جوزيف لاقو

جوزيف لاقو

اللواء جوزيف لاقو (21 نوفمبر 1931 - ) عسكري وسياسي سوداني جنوبي وأحد زعماء حركة إنيانيا-1 الانفصالية في جنوب السودان.

ولد جوزيف لاقو في 21 نوفمبر 1931 م بالاقليم الجنوبي هو لواء معاش ، ضابط سابق بالجيش ورجل دولة تدرج في تعليمه حتى تخرج من الكلية الحربية السودانية بأم درمان 1960م.

عمل ضابطاً بالقوات المسلحة السودانية في الفترة من (1960-1963 م ) ثم التحق بجيش التمرد الجنوبي "إنيانيا" . وقد كان قائداً لجيش الانانيا في عام 1969م . ثم عاد من التمرد ووقع اتفاقية أديس أبابا لاحلال السلام في الجنوب في 3 مارس 1972م وعاد إلى البلاد حيث تمت ترقيته لرتبة اللواء وعين قائداً للقيادة الجنوبية في 1974م .

وهو أول شخصية جنوبية تتولى منصب نائب رئيس الجمهورية في سبعينات القرن الماضي بموجب اتفاق أديس أبابا الذي أوقف الحرب بين الشمال والجنوب في حينها. ثم رئيساً للمجلس التنفيذي الانتقالي العالي للاقليم الجنوبي. تم تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية في الفترة من 1980 وحتى 1985م.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السيرة الذاتية

ذهبت الى يوغندا هرباً بدلاً من أذهب إليها في مهمة خاصة وأنضممت للذين كنت سأكلف بمراقبتهم رسالة رئيس حزب سانو التى بعث بها إلى من الخارج عجلت قرارى بترك الجيش والهروب بدأنا العمل في الجناح العسكرى لحزب سانو باسم المقاتلين من أجل حرية سودان الوحدة وتحول إلى «أنيانيا» وتعنى «سم الأفعى» توقفنا في الحلقة الماضية عند الحوار الذى دار بين الملازم جوزيف لاقو وضابط الشرطة في شرق الاستوائية الذى ابلغه برغبة مسؤول القيادة في ابتعاثه في مهمة خاصة في شمال يوغندا وعرفنا ماهية تلك المهمة من هم المطلوب متابعتهم: يقول الملازم حينها جوزيف لاقو لقد علمت فيما بعد ان الاشخاص المطلوب متابعتهم هم:

  • الأب ساترلينو لوهير نائب برلمانى هرب من الارسالية الكاثوليكية في ياى
  • جوزيف أدهو برلمانى سابق عاد للعمل في التدريس
  • بانكر ازيع اوشيتق برلمانى سابق وموظف سابق في القسم التجارى بادارة مشاريع الاستوائية.
  • ناثانييل أويت برلمانى سابق وضابط صف سابق في فرقة الاستوائية المحلولة.
  • وليام دينق نيال مساعد مفتش مركز

ويبدو ان تخطيطهم في الهروب كان محكماً حيث خرجوا جميعهم في يوم واحد «30/12/1960م»


التغيير والكشف عن الحالة الإجتماعية

الفترة ما بين يناير وفبراير كمال يقول هى فترة تبديل الكتائب وقد اقتضت تلك التبديلات ان نذهب الى القيادة الشمالية في شندى لذلك شعرت وقتها بضرورة الكشف عن حالتى الإجتماعية، رغبته وشعوره بالحاجة الى زوجته واطفاله بجواره جعله يقف أمام الكولونيل جمال الدين عبد الرحمن الضابط الثانى في قيادة الكتيبة والذى جاء الى جوبا للإشراف على تحركهم الى شندى وقف أمامه وقال له بكل شجاعة «سيدى، اجد نفسى مضطراً لابلاغكم بأننى متزوج منذ فترة طويلة وان أسرتى تشمل طفلين وأرغب في سفرهم معى للشمال». كان حديثه مفاجأة للضابط الذى سأله بتعجب واستغراب متى تزوجت وانجبت؟ فرد بصوت مضطرب «لقد زوجنى والدى وانا طالب في المدرسة وهو تقليد معروف في قبيلتنا لذلك لم استطع مقاومة رغبته». وما كان من الكولونيل جمال إلا ان طلب منه الاسراع في احضار زوجته واطفاله ومنحه اسبوعاً لتجهيز احواله واسرته للسفر.

