القوات الجوية الملكية السعودية
| القوات الجوية الملكية السعودية | |
|---|---|
| البلد | السعودية |
| جزء من | Saudi Arabian Armed Forces |
| الكنية | RSAF |
| الاشتباكات | Gulf War : Desert Shield Battle of Khafji Desert Storm Sa'dah Insurgency[1] |
| القادة | |
| Chief of Armed forces | محمد بن سلمان |
| أبرز القادة | خالد بن سلمان |
| الشارات | |
| RSAF Roundels | |
القوات الجوية الملكية السعودية، هي فرع القوات الجوية التابع لعسكرية السعودية. بعد القوات الجوية الإسرائيلية والقوات الجوية التركية تعتبر القوات الجوية السعودية هي ثالث أكبر قوات جوية من حيث القدرة القتالية في منطقة [[الشرق الأوسط [1]
مشتريات حديثة
مقالة مفصلة: صفقة اليمامة
التاريخ
في زمنٍ كانت فيه الطائرات لا تزال تُعد من معجزات العصر، وسماء الجزيرة العربية لا تعرف سوى أسراب الطيور، وُلدت الشرارة الأولى للطيران العسكري العربي من أرض الحجاز عام 1916، حين أُنشئت قوة الطيران الحجازية في عهد الشريف حسين بن علي.
كانت تلك القوة، رغم محدودية مواردها، أول وأقدم سلاح جو عربي، امتلكت عدداً بسيطاً من الطائرات البريطانية، مثل De Havilland DH-9، تُدار بأيدي طيارين أجانب وتُشرف عليها كوادر محلية في بدايات تعلمها لفنون الطيران والصيانة.
ومع اتساع رقعة توحيد البلاد، دخل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الحجاز عام 1925، فاستوعب أهمية هذا السلاح الجديد وأدرك دوره الحيوي في بناء الدولة الحديثة.
وبعد ضم الحجاز، آلت قوة الطيران الحجازية إلى جيشه، فاغتنم منها ست طائرات DH-9 وطائرتين من طراز BF-19، كانت تمثّل حينها نواة القوة الجوية الجديدة.
كما انضم إليه عدد من الطيارين والفنيين الذين خدموا مع الشريف حسين، إضافةً إلى مهندسين وفنيين روس ساهموا في تشغيل وصيانة الطائرات، مما أضفى طابعاً احترافياً مبكراً على القوة الوليدة.
وفي 25 ديسمبر 1925م، صدر القرار التاريخي بإعلان تأسيس قوة الطيران لمملكة الحجاز ونجد، لتبدأ بذلك أول تجربة طيران عسكري منظم في تاريخ الدولة السعودية الحديثة. لم يكن التأسيس شكليًا، بل جاء ضمن رؤية واضحة لبناء قوة جوية فاعلة، تعمل انطلاقًا من شبكة مطارات بدائية لكنها ذات أهمية استراتيجية، شملت مطار جدة كمركز رئيسي للتشغيل والصيانة، ومطار الطائف لدوره التدريبي والدفاعي، ومطار ينبع لدعم الاتصال والنقل على الساحل الغربي، إضافة إلى مطار جزيرة دارين و في المنطقة الشرقية، ومطار الرياض كرافد مهم في عمق الدولة، ومطار رابغ الذي خدم خطوط الربط الجوي الساحلي.
ولم يقتصر اهتمام الملك عبدالعزيز على ما توفر من طائرات، بل سعى لتطوير قدرات القوة الجوية، فأمر بشراء طائرات جديدة أكثر تطورًا من طراز Westland Wapiti Mk.IIA من بريطانيا، والتي وصلت إلى المملكة عام 1929م، لتمنح القوة الناشئة مستوى أفضل من الاعتمادية والأداء العملياتي.
ومع اتساع المهام وتزايد الحاجة إلى كوادر وطنية، جاء عام 1930م ليشهد تأسيس مدرسة الطيران السعودية الأولى، في خطوة سبّاقة هدفت إلى إعداد الطيارين والفنيين السعوديين لخدمة قطاع الطيران بشقيه العسكري والمدني. وقد شكّلت هذه المدرسة حجر الأساس في بناء العنصر البشري، الذي سيحمل لاحقًا مسؤولية تطوير هذا السلاح وحمايته.
وبحلول عام 1932م، ومع إعلان توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية، دخلت القوة الجوية مرحلة جديدة من تاريخها، حيث تغيّر مسمّاها رسميًا إلى سلاح الطيران السعودي، في خطوة عكست انتقالها من قوة ناشئة مرتبطة بمرحلة التأسيس، إلى ذراع جوية نظامية تابعة لدولة موحّدة ذات سيادة.
وفي تلك اللحظة المفصلية، كانت قوة الطيران الحجازية النجدية قد تجاوزت كونها تجربة محدودة الإمكانات، لتغدو نواة راسخة لسلاح جو وطني، تأسس على رؤية بعيدة المدى وإيمان عميق بأن السماء ستكون أحد ميادين السيادة والدفاع عن الوطن. ومن تلك المدارج البسيطة في جدة ودارين والرياض، بدأت رحلة امتدت قرنًا كاملًا، نحتفي اليوم بإنجازاتها ونستحضر مجدها في سماء المملكة.تطوّر الهيكل والتنظيم - من مهابط ترابية إلى شبكة سيادة جوية
شهدت القوات الجوية الملكية السعودية تطورًا متدرجًا في هيكلها القيادي والإداري، انتقلت خلاله من تشكيلات محدودة تعتمد على القيادة المباشرة إلى منظومة قيادة مركزية متكاملة، قادرة على التخطيط وإدارة العمليات الجوية على المستويات الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية. هذا التطور رافقه تعزيز صلاحيات القيادة الجوية، وتكاملها مع باقي أفرع القوات المسلحة ضمن إطار عمليات مشتركة عالية الكفاءة.
بدأت القوات الجوية عملها من مطارات بدائية ذات مدارج ترابية وإمكانات محدودة، قبل أن تشهد المملكة نقلة نوعية في البنية التحتية الجوية تمثلت في إنشاء شبكة واسعة من القواعد الجوية الحديثة، الموزعة استراتيجيًا على مختلف مناطق المملكة.
وتضم هذه الشبكة قواعد رئيسية ومحورية مثل قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران، قاعدة الملك سعود بحفر الباطن، قاعدة الملك خالد في خميس مشيط، قاعدة الملك فهد بالطائف، قاعدة الملك فيصل بتبوك، قاعدة الملك سلمان بالرياض، قاعدة الملك عبدالله بجدة، و قاعدة الأمير سلطان بالخرج وقاعدة الجوف الجوية ،إضافة إلى قواعد متقدمة عززت العمق العملياتي والجاهزية، من بينها قاعدة الهفوف المتقدمة، قاعدة حائل المتقدمة، وقاعدة بيشة المتقدمة.
