لي باي

هذا هو اسم صيني; لقب العائلة هو لي.
Li Bai
لي باي يتمشى, بريشة ليانگ كاي (1140–1210)
لي باي يتمشى, بريشة ليانگ كاي (1140–1210)
وُلِد701
Suiye، امبراطورية تانگ (الآن منطقة تشوي، قيرغيزستان)
توفي762
Dangtu، امبراطورية تانگ (الآن Ma'anshan، آن‌هوي، الصين)
الوظيفةشاعر
العرقصيني
الفترةأسرة تانگ
Chinese name
الصينية李白
Taibai
الصينية太白
Qinglian Jushi
الصينية التقليدية青蓮居士
الصينية المبسطة青莲居士
المعنى الحرفيLotus Householder
Vietnamese name
VietnameseLý Bạch
Korean name
هانگول이백
هان‌چا李白
Japanese name
كانجي李白
هيراگاناりはく

لي باي (Li Bai ؛ صينية: 李白؛ پن‌ين: Lǐ Bái�؛ عاش 701762)، ويُعرف أيضاً بإسم لي بو Li Bo (أو لي پو؛ اسم الاحترام تاي‌باي صينية: 太白�)، كان شاعراً صينياً. إلى جانب صديقه الشاعر دو فو، يعد لي باي من أشهر شعراء الصين القدماء، وعرف بالأغاني الرومانسية حول النساء والخمر والطبيعة. عكست كتاباته المستوى العالي الذي وصلت إليه أسرة تانگ في فترة ازدهارها، والتي كثيراً ما يُطلق عليها "العصر الذهبي للشعر الصيني". التعبير "العجائب الثلاث" تشير إلى شعر باي، ومهارة پـِيْ مين في اللعب بالسيف، وخط ژانگ شو.[1]

حوالي ألف قصيدة موجودة تـُنسَب إليه. وقد جُمعت قصائده ضمن أهم مختارات شعربة في أسرة تانگ Heyue yingling ji،[2] التي جمعها في 753 ين فان، وأربع ثلاثين من قصائده مُتضمَنة في المختارات ثلاثمائة قصيدة من تانگ، التي نُشِرت لأول مرة في القرن الثامن عشر.[بحاجة لمصدر] في نفس القرن، بدأ ظهور ترجمات لأشعاره في أوروپا. الأشعار كانت نماذج للاحتفال بمتعة الصداقة وعمق الطبيعة والوحدة ومباهج شرب النبيذ. وبين أشهرهم نجد "الاستيقاظ من السكر في يوم ربيعي"، "الطريق الوعر إلى شو"، و "فكر الليل الهادئ"، اللائي لايزلن يظهرن في النصوص المدرسية في الصين. وفي الغرب، يتواصل صدور ترجمات متعددة اللغات لقصائد لي. حتى أن حياته اتخذت جانبًا أسطوريًا ، بما في ذلك حكايات السكر والفروسية والحكاية المعروفة أن لي غرق حين شب من قاربه ليشاهد انعكاس ضوء القمر على صفحة النهر بينما كان ثملاً.

ينعكس الكثير من حياة لي في شعره: الأماكن التي زارها، الأصدقاء الذين ودّعهم في رحلات إلى أماكن بعيدة وربما لم يلتقي بهم مرة أخرى، تخيلاته الشبيهة بالأحلام المطرزة بإيحاءات الشامانية، والأحداث الجارية التي كان لديه أخبار عنها، أوصاف مأخوذة من الطبيعة في لحظة شعرية خالدة، وما إلى ذلك. ومع ذلك، فإن التغييرات في الأوقات التي عاش فيها ذات أهمية خاصة. جاء شعره المبكر في سياق "العصر الذهبي" للسلام الداخلي والازدهار في الإمبراطورية الصينية لأسرة تانگ، في عهد الإمبراطور الذي روج بنشاط للفنون وشارك فيها. تغير كل هذا فجأة وبشكل صادم ، بدءًا من تمرد الجنرال آن لوشان، عندما دمرت الحرب والمجاعة شمال الصين. يأخذ شعر لي أيضًا نغمات وصفات جديدة. على عكس صديقه الأصغر دو فو، لم يعش لي ليرى إخماد هذه الاضطرابات. ومع ذلك، فقد نجا الكثير من شعر لي، واحتفظ بشعبية دائمة في الصين وأماكن أخرى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نشأته