عام بأكمله أمضاه في شندى واسرته بجانبه وبعد انقضاء العام يعود الى جوبا في إجازة ويعود منها تاركاً جوليانا هذه المرة واطفالها هناك حيث كانت على وشك وضوع مولود جديد في الأسرة يحمل الرقم الرابع من جوبا الى الخرطوم ومنها الى شندى التى ما ان وصلت تم ابلاغه باختياره لحضور كورس صغار الضباط في مدرسة المشاة بجبيت وما ان انهى الكورس وعاد الى وادى حلفا ليعمل على ترتيب سفر اسرته بعد أن أمضت مولودته الجديدة «أليمه» ثلاثة أشهر من ميلادها وعندما وصل الى شندى كانت مفاجأة أخري تنتظره فقد تم استدعاؤه الى مكتب الكولونيل صلاح عبد الماجد ويقول أنه قد قابل هذا الاستدعاء بقلق شديد وذلك لأن الكولونيل صلاح كما يقول ايضاً كان الجنوبيون يتهمونه بأنه تسبب في أحداث الجنوب عندما اطلق النار على سائقه كما أنه معروف بتشدده وصعوبته.

ولكن ماذا حدث في مكتبه يقول أنه عندما التقاه وجده شخصاً لطيفاً ودوداً وكانت المفاجأة ان أخبره باختياره لكورس الشرطة العسكرية في بريطانيا وسوف يسافر الى المملكة المتحدة في اغسطس القادم.

الهروب الى يوغندا بدلاً من الذهاب الى بريطانيا

هذه الفترة أطلق عليها كما جاء في الفصل الرابع من مذكراته في الباب الثانى «سنوات المغامرة» وها هى وجهته تتجه الى يوغندا هرباً بدلاً من السفر الى بريطانيا للدراسة في كورس الشرطة العسكرية الذى تم اختياره له يقول لقد وصلت الى جوبا بعد ان منحت اجازتى السنوية في مايو 1963م بأمل العودة والسفر الى بريطانيا وفى جوبا كان الوضع السياسى يتميز بالتوتر والاضطراب فقد عمل مدير مديرية الاستوائية على تطبيق قانون الارساليات لسنة 1962م بقوة وصرامة وعمل على مطاردة ومضايقة السياسيين وأدى ذلك الى تحرك الطلاب ودخول مدرستى رمبيك وجوبا التجارية في اضراب عن الدراسة. وبعد حوار دار بينه واحد الضباط وصفه بالتعالى والعنجهية قال أنه بدأ يشعر بأن حماسه للقوات المسلحة قد تراجع وقليلاً قليلاً يقر بأنه أصبح يتعاطف مع السياسيين الجنوبيين الذين هربوا الى الخارج، حمل كل تلك المشاعر والعواطف وهو في طريقه الى أهله وتشاء ظروف هذه الرحلة الى قطع صلته بالجيش بعد خدمة امتدت تسع سنوات ونصف ووصل إلى أهله ولم يجد اخوانه الصغار لانهم هربوا الى يوغندا مع عدد من طلاب المدارس إستجابة لنداءات السياسيين الجنوبيين في المنفى.

