سفر باروخ

سفر باروخ أو سفر نبوة باروخ أو باروخ 1، هو أحد أسفار الكتاب المقدس. بالرغم من أنه غير موجود في التوراة، إلا أنه موجود في السبعونية وفي الڤولگاته، الكتاب المقدس الأرثوذكسي الإرتري/الإثيوپي وكذلك في نسخة ثيودوتيون.[1] وهو يجمع أسفار إشعياء، إرميا، مراثي إرميا، حزقيال، دانيال، وأسفار الأنبياء الصغار الإثنى عشر. سُمي السفر على اسم باروخ بن نيريل، وقد كتبه سفر في بابل بعد السبي، وكان ذلك في السنة الخامسة في السابع من الشهر حين أخذ الكلدانيون أورشليم وأحرقوها بالنار. وقد نسب السفر إلى باروخ لأنه كتب الأصحاحات الخمسة الأولى منه. أما الأصحاح السادس والأخير فقد كتبه إرميا لليهود الذين كان ملك بابل مزمعًا أن يسوقهم في السبي إلى بابل.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كاتب السفر

باروخ كاتب السفر كان يعمل كاتبًا لإرميا النبي يكتب له ما يأمر بكتابته، وقد كان مخلصًا لإرميا، وعرف عنه أيضًا أنه كان نبيًا صدّيقًا، وقد اشترك الاثنان في الأتعاب والاضطهادات التي لقياها من يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا.[2]

وقد ذكر في الكتاب المقدس الكثير عن باروخ. فإن أرميا -وهو في السجن- بعدما اشترى لنفسه حقل عمه "حنمئيل بن شلوم" الذي في "عناثوث" بحث الفكاك، أخذ صك الشراء المختوم وسلَّمه لباروخ (أر 6:32-12)، فقد ائتمنه على حفظ الوثائق الخاصة به. وبينما أرميا في السجن أيضًا، استدعى إليه باروخ وأملاه ما أوحى الله به إليه من نبوءة، فكتبه في درج بالحبر. وبأمر إرميا، قرأ باروخ المكتوب في الدرج في آذان كل الشعب في بيت الرب في يوم الصوم. كما قرأه مرة أخرى في آذان رؤساء يهوذا بناءً على طلبهم. فلما سمعوا الكلام خافوا خوفًا شديدًا وأشاروا على باروخ أن يهرب ويذهب ويختبئ هو وارميا من وجه الملك يهوياقيم. وقد حدث أن الملك لما سمع بعض ما ورد في الدرج اغتاظ بحنث وألقى السفر كله في النار وأحرقه! وقد طلب الملك أن يقبض على باروخ الكاتب وإرميا النبي لكن الرب خبأهما فلم يعثر عليهما. وقد أوحى إلى إرميا بعد ذلك فأخذ درجًا آخر وأملى السفرة مرة أخرى عل باروخ فكتبه. وقد زيد عليه أيضًا كلام كثير (راجع إر36). وقد روى الكتاب المقدس أيضًا أن رجال يهوذا لم يسمعوا لإرميا فيما يتعلق بقول الرب لهم على لسانه الإقامة في أرض يهوذا وعدم الذهاب إلى مِصر. فقاوموه متكبرين عليه وعلى باروه وأخذوهما عنوة مع بنات الملك وحملوهما على الذهاب إلى أرض مِصْر حيث أتوا إلى مدينة "تحفنحيس" وأقاموا فيها (6:43-7).

ورغم اعتراف جميع الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية بصحة هذا السفر، فإن البروتوستانت ينكرون على باروخ أنه كاتِب السفر. وهم يقولون أن الإصحاح السادس منه المعروف باسم "رسالة أرميا" كان مُعتبرًا سِفرًا قائمًا بذاته في الترجمة السبعينية. ويقول مؤلف كتاب "مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين – طبعة بيروت 1937 ص306"، وهو بروتستانتي: "هذا السفر عبارة عن مجموعة إضافات إلى نبوات ارميا وهي غير صحيحة". ولا يمكن الأخذ بهذا القول لأن الذي يقرأ الأصحاحات من سفر إرميا التي تتحدث عن باروخ يتأكد بكل يقين أن باروخ لم يكن مجرد كاتِب فقط ولكنه نبيًا أيضًا. غير أن المؤلف البروتستانتي المذكور، يضطر إزاء إجماع الكنائس عل الاعتراف بقانونية هذا السفر أن يضيف إلى قوله السابق عما احتواه السفر من إضافات إلى نبوات ارميا قائلًا: "وهي وإن تكن غير صحيحة من الوجهة التاريخية، لكنها تُظْهِر تقوى وغيرة غذّتها كلمة العهد القديم وروحه".

