ميگل سرڤتوس

(تم التحويل من مايكل سيرفتس)
ميگل سرڤتوس
العصرالنهضة
ولدغير معروف، ربما 29 سبتمبر 1511
ڤيلانويڤا دى سيخنا، آراگون، أو تطيلة، نڤاره
توفي27 أكتوبر 1553 (42 عاماً)
جنيڤ، جمهورية جنيڤ
Occupationعالم لاهوت، طبيب، كاتب، ومترجم
التقليد أو
الحركة
إنسانية النهضة
الاهتمامات الرئيسيةعلم اللاهوت، الطب
الأفكار المميزةكرستولوجيا اللاثالوثية، الدورة الدموية الصغرى

ميگل سرڤتوس أو ميغيل سرڤيت (Michael Servetus؛ /sərˈvtəs/;[1] إسپانية: Miguel Serveto؛ فرنسية: Michel Servet؛ كما يُعرف بإسم Miguel Servet، Miguel de Villanueva، Revés، أو Michel de Villeneuve؛ 29 سبتمبر 1511 - 27 أكتوبر 1553)، هو عالم لاهوت وطبيب ورسام خرائط إسپاني، ومن إنسانيي النهضة. وهو أول أوروپي يصف بشكل صحيح وظيفة الرئتين في الدورة الدموية، كما ناقشها في استرداد المسيحية (Christianismi Restitutio (1553). وكان موسوعياً ضليعاً في علوم كثيرة: الرياضيات، الفلك والأرصاد الجوية، الجغرافيا، التشريح البشري، الطب وعلم الصيدلة، وكذلك الفقه، الترجمة، الشعر، والدراسة العلمية للكتاب المقدس بلغاته الأصلية.

اشتهر سرڤتوس في تاريخ العديد من هذه المجالات، وخاصة الطب. وكان عمله على الدورة الدموية وملاحظاته على الدورة الدموية الصغرى ذات أهمية خاصة. شارك في الإصلاح الپروتستانتي، ورفض فيما بعد عقيدة الثالوث وتيار الكرستولوجيا الكاثوليكية السائد.

بعد إدانته من قبل السلطات الكاثوليكية في فرنسا، هرب إلى جنيڤ الكالڤنية حيث أدانه جون كالڤـِن نفسه، وأُعدم حرقاً بتهمة الهرطقة بأمر من مجلس إدارة المدينة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

مقر معهد مايكل سرڤتوس ومركز أبحاث حياة وأعمال سرڤتوس في ڤيلانويڤا دى سيخنا

ولد ميگل سرڤتوس في ڤيلانويڤا دى سيخنا (وتقع على بعد حوالي ستين ميلاً من سرقسطة) وهو ابن موثق عقود من أسرة كريمة. ونشأ في عهد كانت فيه كتابات إرازموس تتمتع بتسامح عابر في أسبانيا. وكان متأثراً إلى حد ما بأدب اليهود والمسلمين، إذ قرأ القرآن وشق طريقه في التأويلات التلمودية وتأثر بنقد الساميين للمسيحية (في صلواتها للثالوث ولمريم وللقديسين) باعتبارها شركاً. وأطلق عليه لوثر لقب "المراكشي".


التحول إلى البروتستانتية

وفي تولوز حيث درس القانون، رأى لأول مرة كتاباً مقدساً كاملاً وأقسم أن يقرأه "ألف مرة"، وتأثر تأثراً عميقاً بالرؤى في سفر الرؤيا. وفاز برعاية خوان دي كوينتانا كاهن الاعتراف الخاص لشارل الخامس، وأخذه جوان إلى بولونيا وأوگسبورگ 1530، واكتشف ميكائيل الپروتستانتية وأحبها ، وزار اويكو لامباديوس في بازيل ، كما زار كابيتو وبوسر في ستراسبورگ. وسرعان ما غدا مهرطقاً في رأيهم، ودعي لكي يرعى في حقول أخرى.

تمثال لميگل سرڤتوس، شامپل، سويسرا.

