أخبار:ضربة عمانية-عراقية لبندر عباس 1980 أوقفتها أمريكا

نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني والسلطان قابوس، صلالة، عمان، 2002.

مركز ويلسون يكشف خطة مقترحة في عام 1980 لأن تستخدم القوات العراقية قواعد عسكرية عمانية لشن هجوم على مضيق هرمز ضد إيران.[1]

يعتبر حاكم عُمان السابق، السلطان قابوس بن سعيد، الحاكم العربي الوحيد في ذلك الوقت الذي تربطه علاقة وثيقة بإيران. وتتمثل صورته الدولية- رجل دولة يبتعد عن الصراعات الإقليمية- كوسيط موثوق به تمكن في 2013 من استضافة محادثات سرية بين الولايات المتحدة وإيران أدت إلى إبرام الاتفاق النووي التاريخي.

لكن تبين أن السلطان لم يكن دائماً صانع السلام الحكيم الذي يُثنى عليه اليوم. كشفت مجموعة من وثائق الحكومة الأمريكية، التي رُفع عنها السرية مؤخراً عن سوؤ تقدير نادر من قبل السلطان قابوس.

في سبتمبر 1980، شرع قابوس في مهمة محفوفة بالمخاطر مع الزعيم العراقي صدام حسين لتدمير البحرية الإيرانية في الخليج العربي. في في 27 سبتمبر 1980 - بعد خمسة أيام من غزو العراق لإيران على أمل تحقيق نصر سريع - أخبر قابوس إدارة الرئيس جيمي كارتر أنه هو أيضاً على وشك الدخول في المعركة.

لم يكن قابوس، المحب للغرب وخريج جامعة أكسفورد والأكاديمية العسكرية البريطانية، من المعجبين بصدام حسين، لكنه سئم من دعوات الزعيم الإيراني آية الله الخميني المستمرة للثورة الإسلامية في المنطقة. بروح التضامن العربي، وبعد ثلاثة أيام من المحادثات مع المسؤولين العراقيين، اشترك في العملية، وفقاً لملفات كانت ذات يوم بالغة السرية.

في غضون 48 ساعة، أبلغ قابوس السفارة الأمريكية في مسقط أن القوات العراقية ستستخدم القواعد العسكرية في مطار السيب الدولي وجزيرة مصيرة قبالة الساحل العماني لشن هجمات جوية مفاجئة على القواعد البحرية الإيرانية. كان الهدف الرئيسي بندر عباس، أكثر الموانئ الإيرانية ازدحاماً.

كان يمكن للعملية أن تشرك الجيش العماني الصغير، في ذلك الوقت، بقيادة الجنرالات البريطانيين في حرب مدمرة من شأنها أن تعطل إمدادات النفط العالمية. لكن السلطان قابوس وكبار مستشاريه اعتبروا الوضع مسألة إقليمية بحتة.

قال قيس بن عبد المنعم الزواوي، أحد المقربين من قابوس، للمسئول الأمريكي ستيفن بك: "لقد حان الوقت الآن للقضاء على الخميني نهائياً". كما أعرب عن إحباطه من أن السعودية الأكثر قوة "كانت ضعيفة ولن تفعل شيئاً" ضد نظام الخميني، وفقاً لبرقية من السفارة الأمريكية في مسقط رفعت عنها السرية في عام 2017.

تشتبه واشنطن في أن جزيرة أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وهي جزر استراتيجية في مضيق هرمز حيث يتدفق ثلثا نفط الشرق الأوسط، كانت على قائمة الأهداف.

جر العراق

قبل بضعة أشهر، وافق الرئيس جيمي كارتر على طرح عرض سري لتشجيع العراق على استهداف الجزر. أراد كارتر الضغط على إيران للإفراج عن أكثر من 60 أمريكياً تم احتجازهم كرهائن أثناء الهجوم السفارة الأمريكية في 4 نوفمبر 1979.

كتب مستشار الرئيس للأمن القومي، زبگنييڤ برجنسكي، إلى كارتر في 4 يناير 1980: في مذكرة منفصلة: "قلت أنه يجدر بنا المضي قدماً في تشجيع استيلاء العراق على الجزر الثلاث".

وتضيف مذكرة بعنوان التقرير الأسبوعي لمجلس الأمن القومي رقم 124، الصادر في عام 2008: "تم إرسال هذه التعليمات إلى وزارة الخارجية". كتب الرئيس في الجانب الأيمن العلوي من الصفحة الأخيرة من المستند: "الإجراء؟".

في رد بالبريد الإلكتروني على المرسل قبل وفاته في مايو 2017، قال برجنسكي إنه لا يتذكر المبادرة، لكنه أضاف: "ربما ماتت في وزارة الخارجية".