رسالة من رئيس حزب سانو

بعد أسبوعين من وصوله الى أهله جاءه أخوه وليم من معسكر يومبو في يوغندا متخفياً عبر الحدود وهو يحمل رسالة له من جوزيف أدوهو البرلمانى السابق الذى يقيم بالخارج وقد كان وقتها رئيساً للإتحاد الوطنى الافريقى السودانى «سانو» وهو حزب سياسى كونه السياسيون الجنوبيون المقيمون في كمبالا. وها هو يطالع الرسالة ويقرأ فيها «لا نشك في اخلاصكم ووطنيتكم ونعلم انكم ستعملون في سبيل قضية الجنوب أينما كنتم.. ولكننا نرى ان مكانكم معنا ونأمل ان تلتحق بنا فوراً». بعد أن قرأ تلك الرسالة قال أنه لم ينم ليلته تلك ولا افراد اسرته لم يعرفوا طعم النوم وكان عليه ان يقرر في هذا الأمر الخطير الذى أضحى يزعجه ويزعج من تبقى معه من أفراد اسرته. وانه كما يقول لم يكن يعرف باعث الرسالة جوزيف أدوهو بشكل كافٍ يجعله يتعامل مع عبارات رسالته تلك بالثقة وكل ما يعرفه عنه أنه سياسى كانت له افكار تعجبه خاصة ما يتعلق باهتماماته بمستقبل الجنوب. أعاد قراءة تلك الرسالة عدة مرات وبعد ذلك أصبح يقلب الأمر في رأسه وكان ان استشار أحد كبار المنطقة يدعى موسى لوقبا الذى كان له ابن قد هرب ايضاً للخارج وقد شجعه موسى هذا وحرضه على الهرب بعد ان همس في أذنه قائلاً: «اعتقد ان هؤلاء السياسيين يفكرون في إنشاء جيش في المنفى ويريدونك لقيادته». ويقول ان تشجيع موسى لى قد ضاعف من المبررات الدافعة في اتجاه لحاقى بالسياسيين الجنوبيين في الخارج وبدأت اخطط لرحلتى المرتقبة وتوصلت الى إننا يجب ان نتحرك قبيل طلوع الفجر حتى نصل الحدود اليوغندية عند شروق الشمس. وبدأ الرحلة الى المصير المجهول يرافقه فيها إخوته الثلاثة وزوجته جوليانا واطفاله الثلاثة مشياً على الأقدام وقبل ان يحط بهم الرحال في بيبيا وهى محطة تجارية على بعد أربعة أميال من الحدول لحق بهم والده على ظهر دراجة وواصلوا السير جميعاً الى أتياك حيث ركبوا من هناك بصاً الى داخل يوغندا ووصلوا الى قولو المدينة الرئيسية في شمال يوغندا وهناك اتجهوا الى منزل حبيبو وهو وطنى جنوبى هرب الى يوغندا العام 1955م بعد تمرد توريت وصلوا منزله بارشاد وليم وزوجته اى «حبيبو» ابنة عم جوليانا زوجة جوزيف لاقو. راديو الغابة يذيع النباء وهم في منزل «حبيبو» يزيع راديو الغابة خبر وصول جوزيف لاقو الى ترك القوات المسلحة وانضم لحركة تحرير الجنوب. وأعلن الراديو انه سيغادر الى كمبالا صباحاً ويقول انه حينما جاء الى محطة البص الذى سيسافر به الى كمبالا وجد اعداداً كبيرة من الجنوبيين في استقبالهم وانهم كانوا ينظرون له كضابط متدرب يمكنه ان يكون قيادياً متميزاً في الجانب العسكرى للحركة.

اللقاء مع أدوهو

فى نكاقوا في ضواحى كمبالا كان اللقاء مع زعيم حزب سانو الذى قام بتنويره حول اوضاعهم وقد بدا له عند ذلك اللقاء كما قال رجلاً هادئاً ومتماسكاً خجولاً ومتواضعاً اما التنوير نفسه فقد وصفه بأنه لم يكن فيه كامل الوضوح وقد عزا ذلك ربما لاحساسه بإنني يمكن ان أصاب بالاحباط وافكر في العودة الى السودان فقد كان يعى خطورة ذلك على حركتهم في تلك الفترة فقد عملوا على نشر معلومات كثيرة حول قوة وتنظيم حركتهم تعتمد على الكذب والتضليل والابتعاد عن الحقيقة.

