معركة طرابلس (1983)

معركة طرابلس
جزء من الحرب الأهلية اللبنانية
معركة طرابلس (1983) is located in لبنان
Tripoli
Tripoli
معركة طرابلس (1983) (لبنان)
التاريخ3نوفمبر20 ديسمبر 1983
(1 شهر, 2 أسبوع و 3 يوم)
الموقع
النتيجة

نصر القوى الفلسطينية التابعة لسوريا

  • خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان
المتحاربون
منظمة التحرير الفلسطينية القوى الفلسطينية التابعة لسوريا
 سوريا
 ليبيا
منظمة التحرير الفلسطينية منظمة التحرير الفلسطينية
حركة التوحيد الإسلامي
القادة والزعماء
منظمة التحرير الفلسطينية سعيد مراغة ("أبو موسى")
منظمة التحرير الفلسطينيةأبو خالد العملا
منظمة التحرير الفلسطينية أحمد جبيرل
سوريا حافظ الأسد
سوريا سليمان العيسى
منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات
منظمة التحرير الفلسطينية خليل الوزير
سعيد شعبان
الوحدات المشاركة

المنشقون عن منظمة التحرير الفلسطينية

الفصائل الفلسطينية غير التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية

  • منظمة أبو نضال
  • الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة
  • جيش التحرير الفلسطيني

سوريا الجيش السوري

Pro-Syrian Alawite militants[1]
حركة فتح
القوى
6,000 القوات الفلسطينية
10,000 جندي سوري
4,500–8,000
الضحايا والخسائر
200 قتيل، 2,000 جريح
~1,500 casualties overall (first month)[2]

معركة طرابلس 1983 The Battle of Tripoli كانت معركة كبرى في منتصف الحرب الأهلية اللبنانية في أواخر عام 1983. وقعت في مدينة طرابلس الساحلية الشمالية بين الفصائل الفلسطينية المسلحة الموالية لسوريا وقوات منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات. وأدت إلى اقصاء منظمة التحرير الفلسطينية وإنهاء مشاركتها في الحرب.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

في 1976 تدخلت سوريا في الحرب الأهلية اللبنانية.[3] وكان الوجود السوري مدعوم من قبل العديد من الحلفاء والفصائل المحلية، وكان العديد منهم من الفلسطينيين.[4]وفي عام 1982، قامت إسرائيل بغز لبنان بحجة تصفية المجموعات الفلسطينية المسلحة. ورغم فشل الإسرائيل في طرد معظم الفصائل المسلحة، إلا أن الغزو أضعف منظمة التحرير الفلسطينية، واجبرت على مغادة لبنان إلى العديد من الدول العربية، حيث حاولت حكوماتها السيطرة عليها بشكل أكبر، على الرغم من معارضة عرفات لهذا المنهج. وحاولت سوريا، تحت حكم حافظ الأسد، الحصول على المزيد من النفوذ من خلال دعم المنشقين عن منظمة التحرير الفلسطينية.[5] By وفي أواخر عام 1982، كان عرفات يخفف بشكل متزايد من موقفه تجاه إسرائيل، وبدء ينأى بنفسه عن سوريا.[5][6] كذلك، أصبحت استراتيجياته اتجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تحت مراجعة معمقة. ما دفع منتقديه لاتهامه بأنه لم يعد يعارض "الأنظمة العربية الرجعية"، بما في ذلك الحكومة اللبنانية.[6] وتأمين الغطاء للقادة الذين أظهروا الجبن وعدم الكفاءة خلال الغزو الإسرائيلي عام 1982.[7]كل ذلك، ساهم في إثارة الخلافات داخل منظمة التحرير الفلسطينية، حيث عارضت عدة فصائل مواقف عرفات.[5][8] وبدأ المنشقون في التنظيم تحت قيادة سعيد مراغة (الملقب بـ "أبو موسى")، وأبو خالد العملة، وأبو صالح، وغيرهم من السعي للحصول على دعم الأسد.[5][7] وفي الأشهر التالية، بدأت عدة كتائب منظمة التحرير الفلسطينية في شمال لبنان بالاصطفاف خلف سعيد مراغة، ورد عرفات بطرده، هو وغيره من منتقدي نهج عرفات، من المناصب القيادية. الأمر الذي عزز الانقسامات، حتى انقسمتمنظمة التحرير الفلسطينية فعلياً إلى عناصر مؤيدة وأخرى مناهضة لعرفات. وذلك رغم محاولة قادة آخرون في منظمة التحرير الفلسطينية، مثل خليل الوزير، التوسط في النزاع، لكن دون جدوى.[5] ولمواجهة الاضطرابات المتزايدة بين المسلحين الفلسطينيين في لبنان، عاد عرفات إلى البلاد في مايو 1983، بهدف مواجهة التمرد الذي قاده موسى عوض ("أبو أكرم") من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" المدعومة من ليبيا.[9] فيما اعتبر الأسد عودة عرفات تحدياً شخصياً.[5] خاصة وأن زعيم منظمة التحرير الفلسطينية اتهم سوريا بدعم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، الأمر الذيزاد الاحتقان.[9]