وقد شكّلت هذه القواعد العمود الفقري للقدرة على الانتشار السريع، واستيعاب الأساطيل الحديثة، وإدارة العمليات الجوية المستمرة.
تزامن التطور العملياتي مع اهتمام مبكر ببناء الإنسان الجوي المؤهل، فأنشئت مؤسسات تعليمية وتدريبية متخصصة أسست لنهضة القوات الجوية.
انطلقت مدرسة الطيران عام 1930 كأولى اللبنات التدريبية، تلاها افتتاح مدرسة أعمال المطارات في 1936 وبعد ذلك تلاها افتتاح معهد الدراسات الفنية عام 1945 لإعداد الفنيين المتخصصين في صيانة وتشغيل الطائرات. وفي إطار بناء القيادات الجوية، افتُتحت كلية الملك فيصل الجوية وذلك في عام 1968 لتكون الصرح الرئيس لتخريج الطيارين وضباط القوات الجوية. كما تم إنشاء مدرسة الطيران العمودي المشترك في الطائف لدعم عمليات المروحيات وتكاملها مع بقية الأفرع.
وقد أسهمت هذه المؤسسات في خلق منظومة تدريب متكاملة تجمع بين الطيران، والهندسة، والقيادة.
مع دخول القرن الحادي والعشرين، تبنّت القوات الجوية الملكية السعودية أنظمة قيادة وسيطرة متقدمة، أبرزها C4ISR وC5ISR، ما أتاح ربط الأسراب الجوية ومراكز العمليات والقواعد ضمن شبكة واحدة لتبادل المعلومات في الزمن الحقيقي.
هذا التحول مكّن من دمج الاستطلاع والإنذار المبكر والضربات الجوية في منظومة موحدة، وعزز القدرة على إدارة المعارك الجوية المعقدة، والعمل المشترك مع القوات البرية والبحرية والدفاع الجوي بكفاءة عالية، وفق مفاهيم الحرب الحديثة متعددة المجالات.
المسيرة الزمنية للقوات الجوية
التحول المؤسسي والتوسع المبكر (1933– 1950)
مع إعلان توحيد المملكة العربية السعودية عام 1932م، دخل الطيران العسكري السعودي مرحلة جديدة من تاريخه، مرحلة انتقل فيها من كونه نواة ناشئة إلى مكوّن أصيل ضمن بنية الجيش السعودي للدولة الموحّدة. وبرغم محدودية الإمكانات المادية في تلك الحقبة، إلا أن رؤية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – كانت واضحة وحاسمة؛ فالقوة الجوية لم تكن ترفًا عسكريًا، بل أداة استراتيجية لحماية الوطن، وضمان تواصله، وبناء حضوره بين الأمم.
وخلال منتصف الثلاثينيات، بدأت ملامح التمكين الحقيقي تظهر بوضوح. ففي عام 1935م، أبرمت المملكة اتفاقًا مع إيطاليا لشراء أول حزمة متكاملة من الطائرات، ضمّت خمس قاذفات من طراز Caproni Ca.101، وثلاث طائرات نقل متعددة المهام، وطائرتين للتدريب من نوع Nove، إضافة إلى ثلاث طائرات تدريب من طراز Caproni Ca.100. وقد مثّل هذا التعاقد أول برنامج تسليح جوي منظم في تاريخ المملكة، جمع بين القتال والنقل والتدريب ضمن منظومة واحدة، وأسّس لبنية تشغيلية متكاملة للقوة الجوية السعودية.
وفي عام 1936م، اتُخذت خطوة لا تقل أهمية عن شراء الطائرات، حين أُرسلت أول بعثة من الطيارين السعوديين إلى إيطاليا للتدرب على الطيران والعمليات الجوية الحديثة. وبالتوازي مع ذلك، جرى الاتفاق على إرسال بعثة إيطالية متخصصة إلى المملكة لتطوير مدرسة الطيران في جدة، ضمّت مدربين وفنيين بقيادة النقيب شيكو (Chico)، إلى جانب فريق مختص بالصيانة وإنشاء حظائر الطائرات في كل من جدة والطائف، ما أسهم في رفع الجاهزية الفنية والتنظيمية للقوة الجوية.
وفي السابع والعشرين من يناير 1937م، شهدت مكة المكرمة حدثًا مفصليًا في تاريخ الطيران السعودي، حين نفذت الطائرات السعودية أول استعراض جوي في سماء المدينة المقدسة، بقيادة طيارين سعوديين أكملوا تدريبهم في إيطاليا. لم يكن ذلك العرض مجرد استعراض رمزي، بل إعلانًا واضحًا عن ميلاد الجيل الأول من الطيارين السعوديين المحترفين، وبداية مرحلة جديدة من الاعتماد على الكفاءات الوطنية.
وفي العام نفسه، تم تأسيس إدارة الطيران العربي السعودي، لتتولى الإشراف على شؤون الطيران المدني والعسكري معًا. مثّلت هذه الخطوة تطورًا إداريًا مهمًا، إذ أرست الإطار التنظيمي والقانوني لإدارة قطاع الطيران في المملكة، وأسهمت في توحيد الجهود وتنسيقها ضمن جهاز رسمي يعكس متطلبات الدولة الحديثة.
ومع استمرار التوسع، حصلت المملكة على طائرتين فرنسيتين من طراز Caudron C.286 خُصصتا لنقل كبار المسؤولين، في مؤشر مبكر على تنامي الدور الرسمي والدبلوماسي للطيران الحكومي، إلى جانب مهامه العسكرية.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومع بروز ملامح النظام الدولي الجديد، اتجهت المملكة إلى تعزيز تعاونها مع بريطانيا. ففي يونيو 1945م، تقدّم الملك عبدالعزيز بطلب رسمي لتطوير سلاح الجو السعودي وتدريب كوادره، وهو ما تُرجم إلى عرض بريطاني شمل تزويد المملكة بطائرتين من طراز Avro Anson للاستطلاع، وطائرتين من النوع ذاته لأغراض النقل، إضافة إلى ثلاث طائرات تدريب أساسي من طراز DH.82 Tiger Moth. كما أُرسلت بعثات سعودية إلى بريطانيا للتدرب على الطيران والصيانة، بالتزامن مع وصول بعثة تدريب بريطانية إلى المملكة بقيادة العقيد هيو بلاك (Hugh Black)، اتخذت من مدينة الطائف مقرًا رئيسيًا لأعمالها.
