الفردوس المفقود

الفردوس المفقود
Paradise Lost
Milton paradise.jpg
الصفحة الرئيسية من الطبعة الأولى (1668)
المؤلفجون ميلتون
فنان الغلافج. ب. ده مدينا وهنري ألدريتش
البلدإنگلترة
اللغةالإنگليزية
الصنفقصيدة ملحمية، أساطير مسيحية
الناشرصمويل سيمونز (الأصلية)
تاريخ النشر
1667
نوع الوسائطمطبوعة
تلاهالفردوس المستعاد
Textالفردوس المفقود
Paradise Lost
at معرفة المصادر

الفردوس المفقود Paradise Lost، هي قصيدة ملحمية من الشعر المرسل ألفها شاعر القرن السابع عشر، الإنگليزي جون ملتون (1608–1674). الطبعة الأولى، نشرت عام 1667، وكانت تتألف من كتابين يحتويان على أكثر من ألف بيت. تلتها الطبعة الثاية عام 1674، في 12 كتاب (على طريقة إنياذة ڤرجيل) مع تنقيحات طفيفة وملاحظة عن نظم القصيدة.[1] اعتبرها النقاد أعظم أعمال ملتون، وساعدت على ترسيخ سمعته باعتباره واحداً من أعظم الشعراء الإنگليز في عصره.[2]

تركز القصيدة على قصة سقوط الإنسان التي وردت في الكتاب المقدس: إغواء الشيطان لآدم وحواء وطردهم من جنة عدن. غرض ملتون، أعلن عنه في الكتاب الأول، وهو "تبرير سبل الله للبشر".[5]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحبكة

گوستاڤ دوريه، تصوير الشيطان، الشخصية المركزية في الفردوس المفقود لجون ملتون، ح. 1866

تنقسم القصيدة إلى 12 "سِفر" أو قسم، يتفاوت طول كل منها بشكل كبير (أطولها الكتاب التاسع، والذي يحتوي على 1.189 بيت، وأقصرها الكتاب السابع والذي يحتوي على 640 بيت). الحجج الموجودة على رأس كل كتاب تم إضافتها في السمات المتتابعة للطبعة الأولى. نشرت في الأصل في عشرة كتب، صدرت الطبعة "المنقحة والموسعة" بالكامل في إثنى عشر كتاب عام 1674، وهذه هي الطبعة التي تستخدم اليوم بصفة عامة.

تتبع القصيدة التقاليد الملحمية حيث البدء in medias res (المعنى اللاتيني لجملة في خضم الأشياء)، خليفة القصة يتم روايتها لاحقاً.

تدور قصة ميلتون في محورين سرديين، الأول عن الشيطان (لوسيفر) ويله آدم وحواء. تبدأ بعد هزيمة الشيطان والملائكة المتمردين الآخرين وعقابهم في النار، أو، طما يطلق عليها في القصيدة تارتاروس. في پاندايمونيوم (عاصمة جنهم)، يستخدم الشيطان مهاراته البلاغية لتنظيم أتباعه؛ بمساعدة مامون وبعلزبول. بليعال ومولوخ موجودون في القصة أيضاً. في نهاية النقاش، يتوجه متطوعو الشيطان لتسميم الأرض حديثة الخلق والمخلوق الجديد والمفضل لدى الله، الإنسان. He braves the dangers of the Abyss alone in a manner reminiscent of Odysseus or Aeneas. After an arduous traversal of the Chaos outside Hell, he enters God's new material World, and later the Garden of Eden.

في نقاط مختلفة من القصيدة، تروى الحرب الملائكية على السماء من وجهات نظر مختلفة. Satan's rebellion follows the epic convention of large-scale warfare. The battles between the faithful angels and Satan's forces take place over three days. At the final battle, the Son of God single-handedly defeats the entire legion of angelic rebels and banishes them from Heaven. Following this purge, God creates the World, culminating in his creation of Adam and Eve. While God gave Adam and Eve total freedom and power to rule over all creation, he gave them one explicit command: not to eat from the Tree of the knowledge of good and evil on penalty of death.

The story of Adam and Eve's temptation and fall is a fundamentally different, new kind of epic: a domestic one. Adam and Eve are presented for the first time[بحاجة لمصدر] in Christian literature as having a full relationship while still being without sin. They have passions and distinct personalities. Satan, disguised in the form of a serpent, successfully tempts Eve to eat from the Tree by preying on her vanity and tricking her with rhetoric. Adam, learning that Eve has sinned, knowingly commits the same sin. He declares to Eve that since she was made from his flesh, they are bound to one another ‒ if she dies, he must also die. In this manner, Milton portrays Adam as a heroic figure, but also as a greater sinner than Eve, as he is aware that what he is doing is wrong.

