نظرية اجتماعية

النظرية الإجتماعية تشيرُ إلى إستعمالِ مجرد في أغلب الأحيان لهياكل مركبة نظرية لتَوضيح وتَحليل أنماطِ الحياةِ الإجتماعيةِ.

في حين تعتبر النظرية الإجتماعية في أغلب الأحيان فرع من فروع علم الإجتماع، مع ذلك تعتبر النظرية الإجتماعية ذات علاقة بالعديد من الإختصاصات العلمية مثل إقتصاد، علم اللاهوت، تاريخ، والعديد مِنْ المجالات الأخرى.

على أية حال ، فإن أي بحث أساسه موضوعي يُمْكِنُ أَنْ يُوفّرَ الدّعم للتفسيراتِ و في أغلب الأحيان تعطىَ التفسيرات مِن قِبل العلماء النظريين الإجتماعيينِ. البحث الإحصائي المؤسس بشكل علمية، على سبيل المثال، لدراسة حالات عدم تكافؤ الدخلِ بين النِساءِ والرجالِ ييساعد بعد ذلك في تأسيس نظرياتِ إجتماعيةِ المعقّدةِ تبحث في مساواة جنسين أَو النظام الأبوي.

بنفس الوقت نجد علماء نظريون نقديون مثل رائدو التفكيكية أَو ما بعد الحداثة، يجادلون بأنّ أيّ نوع من البحثِ أَو المنهج يمكن أن ينحرف بشكل فطري . وفي العديد مِنْ الحالات يكون المجتمع الذي تصفه هذه النظريات بعيدا عن المجتمع الراهن لدرجة لا تصدق .

تمثل النظريات الحداثية modernity و النظريات اللا سلطوية anarchy مثالين عن هذه النظريات .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تاريخ

علم الإجتماع قبل الكلاسيكي

قبل قرن تاسع عشر، كَانتْ النظريات الإجتماعية الكلاسيكية بشكل كبير سردية ومعيارية، مصاغة في شكلِ قصّةِ، وتفترض دعم و وجود المبادئِ الأخلاقيةِ وتَوصي يتصرفات أخلاقيةَ. في هذا الوقت، كان من المحتملُ إيجاد علماء نظريين اجتماعيين كشخصيَّات دينية.

كان أبرز شخصيتين ساهما في علم الإجتماع في تلك الفترة توماس الأكويني والقديس أوغسطين، اللذان اهتما بشكل خاص بتشكيل مجتمع عادل . كان أوغسطين يَصِفُ المجتمع الروماني القديم لكن من خلال كراهيته للمعتقدات الرومانية القديمة ، وفي ردِّ فعل واضح وضع نظرية مدينة الله. إذا ذهبنا خارج الغرب، نَجِدُ نفس الحالةِ عند "العالم النظري الإجتماعي " الصيني، السيد كونغ الذي فسّرَ المجتمع العادل ووَصفَ المجتمعَ الواقعي على أنه ولايات متحارِبة.

لاحقاً، أيضاً في الصين، أوصىَ موزي بان يكون عِلْم الإجتماع أكثر مصلحية ، لكن أن يبقى أخلاقيَا أساسا .

علم الإجتماع الكلاسيكي

في قرن تاسع عشر ثلاث نظرياتِ كلاسيكيةِ عظيمةِ أحدثت تغييرِا تأريخيِا و إجتماعيِا : تطورية إجتماعية وهي نظرية تشكل ( دارونية إجتماعية جزء منها )، نظرية دورة إجتماعية ونظرية الماركسية المادية التاريخية . تلك النظرياتِ كَانت تشترك بعامل مشتركُ واحد: كانوا جميعاً يتفقون بأنّ تاريخ الإنسانية يتبع طريق ثابت مؤكد ، على الأغلب يضمن تقدم إجتماعي. هكذا، كُلّ حدث ماضي لا يحدث فقط بترتيب زمني، لكن يرَتبطَ بشكل طبيعي مع الأحداثِ الحالية والمستقبليةِ. إفترضتْ تلك النظريات بأنّ دراسة تسلسل تلك الأحداثِ، سيُمْكِنُ عِلْم الإجتماع من أن يَكتشفَ قوانين التاريخ.

العالم النظري الأول هيربرت سبينسر آمنَ بشكل كبير بمبدأ "البقاء للأصلح "وأوصىَ تجنّبَ العملِ الحكوميِ الذي يساعد الإشتراكيات السيئة ( بنظره ) . كما كذّب مع كونت أسس نظرية الداروينية الإجتماعية .