بعد ذلك اللقاء قال انه خرج منه وقد تداخله إحساس بعدم الثقة في جوزيف أدوهو وكل السياسيين الجنوبيين في المنفى وانه لم يعد يثق في كل ما يقولون إلا بعد ان يعيده ويقيمه ويراجعه جيداً. وقد ابلغه جوزيف أدوهو بان الحكومة في يوغندا لا تسمح للجنوبيين السودانيين القيام بأى نشاط سياسى معارض لحكومة السودان لأنه عمل معادٍ لدولة مجاورة. وأبلغه ايضاً بأنه أوصى بسفره إلى أرو لمقابلة الأب والاقامة هناك. فى يوميو شمال كمبالا التى تسكنها سلالات سودانية تتحدث لغة عربية مبسطة يوجد معسكر للاجئين السودانيين «الجنوبيين» وقد وصل إليها كما قال وهو في طريقه إلى أرو في الكنغو وقد هدف من زيارتها لمقابلة إخوانه. زيارة الكنغو: بعد ان وقف على الحال المتدهور لاوضاع اخوانه وكل اللاجئين في معسكر ارو تحرك برفقة جورج لومورو إلى أرو في الكنغو لمقابلة الأب ساترينينو كما اوصاه جوزيف لاقو. وقد وصف ذلك اللقاء الأول له مع الأب بأنه كان فاتراً وأعطاه احساساً بان الرجل استقبله بعدم اهتمام. وجه الأب باتخاذ اجراءات لسكنه في سايت وهناك يقول أنه وجد عدداً من السودانيين الجنوبيين يسكنون هناك قاموا باستقباله بترحاب خفف عليه ذلك الاستقبال الفاتر الذى قابله به زعيم الحركة التى سينضم إليها الأب ساترنينو وقد كان لذلك الاستقبال تأثير كبير على نفسه. اللقاء الثانى له في صبيحة اليوم التالى مع الأب ساترنينو استقبله فيه بحفاوة وترحاب غير ذلك الذى شعر به في اللقاء الأول وقدم له من خلال ذلك اللقاء شرحاً مفصلاً لتطورات الاوضاع في الحركة وانتقد له بقاء جوزيف أدوهو في كمبالا وتجوال وليم دينق في اوروبا وقد شعر كما يقول أن رؤية الرجل للاوضاع تتميز بالعقلانية اكثر من جوزيف أدوهو لذلك بدأ يميل لمساندة مواقفه.

زيارة المعسكرات

بعد ذلك عاد إلى يوغندا ورجع مرة أخرى إلى كمبالا وفيها كان قد زار معسكرات الجنود في طول الحدود اليوغندية والكنغولية ووجد ان معظم العسكريين قد كانوا سعداء لوجوده معهم. رافقه في بعض تلك الرحلات للمعسكرات في يوغندا جوزيف أدوهو وفي الكنغو كان الأب ساترنينو يرافقه بعد تلك الزيارات يقول ان ساترنينو قد استدعاه لمكتبه في الارسالية الكاثولوكية في أرو وقال له: «بعد هذه الزيارات لمعسكرات الجنود ونشاطك الذى ساعد في رفع معنوياتهم فقد أزف الوقت لوضع خطة عمل لمواجهة الجيش السودانى، فإننى أشعر ان هذه الخطة ضرورية حتى لا يتململ الجنود. الجناج العسكرى لحزب «سانو»: بعد ذلك اللقاء بدأ البحث عن اسم مناسب للجناح العسكرى لحزب سانو وتداولنا عدة اسماء وأقترح الأب ساترنينو اسم «المقاتلين من أجل سودان الوحدة الافريقية» وأصر على ذلك الأسم. وهكذا أصبح تنظيم «SPAF» الجناح العسكرى لحزب سانو.

وبعد ان تحدد الموعد لبدء نشاط الجناح العسكرى في 19/9/1963م وعند لقائه بعدد من الزملاء في كمبالا شرح لهم الخطوات التى تم اتخاذها وتحفظه على الاسم وتم التداول مرة أخرى توصلوا الى اسم «أنيانيا» وتعنى «سم الأفعى» المطبوخ مع اوراق الخضروات وهو سم قاتل عند تناوله بالفم. نواصل في الحلقة القادمة كيف بدأ العمل العسكرى المسلح؟

حوار

جوزيف لاقو يتحدث.

بين 1963 و1972م كانت حكاية الأنانيا (1)، مع السلاح والسلطة، إبان فترتيْ الرئيسين إبراهيم عبود وجعفر نميري. ثم حكاية أخرى أضيفت إلى أزمة الحكم في السودان مروراً بحرب العشرين عاماً، إلى أن وصل قطار السلام في 2005م لتوقيع اتفاقية سلام بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني عُرفت باتفاقية نيفاشا. سنوات عاصرها هذا الرجل، بل كان أحد صناعها الأساسيين، إن كانت أحداث الأنانيا (1) ما بين 63-72 أو أحداث حرب 83-2005م، فكلها أحداث عاصرها، بل لعب دوراً أساسياً في صنعها. «الأهرام اليوم» جلست مع الجنرال جوزيف لاقو قائد حركة الأنانيا وحاكم إقليم جنوب السودان ونائب الرئيس الأسبق جعفر نميري، فخرجت بهذه الإفادات، فماذا قال؟[1]

