كوندور (صاروخ أرجنتيني)

شعار Dirección General de Desarrollos Espaciales (المديرية العامة لتطوير الفضاء)، المجموعة المسئولة عن المشروع في القوات الجوية الأرجنتينية.
هذا المقال عن الصاروخ الأرجنتيني/الشرق أوسطي كوندور/بدر ، للصاروخ الجو-أرض التابع للبحرية الأمريكية، انظر إيه‌جي‌إم-53 كوندور.

الصاروخ الأرجنتيني كوندور، كان برنامج أبحاث فضائي متعدد الجنسيات بدأ في السبعينيات. ينطوي البرنامج على جهد بارز قامت به شركة إم‌بي‌بي الألمانية (بالاشتراك مع مجموعة داليمار إيه‌جي)، وفيما بعد تم تطويره إلى برنامج صواريخ باليستية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كوندور-1

كوندور الأصلي[1] كان له إمكانيات عسكرية محدودة لكنه ساعد على بناء خبرة استخدمت فيما بعد في برنامج صواريخألاكران.[2] برنامج ألاكران تم تطويره إلى صاروخ باليستي وظيفي قصير المدى.


كوندور-2

أثناء وبعد حرب فوكلاندز (إسپانية: Guerra de las Malvinas) فرنسا (التي تورد الصواريخ) فرضت حظر الأسلحة على الأرجنتين، مما دفع بالقوات الجوية الأرجنتينية، تحت قيادة إرنستو كرسپو، لتطوير صاروخها متوسط المدى إلى برنامج كوندور-2[3].

أطلق هذا البرنامج بالتعاون الوثيق مع مصر، ثم العراق[4] (الإصدار العراقي منه بدر-2000),[5] إلا أنه تم إيقاف البرنامج في أوائل التسعينيات بأمر من الرئيس كارلوس منعم بسبب الضغط السياسي من الولايات المتحدة.[6] تم تطوير الصاروخ في فالدا دل كارمن، محافظة قرطبة. مصمم ومصنع الصاروخ كان المهندس ميگل ڤيسنته گريرو الذي تلقى تدريبه في معهد مساتشوستس للتكنولوجيا.

عام 1997، أعلمت القوات الجوية الأرجنتينية الكونگرس الأمريكي أنها لا تزال تمتلك 2 من الصواريخ التي سيتم تدميرها.[بحاجة لمصدر]

برنامج التطوير

الصاروخ ألاكران، تصميمه يعتمد على كوندور IAIII المبكر.

أثناء حضور العميد حسام الدين خيرت، مهندس صواريخ مصري، دورة تأهيلية للدفع الصاروخي في النمسا، بترتيب من المهندس سيد يونس، رئيس مجلس إدارة مصنع 18 الحربي للوقود الصاروخي في أبو زعبل، حضرها معه أيضًا صديقه القديم في الكلية الفنية العسكرية المهندس عبد القادر حلمي.[7]

تعرف حسام خيرت -بواسطة سيد يونس- على عالم صواريخ ألماني، الذي أطلعه على نظام صاروخي تطوره إيطاليا مع الأرجنتين، ووافق العالم الألماني على أن يكون حلقة الوصل بين مصر والأرجنتين في مجال تطوير مشترك للصاروخ الباليستي كوندور-2.

ولتأكيد جميع المعلومات المتعلقة بهذا المشروع، قام حسام خيرت بزيارة مقار الشركات ذات العلاقة بالمشروع في كل من ألمانيا وإيطاليا والأرجنتين والبرازيل ثم فرنسا، حيث التقى في الأخيرة بالمشير أبو غزالة أثناء زيارة رسمية لباريس، واقتنع أبو غزالة بفكرة المشروع، وحدّد هدفه في: "تحقيق تعاون لتطوير صاروخ باليستي مصري طويل المدى (مدى 1000 كم فأعلى، وصواريخ لإطلاق أقمار صناعية) يتم تصنيعه محليًّا، وبناء كوادر علمية مصرية تشكل قاعدة لبناء وتطوير الصواريخ مستقبلًا"، مع شركة متعددة الجنسيات (آي فات)، وفرنسية وألمانية وإيطالية وأرجنتينية.