وبنهاية الأربعينيات، كانت المملكة قد وضعت الأسس الصلبة لسلاح جو وطني منظم، يمتلك طائرات متنوعة، ومدارس تدريب، وكوادر وطنية مؤهلة، وهيكلًا إداريًا واضح المعالم. لم يعد الطيران السعودي تجربة ناشئة، بل أصبح قوة قائمة بذاتها، تمهّد بثبات للمرحلة التالية من التحديث والتحول، التي ستشهدها البلاد مع دخولها عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية.
مع مطلع الخمسينيات، كان العالم قد خرج لتوّه من أتون الحرب العالمية الثانية، حاملاً معه ثورة عسكرية غيرت وجه الحروب إلى الأبد. فقد ظهرت الطائرات النفاثة، وتطورت أنظمة التسليح، وأصبحت السيطرة على السماء شرطًا أساسيًا لحسم أي صراع. وفي هذا المنعطف التاريخي الحاسم، دخل سلاح الطيران الملكي السعودي مرحلة تحول عميقة، انتقل فيها من قوة نامية تعتمد على الطائرات المكبسية، إلى نواة قوة جوية حديثة تسعى لمواكبة أحدث ما بلغته التكنولوجيا العسكرية آنذاك.
في عام 1950م، خطت المملكة خطوة استراتيجية بالغة الأهمية عبر التوصل إلى اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، شملت إرسال بعثة تدريب لتأهيل الطيارين السعوديين في مطار الظهران، الذي برز منذ تلك اللحظة كمركز رئيسي للتدريب والتشغيل الجوي. وفي إطار هذا التعاون، جرى تعزيز قدرات النقل الجوي بشراء أربع طائرات من طراز C-47 Dakota وأربع طائرات نقل إستراتيجي من طراز C-54 Skymaster، ما منح سلاح الطيران قدرة أفضل على النقل والربط والدعم اللوجستي داخل المملكة وخارجها.
وبالتوازي مع ذلك، شهدت قاعدة الظهران الجوية تطورًا ملحوظًا في مجال التدريب، مع إدخال طائرات T-6 Texan وT-35 وT-34 Mentor إلى الخدمة، وهي طائرات مخصصة للتدريب الأساسي والمتقدم، شكّلت آنذاك نقلة نوعية في مستوى إعداد الطيارين السعوديين، وأسهمت في رفع كفاءتهم وفق معايير أقرب لما هو معمول به في القوات الجوية المتقدمة.
وفي عام 1953م، دخل سلاح الطيران مرحلة جديدة من التطور العملياتي بتشكيل سرب القاذفات، عقب التعاقد على شراء تسع طائرات قاذفة من طراز B-26 Invader الأمريكية، والتي اتخذت من مطار جدة مقرًا لها. وقد مثّل ذلك أول امتلاك فعلي لقدرات جوية هجومية قادرة على تنفيذ مهام القصف والدعم الجوي، ما أضاف بعدًا جديدًا إلى العقيدة القتالية للقوة الجوية السعودية.
أما التحول الأبرز في تلك الحقبة، فجاء عام 1955م، حين وقّعت المملكة أول صفقة مقاتلات نفاثة في تاريخها، بشراء عشرين مقاتلة Vampire FB-52 من إيطاليا، التي كانت تنتجها بترخيص بريطاني من شركة de Havilland. ومع دخول هذه الطائرات الخدمة، دخل سلاح الطيران السعودي رسميًا عصر الطيران النفاث، لتتغير معه مفاهيم السرعة والاعتراض والقتال الجوي. ولضمان إعداد الطيارين لهذا التحول الكبير، تم دعم منظومة التدريب بشراء اثنتي عشرة طائرة تدريب من نوع DHC-1 Chipmunk البريطانية.
وفي عام 1956م، تعزز هذا المسار التحديثي بتوقيع اتفاقية شاملة جديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، شملت تزويد المملكة بعدد من الطائرات الحديثة، كان أبرزها عشر طائرات تدريب نفاثة من نوع T-33 Shooting Star، وعشرون مقاتلة F-86F Sabre، إلى جانب ست طائرات نقل من نوع C-123 Provider، واثنتي عشرة طائرة تدريب أساسي من نوع T-28 Trojan. وقد شكّلت هذه الصفقة أكبر برنامج تحديث يشهده سلاح الطيران السعودي حتى ذلك الوقت، وأسست لمرحلة جديدة من الاحتراف والجاهزية العملياتية.
وفي عام 1957م، اكتملت ملامح هذا التحول بدخول أول طائرة مروحية إلى خدمة سلاح الطيران السعودي، من طراز Westland Whirlwind HAR-3 البريطانية. وقد فُتحت بذلك صفحة جديدة في تاريخ القوة الجوية، مع بداية تأسيس الطيران العمودي، الذي أُنيطت به مهام النقل والإخلاء والبحث والإنقاذ، قبل أن يتطور لاحقًا ليصبح عنصرًا أساسيًا في العمليات الجوية الحديثة.
وهكذا، ومع نهاية عقد الخمسينيات، كان سلاح الطيران الملكي السعودي قد انتقل من مرحلة البناء إلى مرحلة التمكين، واضعًا الأسس الصلبة لقوة جوية حديثة، ستدخل في العقد التالي عصرها الذهبي من التوسع والتنظيم، وتصبح أحد أعمدة الدفاع والسيادة في سماء المملكة.
مع مطلع الستينيات الميلادية، دخل سلاح الطيران السعودي مرحلة مفصلية في تاريخه، انتقل فيها من قدرات محدودة إلى مشروع بناء قوة جوية متكاملة. وجاء تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزيرًا للدفاع والطيران عام 1962م ليشكّل نقطة الانطلاق الفعلية لهذا التحول، حيث أُطلقت رؤية تطوير شاملة شملت الطائرات، القواعد، أنظمة القيادة والسيطرة، والرادارات.
في عام 1962م بدأ تحديث النقل الجوي بدخول 9 طائرات C-130E الخدمة، لتشكّل العمود الفقري للقدرات اللوجستية، تلاها في العام نفسه إدخال طائرات Jetstar كنواة لسرب النقل السريع والقيادي. ومع نجاح هذه المنظومة، توسّع الأسطول لاحقًا بشراء 10 طائرات C-130H عام 1971م، ثم 6 طائرات KC-130 للتزود بالوقود جوًا و17 طائرة C-130H عام 1973م، ما منح القوات الجوية قدرة انتشار واستدامة عملياتية غير مسبوقة.
