محمد غازي

محمد غازي، عميد المطربين.

"محمد غازي" عبد العزيز حسين أبو شاويش (مطلع 1922 - 16 مارس 1979) هو رائد من رواد الموسيقى العربية, وواحد من رجالات فلسطين المبدعين الذين تركوا إرثا غنيا في الموسيقى والفن والحفاظ على التراث الموسيقي العربي لمن سبقه من فناني الموسيقى الكبار وشيوخها من خلال اعادة انتاج الكثير من الموشحات بصوته لرواد الموسيقى العربية أمثال الشيخ زكريا أحمد، محمد عثمان، وسيد درويش، وغيرهم, وهو من الذين أسهموا مساهمة فعالة في نهضة الموسيقى العربية والأغنية العربية, وترك وراءه مدرسة موسيقية كبيرة ومهمة تناولت التراث الموسيقي العربي بشكل منقطع النظير.

"محمد غازي" صوت ساحر انطلق مع اول اذاعة فلسطينية في القدس اواسط ثلاثينات القرن الماضي, هاجر الى لبنان بعد النكبة لينضم الى اذاعة بيروت هو ومجموعة من زملائه الفنانين اشتهر باتقانه الغناء العربي الكلاسيكي من ادوار وموشحات وقصائد ،شارك مع الاستاذ المخرج الفلسطيني صبري الشريف في عدة اعمال غنائية عربية الى جانب الفنانة الكبيرة فيروز، بالاضافة الى عشرات الاغاني والموشحات والقصائد التي لحنها وغناها في خمسينات وستينات القرن الماضي.

"محمد غازي" علم من أعلام الموسيقى العربية واللبنانية، وهو يعتبر من أهم المراجع للموشحات الأندلسية، كما يعتبر من كبار مطربي الموسيقى الكلاسيكيه في العالم العربي الذين أرسو النهضة الموسيقية في بلاد الشام والعالم العربي.. لديه أسلوب متميز في الغناء بسبب مساحات صوته العاليه وطبقات صوته الواسعة كما يقول نقاد الموسيقى.

يقول عنه الباحث والناقد الموسيقي الاستاذ اللبناني إلياس سحاب ( 1937 ) في حديثه باحدى المقالات حول الموسيقار اللبناني توفيق الباشا الصديق ل"محمد غازي" :

الموسيقار توفيق الباشا - 1924- 2005 يقول الاستاذ الياس سحاب بأن الباشا عمل على موشحات من التراث العربي، ومنها موشح ‘ملا الكاسات وسقاني’ الذي لحنه زعيم الملحنين محمد عثمان في القرن الـ19 . وفي إعادته لأعمال من التراث كان توفيق الباشا يتكل على صوتين إذاعيين هما "محمد غازي" الذي يعتبر أهم صوت مرّ على الإذاعة اللبنانية . أما في موشح ‘ملا الكاسات’ فقد إعتمد صوت سعاد محمد وهي التي كانت من إكتشافاته. والباشا أعاد صياغة هذا الموشح ثلاث مرات وفي كل مرة كان يدخل عليه تجديداً. وهو كان يعتمد في عمله على الموشحات بتسجيلها بصوت منفرد وكذلك مع الكورال. أما موشح ‘ما إحتيالي’ الذي لحنه أحمد أبو خليل القباني الدمشقي فقد أعاد الباشا صياغته وأدته سعاد محمد والمجموعة وكذلك "محمد غازي" الذي كان له إرتجال أداه بروعة على مقام النهوند في برنامج حكاية لبنان سنة 1959 في كازينو لبنان.

  • وايضا يقول الموسيقار رياض البندك 1924-1992 :

فنان فلسطيني من بيت لحم عن الفنان "محمد غازي" في مذكراته, أن مقدرته الفنية في الأداء تعتبر مدرسة قائمة بذاتها، ويعتبر "محمد غازي" من أقدر المطربين الذين مروا في تاريخ الغناء العربي الحديث.

ويقول عنه الاستاذ محمود دمراني - سوري الجنسية وهو من المهتمين بالتراث الموسيقي

عن الفنان "محمد غازي", انه فنان لن يجود الزمان بمثله.