كما نجح المشير أبو غزالة في إقناع الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، بمشاركة مصر بالتمويل في هذا المشروع، على أن يحصل العراق على نفس المصنع والتكنولوجيا التي ستحصل عليها مصر، وفي نفس توقيت حصول مصر عليها. وبالفعل كانت شحنات الطائرات والسفن تنقل أجزاء المصانع لمصر والعراق في توقيت واحد.

وللتأكد من جدية المشروع المصري طالب الجانب العراقي الاطلاع على وثيقة التعاقد بين مصر والشركة الأجنبية المتعاقدة، وقد تحقق له ذلك بزيارة وزير التصنيع الحربي العراقي، رشيد عامر، للقاهرة، كما طلب العراق أن يعقد لقاء بين حسام خيرت وخبير الصواريخ العراقي عامر السعدي، الذي وجّه إلى حسام خيرت أكثر من ثمانين سؤالاً فنيًّا حول المشروع أجابه عليها جميعًا؛ وبذلك وافق صدام حسين، في عام 1984، على المشاركة في المشروع وتمويله. ولما كان مشروع تطوير الصاروخ (كوندور-2) مشتركًا أساسًا بين ألمانيا والأرجنتين، فقد تعاقدت مصر مع الشركة الألمانية (IFat) في سالزبورج لإنتاج محرك الصاروخ.

تم تعيين حسام خيرت مديرًا للمشروع ومعه ثمانية من المهندسين المصريين، وكان مقر إدارة المشروع في مونت كارلو بجنوب فرنسا عام 1984، مع وجود مكاتب فرعية لها في الأرجنتين (لتطوير المحرك)، وفي مونت كارلو (لتطوير نظام التوجيه والتصنيع)، وفي إيطاليا (لمستلزمات المحرك)، وفي ألمانيا (خلاطات وقود الصواريخ)، وتم توزيع الضباط المهندسين المصريين بين هذه المكاتب، وكان الاسم الحركي لحسام خيرت "د. أحمد يوسف".

في العام 1986، وأثناء عمل حسام خيرت في فرنسا، وبعد اطلاع الخبراء الألمان على حقيقة الخبرات والإمكانات الفعلية لديه لتطوير وصناعة الصواريخ، عرضوا عليه وديًّا مليون دولار مرتبًا سنويًّا لكي يعمل لصالحهم؛ فرفض ذلك، وعلم أنهم يدبرون لاحتجازه في فرنسا ليعمل مُجبرًا، ولكنه فاوضهم، واتصل بالمشير أبو غزالة لإبلاغه بالقصة، فطلب من حسام خيرت أن يفاوضهم على أن يطلب منهم مخاطبة الجيش المصري كتابة بهذا العرض، وحصل حسام خيرت بالفعل على المليون دولار، وتنازل عنها لصالح مركز البحوث التابع لهيئة التسليح، وأكمل العمل بصفته ضابطًا في الجيش المصري.

المشاكل التي واجهت المشروع

نماذج كوندور 2 في عدة مراحل من إنجازها. المكان: الأراضي الشمالية لاختبار سلاح الجو.

تعرض مشروع الصواريخ (كوندور-2) إلى مشاكل وعقبات أمنية وفنية عديدة، كان أخطرها محاولات الموساد اغتيال ونسف معدات المشروع أثناء نقلها إلى مصر، لا سيما بعد أن برز في تحقيق الأهرام، المشار إليه آنفًا بتاريخ 24/12/1982، الدور المحوري الذي يلعبه حسام خيرت في مشاريع الصواريخ في مصر، فرغم أنه كان يعمل تحت غطاء دبلوماسي باسم د. يوسف، إلا أن الموساد تمكن من رصد المكان الذي يقيم فيه في سالزبرج، والشخصيات الأجنبية التي يتعامل معها في المشروع، وقام في عام 1987 بتفجير سيارة تابعة لأحد مديري المشروع الأجانب في نيس، وتم تقييدها ضد مجهول. كما تتبعت وحدة (كيدون) التابعة للموساد، والمكلفة بخطف أو قتل الشخصيات المعادية لإسرائيل، حركة حسام خيرت في دول أوروبا (النمسا، فرنسا، ألمانيا) بهدف خطفه، واكتشف ابن حسام خيرت (خالد) وجود سيارة تراقب المنزل على مدار الساعة، وكان قد تم نقل مركز إدارة المشروع إلى سالزبرج في النمسا في أغسطس 1987.