وعلى صعيد المقاتلات، أُوفدت خلال الفترة 1962-1965م بعثات متخصصة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لتقييم المقاتلات النفاثة الحديثة، وأسفر ذلك عن إطلاق مشروع الدفاع الجوي الشامل عام 1965م، الذي تضمّن إدخال مقاتلات Lightning F.53 الاعتراضية، وطائرات تدريب نفاثة Strikemaster Mk80 ، إضافة إلى منظومة رادار وإنذار مبكر واتصالات متكاملة.
وفي أعقاب الانتهاكات الجوية التي تعرّضت لها الحدود الجنوبية للمملكة، نُفّذ عام 1966م مشروعٌ طارئ عُرف باسم «البساط السحري»، تضمّن نشر مقاتلات لايتنيج Lightning الاعتراضية، ومقاتلات هوكر هنتر Hawker Hunter القاذفة-المقاتلة، إلى جانب منظومات دفاع جوي ورادارات إنذار مبكر وأنظمة قيادة وسيطرة. وقد أسهم هذا الانتشار السريع في استعادة السيطرة الكاملة على الأجواء الجنوبية ووقف جميع الانتهاكات الجوية، ليؤكد فعالية التحول الذي شهدته القوات الجوية السعودية في تلك المرحلة المفصلية.
تواصل تحديث أسراب المقاتلات بدخول 50 مقاتلة F-5 ابتداءً من عام 1969م، تبعها تعزيز إضافي بشراء 64 مقاتلة F-5E عام 1975م، لترسيخ قدرة الاعتراض والدعم الجوي. وفي خطوة استراتيجية كبرى، تعاقدت المملكة عام 1978م على مقاتلات F-15C/D، التي مثّلت آنذاك قمة ما وصل إليه التفوق الجوي العالمي.
وفي مجال الطيران العمودي، دخلت الخدمة عام 1966م مروحيات Alouette III، ثم تلتها خلال الستينيات والسبعينيات صفقة مروحيات AB-204/205/206 متعددة المهام، لتعزيز النقل، الدعم، والبحث والإنقاذ.
ولضمان استدامة هذا التطور، أُسست الكلية الجوية عام 1968م، إلى جانب إنشاء معهد الدراسات الفنية الجوية بالظهران، لتأهيل الطيارين والمهندسين والفنيين السعوديين وفق معايير حديثة.
وعلى مستوى البنية التحتية، شهدت الفترة 1965-1968م تطوير قاعدة خميس مشيط الجوية، إلى جانب تحديث قواعد الظهران، جدة، والطائف، وتجهيزها بحظائر محصنة، ومرافق صيانة، وأنظمة رادار واتصالات متقدمة.
وفي عام 1973م، تُوّج هذا المسار برفع سلاح الطيران إلى القوات الجوية الملكية السعودية، في خطوة عكست اكتمال الهوية المؤسسية للقوة الجوية. وبحلول نهاية السبعينيات، كانت المملكة قد امتلكت قوة جوية حديثة، قائمة على التخطيط، والتقنية، والكوادر الوطنية، ومهيأة لدخول مرحلة التفوق الجوي في العقود اللاحقة.
عقد الصلابة والتعاظم (1980–2000)
شهدت ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين مرحلةً حرجةً من تاريخ المنطقة ثورةٌ تفجّرت في إيران، صراعاتٌ إقليمية تلاطمت، ثم جاءت حرب الخليج الأولى فهزّت ثقة الجوار وأظهرت هشاشة بعض المعادلات التقليدية. في هذه الأجواء الملبّدة بالتهديد، وتحت قيادة الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، دخلت القوات الجوية الملكية السعودية مرحلةً جديدة من الصلابة والتَعاظُم: خطط استباقية، صفقات استراتيجية، وبناء شبكات رصد وسيطرة جعلت من سماء المملكة حصناً عصياً على المفاجآت.
كانت أولى خطوات عهد النهوض نقل القدرة من مستوى الدفاع المحلي إلى منظومة مؤسساتية قادرة على الاكتشاف المبكر، القيادة المتكاملة، والرد القوي. وقد تجلّت هذه النقلة في صفقاتٍ ومشروعاتٍ أثّرت في موازين القوة الجوية للمملكة ـ صفقاتٌ جعلت من السلاح الوطني لاعبًا فاعلًا على مستوى الإقليم.
تهديدات جعلت التحديث أمراً عاجلاً
أحداثٌ جعلت السماء السعودية هدفًا للاهتمام الأكثر الثورة الإيرانية التي أعادت ترتيب موازين النفوذ الإقليمي، الحروب المتتالية في الخليج التي أسفرت عن مفاهيم تهديد جديدة، وخصوصاً حرب الخليج الأولى التي أثبتت أن السيطرة على المعلومات والقدرة على الإسناد الجوي والقتال المتقدم أمر حاسم. كل ذلك قاد القيادة إلى انتهاج سياسة شراء واستباقٍ تقوّي الردع وتؤمّن العمق الاستراتيجي.
صفقة درع السلام وعمود الإنذار المبكر (1981) - قلب الشبكة الاستخبارية
في عام 1981 شهدت القوات الجوية نقلة نوعية في مجال الاكتشاف والقيادة والسيطرة شراء 5 طائرات AWACS من طراز E-3A مزوّدة بأنظمة رصد وإنذار مبكر جوّي، إلى جانب 8 طائرات للتزود بالوقود جواً KE-3A. عُرفت هذه المبادرة في سياقها المؤسسي بصفقة (درع السلام) التي ضَمِنَت وجود قدراتٍ متقدمة للاستخبار الجوي، ونشرت رادارات إنذار مبكر أرضية وأنظمة قيادة وسيطرة متطورة، فانتفت مفاجآة الارتفاعات وأصبح الزمن المطلوب لاكتشاف التهديد وتوجيه الرد أقصر بكثير.
أدركت القيادة أهمية القدرة على الحركة وإنعاش خطوط الإمداد والإخلاء والانتشار، فتمت زيادة قدرات النقل في 1981 جُهّز الأسطول بإضافة 8 طائرات C-130H، وفي 1984 دخلت الخدمة 4 طائرات نقل تكتيكي CN-235، ما أعطى المرونة للتعامل مع المهمات التكتيكية واللوجستية داخل المملكة والمنطقة.