والحديث عن الفنان "محمد غازي" ليس مجرد حديث .. وانما هو نوع من التقييم لهذه

الشخصيه العظيمة .. فقد أعطى الموسيقى كل عمره وجهده ..

وقدم هذا الفنان المبدع ألحانا مهمة للكثير من المطربين والمطربات العرب , عشق الغناء منذ أن كان طفلا صغيرا وتأثر باللون الغنائي الطربي الأصيل فعشق غناء الموشحات والأدوار والقصائد . يمتلك هذا الفنان صوت قوي جدا وجميل قل نظيره , وإتقان ملفت للنظر لأداء القصائد بلغة عربية فصحى وقوية, وحفظه للموشحات والأدوار لكبار المطربين الذين وضعوا أصول الموسيقى العربية كأمثال : الشيخ السيد الصفتي , الشيخ زكريا أحمد , محمد عثمان , السيد درويش , عبده الحمولي , وداوود حسني , ومحمد القصبجي ... وآخرين .

ولا نستطيع أن نتحدث عن شخصية هذا الفنان الكبير دون أن نتناول فلسطين في تلك الحقبة الزمنية التي عاش فيها هذا الفنان . ولد الفنان "محمد غازي" في قرية بيت دجن / يافا، في بداية العام 1922م , أي قبل أن توجد دولة الكيان الصهيوني المغتصب بست وعشرين عاما من أبوين فلسطينيين , وكان والده رحمه الله تعالى عبد العزيز يتردد بين مدينة يافا وقريته بيت دجن بسبب الاحوال الاقتصادية الصعبه وظروف البحث عن الرزق . يافا في تلك الفتره تعتبر قلب فلسطين النابض من الناحيةالاقتصاديه, وكانت تشتهر بالحمضيات بشكل عام, والبرتقال بشكل خاص, وكانت يافا تصدر عشرات الملايين من صناديق الحمضيات والبرتقال سنويا في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر . اما من الناحية الثقافيه فتعتبر يافا عاصمة فلسطين الثقافيه بدون منازع حيث احتوت على اهم الصحف الفلسطينية اليومية كصحيفة فلسطين, وصحيفة الدفاع, وعشرات الصحف والمجلات, ودور الطبع والنشر, الى جانب احتوائها على اهم واجمل دور السينما والمسارح, في فلسطين اضافة لذلك انتشرت في يافا عشرات النوادي الرياضية والثقافية, والتي اصبح بعضها صروحا ثقافية هامة في تاريخ المدينه الحديث, والذي اعطى يافا بعدا حضاريا , ايضا انتقال مقر اذاعة الشرق الادنى في جنين, حيث كان مقر القياده البريطانيه الى مدينة يافا, حيث كان يرأس القسم الموسيقي في اذاعة الشرق الادنى الاستاذ صبري الشريف وزملاءه منهم محمد الغصين مدير البرامج وغانم الدجاني, وصبحي ابو لغد, واحمد جرار, وعبد المجيد ابو لبن, ورشاد البيبي, ونجاتي صدقي. عودة الى السيد عبد العزيز ابو شاويش - فأن هذا الرجل يمتلك صوتا جميلا حسنا, حسب الرواية عنه, وكان يحب صوت الفنان المصري محمد عد الوهاب, ايضا يحب ان يدند بصوته, لذلك ليس غريبا أن يرث الفنان "محمد غازي" الصوت الجميل عن والده إن جاز التعبير . بالرغم من معارضته لإبنه أن يسير في طريق الفن ككثير من الاباء, خاصة أن "محمد غازي" هو إبنه الوحيد وله من الأخوه ست اخوات اناث ولم يكن له اخوة ذكور.