  • كيف تنظر إلى ما جرى وما يجري الآن في السودان؟

- حسناً.. لا أكون مخطئاً إذا قلت لك إن الوقت يمر الآن ولم يبق لنهاية الفترة الانتقالية إلا استحقاق حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، الآن يحاولون قراءة الأشياء من جديد، وآخرون يرون في الكونفدرالية مخرجاً، وإن كانت مطروحة من قبل إبان فترة مفاوضات نيفاشا.

  • مقترح من؟

- الدكتور جون قرنق طرح هذه المسألة ومعها الرئاسة الدورية بين الشمال والجنوب ولكن رُفضت تلك المقترحات.

  • والآن؟

- دعني أقول لك إن هذا الطرح مقبول إذا كنت تقصده، بل إن النظام القائم في الجنوب هو نظام كونفدرالي أصلاً، بل إن وضعية نيفاشا كلها كونفدرالية.

  • ولكن؟

- مقاطعاً: لماذا لا نستفيد نحن كسودانيين من تجارب العديد من الدول التي دخلت في أزمات شبيهة بالتي نعيشها؟

  • مثل من؟

- أذكر في حقبة الستينيات كانت الكنغو تعيش أزمات سياسية وصراعات قبلية دفعت بها إلى حلبة الاقتتال ومطالبة إقليم كاتنكا بالانفصال، ولكن زعماء الكنغو أدركوا خطورة الأمر وحقيقة الأمر أيضاً، حقيقة أن يشارك الجميع في السلطة كحل أمثل لإسكات الأصوات الانفصالية، فاتصلوا بزعيم كاتنكا مويسس جموبي وعرضوا عليه أن يتولى رئاسة مجلس الوزراء وهو ما حدث بالفعل، وهكذا انتهت الحركة الانفصالية في الكنغو. أما في نيجيريا التي كانت تواجه هي الأخرى صراعات بين الشمال والجنوب كادت تدفع بها نحو الانشطار لولا حكمة زعمائها لا سيما زعيم الشمال والأب الروحي لمسلمي غرب أفريقيا «سلطان ساكتوا» الذي درس مع زعماء الشمال خطورة انفصال الجنوب الغني بالنفط، لذا قرروا أن يتولى الجنوب الرئاسة وهكذا استقرت نيجيريا.

  • ولكن الوضع هنا مختلف؟

- لا يوجد اختلاف، «هو أنتم إسلامكم ده ما زي إسلام إخوانكم في شمال نيجيريا؟ وبعدين دعني أقول لك إن تحقيق الوحدة يقف عند شرط الشريعة».

  • إذن ماذا بعد؟

- أنا شخصياً أريد لهذا البلد العظيم أن يتوحد، وأقول مهما تعالت الأصوات الانفصالية وسط الشباب إلا أن في نهاية المطاف لا خيار سوى الوحدة وهو الخيار الأمثل للطرفين، لذا أطلب من كافة الأطراف أن تلتزم الهدوء وعدم اللجوء إلى إثارة الخلافات، مما قد يعمق من فرص التفاهم بين الشمال والجنوب.

  • ولكن ماذا عن المسيرات الانفصالية؟

- سأكرر ما قلته لك من قبل، إن هذه البلاد تمر بمرحلة مهمة، لذا على كافة الأطراف الالتزام بالهدوء وهذا ما ظللت أقوله لـ «أولادي في الحركة» والبشير وزملائه «وهم إخواني»، وعموماً أقول لك سنعبر الجسر نحو الوحدة. أذكر أنني قلت للجنوبيين من قبل عليكم أن تدركوا حقيقة أن مصالحكم مع إخوانكم في الشمال هي الأكبر، وحتى إذا حدث الانفصال عليكم أن لا تغلقوا الباب، فحتماً ستعودون إليهم، فألمانيا عادت وتوحدت بعد (44) عاماً، وعليهم أيضاً أن يدركوا بأنه ليس في مصلحة الجنوب أن تحدث فوضى اقتصادية في الشمال فهو الأقرب من أوغندا وكينيا، وهو ذات ما قلته لإخواننا الشماليين.

