مظاهرات 15 خرداد

خطبة خميني في بمناسبة عاشوراء في 15 خرداد 1342 هـ.ش. (5. يونيو 1963)، التي أثارت أعمال شغب.
1963: خميني في طريقه للسجن

مظاهرات 15 خرداد 1342 هـ.ش. (الموافق 5 يونيو 1963) بعد اعتقال حجة الإسلام روح الله خميني، اندلاع الاضطرابات في مدن طهران وقم، اندلعت مظاهرات يعتبرها البعض بداية الثورة الإسلامية. وأتى اعتقال خميني في أعقاب إلقائه لخطاب غاضب يهاجم فيه الشاه محمد رضا پهلوي، وإسرائيل والولايات المتحدة.[1] وقد أُخذ نظام الشاه على حين غرة وفوجئ بمظاهرات شعبية ضخمة من الدعم، وعلى الرغم من نجاح الشرطة والجيش في قمعها في غضون أيام، إلا أن تلك الأحداث ولّدت شعورًا بأهمية وقوة المعارضة الدينية (الشيعية) لنظام الشاه واعتبار خميني زعيمًا سياسيًا ودينيًا بارزًا.[2] وبعد مضي خمسة عشر عامًا، كان على خميني قيادة الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه والدولة الپهلوية وإقامة جمهورية إيران الإسلامية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الخلفية التاريخية

تظاهرات ۱۵ خرداد
سقوط قتلى في المظاهرات

في يناير 1963، أعلن الشاه عن "الثورة البيضاء"، وهي عبارة عن برنامج إصلاح مكوّن من ست نقاط يدعو إلى إصلاح الأراضي، وتأميم الغابات، وبيع الشركات المملوكة للدولة للقطاع الخاص، وإجراء التغييرات الانتخابية التي تمنح المرأة حق الاقتراع، وتقاسم الأرباح في مجال الصناعة، وشن حملة لمكافحة الأمية في المدارس في كافة أنحاء الدولة. واعتبر التقليديون كافة هذه المبادرات اتجاهات خطيرة تهدف إلى التغريب، ويأتي في مقدمة هؤلاء العلماء الشيعة البارزون والمتميزون (رجال الدين) الذين شعروا بتهديد بالغ حيال هذه المبادرات.[3]

عقد خميني اجتماعًا لرفاقه (آيات الله الآخرين) في مدينة قم وأقنع المرجعيات الشيعية رفيعة المستوى من مدينة قم بإصدار مرسوم بمقاطعة الاستفتاء على الثورة البيضاء. وفي 22 يناير 1963، أصدر خميني بيانًا شديد اللهجة يستنكر فيه الشاه وخططه. وبعد ذلك بيومين، قاد الشاه رتلًا من المدرعات المتجهة إلى مدينة قم، وألقى خطابًا يهاجم فيه بقوة العلماء بوصفهم فئة.

مع ذلك، استمر خميني في إدانته لبرامج الشاه، وأصدر وثيقة تحمل كذلك توقيع ثمانية آخرين من كبار علماء الدين. وفي هذه الوثيقة سرد العديد من الطرق التي يزعم أن الشاه انتهك بها الدستور، وأدان تفشي الفساد الأخلاقي في البلاد، واتهم الشاه بخضوعه للولايات المتحدة وإسرائيل. كذلك، قضى بإلغاء احتفالات نوروز للعام الإيراني 1342 (الواقعة في تاريخ 21 مارس 1963) باعتبارها إشارة لإظهار الاحتجاج ضد سياسات الحكومة.


الأحداث

خطبة خميني واعتقاله

بعد ظهر يوم 3 يونيو 1963، عاشوراء، ألقى خميني خطابًا في المدرسة الفيضية وعقد خلالها مقارنة بين الخليفة الأموي يزيد بن معاوية والشاه. وأدان خميني الشاه واصفًا إياه بأنه "رجل سيء وبائس"، وحذره إن لم يغير أساليبه فسيأتي اليوم الذي يخرج فيه الشعب شاكرين رحيله من البلاد.[4] وفي طهران، انطلقت مسيرة محرم التي تضم أنصارًا لخميني تجاوز عددهم 100,000 مشاركٍ مارين بقصر الشاه، وهم يهتفون "الموت للدكتاتور، الموت للدكتاتور! حفظك الله يا خميني! الموت للعدو المتعطش للدماء!”[5]

بعد هذه المسيرة بيومين في تمام الساعة الثالثة صباحًا، هبط رجال الأمن والقوات الخاصة على منزل خميني في مدينة قم وألقوا القبض عليه. وعلى عجل قاموا بنقله إلى سجن قصر بـ طهران.

الانتفاضة

فيلم إخباري أمريكي حول الاضطرابات.