لم يغب جانب الاستخبارات البصرية والجوية عن خطط التحديث إذ تم شراء 10 طائرات RF-5E في 1982 لتعزيز قدرات الاستطلاع الجوي المسلح وغير المسلح، مما حسّن من قدرة المملكة على تجميع المعلومات الدقيقة والمستمرة عن مسرح العمليات الإقليمي.
لم تكن الاكتشافات وحدها كافية كان لا بد من قوة اعتراض وهجوم دائمة استجابت البرامج التسليحية لذلك بتعزيز أسراب الاعتراض والمضاربين. ففي 1987 تم شراء 12 طائرة F-15C، وتبعها في 1990 شراء 24 طائرة F-15C إضافية، ليكتمل فيها رصيد المقاتلات الاعتراضيّة التي تحمي الأجواء. ثم في 1992 تم التعاقد على 72 مقاتلة F-15S (Strike Eagle) - دفعة عظيمة متعددة المهام أعطت المملكة قدرة هجومية عميقة ودقة في الضربات والاستهداف.
صفقة اليمامة 1 (1985) كانت من أشهر الصفقات، مضمنة عناصر هجومية ودعم تدريبي مكثّف 24 طائرة Tornado ADV دفاعية، و48 طائرة Tornado IDS هجومية، و30 طائرة Hawk-65 للتدريب المتقدم، و30 طائرة PC-9 للتدريب التأسيسي، وإمداد بطائرتي Jetstream-31 لمهام الملاحة والتأهيل لطياري التورنيدو. هذه الصفقة أنشأت لبنة تكتيكية هجومية متقدمة. وتبعتها اليمامة 2 (1993) التي ضمت 48 طائرة Tornado IDS هجومية و20 طائرة Hawk-65 إضافية، مما أكمل حلقة التزويد القتالي والتدريبي للطيران التكتيكي.
لم يغفل التحديث عن جناح المروحيات فقد أضيف للأسطول 29 مروحية Bell-212 لتعزيز مهام النقل، الإخلاء، والدعم القريب، ما عزّز القدرة على نقل قوة سريعة داخل ساحات العمليات والدعم الإنساني والطوارئ.
وفي 1996 تعاقدت المملكة على مروحية AS-532U2 Cougar لتشكل عمود سرب البحث والإنقاذ القتالي (السرب 99) منصةٌ متعددة المهام، منقذةٌ للجنود والمدنيين، وموجّهة لمهام الإخلاء القتالي والدعم القريب، فزدات قدرة القوات الجوية على الاستجابة العاجلة للعمليات والطوارئ في ظروف قتال واقعية.
القيادة والسيطرة، الرادارات والشبكات - منبع القرارات السريعة
لم تكن الطائرات وحدها ما صنع الفارق، بل الشبكة التي تقرأ، تنقل، وتقود. صفقة درع السلام وأنظمة الإنذار المبكر أرست بنية رادارية أرضية ومحمولة، وربطت محطات الكشف بالـAWACS ووحدات القيادة المركزية، مكوّنةً شبكة متماسكة للقيادة والسيطرة. هذا التكامل قلّل زمن الاستجابة، حسّن دقة التوجيه، ومكّن من تنفيذ مهام اعتراض ودعم بعيد المدى.
مع دخول القرن الحادي والعشرين، كانت القوات الجوية الملكية السعودية تقف على أعتاب أكبر تحوّل في تاريخها، تحوّل من سلاح جوّ تقليدي إلى قوة جوية عصرية متكاملة تُعدّ اليوم الأقوى والأكثر تطورًا على مستوى العالمين العربي والإسلامي، وواحدة من أعمدة الردع الإقليمي في الشرق الأوسط.
في هذه الحقبة، تغيّر كل شيء من العقيدة القتالية إلى البنية التقنية إلى أسلوب القيادة والسيطرة.
فقد انطلقت مشاريع ضخمة لتطوير أنظمة C4ISR وC5ISR، لتصبح القوات الجوية قادرة على القيادة والتحكم والاتصال والاستخبار والمراقبة والاستطلاع بفعالية غير مسبوقة، وربطت الأسراب المقاتلة ومراكز القيادة والسيطرة الجوية ضمن شبكة عمليات موحدة تتكامل مع القوات البرية والبحرية والدفاع الجوي.
لم يعد الصقر السعودي يرى فقط بعيون طائرته، بل صار يرى بعيون الأقمار الصناعية والرادارات البعيدة والمجسات المنتشرة في كل زاوية من سماء الوطن.
توسعت قدرات الفضاء، وتطورت رادارات الإنذار المبكر وأنظمة المراقبة بعيدة المدى، لتُنشأ شبكة استشعار وطنية قادرة على كشف التهديدات قبل أن تولد.
وفي ظل هذه النهضة التقنية، اكتسبت القوات الجوية خبرات قتالية وميدانية كبيرة من خلال مشاركاتها في عمليات التحالف العربي وعمليات المراقبة الحدودية، ما جعلها مدرسة متقدمة في التكتيك الجوي والعمليات المشتركة.
كما شهدت المملكة إنشاء قواعد جوية حديثة بمواصفات عالمية، لتكون منصات انطلاقٍ للقوة الجوية في أي اتجاه.
كانت بداية هذه المرحلة مع الصفقة التاريخية عام 2007 التي تم من خلالها التعاقد على 72 مقاتلة "Eurofighter Typhoon" ضمن مشروع "السلام مع بريطانيا"، لتشكل نقلة نوعية في قدرات الاعتراض والضربات متعددة المهام. ثم تلتها الصفقة الأضخم في تاريخ الطيران العسكري السعودي، وهي شراء 84 مقاتلة F-15SA وتحديث مقاتلات F-15S إلى نفس المعيار المتقدم محليًا، في مشروع نقل تقنية متكامل شمل التصنيع والتطوير داخل المملكة. كما جرى تحديث أسطول طائرات Tornado IDS لتبقى قادرة على تنفيذ مهام الاختراق العميق والهجمات الأرضية الدقيقة.
في عام 2001 بدأت السعودية مرحلة جديدة من القدرات الإلكترونية بشراء طائرة E-8B للمراقبة التكتيكية المحمولة (JSTARS)، والتي تم تحويلها لاحقًا إلى RE-3B، تبعها تحويل ثلاث طائرات KE-3A إلى طائرات استخبارات إلكترونية RE-3A جرى تطويرها بشكل مستمر لتواكب أحدث أنظمة الحرب الإلكترونية.
وفي الفترة ما بين 2009 و2021، عُزّزت قدرات الاستخبارات والمراقبة بـ ثماني طائرات King Air 350 ISR عالية التجهيز.