قام فرع المخابرات في ذلك الوقت بتقييم مفاده أن البحرية العراقية الصغيرة كانت غير قادرة على مهاجمة والسيطرة على الجزر بعيداً عن قاعدتها، وفقاً لمذكرة منقحة بتاريخ 7 يناير 1980 ورفعت عنها السرية في عام 2008.

إذا كانت هناك محاولة عراقية للاستيلاء على الجزر، فيجب أن تكون هجوماً جويً تم شنه بالقرب من مضيق هرمز، ويُعتقد أن صدام حسين قد حاول ذلك، حيث نشر سراً مروحيات سوپر فرلون شديدة التسليح بصواريخ إكسوست المضادة للسفن في عُمان.


الاتفاقية السرية

أُبرمت الاتفاقية على خلفية إرسال مبعوث من الملك حسين إلى مسقط في 24 سبتمبر للضغط من أجل وصول العراق إلى القواعد العمانية. بعد ذلك، وصل وفد برئاسة شخص يدعي أنه "شقيق صدام حسين" إلى عًمان، حسبما قال مصدر رفيع المستوى لعميل في المخابرات الدفاعية الأمريكية في مسقط بعد بضعة أيام.

تم تعريفه في البرقية بأنه الصدر رقم 0001، وكان "مسؤولاً عمانياً رفيع المستوى في وزارة الدفاع وكانت تقاريره دقيقة باستمرار".

وقال المصدر إن قائد سلاح الجو العماني البريطاني، نائب المارشال الجوي إريك بنيت، اعترض على الخطة لأسباب لوجستية، لكن "جلالة الملك التفت إلى إريك وأشار بإصبعه وقال: أغلق فمك".

كما وصف المصدر بالتفصيل العملية سيئة التخطيط: ظلت المروحيات مكشوفة على المدرج وحضر الطاقم العراقي بدون خرائط مناسبة أو قطع غيار. كان لا بد من إخفائهم في دار ضيافة السلطان بالقرب من مسقط. ومع ذلك، لم ينم المسؤول العماني ثلاث ليالٍ، خوفاً من هجمات انتقامية إيرانية على البنية التحتية الرئيسية والتجمعات السكانية في عمان.

الهلع في واشنطن

عندما هبطت القوات العراقية بالقرب من مسقط، انطلق إنذار أحمر في واشنطن. تشير الوثائق المتاحة إلى أنه في صباح يوم 27 سبتمبر، جرت مكالمات هاتفية واجتماعات محمومة على أعلى المستويات.

عند الظهيرة تقريباً، عقد البيت الأبيض اجتماعاً طارئاً. وترأسه وليام أودوم، مسئول في مجلس الأمن القومي، الذي كان يعتقد أنه يجب تعبئة البحرية الأمريكية لمنع اندلاع اشتباكات كبرى بالقرب من مضيق هرمز.

اقترح أودوم في مذكرة لاحقة إلى رئيسه زبگنييڤ برجنسكي: "إرسال إنذار نهائي للعراقيين بعدم مهاجمة الجزر والانسحاب من عمان". في غضون ساعات قليلة تلقى العمانيون الإنذار الأول. أوضحت رسالة واشنطن أنه إذا ردت إيران على عمان، فلن تأتي البحرية الأمريكية للدفاع عنها.

كما أرسل البيت الأبيض السفير مارشال ويلي - الذي كان في ذلك الوقت خارج عُمان - للعودة إلى مسقط لحضور لقاء عاجل مع السلطان.

بحلول الوقت الذي وصل فيه السفير ويلي، كان قابوس قد تخلى عن المشروع المحفوف بالمخاطر بشكل رئيسي بسبب تأخير في العملية العراقية، حسبما أفاد السيد ويلي في 29 سبتمبر.

بدأت القصة تتسرب وانتشر الوجود العراقي في مسقط. وأضاف ويلي: "أعتقد أننا نجحنا في تجاوز هذا الخطأ فقط بسبب التسويف العراقي".

لم يدم ذعر عمان أكثر من 72 ساعة، كما يتذكر نائب مدير مكتب الاستخبارات والبحوث السابق بوزارة الخارجية، واين وايت.

بعد بضع سنوات - بينما كانت إيران والعراق لا يزالان يخوضان حرب الاستنزاف الوحشية بينهما - خلال رحلة عمل إلى مسقط، أثار وايت الحادث بشكل غير رسمي مع مسؤول أمني كبير من أجل معرفة من أقنع قابوس بدعم خط الحرب العراقية.

هز قابوس رأسه وقال بخجل: " بعض الأشخاص هنا حمقى للغاية. الحمد لله أنكم تدخلتم أنتم والبريطانيون لوقف ذلك بهذه السرعة".

الهامش

  1. ^ Kambiz Fattahi (2018-09-27). "The Oman Scare: The Untold Story of Oman's 'Almost Military Strike' on Iran". مركز ويلسون.