تسليم المجرمين

تسليم المجرمين Extradition، هي إجراء رسمي تقوم فيه دولة ما بنقل المشتبه به أو المدان في جريمة جنائية إلى بلد آخر. بين البلدين، يتم تنظيم عملية تسليم المجريمن عن طريق معاهدات. عندما يكون تسليم المجرمين حسب القوانين، مثلما يحدث بين الولايات القضائية الداخلية، قد يكون المفهوم أكثر عمومية مثل إصدار الحكم. تسليم المجرمين آلية قديمة، ترجع إلى القرن 13 ق.م. على الأقل، عندما كان فرعون مصري[من؟] يتفاوض على معاهدة تسليم مجرمين مع ملك حيثي[من؟].[1] في عملية تسليم المجرمين، الدولة ذات السيادة (الدولة الطالبة) تتقدم بطلب رسمي للدولة ذات السيادة الأخرى (الدولة المطلوب منها). إذا ما تم العثور على الهارب داخل أراضي الدولة المطلوب منها التسليم، تقوم هذه الدولة باعتقال الهارب وتخضعه/ها لإجراءات تسليم المجرمين.[1] إجراءات تسليم المجرمين يكون فيها الهارب خاضع لقانون وإجراءات الدولة التي طلبت تسليمه.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التعريف

إن اصطلاح تسليم المجرمين يعد الترجمة العربية لكلمة Extradition الفرنسية التي استعملت لأول مرّة في مرسوم 19 فبراير 1791 في فرنسا. ولكلمةExtradition الإنجليزية التي اشتقت من الفرنسية واستعملت لأول مرّة في بريطانيا في قانون التسليم سنة 1870.

ولم يتفق أغلب الفقهاء على تعريف واحد لتسليم المجرمين وذلك يعود إلى أسباب أهمها الاختلاف حول طبيعة التسليم ومدى تسليم الرعايا من عدمه، وكذلك تفرع هذا النظام وامتداده على الصعيدين الداخلي والدولي والتي أدت إلى تعدد تعاريف هذا النظام و نذكر من بينها[2]:

وقد يعرف على أنها "عمل تقوم بمقتضاه الدولة التي لجأ أرضها شخص متهم أو محكوم عليه في جريمة بتسليمه إلى الدولة المختصة بمحاكمته أو تنفيذ العقوبة عليه".

أو "هو أن تتخلى دولة عن شخص موجود في إقليمها إلى دولة أخرى بناءا على طلبها لتحاكمه عن جريمة يعاقب عليها قانونها أو لتنفيذ فيه حكما صادرا عليه من إحدى محاكمها".

ويعاب على هذا التعريف استعماله لفظ التخلي الذي يفيد بأن الدولة طالبة التسليم تمارس سلطاتها ( القبض والتنقل داخل الدولة المطلوب منها التسليم) وهذا ما يتعارض مع ما هو متفق عليه في الاتفاقات الدولية بشأن التسليم.

ويعرف كذلك بأنه "أحد مظاهر التضامن الدولي لمكافحة الجريمة تقوم بموجبه دولة ما بتسليم شخص مقيم في إقليمها إلى دولة أخرى تطلبه لتحاكمه عن جريمة انتهك بها حرمة قوانينها أو لتنفيذ فيه حكما صادرا عليه من إحدى محاكمها".

ويرجح التعريف الأخير كونه يعرف التسليم على أنه أحد مظاهر التعاون الدولي لمكافحة الجريمة وكذا الأركان الأساسية التي يقوم عليها (وجود طرفي في التسليم دولتين أو أكثر).

إلاّ أنّ هذا النظام في التسمية غير دقيق ويعود إلى:

1- التسليم هو عمل تقوم به الدولة المطلوب منها التسليم أما عمل الدولة الطالبة للتسليم فهو الاستراد أو الاستلام.

2- أما كلمة المجرمين فتعوزها الدقة في التعبير عن الشخص محل التسليم فهي بقدر ما تنطبق على وصف المحكوم عليهم، فهي تتعارض وغير المحكوم عليهم (المتابعين) وذلك إعمالا بمبدأ المتهم برئ حتى تثبت إدانته، إلا أنه ينبغي العمل بالتسمية المتعارف عليها – تسليم المجرمين – رغم عدم دقتها للتعبير عن النظام المرجو منه.


التطور التشريعي والفقهي والقضائي للتسليم

إنّ الحاجة إلى مكافحة الجريمة التي باتت تهدد كيان المجتمعات ولاسيما مصالحها، وكذا إقرارها من جميع الشرائع فقد اعترضتها صعوبة معاقبة المجرم الذي عادة ما يسلك طريق الهروب بعد ارتكابه للجرم مما يتعذر معه المتابعة والاقتصاص منه، وهو الأمر الذي دفع إلى نهج طريق التسليم وتتبع المجرم حيثما نزل، حتى لا يفلت من العقاب، وقد عرف هذا النظام تطورا على الصعيد التشريعي والقضائي والفقهي وهذا ما نشير ّإليه في هذا المطلب:

التطور التشريعي

إنّ التسليم قبل ظهور الثورة الصناعية لم يكن بالأهمية التي هو عليها الآن، ويعود ذلك إلى أنّ نفوذ الكنيسة حال دون ذلك عند لجوء الفاعلين لحماية الكنيسة من قساوة العقاب المقرر عليهم إلا أنه وبعد ظهور الثورة الصناعية واتساع المدن وتطوّر وسائل النقل ازدادت حركة الهروب من بلد إلى آخر، وكان نتيجة لذلك أن تخلت الدول عن مبدأ حق اللجوء واقتصر منحه على اللاجئين السياسيين فقط، ومظاهر التطور في مجال التشريع يتجلى في:

1- عقد المعاهدات الثنائية: وهي معاهدات تنظم موضوع تسليم المجرمين وتحدد الشروط الواجب توفرها في الجريمة والشخص محل طلب التسليم وارتفع عدد هذه المعاهدات لاسيما مع مطلع القرن العشرين حيث سجّلت 50 معاهدة لدى هيئة الأمم المتحدة مابين 1945-1946 وهي في ازدياد مستمر.

2- عقد المعاهدات الإقليمية والجماعية: وهي معاهدة يعود انعقادها إلى روابط جغرافية أو سياسية أو اقتصادية فعلى سبيل المثال:

  • معاهدة AMIENS المنعقدة في 1806 في بريطانيا وفرنسا واسبانيا وهولندا والتي تعد أول معاهدة جماعية في تسليم المجرمين.
  • اتفاقية تسليم المجرمين بين كل من الأردن – سوريا- العراق والسعودية واليمن ولبنان ومصرالتي أقرها مجلس الجامعة العربية في 1953.

3- التشريعات الداخلية: وهي الوسيلة الثالثة التي ركنت إليها الدول لمعالجة مسألة تسليم المجرمين في تنظيمه على الصعيد الداخلي في شكل مجموعة نصوص قانونية داخلية.

نجد أن معظم هذه النصوص الداخلية باختلاف البلدان تتلاقى في هذه النقاط لمعالجة نظام تسليم المجرمين.

- تحديد شروط التسليم الاختياري حال عدم وجود معاهدة أو اتفاق دولي.

- تحديد شروط التسليم الاختياري في الحالة التي لا تشملها المعاهدات والاتفاقيات.

- تنظيم إجراءات التسليم وأصوله.

- وضع الخطوط الرئيسية والقواعد العامة التي يمكن أن تكون أساسا لما تعقده الدولة في المستقبل من معاهدات واتفاقات تتعلق بتسليم المجرمين.

وكانت هذه العناصر بمثابة منهج قامت عليه أغلب التشريعات الداخلية منها على سبيل المثال القانون الفرنسي الصادر سنة 1927، القانون العراقي سنة 1923 القانون السوري 1955.

التطور الفقهي والقضائي

لقد ساهم كل من الفقه والقضاء في تطور فكرة التسليم وبلورتها سواء كان ذلك على شكل مؤتمرات قانونية أو آراء فقهية بحتة أو أحكام قضائية وقد كان لإنشاء معهد القانون الدولي سنة 1873 ومؤتمراته المتوالية لاسيما التي عقدت في أكسفورد سنة 1880 وجنيف 1890 لها أثرها في توضيح الأسس التي تبنى عليها فكرة التسليم التي نهجت منحاها كل من الاتفاقيات القضائية أو التشريعات الداخلية.

وفي سنة 1924 كونّت عصبة الأمم لجنة من الخبراء للنظر في تدوين القانون الدولي واتخذت هذه اللجنة قراراتها سنة 1926 وأوصت بإدماجها في اتفاقية دولية أهمها:

1- مسألة مرور الأشخاص المسّّلمين عبر إقليم دولة ثالثة

2- مسألة تعدد طلبات التسليم عن نفس الشخص

3- مسألة تنازع الاختصاص بين الدولة الطالبة للتسليم والدولة المطلوب منها.

4- المسائل المتعلقة بمبدأ التخصيص وإعادة التسليم.

5- المسألة المتعلقة بتأييد قاعدة أنّ مصاريف التسليم تقع على عاتق الدولة الطالبة

أما في مجال الفقه فقد كان لجهود الفقهاء الكبيرة وآراءهم القيّمة أثرا كبيرا في تطوير نظام التسليم ودفعه للأمام ولاسيما إسهام الفقهاء العرب في هذا المجال بشكل كبير.