كما دخلت الخدمة عام 2014 طائرتان Saab 2000 Erieye لتعزيز مهام الإنذار المبكر والقيادة الجوية، بالتزامن مع تحديث أسطول E-3A Sentry وتوسيع قدراته التقنية.
لضمان التفوق العملياتي والقدرة على تنفيذ المهام البعيدة، تم تعزيز الأسطول بـ 10 طائرات A330 MRTT (6 في الخدمة و4 تحت التعاقد)، إضافة إلى طائرتين KC-130J لدعم عمليات المقاتلات والطائرات الاستطلاعية في عمق الميدان.
دعماً لمهام البحث والإنقاذ والمراقبة الجوية، تم إدخال 44 مروحية Bell 412، و7 مروحيات H215M المخصصة للبحث والإنقاذ القتالي (CSAR)، لتؤمّن الأجنحة خلف خطوط العدو كما في الخطوط الأمامية.
ومع إدراك القيادة العسكرية أن حروب المستقبل تُدار من السماء بلا طيار، جرى الاستثمار المكثف في منظومات الدرونز المتقدمة.
فدخلت الخدمة أنظمة متعددة مثل Falco وBAE HERTIS وSeeker 400 وCASC CH-4B وسلسلة Wing Loong (1/2/10)، وصولاً إلى الدرون التركية Akıncı ذات القدرات الاستراتيجية العالية. هذه المنظومات جعلت القوات الجوية تمتلك شبكة استطلاع وضربات دقيقة تغطي كامل مسرح العمليات الإقليمي.
اليوم، تتقدم القوات الجوية الملكية السعودية بثبات نحو مرحلة جديدة من تاريخها، مرحلةٍ عنوانها الجيل الخامس والسادس، بعد الموافقة الرسمية على شراء مقاتلات F-35، وتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الدفاع البريطانية للانضمام إلى برنامج تطوير طائرة الجيل السادس GCAP.
هذا التحول لا يقتصر على إدخال منصات أكثر تطورًا، بل يمثل انتقالًا واعيًا إلى مفهوم السيادة الجوية الشاملة، حيث تمتزج الشبحية، والذكاء الاصطناعي، والحرب الشبكية، والعمليات متعددة المجالات في منظومة واحدة متكاملة.
وفي موازاة ذلك، تعمل المملكة على إعادة تعريف القوة الجوية المستقبلية عبر التوسع في مجال الأنظمة غير المأهولة، إذ تجري مفاوضات متقدمة لشراء وتصنيع 330 طائرة مسيّرة من عائلة Gambit، إلى جانب MQ-9B SkyGuardian وMQ-9B SeaGuardian، بما يعزز قدرات الاستطلاع والهجوم بعيد المدى، وحماية السواحل، والعمليات المستمرة على مدار الساعة ضمن بيئات عالية الخطورة.
كما يشمل هذا التوجه المستقبلي تعزيز طبقة القيادة والسيطرة والإنذار المبكر، من خلال مفاوضات متقدمة لاقتناء طائرات الإنذار المبكر السويدية GlobalEye، بما يرفع قدرة القوات الجوية على كشف التهديدات الجوية والبحرية مبكرًا، وإدارة المعركة الجوية على مسافات بعيدة، وتوسيع نطاق السيطرة العملياتية إقليميًا.
بهذا المسار، لا تكتفي القوات الجوية الملكية السعودية بمجاراة تطورات العصر، بل تسعى إلى امتلاك أدواته وصياغة معادلاته، عبر مزيج متوازن من المقاتلات المتقدمة، والطائرات غير المأهولة، ومنصات الإنذار المبكر، في إطار رؤية استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تفوق جوي مستدام وقدرة ردع مستقلة في حروب المستقبل.
الأقسام
تنقسم القوات الجوية الملكية السعودية في تسعة قواعد جوية بالمملكة:
- جناج القوات الملكية 1 حفر الباطن
- جناح القوات الملكية 2 الطائف
- جناح القوات الملكية 3 في الظهران
- جناح القوات الملكية 4 في الرياض
- جناح القوات الملكية 5 في خميس مشيط
- جناح القوات الملكية 6 في الخرج (قاعدة الأمير سلطان الجوية)
- جناح القوات الملكية 7 في تبوك
- جناح القوات الملكية 8 في جدة
- جناح القوات الملكية 11 في الظهران
الحروب والمعارك الجوية
منذ اللحظة التي دخلت فيها الطائرات السعودية فضاء المعركة لأول مرة، لم يعد الجو مجرد مسرح عمليات، بل أصبح خط الدفاع الأول عن السيادة. فالحروب التي خاضتها القوات الجوية الملكية السعودية لم تكن أحداثًا عابرة في سجل النزاعات، بل محطاتٍ فاصلة شكّلت ملامح العقيدة الجوية، وراكمت الخبرة، ورسخت مفهوم السيطرة من الأعلى.
على امتداد العقود، وفي قلب أزمات إقليمية متلاحقة، حضرت القوات الجوية حيث تفرض الضرورة حضورها مرةً في سماءٍ مشتعلة، ومرةً في دور ردعٍ صامت، ومرةً في مواجهةٍ مباشرة اختبرت الجاهزية والقرار. هنا لم تكن المعركة صراع طائرات فحسب، بل اختبار إرادة، وانضباط قيادة، وقدرة على حماية المجال الجوي تحت أقسى الظروف.
في هذا القسم، يُستعرض تاريخ الحروب والمعارك الجوية التي شاركت فيها القوات الجوية الملكية السعودية منذ نشأتها، بوصفها سجلًا عمليًا لمسيرة قوة جوية تشكّلت في ميدان النار، وتطورت عبر التجربة، وأثبتت أن السيادة الجوية لا تُعلن بالكلمات، بل تُفرض بالفعل.
كانت حرب فلسطين هي أول اختبار حقيقي للقوات الجوية السعودية الناشئة. ورغم محدودية الإمكانات في تلك المرحلة، فقد شاركت المملكة بطواقمها وطائراتها دعمًا للقوات العربية في ميدان المعركة. هناك وُلدت أول تجربة قتال جوي سعودية، لتؤكد أن أبناء هذا السلاح الجديد قادرون على مواجهة الصعاب والقيام بواجبهم نحو الأمة.
حين اجتمع العدوان الثلاثي على مصر، استجابت المملكة للنداء العربي مجددًا. وُضع السرب السعودي المجهّز بطائرات De Havilland Vampire تحت تصرّف القيادة المصرية، وشارك في العمليات القتالية خلال الأزمة. قدّم أفراد القوات الجوية أداءً بطوليًا يعكس روح التضامن العربي، واستُشهد عدد من الفنيين، من أبرزهم رئيس مجموعة الفنيين علي الشمراني – رحمه الله – الذي سقط في ميدان الواجب. تلك المشاركة لم تكن مجرد دعم رمزي، بل خطوة جسّدت التزام المملكة بالدفاع عن الكرامة العربية في زمنٍ كثرت فيه المحن.
