لوّاتا

لوّاتا هم الليبيون القدماء.[بحاجة لمصدر]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أصل الاسم

إنّ اسم لوّاتا حُرِّفَ عند المصريين القدماء إلى اسم: ليبو، وكان هؤلاء اللّيبو (إيلواتن) يعيشون على حدود مصر الفرعونيّة، ثُمّ تغلغلوا في ما بعد في أراضيها، حتّى وصلوا إلى ضفاف نهر النّيل، وكانوا من حين لآخر يزعجون استقرارها وأمنها. واشتُهِرَ من زعماء هؤلاء اللّيبو، المدعو: مغياي Meghiey بن داد Ded، الذي عقد حلفاً مع القبائل اليونانية ضد الفرَاعِنَة، في ما عُرف في التّاريخ باسمِ: غزوات الشعوب البحرية. حيث هُزِمُوا فيما بعدَ شرَّ هزيمةٍ أمَامَ قُوّات الفرعَون منفتاح Mineptah (1224-1214 ق.م). وفي عهد الفرعون رمسيس الثالث Ramsès III (1198-1166 ق.م)، قامت قبائل الليبو بالتحالُفِ مَعَ إخوَتِهِمِ المشوَش Meshwesh، بقيادة مشّر Mesher بن كپّر Kaper، في غزو مصر لكنهم هزموا أيضاً. وفي عام 945 ق.م صعد على عرش مصر الفرعونية أحد المشوَش الأمازيغ، تحت اسم شيشنوق الأول Shishnoq، بعد تغلبه على الفراعنة، وأسّس أسرة حاكمة في مصر، أعطت لها عدّة فراعنة. وقد عُثِرَ على نقوش، رُسِمَت على جدار معبد آمون في الكرنك، تمثل هزيمة المصريين أمام قوات شيشنوق. وشيشنوق هذا، هو ابن نمرود بن شيشنوق بن بيتحوت بن نبتيشي بن موسين بن بويوارا.

قام شيشنق الأول و هُوَ: شيشَق Sesac في التوراة بغزو فلسطين، وحطم قوات الملك الإسرائيلي يربعام Roboam صاحب مملكة يهوذا، واستولى على كنوز الملك سليمان(عليه السلام) في أورشليم (القدس). ومما جاء في التوراة التي بينَ أيدي اليهود اليوم: إن الرب غضب من بني إسرائيل، لأنهم فسقوا في الأَرض، ولأنهم تركوه .. وأنا أترككم ليد شيشق ملك مصر على أورشليم، وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك، أخذ الجميع وأخذ أتراس الذهب التي صنعها سليمان. وجاء في التوراة أيضا، أن سليمان (عليه السلام) قام بطلب يد ابنة شيشنق للزّواج. وجاء فيها أيضا: وصاهر سليمانُ فرعون ملك مصر، وأخذ بنت فرعون، وأتَى بها إلى مدينة داود، بعد أن أكمل بناء بيته وبيتِ الرب وسور أورشليم حواليها.

ونذكر من الفراعنة المنحدرين من نسل شيشنوق: الفرعون أوصورقون Osorcon، الذي خلف شيشنوق (874-850 ق.م)، والذي كان عصره من أزهى العصور. كما نذكر: الأميرة الليبية كاروماما Karomama، التي يوجد لها تمثال من ذهب، في متحف Louvre بباريس. دون أن ننسى: نيتوقريص Nitocris ابنة الفرعون الپْصاميتي الأول Psammétique (664-610 ق.م)، التي حملت لقب: زوجة آمون. والفرعون المشهور: نِخاو Nékhao، ذكرهُ المؤرخ اليوناني القديم ثوقيديدس، وقال أنّه ليبي من سلالة شيشنُق. وكان نِخاو أول من حفر قناة بين البحر الأحمر ونهر النيل، ليصل البحر الأحمر بالأبيض. وذكر الكاتب اليوناني آثيناوس في كتابه: مائدة الفلاسفة أنّ الفِرعَون الليبي نِخاو بعث حملة لاكتشاف أفريقيا. وجاء في التوراة التي بينَ أيدي اليهود اليوم، أنّ الفرعون نخاو الثاني قام بعد تسلمه الحكم حوالي في نهاية (القرن 7 ق.م) بحملة على يوشيا ملك إسرائيل. و ورَدَ في النّصوص التّاريخيّة أنّهُ بعث سفينة عليها ملاحون من أهل فينيقيا[بحاجة لمصدر]، فطافت حول أفريقيا من البحر الأحمر، لتعود عن طريق جبل طارق، وكانت هذه أول دورة في التاريخ حول أفريقيا، ودامت ثلاث سنوات، وصلت بعد وفاةِ هذا الفِرعَون.

وبلغ تأثير الليبيين في الأقباط وهم المصريون الأصليون الذين يُسمّى ملوكهم: الفراعنة أنِ اقتَبَسَ المصريون عنهُم أيضاً بعض معبوداتهم، ولم يغيروا من أسماءها لتقارب لغتي الأمتين، ونذكر مثالا عن ذلك: الإله حاش Hash، وهو إنسان بِرأس صقر؛ والإلهة نيت Nit أو نايث Neith إلهة الحرب؛ والإله آمون، وهو إنسان برأس كبش، ويُعتبر من أقدم ما عبَدَ المصريّون. وقد ذكر المؤرخ اليوناني القديم هسخيوس Héséchius، أنّ الليبيين (البربر) يُسمّون الكبش: آمون.