ولقد ساهم القضاء هو الآخر مساهمة كبيرة في توضيح الأحكام والمبادئ الخاصة بالتسليم كما كان للسوابق القضائية في موضوع تسليم المجرمين أثر كبير في تطور فكرة التسليم وتحديد أسسه.


طبيعة التسليم

إنّ لمعرفة طبيعة التسليم أهمية خاصة عند البحث في شروطه وأحكامه، وانقسم الفقهاء في تحديد طبيعته إلى ثلاث فئات:

الفئة الأولى: ترى أنّ التسليم يعد من أعمال القضاء غايته إيقاع العقاب العادل بالمجرم الذي انتهك حرمة قوانين الدولة طالبة التسليم، والتي تتشابه مع قوانين الدولة المطلوب منها ذلك والتي تهدف كلّها إلى إحقاق الحق وإقامة العدل.

ويؤيد أصحاب هذا الرأي موقفهم بأن السلطة التي تقوم بإجراءات التسليم والفصل فيه هي السلطة القضائية, كما أنّ رفض أو قبول التسليم يكون بقرار قضائي نهائي غير قابل لأي طريق من طرق الطعن فيه.

لكن هذا لا يمنع من انتقاد هذا الرأي كون التسليم يعد بمثابة تأمين مثول الجاني أو المتابع أمام الجهات القضائية المختصة لمحاكمته فقط، فهو لا يعدّ من قبيل الأعمال القضائية هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن أحكام القضاء المتعلقة بالتسليم، وخاصة بالنسبة للبلدان التي تأخذ بالنظام القضائي في التسليم لا تلزم السلطة التنفيذية إذ تبقى هذه الأخيرة حرة في قبول التسليم أو رفضه.

الفئة الثانية: ويرى أنصار هذا الرأي أن التسليم هو عمل إداري من أعمال السيادة تباشره الحكومة بمقتضى هذا الحق، ولا يمكن للسلطة القضائية أو الدولة طالبة التسليم إجبار حكومة الدولة المطلوب منها التسليم على التسليم، إذا ما رأت هذه الأخيرة أن شروط التسليم غير متوفرة أو أنه لا يجوز التسليم في مثل هذا النوع من الجرائم، أو لأي سبب أخر يحول دون التسليم القانوني.

وما يعاب على هذا الرأي، أن تتجاهل الأنظمة التي تأخذ بالنظام القضائي بالتسليم سواء التي تأخذ بإلزامية أحكام القضاء الايجابية والسلبية في التسليم، أو التي تأخذ فقط بإلزامية أحكام القضاء السلبية فقط.

الفئة الثالثة: ويري أنصار هذا الرأي أن صعوبة الإقرار بوجود طبيعة واحدة للتسليم يقتضي التسليم بوجود طبيعة مزدوجة للتسليم، فهو من جهة يعتبر عملا قضائيا من حيث الإجراءات التي يقوم بها القضاء، في إصدار أوامر بالقبض والتحقيق وإصدار قرار التسليم، والتي تهدف كلها إلى إنزال العقاب بالجاني أو المتابع من أجل جريمة.

ومن جهة أخرى فإن القرار النهائي لقبول التسليم، أو رفضه يبقى للسلطة السياسية, ويصبح دور القضاء دورا استشاريا.

موقف المشرع الجزائري : إنّ الجزائر على غرار باقي الدول،ولتنظيم التسليم فإنها سنت موادا في قانون الإجراءات الجزائية، بالإضافة إلى نصوص الاتفاقات الدولية الثنائية منها والمتعددة بشأن التعاون القانوني والقضائي، ولتحديد طبيعة التسليم، ما هو النظام الذي اعتمدته الجزائري تسليم المجرمين؟.

وبالرجوع إلى أحكام المواد 704 إلى 710 من قانون الإجراءات الجزائية فإنّ الإجراءات المتعلقة بالاستجواب والقبض المؤقت، الفصل في طلب التسليم بالقبول أو الرفض كله يعود إلى الجهة القضائية – الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا. حتى أن ّ إقرار الشخص المطلوب قبوله بالتسليم دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، فإنه وجوبا يخضع لاثباثه من طرف القضاء.

كما أنّ الفصل في طلب التسليم بالقبول أو الرفض يتميّز بالطابع النهائي الذي لا يقبل الطعن فيه بأي طريق.

واستخلاصا لما سبق ذكره فإن المشرّع الجزائري أخذ بالنظام القضائي في التسليم واعتبر التسليم عمل قضائي وكل ما يتعلق به مرجعه القضاء من حيث فحص الشروط و الإجراءات وكذا قبوله أو رفضه، وما على السلطة التنفيذية إلا تنفيذ الأحكام القضائية بوسائلها القانونية المتوفرة لديها.

الأساس القانوني للتسليم

تعددت الأسس التي يقوم عليها التسليم، وقد اختلف الفقهاء حول تحديد هذه الأسس التي يقوم عليها التزام الدول عند التسليم. فمنه من يرجعه إلى أنه حق من حقوق الملك المستمدة من الله، ومنهم من يرى أنّ الأساس في التسليم هو حق العقاب، أي تمكين الدولة الطالبة للتسليم من إنزال العقاب بالجاني الذي ارتكب الجرم في إقليمها، ومنهم من يرى أنّ أساس التسليم هو الدفاع عن القانون، ومنهم من يرى أنّ أساس التسليم هو المصلحة المشتركة للدول، لمنع وقوع الجرائم وضمان المعاقبة عنها.

ومنهم من يرى أنّ أساس التسليم يرجع إلى أمرين:

1- أنّ المجرم اللاجئ تقتضي محاكمته من طرف قاضي الدولة، التي وقعت فيها الجريمة حيث تتوفر أدلة الجريمة.

2- وجود الجاني الهارب على أرض الدولة المطلوب منها التسليم، يكون خطرا عليها لذا يقتضي تسليمه إلى الدولة طالبة التسليم، لإنزال العقاب عليه وتخليصها من خطره، وإبقاء لحسن العلاقات الدولية، فمن واجب الدولة طالبة التسليم معاقبة الجاني بإنزال العقاب العادل بحقه،لكونها ممثلة المجتمع الذي اقترفت فيه الجريمة، ومن واجب الدولة المطلوب منها التسليم، إبداء المساعدة القضائية للدول الأخرى باعتبارها عضو في المجتمع الدولي.

معاهدات واتفاقيات تسليم المجرمين

تعتبر الاتفاقيات الدولية في ريادة المصادر التي يستمد منها التسليم شروطه وإجراءاته و قوته الإلزامية إذ تعد النصوص الاتفاقية أولى القواعد القانونية التي تنظم التسليم، وقد ذهبت الدول إلى سن هذه النصوص الاتفاقية ضمن تشريعاتها الداخلية حتى يتسنى لها تطبيقها على الصعيد الداخلي وقد راعت في ذلك التعارض الذي قد يحدث بين النصوص الاتفاقية والتشريع الداخلي للتسليم بوجوب تطبيق التشريع الداخلي مالم يخالف النصوص الاتفاقية.

المعاهدات والاتفاقات الدولية، وهي أهم المصادر التي يقوم عليها نظام تسليم المجرمين، وتتضمن بنودها الأسس والشروط العامة للتسليم، وتحديد الجهات المختصة للقيام بهذه العمليّة، وتميل الدول إلى عقد معاهدات التسليم مع الدول المجاورة لها، أو الأكثر ارتباطا بها سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا في شكل طابع جماعي أو ثنائي.

ويلاحظ أنه توجد بعض الدول ترفض تسليم اللاجئين لها، مالم تكن هناك معاهدة للتسليم بين الدولة الطالبة للتسليم والمطلوب منها، وأكثر من ذلك فإنّ بعض الدول تشترط إلى جانب وجود المعاهدة، أن يكون مصادقا عليها من قبل الهيئات المختصة بذلك.

غير أنه توجد بعض المصادر للتسليم مكملّة لمصدر الاتفاقيات الدولية والتي لا تقل أهمية عن الاتفاقية الدولية كمصدر للتسليم.

أولا- قوانين التسليم: وهي قوانين داخلية تنظم إجراءات وشروط التسليم، ولقد ظهر أول قانون بذلك في العالم في بلجيكا عام 1833، ثم توالى بعد ذلك سنّ تشريعات داخلية لبقية دول العالم.

إلاّ أنه ما يميّز هذه النصوص التشريعية،أنه في بعضها تقيّد الدولة التي شرعتها وسنتها، في تسليم المجرمين إذا كان المطلوب تسليمه لا تتوافر فيه شروط الجريمة التي يجوز فيها التسليمأو في الشخص ذاته محل طلب التسليم، كما تمنعها من عقد اتفاقات تتجاوز فيها حدود هذا القانون، لكن هناك بعض القوانين قد تداركت هذه العوائق، إذ نصّت في بنودها

على أنه يجوز الاتفاق على مخالفة أحكام القانون الداخلي، شريطة أن تتم المصادقة على هذه المعاهدات من البرلمان.