مع اندلاع الثورة اليمنية وتزايد التدخّل المصري في أراضي اليمن، بدأت الأجواء السعودية تتعرض لانتهاكات متكرّرة من طائرات أجنبية. عندها صدرت الأوامر باعتراض أي طائرة تتجاوز حدود المملكة.
وفي عام 1966 دوّت أولى الاشتباكات الجوية في تاريخ القوات الجوية الملكية السعودية، حين اعترضت مقاتلات Hawker Hunter تشكيلًا مصريًا حاول اختراق الأجواء، وأسقطت احداها بدقةٍ وحزم قبل ان تنسحب بقية التشكيل.
لاحقًا، اشتبكت مقاتلات Lightning مع مجموعةٍ أخرى من الطائرات المصرية، وأسقطت طائرتين منها، فيما أُسر أحد الطيارين بعد هبوطه بالمظلة. كانت تلك الأحداث علامة فارقة، أثبتت أن السيادة الجوية للمملكة ليست موضع نقاش، وأن سماءها تُدافع عنها بأجنحةٍ من نارٍ وحزم.
مع اندلاع حرب حزيران 1967، أصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – أمره بتحريك الأسراب السعودية إلى قواعد متقدمة في الشمال لتكون تحت تصرّف الأشقاء في الأردن. وعلى الرغم من أن المشاركة المباشرة في القتال كانت محدودة، فإن القرار السياسي والعسكري كان رسالة تضامن واضحة، تُوّج بإهداء المملكة سربًا كاملًا من مقاتلات هوكر هنتر للأردن دعمًا لجبهته الجوية. كانت تلك المرحلة تجسيدًا للتعاون العربي في زمن الانكسار، ومثالًا على التزام السعودية بمسؤوليتها التاريخية تجاه محيطها.
حين اندلعت معارك الوديعة في الجنوب، كانت القوات الجوية الملكية السعودية حاضرة في الميدان لتقديم الدعم الجوي المباشر للقوات البرية. وفي اشتباكٍ حاسم، تمكن الطيارون السعوديون من إسقاط مقاتلتين من طراز MiG-17 حاولتا مهاجمة المواقع السعودية، في عمليةٍ أثبتت دقة التدريب وكفاءة القيادة والسيطرة. كانت حرب الوديعة تجربة مهمة رسّخت التكامل بين فروع القوات المسلحة وأكدت جاهزية السلاح الجوي في خوض المعارك الحديثة.
انفاذًا لمقررات قمة الخرطوم التي أعقبت عدوان 1967، تحددت مشاركة المملكة في دعم الصمود وإزالة آثار العدوان، بمساهمة مالية سنوية قدرها خمسون مليون دولار لتعويض مصر عن خسائرها جراء إغلاق قناة السويس. كما تم توفير سربين من الطائرات المقاتلة للمشاركة في المواجهة المرتقبة مع العدو الإسرائيلي.
وفي هذا الإطار، استقبلت القوات الجوية الملكية السعودية في قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية عددًا من الطيارين والفنيين المصريين، الذين تم تدريبهم على قيادة مقاتلات لايتنينغ وتشغيلها عند الحاجة، وإتاحتهم للتعرف على إمكانيات الطائرات الغربية وأساليب عملها وتسليحها.
إلى جانب ذلك، أُوفدت عشر مروحيات مسلحة مع أطقمها إلى مصر، ووُضعت تحت تصرف القوات المسلحة المصرية، لتكون مساهمة المملكة دعمًا عمليًا واستراتيجيًا للأشقاء في مواجهة العدوان.
مع امتداد جبهات القتال على مقربة من مصادر نفطية حيوية، تولّت القوات الجوية الملكية السعودية حماية الأجواء والملاحة البحرية في الخليج، بالتنسيق الكامل مع الدفاعات الجوية والقوات البحرية، على مدار ثماني سنوات متواصلة.
في عام 1984، تمكنت مقاتلات F-15C حديثة الخدمة من إسقاط مقاتلتين F-4 إيرانية، بقيادة الطيار محمد جار الله الحارثي في الطائرة الأولى، والطيار ماجد ابن فهد الغشيان في الطائرة الثانية، ما أثبت قدرة القوات الجوية على توظيف أحدث التقنيات والمهارات في حماية الأجواء الوطنية.
إلى جانب ذلك، قامت طائرات RF-5E بطلعات استطلاعية دقيقة فوق الجزر الإيرانية، ما أظهر قدرة استخباراتية واستراتيجية عالية على حماية الأمن الإقليمي.
أثناء العدوان العراقي على الكويت، ارتفعت جاهزية القوات الجوية الملكية السعودية إلى مستويات غير مسبوقة. قامت الطائرات السعودية بأكثر من 6,852 طلعة جوية، لتحتل المرتبة الثانية بين قوات التحالف بعد الولايات المتحدة في حجم العمليات الجوية. وكانت القوات السعودية في طليعة القصف المكثف للدفاعات الجوية العراقية وتدمير القواعد الاستراتيجية. سجلت الاشتباكات الجوية عدة محطات تاريخية، منها تدمير طائرة Mirage F1EQ عراقية بصاروخ AIM-7F في 19 يناير 1991، والعملية الشهيرة "القتل المزدوج" في 24 يناير، حيث أسقط الطيار عائض الشمراني مقاتلتين Mirage F1EQ بصواريخ AIM-9L، في مشاهدٍ خلدتها ذاكرة المعارك الجوية الحديثة. وبالإضافة لذلك، نفذت القوات الجوية طلعات استطلاعية واسعة لضمان حرية الملاحة وحماية المياه الإقليمية.
مع تصاعد الهجمات على مركز حرس الحدود السعودي في الخوبة، تحركت القوات الجوية الملكية السعودية بسرعة ودقة، لتنفيذ غارات جوية لدعم القوات الحكومية اليمنية. تم استهداف مراكز تجمع العدو والآليات المسلحة، مما أسهم في إعادة التوازن للحدود وحماية الأمن الوطني في مواجهة تهديدات غير متوقعة.
مع اندلاع الفوضى في المنطقة وتصاعد خطر التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، برزت القوات الجوية الملكية السعودية في طليعة الدول التي شاركت في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش عام 2014.