وستجد في مقدمة الأسفار القانونية الثانية في هذا الموقع تواريخ المجامع التي عُقِدَت وأقرَّت قانونية وصحة أسفار المجموعة الثانية للتوراة التي جمعت بعد عزرا ومن بينها سفر باروخ. كما قلنا أنها وردت ضمن قائمة الأسفار الموحى بها ذكرت في قوانين الرسل وقوانين ابن العسال.

ونضيف أنه ورد في كتابات يوحنا فم الذهب قوله: "كما أنه كتبا إرميا النبي ليس فيه شك، كذلك كتاب باروخ لا يجب أن يرتاب فيه أحد ولا في بقية الأسفار التي قبلتها الكنيسة. لكن تحسب من رتبة نفس الكتب القانونية". وهذا، وقد ورد في كتاب "مشكاة الطالبين في حل مشكلات الكتاب – ص167) أن الكثيرين من القديسين آباء الأجيال الأولى المبكرة للمسيحية قد شهدوا لهذا السفر واستشهدوا منه في كتاباتهم ومقالاتهم وعِظاتهم ورسائلهم. فقد استشهد به القديس اكليمندس الاسكندرى (=في كتابه المربي، كتاب 10:1؛ 3:2) وأيضًا القديس ديوناسيوس الاسكندرى (=في مؤلفه المسألة العاشرة) والبابا أثناسيوس الرسولي (=في خطبه ضد اريوس الهرطوقي) وأيضًا العلامة ترتليانوس وكبريانوس واوسابيوس وكيرلس الأورشليمي وباسيليوس ويحنا فم الذهب في كتاباتهم. هذا، وفي عدد من أعداد مجلة مرقس (دير أبو مقار – أغسطس 1983 ص22 و23) ساق المحرر ترجمة لمقال للقديس إيرينيموس عن القديسة فابيولا، وهو خطاب ايرينيموس إلى أوقيانوس، يستشهِد في كاتب الخطاب بأقوال وردت في سفر نبوءة باروخ.


أقسام السفر

اقرأ نصاً ذا علاقة في

سفر باروخ


هذا، ويمكن تقسيم السفر إلى قسمين:

1- القسم الأول: ويشمل الأصحاحات الخمسة الأولى التي كتبها باروخ النبي.

2- القسم الثاني: وهو الإصحاح السادس والأخير المُعنون "رسالة إرميا النبي".

أما القسم الأول فيشتمل على جزأين: الجزء الأول (من ص1 إلى ص8:3) ويشتمل على مقدمة سفر وكلمة تاريخية. فهو يذكر أن السفر قد كُتِب في السنة الخامسة من خراب أورشليم وسبيها. ويقول أن باروخ تلاه على يكنيا الملك ابن يواقيم ملك يهوذا وجميع المسبيين من اليهود في بابل، فبكوا وصاموا تائبين وأرسلوا تقدِمات فضة إلى يواقيم بن حِلقيَّا الكاهن ليقدم عنهم محرقات وذبائح خطية. وأرسلوا مع تقدماتهم إلى بني وطنهم في أورشليم كتاب هذه النبوة ليقرأوها في بيت الرب ولكي يذكِّروا الشعب بخطاياهم داعين إياهم أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله وطالبين منهم أن يصلوا عنهم وعن ملك بابل ووليّ عهده. وفي هذا الجزء يذكر باروخ النبي كيف أن بني إسرائيل أخطأوا ضد الله فاستحقّوا قضاءه بالانتقام منهم وخضوعهم تحت يد الأمم الوثنية. لكنه يعود فيتنبّأ أنه بسبب رجوعهم إلى الله وهم في أرض السبي فسوف يعودون إلى أرضهم مرة أخرى ويقي الله معهم عهدًا أبديًا.