ثانيا -العرف الدولي: وهو مصدر موجود دائما بخلاف المصادر الأخرى، التي قد تغيب تجاهلا من الدول لها، كإبرام المعاهدات والاتفاقات أو سن القوانين الداخلية، و تستسقي منه الدول التي لا تتوافر على معاهدة، أو اتفاق لتسليم المجرمين،أو حال غياب قانون داخلي ينظم التسليم في معالجة قضايا التسليم التي تعرض عليها، ومن بين الدول التي لازالت تعمل بهذا المصدر،جمهورية مصر التي تنظم تشريع داخلي ينظم التسليم،ولم تعقد سوى معاهدات قليلة بشأن التسليم.

ثالثا - المعاملة بالمثل: يقصد بها الرد على أنها أعمال غير ودية، أو غير عادلة قامت بها دولة ما اتجاه دولة أخرى، فهي بهذا تسير في خط مواز مع حق الدفاع عن النفس.

ويلجأ إلى هذا المصدر في حالة عدم وجود معاهدة تسليم مع الدولة الطالبة، فإذا كانت هذه الدولة تقر مبدأ المعاملة بالمثل كان بالإمكان الاستجابة لطلبها، أما إذا كانت لا تقر بهذا المبدأ فللدولة المطلوب منها التسليم، الخيار في قبول طلبها أو رفضه.

وقد أقر معهد القانون الدولي في أكسفورد عام 1880، بأن مبدأ المعاملة بالمثل تقضي به الاعتبارات السياسية دون أن تستلزمه مقتضيات العدالة، وأوصى به المؤتمر الدولي العاشر لقانون العقوبات في روما سنة 1969 الذي جاء في توصياته بأنه "لا تتطلب العدالة التبادل كشرط للتسليم ومن المرغوب فيه ألاّ يكون التبادل قاعدة جامدة في قانون التسليم".

ويأخذ شرط المعاملة بالمثل أحيانا صورة بيان رسمي ,تعلن فيه الدولتان عن رغبتهما في إتباع هذا المبدأ في المستقبل، وقد جعلت بعض التشريعات قيام هذا المبدأ أمرا قطعيا في عملية التسليم، إذ لا يمكن حصوله دون قيامه مثل القانون الألماني والبلجيكي والياباني إلخ.

في حين تركت بعض التشريعات تقدير الأمر إلى الحكومات ,إن شاءت تمسكت به وإن شاءت تخلت عنه كالقانون الفرنسي والجزائري والإيطالي واللبناني

القوة الإلزامية للمعاهدات والاتفاقيات الدولية

هناك إجماع شبه تام على أنّ التسليم واجب قانوني في حالة وجود معاهدة، إلاّ أن الخلاف يظهر في حالة عدم وجود اتفاقية دولية للتسليم، فمنهم من يرى أنه واجب سياسي مثل PIGGOT كون التسليم يعود إلى أعمال السيادة , التي تمارسها الحكومة في الدولة المطلوب منها التسليم, في حين يرى آخرون مثل MARTENS بأنه التزام ناقص – أي أنه وإن كان التزام قانوني فإنّ عدم القيام بهذا الالتزام لا يؤثر على مركز الدولة المطلوب منها التسليم في حين الكتاب العرب أجمعوا على أنّ الالتزام القانوني الصريح يكون قائما بوجود المعاهدة، ويتحوّل إلى التزام طبيعي (أدبي) عند تخلّف المعاهدة، وبالتالي الإخلال بهذا الالتزام لايرتب نفس الآثار التي تترتب عند الإخلال بالتزام قانوني.

ولقد أقر معهد القانون الدولي في مؤتمره الثاني في اكسفورد "بأنّ المعاهدات ليست وحدها التي تضفي الصفة القانونية على عمل التسليم ,وإنما يمكن إجراءه بدونها، دون أن يؤثر ذلك على صفته."

أي بمعنى أنّ المعاهدة الدولية ليست وحدها هي التي تمنح صفة الإلزام من عدمه، بل قد يمتد إلى العرف الدولي أو مبدأ المعاملة بالمثل، والذي انتهجته عدّة دول دون وجود اتفاقيات دولية، كما هو الحال في مصر ومعظم دول أوروبا الغربية كبريطانيا.

كما نجد أنّ الفقه انقسم إلى مذهبين:

- المذهب الأمريكي: الذي لا يقبل التسليم إلاّ إذا سبقته معاهدة.

- المذهب الفرنسي: الذي يقبل التسليم خارج الاتفاق الدولي، ويشترط في ذلك أن يتّم وفقا للقانون.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

شروط تسليم المجرمين

الشروط المتعلقة بالجريمة

يقول بيكاريا "من أنجح الوسائل لمنع الجريمة التيقن من عدم وجود مكان، يمكن أن يفلت منه العقاب"، وعليه فالتسليم حتى يقوم لابد أن تكون هناك جريمة ارتكبها شخص مطلوب تسليمه، ولما كانت الجريمة ومكافحتها هي الغاية من وجود نظام التسليم، فما هي الشروط الواجب توفرها في الجريمة المطلوب التسليم بشأنها.

الشروط العامة للجريمة في نظام التسليم

إن الشروط العامة للجريمة المطلوب التسليم بشأنها لا تخرج عن إطار جسامة الوقائع ومبدأ التجريم ومكان ارتكاب الوقائع وسير الدعوى العمومية، وهذا ما نتناوله بشيء من التفصيل.

شرط جسامة الوقائع

تختلف الجرائم من حيث خطورة وقائعها إلى جنايات وجنح ومخالفات فمنها ما تستوجب عقوبة جسيمة قد تصل إلى الإعدام، ومنها ما هو مخالفة لا تستوجب سوى عقوبة بسيطة تتناسب وخطورتها على المجتمع.

لكن هل من الممكن طلب تسليم مرتكب مخالفة بسيطة ليس لها من الخطورة ما يبرر الإجراءات والنفقات التي يتطلبها التسليم عادة ؟ وبناءا على هذه الإشكالية : كيف يتم تحديد الجرائم الجسيمة القابلة للتسليم ؟ وعلى ضوء ذلك اتبعت الدول طريقتين الترقيمية وطريقة الاستبعاد.

أولا-الطريقة الترقيمية :وهي تعداد أسماء الجرائم وإدراجها في بنود الاتفاقية أو المعاهدة سوءا الثنائية منها أو الجماعية أو في نصوص القانون الداخلي المتعلق بالتسليم أو في قائمة ملحقة بها.

وقد شاع استعمال هذه الطريقة بين الدول الأوروبية، فمنذ زمن طويل إذ كان التسليم يقتصر على جرائم محددة حصرا – ذات خطورة – على أمن المجتمعات آنذاك،إ لا أن هناك بعض البلدان أخذت بهذه الطريقة في اتفاقياتها ليس حصرا للجرائم وإنما بيانا لها واستدلالا، إذ يجوز التسليم في غير الجرائم الواردة في بنود المعاهدة بناءا على مبادئ المجاملة والمعاملة بالمثل [30].

وقد تم العدول عن هذه الطريقة لعيوب تخللتها أهمها:

- قد تظهر جرائم جديدة بعد نفاذ المعاهدة، وعند تطبيقها يتطلب عقد معاهدة جديدة أو إحداث ملحق بالمعاهدة، الذي يتطلب وقتا لا يتلاءم وعملية التسليم.

- قد يتم إدراج جرائم في معاهدة رغم قلة أهميتها، على حساب جرائم أخرى أكثر جسامة.

ثانيا- طريقة الاستبعاد: وهي طريقة تعتمد على معيار العقوبة أساسا لها في تحديد الجرائم القابلة للتسليم، ويكفي للقانون الداخلي أو الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتسليم الإشارة إلى الحد الأدنى أو الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة المطلوب بشأنها التسليم.

ولقد اتبعت هذه الطريقة لأول مرة في القانون الجنائي الدولي الموقعة سنة 1899 في مدينة مونتيفيديو والتي ضمت خمس دول ( البرغواي، الأرجنتين، بوليفيا، البيرو والأرغواي )

وهناك العديد من الاتفاقيات الجماعية لتسليم المجرمين التي اتبعت هذه الطريقة منها على سبيل المثال، اتفاقية جامعة الدول العربية سنة 1952، والميثاق الأوروبي للتسليم سنة 1957.

تجدر الملاحظة إلى أن المشرع الجزائري اتبع في ما مضى الطريقة الترقيمية شأنه شأن باقي الدول أما حاليا فإنه انتهج طريقة الاستبعاد وهذا ما تشير إليه أحكام المادة 697 ق إ ج التي تشترط في التسليم أن يكون:

  • الشخص متابع بوقائع تحمل وصف جناية أو جنحة وعليه فإنه لا يجوز التسليم إذا كانت الجريمة ذات وصف مخالفة.
  • أن تكون العقوبة المراد تنفيذها والمحكوم بها تساوي أو تجاوز شهرين حبس.
شرط ازدواج التجريم

يقصد بازدواج التجريم أن يكون الفعل المطلوب التسليم بشأنه معاقبا عنه في قوانين كلتا الدولتين الطالبة للتسليم والمطلوب منها ذلك، وإذا لم يتحقق هذا الشرط بالنسبة للدول التي تتمسك به فإنه يرفض التسليم لعدم توفر شرط من شروطه.

