النيل النوبي

النيل النوبي هو الجزء من النيل بعد إلتقاء النيل الأبيض والنيل الأزرق عند الخرطوم وحتى أسوان.

يشمل هذا القطاع من حوض النيل مساحات كبيرة بين خطي العرض 15º و31º شمالا . ولعل أهم مايميز هذه المساحات هي أنها تقع في قلب الصحراء الإفريقية الحارة . باستثناء الأطراف والهوامش ، التي تنتشر على أطراف مناطق المطر الصيفي من ناحية الجنوب . ومناطق المطر الشتوي الهزيل من ناحية الشمال . ويعني ذلك أن صورة الجراين النيلي تكون على جانب كبير من الأهمية ، لأنه هو وحده الذي يعول الحياة ويحفظ استمرارها على جوانب النهر وفي سهولة الفيضية . ونحن قد أشرنا إلى أن روافد النهر الحبشية هي التي تمنح النهر والجريان النيلي القدرة الكاملة على أن يواصل رحلته الطويلة الشاقة في قلب الصحراء .

والمفهوم أن قوة الدفع يمكن أن يلمحها الباحث إذا ماشاهد الجريان النيلي الهائل عند موقع الاقتران بين كل من النيل الأزرق والنيل الأبيض . كما يلمحها مرة أخرى عندما يقترن نهر عطبرة بالجريان النيلي الرئيسي . في موسم الفيضان من كل عام . وهكذا يستعيد النيل شبابه شمال خط عرض الخرطوم مباشرة ، بعد أن تحققت فيه كل مظاهر الهرم والشيخوخة قبيل خط عرض الخرطوم جنوبا . وعودة الشباب إلى نهر النيل بعد أن استغرق جريانه أكثر من 3485 كيلومترا من منابعه الاستوائية ، تعني أن مياه الهضبة الحبشية ، هي التي تكسـبه القدرة على مواصلة الرحلة الطويلة ، التي يبلغ طولها 3082 كيلومترا إلى المصب في البحر المتوسط .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

جريان نيل النوبة

تمتد الهضبة التي تفصل حوضي السودان ومصر من الشلبوكة (85 كم إلى الشمال من الخرطوم) إلى أسوان وهي تشكل القنطرة التي تمر منها المياه التي تتجمع في أحواض قلب أفريقيا إلى مصر فالبحر الأبيض المتوسط, وتتكون هذه الهضبة من صخور عارية دون كساء نباتي شاب تعوق مجراه في الكثير من المواقع شلالات وجنادل. وقد أصبح النهر في هذا ومنذ بدء هذا الجزء ومنذ بدء هذا القرن مخزناً للماء ولم يعد على حاله الطبيعي عندما كان نهراً سريعاً يمر في طور تعديل إنحدار مجراه وحت العوائق فيه. وكانت الهضبة النوبية تشكل حاجزاً بين أحواض أفريقيا والبحر المتوسط لمدة طويلة قبل أن يخترقها النيل النوبي.

وحتى بعد هذا الإختراق وإتصال أفريقيا بالبحر المتوسط عبر هذا النيل فإن الهضبة كثيراً ما عادت لكي تكون حاجزاً بين أحواض أفريقيا والبحر ذك لأن النيل النوبي كان ينقطع بين الوقت والآخر فيمتنع الإتصال. وقد أصبح النيل الآن وبعد تحويله إلى مخزن كبير للماء بعد بناء سد أسوان (1902) ثم السد العالي (1970) على شكل بحيرة كبيرة صالحة للملاحة. وقبل ذلك لم تكن الملاحة ممكنة في المجرى الطبيعي إلا في وقت الفيضانفقد كانت العوائق التي تعترضه تشكل عقبات ملاحية كبيرة. وتحتوي الكثير من الكتب التي تصف الحملات العسكرية للسودان في القرن التاسع عشر على وصف المخاطر المهلكة التي تعرضت لها هذه الحملات وهي تبحر في النيل في هذه المنطقة.


ويعتبر جزء النهر من وادي حلفا حتى عمارا والذي يمتد حوالي 120 كيلومتراً واحداً من أكثر أجزاء النهر وحشة, إذ يحد النهر من ناحية الشرق جرف من صخور نارية داكنة أعطت لهذا الجزء من إسم بطن الحجر. ويعترض هذا الجزء عدد من الجنادل التي تشكل في مجموعها الشلال الثاني ومن أهم الثاني هذه الجنادل جندلاً سمنة ودال. وعلى إمتداد هذا الجزء قلاع ومعابد بناها المصريون القدماء والرومان لتحصين مدخل الجنوبي ويهمنا من هذه القلاع قلعتا سمنة وكوما اللتان ترتفعان فوق النيل بحوالي 123 متراً فقد نقشت على جانبي النهر مناسيب النيل في عصره القديم.