وفي الوقت نفسه، اتحد العديد من المعارضين الآخرين تحت قيادة سعيد مراغة، وشكلوا في نهاية المطاف فتح الانتفاضة. وكان عرفات يعتقد في البداية أنه قادر على التعامل مع المنشقين بسهولة، لكن المعارضين بدأوا في تلقي دعم سري من سوريا، وبالتالي نمت قوتهم بسرعة. واستمرت الاشتباكات بين منظمة التحرير الفلسطينية والمنشقين طوال فصل الصيف.[6] بينما عانت منظمة التحرير الفلسطينية من حالات الانشقاق وتقلص عدد مقاتليها من 11 ألف إلى ما بين 4500 و8000.<[8] ومع تزايد قوة المنشقين، تخلت سوريا عن حيادها الرسمي، وانحازت بشكل علني إلى فصيل سعيد مراغة.[6] وكان الأسد قد طرد عرفات وأتباعه من سوريا في يونيو 1982، بعد أن اشتكت منظمة التحرير الفلسطينية علناً من الدعم السوري لمنافسيه.[9][7] وحاولت الفصائل الأخرى المناهضة لعرفات في منظمة التحرير الفلسطينية مثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التوسط،[6] ونأوا بأنفسهم عن قوات سعيد مراغة وأعلنوا الحياد.[10]في المقابل، استغلت الجماعات المتشددة المناهضة لعرفات، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، والصاعقة، ومنظمة أبو نضال الوضع وساعدت المنشقين عن منظمة التحرير الفلسطينية.[10][7]

بحلول أواخر عام 1983، تناقص وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وتركز إلى مخيمين للاجئين في طرابلس، وهما مخيم البداوي ومخيم نهر البارد، وسهل البقاع. فيما فشلت محاولات عرفات للتفاوض مع حافظ الأسد في تخفيف التوترات. اتذ عرفات منذ سبتمبر 1983، مخيم البداوي كمقر له وأعرب عن مخاوفه بشأن الهجوم القادم من قبل الجماعات المنشقة.[8] وحاول عرفات حشد من تبقى من الموالين له وبعض الدعم المحلي والدولي، لكنه فشل. إلا أن حركة التوحيد الإسلامي، اختارت القتال إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية، في حين قدم حزب الكتائب بعض الأسلحة. وتسبب تحالف عرفات مع حركة التوحيد الإسلامي بالمزيد من الانتقادات من جانب الجماعات الفلسطينية الأخرى.[10] لكن حركة التوحيد الإسلامي تحت قيادة سعيد شعبان أثبتت أنها حليف قادر، وساعدت منظمة التحرير الفلسطينية على تطهير طرابلس من جميع الجماعات المؤيدة لسوريا.[11]

لكن في النهاية، خسر الموالون لمنظمة التحرير الفلسطينية جميع معاقلهم تقريباً وحوصروا في طرابلس.[10] وزعمت وسائل الإعلام اللبنانية أن قادة الفصائل الفلسطينية المناهضة لمنظمة التحرير الفلسطينية عقدوا اجتماعات في دمشق، للتخطيط لهجوم نهائي ضد منظمة التحرير الفلسطينية.[8] وتخلت الفصائل المحايدة مثل، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، عن حيادهما وانحازت إلى سعيد مراغة.[10] وحشد الأسد نحو 5000 مقاتل فلسطيني بالإضافة إلى كتيبتين من القوات الخاصة من الجيش السوري لدعم العملية، وكلف الضابط السوري سليمان العيسى كمسؤول عن غرفة العمليات المشتركة.<[5]ولا يزال من غير الواضح إذا كانن نية الأسد أن يقتل عرفات فعليا أولا.[11] وبحلول أواخر أكتوبر، كانت القوات الموالية لسوريا قد حاصرت طرابلس، في حين زادت سوريا من إنتاج الدعاية المناهضة لمنظمة التحرير الفلسطينية.[12]