وقد أطلق الفرنسيين على هذا الشرط تسمية وحدة الأصل، بينما يسميه الإنجليزيين والأمريكيين بازدواج التجريم ،حيث قامت معظم المعاهدات الثنائية[31] والجماعية [32] الخاصة بالتسليم ومعظم التشريعات الجنائية للدول على إدراج هذا الشرط ضمن نصوصها، كما أقره معهد القانون الدولي في دورته التي عقدت في أكسفورد عام 1880، بعد تعديله بإدخال بعض الاستثناءات عليه بقوله: " يقتضي كقاعدة عامة أن تكون الأفعال التي يجري من أجلها التسليم معاقبا عنها في تشريع البلدين، ما لم تكن ظروف الفعل التي تؤلف الجريمة لا يمكن قيامها في بلد الملجأ، أما بسبب نظمه الخاصة أو بسبب وضعه الجغرافي ".

وطلب المؤتمر الدولي العاشر لقانون العقوبات المنعقدة في روما سنة 1969 التخلي عن شرط الازدواج في التجريم، إذا كانت ظروف الدولة الطالبة للتسليم تتطلب الردع.

وقد رفض القضاء التسليم في قرارات عديدة لعدم توفر شرط الازدواج في التجريم، إذ جاء في قـرار المحكمة العليا الأمريكية عام 1903 " المبدأ العام في القانون الدولي، يقضي بأنه في كل حالات تسليم المجرمين فإن الفعل الذي طلب من أجله يجب أن يكون جريمة في قوانين كلتا الدولتين".

وقد أكد الفقهاء على ضرورة وجود هذا الشرط أثناء عملية التسليم، وذهب بعضهم إلى المغالاة في هذا الشرط بإقراره، وإن لم تنص عليه المعاهدات الدولية في بنودها.

أولا - مبررات شرط ازدواج التجريم:دافع الفقهاء المؤيدون لشرط ازدواج التجريم على ضرورة وجود هذا الشرط في نظام التسليم، الذي يعتبر جوهريا وقدموا حججا لتأييد موقفهم من بينها:

  • ضمان هيبة العدالة واحترامها مع المحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم، فوجـــود تجريم مزدوج لوقائع متابع بها شخص من شأنها ضمان تحقيق العدالة بإنزال العقاب على الجاني وتفادي تقديم شخص بريء للمحاكمة.
  • لتحقيق الغاية من مبدأ المعاملة بالمثل الذي يقوم على تبادل المصالح بين الدول، فانعدام التجريم في قانون إحدى الدولتين الطالبة للتسليم أو المطلوب منها ذلك لا يجعل المبدأ مبررا لغياب المصلحة الذي يجب أن يقوم من أجلها.
  • لتحقيق مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، لإنزال العقاب بشخص لابد أن يكون هناك نص يقر بالعقاب كما يجب أن يكون هناك نص يجرم الأفعال، وعليه فالدولة الطالبة للتسليم غايتها إنزال العقاب بالجاني، ولما تكون الأفعال غير مجرمة تنتفي معه العقوبة.

والحال كذلك فالدولة المطلوب منها التسليم غايتها من التسليم التخلص من المجرمين الفارين ولما تكون الأفعال المرتكبة من طرفهم غير مجرمة فلا فائدة من التخلص منهم وتسليمهم.

ثانيا - عيوب شرط ازدواج التجريم: لا يخلو شرط ازدواج التجريم من عيوب نذكر بعضامنها:

لما كانت وظيفة شرط الازدواج هي التأكد من كون الجريمة المطلوب التسليم بشأنها معاقبا عليها من قوانين كلتا الدولتين، فإن المحكمة التي تنظر في التسليم يستوجب عليها الإطلاع على قانون الدولة الطالبة للتسليم ودراسته ومقارنته،ولما قواعد التفسير تختلف من دولة إلى أخرى فانه يترتب لا محالة صعوبات، تواجه المحكمة في اتخاذ قرارها بشأن التسليم والذي ينعكس سلبا على عملية التسليم.

  • اختلاف نظر كل دولة لتشريعات الدولة الطرف الثاني، وهو أمر طبيعي لذا يكفي للدولة المطلوب منها التسليم مراقبة مجرى الإجراءات لتحقيق العدالة بعد التسليم، قد تغيب بعض الجرائم في دولة ما نظرا لظروفها، مثلا الجرائم المتعلقة بالملاحة البحرية التي تنص عنها تشريعات الدول المطلة على البحار والمحيطات، في حين لا فائدة منها في الدول الداخلية وأمام غياب هذا الازدواج في التجريم فإنه يعطل نظام التسليم.
  • مادام التجريم يلحق به العقاب فإن الدولة الطالبة للتسليم، هي من تقوم بتسليط العقاب ويكفي لتشريعاتها أن تنص على التجريم والعقاب تحقيقا لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فالتسليم هو عمل من أعمال المساعدة القضائية وليس عملا قضائيا وبالتالي فلا مبرر لوجود نص في تشريع الدولة المطلوب منها التسليم يجرم الأفعال المطلوب بشأنها التسليم.
  • قد تختلف أوصاف الجرائم من دولة إلى أخرى رغم وحدة عناصر الأفعال المجرمة الذي تختلف معه العقوبات.

والسؤال الذي ينبغي طرحه، هل يكفي لقيام شرط ازدواج التجريم أن يكون معاقبا على الفعل من تشريع كلا الدولتين, أم يجب أن يتّحد الوصف الجزائي للأفعال؟

هناك رأيان في هذا الشأن:

الرأي الأول: يرى ضرورة تحقق شرط ازدواج التجريم هو أن يتّحد الوصف القانوني والتسمية للفعل المطلوب بشأنه التسليم في قانوني كلتا الدولتين.

الرأي الثاني: ويرى أصحاب هذا الرأي أنه يكفي لتحقق شرط الازدواج في التجريم أن تكون الوقائع تشكل جريمة بالنسبة لقوانين كلتا الدولتين, ومن بين هؤلاء الفقهاء الفقيه الإنجليزي اللورد KILLOWEN الذي أعلن أنه لا يؤيد عدم جواز التسليم بسبب اختلاف التسمية, إذا كانت الوقائع التي تكون جرائم معاقبا عليها بشدة في كلتا قوانين الدولتين الطالبة للتسليم والمطلوب منها ذلك.

ثالثا- موقف المشرع الجزائري من شرط ازدواج التجريم : نجد أن المشرع الجزائري قد أخذ بضرورة توفر شرط ازدواج التجريم إلا أنه لم يغالي في هذا الشرط ،كأن يشترط تطابق الوصف والتسمية, بل اكتفى بأن تكون الأفعال المطلوب بشأنها التسليم تشكل جناية أو جنحة في قانون الدولة طالبة التسليم وبالمقابل يعاقب عنها التشريـــع الجزائري.[36]

شرط مكان ارتكاب الوقائع

يلاحظ إجماع شبه كلي للاتفاقيات الدولية الثنائية منها والجماعية في مجال تسليم المجرمين, وكذا التشريعات الداخلية التي تنظم عملية التسليم على مبدأ إقليمية قانون العقوبات والإجراءات الجزائية، ولما امتدت الجريمة خارج إقليم الدولة, إذ أصبحت ذات طابع عالمي كالإرهاب وترويج المخدرات وتبييض الأموال، وأصبح من الضرورة إنزال العقاب لمرتكبي هذه الجرائم الخطيرة التي تهدد كيان الفرد والمجتمع، وعندما كان إطلاق مبدأ إقليمية قوانين العقوبات يؤدي إلى نتائج لا يمكن قبولها، إذ التمسّك بالسيادة لا ينبغي أن يحول دون تضامن الدول في المصالح المشتركة، ولا سيما في مكافحة الجريمة وهو ما ينجم عنه نظام تسليم المجرمين الذي راح في شروطه يحافظ على سيادة الدول في تجسيد التعاون والقضاء على الصعوبات التي قد تعترض تطبيق هذا النظام، فظهر نظام مكمّل له وهو مبدأ عالمية حق العقاب الذي يقر بأن مصلحة الدول جميعا تقتضي عدم ترك الجاني بدون عقوبة.

أولا - ارتكاب الوقائع في إقليم الدولة الطالبة للتسليم:وهو شرط ورد في بنود الاتفاقيات الدولية للتسليم الجماعية منها والثنائية, إذ يعد المبرر المباشر لطلب الدولة الطالبة للتسليم, باعتبار الوقائع وقعت على إقليمها الذي يخولها الاختصاص في متابعة الجاني وإنزال العقاب به حيث تواجد الأدلة التي تثبت إدانة الجاني بالأفعال المنسوبة إليه, وهذا تسهيلا للعمل القضائي وتحقيق مسعاه في تجسيد العدالة.

وقد أشار إلى ذلك المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية لاسيما المادة 696 منه عندما اشترط أن تكون الأفعال المطلوب التسليم من أجلها قد وقعت على إقليم الدولة الطالبة للتسليم.

ثانيا-ارتكاب الوقائع خارج إقليم الدولة الطالبة للتسليم :وهو أن يرتكب الفاعل وقائع مجرمة في إقليم دولة غير الدولة الطالبة للتسليم أو الدولة المطلوب منها ذلك, ويضبط على إقليم الدولة المطلوب منها التسليم, فإذا فرضنا أن الجريمة تمس بأمن الدولة الطالبة للتسليم, فما هو أساس طلب التسليم في هذه الحالة وأمام غياب مبدأ الإقليمية ؟ فإنه من الضروري أن يكون هناك مبرّر لطلب الدولة الطالبة للتسليم حتى يكون مقبولا عند إبدائه وتقتضي فيه مصلحة هذه الدولة. ويمكن للدولة طالبة التسليم أن تبرر مطلبها في التسليم بناءا على مبدأ الشخصية،وهو أن يكون الفاعل أحد رعاياها وهو مبرر قانوني، إذا لم تعترضه صعوبة وهو مطالبة الدولة التي ارتكبت على إقليمها الوقائع ،أو بناءا على مبدأ الاختصاص العالمي وهو اختصاص يمتد خارج حدود الدول, يخول المتابعة في بعض الوقائع التي تكون جرائم خطيرة تهدد الأمن الداخلي للدول والأمن العالمي بصفة تبعية .