وفيما بين الخرطوم التي يبلغ إرتفاعها 378 متراً فوق سطح البحر إلى أسوان التي يبلغ إرتفاعها 91 متراً فوق سطح البحر مسافة 1847 كم ينحدر فيها النيل بمتوسط متر واحد لكل 6.5 كم من المجرى. على أن هذا الإنحدار ليس منتظماً على طول المجرى ولكنه يصبح كبيراً عند الشلالات الستة التي تعترض النيل النوبي. وأكبر إنحدار هو عند الشلال الرابع الذي يمتد لمسافة 110 كم من نقطة تبدأ عند حوالي 97 كم من الغرب من أبو حمد وحتى بلدة كريمة. وفي هذا الإمتداد يسقط النيل من إرتفاع 297 متراً إلى إرتفاع 248 متراً فوق سطح البحر أي بمعدل متر واحد لكل 2.25 كم من المجرى - ويلي هذا الشلال في درجة الإنحدار الشلال الخامس الذي يمتد من بربر حتى أبو حمد لمسافة 160 كم وفيه يسقط النهر من منسوب 361 متراً إلى منسوب 306 فوق سطح البحر بمعدل متر واحد لكل 3 كم من المجرى. أما الشلال الثاني الذي يمتد لمسافة 200 كم إلى الجنوب من وادي حلفا فله معدل إنحدار يقارب معدل الشلال الخامس فهو يسقط في هذه المسافة من إرتفاع 194 متراً في أقصى جنوبه إلى إرتفاع 128 متراً عند وادي حلفا. وفيما بين الشلالين الرابع والخامس يقع السهل الفيضي الذي يمتد فيما بين دنقلة وكريمة حيث توجد الزراعة وحيث ينبسط النهر فيسقط بمعدل متر واحد لكل 12.5 كم من المجرى. ويلاحظ أن المنطقة التي تفصل شلال أسوان من وادي حلفا والتي تمتد لمسافة 345 كم لها نفس معدل هذا الإنبساط وإن كانت هذه المنطقة صخرية تحدها من الجانبين صخور رملية لم تكن تعرف فيها الزراعة إلا في جيوب صغيرة.

وهضبة النوبة قاحلة في الوقت الحاضر وبها شبكة تصريف تتكون من عدد كبير من الوديان الجافة. وفي القوت الحاضر فإن هذه الوديان لا تحمل للنيل إلا كمية ضئيلة من المياه ولكن هناك من الأدلة ما يقطع بأن هذه الوديان حملت للنيل في الماضي البعيد كميات كبيرة من الماء. وقد أثبتت الأبحاث الحديثة اليت قامت بها البعثات العلمية أن أحد هذه الوديان الجافة في القوت الحاضر وهو وادي هور كان نشطاً وحاملاً لكميات كبيرة من الماء فيما بين سنة 9400 وسنة 4800 قبل الآن, وأنه كثيراً ما تكونت به وفي أماكن كثيرة منه بعد موسم أمطار الصيف برك كانت تعيش فيها الأسماك والتماسيح وأفراس البحر والسلاحف. وسنبين في الجزء الثاني من هذا الكتاب أن كميات المياه التي كانت تأتي من هذه الوديان في تلك الزمان السحيقة قد رفعت منسوب النيل وتسببت في فيضانات ضخمة في مصر نتيجة إتساع الحوض الذي كانت منه مياه النهر بالإضافة إلى أن مياه هذه الوديان لم تكن عرضة لأن تفقد في مستنقعات أو أن تفيض فوق ضفاف الأنهار كما كان الحال بالنسبة للمياه التي كانت تأتي من الهضبة الإستوائية أو المرتفعات الأثيوبية. وتشكل هضبة النوبه المعبر الذي يوصل إلى مياه النيل إلى البحر وقد تعرض هذا المعبر لحركات أرضية كثيرة وقد أثرت هذه الحركات في شكل النيل وكمية المياه التي حملها عبر تاريخه. ويقع شلال شلبوكة الذي تبدأ منه رحلة النيل عبر النوبة على فالق عظيم يمتد من الشرق إلى الغرب, كما تقطع النيل النوبي على إمتداد فوالق أخرى كثيراً ما سببت كسوراً وميولاً أعاقت المجرى أو غيرته أو تسببت في إيقاف إيصال المياه إلى مصر. ومن أهم هذه الفوالق فالق كلابشة بنيل النوبة بمصر والذي يعرف بنشاطه الزلازالي المستمر عبر التاريخ وقد أثبتت الأبحاث أنه كان نشطاً وقت الرومان وفي العصر الحديث.