الثالوث المقدس

ونشر في عامي 1531 و1532 أول وثاني طبعة من مؤلفه De Trinitatis erroribus، وكان فيه خلط كثير وكتب بلغة لاتينية غير مصقولة لابد أنها كانت تدفع كالفن إلى الابتسام لو اطلع عليها ولكنها كانت عملاً مذهلاً بالنسبة لفتى في العشرين من عمره بسبب ثرائها في سعة العلم بالكتاب المقدس. وكان يسوع في نظر سرڤتوس رجلاً نفخ فيه الرب، الأب كلمة الله، الحكمة الإلهية، وبهذا المعنى أصبح يسوع ابن الرب ولكنه لم يكن كفواً للأب أو سرمدياً مثله، يستطيع أن يوصل روح الحكمة نفسها إلى الآخرين من الناس "إن الابن أرسل من الأب بطريقة لا تختلف عن تلك التي أرسل بها واحد من الأنبياء". وهذا قريب جداً من مفهوم محمد عن المسيح. واستطرد سرفيدوس ليستشهد برأي الساميين في القول بالثالوث الأقدس: "وكل مَن يؤمن بثالوث أقدس بروح الله يقول بوجود ثلاثة أرباب". وأضاف قائلاً إنهم ملحدون حقاً باعتبارهم منكرين لوجود إله واحد. وكان هذا تطرفاً شديداً من شاب ، ولكن سرڤتوس حاول أن يخفف من هرطقته بتأليف مقطوعات مهلهلة النسيج عن المسيح باعتباره نور العالم، ومهما يكن من أمر فإن معظم قرائه شعروا بأنه قد أطفأ النور. وكأنما كان يريد ألا يترك حجراً دون أن يقذف به أحداً فتلاقى مع اللامعمدانيين في أن التعميد يجب ألا تجرى مراسيمه إلا للبالغين. فأنكر عليه ذلك أويكو لامباديوس وبوسر، فقلب سرڤتوس دليل سفر كالفن وفر من سويسرا إلى فرنسا.

محكمة التفتيش

وفي يوم 17 يوليو أصدرت محكمة التفتيش في تولوز أمراً بالقبض عليه. وفكر في السفر إلى أمريكا ولكنه وجد أن باريس أحسن منها. وهناك تنكر في شخصية ميشيل دي فيلينف (اسم العائلة) ودرس الرياضيات والجغرافيا والفلك والطب وغازل التنجيم. وكان فيزاليوس العظيم زميله في دراسة التشريح وأثنى أساتذتهما عليهما سوياً. وتشاجر مع عميد كلية الطب، ويبدو بوجه عام أنه أساء التصرف بتهوره وانفعاله واعتزازه بنفسه. وتحدى كالفن للدخول معه في مناظرة ولكنه لم يظهر في المكان والزمان المعينين 1534. وغادر سرڤتوس باريس مثل كالڤن في الفترة التي اشتد فيها الغضب على خطاب كوب والإعلانات الكبيرة المهرطقة.

سرفتوس عالما

وفي ليون أشرف على نشر طبعة جديرة بعالم من جغرافية بطليموس ، وانتقل عام 1540 إلى ڤيين (على بعد ستة عشر ميلاً جنوبي ليون) ، وهناك عاش حتى آخر سنة من حياته وهو يمارس الطب ويشتغل بالبحث. واختير من بين الكثيرين من الباحثين الذين أتيح للناشرين في ليون التعامل معهم لكي يشرف على نشر ترجمة لاتينية للكتاب المقدس قام بها سانتيس ياجنيني.

وقضى في هذا العمل ثلاث سنوات وآل إلى ست مجلدات. وفي آية عن إشعيا 7 : 14 الذي كان جيروم قد جعلها "عذراء سوف تحمل"، شرح سرڤتوس أن الكلمة العبرية لا تعني عذراء بل امرأة شابة، ورأى أنها لا تشير إشارة تنبئية إلى مريم بل إلى زوجة حزقيال، وأوضح بنفس الروح أن بعض الفقرات الأخرى في العهد القديم التي تبدو تنبئية تشير فقط إلى شخصيات أو حوادث معاصرة. وقد ثبت أن هذا محير للبروتستانت والكاثوليك على السواء.

إكتشاف الدورة الدموية الرئوية

ولا ندري متى اكتشف سرڤتوس الدورة الدموية الرئوية - مرور الدم من الغرفة اليمنى للقلب على طول الشريان الرئوي إلى الرئتين وتدفقه خلالهما وتنقيته هناك بالتعريض للهواء، وعودته في الوريد الرئوي إلى الغرفة اليسرى من القلب، وبقدر ما هو معروف الآن فإنه لم ينشر اكتشافه حتى عام 1553 عندما أدرجه في مؤلفه الأخير "إعادة المسيحية".