ثالثا- ارتكاب الوقائع في إقليم الدولة المطلوب منها التسليم : لا يجوز قبول طلب التسليم إذا ما كانت الوقائع المتابع لأجلها الشخص المطلوب تسليمه قد وقعت بإقليم الدولة المطلوب منها ذلك, فإنه وبالرجوع إلى مبدأ إقليمية قانون العقوبات, فإن ولاية الاختصاص تعود للدولة المطلوب منها التسليم، ولما يكون الجاني أحد رعايا هذه الدولة أو أجنبي عنها, فإنّ مبدأ الإقليمية تبقى له الأفضلية في التطبيق ,بناءا على ما تقدم من تسهيلات تكفل للجاني من محاكمة عادلة .وعدم جواز التسليم في مثل هذه الحالة هو الحفاظ على مبدأ سيادة الدولة دون تخط التعاون الدولي،الذي يجب أن يحترم سيادة الدول وكذا تبادل الثقة في الأجهزة القضائية التي هدفها إنزال العقاب بالجاني، حسب ما تقتضيه درجة المسؤولية الجزائية للفاعل وهو مبدأ مكرس في القوانين الداخلية وكذا الاتفاقيات الدولية.

شرط عدم انقضاء الدعوى العمومية

ويقصد بهذا الشرط أن تكون الدعوى العمومية للجريمة التي أتهم بارتكابها الشخص المطلوب تسليمه وكذا العقوبة الصادرة بحقه لا تزال قائمة ولم تسقط أو تنقضي لأي سبب من أسباب الانقضاء القانونية منها أو القضائية, فعدم تحقق هذا الشرط يفقد التسليم أهميته ويصبح بدون جدوى ما دام الشخص مطلوب لوقائع لن يتابع لأجلها كسبب انقضاء الدعوى العمومية، أو يسلّم بشأن عقوبة سقطت سيفرج عنه حتما بعد التسليم.

غير أنّ المشكلة التي تطرح هنا تتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق لمعرفة أسباب الانقضاء أو سقوط العقوبة، فهل هو قانون الدولة طالبة تسليم أم قانون الدولة المطلوب منها ذلك؟

وللإجابة عن هذه الإشكالية فإنه نكون أمام صورتين:

أولا: العبرة بقانون الدولة الطالبة للتسليم: وهو ما ورد في الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إذ ترى أنّ التسليم لا يجوز عندما تكون الجريمة أو العقوبة قد سقطت بالتقادم طبقا لقانون الدولة طالبة التسليم.

ثانيا: العبرة بقانون إحدى الدولتين الطالبة للتسليم أو المطلوب منها ذلك, وهو ما أخذت به اتفاقية تسليم المجرمين لدول الجامعة العربية لعام 1952 دون تحقق هذا الشرط في نفس الوقت، وهو الاتجاه السائد في معاهدات التسليم المبرمة على المستوى العالمي وبعض قوانين تسليم المجرمين في الدول العربية. إلاّ أنّ تطبيق هذه الصورة أظهر تباينا نظهره على النحو التالي:

1- سقوط الدعوى العمومية بالتقادم بمقتضى قانون الدولة المطلوب منها التسليم يؤدي إلى عدم جواز التسليم ورفضه ،ومثال على ذلك المعاهدة التي عقدتها سويسرا مع كل من إيطاليا والبرازيل , بريطانيا وروسيا والبرتغال واسبانيا وألمانيا.

2- جعل التسليم اختياري حال سقوط الدعوى العمومية أو انقضاء العقوبة بالتقادم ومثال ذلك معاهدة سويسرا – فرنسا سنة 1969. وسويسرا –بلجيكا سنة 1874.

3- منع التسليم إذا ما تحقق سقوط الدعوى العمومية أو انقضاء العقوبة بمقتضى قانون أحد الدولتين الطالبة للتسليم أو المطلوب منها ذلك، ومن أمثلة ذلك معاهدة بوستامنتة وهو ما تفضله الدول حاليا.

إلا أنه يطرح تساؤل – في أي مرحلة من مراحل التسليم يكون سقوط الدعوى العمومية أو انقضاء العقوبة مبررا لرفض التسليم؟

قد ذهب فريق إلى حصول التقادم وقت إجراء عملية التسليم وفريق آخر إلى حصوله وقت وصول طلب التسليم إلى الدولة المطلوب منها ذلك وفريق اشترط لحصول التقادم أن يكون قبل القبض على المتهم وإحالته على التحقيق.

وتجدر الملاحظة إلى أنه مادام انقضاء الدعوى العمومية أو سقوط العقوبة، بالتقادم أو لأي سبب آخر من النظام العام فإنه يجوز للشخص المطلوب تسليمه إثارته في أي مرحلة من مراحل متابعته، ولو صدر قرار المحكمة القاضي بتسليمه، لأنّ هذا الأخير ليس قرار يقضي بإدانته.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاستثناءات في قبول التسليم

هناك أنواع من الجرائم التي لا يجوز التسليم فيها مهما كانت خطورة الوقائع فيها ويعود ذلك لأسباب عديدة تخص كل جريمة نذكر منها الجرائم السياسية والجرائم العسكرية.

الجرائم السياسية

من الصعب إيجاد مفهوم شامل للجريمة السياسية وذلك يعود لقابليته للتغيير السريع وارتباطه ببعض أنواع الجرائم مثل الجرائم الإرهابية، مما يصعب معه تقرير ما إذا كانت الجريمة في مجموع وقائعها سياسية فيعفى مرتكبيها من التسليم، أو من الجرائم الإرهابية فيجب التسليم فيها.

وأمام غياب تعريف للجريمة السياسية في التشريع فإنّ كلا من الفقه والقضاء يقدم محاولات:

أولا - تعريف الجريمة السياسية : يعد الفقيه TRAVERS من بين الفقهاء القلائل الذين عرّفوا الجريمة السياسية بقوله : " الجريمة التي تخل بنظام البلاد السياسي والتي تهدف أو يكون من شأنها تعريض سلامة الدولة الداخلية للخطر".

وقد عرفها القضاء الفرنسي بأنها " الجريمة التي يكون غرضها الوحيد هدم أو تعكير النظام السياسي في ركن من أركانه ,أو تغيير نظمه بطريق غير مشروع, أو المساس بتنظيم السلطات العامة أو تعريض استقلال الأمة أو سلامة أراضيها ,أو علاقة الدولة الفرنسية بغيرها من الدول للخطر).

مما سبق يمكن أن نحصر عناصر تعريف الجريمة السياسية بأنها كل فعل يخّل بالنظام السياسي, يقصد من وراءه تغيير النظام القائم والذي يترتب عنه خطر داخلي يمس الأمن والاستقرار للأفراد والسلطات العامة, وقد يمتّد هذا الخطر لأن يمس العلاقات الخارجية للدولة.

ثانيا - تمييز الجريمة السياسية عن الجرائم العادية : جاء الفقه والقضاء بمعايير للتمييز بين الجريمة السياسية التي تمتاز بإجراءات خاصة عن الجرائم العادية, فانقسم إلى قسمين :

المذهب الشخصي: وقد اعتمد أنصاره على أنّ الدافع هو الضابط لتحديد نوع الجريمة فإذا كان سياسيا كانت كذلك, والباعث مسألة دقيقة يمكن تعريفه بأنه الحافز الذي دفع الفاعل بالتحرك نحو تحقيق غاية سياسية (كإسقاط نظام فاسد لإحلال نظام بديل له) وهو كذلك كل باعث لا ينصب على تحقيق مأرب شخصي.

ولقد انتقد هذا المذهب كونه يعرّف الجريمة على عنصر,لا يدخل في عناصر الجريمة وهو الباعث.

المذهب الموضوعي : قد اعتمد أنصار هذا المذهب موضوع الجريمة كضابط لتحديد نوع الجريمة, ومن ثمّ تعد جريمة سياسية الجرائم التي تخل بنظام وسير السلطات العمومية , والتي تمس بالمصلحة السياسية للدولة.

وسواء تمّ الأخذ بالمذهب الشخصي الذي يعاب عليه ضيقه أو بالمذهب الموضوعي الذي يعاب عليه اتساعه, فإن التمييز يزداد تعقيدا في الجرائم المختلطة أو المرتبطة إلاّ أنّ هذا النوع من الجرائم أخذ في الانكماش,إذ أصبح عددها يتقلص خاصة في الآونة الأخيرة , ويعود هذا إلى إخراج بعض الجرائم منها من دائرة الجرائم السياسية خاصة بعد ظهور التعاون الدولي في مكافحة مثل هذا النوع من الجرائم (مثلا الجرائم الإرهابية) والجرائم التي تقع على رؤساء الدول وأفراد أسرهم.

