اتفاقية مياه النيل 1929

إتفاقية نهر النيل 1929 هي إتفاقية أبرمتها الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا و كينيا)، في عام 1929 مع الحكومة المصرية يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه‏ النيل، وإن لمصر الحق في الاعتراض (الفيتو) في حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده. [1]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية عن نهر النيل

يعتبر نهر النيل من أطول الأنهار في العالم حيث يبلغ طوله 6650 كلم، وهو يجري من الجنوب إلى الشمال نحو مصبه في البحر الأبيض المتوسط، وذلك في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا. ينبع النيل من بحيرة فيكتوريا التي تبلغ مساحتها 68 ألف كلم2. [2].


تاريخ الاتفاقية

هايدي فاروق عبد الحميد.JPG هذا الموضوع مبني على وثائق من مستشارة
هايدي فاروق عبد الحميد.

في 25 يناير 1925 أرسل أحمد زيور باشا، رئيس مجلس الوزراء المصرى خطاباً إلى المندوب السامى البريطاني أعرب فيه عن قلقه مما جاء في المذكرة البريطانية المؤرخة في 23 نوفمبر 1924، والتى وجهت عقب مقتل السير لي ستاك بشأن تزايد مساحة الأطيان التى تروى الجزيرة بالسودان من 300 ألف فدان إلى قدر غير محدود.

وقتها رد المندوب البريطانى السامي بخطاب مؤرخ في 26 يناير 1925، جاء فيه أن الحكومة البريطانية مع اهتمامها بتقدم السودان لا تنوى الافتئات على حقوق مصر الطبيعية أو التاريخية في مياه النيل، وهى الكلمة التى جعلت الخبراء المصريين، ونتيجة للتواتر المغلوط، يرددون أن اتفاق 1929 ثبتت فيه حقوق مصر على النيل، وتجاهلوا أنها خطابات وليست اتفاقاً، وكانت تتناول قضية الرى بين دولتى المصب فقط، وأنها كانت تقصد أن تفسر تلك التعليمات بغير هذا المعنى.[3]

تشكلت لجنة من رئيس كان إنجليزياً وعضوين أحدهما مصرى والآخر إنجليزى، وأتمت بحثها، ووضعت تقريرها في 21 مارس 1925، فيما أصدرت الحكومة المصرية في سنة 1948 كتابا بعنوان (Nile Waters Agreement) ضمنت فيه المراحل التى سبقت اتفاق مياه النيل بين السودان ومصر وتقارير لجنة مياه النيل، ثم أخذت وزارة الأشغال العمومية المصرية في دراسة هذا التقرير، واستمرت المحادثات والمراسلات وانتهت بتبادل خطابين في 7 مايو 1929، أطلق عليهما بطريق الخطأ اتفاق المياه.

كان نص خطاب رئيس مجلس الوزراء المصرى آنذاك على النحو التالي:

«تأييدا لمحادثاتنا الأخيرة، أتشرف بأن أرسل لسيادتكم وجهة نظر الحكومة المصرية بشأن مسائل الرى التى كانت موضوع المناقشة بيننا، والحكومة المصرية توافق على أن البت في هذه المسائل لا يمكن تأجيله، حتى يتيسر للحكومتين عقد اتفاق بشأن مركز السودان، غير أنها مع إقرار التسويات الحاضرة تحتفظ بحقها فيما يتعلق بالمفاوضات التى تسبق عقد مثل هذا الاتفاق، وبناء عليه تقبل الحكومة المصرية النتائج التى انتهت إليها لجنة مياه النيل في سنة 1925 المرفق تقريرها بهذه المذكرة، والذى يعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا الاتفاق.»

وذكر الخطاب أيضا أنه من المفهوم أن الترتيبات التالية، يجب مراعاتها بشأن أعمال الرى على النيل وهي:

أولا: أن يكون لمفتش عام الرى المصرى في السودان وموظفيه أو أى موظفين يعينهم وزير الأشغال العامة، الحرية في التعاون مع المهندس المقيم في «خزان سنار»، بخصوص إجراء المقاييس لتضمن الحكومة المصرية أن توزيع المياه وتنظيم الخزان، تم وفقا للاتفاق المعقود.

