آتونية

جزء من سلسلة مقالات عن
الديانة المصرية القديمة

Eye of Horus bw.svg
المعتقدات الرئيسية

وثنية • وحدة الوجود • تعدد الآلهة
الروح • Duat
الأساطير • علم الأعداد

الشعائر
صيغة التقديم • الجنائز • المعابد
الآلهة
أمون • أمونت • أنوبيس • أنوكت
أپپ • أپيس  • آتن • أتوم
باستت • بات • بس
أبناء حورس الأربعة
گب • هاپي • حتحور • حقت
حورس • إيزيس • خپري  • خنوم
خونسو • كوك • معحص  • ماعت
معفدت • منحيت • مرت سگر
مسخنت • مونتو • مين • مر-ور
موت • نون • نيت • نخبت
نفتيس • نوت • اوزيريس • پاخت
پتاح • رع • رع-حوراختي • رشپ
ساتيس • سخمت • سكر • سركت
سوبك • سوپدو • ست • سشات • شو
تاورت • تف‌نوت • تحوت
واجت • واج-ور • وپ‌واوت • وسرت
النـصـوص
عمدوعت • كتاب التنفس
كتاب المغارات • كتاب الموتى
كتاب الأرض • كتاب الأبواب
كتاب العالم السفلي
غيرهم
الآتونية • لعنة الفراعنة

 ع  ن  ت

الآتونية Atenism, or the Amarna heresy هي عقيدة في الديانة المصرية القديمة .

ان دولة اله الشمس ذات الأتساع شاسع المدى بدأت مع عصر الأهرام ولكن هذا الاله كان يحكم مصر فحسب.حيث نجده في انشودة الشمس بمتون الاهرام يقف حارسا على الحدود المصرية ليقييم الحواجز التي تمنع الأجانب من دخول مملكته المحروسه مصر. واختلفت دعوة اخناتون عن سابقيها بوحدانية هذا الإله دون شريك وعالمية هذا الإله حيث كان رب كل الناس المصريين والأجانب وأراد إخناتون بهذا الدين الجديد ان يحل محل القومية المصرية.. وقد هجر الملك إخناتون طيبه برغم ما كان لها من السيادة والابهة بعيدا عن كهنة آمون وسمى نفسه (العائش في الصدق) وأقام له حاضره جديدة وسماها أخيتاتون وهي تل العمارنه بمحافظة المنيا حاليا.[1]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ آتون قبل أخناتون

Pharaoh Akhenaten and his family adoring the Aten

"آتون" هي كلمة مصرية قديمة تعني: (قرص الشمس - الشمس) ، وقد ورد ذكرها في قصة "سنوهي"، فنراه يتحدث عن الملك قائلا: (إنه صعد إلى أفقه، وأصبح متحداً مع قرص الشمس "آتون"). وقد ترجع لأقدم من ذلك إذ يرجعها البعض إلى نصوص الأهرام ونصوص التوابيت؛ فقد وردت الإشارة لكلمة "آتون" بمعنى قرص الشمس في الفقرة (334) من نصوص التوابيت، وربما يُمثل أول إشارة في النصوص لوجود قرص الشمس بين القرنين، وأن قرص الشمس ارتبط هنا بالمعبودة "بات"، وليس "حتحور" :


"n snt tpw nTrw n mnt itn Hr abwy n Tst Hr n BA.t".

"انظر؛ لقد أتيت مثل سيد الحاشية، وأولئك الذين يأتون خلف التاسوع يخافونني،....، أنا حقاً النسل(البذرة) العظيمة، ........ وقبل أن تُفصل رؤوس المعبودات، وقبل أن يُثبت القرص ( قرص الشمس) بين القرنين، وقبل أن يثبت وجه بات، ..." .

وقد أصبحت كلمة "آتون" منذ الأسرة الثامنة عشرة تُشير لربوبية الشمس (imyitn.f) أي "الذي في قرصه"، خاصة إذا ما سُبقت بأداة التعريف "pA" مثل "pA itn" أو مع كلمة "الحياة" كما في "itn anx".

