ميزر

(تم التحويل من Hydrogen maser)
شحنة تفريغ هيدروجينية ذات تردد راديوي، أول عنصر داخل ميزر الهيدروجين (انظر الوصف أدناه)

الميزر إنگليزية: Maser إختصاراً لـ Microwave Amplification by Stimulated Emission of Radiation أي تضخيم الموجة الدقيقة بالابتعاث المستثار للإشعاع هو جهاز يولد أو يضخم الموجات الدقيقة. لا فرق بين الليزر والميزر من حيث المبدأ, إلا أن كلا منهما يعمل في حقل موجات يختلف عن حقل موجات الآخر. فالمايزر يستعمل كمضخم للموجات الدقيقة المستعملة في الرادار والاتصالات الفضائية الخارجية؛ ذلك نظراً لضعف التشويش فيه, بينما يستعمل الليزر في حقل الموجات الضوئية المرئية القريبة منها.

والجزء الرئيسي في الميزر مادة كانت قد وضعت في حالة مستثارة؛ أي أعلى طاقة. في هذه الحالة تكون ذرات المادة قادرة على إطلاق طاقة ذات تردد معين، عندما تُستثار بموجة دقيقة بنفس التردد. وتُضاف الطاقة التي تنطلق من الذرات إلى الموجة المستثارة لتضخيمها. وفي حالة ميزر غاز النشادر تُستخدم الحرارة لاستثارة غاز النشادر. وقد تم بناء أول ميزر لغاز النشادر في الولايات المتحدة عام 1954م. وتستخدم الميزرات لتضخيم إشارات الموجات الدقيقة الضعيفة الصادرة من النجوم البعيدة، وفي الاتصالات كذلك.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ميزر الهيدروجين

ميزر الهيدروجين.


تفاعل المادة مع الأمواج الكهرطيسية

المبدأ الفيزيائي للتضخيم الضوئي المحثوث

تتكون المادة عموماً من جزيئات. والجزيئات من ذرات، والذرات بدورها تتألف من نواة مركزية تدور حولها إلكترونات في مدارت محدده. وقد بيَّن ميكانيك الكم [ر] quantum mechanics أن كل توزع إلكتروني على المدارات يقابل حالة state للطاقة الداخلية للذرة، وأن الانتقال من مدار إلى آخر يتم بقفزات طاقية؛ وليس باستمرار. هذه القفزات توافق طاقة مقدارها محدد بمضاعفات من وحدة طاقية أساسية تدعى «كمّ» quantum الطاقة. هناك شروط وقواعد تسمح بانتقال الإلكترونات بين هذه المدارات مؤدية لحالات كمومية عديدة، وتبعاَ لذلك هناك مخطط طاقي لكل ذرة يتكون من السويات الطاقية energy levels تحدث بينها هذه الانتقالات الإلكترونية. وفي حالة كون المادة مكونة من جزيئات- كما هي الحال في الغازات مثلاً- توجد حركة اهتزازية ودورانية لذرات الجزيء توافق حالات طاقية كمومية محددة أيضاً، ولكل جزيء مخطط مميّز لسويات الطاقة الموافقة للانتقالات المسموحة. والحالة الموافقة للطاقة الدنيا هي حالة مستقرة تدعى الحالة الأساسية ground state، لكن الذرة (أو الجزيء) يمكن أن توجد- في فترة زمنية قصيرة نسبياً- في حالة لا تكون فيها الطاقة دنيا؛ كحالة انتقال الإلكترونات إلى مدارات أكثر بعداً عن النواة نتيجة الحصول على طاقة خارجية، فتصبح الذرة في حالة مُثارةexcited state ، وهي حالة غير مستقرة توافق سوية طاقية أعلى.

والأمواج الكهرطيسية هي شكل من أشكال الطاقة مؤلفة من كمّات طاقيّة أساسيّة تدعى الفوتونات، تكون طاقة الفوتون E مساوية لتواتر frequency الموجة v مضروباً بثابت h يدعى ثابت بلانك (E =hv) Planck constant. وتتعلق شدة الموجة الكهرطيسية بعدد الفوتونات المكونة لها. ويشغل الضوء [ر] تردداً محدداً من الطيف الكهرطيسي الممتد من الأمواج الراديوية الطويلة جداً إلى أشعة غاما القصيرة جداً.

يتفاعل الضوء (والأمواج الكهرطيسية عموماً) مع المادة وفق الظواهر الآتية:

الامتصاص

في حالة التوازن الترموديناميكي لذرة معزولة، تشغل الإلكترونات مدارات أقرب إلى النواة وتكون الذرة - في الحالة الأساسية - ذات السوية الطاقية الأدنى E0. ويمكن أن تنتقل الذرة (أو الجزيء) إلى سوية طاقية أعلى E1، وتصبح ذرة مثارة؛ إذا تلقت طاقة تساوي الفرق بين السويتين (DΔE = E1- E0). هذه الطاقة يمكن أن تكون طاقة حركية، مثل طاقة الصدم بذرات أخرى أو بإلكترون..، أو أن تكون ذات شكل كهرطيسي. وعندما يتوافق تواتر الموجات الكهرطيسية الواردة مع الفرق بين سويتين من مخطط السويات الطاقية يتمّ امتصاص الضوء أو الأمواج الكهرطيسية من قِبَل ذرات المادة أو جزيئاتها، وينجم عن ذلك تغيّر في الحالة الطاقية لتلك الذرات أو الجزيئات التي تصبح في حالة مثارة. يُعَبَّر عن ذلك بانتقالات من الأدنى إلى الأعلى بين السويات الطاقية المختلفة.