وقد تم التعرف على كل ما ذَكَرنا من المعلومات، من خلال الوثائق المصرية القديمة، التي تقسم حسب مراحل تاريخ منطقة وادي النيل إلى:


وثائق ما قبل الأسرات وبداية الأسرات :

و هي عبارة عن مناظر منقوشة لا كتابة فيها، لعدم اكتمال عناصرالكتابة الهيروغليفية بعد، وهذه المصادر هي مقبض سكين جبل العرق، في نجع حمادي بالصحراء الشرقية؛ ولوحة الصيد، أو ما يُعرف بلوحة الأُسود؛ ولوحة التحنو في أپيدوس في الصعيد؛ ولوحة التوحيد، وفيها: أن اسم التحنو ظهر أول مرة خلال الأسرة الأولى (3400- 3200 ق.م)، وذلك في عهد الملك نعرمر (مينا)، الذي وحد منطقة وادي النيل، بعد أن طرد منها الليبيين الذين كانوا يقيمون في الوجه البحري.

وثائق الدولة القديمة (2900-2280 ق.م):

دُوّنت بالخط الهيروغليفي، وهي: نص الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة، الذي قاد حملة ضد التحنو، وأسر منهم ألفا ومائة، واستولى على ثلاث عشرة ألف ومائة رأس من الماشية والأغنام؛ ونصوص الملك سحورع من الأسرة الخامسة، والتي كُتِبَت على جُدران معبد الملك سحورع؛ ونصوص أوني حاكم الجنوب، الذي قاد جيشا ضد بدو آسيا، في عهد الملك بيبي الأول (الأسرة السادسة)، وكان في الجيش العديد من سكان الجنوب، ومنهم سكان بلاد التمحو، وهو أول ذكر لقبائل التمحو؛ ونصوص حرخوف حاكم وقائد القوافل في الجنوب (الأسرة السادسة)، الذي وصف رحلاته إلى إقليم يام في النوبة، وأنه وصل بلاد التمحو التي تقع في الجنوب الغربي من النيل.

وثائق الدولة الوسطى (2060 -1785 ق.م):

وهي حكاية سنوهي أحد رجال البلاط، وتذكر أن سنوسرت ابن الملك منتوحتپ الأول، خاض حربا ضد التمحو؛ ومخلفات المجموعة السكانية التي يطلق عليها المجموعة (ج)، والتي عاصرت الدولة الوُسطى، ويرى بعض العلماء في هذه المجموعة السّكانية بأنها فرع جنوبي للتمحو، أو أنهم ليبيون جنوبيون.

وثائق الدولة الحديثة (1580 -1085 ق.م):

وتم التعرف من خلالها على مجموعات كثيرة من الليبيين الذين عاشوا قبل زمن هيرودوت، أي خلال القرنين (13ق.م) و(12ق.م)، وهي: وثائق مقابر طيبة في عهد الملكة حتشپسوت والملك تحتمس الثالث، في الفترة ما بين عامي 1490 ق.م و1447 ق.م؛ ورسومات معبد الكرنك التي تعود إلى عهد الملك سيتي الأول، وتتحدث عن هجمات قبائل التحنو، وصدها من قِبَل ملوك سكان منطقة وادي النيل؛ ونقوش مِسَلاَّت رعمسيس الثاني، التي اكتُشفت في مدينة تانيس، والتي تُشير إلى استعانة رعمسيس الثاني بوحدات عسكرية ليبية تم ضمها للجيش المصري؛ ونقوش معبد الكرنك وعمود القاهرة ولوحة أتريب وأنشودة النصر، وكُلّها تتحدث عن انتصار الملك مرنفتاح (من الأسرة التاسعة عشر) على التحالف الذي يضم: الليبو والقهق والمشوش، وشعوب البحر اليونانية التي تتمثل في خمسة أقوام، وهي: الأَقْوَش Eqwesh والتَّرَش Teresh والشَّردَن Sherden واللُّكَا Luka والشَّكَلَش Shekelesh، ويرى فيهم الباحثون على الترتيب أنهم: الآخيون Achiens والآتروريّون Etrusques والسردانيون Sardes واللُّكِيُّون Lukkas والصقليون Siculis، والذين توجهوا جميعا نحو الدلتا لاحتلالها لغرض الاستقرار بها، وكان يقودهم في هذا الهجوم زعيم قبيلة الليبو مغياي بن داد؛ وورقة بردية هاريس الكبرى، وتتحدث عن هجوم قبائل الليبو على منطقة الدلتا، وسبب الهجوم أن الفرعون أراد أن يفرض على الليبيين ملكا منهم رباه في قصره، ولكن الليبيين رفضوه؛ ونقوش ولوحات معبد رعمسيس الثالث الجنائزي بمدينة هابو الواقعة في طيبة الغربية، وتتحدث عن هجوم قامت به قبيلة المشوش ضد منطقة وادي النيل، وقاد هذا الهجوم زعيم المشوش كپّر وابنه مشّر.

ومن خلال المصادر المصرية القديمة، يمكن تقسيم المجموعات الليبية القديمة التي وردت بهذه النصوص حسب تسلسلها التاريخي، إلى الجماعات الآتية:

التحنـو Tehenu

تقع بلادهم غربي مجرى النيل، ويرى الدكتور أحمد فخري أن بلادهم كانت تمثل الفيوم والواحات ووادي النطرون وبرقة. ويرى فرانسوا شامو بأن بلاد التحنو تشمل كل المناطق الواقعة غربي وادي النيل، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية. وابتداء من الأسرة الفرعونية الخامسة إلى الأسرة الثامنة عشرة، أصبحت كلمة تحنو تدل على ليبيا والليبيين القدماء عامة. ويرى العالم الألماني هولشر أن التحنو كانوا يعيشون في دلتا النيل، ثم طردهم من هذا الإقليم ملوك منطقة الوجه البحري. وقد كان التّحنو سمر اللون مثل المصريين، كما كانوا يختتنون مثلهم.