أقسام النيل النوبي

وينقسم المجرى النهري الذي يغطي هذه الرحلة الطويلة ، إلى قسمين طويلين متباينين ، من حيث صفات المجرى ، ومن حيث صفات الجريان ، ومن حيث الظروف المحيطة بصورة الوادي والحوض وصفة الأرض فيهما . ويتمثل القسم الأول في المجرى النيلي الرئيسي فميا بين الخرطوم وأسوان ، على حين أن القسم الثاني يتضمن المجرى النيلي الرئيسي في مصر ، شمال خط عرض أسوان إلى المصب.

وتتمثل في مجرى النيل النوبي ، الذي يقع فيما بين الخرطوم وأسوان صورة الشباب والفتوة التي تتميز بها في العادة الأجزاء العليا من المجاري النهرية العادية . ولعل أهم ما يلفت الانتباه في هذا المجال أمران هما ، شكل المجرى في حد ذاته ، وما يعترض الجراين من جنادل وشلالات ، تنتشر في المجرى على مواقع متناثرة ، في المسافة البالغ قدرها 1885 كيلومترا من الخرطوم إلى أسوان .

والمفهوم أن حيز المجرى الذي يتضمن الجزئين النيلي في النيل النوبي ، فيما بين خطي العرض 16º و22º شمالا ، يغير اتجاهه العام في انحدار واضح يتمخض عن ثنيتين كبيرتين . ووجه الغرابة في ذلك ، هو تغير الاتجاه العام تغيرا جوهريا ، بالشكل الذي يؤدي إلى جريان الماء في جزء من المجرى في اتجاه مضاد تماما للاتجاه العام السائد في كافة الأجزاء الأخرى .

والمفهوم أنه فيما بين موقع خانق سبلوكة شمال الخرطوم مباشرة وبين موقع الاقتران بفم نهر عطبرة يجري في اتجاه عام نحو الشمال الشرقي ، ثم يتجه شمال موقع الاقتران إلى أبو حمد ، في اتجاه الشمال والشمال الغربي . وعندما يصل مجرى النهر عند موقع أبو حمد يتمثل أضخم تغير جوهري في اتجاه العام للمجرى والجريان . ذلك أنه يتحول فيما بين أبو حمد وامبيكول ، ويكون الاتجاه في هذا القطاع من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي على وجه التقريب . وما من شك في أنه يحمل الجريان النيلي في المجرى الرئيسي يمر في الاتجاه المضاد للجريان في كل قطاعات المجرى الرئيسي للنيل . ويعود مجرى النهر عند موقع امبيكول مرة أخرى إلى متابعة الجريان في الاتجاه العام صوب الشمال . وهو يرسم فيما بين خط العرض 13 17º وخط العرض 22º قوس عظيم ، يحدق أرض العطمور من ناحية الغرب . ثم يعود النيل بعد وادي حلفا بمسافة قصيرة ، إلى الاتجاه الطبيعي صوب الشمال والشمال الشرقي ، مباشرة إلى أسوان .

ولعل من الطبيعي أن يلفت النظر في هاتين الثنيتين المعروفتين بثنية النيل النوبي العليا ، وثنية النيل النوبي السفلي، هو الجريان في هذه الاتجاهات المتناقضة . وما من شك في أن هذا التناقض يتطلب في حقيقة الأمر تفسيرا أو تعليلاً. وربما يكون من المنطق أن نتصور هذا التفسير في حد ذاته حصيلة يتضمنها دراسة قصة النهر وتاريخ الجريان من وجهة النظر الجيمورفولوجية . كما أنها تلفت النظر مرة أخرى ، على اعتبار أن هذه التغيرات ، التي يرسمها المجرى قد أدت إلى الطول غير العادي للمجرى ، الذي يبلغ حوالي ضعف الطول على الاتجاه العام للمحور المباشر ، عن تعريض الجريان لزيادة احتمالات الفقدان بالتبخر من ماء النهر. ويفهم ذلك على اعتبار أن النيل النوبي يمر في قلب الصحراء الأفريقية الحراة الجافة ، وخاصة بالنسبة للجزء الذي يقع شمال موقع الاقتران مع نهر عطيرة .

ويعني ذلك أن الجريان النيلي يدخل مرحلة خطيرة في هذا لاقطاع . ويكون قوام الخطر فيها منبثقا مرة ، من عدم وصول موارد جديدة إلى مجرى النهر ، من أي من الجانبين الشرقي أو الغربي ، ومنبثقا مرة أخرى ، من تعرض حجم كبير من الإيراد المائي للفقدان والضياع بالتبخر . ويصور ذلك الفقدان الكبير علمنا بارتفاعات درجات الحرارة في معظم شهور السنة ، والانخفاض الكبير في درجة الرطوبة النسبية إلى حد الجفاف .