  • ولكن دول الجوار طامعة؟

- مقاطعاً: إذا كنت تريد أن تقول طامعة في الجنوب فهذا صحيح، ولكن سأقول لك شيئاً آخر إن هذه الدول في السابق لم ترد أن ينفصل الجنوب حتى لا يكون عبئاً عليها ولكن بعد أن صار الجنوب به موارد طمعت.

  • إذن تغيرت المعادلة؟

- نعم، هذا صحيح ولكن دعني أسأل أيضاً، أين مصلحة الجنوب في هذا الصراع؟ أنا لا أعتقد أن للجنوب مصلحة بخلاف الشمال. هل تعلم أن أرخص نقل نهري في العالم كله هو الخط النهري من كوستي إلى جوبا؟ إضافة إلى خط الأنابيب الناقل للنفط والحدود المشتركة، بل حتى إن السكان مشتركون، وبرغم هذا ارتفعت الأصوات المطالبة بالانفصال. أقول لك إن الشعب السوداني هو أعظم شعب في العالم، وأنا أقول هذا ولدي معرفة كاملة بتفاصيل هذا الشعب، عملت في حلفا والجنينة وكسلا وأصلي من نمولي، لذا أقول لك لا توجد مشكلة بين هذا الشعب ولكن المـــــشــــــــكلة دائماً في القادة، فإذا أعطاهم الله قيادة رشيدة فحتماً سيكون السودان أعظم دولة في أفريقيا.

  • أين تكمن المشكلة؟

- المشكلة كما قلت لك في قادة هذا الشعب، هل تعلم أن الجنوب لم يطالب بانفصال؟ فالقادة القدامى أمثال بنجامين أقو، واستلاوس يسامي، وبوس ديو، وشرسيلو أيدوا، وبولين إليد، والعديد من الزعماء الأوائل لم يطالبوا بالانفصال، بل فقط كانت مطالبهم بحكم اتحادي فدرالي، ولكن قادة الشمال اعتبروا تلك المطالب تهدف للانفصال، فهذه بداية المشكلة وتطورت عندما سلم عبد الله خليل السلطة للفريق إبراهيم عبود عام 1958م وأغلق البرلمان، اعتقاداً من عبود أنه سيقطع الطريق أمام مطالب الجنوبيين الذين كانوا يعزمون على رفع مذكرة إلى البرلمان.

  • ماذا حدث عقب البرلمان؟

ـ هاجر العديد من الجنوبيين إلى الخارج، وبالطبع من بينهم الأب ساليتنو الاقوري الذي كان ما بين يوغندا وكينيا يتحرك لتأسيس حركة الأنانيا.

  • ما هي حقيقة حكايتك مع نميري؟

- كنت زعيم حركة الأنانيا التي حاربت نظام الخرطوم، ولكن عندما سمعت إعلان 9 يوليو الذي أعلنه العقيد جعفر نميري الذي اعترف به بقضية الجنوب، قلت هذا الرجل الذي وصل إلى السلطة (أنا بعرفه جيد) لذا لا بد من التفاوض معه، وهو ما حدث بالفعل.

  • ذهبت إلى أديس أبابا؟

- نعم، ذهب الوفد المفاوض إلى أديس أبابا بدون ضغوط من أحد، أعني بدون ضغط دولي ولا شهود دوليين.

  • أين التقيت بنميري؟

- أذكر أن أول مرة نلتقي فيها كان ذلك في جوبا، وقتها كنت ملازماً أعمل بالسرية الثانية الشمالية وهي السرية التي كانت في جوبا، في وقتها كانت الكتيبة في ملكال، كان حينذاك الرائد جعفر نميري يعمل بإمداد القيادة بجوبا. وأذكر إبان زيارة الرئيس عبود وضيفه الكبير جمال عبدالناصر لجوبا قدمنا طابور الشرف تحت قيادة الرائد جعفر نميري، ومنذ تلك الفترة تطورت علاقتي به، أما في حلفا التي عملت بها فأذكر أن نميري جاء برفقة زوجته وهو في طريقه إلى القاهرة، وقتها كنت ملازماً، ففرغت له العربة الخاصة بالمواقع، فالعلاقة التي جمعتنا بنميري أسهمت في تحقيق السلام، بل حتى الاستقرار، وحتى عقب توقيع اتفاقية 1972م طفنا مع نميري كل مدن الجنوب، والمدهش أنني وجدت نميري ملماً بكل تفاصيل تلك المناطق.