التّمحـو Temehu

يرى گاردنر بأن بلاد التمحو تمتد من الحدود الغربية لمصر حتى طرابلس والنوبة جنوبا، في حين أنّ أحمد فخري يرى بأن التّمحو كانوا قد تمركزوا في نفس موطن التحنو بعد أن سيطروا عليهم، بالإضافة إلى سيطرتهم على الواحات الخصبة غربي وادي النيل، ويرى أنّهم انتشروا جنوبا حتى دار فور. أما عن أصلهم فقد ظهرت في هذا الموضوع نظريتان: يرى أصحاب النظرية الأولى أن التمحو جاءوا مهاجرين من قارة أوروپا إلى شمال أفريقيا، ثم توغلوا إلى الجنوب، ويرون بأنهم ينحدرون من قبائل الوندال، أو أى جنس شمالي آخر، ويستدلون على ذلك بالسمات التي يمتاز بها التمحو عن بقية الليبيين، مثل: الشعر الأصفر والعيون الزرقاء والبشرة البيضاء، ولكنّه قد ثبت أنّ هذه المجموعة السكانية ذات الشعر الأصفر والبشرة البيضاء، متواجدة في الصحراء الكبرى منذ الألف 6 ق.م، وتتعارض مع ما أكّدته البحوث الأثريّة عن عدم استعمال الإنسان للبحر قبل الألف 5 ق.م، كما أنه ليست هناك أيّة قرائن تفيد بأن المجموعات السكانية الأوروپية وصلت منطقة الصحراء الكبرى كمهاجرين، في أي فترة من فترات التاريخ القديم، وأنّ أول اتصال أوروپي بمنطقة شمال أفريقيا كان في حدود نهاية الألف 2 ق.م، مع وصول المجموعات المعروفة باسم شعوب البحر، الذين حاولوا الاستيطان في منطقة وادي النيل. أما أصحاب النظرية الثانية، فيقولون أن التّمحو هم مواطنون أفريقيون، سلكوا طريقهم، من الجنوب الغربي من الصحراء متجهين نحو الشمال والشمال الشرقي. ويرى بعض العلماء بأن القوم الذين أطلق عليهم العلماء اسم المجموعة (ج)، والذين عثر على آثارهم بمنطقة النوبة، وهم فرع من التمحو، وأنهم ليبيون. ويشر أوريك پيتس أن مخلفاتهم تتفق ومخلفات الليبيين القدماء، حيث يذكر بعض الأدلة، والتي من بينها: الدّليل الأول: لا تختلف جماجم وشعور المجموعة (ج) عن جماجم جنس البحر المتوسط، الذين منهم الليبيون القدماء بصفة عامة ومجموعة التمحو بصفة خاصة؛ الدّليل الثّاني: لقد اتبع أصحاب المجموعة (ج) طريقة للدفن، ونمطاً لبناء المقابر الدائرية، هي نفسها التي عرفت لدى سكان الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا، والتي عرفت باسم الرجم؛ الدّليل الثّالث: تصور الرسومات المنقوشة رجال المجموعة (ج) وهم يرتدون ملابس، هي نفسها التي كانت تميز الليبيين القدماء، الذين تعرّفنا عليهم من خلال الوثائق المصرية القديمة في فترة ما قبل الأسرات وبداية الأسرات، وهي سمات عُرفَت قبل ذلك لدى سكان الصحراء الكبرى؛ الدّليل الرابع: يستعمل رجال المجموعة (ج) سلاح السهم والقوس، وهي من الأسلحة التي عرفت في الصحراء الكبرى قبل أن تعرف لدى أهل النوبة؛ الدّليل الخامس: يؤيد انتماء سكان المجموعة (ج) للتمحو، ما عثر عليه من فخار وقبور في وادي هور، الذي يقع على بعد 400 كلم جنوب غربي الشلال الثالث، ومن خلال المقارنة اتضح أن هذا الفخار يشبه فخار المجموعة (ج). والجدير بالذكر أن هذا الفخار وجد عند طريق هجرة التمحو من موطنهم الأصلي، الذي يراه معظم الباحثين بأنه منطقة الصحراء الكبرى، قبل أن يحل بها الجفاف. وبناء على كل ذلك يمكن الاستنتاج، بأن التمحو، وسكان المجموعة (ج)، وسكان وادي هور كلهم جاءوا من الصحراء الكبرى بعد أن حل بها الجفاف.

ويلاحظ التشابه بين اسم التمحو أو التمهو، والأسم الذي يطلقه الطوارق اليوم على أنفسهم، وهو تاماهاق!

الليبـو (الريبو) Libu (Ribu):

يرى معظم العلماء أن الليبو أو الريبو كانوا يسكنون منطقة برقة الحالية، وربما كانت أراضيهم تمتد نحو الشرق حتى منطقة الواحات، وخاصة واحة سِوَّة، ويرجح أن مجموعتي القهق والإسپت كانتا تعيشان في نفس المنطقة التي تسيطر عليها مجموعات الليبو أو الريبو، وأقدم ذكر لمجموعات الليبو أو الريبو كان في عهد رعمسيس الثاني (فرعون موسى). ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه المجموعات تقوم بدور هام، في تاريخ الصراع بين مصر القديمة والقبائل الليبية القديمة، حيث اشتركوا كقادة في الحروب التي قامت ضد الملك مرنپتاح، واشتركوا أيضا في الحروب التي دارت ضد رعمسيس الثالث، ويعتقد أن اسم الليبو أصبح منذ بداية الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديم، يطلق على كل المنطقة التي تقع إلى الغرب من منطقة وادي النيل، وبالتّالي اختفت أسماء بقية المجموعات الأخرى، وبناء على كل ذلك أصبح هذا الاسم يعني لدى الإغريق: تارة كل المجموعات السكانية التي تقع إلى الغرب من مصر حتى خليج سرت، وتارة أخرى كل سكان شمال أفريقيا، وفى بعض الأحيان القارة الأفريقية بكاملها. ومما يؤيد بروز اسم الليبو واختفاء بقية الأسماء، تلك اللوحة التي عثر عليها منذ مدة، والتي تعود لعهد الملك شيشنوق، وهي تتضمن أسماء الأقوام الليبية، وهى لوحة يطلق عليها اسم: لوحة الأقوام التسعة، ويبدو من خلال هذه اللوحة أن الريبو أو الليبو حلت محل الاسم التقليدي السابق الذي عرفت به القبائل الليبية، وهو التحنو، ونجد وثيقة أخرى تشير إلى الليبو كتسمية عامة لكل المنطقة التي تقع إلى الغرب من مصر، وهي وثيقة تعود لعهد الملك شيشنوق الرابع (763-757 ق.م)، وتشير إلى شخصية ليبية مرموقة تدعى حيتيحنكر، وقد وصفتها تلك الوثيقة بكبير الليبو. ويبدو من خلال هذه الوثائق أن المنطقة ظلت تعرف باسم الليبو طيلة الفترة التي تلي الدولة الحديثة من تاريخ مصر القديم، ويعتقد أنه لهذا السبب أطلق الإغريق على المنطقة التي استعمروها بالجبل الأخضر، اسم ليبيا، وذلك راجع إلى أنها الجزء الوحيد المألوف لديهم من منطقة شمال أفريقيا.