After eating the fruit, Adam and Eve have lustful sex. At first, Adam is convinced that Eve was right in thinking that eating the fruit would be beneficial. However, they soon fall asleep and have terrible nightmares, and after they awake, they experience guilt and shame for the first time. Realizing that they have committed a terrible act against God, they engage in mutual recrimination.

Eve's pleas to Adam reconcile them somewhat. Her encouragement enables Adam and Eve both to approach God, to "bow and sue for grace with suppliant knee", and to receive grace from God. In a vision shown to him by the angel Michael, Adam witnesses everything that will happen to mankind until the Great Flood. Adam is very upset by this vision of the future, so Michael also tells him about humankind's potential redemption from original sin through Jesus Christ (whom Michael calls "King Messiah").

Adam and Eve are cast out of Eden, and Michael says that Adam may find "a paradise within thee, happier far". Adam and Eve also now have a more distant relationship with God, who is omnipresent but invisible (unlike the tangible Father in the Garden of Eden).


الشخصيات

الشيطان

ملتون يملي الفردوس المفقود على بناته الثلاث، ح. 1826. بريشة اوجين دلاكروا
قصيدة الفردوس المفقود مترجمة للعربية. لقراءة القصيدة، اضغط على الصورة.

كانت عودة الملك قد كلفته كثيراً، وكادت أن تكلفه حياته، ولكنها مهدت الطريق لنظم"الفردوس المفقود. فلولاها ربما أفنى ملتون نفسه في التراشق بالنشر في المعركة، لأن "المقاتل" كان في مثل قوة "الشاعر" في شخصه. وبرغم هذا كله، لم يودع ملتون قط الأمل في أن يكتب لإنجلترا شيئاً تتغنى به لقرون قادمة. وفي 1640 أعد بياناً بموضوعات يمكن أن تكون ملحمة أو دراما، كان من بينها موضوع خطيئة آدم (خروجه من الجنة)، وأساطير الملك آرثر (ملك بريطانيا الذي يفترض أنه عاش في القرن السادس ق.م.، وبطل المائدة المستديرة) وتأرجح بين اللاتينية والإنجليزية، بأيتهما يكتب، وحتى حين قر قراره على "الفردوس المفقود"، موضوعاً له، فكر في أن يكتبه على شكل مأساة إغريقية، أو رواية دينية، على غرار روايات العصور الوسطى، وفي أوقات مختلفة نظم بعض أبيات أو مقطوعات أدخلت فيما بعد في القصيدة. ولم يتسن له إلا بعد وفاة كرومول، أن يجد فسحة من الوقت يومياً، ليكتب الملحمة، وفي 1658 فقد بصره تماماً. [6]

في الأيام السود، وألسن السوء، ولو أنها ولت، فقد لفنا الظلام واكتنفتنا الأخطار من كل جانب.

وتواردت على ذهنه الأبيات، حين كان يرقد عاجزاً أرقاً، ويكاد ينفجر بها. فينادي على من يكتب له قائلاً: "إنه يحتاج إلى من يحلبه". وكانت تنتابه حمى الشعر، فيملي أربعين بيتاً "في نفس واحد"، ثم يجد في تصحيحها عندما تعاد تلاوتها عليه. ويحتمل ألا تكون ثمة قصيدة نظمت بمثل هذا الجد والكد والشجاعة والجراءة. وداخل ملتون شعور قوي بأنه يمثل لإنجلترا هوميروس واشعيا معاً، حيث اعتقد بأن الشاعر صوت الله، وأنه نبي أوحي إليه أن يعلم الناس.