ثانياً: ألا تقام أو تجرى أى أعمال للرى على النيل أو فروعه، أو على البحيرات التى تغذيه، سواء الموجودة في السودان أو في الأقاليم الخاضعة للإدارة البريطانية، والتى قد تضر بأى شكل بمصالح مصر، سواء بتقليل كمية المياه التى تصل إليها، أو بتعديل تاريخ وصولها أو تعديل منسوب المياه، إلا بالاتفاق مع الحكومة المصرية.

ثالثا: تقدم للحكومة المصرية التسهيلات اللازمة، لتنفيذ الإجراءات الضرورية للقيام بدراسة كاملة للقوى على نهر النيل في السودان.

رابعا: في حالة ما إذا قررت الحكومة المصرية بناء أى أعمال على النهر أو على فروعه في السودان، أو اتخاذ أى إجراءات بقصد زيادة موارد المياه لمصلحة مصر، فإنه يتفق مع السلطات المحلية على اتخاذ الإجراءات التى تتخذ للمحافظة على المصالح المحلية».

أما خطاب اللورد لويد، فكان نصه الآتي:

«تشرفت باستلام المذكرة التى بعثتم بها سيادتكم إلينا اليوم، ومع تأييدى للقواعد التى تم الاتفاق عليها كما هى واردة في مذكرة سيادتكم، فإنى أعبر لسيادتكم عن سرور حكومة صاحبة جلالة الملك بأن المباحثات أدت إلى حل سيؤدى إلى زيادة تقدم مصر والسودان ورخائهما، وأن حكومة جلالة الملك بالمملكة المتحدة لتشاطر سعادتكم الرأى في أن مرمى هذا الاتفاق وجوهره هو تنظيم الرى على أساس تقرير لجنة مياه النيل، وأنه لا تأثير له في الحالة الراهنة في السودان،

وفى الختام أذكر لسعادتكم أن حكومة جلالة الملك سبق لها الاعتراف بحق مصر الطبيعى والتاريخى في مياه النيل، وأكرر أن حكومة جلالة الملك تعتبر المحافظة على هذه الحقوق مبدأ أساسيا من مبادئ السياسة البريطانية، كما تؤكد لسعادتكم بطريقة قاطعة أن هذا المبدأ أو تفصيلات هذا الاتفاق ستنفذ في كل وقت أياً كانت الظروف التى قد تطرأ فيما بعد.»

في 29 أبريل عام 1887، تم توقيع اتفاق بين فرنسا وبلجيكا أصبح بمقتضاه خط الحدود (خط التباين بين منطقتى نفوذهما)، هو مجرى نهر الأوبانجي، ابتداء من مُلتقى الكونغو، وحتى نقطة التقاطع مع خط الموازاة الشمالى لدرجة ٤°، وعقب هذا الخط تعهدت الكونغو بألا تحاول بسط أى نفوذ سياسى لها على الضفة اليمنى «للأوبانجى»، وتعهدت حكومة فرنسا من جهتها بألا تتعرض للضفة اليسرى لهذا النهر تحت خط الموازاة المذكور.

وكان هذ االخط عند درجة 4° هو أقصى خط مُوازاة أقره مؤتمر برلين عام 1885 ليكون حد الكونغو الشمالى.

ويقول الفرنسيون إن منابع ومجرى الأوبانجى لم تكن مكتشفة في هذا التوقيت حتى يمكن تنفيذ الاتفاق وتعيين الحدود بدقة، وأن المكتشفين البلجيكيين في عام 1888 تمكنوا من إقامة الدليل على أن «الأوبانجى» بالقرب من خط الموازاة الشمالى لدرجة 4° كان يتألف من اجتماع نهرين إحدهما «إمبومو» والآخر نهر «الأوله»، وكان وكلاء دولة الكونغو يدّعون أن مجرى النهر الرئيسى هو «إمبومو»، في حين كان الفرنسيون يقولون إنه نهر «الأوله».

وتقول الباحثة في الأرشيفين البريطانى والأمريكى: «كانت أطماع بلجيكا ظاهرة في هذا التوقيت، حيث امتدت طموحاتهم إلى أعالى نهر النيل في مديرية خط الاستواء، ومديرية بحر الغزال وتجاوز الحدود التى رسمها لهم مؤتمر برلين عام 1885 والمعاهدة الفرنسية- الكونغولية في عام 1887، حيث وصلت تجريدة «فان فركهوفن» في أوائل عام 1893 إلى النيل واحتلت دوفيلة».