ويمكن القول أن الأرقام المحسوبة لمعدل الفقدان بالتبخر فيما بين الخرطوم وأسوان ، تبلغ في المتوسط حوالي 7.7 ملليمترا في اليوم الوتحد ، من سطح الماء الجاري . وهذا الرقم في حد ذاته مرتفع ارتفاعا كبيرا . بالقياس إلى معدلات الفقدان بالتبخر في قطاعات أخرى من مجرى النيل . بل لعله يبلغ حوالي ضعف معدل الفاقد بالتبخر في هضبة البحيرات النيلية ، على وجه الخصوص . ونذكر بهذه المناسبة أنه رمبا كان من الممكن أن يكون معدل الفاقد بالبخر أكثر من ذلك كثيرا ، لولا أن كان انحدار النهر كبيرا ، وإن كانت سرعة الجريان ملحوظة فقط ، في بعض القطاعات التي تتضمن الجنادل والشلالات .

وينقلنا هذا المعنى إلى معالجة الأمر الثاني الذي يكسب النهر سمة رئيسية من جملة سماته الأصيلة التي تتمخض عن نتائج كثيرة وهامة ، وتتمثل تلك السمة في الانحدار الكبير الذي يتحقق عليه الجريان المائي فيما بين الخرطوم وأسوان . ويبلغ درجة الانحدار في المتوسط حوالي 1 : 6800 . ومع ذلك فإن درجة الانحدار في بعض قطاعات المجرى تزداد زيادة كبيرة ، بحيث يوصف الجريان المائي بالسرعة والاندفاع والتدفق ، ويكون له كل مظهر من مظاهر الفتوة والقوة . وتكون هذه القطاعات في الأجزاء من حيز المجرى التي تتضمن الجنادل وكتل من الجزر الصخرية الصلبة القوية ، التي تعترض الجريان ، أو في الأجزاء التي يتحول حيز المجرى فيها إلى مايشبه الخانق .

والمفهوم أن هذه الصورة تتبين منها ضيق المجرى ، حيث تشغل الجنادل شطرا بكيرا من حيز المجرى . وهذا الضيق من شأنه أن يؤدي إلى اندفاع الماء ، وتدفق الجريان في سرعة كبيرة . هذا بالإضافة إلى أن من شأنه أيضا أن يحول المجرى إلى قطاع نهري غير صالح للملاحة تماما . ويمكن للباحث أن يذكر أن مجرى النيل النوبي يتضمن ست قطاعات ، تتمثل فيها تلك الصورة التي تتضمن الجنادل واندفاع الجراين ، بقدر ما تتضمنه من تفاصيل معينة تتعلق بصورة الجوانب الوعرة ، التي تحدق بالمجرى على جانبيه الشرقي والغربي .

القطاع الأول

ويظهر القطاع الأول من هذه القطاعات التي يتضمن صورة من تلك الصور شمال الخرطوم بحوالي 60 كيلومترا . ويبلغ طول هذا القطاع حوالي 60 كيلومترا من مجرى النوبي. ويكون الجريان النهري في الثلث الأول من هذا القطاع الذي يعرف باسم خافق سبلوكة ، سريعا ومتدفقا على انحدار شديد ، يبلغ حوالي 1 : 7000 . أما قيمة بعد جزيرة رويان فيظهر الخافق – الشلال السادس – في صورته الحقيقية في مسافة تبلغ حوالي 12 كيلومترا من المجرى . والمفهوم أن حيز المجرى يبدو ضيقا بشكل واضح ، ويتراوح عرض النهر بين 160 و 350 مترا . وما من شك في أن ضيق المجرى يكون سببا في زيادة سرعة الجريان المائي في الخانق .

ويعني ذلك أن شكل المجرى هو الذي يؤدي إلى خلق هذه الصورة التي تيحول فيها النهر إلى سرعة فائقة وليس الانحدار . ذلك أن درجة الانحدار في هذه المسافة تبلغ حوالي 1 : 27000 . وهكذا تكون صورة الخانق سببا في سرعة الجريان ، وفي العمق الكبير غير العادي الذيي بلغ حوالي 32 مترا . أما الجزء الأخير من هذا القطاع ، والذي يبلغ طوله حوالي 27 كيولمترا ، فتتمثل في حيز المجرى الجزر الصلبة ، وتشغل جانبا كبيرا منه . وتكون درجة الانحدار في هذا الجزء حوالي 1 : 5000 ، ولذلك تكون المياه الجارية سريعة وجارفة بشكل ملحوظ .