الإصدار التلقائي

بما أن الحالة المثارة للذرة (أو للجزيء) هي حالة غير مستقرة فإن العودة لحالة طاقية أدنى أو للحالة الطاقية الأساسية تتم تلقائياً بعد زمن وجيز؛ مصدرة الطاقة المكتسبة إما على شكل طاقة حركيّة خلال عملية صدم مثلاً؛ لتتحول إلى حرارة لاحقاً، أو بإطلاق فوتون ذي تواتر v = DΔE / h. وتسمى هذه العملية بالإصدار التلقائي spontaneous emission. لا يحدث هذا الإصدار آنياً لجميع الذرات المثارة. يسمى الزمن الوسطي عمر lifetime السوية الطاقية الموافقة للحالة المثارة، ويتعلق بالمادة وبطول الموجة الصادرة، ويراوح بين عدة ثوان وأجزاء من النانو ثانية. من خواص الإصدار التلقائي للمادة أن كل ذرة مثارة تُصْدِر الإشعاع بشكل مستقل وفي لحظة مختلفة عن باقي الذرات، ولذلك فإن الإشعاع الصادر غير مترابط، بمعنى أنه لا توجد علاقة ثابتة بين أطوار الموجات الصادرة، إنما يكون التواتر نفسه لكل الفوتونات الصادرة؛ لأنه محدد بالفرق الطاقي DΔE بين الحالتين.

الإصدار المحثوث

يمكن أن تعود الذرات أو الجزيئات من الحالة المثارة إلى حالة طاقية أدنى نتيجة التحريض بوساطة فوتون وارد عليها يؤدي إلى إطلاقها فوتوناً مطابقاً للفوتون الوارد من حيث التواتر والطور والاتجاه والاستقطاب، فلا يمكن التمييز بين الفوتون الوارد المحرِّض والفوتونات المنبعثة المحرَّضة. وتظهر عملية تضخيم الضوء (أو الإشعاع الكهرطيسي) جلياً نتيجة هذا الإصدار الذي يدعى الإصدار المحثوث stimulated emission. وهذه العملية تمثل الأساس الفيزيائي لليزر والميزر.

تنبّأ أينشتاين بالإصدار المحثوث نظرياً عام 1917 في معرض تفسيره لمظاهر إشعاع الجسم الأسود، ولكن هذا الاكتشاف لم يستثمر حتى عام 1951 حين بدأت الأبحاث على الميزر. وكان أينشتاين قد بين أن هناك علاقة تربط بين الإصدار المحثوث والإصدار التلقائي، وأن احتمال حدوث الإصدار المحثوث يساوي احتمال حدوث الامتصاص في حالة السويات البسيطة.

تاريخ الميزر

في العام 1917 أعلن آينشتاين فكرة انبعاث الضوء بشكل قسري من الذرة، خلافاً لمقولة الانبعاث العفوي المعروفة من قبل.

نظرياً، مبدأ الميزر وصفه كل من نيكولاي باسوڤ وألكسندر پروخوروڤ من معهد لبديڤ للفيزياء في مؤتمر شامل في مطيافيات الراديو عقدته أكاديمية العلوم السوڤيتية في مايو 1952. وقد اتـْبعوا ذلك بنشر نتائجهم في اكتوبر 1954.

تم اختراع أول ميزر من قبل العالم الأمريكي تشارلز تاونس Charles Townes وفريقه، وبشكل من قبل مستقل العالمين السوفيتيين باسوف Basov وبروخوروف Prokhorov عام 1953 وحصل الثلاثة على جائزة نوبل للفيزياء عن هذا الاختراع.

يعمل الميزر والليزر وفق المبدأ نفسه الذي يتطلب الوسط الفعّال مكمن الذرات أو الجزيئات المثارة، وآلية الضخ أو الإثارة للوسط الفعّال، وحجرة تجاوب مناسبة. وفي بحث مستقل عنهم، قام تشارلز تاونز وج.پ. گوردن وهـ.ج. زيگر ببناء أول ميزر في جامعة كلومبيا عام 1953.