فى نفس الوقت تقدمت تجريدات بلجيكية كثيرة إلى الشمال فاحتلت زونجو وبانزيفيل وبانجاسو وياكوما عام 1891، ورافاى عام 1892، وليفى الواقعة بالقرب من ديم الزُبير عام 1893 في بحر الغزال، وبلغت حدود دارفور في عام 1894، إضافة إلى حفرة النحاس، وبعد أن كانت حدودها المرسومة عند درجة ٤° من خط العرض الشمالى، أصبحت عند درجة 10°، أى على بعد أكثر من ٧٠٠ كيلو متر من شمال الأوله».

كان أكبر هَم لإنجلترا في ذلك الوقت هو سد طريق التوسع في وجه فرنسا، ومنعها من الوصول إلى أعالى النيل، وسرعان ما تم توقيع اتفاقية 12 مايو 1894 بين إنجلترا والكونغو، وبمقتضاها تنازلت إنجلترا، لحكومة الكونغو لمدة معينة، عن القسم الأكبرمن منابع (بحر الغزال) وعن قطعة أرض صغيرة على ضفة النيل الغربية وسط الأراضى المصرية تُسمى (حاجز لادو) LADO ENCLAVE، وإن احتفظت بحقوق مصر في حوض اعالى النيل، كما اعترفت إنجلترا للكونغو بمنطقة نفوذ فيها وفى مُلحق المُعاهدة نص الطرفان على أنه بمناسبة تأجير بعض الأراضى في شرق أفريقيا فإنهما لا يجهلان ما لمصر من حقوق في حوض النيل الأعلى.

وفق الوثائق احتجت ألمانيا على هذه المعاهدة وأرغمت إنجلترا وبلجيكا على سحب الشرط الخاص بامتياز قطعة الأرض الملاصقة لتنجانيقا، ثم جرت مفاوضات بين فرنسا والكونغو انتهت بتعهد الأخيرة في 14 أغسطس عام 1894، بألا تحتل أرضاً في شمال اللادو، وتقرر أيضاً أنه ابتداء من أندوروما (حيث ينبع نهر أمبومو) يكون للكونغو الحق في بسط نفوذها حتى خط الموازاة لدرجة ٥.٤ °، وعلى النيل حتى اللادو».

لم يقم البلجيكيون بأى احتلال فعلى في هذه المنطقة (اللادو)، ولكنهم بادروا إلى احتلالها حوالى عام 1898، عقب حادثة فاشودة، فأذن الإنجليز لهم بالبقاء بشرط ألا يعتدوا على بحر الغزال، وكانت منطقة لادو تمتد في هذا التوقيت إلى مسافة 15 ألف ميل مربع (52 ألف كيلو متر مُربع تقريباً) وعدد سكانها 250 ألف نسمة، وبذلك بلغت مساحة الكونغو بعد هذه المعاهدات التى اقتطعت جُزءاً غير قليل من الممتلكات المصرية نحو ٢ مليون و٢٠٠ ألف كيلو متر مربع.

وبناء على اتفاق 9 مايو 1906 بين حكومة بريطانيا وملك الكونغو، كان لهذا الأخير الحق في إدارة لادو مدى حياته، ولم تمض ستة أشهر على وفاته حتى أعيدت منطقة «اللادو» إلى مصر، وذلك في 16 يونيو 1910. وهنا تشدد «هايدى» على أن هذا الاتفاق هو تحديداً ما يجب الارتكاز عليه، لأنه ينص على أن «لمصر حقاً في مجرى النيل ثابتاً ثبوت الحدود»، بالإضافة إلى أن اتفاق 13 مايو عام 1893.

وهو اتفاق حدود، والذى تم تعديله بالاتفاق الموقع في لندن في 9 مايو 1906، هو الاتفاق الوحيد المنوط العمل في إطاره في مُجابهة أى خطوات قد تحذوها الكونغو تجاه التوقيع على «ورقة عنتيبى»، ومن ثم لا يجوز الاحتجاج بكونهما اتفاقات للمستعمر– حسب «هايدى» - فهما ليسا اتفاقى مياه، بل إنهما اتفاقا حدود.