كان الشكل المبكر للمعبود "آتون" يصوره في الهيئة الآدمية ورأس الصقر يعلوه قرص الشمس، وهو التصوير المألوف والمتبع في تجسيد الآلهة، غير أن "أخناتون" قد تخلى عن هذا التقليد في تصوير ربه – كما سبق أن أشرنا – وقد اتضحت رغبة أخناتون في أن يميز ربه عن غيره وأن يعطيه صفة وصورة قرص الشمس واهب الحياة. وقد تجسدت عبادة "آتون" في القوة الكامنة داخل القرص والمتمثلة في الضوء والحرارة، والتي من خلالها يهب الحياة والضوء والدفء لكل المخلوقات على الأرض، وهو ما ينعكس بوضوح في تصوير أشعة الشمس وكأنها أيدٍ بشرية تهب علامة (الحياة) لمن على الأرض.

وتتأكد كذلك من خلال نشيد "آتون"، فنجده وقد فرق بينهما من خلال أداة التعريف"pA"، والتي تستخدم في الإشارة لاسم الإله ذاته (pA itn anx waw ntk nHH tA pt Hwt-nTr.k) "آتون الحي المتفرد إنك الأبدية والسماء معبدك". في حين تكتب كلمة "itn" بدون أداة التعريف للإشارة لقرص الشمس نفسه (mry.k sw di.k sw mi itn) "إنك تحبه وقد صنعته مثل آتون".

وقد سجل "أخناتون" مضمون عقيدته في نشيدين كان يتغنى بهما للإله "آتون"، وجدا منقوشين على جدران بعض مقابر "تل العمارنة"، مثل مقبرة "آي" في منطقة "الحاج قنديل" جنوب "تل العمارنة"، والراجح أن الملك هو مؤلفهما، أو مؤلف أحدهما على الأقل.

ويلاحظ على اسم "آتون" المدون في خرطوشه أنه قد تضمن أسماء لثلاثة أرباب هم على التوالي "رع حور آختيشو – آتون"، وهذ الربط قد بدا في نظر البعض على أنه انعكاس لفكرة الثالوث، في حين رأى آخرون أنه يربط آتون بالأرباب الشمسية القديمة.

وفي العام الثامن من حكم "أخناتون" حدث تغيير في كتابة خرطوش الإله، فقد حلت عبارة (سيد الأفقين) محل اسم "حور آختي".

ولم تكن عبادة الشمس (التي يعتبر "آتون" صورة من صورها) بجديدة على الشعب المصري، وبكلمات أخرى لم تكن حركة "أخناتون" انتقالاً مفاجئاً، وليست إلغاء لعبادة قائمة، وإحلالاً لعبادة جديدة، وإنما كانت هذه الحركة نتيجة لتطور بدأ على الأقل منذ عهد "تحتمس الرابع" – كما سبق أن ذكرنا- بدت فيه محاولة إحياء عقيدة قديمة تتفق والوضع السياسي الجديد لمصر. ومنذ العام الثالث لحكم الملك "أمنحتب الرابع" بدأت كتابة اسم الإله الجديد داخل الخراطيش، والتي ربما أضفت عليه صبغة الملكية، ويرى "زيته" بأن مضمون الخرطوش هنا يمثل وصفًا لطبيعة هذا الإله. وإن رأى "يان اسمان" بأن خراطيش "آتون" هنا ذات طبيعة مختلفة عن الخراطيش الملكية، إذ إن مضمون الخرطوشين معاً يعطيان جملة واحدة متصلة.


الثورة الآتونية

لم تكن العقيدة الآتونية أو عبادة "آتون" ظاهرة جديدة خرج بها الملك أخناتون على قومه، فجذورها ترجع لفترات أقدم بكثير من عهد الملك أخناتون. فالعقيدة الشمسية ذاتها والتي تدور فيا فلك الشمس تُعد من أقدم العقائد المصرية وأكثرها انتشاراً وقبولاً بين الناس، وقد عرف المصريون الكثير من الأرباب ممن ارتبطوا بالعقيدة الشمسية، مثل "رع، رع أتوم، خبري، رع حور أختي، وغيرهما....".[2]

ولكن الجديد التي نادت به هذه العقيدة قد تمثل فيما طلبه "اخناتون" من الشعب كله من الإيمان بالعقيدة الجديدة وبأن لا يعبدوا غير إلهه "آتون"، وهو ما لم يتقبله الكثير من المصريين إن لم يكن كلهم، وذلك لصعوبة القبول بالعدول عن معتقداتهم وأربابهم الكثيرة التي يعبدونها لآلاف السنين وبدون مبرر كاف ومقنع لذلك.

