مناندر

تمثال نصفي لمناندر.

مناندر (باليونانية: Μένανδρος، مـِناندروس؛ إنگليزية: Menander ح. 342-291 ق.م.)، كاتب دراما يوناني، وأشهر من يمثل الكوميديا الحديثة الأثينية، وكان ابن والدين ثريين؛ فأبوه ديوپيثس Diopeithes يعرِّفه البعض على أنه الجنرال الأثيني حاكم خرسونيس التراقية التي اشتهرت بخطبة دموستينس Demosthenes في خرسونسو De Chersoneso. ويـُفترض أنه استمد مذاقه للدراما الكوميدية من خاله ألكسس [1].


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السيرة

تمثال هـِرم مزدوج لهومر ومناندر. من الرخام الپنتلي. نسخة رومانية صنعت في الفترة النيرونية أو الفلاڤية كنسخة من أصل هليني.

بلغ التمثيل في ذلك العهد، كما بلغ غيره من الفنون، ذروته من حيث كمية الإنتاج، ولقد كان لكل مدينة بل كاد يكون لكل بلدة في المرتبة الثالثة دار للتمثيل. وكان الممثلون أحسن تنظيماً مما كانوا في أي عصر سابق، وكان الطلب عليهم كثيراً، وكانوا ينالون أجوراً عالية، ويعيشون من الناحية الخلقية عيشة أرقى من أهل زمانهم. وظل كتاب المسرحيات يكتبون المآسي، ولكن الدهر أسبل عليهم ثوب النسيان، سواء كان ذلك من قبيل المصادفات أو كان سببه ارتقاء أذواق الناس. لكن مزاج أثينة الهلنستية، كمزاج هذه الأيام، كان يفضل قصص المسلاة الحديثة، الخفيفة الروح، النزقة، العاطفية، ذات الخاتمة المفرحة. ولم يبقَ من هذه أيضاً إلا قطع متفرقة، ولكن لدينا نماذج منها غير مشجعة مختلسات بلوتس Plautus وترنس Terence الذين ألفا مسرحياتهما بترجمة المسالي الهلنستية وتحويرها. وقد أغفلت في المسالي الجديدة شؤون الدولة وشؤون الروح العليا التي ألهمت أرسطوفان لأن كتابة هذه المسالي كانت أكثر مما تتحمله طاقة الكتاب الأدبية؛ وكان موضوعها في العادة مأخوذاً من المنزل أو الحياة الخاصة، بتعقب الطرق الملتوية التي تُرفع بها النساء إلى منزلة الكرامة وتؤدي بالرجال مع ذلك إلى الزواج. وترى فيها الحب يسير في طريق النصر لكي يصبح أهم شيء على المسرح؛ وترى مئات الفتيات حائرات بائسات على المسرح ولكنهن ينلن الشرف ويحصلن على الأزواج في آخر المسرحية. ولم يبقَ وجود للملابس القديمة التي كانت تمثل فيها أعضاء الذكور، ولا للخلاعة والفجور الأولين؛ بل كانت تدور القصة في مجال ضيق حول عذرة السيدة المهمة فيها، ولم يكن للفضيلة فيها شأن كبير كشأنها في الصحف اليومية في هذه الأيام. وإذ كان الممثلون يلبسون أقنعة، وكان عدد الأقنعة محدوداً، فإن كاتب المسلاة كان يحيك حبكته وما فيها من دسائس وخطأ في هوية أشخاص المسرحية حول عدد قليل من الأشخاص البلهاء كان يسر النظارة على الدوام أن يميزوهم بعضهم من بعض. وكانت الشخصيات التي تتكرر باستمرار هي شخصية الأب القاسي، والشيخ الهرِم، والخير، والابن المتلاف، والوارثة التي يُخطئ الناس فيظنونها فقيرة، والجندي الصاخب، والعبد الحاذق، والمتملق، والطفيلي، والطبيب، والقس، والفيلسوف، والطاهي، والعشيقة، والقواد.