المعركة

في مطلع نوفمبر، قامت القوات السورية والفصائل الفلسطينية التابعة لها،[5] وبدعم من القوات الليبية، بمهاجمة مواقع منظمة التحرير الفلسطينية في ضواحي طرابلس، تحديداً في كل من مخيم البداوي ومخيم نهر البارد. وادعى المسلحون المعارضون لعرفات، أن المنظمة هي من بدأت القتال.[8] وتضمنت القوات المهاجمة أتباع سعيد مراغة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، [8] وقوات الصاعقة، جيش التحرير الفلسطيني،[13] و منظمة أبو نضال.[7]وبلغ اجمال القوات المهاجمة حوالي 10.000 جندي سوري و6.000 مقاتل فلسطيني.[13]

واستخدم في الاشتباكات الأولية أسلحة ثقيلة، بما في ذلك سلاح المدفعية.[8] وبينما كانت الحرب البرية مستعرة، كانت الحرب الدعائية تتوسع بلا هوادة.[12]فيما دعا عرفات الدول العربية والإسلامية، إلى مساعدة منظمة التحرير الفلسطينية لتجنب "مذبحة جديدة".[8] معتقداً أن الضغوط الدولية ستجبر دمشق على وقف القتال وقبوله كزعيم شرعي.[14]لكن الدعم العربي لمنظمة التحرير انحصر في معظمه في بيانات تنديد العراق بالتحركات السورية[15] وارسال مصر شحنة أسلحة لقوات عرفات.[1]كما أرسلت ألمانيا الشرقية، حليفة لمنظمة التحرير الفلسطينية، "قوارب محملة" بالأسلحة والأغذية والإمدادات الطبية لمساعدة قوات عرفات في طرابلس.[16]وراجت أنباء عن أن كلاً من البحرية الإسرائيلية وكذلك البحرية السورية سمحوا عمداً بوصول شحنات الأسلحة إلى عرفات، حيث شجعت اسرائيل القتال بين الفصائل الفلسطينية، بينما لم ترغب سوريا في التعامل مع القارب علناً".[17] وأعرب الاتحاد السوفييتي عن معارضته للهجمات السورية ضد منظمة التحرير الفلسطينية، لكنه امتنع عن التدخل.[18]كما حاولت منظمة التحرير الفلسطينية حشد الدعم الشعبي، مثل دعوة العلويين للتحدث علناً ضد الأسد بعد أن فتحت الوحدات السورية الخاصة النار على مظاهرة لدعم عرفات في مخيم اليرموك بدمشق.[12]

كلنا غاضبون جداً ومن الظلم أن نفعل هذا في طرابلس. إذا أرادوا القتال، فعليهم أن يقاتلوا في مكان آخر، بإسرائيل مثلاً. أو يمكنهم محاربة الإسرائيليين في جنوب لبنان. لكن أن نقتل بعضنا البعض، فأنا لا أصدق ذلك.

— أحمد المصري، مدير المستشفى الإسلامي بطرابلس[17]

واستولىت القوى التابعة لسوريا على مخيم نهر البارد في 6 نوفمبر.[17][1] وفي 9 نوفمبر، تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، في حين بدأت المفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية والجماعات المناهضة لعرفات وسوريا بوساطة الكويت والمملكة العربية السعودية والجزائر وأطراف ثالثة لبنانية مثل رشيد كرامي،[18]وجامعة الدول العربية.[1] لكن البعض ربط الاتفاق على وقف إطلاق النار، بمرحلة تمرد رفعت الأسد،[12] وتطور أزمة السلطة بعد مرض الأسد.[19] لكن القتال استؤنف لاحقا، وبحلول 16 نوفمبر، كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد طُردت في من كلا المخيمين.[5] رغم صمود بعض الجيوب الموالية لعرفات في مخيم البداوي.[1] بعدها حاصرت القوات المسلحة السورية طرابلس نفسها وبدأت قصفًا مدفعياً وجوياً، مما أدى إلى نزوح العديد من المدنيين وتدمير ثلاث سفن في الميناء.[5]وردت منظمة التحرير الفلسطينية بالمثل، حيث باستخدام صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون، وتعمدت إخفائها وسط المناطق السكنية.[17] وادت الاشتباكات بسلاح المدفعية بتمدمير أجزاء من ميناء طرابلس ومصفاة النفط والسوق المركزي.[1]فيما بدأ أتباع عرفات هجوماً مضاداً على مخيم البداوي في 18 نوفمبر. واستمرت العملية لمدة ثلاثة أيام، لكنها لم تسفر عن سوى القليل من النتائج الملموسة باستثناء الدمار الواسع النطاق بسبب نيران المدفعية الثقيلة.[17]