وفي 1665، حين انتشر الطاعون بلندن، اتخذ التدابير صديق سجين من الكويكرز، هو توماس الوود، لنقل ملتون ليقيم في "كوخه المكون من عشة حجرات في "كالفونت سانت شيل في بكنگهام‌شاير". وهناك في هذه "المقصورة الجميلة" أكمل الشاعر "الفردوس المفقود" ولكن من ذا الذي يقدم على نشرها؟ لقد كانت لندن في اضطراب بالغ في 1665-1666 بسبب الحريق الذي جاء في أعقاب الطاعون، وإذا كان ثمة شيء من الفرح والمرح باق، فهو عودة الملكية في صخبها وعربدتها. وفي حالة نفسية ليس معها مجال لملحمة من 10558 بيتاً الخطيئة الأولى. لقد حصل ملتون من قبل على ألف من الجنيهات عن رسالته "دفاع الشعب الإنجليزي" أما الآن، في 27 إبريل 1667، فقد باع كل حقوقه في "الفردوس المفقود" إلى الناشر صمويل سيمونز لقاء خمسة جنيهات نقداً، مع الاتفاق على دفعات أخرى قيمة كل منها خمسة جنيهات، يتوقف تسديدها على ما يباع من الكتاب، فكان كل ما حصل عليه هو 18 جنيهاً. ونشرت القصيدة في أغسطس 1667. وبيع منها العامين الأولين 1300 نسخة، وفي الأحد عشر عاماً الأولى بيع 3000 نسخة. وربما لا يقبل على القراءة القصيدة بأكملها مثل هذا العدد من القراء في أية سنة من أيامنا هذه، فليس لدينا فراغ كبير، حتى لقد اخترعنا كثيراً من الأدوات التي توفر الجهد. وتشترك "الفردوس المفقود" مع "إنياذة ڤرجيل"، فيما أصاب كلتيهما من نكسة وتعويق، لظهورهما بعد إلياذة هوميروس، فإن مشاهد المعركة والمحاربين الخارقين للطبيعة يفقدون قوتهم وسحرهم، ولكنهم تقليداً ومحاكاة. ولا ريب في أن هوميروس قلد نماذج قديمة، ولكنا نسيناها ولم نعد نذكرها، وذهب جونسون إلى أن "الفردوس المفقود"، بطبيعة موضوعها، تمتاز على ما عداها، بأنها ممتعة مشوقة للجميع دائماً "ولكنه

اعترف بأن" أحد لم تساوره الرغبة في أن تكون أطل مما هي. أن موضوع "الخطيئة الأولى للإنسان. وثمار الشجرة المحرمة التي جلب مذاقها القاتل الموت والفناء على العالم، وجلب علينا كل الكروب والويلات"، كان موضوعاً مناسباً إلى حد كبير، لأيام شباب ملتون، حين كان يتلقى سفر التكوين على أنه تاريخ، وحين كانت الجنة والنار، والملائكة والشياطين، هي نسيج التفكير اليومي. أما اليوم فإن موضوع القصيدة أكبر عائق في سبيلها، إنها قصة خرافية تروي للشبان في أحد عشر قسماً، وأن الاستمرار في مشاهدة مثل هذا العرض الطويل اللاهوت من البداية حتى النهاية جاف قاس عتيق، ليتطلب اليوم جهداً شاقاً متصلاً. وما كان الهراء ليسي عليه يوماً مثل السمو والرفعة قط. إن عظمة المشهد وجلاله، ومعانقة الجنة والنار والأرض، والانسياب الفخم المهيب للشعر المرسل، ومعالجة الموضوع المعقد ببراعة فائقة، والوصف الرقيق الجديد للطبيعة، والمحاولة الموفقة لإسباغ الواقعية والشخصية على آدم وحواء، وكثرة القطع الشعرية البالغة الروعة والقوة، كل أولئك بعض الأسباب التي جعلت من "الفردوس المفقود" أعظم قصيدة في اللغة الإنجليزية.

وتبدأ القصة في جهنم حيث الشيطان على هيئة طائر "ضخم الجسم"، ذي جناحين مبسوطين، ينصح ملائكته الهابطين بألا ييأسوا:

لم يضع كل شيء، فإن الإرادة التي لا تقهر، وتدبر للأخذ بالثأر والكراهية التي لا يخبوا أوارها أبداً، والشجاعة التي لا تخضع ولا تستسلم، أما أن تنثني متوسلة للرحمة، على ركبتين ضارعتين، وتعظم من سلطانه...فهذا أمر دنئ حقاً هذا خزي وعار أنكى من هذا السقوط ويبقى العقل والروح ولا سبيل إلى قهرهما.