ولد لي باي في جيانگيو في مقاطعة سيتشوان بالصين. كان يعتنق الطاوية، وأمضى فترة طويلة من حياته في الترحال. كان يعرف بحبه الكبير للخمر، وكان يكتب الشعر حول متعة شربه، ويكتب حول الصداقة والعزلة ومضي الوقت. توفي في عام 762 في مدينة دانگتو بمقاطعة أنهواي الصينية، ووفقاً للروايات قيل بأنه مات غرقاً بعدما جلس في قارب وهو سكران، حينما حاول القبض على انعكاس ضوء القمر على الماء. بقت اليوم حوالي 1100 قصيدة من أعماله، وترجمت لأول مرة في عام 1862 بواسطة هارفي دو سان دوني في كتابه "Poésies de l'Époque des Thang".

كتب لي باي أكثر من ألف قصيدة، جُمع معظمها في ديوان شعري يحمل اسمه، ومن قصائده «أغنية العروس الحزينة» و«وداع صديق» و«حِداء عمال السخرة» و«رحلة في جبل الجن» و«وداع الذاهبين بلا عودة» و«أنشودة تشيو يو» و«حنين إلى مسقط الرأس» و«أنشودة جبل لو شان» و«ممر سيتشوان» و«أشرب وحيداً تحت ضوء القمر».

تتلخص مضامين شعر لي باي الفكرية في طرح أفكاره السياسية ومعارضته سياسة أصحاب الجاه والنفوذ، والتغني بجمال الطبيعة والمرأة، والاهتمام بالمصالح الوطنية. يمتاز شعره بلغة متناغمة متجانسة لا تقيدها قوانين العروض وتخلو من الزخرفة البيانية، وبخيال غني، وأسلوب لا يخلو من المبالغة، والإكثار من الاستعارة والتشبيه والرمز. وقد تأثر بنمط الأغاني الشعبية المعروفة بـ«يويه فو» Yue Fu، وهي أغانٍ جمعتها دائرة الموسيقى في عهد سلالة هان وتحولت إلى نمط شعري نظم الشعراء قصائدهم على منواله.

تأثر لي باي بفكر الكونفوشية والطاوية معاً. وآثر حياة العزلة والترحال على حياة الكسل والاستقرار. وتجمع قصائده الخماسية والسداسية والسباعية المقاطع بين نكهة الأغاني الشعبية وأسلوب الشاعر المتميز. ظهرت حياته في شعره فجاء غزيراً، متنوعاً، متعدد المضامين، منسجماً حيناً، متناقضاً حيناً آخر. وهو يحتل مكانة مرموقة إذ يعدّ ثاني أكبر شاعر رومنسي في تاريخ الأدب الصيني بعد الشاعر تشو يوان. حرر الشعر القديم من الصنعة والتأنق والزخرفة البيانية، وتأثر به العديد من الشعراء.


سيرته

لي بو هو شاعر صيني عظيم وقد أثر كثيرا في الشعر الصيني وقصته تبدأ بأن كانت أم لي بو قد رأت في منامها ليلة مولد الشاعر الكوكب الأبيض الكبير الذي يسميه الصينيون ثاي بو جنج ويسميه أهل الغرب فينوس. ولهذا سمى الطفل لي أي البرقوقة ولقب ثاي- بو أي النجم الأبيض. ولما بلغ العاشرة من عمره كان قد أتقن كتب كنفوشيوس ، كما كان في مقدوره أن ينظم الشعر الخالد. وفي الثانية عشرة خرج إلى الجبال ليعيش فيها عيشة الفلاسفة ، وأقام فيها سنين طوالاً ، حسنت في خلالها صحته ، وعظمت قوته ، وتدرب على القتال بالسيف ثم أعلن إلى العالم مقدرته وكفايته فقال: إني وإن لم يبلغ طول قامتي سبع أقدام (صينية) فإن لي من القوة ما أستطيع به ملاقاة عشرة آلاف رجل" (وعشرة آلاف لفظ يعبر به الصينيون عن الكثرة) ثم أخذ يضرب في الأرض يتلقى أقاصيص الحب من أفواه الكثيرين ، وقد غنى أغنية "لفتاة من وو" قال فيها:


نبيذ الكروم

وأقداح الذهب

وفتاة حسناء من وو-

في سن الخامسة عشرة، تقبل على ظهر مهر،

ذات حاجبين قد خُطّا بقلم أزرق-

وحذاءين من النسيج القرنفلي المشجر-

لا تفصح عن ما في نفسها-

ولكنها تغني أغاني ساحرة.

وقد أخذت تطعم الطعام على المائدة ،

المرصعة بأصداف السلاحف.

ثم سكرت في حجري.

أي طفلتي الحبيبة! ما أحلى العناق.

خلف ستائر المطرزة بأزهار السوسن!


ثم تزوج الشاعر ، ولكن مكاسبه كانت ضئيلة ، فغادرت زوجته بيته وأخذت معها أبناؤه. ترى هذه الأسطر التي يبث فيها شوقه موجهة إليها ، أو إلى حبيبة أخرى لم يطل عهد الوداد بينهما؟-


أيتها الحسناء ، لقد كنت وأنت عندي أملأ البيت زهراً.

أما الآن أيتها الحسناء وقد رحلت- فلم يبق فيه إلا فراش خال.

لقد طوى عن الفراش الغطاء المزركش؛ ولست بقادر على النوم.

وقد مضت على فراقك ثلاث سنين؛ ولا يزال يعاودني شذى العطر الذي خلفته ورائك.

إن عطرك يملأ الجو من حولي وسيدوم أبد الدهر؛

ولكن أين أنت الآن يا حبيبتي؟

إني أتحسر- والأوراق الصفراء تسقط عن الغصن،

وأذرف الدمع- ويتلألأ رضاب الندى الأبيض على الكلأ الأخضر.


وأخذ يسلي نفسه باحتساء الخمر ، حتى أصبح أحد "الستة المتعطلين في أيكة الخيزران"، الذين يأخذون الحياة سهلة في غير عجلة ، ويكسبون أقواتهم المزعزعة بأغانيهم وقصائدهم. وسمع لي الناس ينثون الثناء الجم على نبيذ نيو جونج فسافر من فوره إلى تلك المدينة ، وكانت تبعد عن بلده ثلاثمائة ميل. والتقى في تجواله دوفو الذي صار فيما بعد منافسه على تاج الصين الشعري ، وتبادل هو وإياه القصائد الغنائية ، وصارا يضربان في البلاد معاً كالأخوين ، وينامان تحت غطاء واحد ، حتى فرقت الشهرة بينهما. وأحبهما الناس جميعاً لأنهما كانا كالقديسين لا يؤذيان أحداً ويتحدثان إلى الملوك وإلى السوقة بنفس الأنفة والمودة اللتين يتحدثان بهما إلى الفقراء المساكين. ودخلا آخر الأمر مدينة شانجان وأحب "هو" الوزير الطروب شعر لي حباً حمله على أن يبيع ما عنده من الحلي الذهبية ليبتاع له الشراب ، ويصفه دوفو بقوله:

أما لي بو فقدم له ملء إبريق ، يكتب لك مائة قصيدة. وهو يغفو في حانة في أحد شوارع مدينة شانجان ؛ وحتى إذا ناداه مولاه ، فإنه لا يطأ بقدمه القارب الإمبراطوري. بل يقول: "معذرة يا صاحب الجلالة. أنا إله الخمر".