المشـوش Meshwesh:

يرجح الباحثون أن المشوش سكنوا المناطق الشمالية من الصحراء الليبية، ويرى البعض أن ديارهم كانت تمتد غربا حتى المناطق التي تمثل تونس الحالية. وقد رأى بعض العلماء بأن المشوش هم أنفسهم المكسيس (الأمازيغ) الذين أشار إليهم هيرودوت، بأنهم يقيمون إلى الغرب من بحيرة تريتونيس (خليج قابس بتونس). ولكن، مع بداية الأسرة الثامنة عشرة المصرية، بدأ المشوش يتجمعون حول حدود مصر الغربية طلباً للإقامة الدائمة حول دلتا وادي النيل، ومن خلال الرجوع إلى الوثائق التي تشير إلى الحروب التي دارت بينهم وبين المصريين، يتضح أن المشوش كانوا يرغبون في الاستيطان في مصر، وقد صرحوا بذلك بأنفسهم، ورغم أنهم وحلفاءهم الليبو فشلوا في الوصول إلى دلتا النيل عن طريق الحرب، إلا أنهم استطاعوا الاستقرار في الكثير من مناطق مصر، سواء في حاميات الحدود، أو بانضمامهم إلى الجيش كجنود مرتزقة. وقد كان الجيش المصري ابتداءً من الأسرة العشرين يتكون من الليبيين دون سواهم، وقد كان ملوك مصر في ذلك الوقت يقدمون لهؤلاء الجنود هبات من الأرض كأجور لهم، مما أدى إلى تكون جاليات عسكرية، كانت القيادة فيها لليبيين دون سواهم، وقد وصل بعض العناصر من المشوش إلى مناصب هامة في البلاط الملكي، وإلى مراكز القيادة في الجيش، وأن بعضهم مثل شيشنوق استطاع أن يتولى الحكم في بعض مناطق مصر، حيث جمع بين يديه السلطتين المدنية والدينية، وهكذا وبسهولة تامة استطاع شيشنوق أن يستولى على الحكم في مصر بمجرد وفاة آخر ملوك الأسرة الواحدة والعشرين، وبالتالي استطاع المشوش تكوين الأسرة الثانية والعشرين التي حكمت مصر قرابة قرنين من الزمان.

لقد كانت قبائل التحنو والتمحو والليبو والمشوش من القبائل اللّيبية (الأمازيغية) الكبيرة الواسعة الانتشار، والتي لعبت دورا بارزا في تطورات الأحداث في ذلك الوقت، ولذلك نجدها ترد في النصوص المصرية القديمة بشيء من التفصيل، في حين وردت في هذه النّصوص أسماء قبائل أخرى ثانوية الدور، منها: الأسبت والقبت والثكتن والبقن والكيكش والسبد والقهق.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لواتا الليبيون والإغريق والبيزنط والرومان