التناقض مع الديانة المصرية التقليدية

هناك تناقضا كبيرا بين الديانة الآتونية و بين الديانة المصرية القديمة – كما سوف نرى الان : قام"فرويد"بعقد مقارنة بين الديانتين الموسوية والمصرية القديمة وخلص من ذلك الى أنهما على طرفى نقيض،فبينما نرى في الموسوية وحدانية متشددة،نرى في المصرية وثنية معرقة في التعدد ، وهذا فضلا عن اننا لانكاد نعرف شعبا آخر في تاريخ العالم. وصل الى الدرجة التى وصل اليها المصريون من تجاهل للموت،ولا ما بذلوه لتأمين معيشتهم في العالم الاخر،ومن ثم فاننا نجد"اوزير"-اله الموتى،ورب هذة الاخرة- أكثر المعبودات المصرية شعبية ،وأقلهم معارضين ،يحدثهذا في الوقت الذى أغفلت فية الديانة الوسوية الحياة الابدية تماما،اذ ام يرد في اى موضع من التوراة ذكرلامكان حياة بعد الموت ،وهو أمر تزيد غرابتة، اذا ما تبين لنا أن الايمان بالآخرة،يمكن أن يتفق تماما، مع عقيدة التوحيد.

السلام، ألا في شكلها النهائى، كما تم تثبتها بعد وفاة الكليم-علية السلام- بثمانية قرون أو على الاقل بستة قرون على يد رجال الدين اليهودى في العصر الذى تلى عصر الأسر البابلى (587-539ق.م)

تل العمارنة

عندما أدراك إخناتون أنه لا إمكانية للاستمرار في طيبة بعدما أظهر كهنة أمون العداء السافر لدعوته الجديدة، كان عليه أن يبحث عن موقع جديد ينتقل إليه، ويدعو منه لإلهه آتون. وكان هذا المكان الذى استقر عليه الأمر هو "آخت آتون" أى "أفق آتون"، وهو الذي تقوم على أطلاله قرى ثلاثة: هي تل العمارنة، والحاج قنديل (مركز ديرمواس بمحافظة المنيا) و الحوطة (مركز ديروط بمحافظة أسيوط). وضمت المدينة (التي أمر أخناتون بتحديد حدودها بأربعة عشرة لوحة تعرف بلوحات الحدود)، معابد آتون، و القصور الملكية، والأحياء السكنية، والمقابر المصرية لرجاله، والمقبرة الملكية.

في لوحة من "تل العمارنة" صور عليها "أخناتون" وهو يقرب قربان إلى آتون، والذي وصف عليها بأنه ساكن في بيت تحتمس الرابع في بيت آتون في "آخت آتون". وقد تزايد الاتجاه نحو الآتونية في عصر "أمنحتب الثالث"، فقد صور على كتلة حجرية وهو يتعبد لآتون والذي قد صور في هيئة آدمية لرجل يعلوه قرص الشمس رمز المعبود آتون، وسمي بـ"حور الأفق السعيد في أفقه في اسمه شو الذي هو في آتون". وهذا النقش يعتبر دليلاً على وجود عبادة ومعبد في طيبة للمعبود "آتون" قبل عصر "أخناتون"، وكان معبد "آتون" في الكرنك يدعى "بر آتون". كما أطلق "آتون" على اسم القارب الذي كانت تتنزه فيه زوجته الملكة "تي" في البحيرة الملحقة بقصره، وكان اسم هذا القارب: (tHn itn) "آتون يسطع". ومن هذه الشواهد وغيرها يمكن أن نستنتج أن ديانة "آتون" كانت معروفة قبل عهد "أخناتون"، وإن كان ذلك في نطاق ضيق، إن صح القول دون التعارض مع عقيدة التعددية وعبادة وتأليه الأرباب الأخرى.

تراجع الآتونية

لم يقدر لهذه العقيدة أن تستمر بعد وفاة صاحبها؛ لأنها كانت مرتبطة بوجوده، على اعتبار أنه كان الواسطة بين الإله والناس، فلم تأخذ الديانة الشعبية اللازمة لتحقيق استمراريتها.