في 22 نوفمبر، حققت الفصائل المدعومين من سوريا تقدماً كبيراً على أطراف طرابلس، رغم المقاومة الشديدة من قبل الموالين لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث قاموا بتأمين تقاطع الملولة عند المدخل الشمالي للمدينة وقطع جميع الطرق عبر حي جبل محسن المؤدي إلى مخيم البداوي. وهكذا قطعت المساعدات عن الموالين لعرفات. حينها، طهر مسلحون علويون مؤيدون لسوريا، داخل طرابلس، وهاجموا قوات عرفات. ورغم من أن الموالين لمنظمة التحرير الفلسطينية كانوا محاصرين بشكل كامل، طالب زعيم حركة التوحيد الاسلامي، سعيد شعبان، من عرفات البقاء ومواصلة القتال. فيما أعلن عرفات أن أي انسحاب لقواته مشروط ببقاء المسلحين المدعومين من سوريا خارج طرابلس وترك حلفائه بما في ذلك حركة التوحيد[1] ورغم من دعم حركة التوحيد، فقد انضم العديد من السياسيين اللبنانيين بشكل متزايد إلى أولئك الذين طالبوا منظمة التحرير الفلسطينية بمغادرة البلاد لإنهاء الاشتباكات.[20]وفي 26 نوفمبر، قررت الفصائل الفلسطينية الموالية لسوريا، تأجيل الهجوم الذي تم التهديد به، لإتاحة الوقت لخطة الهدنة السعودية السورية.[21]

ومع استمرار هجمات القوات السورية والفلسطينيين الذين معها، ومع تقاعس الدول الأخرى، أذعن عرفات في نهاية المطاف ووافق على وقف إطلاق النار وكذلك الإخلاء في نهاية نوفمبر.[22]وبعد حصوله على وعود من الولايات المتحدة والدول العربية بعدم مهاجمة قواته أثناء انسحابها، وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة طرابلس.[5]لكن إخلاء قواته جرى تأجيله، إذ بدأت البحرية الإسرائيلية بقصف طرابلس. ووافقت قوات عرفات على ترك أسلحتها الثقيلة خلفها، بما في ذلك قاذفات صواريخ الكاتيوشا المتعددة، والمركبات، والبنادق عديمة الارتداد، والمدافع المضادة للطائرات. وسلمت إلى الجيش اللبناني.[22] وفي 20 ديسمبر جرى إجلاء نحو 4700 من الموالين لمنظمة التحرير الفلسطينية، بينهم عشرات الجرحى، بواسطة خمس سفن يونانية تحت حماية سفن البحرية الفرنسية، بما في ذلك حاملة الطائرات كليمنصو،[5][22][9]وبعد أن صعد عرفات على متن سفينته ولوح للحشد في الميناء، حياه أتباعه ومسلحو حركة التوحيد الإسلامية بإطلاق النار من أسلحتهم في الهواء. وبحسب ما ورد شعر مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية بمزيج من الإحباط والارتياح، لأنهم خسروا المعركة واضطروا إلى السفر إلى الخارج، لكنهم نجوا على الأقل من "الحصار المدفعي المدمر".[22]

نُقل الموالين لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى الجزائر، واليمن الشمالي، وتونس، والسودان.[5][22] ونزل حوالي 500 منهم في قبرص ثم نُقلوا جواً إلى العراق.[22] وهكذا نجحت سوريا والفصائل التابعة لها في طرد الموالين لعرفات من كل لبنان.[23] لكن ظلت حركة التوحيد متمركزة في طرابلس، وسيطرت على الميناء الذي كانت تسيطر عليه منظمة التحرير الفلسطينية سابقاً.[22]