وكأني بهذه الأبيات تردد صدى كرومول وهو يتحدى شارل الأول، وصدى ملتون وهو يتحدى شارل الثاني؛ وثمة عدة قطع في وصف الشيطان تذكرنا بملتون:

Cquote2.png عقل لا يغير منه زمان أو مكان، فالعقل راسخ في مكانه، يستطيع في نفسه أن يجعل من الجنة جحيماً، ومن الجحيم جنة. Cquote1.png

وفي الأجزاء القديمة من القصيدة نجد أن فصاحة ملتون أغرته بأن يرسم لإبليس صورة تكاد تتسم بالود والعطف، وكأنه زعيم ثورة ضد السلطة الرسمية الاستبدادية. وتخلص الشاعر من أن يجعل الشيطان بطل الملحمة بتصويره، فيما بعد، بأنه "أبو الأكاذيب" الذي "يجثم مثل ضفدع الطين" أو كالأفعى التي تنزلق ملتوية فوق الوحل. ولكن في هذا القسم من الملحمة نفسه ينهض الشيطان مدافعاً عن المعرفة:

Cquote2.png المعرفة محرمة محظورة؟ لماذا ينفس عليهما ربهما ذلك؟ هل تكون المعرفة إثماً؟ أو تكون فناء؟ هل يعيشان (آدم وحواء) على الجهل وحده؟ أو أن حالتهما السعيدة هي دليل طاعتهما وإيمانهما؟ سأثير في عقليهما مزيداً من الرغبة في المعرفة. Cquote1.png

حواء

ومن ثم يحاور حواء وكأنه كنيسة عقلانية تحمل على كنيسة جامدة تعيش في ظلام الجهل، تقف عقبه كأداة في طريق انتشار المعرفة:

Cquote2.png لماذا إذن كان هذا التحريم؟. لماذا كان، إلا ليرهب عباده ويبقيهم على حالة من الانحطاط والجهل، إنه يعلم أنه في اليوم الذي تأكلان من تلكما الشجرة، فإن أعينكما التي تبدو الآن صافية ولكنها كليلة، سوف تنفتح وتصفو تمام الانفتاح والصفاء، ومن ثم تكونان مثل الآلهة. Cquote1.png

رفائيل

ويأمر رفائيل، وهو أحد الملائكة، آدم، بأن يكبت من حبه لاستطاع الكون، فليس من الحكمة أن يتطلع الإنسان إلى معرفة ما وراء نطاقه الفاني فالإيمان أعقل من المعرفة.

ابن الرب

وكان لنا أن نتوقع ألا يفسر ملتون "الخطيئة الأولى" بأنها رغبة في المعرفة، بل أنها علاقة جنسية. أنه على النقيض من ذلك، ينشد تسبيحة غير بيوريتانية إطلاقاً، من أجل مشروعية اللذة الجنسية، في حدود الزواج، ويصور آدم وحواء منغمسين في مثل هذه القيم المادية، مع بقائهما على "حالة البراءة"، ولكن بعد "الخطيئة" أي أكل الفاكهة المحرمة من شجرة المعرفة-بدأ يستشعران الخزي والعار في الاتصال الجنسي. وهنا ينظر آدم إلى حواء على أنها مصدر كل الشر، "ضلع أعوج بالطبيعة" ويرثي لأن الله خلق المرأة:

لماذا خلق الله في النهاية هذه البدعة على الأرض، هذه العلة الجميلة في الطبيعة، ولم يملأ العالم على الفور، برجال مثل الملائكة، دون أثاث، أو يجد طريقة أخرى لتوالد بني البشر؟

ومن ثم فإن الإنسان الأول، في تاريخ الزواج في الكتاب المقدس، سرعان ما اصطنع ذريعة ليطلق الرجل زوجته في سهولة ويسر، وهنا نجد ملتون ينسي آدم، ويكرر شعراً ما سبق أن ذكره نثراً، عن خضوع المرأة خضوعاً حقيقياً تاماً للرجل. وسيعود إلى هذه اللازمة في قصيدة "عذاب شمشون Samson Agoniates". فهي حلمه الأثير الحبيب إلى نفسه. وفي رسالته السرية "العقيدة المسيحية" دافع عن إعادة "تعدد الزوجات"، ألم يجره العهد القديم. ألم يترك العهد الجديد هذا القانون الحكيم الشجاع دون إلغاء أو تعطيل؟.