ومهما يكن من أمر فإن هذا القطاع الذي يتضمن الشلال السادس موقعا طريفا حيث يكون الجريان السريع غير العادي ، مرجعه في بعض الأجزاء ، إلى درجة الانحدار وانتشار الجزر الصلبة في حيز المجرى ، ومرجعه في بعض الأجزاء الأخرى ، إلى ضيق حيز المجرى إلى حد يقترب به من الاختناق . وهذا القطاع – على كل حال – يمثل موقعا من مواقع الدراسة التي تتطلب تفسيرا أو تعليلا يعلل تلك الصورة التي يتميز بها الخانق ، ويمكن القول أن هذا التفسير مرتبط – من غير شك – ارتباطا وثيقا بقصة الجريان وتطور النهر الجيمورفولوجي .

القطاع الثاني

ويكون القطاع الثاني الذي يتضمن الجندل أو الشلال الخامس في جزء من مجرى النيل النوبي ، الذي يتمثل في المسافة بين عبيدية وأبو حمد . ويعني ذلك أن مجرى النيل النوبي فيما بين نهاية خانق سبلوكة على مسافة حوالي 120 كيلومترا من الخرطوم ، وموقع بلدة عبيدية شمال موقع بلدة عطيرة يكون معتدلا ، ويكون انحداره معقولا . هذا بالإضافة إلى تراجع الحافات ، التي تحدد جوانب الوادي الضيق ، بحيث تتخلى عن جيوب سهلية فيضية . ويستقر عند هذه الجيوب وعلى أرضها السهلية من رواسب النهر مايدعو إلى العمران والنشاط الزراعي .

أما القطاع الذي يبلغ طوله حوالي 100 كيلومتر ويتضمن الجندل الخامس في مجرى النهر ، فيكون الجريان المائي فيه سريعا ومتدفقا جياشا . ويمكن القول أن السرعة والتدفق يكون مرجعها إلى الانحدار الشديد ، حيث تبلغ درجة الانحدار حوالي 1 : 4400 . هذا بالإضافة إلى أن انشتار مئات الجزر والكتل الصخرية الصلبة ، التي تحتل شطرا من حيز المجرى . ويكون من شأنها أن يضيق الحيز الذي يتضمن الجريان . وهذا بدوره يمكن أن يعبر عن معنى من المعاني التي تفسر ، سرعة الجريان والتدفق وعدم الصلاحية للملاحة . والمفهوم أن تلك الجزر والكتل الصلبة التي تنبثق من قاع المجرى . تؤدي إلى شطر الحيز الذي يتضمن الجريان المائي . وإلى الاختناق الذي يدعو إلى مزيد من السرعة والتدفق .

وما من شك في أن هذه الصورة تعبر عن كل معنى من معاني وصفات النهر الحديث الفتي ، ومن حيث النشأة والتاريخ الجيولوجي . وما من شك ايضا في أن هذه الصورة تتكرر ، على طول امتداد القطاع المنتشر من عبيدية إلى أبو حمد ، حيث تنبثق الجزر الصلبة وتكسب المجرى صفات النهر الوعر . وعند ذيل أو نهاية هذا القطاع قرب موقع أبو حمد تظهر جزيرة مجرات في قلب مجرى النهر ، بحيث تقسمه إلى مجريين واضحين ، ينتشر أحدهما شمال الجزيرة وثانيهما جنوبها .

وجزيرة مجرات جديرة بأن تثير الانتباه ، لأنها تنتشر على المحور العام من الشرق إلى الغرب . ولأن عندما يغير النهر اتجاهه تغيرا أساسيا ، ولأنها كبيرة يبلغ طولها حوالي 30 كيلومترا . وينساب النهر فيما بين جزيرة مجرات وجزيرة شيري في مجرى متسع نسبيا وخال من العقبات . ويعني ذلك ان انحداره يعتدل اعتدالا ملحوظا ، كما تتخلى حافة الأرض المرتفعة ، التي تحدد الوادي عن مساحات ضيقة من السهل الفيضي على الجانب الأيمن .

القطاع الثالث

ويبدأ عند ذيل جزيرة شيرى القطاع الثالث من القطاعات ، التي تتميز فيها مجرى النهر ببعض صفات المجرى الوعر الحديث النشأة . والمفهوم أن هذا القطا الذي يبلغ 110 كيلومترا ، يتضمن الجندل أو الشلال الرابع . ويكون الجرين في المجرى من موقع يبدأ عند ذيل جزيرة شيرى إلى ماقبل موقع مروى ، سريعا متدفقا ، لأن درجة الانحدار تزداد بشكل ملحوظ ، لكي تصبح في المتوسط حوالي 1 : 3200 ، أو مايعادل حوالي ضعف درجة الانحدار العام ، في مجرى النيل النوبي من الخرطوم إلى أسوان . ويمكن القول أن الجزر والكتل الصخرية الصلبة التي تنبثق من قاع النهر وتظهر في حيز المجرى ، لاتكاد تتخلى للجريان المائي والتدفق ، إلا عن حيز ضيق محدود . وهذا من شأنه أن يسهم في اختناق الجريان وزيادة معدلات السرعة باندفاع الماء الجاري .