وفق مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وهو المبدأ الذى تأسست عليه منظمة الوحدة الأفريقية، ثُم الاتحاد الأفريقى، فإن عدم الأخذ باتفاق الحدود لعام 1906 يقوض مبادئ المنظمة، ولأن الأخذ باتفاق عام 1906 أصبح وجوبياً انطلاقاً من كونه اتفاقاً للحدود، فإن إلزامية بنوده أصبحت فرضاً لا يُمكن التنصل منه.

ووفق نص المادة الثالثة في الاتفاق، فإنه «يُحرم» على الكونغو بناء أى سدود أو مُنشآت على نهرى «سمليكى» أو «ايسانجو»، أو فيما يجاورهما من شأنها التأثير على كمية المياه الداخلة في بحيرة «ألبرت» ما لم يتم ذلك بالاتفاق مع الحكومة المصرية فيما نصت المادة الرابعة على منح امتياز لشركة «إنجليزية– بلجيكية» لمد واستغلال خط سكة حديد يبدأ من الكونغو حتى الجزء الصالح للملاحة من النيل بجوار «اللادو»،

ونصت أيضاً على أنه عند انتهاء احتلال إقليم «اللادو» فإن السكة الحديد تخضع للحاكم المصرى العام في السودان، أما اتجاه هذا الخط فإنه يعين باتفاق حكومتى مصر والكونغو، ولتأمين رأس المال اللازم لهذا الخط، فإن الحكومة المصرية التزمت بضمان مُعدل للفائدة، بواقع ٣% على مبلغ لا يتجاوز ٨٠٠ ألف جنيه.

ونصت المادة السادسة بمعاملة السفن التجارية التى تحمل علم الكونغو أو بلجيكا في الملاحة أو التجارة في أعالى البحار نفس معاملة السفن المصرية بغير تمييز وتخضع لقوانين الحاكم المصرى العام في السودان فيما حددت المادة الثامنة بأنه في حالة حدوث أى خلاف حول الاتفاق (اتفاق 1906) فإنه يُحال برمته ودون شرط تراضى أطرافه إلى محكمة لاهاى ويكون قرارها مُلزماً.

فى أول يناير عام 1914 اقتُطع من مصر القسم الجنوبى من السودان في منطقة اللادو، والبالغة مساحته نحو ١٤ ألف كيلو متر مربع غرب بحر الجبل (النيل)، وانضم إلى أوغندا مُقابل إضافة مركزى غوندكورو ومنيوت إلى السودان، وبالإضافة إلى كون اتفاق المياه في الأصل اتفاقاً للحدود، فإن حق مصر في مجرى النيل حق ارتفاق دولى على مجراه، ووفق نص المادة الثالثة من اتفاق الحدود (إنجلترا- الكونغو ٩ مايو عام 1906)، والذى ينص على أن (تتعهد حكومة الكونغو المستقلة بعدم القيام أو السماح بقيام مُنشآت أو أعمال على نهرى سمليكى أو أسانجو، أو فيما يجاورهما، من شأنها أن تُقلل كمية المياه التى تنساب إلى بحيرة ألبرت، إلا بالاتفاق مع حكومة مصر)، وهذا النص يُقرر حق ارتفاق سلبى على بعض فروع النيل، التى تمر بإقليم الكونغو، مؤداه عدم القيام بأى أعمال أو مُنشآت على نهرى سمليكى وأسانجو أو فى...إلخ».

ويعتبر الاتفاق الإنگليزي الكونغولي 1906 هو حق عينى، لا يجوز إلغاؤه أو تعديله بإرادة الدولة المرتفق بها المنفردة، وبإعمال قواعد حق الارتفاق الدولى على نهر النيل، نجد أن لمصر حق ارتفاق دولياً على مجراه دون المياه التى تنساب فيه، فالمياه منقول متحرك ومتجدد، لا يصح أن يكون موضع حق من حقوق الارتفاق لانعدام صفة الذاتية والثبات والاستقرار، التى هى من مستلزمات الأشياء القابلة لأن تكون محلاً لحقوق الارتفاق.

نشأ هذا الحق بمضى المدة (طبقا للنظرية التقليدية بشأن هذا النوع من الحقوق)، وطبقا للنظرية الحديثة فإن مرور المياه مدة طويلة في هذا المجرى يعد قرينة قاطعة على رضاء الدول المرتفقة بهذا الارتفاق، وبعبارة أخرى فإن ثمة اتفاقا ضمنيا على وجود الارتفاق بين مصر والدول المشتركة معها في نهر النيل.