ومهما فسرت "مخالفة الإنسان الأول لأمر ربه" (الخطيئة الأولى)، فقد ثبت أنها موضوع أصغر من أن يملأ اثني عشر قسماً، لأن الملحمة تتطلب سلسلة من الأحداث والأعمال، ولكن حيث أن ثورة الملائكة انتهت حين بدأت القصة. فإن المسرحية لا تدخل إلى القصيدة إلا عن طريق الذكريات أو العودة إلى الماضي، وهو صدى آخذ في الذبول والزوال. ومشاهد المعركة موصوفة وصفاً جيداً، بما في ذلك التصارع المناسب بالسلاح، وشج الرؤوس وتقطيع الأوصال، ولكن من العسير أن تشعر بالألم أو بنشوة الابتهاج لهذه الضربات الخيالية. وعلى غرار الكتاب المسرحيين الفرنسيين يطلق ملتون لنفسه العنان للخطابة، فالجميع ابتداء من "الله" إلى حواء يخطبون، ولم يجد الشيطان في سعير جهنم ما يحول بينه وبين البلاغة وأنه لمن المزعج حقاً أن نعلم أنه حتى في الجحيم سنكون مضطرين إلى الاستماع إلى محاضرات".

الرب

"والرب" في هذه القصيدة ليس هو التألق الذي يجل عن الوصف الذي تحس به في "جنة دانتي" فهو في القصيدة فيلسوف سكولاستي (فيلسوف نصراني من العصور الوسطى)، يدلي بأسباب مطولة غير مقنعة، لأنه وهو القادر على كل شيء، يجيز للشيطان أن يوجد، وإن يغوي الإنسان، متنبئاً، طوال الوقت، بأن هذا الإنسان سيبذل ويخضع، ويجلب على البشرية يأسرها قروناً من الخطيئة والشقاء والتعاسة. ويحاج بأنه بدون الإثم لا تكون الفضيلة، وبدون التجربة لا توجد الحكمة والتعقل، ويرى أنه من الأفضل أن يواجه الإنسان الإغراء ويقاومه، من عدم التعرض للإغراء إطلاقاً، دون أن يتوقع أبداً أن الصلوات سوف تتوسل إلى الله ألا يقود الإنسان إلى الغواية والإغراء. ومن ذا الذي يطبق التعاطف مع تمرد الشيطان على هذا السادي الذي لا يصدق؟ (السادية: الابتهاج بالقسوة المفرطة).

وهل كان ملتون يؤمن حقاً بهذا الهول الجبري المقدر؟. من الواضح أنه كان كذلك، لأنه بسط الكلام فيه، لا في "الفردوس المفقود" فحسب، بل في رسالته السرية "العقيدة المسيحية" كذلك. أي أن الله، قبل خلق الإنسان بزمن طويل، قدر أي الأرواح يكتب لها الخلاص، وأيها قدر عليها العذاب المقيم. وانطوت هذه الرسالة، على أية حال، على شيء من الهرطقة. ولم ينشرها ملتون قط، ولم يكشف أمرها إلا في 1823، ولم تصل إلى المطبعة إلا في 1825.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ميكائيل

إن هذه الرسالة وثيقة جديرة بالذكر، فهي تبدأ في إطار من التقوى، ودون جدل أو لجاجة، بافتراض أن كل كلمة في الكتاب المقدس هي وحي من عند الله. وسلم ملتون بأن نصوص الكتاب المقدس قد طرأ عليها "التزييف والتشويه والتبديل" ولكنها حتى في صيغتها الراهنة، من صنع الله. وهو لايجيز غير التفسير الحرفي الأمين. فإذا جاءت الأسفار بأن "الرب"، استراح، أو خاف، أو خاف، أو ندم، أو كان غاضباً، أو حزينا، فإنه ينبغي أن تؤخذ هذه الألفاظ بمعناها الظاهري، ألا تخفف على أنها مجازات، بل كذلك أجزاء الجسم والصفات الجسدية التي تنسب إلى "الله" يجب قبولها على أنها حقيقية من الوجهة المادية. ولكن "الله" بالإضافة إلى هذا الكشف الظاهري الذي جاءت به الأسفار المقدسة والذي يكشف به عن كنهه فإنه، زودنا بوحي داخلي، هو الروح القدس الذي يتحدث في داخل قلوبنا. وهذا الوحي الداخلي "الملك الخاص لكل مؤمن، أسمى بكثير ... ومرشد أصدق، من الأسفار المقدسة(124). ومهما يكن من أمر، فإن ملتون يقتبس من الكتاب المقدس، ما يؤيد ما يسوق من حجج، على أنه البرهان الحاسم الدامغ.