درس الفنان "محمد غازي" في كتاب الشيخ مصطفى عباس, حيث تعلم على يديه اللغة العربية وقراءة القران الكريم قبل ان ينتقل الى مدرسة بيت دجن/يافا الابتدائية التي كانت تدرس الى الصف السابع الابتدائي, وكانت ظاهرة عليه الميول الفنية منذ أن كان طفلا صغيرا, وكان يمتلك صوتا قويا وجميلا في تجويد القرآن الكريم, ولا استطيع ان اجزم في حدود معلوماتي بعد دراسته في مدرسة بيت دجن هل انتقل الى يافا واكمل دراسته الثانوية كبقية اقرانه ام لا, ثم بعد ذلك دراستة للموسيقى والفن في قبرص حسب المعلومات المتوفره لدي والحقيقه ان هناك معلومات كثيرة لا اعلم عنها في تلك الفترة الزمنيه من تاريخ فلسطين عن هذا الفنان وتعلمه للموسيقى.....................الى اخره

كان الكثير من المثقفين, والفنانين, والمفكرين العرب, يأتون إلى مدينة يافا تلك المدينة الجميلة المطلة على البحر, فلقد جاءها محمد عبد الوهاب عام 1942, وأم كلثوم, ومحمد عبد المطلب ,وعباس محمود العقاد, وتوفيق الحكيم, واخرون, لا يستطيع الانسان حصرهم في هذه الكلمة وهذا دليل على ان فلسطين ويافا تحديدا كانت محجا لكل المثقفين والمبدعين من انحاء العالم لما تمتاز به من مناخ طبيعي, وفني على السواء, هذه البيئه الطبيعية والفكرية والفنية من الاسباب الاولى التي شكلت هذا الفنان في ظني المتواضع. زمن جميل وكله ابداع اوجد حالات فنيه بالرغم من الواقع الصعب الذي يعيشه الانسان في فلسطين, لقد ساعدت اذاعة الشرق الادنى في بلورته , ووصول الانتاجات الموسيقية والغنائية الى اذان المستمعين العرب في كل مكان.

في العام 1948 كارثة فلسطين والتهجير القسري للشعب الفلسطيني, من مدن فلسطين, وقراها واحتلال فلسطين, وطرد اهلها منها, نزح وهو يحمل الم البعد والتهجير عن الوطن السيد عبد العزيز ابو شاويش, ثم يهاجر الى مخيم عقبة جبر/اريحا, ويبدأ فصلا جديدا من المعاناة, الا ان الفنان "محمد غازي" كان يقيم في مدينة القدس, بسبب عمله في الاذاعة الفلسطينيه هنا القدس, التي كان يرأس القسم العربي فيها الشاعر العربي الفلسطيني ابراهيم طوقان ولم تلبث هذه الاذاعة كثيرا فانتقلت الى رام الله, بسبب الحرب في تلك الفتره ثم الى عمان, في جبل الحسين الى منطقة ام الحيران, واصبحت اذاعة المملكه الاردنيه الهاشميه لغاية الان, وبعد مخيم عقبة جبر انتقل السيد عبد العزيز ابو شاويش الى الاردن واستقر في جبل التاج في عمان الى ان توفي رحمه الله تعالى.

سجل الفنان "محمد غازي" للعديد من محطات الاذاعه العربية التي كانت قليلة, ثم استقر في لبنان حيث كان يسكن في منطقتين في راس بيروت, وفي منطقة بحمدون في لبنان بدأت تتعرف عليه الوجوه الفنية ويتعرف عليها.

في بداية ظهور فيروز والرحابنة استعان الاخوين رحباني بالمطرب "محمد غازي" لتعليم وتدريب فيروز على غناء وأداء الموشحات الاندلسية والتي كانت له خبرة سابقة في تدريسها وطرق القائها, بالاضافة الى تدريبها على القاء الفصحى , وبقي هذا الفنان على اتصال فني مع السيده فيروز حتى الى قبيل وفاته .

أدى مع فيروز عددا من الموشحات الاندلسية منها موشح يا شادي الالحان, و ياوحيد الغيد, وحجبوها غن الرياح , كما شاركها في الصوره الغنائيه ضيعة الاغاني التي صورت تلفزيونيا وأدّى معها في الخمسينات ايضا بعض من أجمل الموشحات الرحبانية مثل الليل أناشيد والعمر مواعيد (صدرت في سي دي "أناشيد")، الحب القديم، وزرياب (التي سجّلت كذلك مع كارم محمود في مصر)... وهذه الأناشيد غير مطبوعة ولا يعرفها سوى الغلاة من الفيروزيين..