ولم تكن العقيدة بقادرة على الصمود أمام ضربات كهنة "آمون"، وأمام الضربات الخارجية الناتجة عن انشغال ملك مصر بإلهه، وإهماله لشئون الإمبراطورية. ورغم أن كهنة "آمون" بذلوا كل الجهد بعد وفاة "أخناتون" لتحطيم آثاره وآثار إلهه "آتون"، إلا أن هذه العقيدة ظلت باقية كصفحة ناصعة البياض في تاريخ الفكر البشري.

وقد مات "أخناتون" بعد حكم دام حوالي 21 عاماً، ودفن على الأرجح في منطقة "تل العمارنة" في المقبرة التي تعرف بالمقبرة الملكية، وخلفه على العرش الملك الشهير "توت عنخ آمون"، والذي عادت في عهده عبادة "آمون رع" وعاد الحكم لطيبة مرة أخرى.

الإرتباط إلى اليهودية

أثير الجدل حول صلة أناشيد "أخناتون" بالمزمور (104) من مزامير النبي "داود"، ، حتى أيام اخناتون،ثم عن اعتناق اخناتون لعقيدة التوحيد،وتمجيدة لها في أناشيده،وعلى أن "اتون" "اله الشمس" هو الخالق والحافظ لكل الكائنات. سواء أكان ذلك في مصر،أم في خارجها، وعن الحرارة التى تبدو في تسبيحاتة والتى تشبة تلك التى تسرى بعد ذلك ببضعة قرون في "المزامير"التى تمجد "يهوه" اله اليهود .غير أن اخناتون لم يكتف بهذا السبق المدهش في ميدان المعرفة العلمية، بكشف فوائد الاشعة الشمسية، وانما ذهب الى أبعد من ذلك، وهو أمر مؤكد تماما، فالرجل لم يعبد الشمس على انها شى مادى،بل على انها رمز لكائن مقدس،تنم هذه الأشعة عن قدرته.[3]

حيث إن كليهما تضمن نفس المعاني والأفكار . ففي حين يرى البعض أنه ليس هناك تأثير من نشيد "أخناتون" على (المزمور 104)، وأن الأمر مجرد توارد خواطر، يرى البعض الآخر أن هناك بعض التأثير الذي عللوه باحتمال وصول النشيد إلى آسيا، وبقائه في آدابها تتناقله الأجيال، حتى جاء الوقت الذي بدأ فيه العبرانيون كتابة أسفارهم في القرن الثامن قبل الميلاد.

نشيد أخناتون

نشيد أخناتون الآتي يقدّم صورة جلية عن تأثير الحضارة المصرية والديانة الأخناتونية بالتوراة، عبر تمثّل واضح:-[4]

إنّك تشرقُ جميلاً في أفقِ السماء يا آتون الحيّ يا بدءَ الحياة إنّكَ إذا أشرقتَ من جبل النورِ الشرقي ملأتَ كلَّ بلدٍ بجمالكَ ومحبّّتك إنّكَ جميل، إنك عظيم إنكَ تتلألأُ عالياً فوقَ كلِّ بلد إنّ أشعّتكَ تحيطُ بالأراضي كلها وبكلّ شيءٍ خلقتـَه لأنّك رع، وتستطيعُ الوصولَ إلى نهايتها وتستطيعُ أن تجعلَ كلّ بلدٍ أسيراً لك إنك الإله الذي دانَ الجميعُ بحبّك إنكَ ناءٍ ولكنّ أشعَّتكَ على الأرض

إنّك تشرقُ على وجوه الناس ولا يستطيعُ أحدٌ منهم أن يتكهّنَ بسرِّ قدومِك

حينما تغيبُ في أفقِ السماء الغربي أظلمت الأرضُ وأصبحت تبدو كأنها ميّتة فيستقرُّ الناسُ في حجراتهم وقد غطّوا رؤوسَهم وانخفضَ صوتُ زفيرهِم ولا ترى عيني عيناً أخرى ويتسللُ اللصوصُ إلى المنازل ويولون الفرارَ دونَ أن ينتبهَ إليهم أحد أمّا السباع فهي تخرجُ من عرينها

