أبرهة

أبرهة أبرهة الحبشي ويقال له أيضاً أبرهة الأشرم (ت. 570)[1] ح. 525—عام 553[2])، كان قائد إثيوپي ثم نائب ملك أكسوم في جنوب شبه الجزيرة العربية، وفيما بعد أعلن نفسه ملكاً مستقلاً على حمير. حكم أبرهة بلاد اليمن والحجاز من عام 531-547 حتى 55-565[3][4] ذكر أبرهة في المصادر البيزنطية والسريانية ونصوص خط المسند ونُسجت حوله العديد من الروايات والأساطير .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

خريطة مرجعية لامبراطورية كالب من أكسوم.

جاء أبرهة إلى اليمن في الحملة التي أرسلها ملك الحبشة النجاشي أصحمة، بقيادة أرياط، لغزو اليمن والانتقام لمقتل المسيحيين في حادثة الأخدود على يد الملك ذي نواس، فصارت اليمن تابعة للحبشة، وتولى أرياط الحكم فيها في ظل ملكها الحميري السميفع.

تختلف الروايات في حقيقة العلاقة بين أرياط وأبرهة، فتجعل بعضها أرياط رئيساً على أبرهة وأخرى تجعله نداً له في قيادة جيش الحبشة.

ثم نازع أبرهة أرياط في أمر الحبشة باليمن، وجرت بينهما مبارزة شرم فيها أرياط عين أبرهة وأنفه، فلقب لذلك بالأشرم، أما أرياط فقتله غلام لأبرهة.

ويقال إن السميفع لم يكن على شيء من الحزم فتألب عليه الجند عام 531 واتفقوا على تمليك أبرهة الذي استقل باليمن وتلقّب بألقاب الملوك وامتنع عن إرسال الجزية للنجاشي.

وحاول النجاشي أن يستعيد سيطرته على اليمن فأرسل تجريدتين لتأديب أبرهة أخفقتا. وتجمع الروايات على أن النجاشي حلف ألا يدع أبرهة إلا أن يطأ بلاده ويجز ناصيته ويهرق دمه، فكتب إليه أبرهة كتاباً فيه تودد واعتذار أرضى النجاشي فثبته على عمله بأرض اليمن، فأصبح أبرهة في حكم الملك المستقلّ وإن اعترف اسمياً بسلطة النجاشي وأدى إليه الجزية، مما جعل الأحوال تستقر بينهما.

قامت في اليمن عدة ثورات على أبرهة في زمن حكمه الذي امتدّ نحو أربعين عاماً استطاع أن يخمدها جميعاً، وعقد معاهدات مع بعض أقيال سبأ، وتوافدت إليه الوفود من الحبشة وفارس وبيزنطة ومن غسان الشام مما يدلّ على المكانة والقوة التي وصل إليها.[5]

عني أبرهة بالعمران، فأعاد ترميم سد مأرب الذي كان قد تصدع، ويدل على ذلك رَقيم وجد عند السد (يتألف من 136 سطراً ونحو 470 كلمة) نقشت عليه كتابة تفسر كثيراً من الأحداث في حكم ابرهة.


أبرهة في المصادر الإسلامية

تمكن أبرهة من إعادة نشر المسيحية في اليمن، وبنى عدة كنائس منا «القُلَّيْس» بصنعاء، كانت من عجائب البناء في عظمتها وضخامتها وتزويقها، أراد بها أن تكون كعبة العرب بدلاً من «البيت» وتحويل أنظار القبائل العربية إلى صنعاء وربط اليمن بالشام، ولما أخفق في تحويل العرب إلى حج «القلَّيس» جهز حملة لهدم الكعبة سار في مقدمتها، ولكنه أخفق في دخول مكة وتحقيق هدفه.

القرآن ذكر قصة أصحاب الفيل والغالب عند المفسرين أنها تحكي قصة أبرهة رغم أن القرآن لم يذكر اسمه وكذا الحال في قصة أصحاب الأخدود لم تذكر ذو نواس ولا من معه.

المشهور في التفسير يحكي أن أبرهة بنى كنيسة ضخمة اسمها القليس في صنعاء وبالفعل يوجد في اليمن موقع بصنعاء القديمة يسمى غرقة القليس ولكن كلمة "قليس" مشتقة من "قلسن" بالحميرية وتعني كنيسة، فغرقة القليس قد تكون مقرا لأي كنيسة فالمسيحية موجودة باليمن من القرن الرابع. وكان هدف بناء الكنيسة على ماأورد الرواة، هو صرف العرب عن حج مكة وتحويل أنظارهم إلى كنيسته في صنعاء بعد أن أحدث فيها رجل من "بني فقيم" ذكره الطبري بأنه "من أهل البيت الذي تحج له العرب". ويحكي الرواة أن رجلا من بني سليم كان عند أبرهة اسمه "محمد بن خزاعي" كان يتودد للملك فدخل عليه يوما وهو يأكل 'الخصي" فقال محمد لأخيه قيس :"والله لئن أكلنا هذا لا تزال تسبنا به العرب ما بقينا" ثم قام أبرهة بتعيين "محمد" هذا سيدا على مضر وأمره أن يدعو الناس بالحج إلى الكنيسة فلما وصل لديار بني كنانة ضربه رجل منهم بسهم مما أثار غضب أبرهة وعزم أن يهدم الكعبة لأجل ذلك. بل تذكر أهل الأخبار أن الكعبة كانت معظمة عند اليمنيين قبل الإسلام، فما أن علم رجل اسموه في كتبهم "ذو نفر" بنية أبرهة حتى عزم القتال دفاعا عن البيت، فقاتل أبرهة وغُلب "ذو نفر" ويذكر الطبري بعض مايدعم نقوش المسند وكتابات البيزنطة التي عاصرت أبرهة ماشأنه أن الأشرم كان "حليما" فلم يقتل أعدائه [6]