وكما أثر الليبيون (وهو اسم قبيلة لواتا، الذي أخذه اليونانيون عن المصريين، وعمموه على كل البربر الأمازيغ تقريبا) في المصريين القدماء في الديانة، فقد أثروا في الإغريق كذلك وبشكل ملفت للانتباه. فشخصيات وأبطال الميثولوجيا (علم الأساطير) اليونانية كلهم ذوو أصول ليبية (أي أمازيغية)، مع تغير في أسماءها لتباعد لغتي الأمتين: فالإلهة اليونانية المشهورة آثيناAthéna ، أصلها من بحيرة تريتون في ليبيا القديمة، وبحيرة تريتون هي خليج قابس ومنطقة الشطوط (الجريد ومروانة والغرسة وملغيغ) الممتدّة في الجزائر وتونس حاليا. واسم آثينا الكامل هو: آثينا تريتوجينيّا Athéna Tritogénéia، وهي في الميثولوجيا ابنة زيوس Zeus وميتيسMétis ، وحليفة هرقلHércule وأوليسUlysse في رحلتهما. ويقول المؤرخ القديم ديودور Diodoreالصقلي أن آثينا قبل أن تصير إلهة كانت ملكة ليبية (بربرية) على مملكة التريتونيد، التي تمتد من الآهاگار إلى مصر. وذكر أن ميرينا Myrinaملكة النساء الأمازونيات، بعثت جيشا قوامه خمسون ألف مقاتل ضد مملكة ليبيا، فقتلوا الرجال وحولوا النساء والأطفال إلى عبيد. ويقول المؤرخ اليوناني القديم، أبو التاريخ، هيرودوت أن: آثينا ولدت في أفريقيا (بلاد الآفري: بني يفرن بتونس)، وأنّ ثقافة عبادة آثينا منتشرة عند نساء قبائل الماكيلMachyles والأوسAuses وتتمثل في طقوس تقام يوم العيد على ضفاف بحيرة تريتون في خليج السرت بقابس إهـ. وللعلم فإنّ آثينا هي نفسها تانيت، إلهة الغزل والنسيج عند البربر والقرطاجيين. ونذكر أيضا من شخصيّات الميثولوجيا: النساء الأمازونيات. ذكرهن المؤرخ ديودور الصقلي، وقال أنهن كن يعشن في الأجزاءِ الغربية من ليبيا، حول جزيرة (هسبيرا) التي كانت تقع في سبخة تريتونس (شط الجريد)، وأنّهنّ كنّ يقمن بالخدمة العسكرية ويشتركن في الحروب، بينما يبقى الرجال في المنازل يربون الأطفال، وقال أنّهن سُمّين أمازونات، لأن كلمة Amazon تعني باللسان اليوناني: المنزوعة الثدي، وأنّهن كن يقمن بغارات على الأطلانطيين، القوم المتمدنين ذوي المدنٍ العظيمة والبلاد الزاهرة. ومن شخصيات الميثولوجيا أيضا: الإله أَنتي Antée، العملاق الأفريقي، الذي نصرت الإلهة أثينا هرقل ضده. وأَنتي هو ابن پوسيدون Poséidon إله البحر والأرض، وكانت زوجته تدعى تينجي Tingi، وهي التي أطلق اسمها على مدينة طنجا المغربيّة، حيث يوجد في هذه المدينة إلى اليوم، ضريح يسمى: مصورةMçora، وموقعه بينها وبين مدينة العرائش، ويعود للعملاق آنتي. وللعلم، فإنّ پوسيدون هو ابن كرونوس Cronos وريا Rhéa وأخ زيوس، ويقول عنه المؤرخ هيرودوت: إن الليبيين هم الذين عرفوا الإغريق بهذا الإله. ومن شخصيات الميثولوجيا أيضا: الإله آطلاس Atlas، وهو ابن جاپت Japet وكليمني Clymené، وأخ مينوئيتيوس Ménoétios وپروميتي Prométhée وإيپيميتي Epimetée العمالقة، الذين يطلق عليهم اسم: الرجال الطائرون، والمنتمون لعرق الآلهة، أي هم بشر مؤلهون، معبودون من دون الله. وكان الإله آطلاس قد عوقب من طرف عمّه كبير الآلهة زيوس، بأن يحمل القبة السماوية على ظهره. وتقول رواية أخرى أن آطلاس هو ابن أورانوس Ouranos وأخ كرونوس Cronos، وأن پيرسي Persée بعد قتله گورگو Gorgo، قام بتحويل آطلاس إلى جبل. وكان لآطلاس هذا أولاد، انحدرت منهم شعوب الپيليين Pléiades والهيويين Hyades، من زوجته پليّون Pléione، وشعب الهيسپيريين Hespérides، من زوجته هيسپيريس Hespéris. وللعلم فإن اسم آطلاس أطلقه اليونانيون منذ القديم على جبال شمال أفريقيا، وعن هذا الجبل يقول المؤرخ هيرودوت: إنه ضيق المسالك، وانحداري من جميع جهاته، وشاهق لدرجة أنه لا يمكن رؤية قممه، لأن السحب لا تنقشع عنها صيفا وشتاءا، ولهذا يسميه السكان المحليون بعمود السماء إهـ. ويقول المؤرخ پلين القديمPline l’encien ، في تاريخه حول شمال أفريقيا، عن جبال الأطلس: من وسط الرمال تمتد إلى السماء، شديدة الإنحدار، صخريّة من الجهة المقابلة للمحيط الذي أخذ اسمها (أطلس)، ولكنها في نفس الوقت ظليلة ومكسوة بالأشجار من الجهة المقابلة لأفريقيا. والسكان هنا مختفون عن الأنظار طول النهار، لكن هذه الجبال خلال الليل تتلألأ بآلاف النيران، وتمتلئ بألعاب قبائل الساتير Satyrs والإيگِيپان Egypans، وبصدى موسيقى النّايات والمزامير وقرع الطبول والصنج . إن اسم أطلس له علاقة مع جزيرة أطلنطس الأسطورية التي غرقت في المحيط. ومن خلال پلاتون (أفلاطون)Platon ، فهي تقع خلف أعمدة هرقل (الإسم اليوناني لمضيق جبل طارق)، وقريبة من السواحل المغربية. وجاء في الأسطورة، أنّ الآلهة قاموا باقتسام الأرض فيما بينهم، وأنّ جزيرة أطلنطس كانت من نصيب پوسيدون إله البحر، وكانت تعيش عليها فتاة رائعة الجمال، تدعى: كليتو، وكان پوسيدون شغوفا بها، ثم أخذها لنفسه، وقام ببناء سور حول الجزيرة، وأحاطه بحفر من الماء، وأنجبت له كليتوس خمسة توائم، كان آطلاس أكبرهم، وقد أعطاه أبوه پوسيدون الحكم على الجزيرة. وكانت هذه الجزيرة التي حملت اسمه، غنية جدا بالمواد الأولية، كالذهب والفضة ومادة أخرى تدعى: أوريكلاكoriclaque تلمع مثل النار، ولا توجد في أيّ مكان آخر من الأرض. وقد أسّس أحفاد أطلس مدنا جميلة وكبيرة، ذات قنوات ضخمة وقصور رائعة، وقرروا السيطرة على العالم، لكن الآثينيين هزموهم منذ تسعة آلاف عام قبل آفلاطون، ثم دمّرت الجزيرة نهائيا بكارثة أرضية. ومنذ عام 1545م أعطى الجغرافي ماركاتور اسم أطلس، لأول مصور خرائط حديث، ووضع على غلافه صورة لرجل حاملا القبة السماوية على ظهره. ويعتقد أن اسم آطلاس قد حرّفه اليونانيون من اسم آذرار، ومعناه الجبل، ومن لغتهم دخل هذا المصطلح البربري الأصل إلى كافة لغات العالم. كما أن المؤرخين المسلمين في القرون الوسطى مثل ابن خلدون، قد أطلقوا على جبال الأطلس اسم: دَرَن، والتي هي تحريف أيضا لكلمة: إِذرارن، أو إِدرارن، التي هي جمع أَذرار، أو أدرار، وتعني: الجبل.