ثالثا- مبررات الإعفاء من التسليم : وقد جاء الفقهاء ببعض الحجج التي تبرر عدم تسليم المجرم السياسي منها :

1- أنّ المجرم السياسي ليس من العصاة, إذ يتميّز بالشرف والأخلاق الحسنة وأنّ دافع الوطنية هو الذي دفع به إلى إصلاح النظم التي يعتقد أنها خطأ أو صواب لا تحقق المصلحة الاجتماعية.

2- أنّ تسليم المجرم السياسي قد يوتر العلاقات بين الدول ,إذا ما تطورت الأحداث إلى حصول انقلاب في النظام السياسي للدولة طالبة التسليم.

3- اعتبار الإجرام السياسي هو منبع الدولة وأنظمتها.

4- قد يعرض تسليم المجرم السياسي إلى فرض عقوبات قاسية وشديدة , على غرار المجرم العادي, لأنّ تحقيق العدل في الجرائم السياسية أصعب منه في الجرائم العادية.

5- وجود المجرم السياسي في إقليم الدولة المطلوب منها التسليم لا يشكل خطرا على أمنها واستقرارها من شأنه يستوجب التسليم والتخلص منه.

رابعا- الجريمة السياسية في التشريع الجزائري : لم يرد للمشرّع الجزائري تعريفا للجريمة السياسية بخلاف بعض التشريعات المقارنة وإنما اكتفى بالإشارة إليها في المادة 698 من ق إ ج ولم يحدد المعايير لاعتبار الجريمة سياسية من عدمها وإنما ترك تقدير ذلك للسلطات المعنية غير أنه جرى العمل والتنظيم الدولي على أنّ الجرائم الإرهابية ليست جرائم سياسية.

وبالرجوع إلى الاتفاقيات الثنائية و الجماعية التي عقدتها الجزائر وصادقت عليها, فإنها وإن تطرقت للجريمة السياسية فإنها لم تحدد مفهوم هذا النوع من الجرائم وإنما اكتفت باستثنائها من التسليم.

الجرائم العسكرية

بما أنّ هذا النوع من الجرائم يخضع لطابع خاص وتشريع مستقل, مما يميزها بخصوصية الإجراءات والمتابعة وحتى العقوبة , لذا فقد جاء إعفاء التسليم في مثل هذا النوع من الجرائم.

أولا -تعريف الجريمة العسكرية : يعرفها الفقهاء بأنها : " تلك الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات العسكري وتعتبر إخلالا بواجبات خاصة لفريق من الأفراد هم أفراد القوات المسلحّة ,راجعة إلى حالتهم أو وظيفتهم ", وراح التشريع يقدّم محاولات لتعريف الجريمة العسكرية كما هو الحال في القانون السوفياتي بأنها " الجريمة التي تقع من أحد العسكريين بالمخالفة للنصوص المتعلقة بالخدمة العسكرية " .

ثانيا- أهميّة التمييز بين الجرائم العسكرية والجرائم العادية: إنّ للتمييز بين الجرائم العسكرية والجرائم العادية أهمية , من حيث الإجراءات وكذا العقوبات :

1-من حيث الإجراءات والاختصاص: تختص المحاكم العسكرية بالنظر في مثل هذا النوع من الجرائم ذات الطابع العسكري المحض مهما كان مركز الفاعل أصليا أو مساعدا أو شريكا , وسواء كان عسكريا أم لا.

كما أنها تختص بالجرائم ذات الطابع العام التي يرتكبها أشخاص لهم صفة عسكري.

2-من حيث العقوبات : تختلط العقوبة الجزائية بالطابع التأديبي في العقوبات المقررة للعسكريين ( كالعزل , فقدان الرتبة ) كما لا يطبق نظام وقف العقوبة المحكوم بها ولا يعتد بالعود لتشديد العقوبة في مثل هذا النوع من العقوبات.

3-من حيث التسليم : وقد اتبعت الدول الأساليب التالية بشأن التسليم في الجرائم العسكرية.

3-1طريقة النص على عدم التسليم في الجرائم العسكرية الصرفة دون تحديد لماهية هذه الجرائم أو الشروط الواجب توفرها فيها.

2- طريقة النص على عدم التسليم في الجرائم العسكرية التي يقرر العقاب عنها في القوانين العسكرية فقط.

3 -3طريقة النص على عدم جواز التسليم في الجرائم العسكرية والجرائم المرتبطة بها.

4- الطريقة التي تشترط إمكانية التسليم في الجرائم العسكرية إذا كان التسليم جائزا بالنسبة لنفس الجريمة إذا كان التسليم جائزا بالنسبة لنفس الجريمة إذا كان مرتكبها شخص لا يخضع للقانون العسكري.

وقد نصت على هذه الطريقة المادة 4 من الميثاق الأوروبي لتسليم المجرمين لعام 1957على أنّ الجرائم التي تخضع للقانون العسكري والتي لا تكون جرائم طبقا للقانون الجنائي الاعتيادي مستثناة من أحكام هذا الميثاق.

وقد أقرّ هذا المبدأ معهد القانون الدولي في دورته المنعقدة في أكسفورد عام 1880و أثبته العرف الدولي في تسليم بحارة المراكب والبواخر التجارية والعسكرية الهاربين من تلك البواخر دون اتخاذ الإجراءات الأصولية للتسليم طبقا لما تقتضيه مستلزمات التعاون الدولي خاصة ما يتعلق منها بالتجارة الدولية.

ثالثا - مبررات الإعفاء من التسليم في الجرائم العسكرية:قد طرحت أسباب لتبرير الإعفاء من التسليم في الجرائم العسكرية منها :

1 -كون الجرائم العسكرية لها علاقة بالجرائم السياسية لذا يطلق عليها اسم الجرائم شبه سياسية.

2-انعدام مصلحة الدولة المطلوب منها التسليم في قبوله إذا ما كان الشخص الفار ليس من مرتكبي الجرائم الخطيرة التي تهدد كيانها أو الأمن الدولي يخشى انتشارها.

الشروط المتعلقة بشخصية الجاني الهارب

قد يكون الجاني من رعايا الدولة التي ارتكبت فيها الوقائع, ثم فرّمنها هروبا من إنزال العقاب وقد يكون من رعايا دولة أخرى كما قد يكون من رعايا الدولة المطلوب منها التسليم, وقد يكون الجاني عديم الجنسية أو يحمل أكثر من جنسية في كل هذه الحالات كيف يتم استرداد الجاني من طرف الدولة طالبة التسليم وإنزال العقاب به ؟

=الشروط العامة للشخص في حالة جواز التسليم

الأصل أنّ جميع الأشخاص اللاجئين إلى أرض الدولة يجوز تسليمهم لكن العرف الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الجماعية منها والثنائية قد أتت باستثناءات تخرج عن هذا الأصل.

إلاّ أنه يوجد بعض الدول انفردت بالأصل دون الاستثناء بتقرير مبدأ التسليم ولو كان الجناة المطلوب تسليمهم رعاياها, مثل انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى ضوء ما تقدم فإنه يطرح الإشكال التالي: ماهي الشروط العامة التي يجوز فيها التسليم كأصل عام باتفاق الدول؟

حالة الشخص المطلوب يحمل جنسية الدولة الطالبة للتسليم

عندما يكون الجاني أحد رعايا الدولة التي ارتكبت فيها وقائع الجريمة أو يكون الجاني من رعايا الدولة الطالبة للتسليم وارتكبت الجريمة في دولة أخرى, ثمّ يفرّ منها فهل يحق للدولة أن تسترد مواطنيها ؟

لا يوجد خلاف في هذا الحق المقرر للدولة طالبة التسليم ,بل ذهبت بعض التشريعات والمواثيق الدولية إلى منح الأولوية في مثل هذه الحالة من التسليم كما ذهبت معاهدات أخرى إلى التحقق من شروط التسليم الأخرى, كشرط ازدواج التجريم واقتصرت معاهدات أخرى على تسليم رعايا الدولة الطالبة للتسليم دون غيرهم.

ويقععبئ إثبات أن ّ الشخص المطلوب تسليمه من رعايا الدولة الطالبة للتسليم من عدمه على عاتق الدولة طالبة التسليم.

حالة الشخص المطلوب يحمل جنسية دولة ثالثة

وهي الحالة التي يكون فيها الجاني أحد رعايا دولة ثالثة وقد ارتكبت جريمة في إقليم الدولة الطالبة للتسليم وتمّ ضبطه في إقليم الدولة المطلوب منها ذلك, فإذا تقدمت الدولة المتضررة من فعل الجاني الهارب بطلبها في التسليم فإن للدولة المطلوب منها التسليم أن ترجع إلى بنود المعاهدة المنعقدة بينهما ,فإذا وجد شرط استشارة الدولة التي ينتمي إليها الجاني قبل التسليم فإنها ملزمة بالقيام بهذا الإجراء , وإلاّ كان التسليم غير قانوني والعكس إذا كانت المعاهدة لا تتضمن هذا الشرط أو لا يوجد اتفاق دولي للتسليم فإن الدولة المطلوب منها التسليم لها الخيار, فإذا رأت أنّ الاستشارة ضرورية طبقا لقواعد المجاملة أخذت بها , وإذا رأت خلاف ذلك فإنها تقوم بالتسليم دون إشعار الدولة الثالثة, ولم تلزم اتفاقية تسليم المجرمين لدول الجامعة العربية لعام 1952 الدول الأعضاء بضرورة استشارة الدولة التي ينتمي إليها الشخص المطلوب تسليمه.