لقد كانت أيامه هذه أيام طرب ومرح ؛ يعزه الإمبراطور ، ويغمره بالهدايا جزاء ما كان يتغنى به من مديح يانج جوي- في الطاهرة. وأقام منج مرة مأدبة ملكية يوم عيد الفاونيا في فسطاط الصبار ، وأرسل في طلب لي بو لينشد الشعر في مديح حبيبته. وجاء لي ، ولكنه كان ثملاً لا يستطيع قرض الشعر. فألقى خدم القصر ماء بارداً على وجه الوسيم وسرعان ما انطلق الشاعر يغني ويصف ما بين الفاونيا وحبيبته يانج من تنافس فقال:


في أثوابها جلال الغمام السابح ،

وفي وجهها سنا الزهرة الناضرة.

أيها الطيف السماوي يا من لا يكون إلا في العلا

فوق قلة جبل الجواهر

أو في قصر البلور المسحور حين يرتفع القمر في السماء!

على أنني أشهد هاهنا في روضة الأرض-

حيث يهب نسيم الربيع العليل على الأسوار ،

وتتلألأ نقاط الندى الكبيرة...

لقد هزم حنين الحب الذي لا آخر له

والذي حملته إلى القلب أجنحة الربيع.


ترى من ذا الذي لا يسره أن يكون هو الذي تغنى فيه هذه الأغنية؟ لكن الملكة أدخل في روعها أن الشاعر قد عرض بها أغنيته تعريضاً بها خفياً ، فأخذت من هذه اللحظة تدس له عند الملك وتبعث الريبة في قلبه. وما زالت به تقلبه بين الذروة والغارب حتى أهدى لي بو كيساً به نقود وصرفه. فأخذ الشاعر يهيم في الطرقات مرة أخرى يسلي نفسه باحتساء الخمر ، "وانضم إلى الثمانية الخالدين أصحاب الكأس" ، الذين كان شرابهم على لسان الناس في شانجان. وكان يرى رأي ليو لنج القائل إنه يحسن بالإنسان أن يسير وفي صحبته على الدوام خادمان يحمل أحدهما خمراً ويحمل الآخر مجرفاً يستعين به على دفنه حيث يخر صريعاً "لأن شئون الناس" كما يقول ليو "ليست إلا طحالب في نهر". وكأنما أراد شعراء الصين أن يكفروا عن تزمت الفلسفة الصينية ، فأطلقوا لأنفسهم العنان. وفي ذلك يقول لي بو: "لقد أفرغنا مائة إبريق من الخمر لنغسل بها أرواحنا ونطهرها من الأحزان التي لازمتنا طوال حياتنا". وهو يترنم ببنت الحان ترنم عمر الخيام:

إن المجرى الدافق يصب ماءه في البحر ولا يعود قط.

ألا ترى فوق هذا البرج الشامخ

شبحاً أبيض الشعر يكاد يذوب قلبه حسرة أمام مرآته البراقة؟

لقد كانت هذه الغدائر في الصباح شبيهة بالحرير الأسود ،

فلما أقبل المساء إذا هي كلها في بياض الثلج.

هيا بنا ، ما دام ذلك في مقدورنا ، نتذوق الملاذ القديمة ،

ولا نترك إبريق الخمر الذهبي

يقف بمفرده في ضياء القمر...

إني لا أبغي سوى نشوة الخمر الطويلة ،

ولا أحب أن أصحو قط من هذه النشوة...

هيا بنا أنا وأنتما نبتاع الخمر اليوم!

لم تقولان أنكما لا تملكان ثمنها؟

فجوادي المرقط بالأزهار الجميلة ،

ومعطفي المصنوع من الفراء والذي يساوي ألف قطعة من الذهب

سأخرج عن هذين وآمر غلامي

أن يبتاع بهما الخمر اللذيذة

ولأنسى معكما يا صاحبي

أحزان عشرة آلاف من الأعمار!


ترى ما هي هذه الأحزان؟ أهي آلام من محب أزدرى حبه؟ لا نظن هذا لأن شعراء الصين لا يكثرون من الشكوى من آلام الحب ، وإن كان الحب يملأ قلوبهم كما يملأ قلوبنا ، وإنما الذي أذاق لي مرارة المآسي البشرية هو الحرب والنفي ، وهو آن لو شان والاستيلاء على عاصمة البلاد ، وفرار الإمبراطور وموت يانج ، وعودة منج هوانج إلى قصوره المهجورة. وهو يقول في حسرة "ليس للحرب نهاية! " ثم يأسو للنساء اللاتي قدمن أزواجهن ضحايا لإله الحرب فيقول:


هاهو ذا شهر ديسمبر ؛ وهاهي ذا فتاة يورتشاو الحزينة!