كذلك قام الموساد باغتيال أحد العلماء الألمان المتعاونين مع حسام خيرت في المشروع. كما تعرض قبل ذلك الملحق التجاري المصري في سويسرا في أغسطس 1987، "علاء نظمي"، للاغتيال في جراج منزله، واستولى مجهولون على حقيبة مستنداته السرية، كما تعرضت أيضًا السفيرة المصرية في النمسا لمحاولة اغتيال حطمت وجهها باستخدام قنبلة مزروعة في هاتفها النقال.. وقد ردَّت الأجهزة الأمنية المصرية الدم بالدم، قبل أن يتم عقد هدنة في عام 2002؛ منعًا لانفجار فضيحة دولية رتبتها مصر لأربعة من أرفع قادة الجيش الأمريكي.

أما على الصعيد الفني، وفي سياق تنمية المشروع، فقد كانت هناك حاجة ماسة لشراء مواد غير متوافرة آنذاك إلا في الولايات المتحدة، مثل شرائط الألياف الكربونية اللازمة لتصنيع فوهة الصاروخ (Nozzel)، وهي شرائط مشبعة باللدائن (Resin)، وتحفظ في ثلاجات، وتنتجها شركة فيبرايت Fiberite لصالح تصنيع الصاروخ الباليستي (إيريان). وقد بحث حسام خيرت عن من يساعده في الولايات المتحدة للحصول على هذه المادة، ولم يجد سوى صديقه القديم في الكلية الفنية العسكرية، د. مهندس عبد القادر حلمي، الذي كان يعمل في مؤسسة (ناسا) الفضائية، لكي يعتمد عليه لتوفير هذه المواد.

وقد تمكن عبد القادر حلمي من تعديل الخلل في منظومة الدفع الصاروخي؛ باستخدام الوقود الصلب لمكوك الفضاء (ديسكفري) بدلًا من الوقود السائل؛ حتى لا يتعرض للانفجار مثل مكوك الفضاء (تشالنجر) في عام 1982؛ مما لفت أنظار العلماء ورجال المخابرات الأمريكيين إليه، وحصل على تصريح أمني من المستوى (A)، سمح له بالدخول في قواعد البيانات ومعامل اختبارات الدفع النفاث في جميع أنحاء الولايات المتحدة دون أي قيود، وهو تصريح أمني سري من الحكومة الأمريكية، أُعطي له باعتباره أحد العلماء المسموح لهم بالاطلاع على البرامج الدفاعية الأمريكية عالية السرية دون قيود، وهذا التصريح لا يمتلكه الرئيس الأمريكي، ولكن يستخدم حقه الدستوري، وليس الهيكلي، للاطلاع على المشاريع عالية السرية.

