مقرن بن زامل

رأس الملك مقرن على درع أسرة أنطونيو كوريا، كونتات مدينة لوزان بالبرتغال، حتى اليوم.[1]

مقرن بن زامل (ت. 2 أغسطس 1521) هو حاكم شرق جزيرة العرب، بما فيها الأحساء والقطيف والبحرين وآخر حاكم الإمارة الجبرية بالبحرين. وقد هـُزم في معركة، في 27 يوليو 1521، أمام البرتغاليين الغزاة الذين أخضعوا جزر البحرين في 1521. ولما كان قد اُسـِر في المعركة، فقد مات ربما متأثراً بجروحه بعد بضعة أيام. القائد البرتغالي، أنطونيو كورّيا، لاحقاً رسم رأس الملك مقرن النازفة على درع أسرته.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

في شهر ذي الحجة من عام 912هـ "وصل (إلى مكة) الشيخ محمد بن أجود بن زامل وولده وابن أخيه مقرن بن زامل وابن عم أبيهم صالح وغيرهم من أهلهم وجماعتهم وهم فيما يقال نحو الثلاثين ألفا أو خمسين أو ستين أو مائة (ألف) والله أعلم من جهة المدينة".

في أحداث سنة 925هـ "وذكروا أن بدوهم (هكذا) وقع فيها قتال بين سلطانهم مقرن بن زامل وبين قريبه في قرية قريبة منه وكان دعي له في بعض البلدان فغيب الشيخ (مقرن) على القاضي محمد بن فرق (هكذا) وفر إلى بلدة أخرى خارجة عن أعمال بلاده فالله تعالى يحميه17.

وفي أحداث شهر محرم سنة 927هـ "وازداد ذلك (الغلاء) عند وصول الشيخ مقرن بن زامل الجبري إليها (المدينة المنورة) وكان تأخر عن الحاج الشامي عند عرب زبيد (من قبيلة حرب) لزواجه بابنة شيخهم مالك بن رومي واعطاها ألف دينار وقسم على أقاربها جمله وأعطى أهل المدينة صدقة وسافر ولم يقسم".


ارتقاؤه سدة الحكم

مقرن ارتقى سدة الحكم بعد وفاة أحد أقوى الحكام الجبريين، أجود بن زامل، الذي يحتمل أن يكون جد مقرن. مقرن كان أحد ثلاثة أشقاء جبوريين حكموا فيما بينهم إمارة بني جبر التي ضمت الساحل الشمالي لعُمان ومنطقة البحرين-القطيف؛ مقرن حكم المنطقة الأخيرة من عاصمته في الحسا. وقد رفض أن يدفع الجزية للتحالف البرتغالي-الهرمزي المتوسع والآتي ليسيطر على كل الطرق البحرية، مما دفع الحليفين لإرسال قوة غزو لإخضاع البحرين[2].

وقد أشار المؤرخ المصري العربي ابن إياس إلى مصرع الشيخ مقرن في سرده لأحداث عام 928 هـ (1521 م) في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور" إذ كتب يقول:

وأشيع قتل الأمير مقرن أمير عرب بني جبر متملك جزيرة البحرين ... وكان أميراً جليل القدر، معظماً مبجلاً، في سعة من المال، مالكيّ المذهب، سيد عربان المشرق على الإطلاق، وكان قد أتى إلى مكة وحج في العام الماضي، وكان يجلب إلى مكة اللؤلؤ والمعادن الفاخرة من المسك والعنبر والعود والقمارى والحرير الملون وغير ذلك من أنواع التحف، وقيل أنه لما دخل مكة والمدينة تصدق على أهلها بنحو خمسين ألف دينار، فلما حج ورجع إلى بلاده لاقته الفرنج في الطريق وتحاربت معه فانكسر الأمير مقرن وقبضوا عليه باليد وأسروه فسألهم أن يشتري نفسه منهم بألف ألف دينار فأبى الفرنج ذلك وقتلوه بين أيديهم ولم يغن عنه ماله شيئاً، وملكوا قلعته التي كانت هناك، واستولوا على أموال الأمير مقرن وبلاده، وكان ذلك من أشد الحوادث في الإسلام وأعظمها، وقد تزايد شر الفرنج على شواطئ البحر وسواحل المحيط الهندي[3].