والثعابينُ تنسابُ وتلدغ ويخيِّمُ الظلامُ ويعمّ الأرضَ السكون عندما يذهبُ خالقها ليستريحَ في أفقهِ الغربي

وإذا أصبحَ الصباحُ تشرق متألقاً في الأفق وعندما تضيء كأتون أثناءَ النهار وتبدّد الظلامَ ويستيقظُ كلٌّ من القطرينِ مهلِّلاً ويصحو الناسُ ويقفونَ على أقدامهم لأنك أنت الذي توقظهم فيغتسلونَ ويلبسونَ ملابسَهم وترتفع أذرعهم معبدين لشروقك ثم ينتشرون في الأرض يباشرُ كلٌّ منهم عمله أما الماشية فهي فرحة في مروجها والأشجارُ والنباتات فهي تزدهر والطيورُ فهي ترفرفُ تاركةً أوكارها وتسبِّحُ أجنحتـُها بحمدِك وتقفزُ الحِملانُ على أقدامها وكلُّ ما يطيرُ أو يحطُّ تهتزُّ أعطافه لأنّكَ تشرقُ من أجله

وتبحرُ السفنُ شمالاً وجنوباً وتعجُّ الطرقُ بالناس أمّا الأسماكُ في النهرِ فهي تقفزُ أمامك إنّ أشعّتكَ تنفذُ إلى أعماق البحر إنكَ تعطي الحياة للجنينِ في أحشاءِ النساء وإنّكَ تضعُ من النطفةِ الرجال وإنّك أنت الذي يعني بالطفلِ في بطنِ أمّه ويكنُّ روعُهُ فلا يبكي

إنك بمثابة المربية للجنينِ وهو لا يزالُ في بطنِ أمّه إنك تهب نسيم الحياة لكلّ إنسانٍ خلقته إذا خرجَ الجنينُ من بطنِ أمّه جعلتَ من ذلك يوم ولادته ثمّ تفتحُ فمّهُ ليتحدّث وتدبّر ما يحتاجُ إليه وإذا صاصَ الفرخُ في بيضتِه فإنك تهبه الهواءَ لتبقيهِ حيّاً ثم تمده بالقوة حتى يثقبَ بيضته ويخرجَ منها يصيصُ بكلِّ ما لديهِ من قوّة ويسعى على قدميهِ إذا خرجَ منها

ما أكثرَ مخلوقاتِك وما أكثر ما خفى علينا منها أنت إلهٌ يا أوحد ولا شبيهَ لك لقد خلقتَ الأرضَ حسبما تهوى أنت وحدك خلقتها ولا شريكَ لك خلقتها مع الإنسانِ والحيوانِ كبيرةً وصغيرة

خلقتها وكلّ ما يسعى على قدميه على الأرض وكلّ ما يحلّق بجناحيه في السماء خلقتَ بلاد سوريا والنوبة ومصر وأقمتَ كلّ إنسانٍ في مكانه ودبرتَ لكلِّ إنسانٍ ما يحتاجُ إليه وجعلتَ لكلٍّ منهم أيامه المعدودة لقد تفرقت ألسنتـُهم باختلافِ لغاتهم كما اختلفت أشكالهم وألوانُ أجسادِهم لأنّكَ أنت الذي يميّزُ أهلَ الأممِ الأجنبية لقد خلقتَ النيلَ في العالمِ السّفليّ ودفعتَ به إلى أعلى بحسب مشيئتك ليحفظَ أهلَ مصرَ أحياء وذلك لأنكَ أنت خلقتهم لأجلِ نفسك وأنت سيدهم جميعاً، الذي يشغل نفسه من أجلهم أنت يا شمسَ النهار يا عظيماً في جلالك

أنت الذي يعطي الحياةَ لكلِّ البلادِ الأجنبية البعيدة لقد جعلتَ نيلاً يهبطُ إليهم من السماء وجعلتَ له أمواجاً تتدافع على الجبالِ كالبحر لتروي حقولَهم التي في قراهم ما أعظمَ تدبيركَ يا سيدَ الأبدية وهبتَ نيلَ السماءِ لشعوبِ الجبال فأحييتَ حيواتِها وكلَّ من يسعى فوقَ أقدامه أمّا النيل فهو يخرج لمصرَ وحدها من العالم السفلي