وعلى أساس من الأسفار المقدسة، ينبذ ملتون نظرية الثالوث الأقدس التقليدية، ويؤثر عليها هرطقة آريوس (الذي بقول بأن المسيح ليس من مادة الله، بل هو خير خليقة فقط)، فالمسيح بكل معنى الكلمة، أبن الله، ولكن الأب ولده في زمن ما، ومن ثم فهو غير معاصر للأب وليس متساويا معه أبداً. فالمسيح هو الوسيط الذي خلقه الله على أنه "اللوجوس أي الكلمة" الذي سيخلق منها كل من عداه. ولا يسلم ملتون "بالخلق من العدم"، فعالم المادة، مثل عالم الروح؛ انبثاق أو فيض سرمدي من المادة الإلهية. وحتى الروح نفسها، فهي مادة رقيقة جداً أثيرية، ولا يجوز تمييزها تمييزاً حاداً عن المادة. وفي النهاية، المادة والروح، والجسم والنفس في الإنسان، شيء واحد. وثمة شبه كبير يستحق الملاحظة بين هذه الآراء، وآراء هوبز (1588-1689) وسپينوزا (1632-1677)، وقد نرى أنهما فارقا الحياة في نفس العقد من السنين الذي مات فيه ملتون (1608-1674). وربما أطلع ملتون على مؤلفات هوبز التي لها دوي ملحوظ في بلاط تشارلز الثاني.

وظلت عقيدة ملتون خليطاً غريباً من التوحيد والمادية، ومن مذهب حرية الإرادة عند جاكوب أرمينيوس (لاهوتي بروتستانتي هولندي 1506-1609)، ومن مذهب الجبرية أو القضاء والقدر عند كالڤن. ويبدو في كتاباته أنه كان رجلاً متعمقاً في أمور الدين. ومع ذلك لم يذهب قط إلى الكنيسة حتى قبل فقد بصره، ولم يقم الشعائر الدينية في بيته. وكتب دكتور جونسون: "في توزيع ساعاته لم يخصص وقتاً للصلاة، وحده، أو مع أهل بيته. وحذف الصلوات العامة، لقد حذف الصلوات جميعاً". وازدرى رجال الدين، ونعني على كرومول احتفاظه بعدد من رجال الدين تدفع الدولة رواتبهم، على أنه لون من "عبادة الأوثان"، يؤذي الدولة والكنيسة معاً. وفي أحد بياناته الأخيرة "بحث في العقيدة الحقة، والهرطقة والانشقاق عن الكنيسة والتسامح، وأمثل الطرق للحيلولة دون نمو البابوية" (1633) عارض بطريق مباشر الإعلان الثاني الذي أصدره تشارلز الثاني عن التسامح (1672)، محذرا إنجلترا من التسامح مع الكاثوليك وأنصار التوحيد، أو أية شيعة أخرى لا تعترف بالكتاب لمقدس أساساً وحيداً لمذهبها.

أن هذا الرجل الذي تفوح منه رائحة الهرطقة، عرف عنه مقاومة رجال الدين وتدخلهم في الشؤون العامة والخروج على الكنيسة، هو نفس الرجل الذي أخرج للعقيدة المسيحية أكرم شرح حديث لها.

التصوير

في الخطيئة، الموت والشيطان (1792)، يسخـَر جيمس گيل‌راي من المعركة السياسية بين پت وإدوارد ثرلو كمشهد من الفردوس المفقود. پت هو الموت وثرلو هو الشيطان، بينما الملكة شارلوته هي الخطيئة في الوسط.

انظر أيضاً

الهوامش

  1. ^ "Paradise Lost: Introduction". Dartmouth College. Retrieved 26 March 2010.
  2. ^ Poetry Foundation Bio on Milton
  3. ^ John Milton. Paradise Lost, Book I, l. 26. 1667. Hosted by Dartmouth. Accessed 13 December 2013.
  4. ^ Milton 1674, 1:26.
  5. ^ Milton's original line read "...justifie the wayes of God to men."[3][4]
  6. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.

وصلات خارجية

Wikiquote-logo.svg اقرأ اقتباسات ذات علاقة بالفردوس المفقود، في معرفة الاقتباس.
اقرأ نصاً ذا علاقة في

الفردوس المفقود


نص أونلاين

معلومات أخرى

  • darkness visible – comprehensive site for students and others new to Milton: contexts, plot and character summaries, reading suggestions, critical history, gallery of illustrations of Paradise Lost, and much more. By students at Milton's Cambridge college, Christ's College.
  • Selected bibliography at the Milton Reading Room – includes background, biography, criticism.
  • Paradise Lost learning guide, quotes, close readings, thematic analyses, character analyses, teacher resources