وتكتمل صورة المجرى الوعر بالتصاق الضفاف بالحافات المضرسة الخشنة ، التي تحدق بالمجرى من على الجانبين . ويعني ذلك أنه لاتكاد تتمثل على جانبي النهر أي صورة للأرض السهلية ، بل نرى الجانبين ناهضين بانحدارات واضحة صاعدة إلى حافات عالية ، هي في الواقع التي تحدد وادي النهر . وهكذا تظل هذه الصورة الوعرة هائلة للمشاهد إلى ماقبل مروى بقليل .

وعند هذا لاوضع تتبدل حالة النهر مرة أخرى ، ويتخلى عن كل سمة من سمات المجرى الوعر . ذلك أن المجرى من حوال يموقع بلدة مروى يصبح والاسعا بشكل ملحوظ . كما يبدو الجريان المائي هادئا في مسافة طويلة ، تستمر إلى موقع كرمة شمال دنقلة . ونذكر في هذا المجال أن درجة الانحدار في تلك المسافة الطويلة تبلغ حوالي 1 : 13000 ، كما تظهر على جانبي المجرى بعض السهول الفيضية والجيوب السهلية ، التي تحتضنها حدود الوادي الناهضة . وقد تعبر هذه السهول الفيضية عن معنى من معاني الشيخوخة ، التي يتميز بها الجريان في هذا الجزء من مجرى النيل النوبي وما من شك في أن صفات الشيخوخة ، تتناقض تناقضا كليا من صفات الحداثة في القطاعات التي تتضمن الجنادل . وقد يتطلب ذلك التناقض تفسيرا يلقى الضوء على التعقيد الذي تتميز به قصة النهر وتطوره على المدى الجيولوجي .

القطاع الرابع

ويبدأ عند موقع بلدة أبو فاطمة القطاع الرابع ، من مجرى النهر الذي يتضمن الجندل الثالث ، ويبلغ طول هذا القطاع الذي تظهر فيه كل ملامح النهر الشاب ، وتتجلى صفات الحداثة من وجهة النظر الجيمورفولوجية حوالي 380 كيلومترا . والمفهوم أن مجرى النهر يكون وعرا ، نتيجة مباشرة لانتشار مجموعات كبيرة من الجزر والكتل الصخرية الصلبة ، التي تنبثق من القاع . كما تنبثق من الجوانب ايضا . وهي من غير شك تعترض الجريان المائي ، وتستغرق معظم حيز المجرى النهري طولا وعرضا من موقع بلدة أبو فاطمة إلى موقع خانق سمنة التي ينتهي عندها هذا القطاع الوعر .

ويمكن القول أن هذه الجنادل التي تمتد متوالية في مجموعات غير منتظمة في مجرى النهر ، تكسب الجريان سرعة شديدة وتدفقا واندفاعا . هذا بالإضافة إلى زيادة درجة الانحدار في بعض الأجزاء إلى حوالي 1 : 1000 ، أو مايعادل سبعة أضعاف درجة الانحدار العام للنيل النوبي من الخرطوم إلى أسوان .

ويمكن للباحث أن يقسم هذه الجنادل إلى حوالي 13 مجموعة ، يستغرق انتشارها المجرى النهري . وتأتي في مقدمتها مجموعات من الجنادل هي جنادل حنك وسميث وشعبان ، ثم تليها بعد حوالي 60 كيلومترا جنادل كجبار ، ثم تليها بعد 110 كيلومترا أخرى مجموعات جنادل عمارة ودال وعكاشة وتنجور وامبقول واتيري . ويكون ختامها النهائي ممثلا في جنادل سمنة .

ولعل من الواضح أن ذيل كل مجموعة من هذه الجنادل يكاد يقع عند بداية مجموعة تالية ، بحيث تؤدي مجتمعة إلى صورة وعرة ، على امتداد مسافة ليس لها نظير في أي قاع من القطاعات ، التي تتضمن الجنادل الأخرى . ويمكن القول أن آلاف الجزر والكتل الصخرية ، التي تتألف منها الجنادل ، يكون قوامها صلب قوي من صخور النايس والجرانيت . وما من شك في أن جريان الماء الذي يتخلل المسافات المحدودة فيما بينها ، لم تكن له القدرة على أن يزيلها أو أن يؤثر على كيانها . وقد يعبر هذا القول بالفعل . عن كل معنى من معنى الحداثة . التي يتميز بها هذا القطاع من مجرى النيل النوبي .