علم الإجتماع الحديث

النظرة الكلاسيكية، قريبة من النظرة تاريخية، إنتقدتَ مِن قِبل العديد مِنْ علماءِ الإجتماع والفلاسفةِ الحديثينِ، بينهم كارل بوبر، روبرت نيسبر، تشارلز تيلي وإمانويل فالرشتاين.

تُمثّلُ النظرياتُ الإجتماعيةُ الحديثةُ النسخةِ المتقدّمةِ للنظرياتِ الكلاسيكيةِ، مثل التطورية الحديثة أَو البيولوجيا الإجتماعية، أَو النظرية العامّة للذاتيّةِ وخَلْقِ المجتمعِ. الإرادة الحرّة والإختيار وأهمية الأحداثِ المتقلّبةِ العشوائيةِ هي أمور صعبة التفسير بالنسبة للمدرسة الحتمية القديمة . هكذا أغلب علماءِ إجتماع الحديثين لا يَعتبرونَ وجود تَوحيد عظيم ل ' قوانين التاريخِ '، لكن هناك قوانينَ أكثرَ تخصصا و أضيق مجالا حول التاريخِ.

النظرية الاجتماعية المعاصرة نظرية الصراع الاجتماعي " رالف دارندوف " R. Dahrendof


مفهوم الصراع الاجتماعي

يحدث الصراع الاجتماعي نتيجة لغياب الانسجام والتوازن والنظام والاجماع في محيط اجتماعي معين . ويحدث ايضا نتيجة لوجود حالات من عدم الرضى حول الموارد المادية مثل السلطة والدخل والملكية او كليهما معا . اما المحيط الاجتماعي المعني بالصراع فيشمل كل الجماعات سواء كانت صغيرة كالجماعات البسيطة او كبيرة كالعشاثر والقبائل والعائلات والتجمعات السكنية في المدن وحتى الشعوب والأمم.


والفكرة الاساسية تتجلى في القول ان قضية الصراع بين المجموعات البشرية هي في الواقع ظاهرة عضوية في الحياة الانسانية والعلاقات السائدة بينها . ويمكن ايراد نوعين من الأسباب حول استيطان الصراع الاجتماعي كظاهرة اجتماعية بين المجموعات البشرية :

1. ثمة ما يسمى بـ" الرموز الثقافية " وهو نوع من الاسباب التي تؤدي إلى انسجام بين البشر أو إلى خصام . والخصام في هذا السياق قد يتجلى في الاختلاف على مفهوم السلطة المادية . فمن له الحق في السلطة وتملكها ؟ ولماذا ؟ هو سؤال يسمح بنشوب صراع .

2. ومن وجهة نظر ماركسية فان قضية العدالة الاجتماعية تعد متغيرا بنيويا في اثارة الصراعات الاجتماعية طالما ان هناك توزيع غير عادل للثروة .


بعض تعريفات الصراع الاجتماعي

يقدم علماء الاجتماع السياسي وعلماء الانثروبولوجيا بعض التعريفات التي تساعدنا في التعرف على معنى الصراع في ادبيات العلوم الاجتماعية ، ولنأخذ اثنين من هذه الادبيات :

أولا : رالف دارندوف

يقدم عالم الاجتماع الالماني هذا الصراع على انه "حصيلة العلاقات بين الافراد الذين يشكون من اختلاف في الاحداث " .

ثانيا : لويس كوزر

هو عالم اجتماع امريكي معاصر اهتم بالنظرية الوظيفية وقدم مساهمة في نظرية الصراع الا جتماعي .

هذه المساهمة تعرف الصراع بـ :

" انه مجابهة حول القيم او الرغبة في امتلاك الجاه والقوة او الموارد النادرة " .

وفي هذا السياق للتعريف فان الاطراف المتصارعة لا ينحصر اهتمامها بكسب الاشياء المرغوب فيها بل انها تهدف إلى وضع المناوئين اما في حالة حياد او ان يقع الاضرار بهم او القضاء عليهم .

مشروعية الصراع الاجتماعي

الجذور

تهتم النظريات السوسيولوجية باستكشاف اسباب الصراع الاجتماعي وانعكاساتها ، وتحاول ان تطرح رؤىً فكرية بخصوص امكاية نفي المفهوم او التحكم فيه . أي البحث في استعمال المفهوم وتوظيفه لتبرير غايات سياسية او اقتصادية او اجتماعية او حتى فلسفية . ولكن كيف ؟

ان الفكر النظري حول الصراع الاجتماعي هو فكر قديم جدا ولعل نظرية كارل ماركس حول الصراع الطبقي تمثل حصيلة لتراكم الزاد المعرفي لهذه النظرية . فالصراع الاجتماعي عند ماركس له جذور اقتصادية تشكل الطبقات الاجتماعية اساسه عند المجموعات البشرية . فالصراع الطبقي حسب الماركسية هو القوة المحركة للتاريخ .