لقد امتنع عليها الغناء ، وعز الابتسام ، وحاجباها أشعثان ،

وهي تقف بالباب ، تنتظر عابري السبيل ،

وتذكر ذلك الذي اختطف سيفه وسار لحماية الحدود ،

ذلك الذي قاسى أشد الآلام في البرد القارس وراء السور العظيم ،

ذلك الذي جندل في ساحة الوغى ولن يعود أبداً ،

في مشيتها الذهبية النمراء التي تحتفظ فيها بالذكريات ،

قد بقي لها سهمان مراشان بريشتين بيضاوين ،

بين نسج العنكبوت وما تجمع من الغبار خلال السنين الطوال.


تلك أحلام الحب الجوفاء التي لا تستطيع العين أن تنظر إليها لما تسببه للقلب من أحزان ،

ثم تخرج السهمين وتحرقهما وتدرو رمادهما في الرياح.

إن في وسع الإنسان أن يقيم سداً يعترض به مجرى النهر الأصفر ،

ولكن من ذا الذي يخفف أحزان القلب إذا تساقط الثلج ،

وهبت ريح الشمال؟


وفي وسعنا الآن أن نتخيله ينتقل من بلد إلى بلد ومن ولاية إلى ولاية على الصورة التي وصفه بها دزو تشونج- جي: "على ظهرك حقيبة ملأى بالكتب ، تطوف ألف ميل أو أكثر ، وفي كمك خنجر وفي جيبك طائفة من القصائد". وقد حبته رفقته القديمة للطبيعة في هذا التجوال الطويل بعزاء وسلوى وراحة تجل عن الوصف ؛ وفي وسعنا أن نرى من خلال أشعاره أرض بلاده ذات الأزهار ، ونشعر أن حضارة المدن قد أخذ عبئها الباهظ يثقل على الروح الصينية:

لم أعيش بين الجبال الخضراء؟

إني أضحك من هذا السؤال ولا أجيب عنه، إن روحي ساكنة صافية ،

إنها تسكن سماء أخرى وأرضاً ليست ملكاً لإنسان.

إن أشجار الخوخ مزدهرة والماء ينساب من تحتها.


ثم انظر إلى هذه الأبيات:


أبصرت ضياء القمر أمام مخدعي.

فخلته الصقيع على الأرض.

ورفعت رأسي ونظرت إلى القمر الساطع فوق الجبل ،

وطأطأت رأسي وفكرت في موطني البعيد.


ولما تقدمت به السن وابيض شعره امتلأ قلبه حناناً للأماكن التي قضى فيها أيام شبابه. وكم من مرة ، وهو يحيى في العاصمة حياة اصطناعية ، حنّ قلبه للحياة البسيطة الطبيعية التي كان يحياها في مسقط رأسه وبين أهله:


في أرض وو وأوراق التوت الخضراء ،

نام دود الحرير مرات ثلاثاً.

وأرض لوه الشرقية حيث تقيم أسرتي ،

لا أعرف من يزرع فيها حقولنا.

وليس في وسعي أن أعود لأقوم فيها بأعمال الربيع.

ومع هذا فإني لا أستطيع أن أعمل شيئاً ، بل أسير على ضفة النهر.

إن ريح الجنوب إذا هبت أطارت روحي المشوقة إلى وطني.

وحملتها معها إلى حانتنا المعهودة.

وهناك أرى شجرة خوخ على الجانب الشرقي من البيت.

بأوراقها وأغصانها الكثيفة تموج في الضباب الأزرق.

إنها هي الشجرة التي غرستها قبل أن أفارق الدار منذ سنوات ثلاث.

لقد نمت شجرة الخوخ الآن وطالت حتى بلغت سقف الحانة ،

في أثناء تجوالي الطويل إلى غير أوبه.