وعندما يتجاوز مجرى النهر موقع خانق سمنة ينتهي الشلال الثالث ، ويبدأ جزء من مجرى النيل النوبي يخلو تماما من كل أثر للجنادل . ويبلغ طول هذا الجزء فيماب ين سمنة وسرس حوالي 40 كيلومترا . وما من شك في أن المجرى النهري يبدو أكثر اتساعا ، كما تتخلى من جوانبه الأرض المرتفعة بحيث تتسع الأرض السهلية ، التي يتضمنها وادي النهر . وقد تبدو هذه الأرض السهلية في صورة الجيوب السهلية ، التي تحتضنها حافة الوادي ، وتتجمع عندها صورة هزيلة من صور العمران .

ومهما يكن من أمر فإنه عند موقع قرية سرس يبدأ القطاع الخامس من القطاعات ، التي يتحول فيها مجرى النهر إلى صورة النهر الوعر من جديد ، ويمكن القول أن هذا القطاع هو الذي يتضمن الجندل الثاني ، أو مايعرف باسم شلالا حلفا . ويتألف هذا الجندل من مجموعات من الجزر والكتل الصلبة التي تعترض المجرى . ونذكر منها شلالات جمى وشلالات عمكة ، التي تعترض حيز المجرى في مسافة يبلغ طولها حوالي 16 كيلومترا . كما نذكر منها أيضا شلالات حلفا ، الذي يعترض مجرى النهر قبيل موقع بلدة حلفا بمسافة قليلة .

وما من شك في أن صفة النيل تتغير تغيرا كليا عند موقع حلفا على مسافة حوالي 9 كيلومترات من شلالات عمكة . ويتمثل هذا التغير في اعتدال النهر اعتدالا ملحوظا على الانحدار الهادئ ، فيما بين موقع بلدة وادي حلفا وبلدة أسوان . والمفهوم أن درجة الانحدار في هذا الجزء من المجرى بين القطاع الذي يتضمن جنادل الشلال الثاني ، والقطاع الذي يتضمن جنادل الشلال الأول حوالي 1 : 13.000 في المتوسط . كما يكون المجرى واسعا نسبيا وخاليا من العقبات حيث لايتضمن قلب المجرى أي أثر للصخور الصلبة التي تنبثق من القاع . ومع ذلك فإنه عند موقع كلابشة يضيق المجرى النهري إلى حوالي 200 متر فقط ، كما تظهر على جانبيه الصخور البلورية القوية الناتئة وتشرف مباشرة على حيز المجرى .

ويبدو أن هذا الموقع كان من المواضع التي تضمنت جندلا ، زال كل أثر له نتيجة لفعل التعرية المائية المستمرة . ومهما يكن من أمر فإن مجرى النيل النوبي يجتاز على مسافة حوالي 345 كيلومترا من وادي حلفا القطاع السادس والأخير من القطاعات التي تتضمن الجنادل . والمفهوم أن هذا القطاع يتضمن الجندل الأول ، الذي يتمثل في مجموعة من الجزر الصخرية والكتل الصلبة ، التي تتأثر في حيز المجرى . ويمكن القول أن انحدار الجريان في هذا القطاع يكون شديدا ، ويبلغ في المتوسط حوالي 1 : 1000 . وما من شك أن المجرى يبدو ضيقا ، وهو يتضمن تلك الجزر الصلبة التي تشغل جانبا من الحيز على مسافة حوالي 12 كيلومترا . وينتهي عند هذا الحد هذا القطاع الأخير ، وبنهايته ينتهي النيل النوبي .

وبعد تلك صفات مجرى النيل النوبي ، الذي لايكاد يتصل به من على الجانبين زافد ذو شأن سوى نهر العطيرة . وضع ذلك فإن ثمة أودية وأخوار جافة تنتشر في نطاق المساحات والأرض ، التي يتضمنها هذا القطاع الكبير من الحوض ، الذي يجري فيه هذا المجرى النهري الرئيسي الكبير . ويمكن على ضوء متابعة هذه الأودية الجافة والأخوار الت يكانت تمثل روافد عامة في عصور المطر الغزير ، أن نتلمس سمات هذا الحوض وامتداده العظيم على الجانبين الشرقي والغربي .