كما شارك حلمي في تصنيع وتطوير قنابل الدفع الغازي التي تعتمد على الوقود المعروفة باسم Fuel/Air Explosive Bomb (FAE bomb)، وتنتمي لعائلة القنابل الارتجاجية Concussion Bombs، وهو ما يطلق عليه أسلحة التفجير الحجمي Volume Detonating Weapons (VDW)، وهي بمثابة قنابل نووية تكتيكية دون تأثير إشعاعي، ويصل تأثير القنبلة ذات الرأس ألف رطل إلى إحداث دمار وإبادة كاملة في محيط 50 مترًا، ودمار جزئي في محيط 850 مترًا، ويمكن أن يتسع تأثيرها بزيادة حجم القنبلة، وتعتمد في تأثيرها على ما تولده من موجة ضغط عالية قد تصل إلى أكثر من 30 ضغط جوي، وعندما تصبح نسبة الوقود إلى الأكسجين ملائمة، يكفي توليد شرارة أو رفع درجة الحرارة بنسبة معينة، أو رفع الضغط بطريقة مفاجئة، وبما يؤدي إلى إشعال الخليط وحدوث انفجار ينتشر من نقطة الاشتعال إلى أقصى أطراف السحابة في فترة لا تزيد عن بضعة أجزاء من مليون جزء من الثانية، وبما يؤدي إلى إبادة البشر وتدمير المنشآت والأسلحة والمعدات والملاجئ والتحصينات.

وقد سبق أن استخدمت أمريكا هذا السلاح في حرب فيتنام، وفي فتح الثغرات في حقول الألغام العراقية بجنوب العراق في 24 فبراير 1991 في حرب تحرير الكويت؛ حيث استخدمت غازات أكسيد الإثيلين، وأكسيد البروبيلين في قنابل Lu-95 زنتها 1000 رطل، ويستخدم حاليًّا الجيل الثالث من هذه القنابل Lu-96، حيث يتم تفجير السحابة على ارتفاع محدد من سطح الأرض، ثم يتبعها انفجار آخر يقابل موجه الضغط المرتدة من سطح الأرض؛ مما يضاعف من حجم التدمير والإبادة.

ولأن هذا النوع من القنابل يماثل في تأثيره الأسلحة النووية التكتيكية؛ فقد حرص المشير أبو غزالة على تزويد الرأس الحربية للصاروخ كوندور-2 بهذا النوع من قنابل الوقود الغازي FAE bomb؛ ليشكل رادعًا مضادًا للأسلحة النووية الإسرائيلية، لا سيما إذا ما حصلت جميع الدول العربية المحيطة بإسرائيل، وفي العمق العربي، على صواريخ كوندور-2 المسلحة رؤوسها بهذا النوع من القنابل.

وقد تمكن عبد القادر حلمي من تسريب وثائق هذا النوع من القنابل إلى مصر، وأظهرت تقارير وكالة المخابرات الأمريكية فيما بعد أنه ظل يقوم بإمداد دوري مستمر لآخر وأحدث أبحاث هذا النوع من القنابل إلى مصر، في شكل وثائق وتصميمات عالية السرية، حتى 7 مارس 1986، وفي ذات الوقت الذي كان فيه حسام خيرت يدير شبكة فنية - استخباراتية معقدة في عدة دول أوروبية وأمريكا اللاتينية؛ لتوفير الدعم اللوجيستي لمشروع (كوندور-2)، عبر شركات متعددة الجنسيات لا تمت بصلة لأي اسم مصري أو عربي، وذلك من مكتبه في (نيس)، ثم في سالزبورج بعد ذلك؛ لتوفير أجزاء المصانع والمعدات والمواد والأدوات المطلوبة للمصنعين المصري والعراقي.

عند هذه المرحلة من عام 1986 كانت مراحل تصنيع الصاروخ كوندور-2 قد وصلت ذروتها، وتوقفت عند احتياج المشروع لبرمجيات ومواد عالية السرية وحساسة؛ لتوجيه الصواريخ، وضبط والمحافظة على اتجاهاتها عند التحليق في الجو أو الفضاء، عندها رحّب عبد القادر حلمي بالتعاون مع حسام خيرت، وقام بتجنيد عالم أمريكي، هو (جيمس هوفمان)، الذي سهّل لهم دخول مركز قيادة متقدم في هانسفيل بالولايات المتحدة، تابع للقيادة المتقدمة الإستراتيجية، ومسئول عن تطوير برمجيات توجيه أنظمة باتريوت المضادة للصواريخ والطائرات، وكان هذا المركز يتعاون مع مؤسسة تقنية أخرى هي كولمان Coleman، ويشرف عليها عالم برمجيات أمريكي آخر هو (كيث سميث)، وتم تجنيده أيضًا في أواخر عام 1986 لصالح المشروع، وبواسطته تم الحصول على نسخة كاملة وحديثة من برامج منظومة الصواريخ الباليستية الأمريكية والأنظمة المضادة لها، وهي حصيلة عمليات تطوير خمسين سنة كاملة من برنامج حرب النجوم الأمريكي، وبالتعاون مع قسم المخابرات الفنية في جهاز المخابرات العامة؛ تم القيام بعملية هندسة عكسية لمنظومة الرصد والتوجيه وبرامجها الخاصة؛ ليكتشفوا أن منظومة باتريوت بإمكانها رصد الصاروخ كوندور-2 واصطياده في الجو.

