريقها إلى صالونات البندقية ولو بطريق الزوار رغم أن الحكومة حظرت استيراد مؤلفات الفلاسفة الفرنسيين، وداعبت الأرستقراطية في البندقية كنظيرتها في فرنسا الأفكار التي استنزفت قوتها. وقبل الناس الدين على أنه عادة لا شعورية تقريباً من عادات الشعائر والإيمان، ولكنهم كانوا يلهون أكثر مما يصلون. وقد وصف مثل بندقي أخلاقيات البنادقة بكل ما في الأبجرام من قصور، "في السباح قداس صغير، وبعد الغداء لعبة قمار صغيرة، وفي المساء امرأة صغيرة". وذهب الشبان إلى الكنيسة لا ليصلوا للعذراء ولكن ليدققوا النظر في النساء. وكان النساء برغم الغضبات الكنسية والحكومية يرتدين "الديكولتيه" الذي يكشف عن نحورهن وظهورهن وكانت الحرب المتصلة بين الدين والجنس تهيئ للجنس أسباب النصر.

وأجازت الحكومة البغاء المنظم إجراءاً واقياً لسلامة الشعب. واشتهرت غواني البندقية بجمالهن، ودماثة طباعهن، وفخامة لباسهن، وبذخ مساكنهن المشرفة على القناة الكبرى. وكان عدد المعروض من هؤلاء الغواني (Cortigiane) كبير، ولكنه رغم ذلك قصر على الوفاء بالطلب. وكان المقتصدون من البنادقة، والأغراب مثل روسو، يتجمعون معاً اثنين أو ثلاثة لينفقوا على محظية. ولكن النساء المتزوجات انغمسن في العلاقات الغرامية الخطرة رغم هذه التسهيلات، ولم يكتفين بمرافقيهن من "السادة الخدام"، واختلف بعضهن إلى الكازينوات التي وفرت فيها كل أسباب اللقاءات الغرامية. ووبخت الحكومة علناً عدة نساء نبيلات لسلوكهن المنحل، وأمرت بعضهن أن يلزمن بيوتهن، ونفت بعضهن خارج البلاد. ولكن الطبقات الوسطى كانت أكثر تعقلاً، وكان تعاقب النسل يشغل الزوجة ويشبع حاجتها لتلقى الحب وبذله. ولم تغدق الأمهات على أطفالهن في أي بلد آخر ما أغدقته في البندقية من عبارات الإعزاز الحارة. ومن عباراتهن المأثورة: (يا سبع القديس مرقص! يا بهجتي! يا زهرة ربيعي!).

أما الجريمة فكانت في البندقية أقل منها في أي بلد آخر في إيطاليا، فقد كبح جماح العدوان كثرة ضباط الشرطة والأمن ويقظتهم. ولكن القوم تقلبوا القمار على أنه عمل من أعمال الإنسان الطبيعية. ونظمت الحكومة يانصيباً في 1715. وافتتح أول نادٍ للقمار في 1638، وسرعان ما كثر عدد هذه الأندية العامة والخاصة التي تهرع إليها جميع الطبقات.

وكان في استطاعة مهرة المقامرين المخادعين من أمثال كازانوفا أن يعيشوا على مكاسبهم من القمار، في حين يخسر غيرهم مدخرات عام بأكمله في ليلة واحدة. وكان المقامرون ينحنون على مائدة القمار في حب صامت أحر من عشق الناس. أما الحكومة فكانت تتفرج بعين الرضى (حتى1774)، لأنها فرضت الضرائب على أندية القمار وبلغ إيرادها السنوي منها نحو 300.000 جنيه.