والواضح أن ابن إياس لم يعرف بتفاصيل المعركة التي دارت. فالمصادر البرتغالية تشيد بشجاعته وتذكر أنه مات متأثراً بجراحه التي أصيب بها في المعركة. وربما كان الشيخ مقرن قد عرض دفع ما في ذمته لملك هرمز من ديون العوائد المنقطعة والتي كانت السبب المعلن لتجريد الحملة. غير أن الهذه المفاوضات فشلت، وعلى إثر ذلك اشتدت المعارك التي أصيب فيها الأمير العربي. وقد يكون قد عرض الفدية بعد أسره.[1]

الرحالة الإنجليزي من القرن التاسع عشر، جيمس سيلك بكنگهام في سرده لأحداث الغزو انتقد بشدة المعاملة "المهينة" لجثمان مقرن:

أثناء رحلات البرتغاليين في تلك البحار، الأحساء كانت مقر ملك، تخضع له جزر البحرين وميناء القطيف؛ وهناك قصة في التاريخ البرتغالي عن ذلك الوقت، وتحكي القصة عن تجريدة من هرمز ضد البحرين، وعن مـُكـْرِم Mocrim [الملك مقرن]، ملك الأحساء Lahsa، الذي رفض دفع الجزية للتجريدة. ولذلك استولى على البحرين جيش مشترك من البرتغاليين والفرس؛ وقد قام أنطونيو كورّيا، قائد البرتغاليين، بإضافة لقب البحرين لاسمه. وخلال المعارك، كان "الريس شرفو" Reis Xarafo (الشيخ شرف الدين)، قائد الأسطول الفارسي، يتابع الأحداث كمتفرج غير مهتم؛ ولكن بعد هزيمة الملك مقرن واصابته بطلق ناري في فخذه ثم أسره ثم وفاته بعد ستة أيام وبعدها أخذه البرتغاليين ليـُدفن في الأحساء. عندئذ فقط قام هذا المشاهد الجبان ذو الدم البارد بالذهاب إلى البلدة، وقطع رأس الملك مقرن، وأرسلها إلى هرمز. ما بدى على نفس القدر من الخسة كان، قيام كورّيا، القائد البرتغالي، لتخليد نصيبه من هذا الحدث، فقد حصل على إذن ليحمل رأس الملك النازف على درعه، والذي ما زال درع أسرته يحمله حتى اليوم، كما يخبرنا مؤرخ بلاده، المولود من نسله[4].

الرأس المقطوع ما زال أحد مكونات درع كونت لوزان Lousã، سليل كورّيا في البرتغال[5].

ويعتبر الشيخ مقرن بن زامل أول حاكم في المشرق الإسلامي يستشهد في معركة ضد المستعمرين البرتغاليين. وهزيمة مقرن بدأت نحو ثمانين عاماً من الحكم البرتغالي للبحرين.

مثل سابقيه، فقد تمتع مقرن بنفوذ واسع في نجد. وفي عهده، ما نسميه اليوم بمدينة الرياض كانت تـُعرف باسم مـِقرن، والتي يعتقد بعض العلماء بأن الاسم الحالي هو اختصار رياض مـِقرن (أي "حدائق مـِقرن")، التي صارت لاحقاً "الرياض."

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب علي بن إبراهيم الدرورة (2001). تاريخ الاحتلال البرتغالي للقطيف. أبو ظبي: منشورات المجمع الثقافي.
  2. ^ Juan Cole, Sacred Space and Holy War, IB Tauris, 2007 p37
  3. ^ ابن إياس. بدائع الزهور في وقائع الدهور.
  4. ^ James Silk Buckingham Travels in Assyria, Media, and Persia, Oxford University Press, 1829, p459
  5. ^ Charles Belgrave, The Pirate Coast, G. Bell & Sons, 1966 p8