تغذي أشعتكَ كلّ حديقة ويحيا وينمو كلّ نباتٍ إذا ما أشرقتَ عليه لقد خلقتَ الفصولَ لكي تحيي كلَّ مخلوقاتِك وجعلتَ لهم الشتاءَ ليتعرفوا على بردك ثم جعلتَ لهم الصيف ليتذوقوا حرارتك لقد خلقتَ السماءَ البعيدةَ لتشرقَ فيها وحتى ترى كلّ ما صنعت وذلك عندما كنتَ وحيداً أنت الوحيد الذي تشرق في صورته كأتون الحيّ ساطعاً متلألئاً رائحاً وغادياً

لقد خلقتَ في نفسكَ تلك الأشكال التي تعدّ بالملايين مدناً وقرى وقبائل وجبالاً وأنهاراً كلُّ العيون ترنو إليك لأنّك أنت آتونُ الذي يشرقُ في النهارِ على الأرض

وحينما تغيب وكلّ الخلق الذين أمددتهم بالحياة لكي لا تجد نفسك وحيداً بعيداً يغشاهمُ النعاسُ حتى لا يرى واحدٌ منهم ما خِلقته إنّكَ في قلبي وليس هناك من يعرفك غير ابنك" نفرخبرو رع- إن رع"( صلى اللهُ عليه وسلم) إخناتون ( رضي الله عنه) إنك أنت الذي ثقفتهُ بتدبيراتِكَ وقوّتك إنك أنت الذي أمددتـَهُ بالحكمة أنت الذي صنعتَ الدنيا بيديك وخلقتَ الناسَ كما شئتَ أن تصوّرَهم إذا ما أشرقتَ عاشَ الناس وإذا ما غرُبتَ ماتوا إنّك أنت الحياة ولا يحيا الناسُ إلاّ بك تستمتعُ العيونُ بجمالِكَ حتى تغرب فإذا غربتَ في الأفقِ الغربيّ تركَ الناسُ أعمالَهم كلّها ولكن عندما تشرقُ ثانيةً يزدهرُ كلّ شيءٍ لأجلِ الملك لأنكَ أنت الذي خلقتَ الأرض وأنت الذي خلقتَ الناسَ لأجلِ ابنك الذي ولدَ من صلبِك ملكُ مصرَ العليا ومصر السفلى الذي يحيا في الحقّ سيّد الأرضين ( أخناتون ) الذي يحيا إلى الأبد وكذلك من أجلِ كبرى الزوجات الملكية محبوبته سيد الأرضين ( نفز نفرو آتون ) - ( نفرتيتي )

التي تحيا وتزدهرُ دائماً وإلى الأبد.

الآتونية في الروايات

هناك العديد من الشواهد حول وجود الآتونية قبل عهد "أمنحتب الرابع". فهناك لوحة من عهد الملك "أحمس الأول "جاء عليها "أنه حكم ما يحيط به آتون"، و"أن الملك يرى وكأنه رع، عندما يشرق مثل آتون ومثل خبري في عيونه، وأن أشعته تشبه وجوه أتوم في غرب السماوات" ، ويلاحظ أن "آتون" في هذا النص لم يأخذ مخصص إله، ولعل ذلك يدل على أنه وحتى ذلك الحين لم يكن يُعرف كإله، وإن رأى البعض أن الاسم هنا يشير للربوبية وإن لم يأخذ المخصص، خاصة وأن الإشارة قد وردت ضمن فقرة أطول تُشير لألهية الملك.

وفي إشارة وردة حول موت الملك "أمنحتب الأول" ذكرت "صعد الإله عاليا إلى السماء واتحد مع آتون". وفي نقش آخر يرجع لعهد الملك "تحتمس الثالث" ذكر فيه على لسان الملك "أنه يحكم ما يحكم به آتون". وفي إحدى لوحات التعبد للملك "تحتمس الثالث" نجده يتعبد لقرص الشمس، تتدلى منه الأيدي بالصورة التي ظهر بها "آتون" في عهد "أخناتون".

وفي نص للوزير "رخميرع"، وزير "تحتمس الثالث"، يصف فيه علاقته بملكه قائلاً: "رأيت شخصه في شكله الحقيقي رع إله السماء، ملك مصر العليا والسفلى حين يشرق وآتون حينما يكشف عن نفسه".