وقد جاء بالنظرية في رسالة لاهوتية لأنه اعتقد أن الدم بمثابة الروح الجوهرية في الإنسان، ومن ثم يعد - ربما أكثر من القلب أو المخ - المقر الحقيقي للروح.

سرفتوس والعودة للدين

وإذا أرجأنا فترة النظر في مشكلة أسبقية سرڤتوس في هذا الاكتشاف فحسبنا أن نلاحظ أنه من الواضح أنه أكمل رسالته "إعادة المسيحية" في سنة 1546 لأنه أرسل في ذلك العام المخطوطة إلى كالفن.

وكان العنوان نفسه تحدياً للرجل الذي كتب شريعة الدين المسيحي، بيد أن الكتاب إلى جانب ذلك رفض الفكرة القائلة بأن الله قدر على أرواح أن تعذب في نار جهنم بغض النظر عن حسناته أو سيئاتها، باعتبار أن هذه الفكرة كفر وتجديف.

وقال سرڤتوس إن الله لا يحكم على أحد لا يدين نفسه. ولا بأس بالإيمان ولكن المحبة خير وأبقى، لأن الله نفسه محبة، وظن كالفن أنه يكفيه لكي يدحض هذا كله أن يرسل إلى سرڤتوس نسخة من كتاب "القوانين"، فأعاده سرڤتوس إليه مع تعليقات مهينة ، وأعقب ذلك بإرسال سلسلة من الخطابات تحفل عباراتها بالإطراء الشديد إلى حد أن كالفن كتب إلى فاريل (13 فبراير سنة 1546): "لقد أرسل إلى سرڤتوس مجلداً مطولاً بأقواله الهارفة. وإذا وافقت فلن يتردد في الحضور هنا، ولكني لن أعطيه كلمة مني لأنه إذا جاء فإني لن أطيق أن أتركه يخرج حياً إذا كان هذا في سلطتي" ، وغضب سرڤيتوس لرفض كالفن استمرار المراسلة بينهما فكتب إلى آبيل بوبان، وهو أحد قساوسة جنيڤ يقول:

"إن إنجيلكم بدون رب وبدون إيمان حق وبدون أعمال صالحات. فبدلاً من الرب عبدتم سربيروس ذا الرؤوس الثلاثة (الثالوث المقدس) وبدل الإيمان اتخذتم حلماً حتمياً... والإنسان عندكم بدن هامد والرب خيال للإرادة المستعبدة... إنكم تغلقون أبواب مملكة السماء في وجوه الناس... الويل! الويل! الويل! هذا هو ثالث خطاب أكتبه لكم لأحذركم علكم تعرفون أحسن من هذا. ولن أحذركم مرة أخرى ففي معركة ميكائيل هذه أعلم أني سوف أموت لا محالة... بيد أني لن أتردد... أن المسيح آت ولا ريب. ولن يتمهل".