  • علاقتك بنميري أسهمت في تنفيذ الاتفاقية؟

- نعم، وأعتقد أن الظهور المشترك في العديد من المناسبات جعل المواطنين يثقون بأننا جادون.

  • والآن؟

- أتمنى أن يطوف الرئيس البشير ونائبه الأول كل مدن الجنوب وهذا سيعزز من فرص الوحدة لا سيما لو أنهما يخاطبان الناس حول خيارات الوحدة.

  • لديك قصة مع غولدا مائير؟

- إسرائيل كانت في حرب مع مصر ونحن في حرب مع الخرطوم، ووفق مبدأ «عدو عدوك صديقك» كتبت خطاباً لرئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها ليفي أشكول بعد لقاءات عدة مع المسؤولين بالسفارة في أوغندا، ولكن مات ليفي وخلفته غولدا مائير في منصب رئيسة وزراء إسرائيل، وعندما اطلعت على الخطاب قالت «يجب أن يصل الولد ده إلى إسرائيل بأي ثمن».

  • إذن سافرت إلى إسرائيل؟

- نعم، سافرت من أوغندا إلى الكنغو ثم إلى إيطاليا ومن هناك إلى إسرائيل، وأذكر في إيطاليا أعطوني جواز سفر مزوراً أعتقد أنه لشخص من جزر القمر، ومكثت في إيطاليا أسبوعاً لتعلم إمضاء صاحب الجواز، وهو كان يحمل شبهاً كبيراً من ملامحي.

  • ماذا قالت مائير؟

- في مطار تل أبيب قابلني ضابط من الموساد وذهبنا إلى قيادة الجيش الإسرائيلي ودخلت في نقاش معهم حول إمكانية تزويدنا بالسلاح، واقترحت عليهم عملية الإسقاط نظراً لصعوبة إيصاله عبر دول الجوار التي كانت لديها علاقة جيدة بالسودان، وبعد انتهاء هذه المناقشات التقيت غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل، وأذكر أول ما قالته لي «إن بلدكم كبيرة بها موية كتيرة للزراعة»، قلت لها إننا لا نزرع منها بل نزرع من الأمطار. أعتقد أن الإسرائيليين لديهم مشكلة في المياه.

  • ماذا عن الرياضة والفن؟

- أنا شخصياً لدي عدد من الفنانين أستمع إليهم ولكن على رأس هؤلاء عبد الكريم الكابلي ومحمد وردي، وأردد مع الكابلي الأغاني الوطنية التي أجد نفسي مندفعاً إليها أما محمد وردي فأجد نفسي أيضاً مع كافة أغانيه، لا سيما عندما يتغنى بلغة أهل حلفا، أنا عشت في حلفا وأعشق الحلفاويين هذا الشعب العظيم.

  • هلال ـ مريخ؟

- حسناً.. سأقول لك، لم يكن لدينا اهتمام بالمريخ أو الهلال عندما كنا في الحرب، ولكن عقب الاتفاقية صرت من أنصار المريخ، «فحكاية المريخ دي» دفعني إليها صديقي خالد حسن عباس «يضحك»


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مستشار لسلفا كير في 2010

وفي 19 أغسطس 2010، صدر قرار تعيينه مستشارا لرئيس حكومة الجنوب، سلڤا كير ميارديت. وقد أبدى استعداده للعمل في خدمة مواطني جنوب السودان. وكان سلفا كير قد أصدر مرسوما الاربعاء عين بموجبه خمسة مستشارين بحكومة الجنوب بينهم جوزيف لاقو.[2]


كتبه

له عدة مؤلفات تم نشرها ، منها كتاب :

نال وسام النيلين من الطبقة الأولى . عاد إلى الخرطوم في 19 نوفمبر 2004م بعد طول غياب.

الهامش

  1. ^ "جوزيف لاقو مستشارا لرئيس حكومة الجنوب". نخبة السودان. 2010-07-18.
  2. ^ "جوزيف لاقو مستشارا لرئيس حكومة الجنوب". راديو مرايا. 2010-08-19.