وعلى نحو ما ورد في نصوص الأهرام من الدولة القديمة في وصف الشمس وأشعته بـ "إن ذراع أشعة الشمس ترفع الملك"، فقد صور قرص الشمس يحفه ذراعان تطوقانه في عهد الملك "أمنحتب الثاني".

ولقد أصبحت صلة الملك "تحتمس الرابع" والملك "أمنحتـپ الثالث" بعبادة الشمس أكثر قوة ووضوحاً إلى الحد الذي دفع البعض للقول بأن تأليه "آتون" حقيقيةً قد بدأ في عهد "تحتمس الرابع"، والشواهد على ذلك كثيرة، ومنها نص ورد على جعران تذكاري جاء فيه:


"أنه إذ حرض نفسه على القتال وآتون أمامه فإنه ينسف الجبال ويدمر الأراضي الجبلية.....، لكي يخضع سكان الأراضي الجبلية كما أخضع الناس حتى يعبدوا آتون إلى أبد الأبدية".

إن الإجابة على هذه الأسئلة تتلخص في كون "أخناتون" ينفرد بأنه هو وحده الذي أدرك أن الوحدانية هي التي تحقق هذا الأمر. ويقول أحد علماء الآثار في هذا الأمر: (يمكننا أن ندرك أن التفكير الديني في المدة السابقة لحكم "أخناتون" كان يميل إلى الوحدانية، ولكنه كان من الضروري أن نتقدم في هذه الناحية خطوة أو خطوتين لنصل إلى التوحيد الحقيقي، وهذا هو ما فعله "أخناتون" حين أكد بل قطع نهائياً بأن إله الشمس ليس الإله الأكبر والعالمي فحسب، بل هو الإله الوحيد).

ويبدو أن هذه الدعوة الجديدة قد لاقت منذ بدايتها معارضة كبيرة من كهنة الإله "آمون رع"، لأنهم أيقنوا مدى ما سوف يفقدونه من سلطان في حالة نجاح هذه الدعوة.

ولهذا بدأ الصدام بين الملك وكبار رجال الدين من جهة، وبينه وبين بعض العائلات المحافظة من جهة أخرى، ولم يكن أمام الملك سوى أن يعلنها حرباً صريحة على "آمون" وكهنته؛ فأعلن "آتون" إلهاً رسمياً للدولة، بل إلهاً للإمبراطورية كلها، وأمر بتحويل جميع معابد الإله "آمون رع" إلى أماكن لعبادة الإله الجديد، وإزالة اسم "آمون" من عليها. وقد حدث نفس الشيء بالنسبة للآلهة الأخرى. فضلاً عنه أطلق على حي المدينة الذي يقع فيه معبد "آتون" اسم "لمعان/ نور آتون العظيم"، بل إنه أطلق على طيبة نفسها اسم "مدينة نور آتون" ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نجد الملك وقد غيَّر اسمه من "أمنحتـپ" الذي يتضمن في الجزء الأول منه اسم "آمون"، إلى: "آخ ان آتون"، ومعناه: (المفيد، أو المخلص لآتون):

وكان من نتيجة ذلك أن حدث انقسام في البلاد، وخصوصاً في صفوف رجال الدولة، فأبقى منهم "أخناتون" من سانده في دعوته، وأبعد من لم يعترف بإلهه الجديد. وبعد فترة قصيرة وجد "أخناتون" أن جو "طيبة" لم يعد ملائماً لنشر دعوته، فهو جو مليء بالحقد والدسائس والسموم، فما كان منه إلا أن هجر "طيبة"، واختار مدينة جديدة له في مصر الوسطى في محافظة المنيا، وأطلق عليها اسم "آخت- آتون"، أي: (أفق آتون)، وهي المنطقة المعروفة حالياً باسم "تل العمارنة"، والتي قام بتحديد حدودها بلوحات سجل عليها قسماً بأنه لن يغادر هذه المدينة طوال حياته.