وأقبل العاطلون والأغنياء من شتى الدول لينفقوا مدخراتهم أو سني شيخوختهم وسط الاسترخاء الخلقي والمرح المطلق في الميادين والقنوات. وخفت حمى السياسة بعد أن تخلا الجمهورية عن إمبراطوريتها. ولم يجرِ حديث الثورة هنا على أي لسان، فقد كان لكل طبقة عاداتها وتقاليدها العاملة على الاستقرار، واستغراقها في الواجبات التي تقبلتها، هذا فضلاً عن المسرات المتاحة لها. وكان الخدم طيعين أوفياء، ولكنهم لا يطيقون الإهانة أو الازدراء. وكان ملاحو الجندول فقراء، ولكنهم ملوك البحيرات، يقفون على زوارقهم المذهبة في فخر وثقة بمهارتهم الموروثة عن الأسلاف، أو يدورون حول المنحنيات وهم يصيحون صيحات قوية غريبة أو يدندنون بأغنية تصاحب تمايل أجسادهم، وإيقاع مجاديفهم.

واختلطت الجنسيات المختلفة الكثيرة في الميادين. واحتفظ كل منها بميزة من زي ولغة وتبذل، وظلت الطبقات العليا ترتدي ما ارتدته في عز أيام النهضة، من قمصان من أرق الكتان، وسراويل من المخمل، وجوارب حريرية، وأحذية ذات مشابك، ولكن البنادقة هم الذين أدخلوا إلى غربي أوربا في هذا القرن لباساً تركياً هو السراويل الطويلة (البنطولونات). وكانت الباروكة قد وفدت من فرنسا حوالي 1665. وعني المتأنقون من الشباب عناية بالغة بلباسهم وشعرهم ورائحتهم حتى لقد صعب تمييز جنسهم. أما النساء العصريات فقد رفعن فوق رؤوسهن أبراجاً عجيبة من الشعر المستعار أو الطبيعي. وكان الرجال والنساء جميعاً يشعرون كأنهم عراة إذا لم يتحلوا بالجواهر والحلي. وكانت المراوح تحفاً فنية، ترسم في تأنق، وكثيراً ما كانت تغشى بالأحجار الكريمة أو تحوي منظاراً لعين واحدة (مونوكل).

وكان لكل طبقة أنديتها، ولكل شارع مقهاه، يقول جولدوني "في إيطاليا نتناول عشرة أقداح من القهوة كل يوم" وازدهرت كل ضروب الملاهي، من معارك الجوائز (Pugni) إلى المراقص التنكرية. وكلمة "بالون" (Balloon) مشتقة من لعبة كانت تسمى پالونى Pallone -فيها تنطط كرة منفوخة براحة اليد. وكانت رياضة الماء تكرر بانتظام. فمنذ 1315 كان يقام سباق Rcgatta في 25 يناير على القناة الكبرى، بين زوارق تسير بخمسين مجدافاً وتزين كما تزين عرباتنا في المعارض، ويبلغ الاحتفال ذروته بلعبة بولو مائية ينقسم فيها مئات البنادقة إلى جماعات متصاحبة متنافسة. وكان الدوج في عيد الصعود يمخر عباب الماء في أبهة من "سان ماركو" إلى الليدو على متن سفينة الدولة الفاخرة الزينة المسماة "بوتشنتورو" بين مئات من السفن الأخرى ليزف البندقية إلى البحر من جديد.

واتخذت العطلات الكثيرة أسماء وذكريات القديسين والمناسبات السنوية التاريخية، لأن مجلس شيوخ البندقية وجد أن الخبر والسرك بديل مقبول عن الانتخابات. في مثل هذه المناسبات كانت المواكب البهية تنتقل من كنيسة إلى كنيسة ومن ميدان إلى ميدان، وكانت الأبسطة الزاهية الألوان، وأكاليل الزهر والحرائر تتدلى من النوافذ أو الشرفات على الطريق، وكان هناك موسيقى سهلة، وأغنية دينية أو غرامية، ورقص رشيق في الشوارع. وألف النبلاء الذين يختارون للمناصب المرموقة أن يحتفلوا بانتصاراتهم بالعروض، والأقواس، وتذكرات النصر، والمهرجانات، وأعمال البر التي تكلفهم أحياناً ثلاثين ألف دوقاتية. وكان كل عرس مهرجاناً، ومأتم الوجيه من القوم أفخم حدث في حياته.