تبتدئ مصادر الإغريق حول منطقة شمال إفريقيا من أول استقرارهم في إقليم سيرينايكا (برقة)، حتى الفتح العربي الإسلامي في (القرن 7م). وقد اهتم كثير من الكتاب والمؤرخين والجغرافيين والفلاسفة بهذا الموضوع. ومن أشهر هؤلاء: هيرودوت (484-424 ق.م)، وكتابه: التاريخ؛ وپلين الأكبر (القديم) (23-79م)، وكتابه: التاريخ الطبيعي؛ وديودوروس الصقلي (40م)، وكتابه: المكتبة التاريخية؛ وپروكوپيوس القيصري (پروكوپ)، وكتاباه: العمائر، والحروب، وقد وُلد پروكوپ في قيصرية بفلسطين، في نهاية القرن 5م، وتوفي في عام 562م؛ وڤلاڤيوس كريسكونيوس كوريپوس (كوريب) (القرن 6م)، الذي تنسب إليه ملحمتان شعريتان: الأولى حول الحرب الليبية الرومانية التي دارت أحداثها في الفترة ما بين 546 -548م، والثانية في مدح الإمبراطور (جوستين الثاني) خلال عامي 566م و567م، وينتسب الشّاعر كوريپوس إلى منطقة المغرب القديم من حيث الأصل والمولد، ويفهم ذلك من خلال لقبه: الأفريقي. إن هذه المصادر الكتابية التى دونت من قبل كتاب إغريق ورومان وبيزنطيين، كـانت هى الأخرى من جانب واحد إلا أن هذه المصادر دعمت أراء هؤلاء المؤرخين عن طريق المكتشفات الأثرية التى عثر عليها حديثاً، كالنقوش الكتابية، وبعض بقايا الإنسان خاصة البقايا الفنية كالعمارة والنحت والفخار.

وأهم التجمعات البشرية اللّيبيّة التي ذكرها هؤلاء المؤرخون هي:

الآديرماخيـد Adyrmakhides

ومعنى اسمهم باليونانية: أهل الجبل، وكان هيرودوت أول من ذكرهم، حيث ذكر أنهم يقيمون قريبا جدا من مصر. وقد أخذوا عن المصريين أغلب عاداتهم، باستثناء ملابسهم التي كانت لا تختلف عن بقية الليبيين. وذكر سكيلاكس الذي جاء بعد هيرودوت، أن الصفة المصرية لا تزال غالبة عليهم. وفي (القرن 1م) و(القرن 2م) أشار كل من سترابون وپلين الأكبر وبطلميوس إلى هذه القبيلة، ولكن باختصار شديد. المـاس Maces: ذكر هيرودوت أنهم يقيمون على الساحل الغربي لخليج لسرت الكبير.

الگيليگـام Ghiligammes:

يقول هيرودوت بأن أراضيهم تلي أراضي الآديرماخيد، وتمتد نحو الشرق حتى جزيرة إفروديسياس (جزيرة كرسة) إلى الغرب من مدينة درنة الحالية. وقد اختفى اسم هذه القبيلة عند كل الكّتاب اللاحقين.

الأسبيسـت Asbystes:

أشار إليهم هيرودوت، وذكر بأن أراضيهم تقع غربي قبيلة الگيليگام إلى الداخل من مدينة قورينائيا (برقة)، لأن المناطق الساحلية يسيطر عليها السيرينايك Cyrénaiques (القورينائيّون: البرقيون)، وأشار إلى أنّهم يشتهرون بالعربات التي تجرها أربعة خيول. وقد ورد أسم هذه القبيلة أيضاً لدى سترابون وبطلميوس.

المارماريـد Marmarides:

أول إشارة لهم كانت عند سكيلاكس، الذي ذكر أن أراضيهم تقع غربي أراضي الآديرماخيد، وأنها تضم كل الأراضي الداخلية لمدينة برقة، وتمتد حتى خليج سرت. وقد ازدادت أراضيهم اتساعاً في العصر الروماني نحو الشرق، ووصلت إلى مرسى مطروح. ورغم أن اسم المارماريد ظهر لأول مرة عند سكيلاكس، إلا أنه ظل حيا حتى قبيل الفتح الإسلامي للمنطقة، فقد ذكرت هذه القبيلة لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين مثل: سترابون وديودور الصقلي وپلين الأكبر وبطلميوس (پتوليميس)، ولشهرة هذه القبيلة سميت المنطقة فيما بعد باسم مارماريكا.

الأوسخيـس Auskhises:

أشار هيرودوت بأنّ أراضيهم تقع في المناطق الداخلية من مدينة برقة، وتمتد غربا حتى شاطئ مدينة يوسپيريدس (بنغازي)، وأنه عند منتصف أراضيهم تقع أراضي قبيلة الپكاليس الصغيرة، والتي تتصل أراضيها بالبحر عند مدينة توخيرا (توكرة). ولم يرد ذكر لهذه القبيلة لدى الكتاب الكلاسيكيين، ما عدا ديودور الصقلي.