أي بنيتي الجميلة يابنج- يانج، إني أراك واقفة

بجوار شجرة الخوخ ، تنتزعين منها غصناً مزهراً ،

تقطفين الأزهار ، ولكني لست معك-

ودموع عينيك تفيض كأنها مجرى ماء!

وأنت يا ولدي الصغير بو سشين لقد نموت حتى بلغت كتفي أختك

وصرت تخرج معها تحت شجرة الخوخ!

ولكن من ذا الذي يربت على ظهرك هناك؟

إني حين أفكر في هذه الأمور تخونني حواسي

ويقطع الألم الشديد في كل يوم نياط قلبي.

وهاأنذا اقتطع قطعة من الحرير الأبيض وأكتب عليها هذه الرسالة

وأبعث بها إليك مصحوبة بحبي تجتاز الطريق الطويل إلى أعلى النهر


وكانت السنون الأخيرة من عمره سني بؤس وشقاء، لأنه لم ينزل قط من عليائه ليجمع المال ، ولم يجد في أيام الفوضى والفتن ملكاً يحنو عليه ويرد عنه غائلة الجوع والحرمان. ولما عرض عليه لي- لنج أمير يونج أن ينضم إلى حاشيته قبل هذا راضياً مسروراً ؛ ولكن لي- لنج خرج على خليفة منج هوانج ، فلما أقلمت أظفار فتنته ألفى لي بو نفسه بين جدران السجن محكوماً عليه بالموت لأنه خان دولته. ثم توسط له گوو زي‌يي Guo Ziyi القائد الذي أخمد ثورة آن لوشان، وطلب أن تفتدى حياة لي بو بنزوله هو عن رتبته ولقبه. وخفف الإمبراطور عنه الحكم واستبدل به النفي مدى الحياة. ثم صدر عفو عام بعد ذلك بقليل ، وعاد الشاعر يتعثر إلى مسقط رأسه. ومرض وتوفي بعد ثلاث سنين من ذلك الوقت ؛ وتقول الأقاصيص ، التي يعز عليها أن تموت نفس قل أن يوجد مثلها بين النفوس ميتة عادية ، إنه غرق في أحد الأنهار ، بينما كان يحاول وهو ثمل جزلان أن يعانق صورة القمر.

وديوان شعره الرقيق الجميل المؤلف من ثلاثين مجلداً لا يترك مجالاً للشك في أنه حامل لواء شعراء الصين بلا منازع. وقد وصفه ناقد صيني: "بأنه قمة تاي الشامخة المشرفة على مئات الجبال والتلال ؛ والشمس إذا طلعت خبا وميض ملايين من نجوم السماء".


لقد مات منج هوانج ، وماتت يانج وعفا ذكرهما ولكن لي بو لا يزال يغني!

لقد بنيت سفينتي من خشب الأفاوية وصنع سكانها من خشب المولان.

وجلس العازفون عند طرفها وبيدهم الناي من الغاب المحلى بالجواهر والمزمار المرصع بالذهب.

ألا ما أعظم سروري إذا كان إلى جانبي دن الخمر اللذيذة وغيد حسان يغنين

ونحن نطفو فوق ظهر الماء تدفعنا الأمواج ذات اليمين وذات الشمال!

إذاً لكنت أسعد من جنى الهواء الذي ركب على ظهر غرنيقه الأصفر ،

حراً كعريس البحر الذي تعقب النوارس دون غرض يبتغيه ،

إني الآن أهز الجبال الخمسة بضربات من وحي قلمي.

هاأنذا قد فرغت من قصيدتي. فأنا أضحك وسروري أوسع من البحر.

أيها الشعر الخالد! إن ألحان شوبنج لشبيهة في روعتها بالشمس والقمر ،

أما قصور ملوك جو وأبراجهم فقد عفت آثارها من فوق التلال.


المصادر

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

وصلات خارجية

Online translations (some with original Chinese, pronunciation, and literal translation):

Guqin related


  1. ^ كتاب تانگ الجديد 文宗時,詔以白歌詩、裴旻劍舞、張旭草書為「三絕」
  2. ^ 河岳英靈集