انطلقت مقاتلاتها الحديثة من قواعدها بكل دقة وانضباط، ونفّذت غارات مركّزة على أهداف التنظيم داخل الأراضي السورية، مستهدفة مراكزه القيادية ومخازن الذخيرة ومنشآته النفطية التي كانت تموّل عملياته.
أظهرت العمليات مستوىً متقدمًا من الاحترافية في التخطيط والتنفيذ، والتكامل مع منظومات الاستطلاع والإنذار المبكر وطائرات التزود بالوقود، مما أكد نضوج قدرات القوات الجوية السعودية في الحرب الحديثة الشبكية.
وجدير بالذكر أن الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز – الذي يشغل حاليًا منصب وزير الدفاع – كان من بين الطيارين السعوديين المشاركين في الطلعات القتالية ضمن هذه العملية، في تجسيد رمزي لتلاحم القيادة مع جنودها في ميادين الشرف والواجب.
في أعقاب تهديدات مباشرة من الحوثيين والقوات التابعة للحرس الجمهوري في اليمن، قادت القوات الجوية الملكية السعودية حملة جوية متكاملة ومنسقة بدقة عالية. نفذت الطائرات السعودية طلعات هجومية ودفاعية وتكتيكية على أهداف استراتيجية داخل العمق، وأخمدت الدفاعات الجوية للخصم لتفرض السيطرة على الأجواء في دقائق معدودة، واستهدفت مخازن الصواريخ ومراكز القيادة وورش تصنيع الأسلحة بدقة فائقة. كما تم اعتراض أكثر من 25 صاروخ كروز وأكثر من 900 طائرة درون هجومية أو مفخخة، ما يعكس قدرة هجومية واستخباراتية متكاملة على مستوى الردع والحماية. هذه العمليات أبرزت مدى تطور وتكامل القوات الجوية الملكية السعودية، وجعلتها قوة أساسية في أي مواجهة إقليمية، تجمع بين التدريب، التكنولوجيا، والتخطيط الاستراتيجي المشترك مع الفروع الأخرى.
| الطائرة | المنشأ | النوع | الطرز | في الخمة | ملاحظات |
|---|---|---|---|---|---|
| Agusta-Bell 212 | Transport Helicopter | - | 27 | ||
| Agusta-Bell AS-61 | Transport Helicopter | AS-61A-4 | 3 | Royal Flight | |
| Airbus A340 | Transport | A340-213 | 1 | Royal Flight | |
| BAe 125 | Transport | 800B | 4 | Royal Flight | |
| BAe Hawk | Advanced Trainer | Mk 65 Mk 65A |
30 20 |
||
| BAe Jetstream | Trainer | 31 | 2 | ||
| Bell 205 | Transport Helicopter | - | 24 | ||
| Bell 406 Combat Scout | Attack Helicopter | 406CS | 13 | Operated by Royal Saudi Land Forces | |
| Bell 412 | Transport Helicopter | 412EP | 2 | ||
| Boeing 747 | VIP Transport | 747-300 747SP |
2 | Royal Flight | |
| Boeing 757 | Medical Transport | - | 1 | ||
| Boeing AH-64 Apache | Attack Helicopter | AH-64A | 12 | Operated by the Land Forces, to be upgraded to AH-64D $400m, a further 12 AH-64D requested for $598m | |
| Boeing Business Jet | Transport | BBJ1 BBJ2 |
1 1 |
Royal Flight | |
| Boeing E-3 Sentry | airborne early warning and control | 5 | seeking upgrades | ||
| Boeing F-15 Eagle | Fighter | F-15C F-15D |
57 25 |
- | |
| Boeing F-15E Strike Eagle | Strike fighter | F-15S | 71 | Almost identical to the USAF F-15E, the only major difference is the AN/APG-70 radar performance in the synthetic aperture mode. | |
| Boeing KE-3A | Airborne Refuelling | KE-3A | 8 | Being upgraded & then replaced by A330 MRRT | |
| CASA CN-235 | Transport | CN235M-10 | 4 | Royal Flight | |
| Cessna 550 Citation | Transport | C550 | 4 | Royal Flight | |
| Eurocopter AS-532 Cougar | Combat Search and Rescue | AS 532M | 12 | ||
| Aérospatiale AS-365 Dauphin | Naval Helicopter Medical Helicopter |
SA 365F SA 365N |
24 | SA365F operated by Royal Saudi Naval Forces | |
| Eurocopter SA-332 Super Puma | Naval Helicopter | AS-332F | 13 | Operated by Royal Saudi Naval Forces | |
| Eurofighter Typhoon | Air Defence | Typhoon F.2 | 6 | 72 ordered £7 billion, a further 72 could be ordered. | |
| Gates Learjet 35 | Transport | 35A | 2 | Both transferred to the Royal Saudi Armed Forces Medical Wing in July 2009 | |
| Gulfstream III | Transport | - | 2 | ||
| Gulfstream V | Medical Transport | - | ? | ||
| Kawasaki-Vertol 107 | Transport Helicopter | - | 18 | Operated by Ministry of the Interior | |
| Lockheed C-130 Hercules | Transport | C-130E C-130H KC-130H VC-130H |
42 | ||
| Lockheed L-100 | Transport | L-100-30 | ? | ||
| McDonnell Douglas MD-11 | Transport | MD-11 | 1 | Royal Flight | |
| Northrop F-5 Freedom Fighter | Fighter | F5A F-5B |
110 | Withdrawn from service aside from in the trainer role, some squadrons such as #10 based in Taif will be replaced with Eurofighter Typhoons. | |
| Super Mushshaaq | Trainer | - | 20 | ||
| Panavia Tornado IDS | Ground Attack | 87 | some IDS and ADV to be upgraded at a cost of $4.66 billion, perhaps 80 aircraft in total | ||
| Panavia Tornado ADV | Fighter | 24 | To be withdrawn from service & shipped to the UK in a buy back package part of the Al Salam deal. | ||
| Pilatus PC-9 | Trainer | - | 50 | ||
| Reims Cessna F172 | Trainer | F172G F172H F172M |
8 | ||
| Sikorsky S-70 Black Hawk | Transport Helicopter | S-70A-1 S-70A-1L |
12 | S-70A-1L operated by the Royal Saudi Land Force | |
| Sikorsky UH-60 Black Hawk | Transport Helicopter | VH-60L | 18 | Operated by Royal Saudi Land Force, a further 24 UH-60L requested for $350m | |
| Total : | +817 | Including the 72 Eurofighter Typhoon |
القادة
انظر أيضا
المصادر
وصلات خارجية