هدم قبور البقيع

هدم قبور البقيع
Jannatul-Baqi before Demolition.jpg
جنة البقيع (مقبرة البقيع) قبل الهدم الثاني (بين 1910 و1920)
التاريخ1806، و1925 أو1926
الموقعالمدينة المنورة، السعودية
تنظيمآل سعود
النتائجتدمير كامل لأبنية وقباب المقبرة

تعتبر مقبرة البقيع، واحدة من أقدم المقابر الإسلامية وهي ثاني أهم مقبرة بالإسلام بعد قبر النبي محمد.[1]وتقع في المدينة المنورة، في المملكة العربية السعودية، وقد هدمت[2]في عام 1806 وجرى إعادة إعمارها في منتصف القرن التاسع عشر، ثم هُدمت مرة أخرى في عام 1925[3]:55أو 1926.[2][4]قام بالهدم الأول عام 1806، قوات تابعة لـآل سعود، المناصرين للحركة الوهابية، والتي عرفت بإسم إمارة الدرعية. ونفذت الهدم الثاني، سلطنة نجد، التي حكمها أيضًا آل سعود الوهابيين. وفي المرتين، كان الدافع وراء الهدم هو التفسير الوهابي لـالإسلام، الذي يحظر البناء على القبور.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

ضريح أربعة أئمة مع عباس بن عبد المطلب[5]

كانت بقيع الغرقد، والمعروفة أيضًا باسم جنة البقيع، مقبرة من قبل ظهور الإسلام.[3]:47 ودفن العديد من الشخصيات الإسلامية البارزة فيها منهم زوجات النبي محمد، وبناته، وحفيده الحسن بن علي بن أبي طالب، وعدد من الصحابة، بالإضافة ل إبراهيم ابن النبي الذي توفي وهو رضيع. ونقلت العديد الروايات أن النبي محمد كان يزور هذه المقبرة بانتظام ليترحم على دفنوا فيها.[4] اكتسبت المقبرة مزيدًا من الاهتمام بعد أن دفن عدد من أوائل الصحابة فيها امثال عثمان بن مظعون وأسعد بن زراره،[6] ودفن فيها، أربعة من أئمة الشيعة، هم الحسن بن علي، وعلي بن الحسين السجاد، ومحمد الباقر، وجعفر لصادق،[3]:48 الأمر الذي جعلها معلماًا مهماً للمسلمين الشيعة.[7] قبل القرن العشرين؛ وبحسب السجلات التاريخية، كان يوجد في المقبرة قبة وضريح، ولكنها اليوم هي أرض جرداء بدون أي مباني.[3]:48

أدى تحالف بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود إلى تشكيل الدولة السعودية الأولى (المعروفة أيضًا باسم إمارة الدرعية)، وذلك للإبتعاد عن السلطة الإمبراطورية العثمانية. وكان معظم نجد تحت سيطرة ابن سعود في الوقت الذي توفي فيه محمد بن سعود عام 1765. وبحلول عام 1806، كان الحجاز، بما في ذلك مكة والمدينة، تحت سيطرة آل سعود.

جاء توسع الحركة الوهابية على حساب سيطرة الإمبراطورية العثمانية على الأماكن الإسلامية المقدسة. وبالتالي، أرسلت الدولة العثمانية الجيوش وهزمت الدولة السعودية الأولى في الحرب السعودية المصرية (1811-1818). بعد أكثر من قرن، والفترة بين عامي 1924 و1925، أعاد آل سعود تشكيل قوتهم وقاموا باستعاد السيطرة على الحجاز، وتأسيس مملكة نجد والحجاز تحت حكم عبد العزيز بن سعود.[8]

حاول الوهابيون تنفيذ الهدم في سياق ديني شرعي، لأنهم اعتبروا الأضرحة هياكل "وثنية" واعتقدوا أن تشييد القبور بدعة،[3]:54 وذلك بناء على تفسيرهم لآيات قرآنية المتعلقة بالقبور والأضرحة.[9]إذ استخلصوا من قصة العجل الذهبي الموجودة في القرآن، عندما صنع الإسرائيليون الأصنام وقاموا بالصلاة لها، ما أدى إلى غضب الله. وهذا ما يجعل بعض المسلمين، يرون القصة على أنها "حظر شامل" على وجود الصور والأضرحة.[10]