الناسامـون Nasamons والپسيـل Psylles:

ذكر هيرودوت أن مواطن الناسامون تقع غربي مواطن الأوسخيس، أي على الساحل الشرقي لخليج سرت، وذكر أن جدهم يدعى: ناسامون بن گاراماس، أي أنهم ينحدرون مباشرة من شعب الگارامانت العريق، وأن اسمهم باليونانية يعني: وسط الرمال، وأنهم معتادون على ترك قطعانهم في الصيف بجوار البحر، ويصعدون نحو موقع يقال له أوجلة (ما زالت إلى اليوم) ليجنوا التمر من النخيل. وقد كانت قبيلة النسامون ما تزال موجودة بموطنها حول خليج سرت طوال العصور القديمة، حيث ورد ذكرها لدى هيرودوت وسكيلاكس وسترابون وديودور الصقلي وپلين الأكبر وبطلميوس وغيرهم. وكان الرومان يحسبون ألف حساب لهذه القبيلة القوية التي تتمركز حول خليج سرت، والتي كانت تضايقهم بالتعرض لطرق التجارة ومهاجمة السفن وإغراقها عند السواحل. أما قبيلة الپسيل فتجاور مواطنهم مواطن النّسامون من الغرب، وتمتد على خليج سرت، ثم دفعهم عنها النّاسامون، فتزحزح قسم منهم إلى ناحيّة الشرق، واندمج فيهم القسم الآخر. وتذكر الروايات رجلا من الپسيل، قام بانتزاع السم من جسد كليوپاترا ملكة مصر.

الماخـلي Makhlyes:

تقع أراضيهم غربي قبيلة النسامون، وتنتهي عند نهر كينيبس (وادي كعام)، وقد أغرت هذه المنطقة أحد المغامرين الإغريق، فقد قرّر تأسيس مستوطنة بها. وهذا المغامر هو دوريوس ابن ملك أسبارطة. وذكر هيرودوت أن القرطاجيين بعد ثلاث سنوات من تأسيس هذه المستعمرة، استطاعوا بمساعدة قبيلة الماخلي من طرد هذا المغامر الإغريقي.

الگيندان Gindanes:

ذكر هيرودوت أنّ مواطنهم تمتدّ غربي مواطن الماس، الآتي ذكرهم لاحقا.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

آكلو زهر اللوتس (اللّوطوفـاگ Lotophages):

تقع أراضيهم غربي قبيلة الكيندان، وهم فرقة منهم، وتقع مواطنهم في جزيرة Ménix (جربة) وساحل قابس المقابل لها، وكان أول ذكر لهذه القبيلة لدى الشّاعر اليوناني هوميروس، ثم وردت فيما بعد لدى هيرودوت وسكيلاكس وپلين الأكبر وبطلميوس. وذكر هيرودوت أنهم يصنعون من ثمار اللوتس خمرا يشربونها. وذكر Philistos le Syracusain أن قبيلة الإيريبيين Érébides تنحدر منهم.

الگارامـانت Garamantes:

ويُسّمّون باسم آخر هو: گامفازانت Gamphazantes، واسمهم مشتق من مقطعين: المقطع الأول، وهو اسم موطنهم Phazanie، وهو حوض فزان في ليبيا حاليا، والمقطع الثّاني: اسم عاصمتهم Garama، وهي واحة جرمة إحدى واحات هذا الإقليم حالياً. وكان هيرودوت أول من أشار إليهم، وذكر أنّ مواطنهم تقع على مسيرة عشرة أيام غربي أوجلة، وعلى مسيرة ثلاثين يوما جنوبي مواطن آكلي اللوتس، وذكر أنهم يمتازون بكثرة أعدادهم، وأنهم كانوا يَمتلكون عربات تُجرّ بأربعة خيول، وأنّهُم كانوا يطاردون بها سكان الكهوف الإثيوپيين، وكانوا يضعون التراب على الملح ثم يزرعونه، وكانت لهم ثيران ترعى القهقرى، بسبب انحناء قرونها إلى الأمام. وقد ذكرهم أيضا سترابون وپلين الأكبر، وأشار الأخير بأن أراضيهم تقع على بعد اثني عشرة يوما من أوجلة، كما أشار إلى الصراع الذي كان يدور بينهم وبين الرومان، الذين أخضعوا فيما بعد عاصمتهم جرمة.

الزوفـون Zuphônes والأصفوديل Asphodélodes:

ذكرهم ديودور الصقلي، نقلا عن الرحالة Agathocle، وذكر أنهم سمر البشرة ويشبهون الإثيوبيين، وأنّ الأوّلين يقيمون في وسط تونس، بينما يقيم الأخيرون في شمال غرب تونس.

الأفريقيـون (النوميديون) Africains (Numides):

ذكر المؤرخ اليوناني Polybe، استناداً إلى نقش ثنائي اللغة، تركه القائد القرطاجي هنيبعل في إيطاليا، قائمة للقبائل الأفريقية التي شاركت في حصار روما المشهور، وهي: اللارجات Lergètes والماصيل Massyles والماصيصيل Masæsyles والماكوا Maccoiens والمور (الموروس) Maurusiens. وخلال ثورة المرتزقة والحروب البونية، وردت لائحة لأسماء شعوب أخرى من النوميد، مثل: الميكاتان Micatanes والأرياس Aréacides الذين كان قائدهم نائبا لهنيبعل على هادرومات (حضرموت)، المدينة القرطاجية القديمة، ومثل: الصوفاص Sophaces، ذكرهم الكاتب Alexandre Polyhistor في (القرن 1ق.م)، خلال رحلة صحبته مع المؤرخ اليهودي Cléodème.

الجيتـول Gétules:

وهم إحدى المجموعات الليبية الكبرى التي ذكرها المؤرخون الكلاسيكيون، وهي عبارة عن مجموعة كبيرة من القبائل، كانت منتشرة جنوبي الممتلكات القرطاجية ومملكة نوميديا، وامتدّت مواطنها جنوبا حتى أطراف الصحراء. وكان المؤرخ اللاتيني سالوست، الذي عاش (القرن 1ق.م)، أول من أشار إليهم، ثم توالى ذكرهم فيما بعد لدى معظم الكتاب الكلاسيكيين، مثل: سترابون وپلين الأكبر وپروكوپ القيصري. وربما قد دخل التحريف على اسمهم، عندما نقله العرب من اللغتين اليونانية واللاتينية إلى اللغة العربية، حيث كُتب مرة بصورة جيتول، وكتب مرة أخرى بصورة عربية صرفة وهي جدالة. وكان الجيتول فرقتان، تمتدّ مواطن السّود منهم Mélano-Gétules إلى الجنوب، فلعلّهم هؤلاء يكونون من نتاج زواج الجيتول بالزنزج الإثيوبيين، السكان القدماء للصحراء.