من جهة أخرى يرى البعض كـ " روبرت مالتوس " صاحب النظرية الشهيرة في السكان بان الثروات وقتل الملايين من الافراد عبر وسائل العنف المتعددة والمتنوعة هي مسألة ضرورية لتقدم البشرية . بعبارة اخرى فالصراع الاجتماعي من هذا المنظور اساسيا وضروريا لإحداث تغير اجتماعي ايجابي وكأن فلسفة التقدم والتنمية التي اجتاحت اوربا في القرن 19م ما كان لها ان تنجح لولا البعد العنفي الكامن فيها . وفي هذا السياق يبدو أن للصراع وظيفة ايجابية .

في علم الاجتماع

بالنسبة لنظرية الصراع في علم الاجتماع فيمكن الاشارة إلى المعالم التالية :

فمن جهة تُعَدُّ نظرية الصراع الاجتماعي كطليعة للفكر الماركسي ، ومن جهة ثانية تُعَدُّ بديلا للنظرية البنيوية الوظيفية ، بل انها تمثل مخرجا للنظريتين فهي من جهة تحمل بذورالوظيفية وفي نفس الوقت تحمل بذور الماركسية لذا فهي تستعمل مضامين وجواهر كلا من الوظيفية والماركسية بحيث يستحيل ردّ اطروحاتها إلى أي من هما منفردة .

كنا قد اشرنا إلى النقد الذي تعرضت له البنيوية الوظيفية على عدة مستويات باعتبارها نظرية محافظة ذات طابع ايديولوجي وغير قادرة على التعامل مع التغيرات الاجتماعية كونها ركزت في انطلاقاتها علىاستقرار البنى الاجتماعية حتى فقدت القدرة على تحليل الصراع الاجتماعي . لذا يمكن القول بان نظرية الصراع الاجتماعي تمثل محاولة قام بها العديد من علماء الاجتماع للمحافظة على الاهتمام بمفهوم البنية والاعتناء بنفس الوقت بمفهوم الصراع .

ويعد كتاب عالم الاجتماع الامريكي " لويس كوزر" المنشور تحت اسم " وظائف الصراع الاجتماعي 1950 " أول محاولة تنظيرية في هذاالصدد . أي انه أول محاولة امريكية تتعامل مع الصراع الاجتماعي انطلاقا من رؤية البنيوية الوظيفية مما يعني ان كوزر انفرد نوعا ما بنظرة ايجابية للصراع الاجتماعي . ومع ذلك فالبعض يرى ان دراسة الصراع الاجتماعي يجب ان يتجاوز الوظائف الاجتماعية الايجابية لهذا الصراع . فما الذي يعنيه هذا البعض ؟


المعنى يكمن في النظرية الماركسية . فلعل ابرز ضعف تشكو منه نظرية الصراع الاجتماعي هو فقدانها لارضية النظرية الماركسية ، ولعل الاستثناء الوحيد في هذا الميدان هو عالم الاجتماع الألماني " رالف داهرندوف " الذي حاول تلقيح نظرية الصراع الاجتماعي بأطروحة الفكر الماركسي فكان كتابه " الطبقة وصراع الطبقات " أهم عمل سوسيولوجي حول نظرية الصراع الاجتماعي .

ومع هذا فإن داهرندوف يكاد يستعمل نفس الاطار التحليلي الذي تبناه علماء الاجتماع الوظيفيون " البنى والتنظيمات الاجتماعية " . ومن ناحية اخرى فقد نبه داهرندوف إلى أن عناصر النسق الاجتماعي يمكن ان تعمل معا متناسقة ويمكن ان تعرف صراعا وتوترات ذات بال ، فالمجتمعات تتمتع بحركية والصراع هو أحد ملامح هذه الحركية ومثلما ان هناك تناسق اجتماعي فثمة أيضا مجابهات وتوترات اجتماعية .

وفي النهاية يمكن النظر إلى نظرية الصراع الاجتماعي على أنها مرحلة عابرة في تاريخ تكون النظرية السوسيولوجية . ويعود فشل تبلورها إلى عدم الاستفادة الكافية من الفكر الماركسي الذي كان انتشاره ضئيلا قبل الخمسينات في القرن العشرين بين علماء الاجتماع الأمريكان ومع ذلك فالنظرية الصراعية هيأت الظروف المناسبة لقبول الفكر الماركسي بين المثقفين الأمريكان مع مطلع الستينات من نفس القرن


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مصادر