ومن الواضح أن سرڤتوس كان أشد خبلاً من المتوسط في عصره. فقد أعلن أن نهاية العالم قد أوشكت وأن ميكائيل رئيس الملائكة سوف يشن حرباً مقدسة ضد المناهضين للمسيحية من البابويين وأهالي جنيڤ على السواء، وأنه وقد سمي باسم رئيس الملائكة سوف يقاتل ويموت في تلك الحرب(62). وكان كتاب "الإعادة Restitutio" دعوة إلى تلك الحرب. فلا عجب إذا كان قد وجد صعوبة في العثور على ناشر يقبله إذ أجفل منه الناشرون في بازيل، وأخيراً (3 يناير عام 1553) طبعه بالتازار أورنويبه وجيوم وجيروه في الخفاء بمدينة فيين. ولم تذكر أسماؤهم ولا مكان النشر ووقع المؤلف باسم م. س. ف. ودفع كل النفقات وصحح بنفسه التجارب ثم أتلف المخطوط. ووصل المجلد إلى 734 صفحة لأنه تضمن شكلاً منقحاً من كتاب "Detrinitatis erroribus" ورسائل سرڤتوس الثلاثين إلى كالفن، وأرسل إلى بائع كتب في جنيڤ جانب من الألف نسخة المطبوعة. وهناك وقعت نشرة في يدي جيوم ترى وهو صديق لكالفن. وقد أوضحت الخطابات الثلاثون بجلاء لكالفن أن م. س. ف. هي الحروف الأولى من اسم ميكائيل سرڤتوس الفيلانوفي. وكتب ترى في يوم 26 فبراير عام 1553 إلى ابن عم كاثوليكي في ليون يدعى أنطوان ارني أعرب له فيها عن دهشته من أن الكاردينال فرانسو دي تورنون قد سمح بنشر كتاب مثل هذا في دائرة أسقفيته. كيف عرف ترى مكان النشر؟ لقد عرف كالفن أن سرڤتوس كان يعيش في ليون أو فيين. وعرض آرني الأمر على ماتياس أورى عضو محكمة التفتيش في ليون فأبلك أورى بذلك الكاردينال، فأصدر أمراً إلى موجيرون نائب محافظ فيين للبحث والاستقصاء. وفي يوم 16 مارس استدعى سرڤيتوس إلى بيت موجيرون.

وقبل أن يخضع للأمر أتلف كل الأوراق التي تثبت ذنبه. وأنكر أنه ألف الكتاب. فأرسل أرني إلى ترى يطلب منه تقديم دليل آخر على أن سرڤتوس هو مؤلف الكتاب. وحصل ترى من كالفن على بعض الخطابات التي أرسلها له سرڤتوس. وبعث بها إلى ليون. وتبين إنها تطابق عدداً من الخطابات المنشورة في الكتاب. وقبض على سرڤتوس في اليوم الرابع من أبريل، وفر بعد ثلاثة أيام بالقفز فوق سور حديقة. وفي يوم 17 يونيه أدانته المحكمة المدنية في فيين وحكمت عليه بأن يحرق حياً على نار بطيئة إذا علا عليه. وأخذ سرڤتوس يضرب على غير هدى في أنحاء فرنسا لمدة ثلاثة شهور وقرر أن يلجأ إلى نابولي وأن يذهب عن طريق جنيڤ، وظل في جينيف شهراً لأسباب غير معروف متخذ اسماً مستعاراً، وفي غضون ذلك أعد ترتيباته للانتقال إلى زيورخ، وفي اليوم الثالث عشر من أغسطس حضر الصلاة بالكنيسة، ولعله فعل هذا لكي يتجنب استقصاء السلطات عنه. وهناك عرف وأبلغ ذلك إلى كالفن فأمر بالقبض عليه. وشرح كالفن هذا العمل في خطاب (9 سبتمبر عام 1553)، قال: "إذا كان البابويون قساة غلاظ الأكباد ويظهرون منتهى العنف دفاعاً عن خزعبلاتهم إلى حد أنهم يثورون غضباً وتقسو قلوبهم فيسفكون الدم البريء ألا يخجل الحكام المسيحيون من أنفسهم عندما يبدون أمام الناس أقل غيرة في الدفاع عن الحق الذي لا ريب فيه؟" وتأثر المجلس الصغير بزعامة كالفن وفاقه في القسوة والفظاظة، ولما كان سرڤتوس مجرد عابر سبيل ولم يكن مواطناً يخضع لقوانين مدينة جنيڤ فإن المجلس من الناحية القانونية كان لا يستطيع أن يفعل شيئاً أكثر من نفيه خارج المدينة.

المحاكمة

واعتقل سرفتوس في قصر سابق لأحد الأساقفة تحول الآن إلى سجن. ولم يعذب إلا بالقمل الذي أغار على زنزانته. وسمح له بورق وحبر وبأي كتب يعن له شراؤها ، وأعاره كالفن بضعة مجلدات بقلم الآباء الأوائل. وأديرت المحاكمة بعناية واستمرت ما ينوف على شهرين.