ولحل هذه المشكلة اكتشف عبد القادر حلمي وجود أبحاث في مركز آخر تابع لقيادة السلاح الجوي الأمريكي لصناعة مادة من الكربون الأسود بإمكانها -عندما تستخدم في الصاروخ "كوندور-2"- أن تخفي أي بصمة رادارية له وتحوله إلى شبح يحلق في الفضاء لا يمكن رصده، (نظرية Stealth)؛ لأنها تقلل احتكاك رأس الصاروخ بالهواء بنسبة 20%؛ وبالتالي ترفع مداه إلى حوالي 1350 كم.

وبدأت عملية محمومة للحصول على هذه المادة وشحنها إلى معامل الأبحاث والتطوير في مصر، ومعها نوع من الطلاء المعالج، الذي يتم طلاء جسم الصاروخ الخارجي به، وكانت الكميات التي أشرف عبد القادر حلمي على الاستيلاء عليها بالشراء، أو بأساليب أخرى، تجاوزت 8 أطنان لهذه الخامات، كان يتم شحنها في صناديق دبلوماسية بالتعاون مع مكتب المشتريات التابع للسفارة المصرية في واشنطن.

افتضاح الأمر

زادت شكوك كل من أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، بعد معلومات من الموساد عن تهريب مواد صاروخية من أمريكا إلى مصر، وتردد حسام خيرت في رحلات مكوكية على الولايات المتحدة، واختفاؤه تمامًا عن المراقبة لعدة أيام قبل عودته، مع مهارته العالية في التمويه، وكان ذلك في نهاية عام 1987، وهنا فتحت المخابرات الأمريكية CIA، ومكتب المباحث الفيدرالية FBI، تحقيقًا وتحريًا فيدراليًّا موسعًا عنه في سكرامنتو في فبراير 1988، ووضعت مكالمات المجموعة المصرية بالكامل تحت المراقبة.

في 19 مارس 1988 قام ضابط مصري من المجموعة، يدعى محمد فؤاد، بالطيران إلى واشنطن، حيث التقى مع عبد القادر حلمي، وقاما بشحن صندوقين سعتهما 420 رطلاً من الكربون الأسود الخام في سيارة دبلوماسية تابعة للسفارة المصرية، بقيادة عقيد يدعى محمد عبد الله، وتحت إشراف اللواء عبد الرحيم الجوهري؛ لنقلها إلى طائرة عسكرية مصرية من طراز C-130 كانت موجودة في مطار بالتيمور بولاية مريلاند في 23 مارس 1988.

وتكررت العملية في 25 يونيو من نفس العام، إلى أن رصدت المخابرات الأمريكية مكالمة هاتفية تتحدث عن مواد لا يمكن شحنها دون رقابة، وكانت صادرة من عبد القادر حلمي إلى حسام خيرت، ثم رصدت مكالمة أخرى قيل إنها صادرة من مكتب المشير أبو غزالة لحسام خيرت تطالبه بضرورة "سرعة شحن المواد دون إبطاء مهما كان الثمن، مع تأمين الرجال"، وقد كررّها حسام خيرت إلى عبد القادر حلمي هاتفيًّا، مشيرًا إلى أبو غزالة بـ(الأب) والرئيس مبارك بـ(الجد)، وأنهما مهتمان بسرعة وصول هذه الشحنات بأسرع ما يمكن، وأن أبو غزالة سيوفر غطاء أمنيًّا كافيًا بوزارة الخارجية المصرية.