الـمـور Maures:

تقع أراضيهم ما بين المحيط الأطلسي غربا ووادي مولوكا (ملوية) شرقا، وقد أعطى اليهودي Bochart فرضية مقبولة حول أصل هذه التسمية حيث قال: إن المور مشتقة من: Maouharïm، ومعناها باللغة القرطاجية الفينيقية: سكان المناطق الغربية. وهذه الكلمة قريبة من الكلمة العربية: مغرب. وقد اشتُقّ اسم موريتانيا أو موروسيا من اسم هذه القبيلة، ثم توالى ذكر المور منذ نهاية (القرن 5ق.م) وحتى نهاية العصور القديمة، حيث أشير إليهم خلال حملة القرطاجيين ضد الإغريق في صقلية عام 406 ق.م، وأثناء محاولة الغزو الروماني لشمال أفريقيا عام 256 ق.م، وأثناء الحرب البونية الثانية، حيث كانوا ضمن جيش هانيبال في معركة زاما، وأشار إليهم المؤرخ اللاتيني سالوست عند حديثه عن السكان الأوائل لأفريقيا، وظل اسم المور حيا حتى العهد البيزنطي، حيث أشار إليهم المؤرخ البيزنطي پروكوپ، عند حديثه عن تغلبهم على الوندال. والجدير بالذكر أن پروكوپ كان يسميهم أحياناً باسم المور، وأحياناً أخرى باسم لواتا، وأشار إليهم عند كلامه عن القائد الليبي كاباون، الذي انتصر على الوندال، وأشار إلى أنّه كان يحكم مور طرابلس، التي كانت تعنى في ذلك الوقت إقليم المدن الثلاث (لبده وأويا وصبراثا).

الأستوريـونAsturiens :

وصلتنا أخبار هذه القبيلة أثناء عهد الإمبراطورية الرومانية المتأخرة، وذلك عند الإشارة إلى الهجمات التى كانت تقوم بها هذه القبيلة ضد المدن التى يسيطر عليها الرومان، سواء على المدن الثلاث ( لبدة وأويا وصبراتة)، أو على المدن الخمس (قورينا وبرقة وبطوليمايس وتوخيرا ويوسبيريدس)، أو من خلال التحالفات التى كانت تقيمها هذه القبيلة مع القبائل الليبية الأخرى، ضد القوات البيزنطية المتمركزة في قرطاجة والمدن التى تقع إلى الشرق والغرب من هذه المدينة. وليست لدينا الكثير من المعلومات عن أصل هذه القبيلة، ومصادرنا محدودة تحصلنا بعضها عن طريق أميانوس ماركيلينوس، الذي عاش في حدود الفترة ما بين 330م و400م، وتحصلنا على البعض الآخر عن طريق الشّاعر كوريپوس من خلال ملحمته الشعرية: الحرب الليبية الرومانية. ويرى البعض بأن هذه القبيلة قدمت من الواحات الشرقية، ثم استقرت خلال العهد الرومانى المتأخر بمنطقة خليج سرت، وتذكر المصادر الرومانية المتأخرة أن قبيلة الأستوريين هاجمت مدينة لبدة ثلاث مرات متتالية، وهو الأمر الذى أدى إلى تدمير معظم منشآت المدينة، وكانت قوة هذه القبيلة، تكمن في استعمال هذه القبيلة للجمل في غاراتها، والجدير بالذكر أن الرومان رفضوا مد العون إلى مدينة لبدة الكبرى، وحتى عندما وافقوا على نجدة المدينة، كان من أهم شروطهم تزويدهم بكميات ضخمة من المؤن وأربعة آلاف جمل. ويُحدّثنا كوريپوس أنّ هذه القبيلة كانت كثيرة العدد والعدة، وأنّها معروفة بشجاعتها وتخطيطها للحروب، وأنّهم يقومون بتجميع اللإبل في صفوف متماسكة على شكل حواجز ويحفرون الخنادق، ثم يضعون مختلف قطعان الماشية وسط حلقة، وذلك لكي يوقعوا بالأعداء في شراك هذه الحواجز، وبالتالي يمكن سحقهم.

التروگلوديـت Troglodytes:

تقع مواطنهم غربي الپسيل والنّاسامون في الجبال الممتدّة على طول ساحل طرابلس جنوبا، وكانوا في صراع دائم مع جيرانهم الگارامانت جنوبا.

الماكسيَـس Maxyes والآوس Aoeses والزاواكا Zaouekès والگيزانـت Ghizantes:

كانت مواطنهم تقع شمالي بحيرة تريتون، جنوبي أوراس، والسواحل المقابلة لجزيرة قرقنة التونسية. فالزاواك هم Arzugues عند كوريپوس، والذين أعطوا اسمهم فيما بعد لمنطقة Zeugitane في تونس، ويشبه اسمهم كثيرا اسم زواغة، الذين ظهروا في مكانهم فيما بعد خلال الفتح الإسلامي. أما الگيزانت فهم نفسهم Byzante، الذين أعطوا اسمهم لمنطقة Byzacène جنوب تونس. في حين أن ماكسيس هو الاسم اليوناني للأمازيغ.

الباكـوات Bacuates والمازيـك Maziques:

كانت مواطُنُهم في سهول ريف المغرب الأقصى، بين طنجة ووليلي (ڤوليبيليس). ويلاحظ التشابه بين اسم الباكوات، واسم قبيلة برغواطة، التي ذكرتها المصادر الإسلاميّة بعد ذلك، في حين أنّ طائفة من المؤرخين يذهبون إلى أنّ اسم: مازيك، هو نفسه اسم: مازيغ.