ودبج كالفن قرار الاتهام في ثمان وثلاثين مادة عدمها بفقرات استشهد بها من كتابات سرڤتوس. ومن بين التهم أنه قبل وصف سترابو لليهودية بأنها بلد مجدب بينما وصفها الكتاب المقدس بأنها أرض يتدفق فيها اللبن والعسل. وكانت الاتهامات الرئيسية الموجهة إلى سرڤيتوس هي أنه رفض التسليم بالثالوث وتعميد الأطفال، كما اتهم أيضاً بأنه "طعن في شخص السيد كالفن العقائد التي فرضها إنجيل كنيسة جنيڤ" ، وفي يومي 17 و 21 من أغسطس ظهر كالڤن بشخصه في قاعة المحكمة ليوجه له الاتهام.

ودافع سرڤيتوس عن آرائه بشجاعة، ومنها القول بمذهب وحدة الوجود. وقام تعاون غير مألوف بين العقائد المعادية فطلب المجلس البروتستانتي في جنيڤ من القضاة الكاثوليك في فيين إبداء آرائهم في فقرات خاصة من الاتهامات التي وجهت هناك ضد سرڤتوس. ومن بين التهم الجديدة الفجور الجنسي ، فرد سرڤتوس بأن الفتق قد حوله منذ زمن بعيد إلى عنين ومنعه من الزواج.

واتهم علاوة على هذا بأنه كان قد حضر القداس في ڤيين، فدافع عن نفسه وبرر أنه إنما أقدم على هذا خوفاً على حياته. وتحدى أن تكون لمحكمة مدنية ولاية في الفصل في قضايا الهرطقة، وأكد للمحكمة أنه لم يقم بإثارة شغب ولم يخالف قوانين مدينة جنيڤ وطالب بتعيين محام له يلم بهذه القوانين خيراً منه، وذلك ليعاونه في الدفاع عن نفسه، ورفضت كل هذه الحجج وأرسلت محكمة التفتيش الفرنسية وكيلاً عنها إلى مدينة جنيڤ للمطالبة بإعادة سرڤتوس إلى فرنسا لتنفيذ الحكم الذي صدر ضده. فتوسل سرڤتوس للمجلس والدموع تسيل من مآقيه أن يرفض هذا الطلب، فاستجاب له المجلس، ولكن لعل الطلب قد حفز المجلس على ألا يكون أقل قسوة من محكمة التفتيش.

وفي اليوم الأول من سبتمبر سمح لعدوين من أعداء كالفن - هما آمي بيران وفيلبرت برتلييه - بأن ينضما إلى القضاة الذين يتولون المحاكمة، فشغلا كالفن بمجادلات، لا طائل تحتها، ولكنهما أقنعا المجلس باستشارة الكنائس الأخرى في سويسرة البروتستانتية عن كيفية معاملة سرڤتوس، وفي اليوم الثاني من سبتمبر واجهت زعامة كالفن في المدينة تحدياً في المجلس على يد الوطنيين المتحررين، فواجه العاصفة حتى مرت بسلام، ولعل رغبة المعارضة الواضحة في إنقاذ سرڤتوس قد شددت من عزيمة كالفن على أن يلاحق الهرطيق حتى ينفذ فيه حكم الإعدام. ومهما يكن من أمر فإنه يجدر بنا أن ننوه بأن المدعي الرئيسي في المحاكمة كان كلود ريگو Rigot وهو من المتحررين.

وفي اليوم الثالث من سبتمبر قدم سرڤتوس للمجلس رداً مكتوباً على الاتهامات الثمانية والثلاثين التي وجهها له كالفن. ودحض كل اتهام بحجة ذكية وبفقرات استشهد بها من الكتاب المقدس أو أقوال رددها آباء الكنيسة. وتساءل عن حق كالفن في التدخل في المحاكمة ووصفه بأنه من مريدي سيمون ماجوس وهو مجرم وسفاك للدماء. فرد عليه كالفن في ثلاثة وعشرين صفحة، عرضت على سرڤتوس، الذي أعادها بدوره إلى المجلس بتعليقات هامشية "كذاب" و"دجال" و"منافق" و"تعس شقي"، ولعل ما عاناه سرڤتوس من نصب في السجن خلال شهر وما لاقاه من تعذيب عقلي قد حطم ضبط النفس. وتقارير كالفن ذاتها عن المحاكمة دبجت بأسلوب العصر، فنراه يكتب عن سرڤتوس فيقول: "مسح الكلب القذر أنفه" و"السافل الغادر" يلوث كل صفحة و"تخريفات منافية للتقوى". والتمس سرڤتوس من المجلس أن يتهم كالفن بأنه "يقمع حقيقة يسوع المسيح" وأن "يمحوه من الوجود" ويصادر أمواله، وذلك لتعويض سرڤتوس بهذه الإجراءات عن الإضرار التي لحقت به من جراء أعمال كالفن. ولم يقابل الاقتراح بالترحيب.