ثم كان هناك الكرنفال-ذلك التراث المسيحي من "ساتورناليا" روما والوثنية. وكانت الكنيسة والدولة تأملان أنهما إذا سمحتا بإجازة من الأخلاق استطاعتا التخفيف بقية العام من التوتر القائم بين الجسد والوصية السادسة. وكان الكرنفال في إيطاليا عادة لا يستغرق إلا أسبوعاً واحداً هو الأسبوع السابق للصوم الكبير، وفي بندقية القرن الثامن عشر امتد من 26 ديسمبر أو 7 يناير إلى "الثلاثاء السمين" Mardi Gras-Martedi Grasso وربما اتخذ المهرجان اسمه من ذلك اليوم الأخير من الأيام التي سمح فيها بأكل اللحم Carne Vale أي وداعاً للحم. وكان البنادقة في كل ليلة تقريباً من أسابيع الشتاء تلك، والزوار المتجمعون من طول أوربا وعرضها-يتدفقون على الميادين، يرتدون ملابس فاقعة الألوان، ويخفون سنهم ورتبهم وشخصياتهم وراء الأقنعة. وفي ذلك التخفي هزأ الرجال والنساء بالقوانين، وراجت سوق البغايا، وتطايرت قطع الحلوى، وقذف البيض الصناعي هنا وهناك لينشر ماءه المعطر حين ينكسر. وكانت شخصيات بانتالوني، وارلكينو، وكوامبينو، وغيرها من الشخصيات المحببة من المسرح الكوميدي تتبختر وتثرثر لتسلي الجمع المحتشد، ورقصت الدمى، وبهر السائرون على الحبال مئات الأنفاس. وكانت تجلب الحيوانات الغريبة لهذه المناسبة، كوحيد القرن الذي شوهد أول مرة بالبندقية في مهرجانات 1751 وفي منتصف الليلة السابقة لأربعاء الرماد (Mercoledi Della Conoi) تدق أجراس كنيسة القديس مرقص الضخمة مؤذنة بانتهاء الكرنفال، هنا يعود المعربد المنهك إلى فراشه الحلال، وبعد نفسه للاستماع إلى القسيس يقول له في الغد: "Memento, Homo, Quia Puia Pulvis es et in Pulvcrem Redieris" "تذكر يا ابن آدم أنك تراب وإلى التراب تعود".


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

البندقية المعاصرة

خريطة القلب التاريخي للبندقية.

After 1070 years, the Republic lost its independence when ناپليون بوناپرت on May 12, 1797, conquered Venice during the First Coalition. The French conqueror brought to an end the most fascinating century of its history: It was during the Settecento (1700s) that Venice became perhaps the most elegant and refined city in Europe, greatly influencing art, architecture, and literature. Napoleon was seen as something of a liberator by the city's Jewish population, although it can be argued they had lived with fewer restrictions in Venice. He removed the gates of the Ghetto and ended the restrictions on when and where Jews could live and travel in the city.

Venice became Austrian territory when Napoleon signed the Treaty of Campo Formio on October 12, 1797. The Austrians took control of the city on January 18, 1798. It was taken from Austria by the Treaty of Pressburg in 1805 and became part of Napoleon's Kingdom of Italy, but was returned to Austria following Napoleon's defeat in 1814, when it became part of the Austrian-held Kingdom of Lombardy-Venetia. In 1848-1849 a revolt briefly reestablished the Venetian Republic under Daniele Manin. In 1866, following the Seven Weeks War, Venice, along with the rest of Venetia, became part of Italy.

After 1797, the city fell into a serious decline, with many of the old palaces and other buildings abandoned and falling into disrepair, although the Lido became a popular beach resort in the late 19th century.

المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  1. ^ Bosio, Le origini di Venezia
  2. ^ Santa Maria della Salute Church