فيما استخدم العلماء الشيعة، بدورهم، عددًا من الآيات والسنن المختلفة لدعم عملية بناء الأضرحة فوق قبور الأولياء المسلمين.[11]ووفقًا للباحث الشيعي محمد جعفر طباسي، فإن قبور الأئمة الشيعة المدفونين في البقيع كانت موضع احترام لمئات السنين ولم يعتبر، طوال تلك الفترة، أي من علماء السنة أن هذه الأضرحة بدعة.[5] وقبل أسابيع من الهدم الثاني، بناءً على طلب القاضي عبدالله بن سليمان بن بليهد، أصدرت مجموعة من خمسة عشر عالماً من المدينة المنورة بالإجماع "فتوى" يدين إقامة الأضرحة حول القبور.[3]:53

ويرى بعض المختصين بالدراسات الإسلامية، أن تدمير الوهابيين للبقيع كان له جذور سياسية. إذ أنولي أمر المسلمين مسؤول عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمكنه الوفاء بهذه المسؤولية إلا من خلال امتلاك السلطة السياسية. وبالتالي فإن تدمير الوهابيين كان عملاً سياسياً لتأسيس مملكة نجد والحجاز، إذ تكون من المرجعية الدينية لنجد والعلماء الوهابيين، والسلطة السياسية للأسرة السعودية، وبتدمير قبور البقيع سعت السلطات السعودية إلى بث سلطتها السياسية المكتسبة حديثًا.[3]:53

وترى الوهابية تدمير الموقع على أنه مبرر على أساس المبادئ اللاهوتية والسياسية.[3]:52 ويمكن أن يكون تدمير البقيع كان بغرض الإشارة إلى الانتصار على الشيعة، حيث أن البقيع هو مكان دفن عدد من أئمة الشيعة وأهل البيت.[3]:55


الهدم

موقع مقبرة البقيع بعد الهدم 2008.

الهدم الاول

في مطلع سيطرة آل سعود على مكة والمدينة قاموا عام 1806 بهدم العديد من المباني الدينية، بما في ذلك المقابر والمساجد، سواء داخل أو خارج البقيع،[12]تنفيذاً لاتقادعم بحرمانيتها.[2]إذ هدمت بالأرض[4][13] ونهبوت لأجل الزينة والبضائع.[6] كذلك بعد السيطرة على المدن المقدسة، حاول السعوديون خلق عقبات لمنع المسلمين غير الوهابيين من أداء الحج.[12][14]وخلال سنوات، زادوا تدريجياً من شروط الحج.[14] كما منعوا الحجاج من إحضار الآلات الموسيقية و "المحمل" و"المحفة"، إذ يأتي بهما الحجاج، ولكنهما لا يتوافقان مع المعايير الدينية الوهابية، كما منع لاحقًا، الأولاد أو الأشخاص بلا لحى ".[14]وفي عام 1805، وقبل عام من تدمير مقبرة البقيع، لم يُسمح للمسلمين العراقيين والإيرانيين بأداء فريضة الحج. كما رفض السماح للسوريين والمصريين بأداء فريضة الحج في عامي 1806 و1807.[12] فيما لم يمنع المسلمون المغاربة من أداءه[14]

زار الرحالة الأوروبي يوهان لودڤيگ بوركهارت المقبرة عام 1815 بعد التدمير الأول. ورأى أنقاض القباب حول المقبرة، فقال إن أهل المدينة كانوا "بخلاء"، ولا يولون سوى القليل من الاهتمام لتكريم "أبناء قومهم المشهورين". إلا أنالدمار لم يمنع السكان من أداء طقوسهم.[3]:49

طلب السلطان العثماني محمود الثاني من حاكم مصر، محمد علي باشا، استعادة الأراضي التي يسيطر عليها الوهابيون، وبذلك بدأت الحرب السعودية المصرية، وفيها هزم ابن محمد علي باشا إبراهيم باشا القبائل المتمردة في معركة الدرعية عام 1818.[4]وقام العثمانيون ببناء وتجديد المباني والقباب والمساجد بأسلوب جمالي بالفترة بين 1848 و1860.[12] زار السير ريتشارد فرانسيس بيرتون، المدينة المنورة عام 1853 متنكراً بزي أفغاني مسلم يُدعى "عبد الله"، وقال إنه كان هناك خمسة وخمسون مسجدًا ومعبدًا بعد إعادة الإعمار التي قام بها العثمانييون. كما وصف مغامر إنجليزي آخر المدينة المنورة في 1877-1878، بأنها "مدينة صغيرة جميلة تشبه اسطنبول"، ويصف "جدرانها البيضاء، والمئذنة النحيلة الذهبية والحقول الخضراء".[13] كما وصف إبراهيم رفعت باشا، وهو أحد المسؤولين المصرين، ستة عشر قبة تشير إلى فرد أو مجموعة قبور، رأها خلال سافر بين عامي 1901 و1908.[3]:50