وفي اليوم الثامن عشر من أكتوبر وردت الردود من الكنائس السويسرية التي طلب منها إبداء المشورة، فرأت كلها إدانة سرڤتوس، ولم يطلب واحد منها إعدامه. وبذل بيران آخر مجهود لإنقاذه في اليوم الخامس والعشرين من أكتوبر بالمطالبة بإعادة المحاكمة أمام مجلس المائتين ولكنه غلب على أمره. وفي اليوم السادس والعشرين أصدر المجلس الصغير حكماً بالإعدام بإجماع الآراء، واستند في الحكم على دليلين يثبتان الهرطقة - مذهب التوحيد ورفض التسليم بتعميد الأطفال. ويقول كالفن، إن سرڤتوس عندما سمع النطق بالحكم "أنّ وتأوه كرجل فقد رشده و... دق صدره وزمجر قائلاً بالإسبانية Miserivordia! Misericordia!، وطلب أن يسمح له بالحديث مع كالفن وتوسل إليه طالباً الرحمة، بيد أن كالفن لم يعرض عليه أكثر من إجراءات المواساة الأخيرة للدين الحق إذا سحب هرطقاته، ولم يرض سرڤتوس، وطلب أن تقطع رأسه ولا يحرق، وكان كالفن يميل إلى دعم هذا الطلب ولكن فاريل الطاعن في السن، الذي يقترب من حافة القبر زجره لما بدا منه من تسامح، وصوت المجلس على أن يحرق سرڤتوس حياً.

ونفذ الحكم في صباح اليوم التالي، 27 أكتوبر 1553، على تل تشامبل الذي يقع مباشرة جنوبي مدينة جنيڤ. وفي الطريق ألح فاريل على سرڤتوس أن ينال رحمة الله بالاعتراف بجريمة الهرطقة، فأجابه الرجل المحكوم عليه، طبقاً لما رواه فاريل: "أنا لست مذنباً ولم أكن أستحق الموت، وابتهل إلى الله أن يغفر لمن اتهموه". وأوثق إلى سارية بسلاسل حديدية وربط إلى جانبه كتابه الأخير. وعندما بلغت ألسنة اللهب وجهه صرخ من الألم. ومات بعد حرقه بنصف ساعة.[2]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذكراه

Monument to Michael Servetus, شامپل، سويسرا
تمثال لميگل سرڤتوس في جنيڤ، سويسرا، 2019.[3]


جنيڤ

ميگل سرڤتوس في السجن، نحت كلوتيد روش. تمثال في أنيماس، فرنسا.


انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ "Servetus". Random House Webster's Unabridged Dictionary.
  2. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  3. ^ Miguel Servet monument, Himetop


قراءات إضافية

  • Hunted Heretic: The Life and Death of Michael Servetus 1511–1553 by Roland H. Bainton. Revised Edition edited by Peter Hughes with an introduction by Ángel Alcalá. Blackstone Editions. ISBN 0-9725017-3-8.
  • Out of the Flames: The Remarkable Story of a Fearless Scholar, a Fatal Heresy, and One of the Rarest Books in the World by Lawrence Goldstone and Nancy Goldstone. ISBN 0-7679-0837-6.
  • The Heretics: Heresy Through the Ages by Walter Nigg. Alfred A. Knopf, Inc., 1962. (Republished by Dorset Press, 1990. ISBN 0-88029-455-8)
  • The History and Character of Calvinism by John T. McNeill, New York: Oxford University Press, 1954. ISBN 0-19-500743-3.
  • Find in a Library with WorldCat. Contains seventy letters of Calvin, several of which discuss his plans for, and dealings with, Servetus. Also includes his final discourses and his last will and testament (April 25, 1564).
  • A complete translation of Christianismi Restitutio into English (the first ever) by Christopher Hoffman and Marian Hillar was published on April 30, 2007.[1] [2]


وصلات خارجية