وكان رافعا علم هذه المسلاة الأخلاقية في أثينة في القرن الثالث هما فلمون Philemon ومناندر Menander. فأما فلمون فلا يكاد يبقى لنا من آثاره شيء سوى صدى شهرته، وكان الأثينيون يحبونه أكثر مما يحبون مناندر، وقد منحوا أولهما من الجوائز أكثر مما منحوا الأخر؛ ولكن فلمون ارتفع بفن تنظيم المصفقين المأجورين في دار التمثيل إلى ذروته؛ وإذ كانت الأجيال المقبلة قد أغفلَ أمرها ولم يحسب لها حساب في تلك الأجور، فإنها لم تأخذ بحكم هؤلاء المصفقين وقلبته ظهراً لبطن، ووضعت التاج على عظام مناندر. وكان هذا المؤلف المسرحي يماثل كنجريف Cogreve في العصر الحديث ابن أخ كاتب مسرحي آخر غزير الإنتاج هو ألكسيس الثوريائي Alexis of Thurii تلميذ ثاوفراسطوس وصديق أبيقور. وقد تعلم من أستاذه وصديقه أسرار المسرحيات، والفلسفة، وهدوء النفس، وكاد أن يحقق مثل أرسطو الأعلى؛ فقد كان جميلاً، ثرياً يفكر في الحياة في هدوء وحسن إدراك، ويستمتع بملاذها استمتاع الرجل المهذب. وكان عاشقاً متقلباً، قنع بأن يجزي جلسرا Glycera على حبها وإخلاصها له بأن يمس اسمها بعصا الخلود السحرية. ولما دعاه بطليموس الأول إلى الإسكندرية بعث فلمون بدلاً منه وقال: "إن فلمون ليست له جلسرا". وسُرت جلسرا بذلك أيما سرور، وكانت قد قاست كثيراً بانتصارها على ملك من الملوك(15). ويؤكد لنا رواة أخباره أنه عاش معها بعد ذلك الوقت وأخلص لها حتى مات في الثانية والخمسين من عمره باعتقال العضلات بينما كان يستحم في بيريه (292)(16).

وظهرت مسرحيته الأولى في السنة التي أعقبت وفاة الإسكندر، كأنها بظهورها في تلك السنة تعلن بداءة عهد جديد. وكتب بعد ذلك العام مائة مسلاة وأربعاً، نالت ثمانٍ منها الجائزة الأولى. وقد بقي من هذه المسرحيات نحو أربعة آلاف سطر كلها قطع منها قصيرة متفرقة ما عدا بردية عُثر عليها في مصر عام 1905. وتحتوي هذه البردية على نصف مسلاة المحكمين Epitrepontes وقد هبطت بسمعة مناندر. ولو أننا شكونا من أن موضوعات هذه المسالي مسئمة كموضوعات فنون النحت، والعمارة، والخزف اليونانية، لذهبت شكوانا هذه مع الريح؛ بل ينبغي لنا أن نذكر أن اليونان لم يكونوا يحكمون على المسرحية بالقصة التي تقصها-وهو معيار خليق بالأطفال-بل بالطريقة التي تقصها بها. ومن أجل هذا كان ما يُعجب به العقل اليوناني في مناندر هو أسلوبه الأنيق المصقول، والفلسفة المركزة في فكاهته، وتصوير المناظر العادية تصويراً بلغ من واقعيته أن صاح أرسطوفان البيزنطي متسائلاً: "أي مناندر، وأنتِ أيتها الحياة، ترى أيكما يقلد الآخر؟(17)" وكان مناندر يرى أنه لم يبقِ للإنسان شيء في هذا العالم الذي ضاع تحت أقدام الجنود إلا أن يفكر في شؤون البشر تفكير الناظر إليها وهو خارج منها، يعطف عليها من غير أن يتورط فيها. وهو يلاحظ غرور النساء وتقلبهن، ولكنه يسلم بأن الزوجة العادية نعمة من أجل النعم. وتدور فكرة المحكمين في بعض أجزائها على رفض المعيار المزدوج(18)؛ ويدور موضوع إحدى المسرحيات بطبيعة الحال حول عاهر مخلصة ترفض كما ترفض ذات الكميليا دوماس، الرجل الذي تحبه، لكي تمكنه من أن يتزوج زواجاً محترماً بسيدة يجني من وراء زواجه بها نفعاً(19). وفي بعض القطع الباقية من المسرحيات سطور جرت مجرى الأمثال، منها قوله: "إن أخبار السوء تفسد الخلق الطيب" (وقد نقلها القديس بولس(20"، و "الضمير الحر يخلق من الجبناء رجالاً بواسل(21)". ومن الناس من يعزو إلى مناندر أصل قول ترنس الشهير: "إني رجل، ولا أرى شيئاً من مستلزمات الرجولة غريباً عني". وتعثر في كتاباته أحياناً على لآلئ من الفطنة والفراسة كقوله: "كل شيء يموت إنما يموت بما يعتريه من فساد؛ وكل ما يفسد يفسد من الداخل" وكهذه الأبيات التي تعد أنموذجاً صادقاً لشعر مناندر، والتي يتنبأ فيها بموته المبكر:

إن الذين تحبهم الآلهة يموتون صغاراً؛ طوبى للرجل

الذي يرى في اطمئنان هذا الموكب الرهيب

موكب الشمس، والنجوم، والبحر، والنار، ثم يعود بعد ذلك

مسرعاً إلى بيته وقلبه مطمئن لم يمسسه سوء.

وسواء كانت الحياة قصيرة أو طويلة فإنك بلا ريب

يا برمينو لن ترى شيئاً أحسن

من هذه الأشياء، إذن فاتخذ مقامك هنا كما

لو كنت ممن يترددون على دور التمثيل أو الأعراس.

كلما أسرعت كان ذلك أضمن لراحتك.

سوف تعود مزوداً بأحسن زاد، لا عدو لك، قوياً عند الحاجة؛

أما من يبطئ فسيقضى في الطريق منهوك القوى، تثقله السنون،

ويلاحقه الأعداء الذين تؤلبهم عليه متاعب الحياة النكدة؛

وهكذا يموت أسوأ ميتة من يبطئ عليه الموت.


مأثورات شهيرة

الحواري بولس في الكورنثيون 15:33 يقتبس من مناندر في النص "صحبة السوء تفسد الخلق الجيد" (NIV) الذي غالباً ما اشتقها من يورپيدس (سقراط، التاريخ الكنسي، 3.16).

"من يعمل ويكد يجب ألا ييأس أبداً، فكل شيء ينجزه الكد والعمل." -مناندر

"القالب تم صبه،" باللاتينية "Alea iacta est"، اشتهر حين اقتبسه يوليوس قيصر حين قرر الدخول في الحرب الأهلية [2]

الكوميديات

المزيد من المسرحيات الكاملة

أجزاء متبقية

  • Georgos ("The Farmer")
  • Dis Exapaton ("Double Deceiver")
  • Encheiridion ("Handbook")
  • Heros ("The Hero")
  • Hypobolimaios ("The Changeling")
  • Karchedonios ("Carthaginian")
  • Kitharistes ("The Harper")
  • Kolax ("The Toady" or "Flatterer")
  • Koneiazomenai ("Drugged Women")
  • Leukadia
  • Methe ("Drunkenness")
  • Misoumenos ("The Man She Hated")
  • Naukleros ("The Ship's Captain")
  • Orge ("Anger")
  • Perinthia ("Girl from Perinthos")
  • Plokion ("The Necklace")
  • Pseudherakles ("The Fake Hercules")
  • Synaristosai("Those who eat together at noon"; "The Ladies Who Lunch")
  • Phasma ("The Phantom")
  • Theophoroumene ("The Possessed Girl")
  • Trophonios ("Trophonius")

انظر أيضاً

المصادر

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

  1. ^ 'A Short History of Comedy', Prolegomena De Comoedia, 3
  2. ^ Alea iacta est

وصلات خارجية