أما الجزء الثاني من القسم الأول (من ص9:3 - ص5) ففيه يحث الكاتب الشعب أن يرجعوا إلى نبوغ الحكمة ويتعلمون الفِطنة والتعقُّل ويفهموا سُبُل الرب ويقدموا توبة صادقة إلى الله ويستغيثوا به فينقذهم. وفي هذا الجزء أيضًا يطالبهم باروخ النبي أن يرضوا الله ولا يذبحوا للشياطين. ثم يعد أورشليم بأنها سوف تخلع حلة المذلة وتتسربل بثوب البر. وتلاحظ أن باروخ النبي يتحدث في هذا الجزء بروح النبوة عن عقيدتين ومهمتين من العقائد المسيحية وهما:-

أ- عقيدة التجسد: ففي الأصحاح الثالث يتنبَّأ عن تجسد الله الكلمة لأجل خلاص كل جنس البشر ولأجل أن يتسِّع ملكه في كل الأرض "ما أوسع موضِع مُلكه" (با24:3). وفي نبوءته يتحدَّث عن ذلك الذي نزل من السماء وصعد إليها "مَنْ صَعِدَ إلى السماء.. مَنْ اجتاز إلى عبر البحر.." (با29:3و30). ويقول مؤكدًا حقيقة التجسد: "وبعد ذلك تراءى على الأرض وتردَّد بين البشر" (با38:3).

ب- عقيدة الثالوث الأقدس: وقد ألمح إلى هذه العقيدة في الأصحاح الرابع بقوله: "فإني في رجوت بالأزلي (يشير إلى الله الآب) خلاصكم، وحلَّت بي مسرى من لَدُنِ القدوس (يشير إلى الروح القدس) بالرحمة التي تؤتونها عمّا قليل من عند الأزلي مخلصكم (يقصد به الابن الكلمة المخلص وفادي البشر" (با22:4).

والقسم الثاني من السفر وهو الإصحاح السادس المعنون "رسالة إرميا النبي" ويتضمَّن الرسالة التي بعث بها أرميا بيد باروخ إلى اليهود الذين أزمع بابل أن يسبيهم ويسوقهم نظير أخوتهم إلى بابل. وفيها يوضح النبي فساد عبادة الأوثان ويحذرونهم من السجود للأصنام التي ليس لها نطق ولا حركة ولا روح قائلًا لهم عنها "إنها ليست بآلهة" (با14:6). وفي الرسالة أيضًا يتنبَّأ النبي عن أن السبي في بابل سوف يستمر "سبعة أجيال" (با2:6) أي سبعين سنة "وبعد ذلك أخرجكم من هناك بسلام.

استخدامه في العهد الجديد

الاستخدام الأدبي

الغربي

الشرقي

الاستخدام من اللاهوتيين، آباء الكنيسة، مجلس الڤاتيكان الثاني

الاستخدام في الكنيسة الكاثوليكية

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "Baruch" by P. P. Saydon, revised by T. Hanlon, in A New Catholic Commentary on Holy Scripture, ed. Reginald C. Fuller, Thomas Nelson, Inc. Publishers, 1953, 1975, §504j. The same source states that "[t]here is also evidence that Baruch was read in Jewish synagogues on certain festivals during the early centuries of the Christian era (Thackeray, 107-11)," i.e. Henry St. John Thackeray, The Septuagint and Jewish Worship, 1923.
  2. ^ Fhttp://st-takla.org/pub_Deuterocanon/Deuterocanon-Apocrypha_El-Asfar_El-Kanoneya_El-Tanya__6-Baruch_.html سفر نبوة باروخ، موقع الأنبا تكلا]
  3. ^ "Deuterocanonical Books In The New Testament". Scripture Catholic. Retrieved 2014-08-25.

وصلات خارجية

Wikiquote-logo.svg اقرأ اقتباسات ذات علاقة بسفر باروخ، في معرفة الاقتباس.


Other offices


سبقه
مراثي إرميا
ر. كاثوليكية
أسفار الكتاب المقدس
باروخ يشمل سفر إرميا
تبعه
حزقيال
الأرثوذكسية الشرية
أسفار الكتاب المقدس
تبعه
سفر إرميا