وكان تشارلز تاونز في عام 1951 قد أطلق فكرة الميزر كمصدر للموجات المليمترية ثم تبعه فيبر عام 1953 بشرح تفصيلي للموضوع نفسه . ثم في عام 1954 تم تصنيع أول ميزر في جامعة كلومبيا علي يد گوردن وهـ.ج. زيگر وتاونز. ويتكون من مذبذب جزيئي ومضخم جزيئي اعتمد مبدأ انتقال الترددات في مادة الأمونياك . وفي عام 1956 اقترح بلومبرگن إنشاء مايزر من مادة صلبة يعمل بصورة مستمرة. وقد سهلت طريقة إثارة الذرات التي اقترحها العالمان نيكولاي باسوڤ وألكسندر پروخوروڤ تعبئة مستويات الطاقة العالية بشكل مستمر ، وتحقق ذلك مخبرياً علي يد العالم سكوفيل، وفيهر، وسايدل الذين ابتكروا أول مضخم للموجات استناداً إلي نظرية بلومبرگن . وتلا هذا الإنجاز نظريات خاصة بمايزر الموجات الدقيقة. وبدءاً بسنة 1957 إلي سنة 1958 كانت الاختبارات المتتالية متطابقة مع النظريات السابقة تمام التطابق.وفي نهايات 1958 اعتبر المايزر ابتكاراً معروفاً حيث استعمل في الرادار والراديو.

تطوير الميزر

في العام نفسه اقترح تشارلز تاونز وأرثر شاولو إيجاد ميزر جديد من نوعه يعمل في منطقة الترددات الضوئية. وفي عام 1960 ابتكر العالم ثيودور مايمان أول مايزر يبعث الضوء قسرياً من مادة صلبة وأَطلق عليه اسم المايزر الضوئي أو الليزر. ثم أخذ العلماء يطورون تقنية الليزر بعد ذلك, من حيث تقوية الأشعة المتوفرة ، ودراسة خصائصها بشكل متقن. واكتشف العلماء في أثناء تجاربهم أنواعاً من إشعاعات الليزر مثل ليزر الغازات, وليزر السوائل, ولكل منها حقلها الخاص في التطبيقات العلمية, وخصوصاً عند انتشار استعمال الليزر في الطب والمعامل, بالإضافة إلي انتشاره في حقول علم الفضاء الخارجي وتقنيات الأسلحة الحربية.

استخدمت في الميزر الأول حزمة من جزيئات النشادر الخارجة من فرن تسخين، تمرّ وفق محاور قفص معدني مؤلف من أربعة قضبان طبقت عليها بالترتيب جهود عالية سالبة وموجبة. يقوم الحقل الكهربائي غير المنتظم بفصل الجزيئات المثارة من غاز النشادر؛ ليمحرقها عبر ثقب صغير في حجرة تجاوب موافقة لتواتر الانتقال في جزيئات النشادر المثارة.

المجاوب

هو حجرة ذات مواصفات فيزيائية مناسبة عاكسة للموجة وذات أبعاد هندسية دقيقة تساوي مضاعفات نصف طول الموجة، وهذا ما يسمح بتكوين أنماط عديدة من الموجات المستقرة متوافقة مع الحجرة. وتكون الضياعات الموافقة لنمط مستقر صغيرة جداً. وهكذا يمكن تخزين الأشعة الكهرطيسية لفترة أطول في حالة التجاوب في حين تتخامد الأمواج التي لا يتوافق ترددها مع النمط المستقر في المجاوب، ومن أجل الأطوال الموجية من مرتبة عدة ميليمترات أو أكثر، يمكن أن تكون حجرة المجاوب صندوقاً معدنياً أبعاده تناسب وجود نمط mode اهتزاز وحيد يتوافق تواتره مع التواتر الذي تصدره الذرات المثارة. عند ذهاب الأشعة وإيابها في الوسط الفعّال يتم حث الذرات المثارة على إصدار موجات مطابقة لها بحيث تزداد الطاقة المخزنة في حجرة المجاوب ازدياداً كبيراً. ويتم الحصول على طاقة خرج مناسبة بالسماح لجزء من الأشعة الموجودة في حالة التجاوب بالخروج من ثقب صغير في جدار المجاوب، ويتحقق التوازن الترموديناميكي بالمساواة بين ما فقد من الطاقة الخارجة والربح الناجم عن الضخ في الوسط الفعّال.

تطبيقات الميزر

استخدامه مضخماً للإشارات الراديوية الضعيفة جداً، وبما أن ضجيجه شبه معدوم؛ فإنه يستخدم في تضخيم الإشارات الضعيفة جداً في الفلك الراديوي[ر]. كذلك يتميز الميزر بأنه مضخّم ذو نطاق طيفي ضيق جداً، ففي ميزر النشادر مثلاً يبلغ عرض هذا النطاق DΔv = 5kHz حول التواتر المركزي المساوي 24GHz، وبما أن تواتر الاهتزاز مستقر جداً فيمكن بناء وحدة نظامية لقياس الزمن؛ لذلك يستخدم الميزر معياراً لتواتر الساعة الذرية .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضا

هوامش


المصادر

جمال صبح سعيد، إياد سيد درويش. "الليزر والميزر". الموسوعة العربية.

  • J.R. Singer, Masers, John Whiley and Sons Inc., 1959.
  • J. Vanier, C. Audoin, The Quantum Physics of Atomic Frequency Standards, Adam Hilger, Bristol, 1989.
  • Cartoon Megas XLR 2005

وصلات خارجية