فلمصر لها حق ارتفاق على مجرى النيل، ويقضى هذا الحق بإلزام الدول المشتركة في نهر النيل بإبقاء مجرى النهر صالحا لمرور المياه فيه، والتزامها بعدم المساس بالمجرى أو تحويله أو إقامة عوائق أو منشآت عليه.

في ذات الإطار لا تغنى نظرية حقوق الدول المشتركة في نهر دولى عن حقوق الارتفاق الدولية، لأن الدول المشتركة في نهر دولى لها أن تقيم منشآت لاستغلال مياه النهر، بشرط عدم المساس بالحقوق المكتسبة للدول الأخرى، وبعبارة أخرى يجب القول بأنه للدول أن تستغل المياه الزائدة التى تنصرف إلى البحر طالما أنها لا تمس في ذلك حقوق الدول الاخرى المكتسبة، وبشرط عدم وجود اتفاق نهائى ملزم، ولكن في حالتنا هذه لدينا هنا اتفاق 1902 الحدودى مع إثيوبيا، واتفاق 1906 مع الكونغو، وهو حدودى أيضا ويلزم بالحصول على موافقة دول المصب قبيل أى عمليات استغلال، بالإضافة إلى أن لمصر حق ارتفاق على مجرى النهر لا يجيز لأى دولة القيام بمنشآت لاستغلال المياه إلا بموافقة مصر، حتى ولو كان هذا الاستغلال ينصرف إلى مياه زائدة ولا يمس بحقوق مصر المكتسبة».

وتضيف «هايدى»: «تم تسجيل حق الارتفاق المصرى في معاهدتى 15 مايو 1902 و9 مايو 1906، علاوة على أن مصر اكتسبت هذا الحق منذ زمن بعيد، والالتزامات الواردة في هذه المعاهدات تعد أيضا في رأى منازعى حق الارتفاق من فقهاء القانون الدولى قيودا اتفاقية مصدرها المعاهدات».

الوثائق تشير إلى أنه في عام 1911 انعقدت الدورة العامة لمعهد القانون الدولى في مدريد، وقررت أنه إذا كان مجرى النيل يفصل بين دولتين فلا يجوز لدولة بغير موافقة الدول الأخرى، ودون وجود سند قانونى خاص وصحيح، أن تقوم أو تترك للأفراد أو الشركات القيام بتغييرات خاصة تَضُر بضفة دولة أخرى، كما أنه لا يجوز لأى دولة أن تستغل أو تسمح باستغلال المياه في إقليمها بطريقة تضر بالدول الأخرى».

وأكدت أن قرارات اللجنة العامة نصت على أنه إذا كان مجرى النهر يخترق إقليم دولتين أو أكثر، فلا يجوز لدولة أن تغير النقطة سواء كانت طبيعية، أو ترجع إلى زمن بعيد عن النقطة التى كان يخترق فيها النهر حدودها، إلى إقليم دولة مجاورة الا بموافقة هذه الدولة، بالإضافة إلى أنه يحظر كل تغيير في مياه النيل أو إلقاء مواد ضارة فيه كون مصدرها المصانع وغيرها.

وأضافت أن اللجنة أشارت في قراراتها إلى أنه لا يجوز سحب كميات من مياه النيل لاستغلالها في توليد القوى الكهربائية، من شأنها التأثير على مجرى النهر عند وصوله إلى الأقاليم التى في المصب.

وذكرت اللجنة- وفق الوثائق- أنه لا يجوز لدولة المصب أن تقوم أو تسمح بإقامة منشآت على إقليمها تؤدى إلى إحداث فيضانات في دول المنبع، وكذلك لا يجوز أن تقوم دولة بصرف أو حجز قدر من مياه النهر ينتج عنه هبوط المستوى الطبيعى لمجرى النهر في الدول الأخرى.