عند ذلك قامت الأجهزة الأمنية بالتحرك، وألقت القبض على الجميع في المطار، وعلى الفور قامت المخابرات الحربية المصرية بتهريب اللواء عبد الرحيم الجوهري بعملية معقدة إلى خارج الحدود الأمريكية، كما تمسكت الخارجية المصرية بإخلاء سبيل العقيد محمد عبد الله (مساعد الملحق العسكري المصري)؛ باعتباره يحمل جواز سفر دبلوماسي ومن طاقم السفارة المصرية، وتم ترحيله بالفعل إلى مصر، في ذات الوقت الذي كلف فيه المشير أبو غزالة حسام خيرت بسرعة إحراق كل أوراقه في منزله ومغادرة النمسا إلى القاهرة فورًا، وكان حسام خيرت قد اكتشف تتبع سيارة تابعة للموساد له من سالزبورج إلى فيينا ومعه أسرته، حيث استقلّوا جميعًا الطائرة المصرية المتجهة إلى القاهرة، وعندما وصل مطار القاهرة اتصل بالمشير أبو غزالة الذي أخبره أنه "يستطيع أن ينام الآن".

واجهت السلطات الأمريكية السلطات المصرية بالتسجيلات، واتهمت السفارة المصرية بالقيام بأنشطة استخباراتية معادية على الأراضي الأمريكية، واستخدام سياراتها وموظفيها في أعمال إجرامية تخالف القانون، وتهريب مشتبه بهم خارج الحدود، وغسل أموال. وتم اعتقال عبد القادر حلمي، وجيمس هوفمان، وأصدر النائب العام الأمريكي David F. Levi قائمة اتهامات في 21 إبريل ضد كل من عبد القادر حلمي، وجيمس هوفمان، وأحمد حسام الدين خيرت، وفؤاد الجمال، وشملت قائمة الاتهامات:

- الاتهام (أ): تصدير مواد ومعدات دفاعية ومعلومات وبيانات فنية تخص الولايات المتحدة دون الحصول على تراخيص بذلك من وزارة الدفاع الأمريكية، في انتهاك للمادة 22 من كود الولايات المتحدة/ القسم 2778، والمادة 22 من القانون الفيدرالي/ القسم 127، وتشمل المواد والمعلومات الدفاعية التي تم تهريبها الآتي:(1) 36 رطلاً من نسيج الكربون عالي الجودة لحماية جسم الصاروخ من درجات الحرارة العالية (CCA3 Ablative Rayon – Based Carbon Cloth)(2) و430 رطلاً من نسيج ألياف كربونية تستخدم في تصنيع أجزاء من فوهة الصاروخ MX-4926 (Ablative Carbon Phenolic Fabric)(3) ، ومقدمتان لرأس الصاروخ من مادة (كربون - كربون) للحماية من الحرارة (Two Ceramic Composite Nose Cones)(4)، و35.500 رطل من المادة الرابطة لتصنيع الوقودHydroxyl-Terminated Polybutadiene (R45M) ،(5) 2 هوائي طبقي تردد فوق العالي Two UHF Band Swept-Back Parabolic Antennas Model 826u-1 (6)، تقرير بتاريخ ديسمبر 1987 بعنوان "اختبار وتقييم المواد الكربونية عندما تدخل الرأس الحربية إلى الغلاف الجويTesting and Evaluation Of C-C Material For Atmospheric Reentry Applications(7) تقرير بتاريخ 8 مارس 1988 عن تطبيقات نسيج مادة (كربون - كربون) عند ربطها على الرأس الحربية للصاروخ Procedure For Ablative Carbon - Carbon Fabric pplication.