واستمر العمل يجري على قدم وساق في المدينة الجديدة بإقامة المنشآت، كالمعابد والقصور والمنازل، والمقابر الملكية، ومقابر كبار رجال الدولة. وفى الوقت الذي كان فيه الملك مشغولاً بإلهه الجديد، وببناء مدينته الجديدة، كانت الأمور تسير في غير صالح مصر في كافة أرجاء الإمبراطورية، وخصوصاً في آسيا. حيث إن الإمبراطورية المصرية في أواخر أيام "أمنحتـپ الثالث" كانت آخذة في التداعي، وكانت في حاجة إلى ملك قوي الشكيمة يستطيع أن يرد عنها شر الجيران الطامعين. وكان الأمراء والحكام بين مخلص يريد الخير لمصر، وناشز يتمنى لو أُتيحت الفرصة للتخلص من الحكم المصري.

ولما كان "أخناتون" رجلاً مثالياً يعيش في مناخ الحق والصدق، فقد آمن بما كانت تقوله عصبة المنافقين، ولم يكلف نفسه عناء معرفة حقيقة الأمر خارج مصر، رغم أن بوادر الانهيار كانت تتضح يوماً بعد يوم. فلقد أخذت مملكة "خيتا" تغير بين الحين والآخر على أطراف سوريا، وتضمها إلى ممتلكاتها ولاية من بعد أخرى. كما أخذت مدن كثيرة في فلسطين وفينيقيا تستقل بنفسها، وتخرج عن طوع ملك مصر. بل إن بدو الصحراء أيضاً أخذوا يثيرون القلاقل والمتاعب، ومنهم قبائل "الخابيرو".

ولم يترك الحكام المصريون أو الأمراء الآسيويون المخلصون لمصر وسيلة من الوسائل إلا لجأوا إليها، فأرسلوا الرسل يحملون الكتب إلى الملك "أخناتون"، ولكنه لم يُبد اهتماماً، بل إنهم أرسلوا إلى أمه الملكة "تي" لعلها تجعل ابنها يفيق من غفلته، ولكنه لم يحرك ساكناً، ورفض أن يتخذ موقفاً من الأحداث التي تجري من حوله، واكتفى بالتعبد لإلهه، ووضع الأناشيد في مدحه والثناء عليه. وهذه هي صرخة أحد المخلصين لمصر، "ربعدى" حاكم "جُبيل"، والذي بعث برسالة إلى "أخناتون" يقول فيها:

إن والدك لم يخرج إلينا بجولة تفتيشية على أقاليمه ومقاطعاته، منذ عاد أبوك من "صيدا" بدأ القوم يتصلون بالعدو، والبعيد عن العين بعيد عن القلب كما يقولون.

وقد أرسل "ربعدي" إلى أخناتون أكثر من 50 كتاباً، ولكنه كان يصم أذنيه. ولما أصبحت "جبيل" مهددة تماماً بالغزو من "خيتا" عدوة مصر، أرسل للملك يقول: "ها هو ذا الملك قد سمح بأن تخرج المدينة المخلصة من يده".

ولم يقف الأمر عند حد الانهيار الخارجي، بل إن المؤامرات بدأت تحاك ضد الملك في الداخل، وكاد المتآمرون في مرة من المرات أن يصلوا إلى غرضهم، لولا يقظة حراس الملك. وبعد هذه المؤامرة أيقن الملك أنه من الأفضل له أن ينزوي في قصره حيث قرب إليه المتملقين والمنافقين، ونذكر منهم شخصاً أجنبياً يدعى "توتو"، بدأ حياته في القصر خادماً، ثم لم يلبث أن أصبح صاحب اليد العليا فيه.

ونعود لأخناتون ودعوته الجديدة، فبعد أن سار "أخناتون" شوطاً طويلاً في عقيدته الجديدة، نراه يتخذ رمزاً لإلهه على هيئة قرص الشمس، تنزل منه أشعة تنتهي بأيدٍ بشرية تمسك بعلامة الحياة، كأنما هي تهب الحياة للمتعبدين.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأدب

  • Aldred, Cyril, Akhenaten, King of Egypt ISBN 0-500-05048-1
  • Redford, Donald B., "Akhenaten: The Heretic King" ISBN 0691002177[5]
  • Reeves, Nicholas, "Akhenaton: Egypt's False Prophet" ISBN 0500285527
اقرأ نصاً ذا علاقة في

Great Hymn to Aten



أنظر أيضا

المصادر