نص الإتفاقية

تنظم تلك الإتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الإستوائية ،كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالى في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصرى والمندوب السامى البريطانى:

  • إن الحكومة المصرية شديدة الإهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التى يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه .
  • توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق.
  • ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى اجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
  • تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالإتفاق مع السلطات المحلية . [4]

خلفية عن نهر النيل

يعتبر نهر كاجيرا (Kagera) من الجداول الرئيسية لنهر النيل ومن أكبر الروافد التي تصب في بحيرة فيكتوريا، وينبع من بوروندي قرب الرأس الشمالي لبحيرة تنجانيقا الواقعة إلى الجنوب من بحيرة فيكتوريا في وسط أفريقيا، ويجري في اتجاه الشمال صانعا الحدود بين تنزانيا ورواندا، وبعدما يتجه إلى الشرق يصبح الحد الفاصل بين تنزانيا وأوغندا ومنها إلى بحيرة فيكتوريا بعدما يكون قد قطع مسافة 690 كلم.

أما نهر روفيرونزا (Rovironza) الذي يعتبر الرافد العلوي لنهر كاجيرا وينبع أيضا من بوروندي، فيلتحم معه في تنزانيا ويعتبر الحد الأقصى في الجنوب لنهر النيل.

ويبلغ معدل كمية تدفق المياه داخل بحيرة فيكتوريا أكثر من 20 مليار متر مكعب في السنة، منها 7.5 مليارات من نهر كاجيرا و8.4 مليارات من منحدرات الغابات الواقعة شمال شرق كينيا و3.2 مليارات من شمال شرق تنزانيا، و1.2 مليار من المستنقعات الواقعة شمال غرب أوغندا كما ورد في تقارير منظمة الفاو لعام 1982.

يعرف النيل بعد مغادرته بحيرة فيكتوريا باسم نيل فيكتوريا ، ويستمر في مساره لمسافة 500 كلم مرورا ببحيرة إبراهيم (Kyoga) حتى يصل إلى بحيرة ألبرت التي تتغذى كذلك من نهر سمليكي (Semliki) القادم أصلا من جبال جمهورية الكونغو الديمقراطية مرورا ببحيرة إدوارد، وبعدها يدعى "نيل ألبرت".

وعندما يصل جنوب السودان يدعى بحر الجبل ، وبعد ذلك يجري في منطقة بحيرات وقنوات ومستنقعات يبلغ طولها من الجنوب إلى الشمال 400 كلم ومساحتها الحالية 16.2 ألف كلم2، إلا أن نصف كمية المياه التي تدخلها تختفي من جراء النتح والتبخر.

وقد بدأ تجفيف هذه المستنقعات عام 1978 بإنشاء قناة طولها 360 كلم لتحييد المياه من عبورها، وبعدما تم إنشاء 240 كلم منها توقفت الأعمال عام 1983 بسبب الحرب الأهلية في جنوب السودان.

وبعد اتصاله ببحر الغزال يجري النيل لمسافة 720 كلم حتى يصل الخرطوم، وفي هذه الأثناء يدعى "النيل الأبيض"، حيث يلتحم هناك مع "النيل الأزرق" الذي ينبع مع روافده الرئيسية (الدندر والرهد) من جبال إثيوبيا حول بحيرة تانا الواقعة شرق القارة على بعد 1400 كلم عن الخرطوم.

ومن الجدير بالذكر أن النيل الأزرق يشكل 80-85% من مياه النيل الإجمالية، ولا يحصل هذا إلا أثناء مواسم الصيف بسبب الأمطار الموسمية على مرتفعات إثيوبيا، بينما لا يشكل في باقي أيام العام إلا نسبة قليلة، حيث تكون المياه قليلة.

أما آخر ما تبقى من روافد نهر النيل بعد اتحاد النيلين الأبيض والأزرق ليشكلا نهر النيل، فهو نهر عطبرة الذي يبلغ طوله 800 كلم وينبع أيضا من الهضبة الإثيوبية شمالي بحيرة تانا.

ويلتقي عطبرة مع النيل على بعد 300 كلم شمال الخرطوم، وحاله كحال النيل الأزرق، وقد يجف في الصيف. ثُم يتابع نهر النيل جريانه في الأراضي المصرية حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضا

المصادر

  1. ^ إسلام أونلاين
  2. ^ "نهر النيل والخلافات المائية حوله". الجزيرة نت. 2007.
  3. ^ هايدي فاروق عبد الحميد (2010-08-05). "«المصري اليوم» تنشر وثائق نادرةتؤكد حق مصر القانونى في مياه النيل (الحلقة الثالثة) .. اتفاقية «1902» وحروب «الحدود» المصرية – الحبشية". جريدة المصري اليوم. Retrieved 2013-05-29.
  4. ^ الهيئة العامة للإستعلامات