· الاتهام (ب): يشمل أموالاً، في انتهاك للمادة 18 من قانون الولايات المتحدة، قسم 1956 (أ)، (ب).

· الاتهام (جـ): الاحتيال على الولايات المتحدة؛ وذلك بعرقلة عمل أجهزة الجمارك الأمريكية في شأن ضبط حركة الصادرات من أمريكا.

· الاتهام (د): القيام بعمليات تزييف وإخفاء حقيقة المعدات والمواد الأمريكية المصدرة للخارج بإعطاء واجهات مخالفة للحقيقة، وذلك في انتهاك لقانون الجمارك، البند 18 قسم 1001.

· الاتهام (هـ): تهريب مواد محظورة بمساعدة الحكومة المصرية، في انتهاك لقانون الصادرات العسكرية (18)، قسم (957).

· وفي تفصيلات قرار الاتهام الأمريكي، تم توجيه 12 تهمة لعبد القادر حلمي، وأربعة اتهامات لحسام خيرت معظمها تدور حول تحويل أموال إلى عبد القادر حلمي.

- في 6 ديسمبر 1989 صدر الحكم بحبس عبد القادر حلمي 46 شهرًا في السجن، وتغريمه 359 ألف دولار، ومصادرة نصف مليون دولار حصل عليها من "صفقاته غير القانونية" مع مصر، والمراقبة لمدة ثلاث سنوات، وتم القبض على زوجته، وضم أبنائه إلى أسرة أمريكية للرعاية، وصودرت أوراقه وأبحاثه وكافة ممتلكاته وحساباته المصرفية.

أما الشريك الأمريكي، جيمس هوفمان، فقد حكم عليه القاضي بـ 41 شهرًا سجنًا وبغرامة 7000 دولار، ولم يتم استدعاء أي من حسام خيرت وباقي مجموعته للمحكمة، ولكن مجموع الأحكام التي كان يتوقع صدورها ضد جميع المتهمين في القضية تبلغ 162 سنة سجنًا، و3 مليون دولار غرامة.

بعد اعتراف عبد القادر حلمي (وباعتباره "شاهد ملك") تم حبسه لمدة خمس سنوات. أما حسام خيرت وزملاؤه المصريون في قائمة الاتهام (عبد الرحيم الجوهري، وفؤاد الجمال) فقد دافع عنهم المشير أبو غزالة بقوة، ورفض تسليم أي منهم إلى الولايات المتحدة، ثم انتهز أبو غزالة فرصة القبض على جاسوس أمريكي يعمل في مصر (ضابط برتبة عميد، اتضح أنه عضو رئيسي في مكتب المخابرات المركزية الأمريكية CIA في مصر)، وقايض عليه الولايات المتحدة، على أن يسلمه لهم مقابل إسقاط التهم عن حسام خيرت وزملائه المصريين. ونجح المشير أبو غزالة في ذلك، حيث سمح بعدها لحسام خيرت بالسفر للخارج بعد أن كان ممنوعًا؛ خشية سقوطه في أيدي عملاء المخابرات الأمريكية والإسرائيلية الذين كانوا يتابعونه.

ولقد أثبت المشير أبو غزالة في هذه القضية أنه رجل عظيم حتى آخر لحظه في الدفاع عن رجاله وحمايتهم، وإن لم يستطع أن يفرج عن عبد القادر حلمي؛ لأنه كان يحمل الجنسية الأمريكية. ومن جانبها كانت الخارجية الأمريكية شديدة الحساسية بشأن ربط أبو غزالة بهذه القضية، وطلبت من وزارة العدل الأمريكية شطب كل ذكر لاسمه من التحقيقات، وقد كلف أبو غزالة فريقًا من المحامين الأمريكيين بالدفاع عن عبد القادر حلمي، وأثناء المحاكمة عرض محاموه على وزارة الخارجية الأمريكية عقد صفقة يتم بمقتضاها أن تجري مصر تحقيقها الخاص في القضية، على أن تعرض نتائجه بعدها على الجانب الأمريكي. ولكن رفضت الخارجية الأمريكية هذا العرض. وقد قام عبد القادر حلمي -بعد أن أفرج عنه- بزيارة مصر عدة مرات.