التبعات

تمكنت قوات عرفات من تأمين خروج آمن من طرابلس باتجاه تونس. لكن المحطة الأولى لعرفات كانت في مصر، حيث تحسنت علاقته بها بعد اتفاقية كامب ديفيد.[20] ثم عقد اجتماعا في الإسكندرية مع الرئيس المصري حسني مبارك في 22 ديسمبر.[24] وكان من المفترض أن يثبت هذا اللقاء أن منظمة التحرير الفلسطينية ما زالت ملتزمة بمسارها المستقل، وأنها لن ترضخ للضغوط السورية.[11] ومنذ عام 1983، بدأت إسرائيل تتعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية على أنها مقسمة إلى مجموعتين مستقلتين تماماً: مجموعة منظمة التحرير الفلسطينية الموالية لسوريا في لبنان، وفصيل الموالي لعرفات والذي كان يعمل خارج لبنان.[25]

النضال لم ينته بعد. وسنستمر حتى نصل إلى القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية.

—ياسر عرفات يتحدث للصحافيين قبل مغادرته طرابلس[22]

كما تعرض الدور السوري في معركة طرابلس لانتقادات شديدة من قبل الكثير من العرب السنة في لبنان وسوريا وأماكن أخرى، معتبرينه خيانة للقضية الفلسطينية.[23] حتى أن الكويت هددت بتعليق المساعدات الاقتصادية لسوريا.[26] في المقابل، دعمت ألمانيا الشرقية – حليفة عرفات – سوريا سراً أثناء الصراع وبعده.[27] وفي الوقت نفسه، أرسلت إمدادات لمساعدة منظمة التحرير الفلسطينية.[16]وكان الدافع وراء قرار مساعدة سوريا سراً هو اعتقاد قيادة ألمانيا الشرقية بأن سوريا كانت عاملاً مهماً في الصراع ضد الإسلاميين المتطرفين، تحديداً الإخوان المسلمين، في حين أن عرفات ومن معه تحالفوا مع الإسلاميين.[28] بشكل عام، حافظت قيادة ألمانيا الشرقية على روابط قوية مع قوات عرفات في السنوات التالية.[16] وكان سكان طرابلس يشعرون بالإحباط بشكل عام بسبب قيام الفلسطينيين والسوريين بتحويل مدينتهم إلى ساحة معركة، وألقوا باللوم على طرفي الصراع.[1][17]وذكر أحد مفتشي شرطة طرابلس أن سكان المدينة أصبحوا "يكرهون الجميع"، في إشارة إلى الفصائل الفلسطينية وحركة التوحيد والجيش السوري.[17]

الضحايا والخسائر

خلال الأسبوع الأول من القتال، قُتل ما لا يقل عن 250 شخصاً وجُرح 400 آخرين، معظمهم من المدنيين.[18]وبحلول 21 نوفمبر، قُتل 500 شخص وجُرح 1500، معظمهم مدنيون.[17] وبشكل اجمالي، تكبد الموالون لمنظمة التحرير الفلسطينية حوالي 200 قتيل و2000 جريح.[13] وتشير التقديرات إلى أن نصف سكان طرابلس الذين يتراوح عددهم بين 500 ألف إلى 600 ألف نزحوا بسبب المعركة.[1]

الآثار الاستراتيجية

اعتبرت خسارة طرابلس، أن الموالين لعرفات لم يعد لديهم أي تواجد بالقرب من إسرائيل وفلسطين.[22]

كما أدت المعركة إلى تفاقم الانقسام داخل منظمة التحرير الفلسطينية، واستمرار مواقف قيادتها في الاستعداد لقبول تسوية مع إسرائيل تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على جزء منها بدلاً من كامل أراضي فلسطين.[29][30] وواصل المنشقون المطالبة بإقالة عرفات من قيادة المنظمة وانتقدوا أداءه.[30] كما أدى القتال في طرابلس إلى ولادة فصيلين متميزين: الموالون لفتح ومجموعة صغيرة مؤيدة للعراق، سُميت جبهة التحرير العربية، وهي مجموعة تفضل المبادرات الدبلوماسية، ومقربة من الأردن. أما الفصيل الثاني فهو التحالف الوطني، المكون من المنشقين عن فتح، وتضم قوات الصاعقة، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وجبهة النضال الشعبي، ويتلقى هذا الجناح الدعم من سوريا ويدعوا إلى الكفاح المسلح.[31]