والمفهوم أن الحد الشرقي الذي يحدد أرض الحوض يمر على مرتفعات جبال البحر الأحمر في شمال شرق السودان . ويعني ذلك أن المنحدرات الغربية والشمالية الغربية في أطرفا الهضبة الحبشية ، والمنحدرات الغربية لجبال البحر الأحمر ، ومساحات الأرض المنتشرة إلى الغرب منها إلى حدود وادي النهر من ناحية الشرق ، تدخل في صميم حوض النيل النوبي . وما من شك فيي أن مجموعة كبيرة من الأودية الجافة والأخوار تنساب على تلك المنحدرات وعلى الأرض السهلية المنحدرة صوب الغرب لكي تتصل عند مواقع معينة بوادي النهر .

والمفهوم أن بعض هذه الوديان تكون لها القدرة على شق طريق أو مجرى واضح تمام في الحافة المرتفعة التي تحدد الوادي . ونذكر منها وادي الحمار وادي عامور ووادي الشيخ . كما نذكر منها وادي علاقي ورافده الكبير وادي قبقبة . وإذا كنا نعتبر هذه الأودية نماذج ممتازة للأودية الجافة . فإنها من ناحية أخرى تعبر عن صورة الجريان المائي ، في عصر جيولوجي سابق أو أكثر . وما من شك في أن هذا الجريان المائي قد تمخض عن حصيلة كبيرة من الصور التضاريسية ، تعبر عن فعل التعرية المائية ، وأثرها في تشكيل سطح الأرض في هذا القطاع الشرقي من أرض الحوض .

أما الحد الغربي الذي يحدد القطاع الغربي من أرض الحوض ، فإنه ينتشر على مرتفعات شمال دارفور وكردفان ، على محور عام من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي . ويؤدي الانتشار على هذا المحور العام إلى اقتراب الحد الغربي من وادي النهر عند خط عرض دنقلة . وهو إلى الشمال من هذا الموضع ، يمتد على مقربة من وادي النيل النوبي ، وفي اتجاه عام يتابع الاتجاه العام للمجرى الوادي الذي يتضمنه .

ونتبين من هذه الصورة أن وادي النيل النوبي الذي يتضمن المجرى يلتزم في شمال خط عرض دنقلة بالامتداد على مقربة من حدود الحوض الغربية ، لكي يتجنب النهر لسان المرتفعات التي تمر على محور من الشرق إلى الغرب في قلب العطور . ومهما يكن من أمر فغن ثمة وديان جافة وأخوار . تنساب على أرض الحوض من المرتفعات التي تحدد حدود الحوض ، ويكون لها القدرة على شق الثغرات في حافات الوادي الغربية ، لكي تقترن بالنيل النوبي . ونذكر منها وادي الملك وروافده المنتشرة في أطراف شمال شرق كردفان ودارفور . كما نذكر أيضا وادي المقدم الذي ينساب من شمال كردفان ، ومن منحدرات كتلة بيوضة . وتعبر هذه الوديان وغيرها عن صورة من صور الجريان المائي في عصر جيولوجي سابق . ورمبا كانت لها أهمية بالغة في الجراين النيلي في مراحل تطوره الجيمورفولوجي فيما بين البلايوسين والبلايستوسين .

ومهما يكن من أمر ، فإن حصيلة الجريان في النيل النوبي تتمثل في الوقت الحاضر في الإيراد المائي الذي ينساب من الأحباس الاستوائية عن طريق النيل الأبيض ، ومن الأحمباس الحبشية عن طريق النيل الأزرق ونهر العطيرة . وما من شك في أن هذا الجريان يتأثر بالذبذبات الناشئة عن زيادة المناسيب في المجاري أو الروافد الحبشية . وهكذا يمكن القول أن الجريان في النيل النوبي مرآة صادقة لصورة وطبيعة الجريان في النيل الأزرق .

والمفهوم أن المناسيب التي يتحقق عليها الجريان ، تتفاوت من موسم إلى موسم آخر . ويعني ذلك أنه في موسم الفيضان في الفترة من يوليو إلى أكتوبر ، تكون مناسيب الجراين عالية بشكل قد يعرض مواقع العمران على جانبي النهر لمطر شديد . أما في الموسم الآخر فيتناقص حجم الماء الجاري وتتدهور المناسيب بشكل يؤدي إلى انخفاض منسوب الماء عن مستوى الأرض القابلة للزراعة في مواقع السهول الفيضية والجيوب السهلية .

ومن الجائر أن نسجل بهذه المناسبة أكثر من موضع من حيز المجرى قد انتهت الدراسات فيه إلى صلاحية تامة ، لأن يتحول إلى حوض من أحواض التخزين وتسوية الإيراد . وقد استغل القطاع فميا بين أسوان وحلفا فعلا لهذا الغرض . كحوض من أحواض التخزين السنوي فترة طويلة . وهو يستغل الآن مرة أخرى كحوض هائل للتخزين المستمر .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضا

المصادر

سعيد, رشدي (2001). رشدي سعيد. القاهرة، مصر: دار الهلال. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)