حالة الشخص المطلوب تسليمه يحمل جنسيات متعددة

قد يثبت للدولة المطلوب منها التسليم أنّ الشخص محل طلب التسليم يحمل عدّة جنسيات مثل:

أولا ـ كأن يكون يحمل جنسية الدولتين الطالبة للتسليم والمطلوب منها ذلك ودولة ثالثة فأي جنسية يعتد بها؟

اتفق الفقهاء على أنّ جنسية الدولة المطلوب منها التسليم هي التي يعتّد بها باعتباره موجود في إقليمها ومادامت تأخذ بمبدأ عدم تسليم رعاياها.

ثانيا ـ قد يكون للشخص المطلوب تسليمه جنسيتان ,جنسية الدولة الطالبة للتسليم جنسيته الأصلية وجنسية الدولة المطلوب منها التسليم عن طريق التجنس, فهل يحق للدولة المطلوب منها التسليم رفض تسليمه باعتباره أحد رعاياها أم تنظر في القصد من رواء التجنس ؟

تباينت تطبيقات الدول تجاه هذه المسألة:

1-فمنها من اعتبرت المتجنسين رعاياها ولو حصل هذا التجنس بعد ارتكاب الوقائع المتابع بها والمطلوب التسليم لأجلها وبالتالي لا يجوز تسليمه.

2-ومنها من اعتبرت أنه لا قيمة للتجنس إذا حصل بعد ارتكاب الجريمة ,إذ يعد في نظرها غش قانوني، وقد أقرّ القضاء الفرنسي ذلك إذ سلّم أحد المتجنسين بالجنسية الفرنسية عام 1950 وقد ارتكبت الوقائع بإيطاليا سنة 1945.

الاستثناء الوارد عن مبدأ جواز التسليم

إذا كان الهارب من رعايا الدولة المطلوب منها التسليم فكيف يتم ذلك وهل هو جائز أم لا ؟

تعريف مبدأ عدم تسليم الرعايا

ويقصد به أن يكون الهارب المطلوب تسليمه من أحد رعايا الدولة المطلوب منها التسليم سواءا من الرعايا الأصليين أو من المتجنّسين بجنسيتها, والذي لا يجوز تسليمه مهما كانت الوقائع التي ارتكبها من خطورة تستوجب تسليمه. وتعد المعاهدة المبرمة بين فرنسا وبلجيكا سنة 1834 أول معاهدة نصت على هذا المبدأوهو الاتجاه الذي سارت عليه الدول في الوقت الحاضر حسب ما يستشف من قوانينها الداخلية المتعلقة بالتسليم أو المعاهدات الثنائية منها أو الجماعية.


موقف الفقه والقضاء من مبدأ تسليم الرعايا

قد أحدث مبدأ تسليم الرعايا من عدمه انقساما بين الفقهاء, بين مؤيد للمبدأ ومعارض له ولكل فئة مبرراتها وهذا ما سنوضحه على النحو التالي:

أولا - مبررات عدم تسليم الرعايا : ويتذرع أنصار هذا المبدأ بالحجج التالية :

1-أنّ التسليم يؤدي إلى تجريد المتهم من قضاته الطبيعيين وهم القضاة الذين يحملون جنسية بلده , وليس قضاة البلاد الذي انتهكت قوانينه.

2-أنه من حق المتهم حمايته من الدولة التي ينتمي إليها في مقابل القيام بواجباته واحترام قوانينها , ومادام لم يخرق حرمة قوانين بلاده فإنه يقابل ذلك الحماية القانونية له, ولا يحق لدولته أن ترمي به تحت رحمة قانون وقضاء أجنبيين , وهو الأمر الذي يتنافى وهيبة الدولة وكرامتها.

3-عدم وجود ضمانات كفيلة تضمن المحاكمة العادلة والمعاملة المماثلة للمسلّم مثل الجاني الذي ينتمي إلى البلد المسلّم له.

4-مادامت الغاية من التسليم هي إنزال العقاب بالجاني , فإنه من الممكن لدولة المطلوب منها التسليم محاكمة رعاياها عن الجرائم التي يرتكبونها خارج إقليمها استنادا إلى مبدأ الاختصاص الشخصي لقضائها.

ثانيا - مبررات تسليم الرعايا : ويبرر أنصار هذا الرأي , مبدأهم بالحجج التالية :

1-كون القاضي المختص للنظر في الجريمة هو القاضي الذي انتهكت الجريمة قانونه.

2-التسليم كنظام عادة يتم بين الدول التي تأخذ بالنظام القضائي في التسليم والذي تتوافر فيه الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة.

3-التسليم يكون نتيجة عدم التزام الجاني الهارب بقوانين الدولة التي ارتكب جريمته بها.

4-عدم التسليم قد لا يؤدي إلى محاكمة الجاني الهارب, خاصة إذا كانت الدولة المطلوب منها التسليم تأخذ بمبدأ إقليمية القانون الجنائي بصفة مطلقة.

5-عدم التسليم قد يؤدي إلى توزيع الاختصاص بين عدّة محاكم يصدر عنها أحكام قد تتناقض وتتنافى مع فكرة العدالة.

وقد اقترح الفقهاء حلولا بديلة للتخفيف من حدّة الانقسام , نذكر منها :

أولا- حريّة الاختيار : وهو أن يكون للدولة الطرف الحريّة في التصرّف في تسليم رعاياها من عدمه , إلاّ أنّ هذا الحل , جاء دون جدوى, كون الدول استقرت في تطبيقها لمبدأ عدم تسليم رعاياها.

ثانيا- التسليم من أجل المحاكمة فقط: إنّ الدولة الطالبة للتسليم تهدف من وراءه محاكمة الجاني الهارب في مكان ارتكابه للجريمة , الذي تتوافر فيه أدلّة الإدانة مما يدفع الطمأنينة في المجتمع الذي انتهكت حرمة قوانينه, في حين أنّ الدولة المطلوب منها التسليم تخشى على رعاياها من أن يتعرضوا للعقوبة القاسية في سجون الدولة الطالبة, فنكون أمام ثلاث مصالح متعارضة.فكيف يتّم التوفيق بينها؟

اقترح بعض الفقهاء أن تقوم الدولة الطالبة بمحاكمة المطلوب تسليمه, وتسترجعه الدولة المطلوب منها ذلك بعد تسليمه لتنفيذ العقوبة عليه.

ويبدوا أنّ هذه الطريقة لا يمكن أن تحقق ما تصبوا إليه الدول من آمال في مكافحة الجريمة, نظرا لتكاليف النقل في عملية تسليم واسترجاع الشخص المطلوب للمحاكمة.

كما أنها تتطلب تعديل القوانين الداخلية من حيث تنفيذ الأحكام الأجنبية, إضافة إلى أنّ تنفيذ الأحكام الأجنبية لا تكون بنفس الجديّة التي تنفذ فيها الدولة الأحكام الصادرة عن سلطاتها القضائية, كما قد يفرج عن الشخص قبل انقضاء العقوبة بسبب صدور عفو خاص.

شرط الاختصاص

إنّ شرط الاختصاص ضروري في نظام التسليم, إذ لا يمكن أن تصوّر التسليم دون أن تكون هناك ولاية للدولة طالبة التسليم للنظر في الجريمة, وإذا جرى التسليم دون هذا الشرط فإنه يقع باطلا كونه يفقد الغاية منه. وقد عرف الاختصاص في الوقت الحاضر توسعا إذ أصبح لا يقوم على مبدأ الإقليمية فحسب بل امتد إلى الأخذ بالمبدأ الشخصي والعيني, وحتى الاختصاص الشامل في بعض الجرائم[77] مما أدى إلى ظهور تنازع في الاختصاص القضائي للدول ويظهر أثر هذا التنازع في نطاق تسليم المجرمين. وهذا ما سنتطرق له حالة بحالة في كل مطلب :

الجريمة من اختصاص الدولة طالبة التسليم

قد ينعقد الاختصاص للدولة طالبة التسليم بناءا على مبدأ الإقليمية, وهي الحالة الأكثر شيوعا وبهذا الصدد يطرح التساؤل ما هي الوسائل التي تحدد الاختصاص للدولة طالبة التسليم دون غيرها من الدول :

الاستناد إلى التشريعات الداخلية

من المعلوم أنّ التشريع هو من يحدد الجهة المختصة للنظر في كل جريمة , لكن عندما يكون الاختصاص بين دولتين تتميّز كلا منها بتشريع مستقل , قد لا يتفق مع التشريع الذي يقابله , فهل يمكن الاستناد لتحديد الاختصاص على قوانين الدولة الطالبة للتسليم أو قوانين كلتا الدولتين.

أولا -الاستناد على قوانين الدولة طالبة التسليم : ويتّم بموجب هذه الطريقة تحديد الاختصاص بناءا على قوانين الدولة طالبة التسليم فيما إذا كانت مختصة للنظر في الجريمة المطلوب التسليم من أجلها أم لا.

ثانيا- الاستناد على قوانين كلتا الدولتين : يشترط في هذه الطريقة أن يكون الاختصاص الذي تنص عليه قوانين الدولة طالبة التسليم نفسه ما تنص عليه قوانين الدولة المطلوب منها ذلك[78] إذ لا

يمكن أن تطلب الدولة طالبة التسليم استرداد شخص بناءا على الاختصاص العيني الذي لا تأخذ به قوانين الدولة المطلوب منها التسليم.