لكن المعركة والحصار عززا صورة عرفات في العالم العربي، في اظهر سوريا والمنشقين عن منظمة التحرير الفلسطينية على أنهم معتدين.[11] وتضررت السمعة الدولية لسعيد مراغة وأتباعه بشكل دائم بسبب معركة طرابلس، وباستثناء سوريا، لم تتقبلهم أي دولة كممثلين شرعيين لمنظمة التحرير الفلسطينية.[32] وظلوا القوة المهيمنة عسكرياً بين المسلحين الفلسطينيين في لبنان، وهزموا الموالين لعرفات مرة أخرى خلال حرب المخيمات في الفترة بين 1985 1988.[33]

الإرث

رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية حاولت العودة إلى لبنان في السنوات التالية، واستمرت بعض الجماعات المحلية في اتباع عرفات، إلا أن[33]معركة طرابلس 1983، شكلت النهاية الفعلية لنفوذ منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.[34]

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ Friedmann, Thomas L. (22 November 1983). "P.L.O. REBEL UNITS APPEAR TO CORNER ARAFAT IN TRIPOLI". New York Times. Retrieved 8 December 2021.
  2. ^ Fosse, Husum & Giannou 1988, pp. 660–663.
  3. ^ Pipes 1992, p. 133.
  4. ^ Pipes 1992, p. 121.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش الجرو, هيثم (29 March 2019). "حين طرد الأسد ياسر عرفات من طرابلس". www.aljazeera.net. Retrieved 6 December 2021.
  6. ^ أ ب ت ث ج Tessler 1994, p. 634.
  7. ^ أ ب ت ث ج Seale 1992, p. 132.
  8. ^ أ ب ت ث ج ح خ د Treaster, Joseph B. (4 November 1983). "ARAFAT SAYS SYRIA AND LIBYA HAVE JOINED TRIPOLI BATTLE". The New York Times.
  9. ^ أ ب ت ث Lansford 2017, p. 1727.
  10. ^ أ ب ت ث ج Tessler 1994, p. 635.
  11. ^ أ ب ت ث Stäheli 2001, p. 346.
  12. ^ أ ب ت ث Shaked & Dishon 1986, p. 695.
  13. ^ أ ب ت Maeke 2017, p. 356.
  14. ^ Sela, Avraham (1 February 2012). Decline of the Arab-Israeli Conflict, The: Middle East Politics and the Quest for Regional Order. SUNY Press. ISBN 9781438419398 – via Google Books.
  15. ^ Schechla 1984, pp. 218–245.
  16. ^ أ ب ت Seale 1992, p. 278.
  17. ^ أ ب ت ث ج ح خ د خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Treaster2
  18. ^ أ ب ت Friedmann, Thomas L. (13 November 1983). "P.L.O. LEADER LISTS DEMANDS TO QUIT TRIPOLI". New York Times. Retrieved 8 December 2021.
  19. ^ Shaked & Dishon 1986, pp. 679–683.
  20. ^ أ ب Rubin, Rubin & Rubin 2005, p. 98.
  21. ^ Jaloul, Niazi (5 February 2017). "Tripoli War Dossier". The Palestine Poster Project Archives.
  22. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ Claiborne, William (21 December 1983). "PLO Chief, Guerrillas Quit Tripoli". Washington Post. Retrieved 14 December 2021.
  23. ^ أ ب Pipes 1992, p. 179.
  24. ^ Shemesh, Moshe (12 November 2012). The Palestinian Entity 1959-1974: Arab Politics and the PLO. Routledge. ISBN 9781136285127 – via Google Books.
  25. ^ Maeke 2017, p. 357.
  26. ^ "Under Siege in Tripoli".
  27. ^ Maeke 2017, p. 358.
  28. ^ Maeke 2017, p. 359.
  29. ^ Miller, Judith (18 November 1984). "BATTLE WITHIN THE P.L.O. THREATENS A FORMAL SPLIT". The New York Times.
  30. ^ أ ب "Could Derail Peace Process : Internal Splits, Tradition of Violence Plague PLO". Los Angeles Times. 17 December 1988.
  31. ^ "The PLO and the Jordan Option". March 1985.
  32. ^ Stäheli 2001, pp. 346–347.
  33. ^ أ ب Stäheli 2001, p. 347.
  34. ^ Shaked & Dishon 1986, p. 696.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأعمال المذكورة

قراءات إضافية



تصينف:الحرب الأهلية البنانية