في كتاب بعنوان "وثائق المخابرات العسكرية الأمريكية تكشف أسرار صناعة الصواريخ والأسلحة الكيماوية في مصر"، لمؤلفه "أوين سيريس"، المحلل في وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية، ناقش فيه تاريخ وحاضر ومستقبل مشروعات صناعة الصواريخ في مصر، وضمنها مشروع الصاروخ (كوندور-2)، قال فيه إن هذا المشروع لو قُدِّر له النجاح والاستكمال؛ فمن الممكن أن يضع مصر في مصاف الدول العظمى، بالنظر لما يشكله هذا الصاروخ من تهديد لإسرائيل، خاصة إذا ما تم تسليح رأسه الحربية بذخيرة الوقود الغازي (FAE)، والتي لا تقل في خطورتها عن القنبلة النووية التكتيكية، وتزداد خطورة هذا التهديد لإسرائيل إذا ما كانت مصر -طبقًا لأهداف أبو غزالة البعيدة- قادرة على أن تصنع هذا الصاروخ محليًّا وبالكامل، وتـُسوِّقه إلى دول عربية في دائرة الجوار الجغرافي لإسرائيل ودول العمق العربي أيضًا، خاصة دول الخليج، والتي بتسليحها بهذا الصاروخ يمكن أن تردع أيضًا التهديدات الإيرانية ضدها، ناهيك عما يشكله امتلاك هذا الصاروخ وتصنيعه محليًّا من ثقل سياسي وعسكري لمصر، لا سيما وأن امتلاك تكنولوجيا هذا الصاروخ يمكن أن يبنى عليها في المستقبل تطوير تكنولوجيات أخرى أكثر تعقيدًا، خاصة وأن العقليات المصرية في هذا المجال أفضل بكثير من غيرها في البلدان الآسيوية والأوروبية، وهو ما شهد به الكثير من الخبراء والعسكريون الأجانب عندما تعاملوا مع العلماء والمهندسين والضباط المصريين.

ويبرز في هذه القضية درس هام حول أهمية توفير الإجراءات والأغطية الأمنية لجميع الشخصيات المصرية العسكرية والأمنية العاملة في مجالات مماثلة لمشروع كوندور-2؛ حيث ترصد أجهزة المخابرات الأجنبية هذه الوفود منذ لحظة حصولها على تأشيرة السفر من سفاراتها في القاهرة، وعند وصولها إلى أراضيهم وطوال فترة وجودهم هناك، فضلًا عن دور الموساد الإسرائيلي في الدول الأخرى لتتبع الوفود المصرية في الخارج.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كوندور-3

كان هناك تقارير عن برنامج كوندور-3. في الصاروخ كوندور-3 زاد المدى إلى 1,500 km (930 mi) بنفس طريقة انتشار الصاروخ كوندور-2.[بحاجة لمصدر]


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "Condor 1". Astronautix.com. Retrieved 2013-10-14.
  2. ^ "Alacran". Astronautix.com. Retrieved 2013-10-14.
  3. ^ "Condor 2". Astronautix.com. Retrieved 2013-10-14.
  4. ^ "Argentina | Country Profiles". NTI. Retrieved 2013-10-14.
  5. ^ "Badr-2000 - Iraq Special Weapons". Fas.org. Retrieved 2013-10-14.
  6. ^ "Condor Missile Programme (Hansard, 5 March 1996)". Hansard.millbanksystems.com. 1996-03-05. Retrieved 2013-10-14.
  7. ^ "حكاية العميد .د.م. أحمد حسام الدين خيرت خدع الموساد لتصنيع صاروخ مصري طويل المدى". البوابة نيوز. 2013-06-20. Retrieved 2013-10-20.

وصلات خارجية

قالب:Argentina space program [[تصنيف:صواريخ موجهة أرجنتينية]