الهدم الثاني

تمكن آل سعود من استعادة السيطرة على الحجاز في عام 1924،[4] or 1925.[2] وبعدها بعام وافق ابن سعود على هدم القبور، بإذن شرعي من القاضي عبد الله بن بليهد. وبدأت عمليات الهدم في 21 أبريل 1926[4] (أو 1925)[3]:55[15] وقامت بالهدم ميلشيا إخوان من طاع الله[16] وشمل الهدم تدمير حتى أبسط شواهد القبور.[2]وقارن المستشرق إلدون رتر، عملية الهدم بزلزال قائلاً: "في جميع أنحاء المقبرة، لم يكن هناك شيء يمكن رؤيته سوى القليل من أكوام التراب والحجارة، وقطع الأخشاب، والقضبان الحديدية، والكتل الحجرية، والأنقاض المكسورة من الأسمنت والطوب، المتناثرة بالمحيط".[4] وحصل العمال الذين هدموا المباني على ألف مجيدية،[17] وهي العملة المتداولة حينها.[18] وشملت القباب المهدمة قباب عبد الله بن عبد المطلب وآمنة بنت وهب والدا النبي محمد. وإسماعيل بن جعفر الابن البكر لجعفر الصادق. والعباس بن عبد المطلب وحمزة بن عبد المطلب، أعمام النبي؛ وإبراهيم بن محمد ابن النبي؛ وقبري الصحابيين مالك بن أنس وعثمان بن عفان، بالغضافة لقبورة أربعة من أئمة شيعة.[17] و شواهد قبور 7000 شخص يعتقد أن لهم صلات بالنبي محمد.[19]

ردود الفعل

تمت مناقشة الهدم الثاني في المجلس الاستشاري الوطني الإيراني، وارسل مجموعة من المندوبين إلى الحجاز للتحقق. مؤخراً، بدء علماء الدين الإيرانيون والشخصيات السياسية جهودًا لترميم المقبرة والأضرحة.[4]وانتقد كل من المسلمين السنة والشيعة عملية الهدم[2][15] وعقدت المسيرات سنوياً[2][20][21]والهند، وباكستان[22]في إيران[23] والولايات المتحدة.[20][24][25] ويعتبر يوم 21 أبريل هو يوم الحزن عند العديد من الشيعة.[15] كما أنعلماء دين ومفكرون سُنة بارزون استنكروا الوضع "الغير اللائق" لمقبرة البقيع، لكن السلطات السعودية تجاهلت حتى الآن كل الانتقادات ورفضت أي طلبات بترميم المقابر والأضرحة.[4]

صورة بانورامية

منظر بانورامي لجنة البقيع قبل تدميرها.

الترقيم

  1. بيت الأحزان
  2. ضريح أربعة أئمة شيعة
  3. بنات الرسول
  4. زوجات الرسول
  5. عقيل وعبد الله بن جعفر
  6. مالك ونافع
  7. ابراهيم ابن النبي محمد
  8. حليمة السعدية
  9. فاطمة بنت أسد
  10. عثمان الخليفة الراشدي الثالث.