وقد أقرّ معهد القانون الدولي في أكسفورد عام 1880 هذه الطريقة , ونصّ في المادة 08 منه على أنّ " اختصاص الدولة الطالبة للتسليم يجب أن لا يتعارض مع قوانين الدولة المطلوب منها التسليم ".

استنادا لمعاهدات التسليم

وهو أن يرد في بنود المعاهدة نص أو أكثر يحدد الاختصاص في إجراء التسليم ,وبالتالي تكون الدول الأطراف ملزمة بهذا النص وقد أخذ أسلوبين:

أولا- أن يحدد الاختصاص للدولة المطلوب منها التسليم والجرائم التي تقع تحت طائلة هذا الاختصاص والتي يستوجب معها التسليم.

ثانيا - قد تحيل المعاهدة في تحديد قواعد الاختصاص إلى مبادئ القانون الدولي أو إلى قانون إحدى الدولتين الطرفين.

اختصاص الدولة الطالبة للتسليم والمطلوب منها ذلك

قد علمنا أنّ الاختصاص ينعقد لجهة ما بناءا على مبدأ من المبادئ التي جرى العمل بها لتحديد الاختصاص, وهو مبدأ الإقليمية والمبدأ الشخصي والمبدأ العيني ومبدأ الاختصاص الشامل. فقد ينعقد الاختصاص للدولتين الطرفين كلا حسب مبدأ رغم وحدة وقائع الجريمة المطلوب التسليم بشأنها. وقد ينعقد الاختصاص للدولتين الطرفين حسب مبدأ واحد يعود إلى أكثر من واقعة إجرامية.

تعدد الاختصاص في جريمة واحدة

هناك اتفاق كامل للتشريعات ولآراء الفقهاء على أن من حق الدولة المطلوب منها التسليم أن تمتنع عند إجراء التسليم إذا ما كـان الاختصـاص ينعقـد لأحد محاكمـها , مهما كـان نـوع هذا الاختصاص ( إقليمي – شخصي أو عيني ) إذ لا ترجيح لاختصاص على آخر, لكن هذا التمسك بالاختصاص قد يخلق بعض الصعوبات والعراقيل أمام عملية التسليم وبالتالي أمام التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة , ولا سيما عندما ترفض التسليم من جهة ثم تمتنع عن معاقبته فينفلت الجاني من العقاب , إلاّ أنّ بعض القضاء لم يلتزم الثبات حيال هذا الموقف] مرة يقبل التسليم على أساس أنّ القضاء مختص, إلا أنه لم يحرك ساكنا.ومرّة يرفض تسليم المجرم كون قضاء الدولة المطلوب منها التسليم مختص بوضع يده على الواقعة أو أنه فصل فيها , إلاّ أنه يطرح التساؤل الآتي هل يكون هذا الحكم الصادر في الواقعة المجرمة المطلوب التسليم بشأنها مانع من التسليم , أم أنه يجوز التسليم بعد ذلك ؟

فهناك من يذهب إلى أنه يجب التمييز في هذه الحالة بين كون الحكم يقضي بالإفراج والبراءة [83] مستندا إلى نصوص القانون وبين الحكم الذي يستند إلى عدم كفاية الأدلة,إذ لا يجوز التسليم في الحالة الأولى لعدم جواز معاقبة المتهم أكثر من مرّة,ويجوز التسليم في الحالة الثانية فقد تكون الأدلة كافية للإدانة في الدولة الطالبة للتسليم منه في الدولة المطلوب منها ذلك.

أما إذا انتهت محاكمة الجاني بصدور حكم يفرض عقوبة فإنه وبناءا على قاعدة عدم جواز محاكمة الجاني أو معاقبته أكثر من مرّة على نفس الوقائع.

فإنه لا يجوز التسليم غير أنّ هناك من يجيزه في هذه الحالة لما تقتضيه قواعد الإنصاف,إذ أنّ الضرر الذي يصيب الدولة طالبة التسليم أكثر منه من الضرر الذي يصيب الدولة المطلوب منها ذلك, وبالتالي تكون العقوبة المقررة للجاني على الوقائع غير مطابقة للضرر الذي أصاب الدولة طالبة التسليم.

وتجدر الملاحظة إلى أنّ القانون الجزائري يأخذ بعدم جواز ثنائية المحاكمة فالمادة 698/4 من ق إ ج لا تجيز التسليم إذا كانت الجريمة المطلوب التسليم من أجلها قد تمت المتابعة والحكم فيها نهائيا بالجزائر , ولو كانت قد ارتكبت خارج الإقليم الجزائري.

وهو الأمر الذي اتجهت إليه الجزائر في اتفاقياتها القضائية التي عقدتها مع دولة [84] أو مع الدول في إطار اتفاقيات جماعية.

تنازع الاختصاص عند تعدد الجرائم

قد يحدث أن تطلب دولة شخص لمتابعته بوقائع ارتكبها على إقليمها من دولة ثانية تتبين لهذه الأخيرة أن الشخص محل طلب التسليم متابع أمام جهاتها بوقائع أخرى.فهل يجوز التسليم هنا؟

أجمع الفقهاء حول عدم جواز التسليم إلى أن يفرغ من متابعته نهائيا لأنه قد يرفض طلب استردادها لهذا الشخص بعد تسليمه ولا ضرر إذا فصلت في طلب التسليم بعد انتهاء متابعته للشخص المطلوب تسليمه.

لكن إذا انتهت المتابعة بعقوبة سالبة للحرية فهل يبت في طلب التسليم أم يؤجل إلى غاية تنفيذ العقوبة ؟ هذا ما قد يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية في الدولة الطالبة التسليم أو إلى ضعف أدلة الإثبات ( وفاة بعض الشهود ....صعوبة إحضارهم ) وإزاء ذلك فقد جاءت التشريعات والمعاهدات الدولية ببعض الحلول لمعالجة هذه الصعوبات.

أولا - التسليم بصورة مؤقتة: وهو أن يسلّم الشخص المطلوب تسليمه إلى الدولة طالبة التسليم للمحاكمة فقط وفور انتهائها يعاد إلى الدولة المطلوب منها التسليم لتنفيذ العقوبة.

ثانيا-تأجيل التسليم مؤقتا : وهو أن يؤجل البت في طلب التسليم إلى أن يفرغ من متابعة الشخص المطلوب تسليمه وتنفيذ العقوبة عليه وبصفة عامة أن تنقطع صلته بالقضايا التي ينظر فيها قضاء الدولة المطلوب منها التسليم.

وتجدر الملاحظة إلى أنّ المشرع الجزائري, أخذ بالتسليم بصورة مؤقتة, إذ يجوز تسليم الشخص محل طلب التسليم , والذي هو محل متابعة من الجهات القضائية الجزائرية أو محل تنفيذ عقوبة جزائية, لأجل المحاكمة في الجهات القضائية للدولة طالبة التسليم ثم يرد إلى الجزائر, كما أنه يشترط رد الشخص المسلّم مؤقتا بمجرد قيام القضاء الأجنبي بالفصل في الدعوى المتابع بها وهو ما نصت عليه المادة 701 / 2 من قانون الإجراءات الجزائية.

كما أنه أخذ من جهة أخرى بتأجيل التسليم وهذا ما ذهبت إليه المادة 701 فقرة 1 من ق إ ج إذ يمنع التسليم إلى غاية الانتهاء من متابعة الشخص أو تنفيذ عقوبته أمام الجهات القضائية الجزائرية

مبدأ التسليم أو المحاكمة

جدل

التوترات الدولية

التسليم والاختطاف

الاسم السنة من إلى
مورتون سوبل 1950 المكسيك الولايات المتحدة
أدولف إيتشمان 1960 الأرجنتين إسرائيل
إسانگ يون 1967[3] ألمانيا الغربية كوريا الجنوبية
موردخاني ڤنونو 1986 إيطاليا إسرائيل
هومبرتو أڤارس ماچياين 1990 المكسيك الولايات المتحدة
عبد الله اوكلان 1999 كنيا تركيا
وانگ بينگ‌ژانگ 2002 ڤيتنام الصين
حسن مصطفى أسامة نصر 2005 إيطاليا مصر (مع تأكيد التورط الأمريكي)
ضرار أبو سيسي 2011 اوكرانيا إسرائيل

"الحكم بتسليم المجرمين"

انظر أيضاً

دولية:

أفراد:

الهوامش

  1. ^ أ ب ت Dan E. Stigall, Ungoverned Spaces, Transnational Crime, and the Prohibition on Extraterritorial Enforcement Jurisdiction in International Law: http://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2211219&download=yes
  2. ^ "نظام تسليم المجرمين". ستار تايمز. 2003-09-17. Retrieved 2013-12-29.
  3. ^ Gil, Yun-hyeong (2004-10-30). "독일, 당시 국교단절 검토: 67년 윤이상씨등 서울로 납치 '동백림사건' 항의 (Germany considered breaking off relations at the time: Protests over the 1967 "East Berlin incident" kidnapping of Isang Yun and others)" (in Korean). The Hankyoreh. Retrieved 2007-05-30.{{cite news}}: CS1 maint: unrecognized language (link)

وصلات خارجية