مع بزوغ فجر يوم 5 يونيو، انتشر خبر اعتقاله في أنحاء مدينة قم ثم وصل إلى مدن أخرى. وفي مدن قم، وطهران، وشيراز، ومشهد ووارمين، واجهت الدبابات ورجال المظلات الجماهير الغاضبة المتظاهرة. وفي طهران، هاجم المتظاهرون مراكز الشرطة، ومكاتب الساڤاك والمباني الحكومية، بما في ذلك الوزارات. ولهذا أعلنت الحكومة التي تفاجأت بتلك الممارسات الأحكام العرفية وفرضت حظر التجوال من الساعة العاشرة مساءً وحتى الخامسة صباحًا. وفي اليوم التالي، خرجت جماعات الاحتجاج إلى الشارع بأعداد صغيرة وتصدت لها الدبابات و"جنود مزودون بمعدات قتالية ووجهت لهم أوامر بإطلاق النار بهدف القتل".[6] واكتسبت قرية بيشاف القريبة من وارمين شهرة بفضل تلك الانتفاضة. وبدأ مئات القرويين من قرية بيشاف في تنظيم مسيرة لطهران، وهم يهتفون "خميني أو الموت". ولكن أوقفهم الجنود على جسر السكة الحديدية؛ حيث بدؤوا بإطلاق النار من أسلحتهم الآلية عندما رفض القرويون التفرق وهاجموا الجنود "بكل ما لديهم". و"لم يكن واضحًا" ما إذا تم قتل "العشرات أو المئات" .[6] وبعد ستة أيام فقط أعيدت هيكلة النظام بالكامل.[4]

وبحسب ما ورد على لسان الصحفي باقر معين، تشير ملفات الشرطة إلى اعتقال 320 شخصًا ذوي خلفيات متنوعة، من بينهم 30 من كبار رجال الدين في يوم 5 يونيو. وتسرد الملفات كذلك أن 380 شخصًا قتلوا أو أصيبوا في الانتفاضة، ولا يضم هذا العدد أولئك الذين لم يذهبوا إلى المستشفى "خوفًا من إلقاء القبض عليهم" أو أولئك الذين نقلوا إلى المشرحة أو الذين دفنوا على أيدي قوات الأمن.[6]

إطلاق سراح خميني

الجنرال حسن پاكروان، قائد الساڤاك.

يحبذ المتشددون من داخل النظام (رئيس الوزراء أسد الله علم، ورئيس الساڤاك نعمت الله ناصري) إعدام خميني، باعتباره الشخص المسؤول عن إثارة أعمال الشغب، والإضرابات والاحتجاجات (الأقل عنفًا) التي استمرت في الحدوث في الأسواق وفي كل مكان. كذلك، تشير فاطمة پاكروان – زوجة حسن پاكروان، رئيس السافاك – في مذكراتها أن زوجها أنقذ حياة خميني في عام 1963؛ حيث استشعر پاكروان أن إعدام خميني كان سيعمل على إثارة غضب عامة الشعب الإيراني. وعرض وجهة نظره هذه على الشاه. وبمجرد أن أقنع الشاه أن يسمح له بالعثور على طريقة للخروج من هذا المأزق، دعا آية الله محمد كاظم شريعتمداري، أحد كبار الزعماء الدينيين بإيران، وطلب مساعدته. واقترح شريعتمداري أن يتم تنصيب خميني كمرجع شيعي. ولهذا أصدرت المرجعيات الشيعية الأخرى مرسومًا دينيًا كان قد اتخذه باكرڤان وسيد جلال طهراني بحق الشاه.[7]

بعد مرور تسعة عشر يومًا قضاها خميني في سجن القصر، تم نقله أولًا إلى القاعدة العسكرية اشتراطآباد ثم إلى منزل بضاحية داوودي بطهران؛ حيث ظل تحت المراقبة. وبعدها أطلق سراحه في 7 أبريل 1964، وعاد إلى قم.[4]

بعد الثورة

يحظى تاريخ 15 خرداد بشهرة واسعة في جميع أنحاء جمهورية إيران الإسلامية. ومن بين أماكن أخرى، سميت التقاطعات المعروفة باسم مفترق طرق 15 خرداد، ومحطة مترو الخامس عشر من خرداد نسبة إلى هذا التاريخ. بالإضافة إلى ذلك، تمت تسمية إحدى المؤسسات الكبرى  – التي عرضت مكافأة لمن يقتل سلمان رشدي، بعد إصدار روايته آيات شيطانية (1988) والجدل الدائر حول آيات شيطانية الذي جاء نتيجة إصدارها – نسبةً إلى هذا التاريخ.

المراجع

  1. ^ Moin, Baqer (2000). Khomeini, Life of an Ayatollah. New York City: St. Martin's Press. p. 104. OCLC 255085717.
  2. ^ Staff (undated). “Ayatollah Khomeini Biography” Bio. Retrieved June 3, 2012.
  3. ^ [1].
  4. ^ أ ب ت “History of Iran: Ayatollah Khomeini”.
  5. ^ Moin, Baqer (2000). Khomeini, Life of an Ayatollah. New York City: St. Martin's Press. p. 106. OCLC 255085717.
  6. ^ أ ب ت Moin, Baqer (2000). Khomeini, Life of an Ayatollah. New York City: St. Martin's Press. pp. 111–113. OCLC 255085717.
  7. ^ Fatemeh Pakravan (1998). Memoirs of Fatemeh Pakravan – Wife of Gen. Hassan Pakravan, Army Officer, Chief of State Security & Intelligence Organization, Cabinet Minister. Cambridge, مساتشوستس: Harvard Center for Middle Eastern Studies. ISBN 978-0-932885-19-7.

وصلات خارجية