أنظر أيضاً

المصادر

  1. ^ Danforth, Loring M. (29 March 2016). Crossing the Kingdom: Portraits of Saudi Arabia (in الإنجليزية). Univ of California Press. ISBN 978-0-520-29028-0. Retrieved 28 February 2017.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ Werner, Ende (2010). "Baqīʿ al-Gharqad". In Fleet, Kate; Krämer, Gudrun; Matringe, Denis; Nawas, John; Rowson, Everett (eds.). Encyclopaedia of Islam, THREE. Brill Online. ISSN 1873-9830.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س Mohammadi, Adeel (2014–2015). "The destruction of Jannat al-Baqi': A case of Wahhabi Iconoclasm" (PDF). Undergraduate Journal of Middle East Studies. Canada (8): 47–56. ISSN 1710-4920. Archived from the original (PDF) on 2 August 2019. Retrieved 30 July 2016.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ Bahramian, Ali; Gholami, Tr. Rahmani (4 December 2013). "al-Baqīʿ". In Daftary, Farhad; Madelung, Wilferd (eds.). Encyclopedia Islamica. Brill Publishers. Retrieved 10 October 2016.
  5. ^ أ ب "Why Wahhbis destructed al-Baqi". Cultural Department Ahl Al-Bayt World Assembly. Retrieved 9 March 2017.
  6. ^ أ ب Bahramian, Ali. "Baqi". The Great Islamic Encyclopedia (in الفارسية). Retrieved 9 September 2016.
  7. ^ Shomali, Mohammad A. (2003). Shi'i Islam: Origins, Faith and Practices (in الإنجليزية). ICAS Press. ISBN 978-1-904063-11-7. Retrieved 4 September 2016.
  8. ^ Cordesman, Anthony H. (2003). Saudi Arabia Enters the Twenty-first Century: The political, foreign policy, economic, and energy dimensions (in الإنجليزية). Greenwood Publishing Group. ISBN 978-0-275-97998-0. Retrieved 7 March 2017.
  9. ^ Illustrated Dictionary of the Muslim World (in الإنجليزية). Marshall Cavendish. 2011. p. 154. ISBN 978-0-7614-7929-1. Retrieved 14 September 2016. jannat al-baqi.
  10. ^ Beauchamp, Zack (19 August 2015). "Why ISIS is destroying Syrian and Iraqi heritage sites". Vox. Retrieved 15 September 2016.
  11. ^ Ibrahimi, Mohammad Hossein. "Ziyarah and building mosques and graves from the viewpoint of Shia and Wahhbism". Wahhbism review research center. Retrieved 8 March 2017.
  12. ^ أ ب ت ث Ahmed, Irfan. "The Destruction Of The Holy Sites in Mecca and Medina". Islamica Magazine. No. 15. Archived from the original on 13 July 2011. Retrieved 7 September 2016.
  13. ^ أ ب "History of the Cemetery Of Jannat Al-Baqi". Al-Islam.org. 23 December 2013. Retrieved 9 September 2016.
  14. ^ أ ب ت ث Vassiliev 2013, "The end of Ottoman control of the hajj"
  15. ^ أ ب ت Shahi, Afshin (4 December 2013). The Politics of Truth Management in Saudi Arabia (in الإنجليزية). Routledge. ISBN 978-1-134-65319-5. Retrieved 14 September 2016.
  16. ^ "The Destruction Heritage in Saudi Arabia" (PDF). The Center for Academic Shi'a Studies. August 2015. Retrieved 14 September 2016.
  17. ^ أ ب Qazi Askar, Ali (2003). "Destruction of Baqi from the viewpoint of the documents". Haj Miqat (45): 115–142. Retrieved 12 September 2016.
  18. ^ "The Historical Framework of the Currency of Saudi Arabia". sama.gov.sa. Retrieved 12 September 2016.
  19. ^ Staff writers. "Mapping the Saudi State, Chapter 7: The Destruction of Religious and Cultural Sites" (PDF). American For Democracy & Rights in Bahrain. Retrieved 13 September 2016.
  20. ^ أ ب Hassan, Sara (27 July 2015). "Protests at Saudi Embassy in Washington". American al-Jazeera. Retrieved 7 September 2016.
  21. ^ في إيران"Shiites protest demolition of Muslim graveyard in Medina". Times of India. 2011. – via General OneFile (يتطلب اشتراك)
  22. ^ "راهپیمایی محکومیت سالروز تخریب بقیع در پاکستان".
  23. ^ "راهپیمایی مردم جیرفت در سالروز تخریب بقیع – نمایش محتوای خبر – صدا و سیمای کرمان".
  24. ^ "Gathering of Shi'a Muslim in Washington condemning destruction of al-Baqi" (in الفارسية). Retrieved 12 September 2016.
  25. ^ Husayn, Rahat (18 November 2014). "Saudi Arabia's confused stance on Shiites results in both praise and executions". Washington Times. Retrieved 13 September 2016.

ببليوجرافيا