الفنانه اللبنانيه عايده مارون طنب ( رونزا) أجابت عندما سئلت ؟؟

  • كيف سارت حياتك مع الرحابنة ؟ تقول :

تبناني الأخوان رحباني في بداية حياتي الفنية كمؤدية أساسية في أعمالهما الفنية بعد أن طلبا من الأستاذ "محمد غازي" تدريبي على الغناء الشرقي فكانت ثمرة التعاون ثلاث مسرحيات غنائية, إلى جانب برامج غنائية وتمثيلية متنوعة للتلفزيون والمسرح قدمت في مختلف بلدان العالم. خلاصة القول ان الفنان "محمد غازي" كان فنانا شاملا بمعنى الكلمه .

تعاون الفنان "محمد غازي" مع اذاعة دمشق فسجل لها عدداً من التسجيلات التي ضمت الادوار الغنائية والموشحات والطقاطيق وغيرها حيث أثبت انه مطرب كبير يتمتع بصوت طروب فاق كبار المطربين. في العام 1955م وجهت اذاعة صوت العرب دعوه الى الفنانين اللبنانيين لزيارة القاهره, منهم الفنان "محمد غازي", رحبوا بالسفر الى القاهره, والتقوا احمد سعيد مدير محطة صوت العرب حيث وقع معهم عقدا لتقديم اغان واناشيد وبرامج. ومن الاعمال الغنائيه التي قام بتسجيلها بصوته احياء للتراث الموسيقي دور انت فاهم لحن الشيخ زكريا احمد , ودور الفؤاد ليله ونهاره ايضا دور يا منت وحشني لحن محمد عثمان, دور يا حلو قللي, دور انا عشقت الايم يا كعبة الحق القويم, موشح اسقي العطاش, موشح يا شادي الالحان لحن السيد درويش موشحات جلبت للناظرين, موشح ودعتها, موشح يا ويله اللي ما يخاف ربه موشح يا هند رحماك, موشح هاج الحنين, موشح ناعم الخد المورد, موشح بين الدلال والغضب والابتسام شفت العذاب, ايضا غنى هذا الفنان للارض ولفلسطين مثل قصيدة "هذه ارضي وهذا بلدي " للشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد, اضافة لذلك انشودة " دعا وطني فكنت له الجوابا ", وايضا انشودة " شباب العرب ", والكثير الكثير الذي لا يمكن ان نختزله في هذه الكلمه عن هذا الفنان الكبير بالاضافه الى الكثير من الالحان والمؤلفات الموسيقيه التي لحنها لغيره, والمؤلفات التي غناها بصوته من الحان فنانين اخرين. فلقد تعاون مع صديقه الروحي الموسيقار اللبناني توفيق الباشا على احياء اكثر من ثلاثة الاف قصيدة من التراث العربي من العصر الجاهلي الى العصر العباسي . اسس مع زملائه برعاية الاستاذ سعيد فريحة فرقة الانوار , وفي العام 1960 احيت هذه الفرقة في المدرج الروماني في عمان الاغاني الطربيه الجميلة والموشحات .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وفاته

في يوم الجمعه 16/3/1979 وافت المنيه الفنان "محمد غازي" الذي بذل نفسه من اجل الفن الراقي اثر نوبة قلبية حاده ووري جثمانه الطاهر الثرى في بيروت وبهذا الحدث يكون اسدل الستار على اخر فناني الطرب الاصيل الذين يعتبر هذا الفنان امتدادا لهم كالشيخ السيد الصفتي وزكريا أحمد، محمد عثمان، وزكي مراد، ... رحم الله تعالى هذا الفنان المبدع

هذا البحث كتب بتكليف من الدكتوره مقبوله حموده من اجل ملتقى بيت دجن/ يافا السنوي الثالث, الذي اقيم بمركز الحسين الثقافي في منطقة راس العين في مدينة عمان بتاريخ 7/8/2014 والقت هذا البحث ابنتي براءه الباش عدنان الباش (ابو عمر ) ابن اخت الفنان الراحل السبت – 14/06/2014