وبلغ أبرهة بلاد خثعم وكان نفيل بن حبيب الخثعمي قد جمع خثعم لحرب أبرهة وقاتلت خثعم الأحباش قتال عظيم ولكنها هزمة في نهاية المطاف و أسر أبرهة نفيل بن حبيب وسار الى الطائف وبلغ بلاد ثقيف فلم تبد مقاومة وخرج قائدهم المدعو "مسعود بن معتب" فقال : أيها الملك، إنما نحن عبيدك، سامعون لك مطيعون، ليس لك عندنا خلاف، وليس بيتنا هذا بالبيت الذي تريد إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك" فلما اقترب أبرهة من مكة إستولى على إبل بني هاشم وبعث رجلا يدعى "حناطة" الحميري ليسأل عن شريف المنطقة فقيل له هو :"عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي " فتوجه حناطة هذا وقال لعبد المطلب إن الملك لايريد حربكم إنما جاء ليهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم، فإن لم يرد حربي فأتني به.

فخرج عبد المطلب مع حناطة نحو معسكر أبرهة وسأل عن "ذو نفر" المذكور آنفا وتزعم كتابات أهل الأخبار أنه كان صديقا له فقال له: يا ذا نفر، هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر، وكان له صديقا : وما غناء رجل أسير في يدي ملك، ينتظر أن يقتله غدا أو عشيا. ما عندي غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيسا سائق الفيل لي صديق، فسأرسل إليه، فأوصيه بك، وأعظم عليه حقك، وأسأله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما تريد، ويشفع لك عنده بخير، إن قدر على ذلك. قال : حسبي، فبعث ذو نفر إلى أنيس، فجاء به، فقال : يا أنيس إن عبد المطلب سيد قريش، وصاحب عير مكة، يطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال، وقد أصاب الملك له مائتي بعير، فاستأذن له عليه، وانفعه عنده بما استطعت، فقال : أفعل.

فدخل عبد المطلب على أبرهة سائلا إياه أن يرد له العير أو الإبل التي سلبها منه فعجب أبرهة وأحتقره رغم أنه أكرمه حينما رأى وسامته على روايات الإخباريين، متعجبا منه كيف يطلب الإبل ويترك البيت الذي جاء لهدمه فأجاب عبد المطلب إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه فلما رفض أبرهة طلب عبد المطلب، خرجت قريش إلى الجبال تنظر مافاعل أبرهة في كعبتهم. وفي صبيحة اليوم التالي عزم أبرهة على تنفيذ مخططه وهيأ الفيل الذي جلبه من صنعاء واسم الفيل كان "محمود".

فقام الخثعمي الذي أسره أبرهة بالهمس في أذن الفيل قائلا: " ابرك محمود، وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام " فبرك الفيل ولم يقم. فوجهه أبرهة جهات مختلفة عن مكة فقام "يهرول" ورفض الهرولة ناحية مكة. وإذ هم في إنشغالهم حتى خرجت طيور من البحر تحمل ثلاث حجارة، واحدة في مناقيرهم وإثنتان في أرجلهم أصابت جميع الجيش فحاولوا الفرار وسألوا الخثعمي طريق العودة وأورد أهل الأخبار بيتا شعريا منسوبا إليه جاء فيه:

أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب غير الغالب

ويقول الطبري :

«خرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلكون على كل منهل، فأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم، فسقطت أنامله أنملة أنملة، كلما سقطت أنملة أتبعتها مدة تمث قيحا ودما، حتى قدموا به صنعاء، وهو مثل فرخ الطير، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون»

وكان الطبري ينهي كل فقرة بعبارة والله أعلم.

خلف أبرهة على ملك اليمن ابنه يكسوم، وكان ظالماً، فلما مات ملَكَها أخوه مسروق وكان أشد ظلماً من أخيه، وفي أيامه دخل الفرس اليمن وانتهى حكم الحبشة.

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ Stuart Munro-Hay, "Abraha" in Siegbert von Uhlig, ed., Encyclopaedia Aethiopica: A-C (Wiesbaden: Harrassowitz Verlag, 2003)
  2. ^ S. C. Munro-Hay, Aksum: An African Civilization of Late Antiquity (Edinburgh: University Press, 1991), p.87
  3. ^ The Oxford Handbook of Late Antiquity edited by Scott Fitzgerald Johnson p.287
  4. ^ Muhammad and the Origins of Islam By Francis E. Peters p.88
  5. ^ ج.ت. "أبرهة الأشرم". الموسوعة العربية. Retrieved 2014-07-06.
  6. ^ تفسير الطبري، تفسير سورة الفيل، الجزء الرابع والعشرون ص ٦١٠

قراءات إضافية

  • الطبري، تاريخ الملوك والأمم (دار القلم، بيروت).
  • ابن الأثير، الكامل (دار الكتاب العربي، بيروت).
  • ابن هشام، السيرة النبوية (دار الجيل، بيروت 1975).
  • Gonick, Larry. The Cartoon History of the Universe III: From the Rise of Arabia to the Renaissance. ISBN 0-393-32403-6 W. W. Norton & Company, New York, 2001.