محجوب عمر

محجوب عمر.

رؤوف نظمي ميخائيل، اسمه الحركي محجوب عمر وشهرته الحكيم (و. 1932 - ت. 17 مارس 2012)، طبيب وسياسي ومفكر وشاعر مصري.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد رؤوف نظمي ميخائيل في 1932، بمحافظة بني سويف، صعيد مصر. أتى إلى القاهرة في مطلع العشرينيات من عمره في عهد جمالد عبد الناصر، حيث درس الطب.


هزيمة 1967

قرر محجوب عمر بعد حرب 1967الالتحاق بصفوف الثورة الفلسطينية، فسافر إلى الجزائر حيث عمل طبيباً في مدينة تلمسان في غرب الجزائر، وفي العام 1968 قدم نفسه للثورة متطوعاً ليبذل جهداً كبيراً لتقريب الأحزاب الشيوعية في المغرب العربي وفرنسا من حركة فتح.[1]

التحق بالثورة في جنوب الأردن مفوضاً سياسياً في العام 1969، فاكتسب احترام المقاتلين الذين كانوا يأتمنونه على أسرارهم الخاصة ويحفظ وصاياهم لذويهم في حال استشهادهم. ربطته علاقات وثيقة مع الشهيد أبو علي إياد؛ الذي استشهد في جرش - الأردن أثناء أيلول الأسود. كان الحكيم هناك في أيلول الأسود يعالج جرحى المقاتلين ويشد أزرهم، ويحاورهم في ظل البنادق. ثم انتقل مع المقاومة الفلسطينية إلى لبنان. وبعد عمله في القواعد (جنوب لبنان، شمال لبنان، جبل الشيخ)، شارك في تأسيس مركز التخطيط الفلسطيني. عاد محجوب عمر إلى القاهرة العام 1982 بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، ليؤسس فرعاً لمركز التخطيط الفلسطيني ويواصل العطاء الفكري للقضية بلا حدود. ظل الحكيم مترفعاً عن المغانم لم يرد شيئاً لنفسه، لا مجداً ولا مالاً. لا منصباً ولا جاهاً.

يحكي المفكر المصري قدري حفني أنّ كثيرين من الأصدقاء حاولوا دفع محجوب إلى التراجع عن قراره في الانضمام لصفوف الثوار الفلسطينيين، حكوا له عن مخاوفهم، لكنّه أصرّ: «أنا أعرف أنّني أواجه واقعاً حيّاً مليئاً بالمشاكل والتخلف، لكني أثق بأنّ الكفاح المسلح وحده هو الطريق الوحيد كي يتعلم المرء من جديد كيف يناضل». خلع ملابسه المدنية وجمعها في حقيبة، وأرسلها إلى صديقه قدري، طالباً منه أن يذهب إلى أهله ليخبرهم بذلك القرار. ذهب الصديق إلى الأسرة، وحالما فتح مراد شقيق محجوب الحقيبة واكتشف أنّها تحوي كل الملابس التي أخذها محجوب معه، كاد أن ينهار باكياً. لقد استنتج أنّ مكروهاً قد حلّ بشقيقه وتطلّب الأمر وقتاً كي يخبره قدري أن شقيقه بخير، وكل ما هناك أنّه قد التحق بصفوف «فتح». لم يكن الكلام مقنعاً، تساءل الشقيق: «لا يرتدون بنطلونات وقمصاناً في «فتح»؟». شرح له حفني أنّ محجوب لم يلتحق بـ «فتح» بوصفه سياسياً أو طبيباً فحسب، بل أيضاً باعتباره من «العسكر».[2]

في تلك الأيام، كتب رسالة لصديقه قدري مصراً على قراره: «لن أعود إلا إذا تعودت أذناي صفير المدافع والطائرات والصواريخ، وتلطّخت يداي بالدم والطين، وأكلت من عشب الأرض جوعاًَ، وشربت دموع أطفال اللاجئين». قاتل في أغوار الأردن، ومارس مهنته كطبيب، عاش مع المقاومة أحلك ساعاتها في أيلول الأسود عام 1970، حيث سرد تراجيدياً واقع مستشفى تحت الحصار: كان ذلك مستشفى الأشرفية الذي عمل فيه طبيباً، ولم يكن يحوي أي معدات أو مواد طبية، بل بعض المعدات البدائية فقط. فوق هذا كله، كان المستشفى مهدداً كل يوم بهجوم صهيوني عليه لا يعرف الرحمة، وما أكثر من دخل المستشفى فنجا بمعجزة، أو قتل، أو قطعت ساقه أو يده. محجوب أيضاً كان شاهداً على ما جرى في تل الزعتر وبيروت المحاصرة، حيث كان يدرّب الشباب ويعالج المرضى، ويؤرخ لما يشاهد ويرى. كانت أياماً «سقطت فيها الأقنعة الاجتماعية، وبرزت بطولات بسيطة ومجهولة، وتجسدت الكلمات التي تحدثت عن طاقات الجماهير الخلاقة التي لا تفنى» وفق ما ورد في كتابه «الناس والحصاد» عن تلك المرحلة.

بيروت

كانت بيروت محطة مهمة في مسيرته توجّه إليها بعد أيلول الأسود. في العاصمة اللبنانية، عيّن مفوضاً سياسياً لقوات «فتح» في الجنوب اللبناني، قبل أن يترك هذه المهمة ليعمل مع أبو جهاد في مركز التخطيط الفلسطيني باحثاً، ومترجماً، وشاعراً، كتب عشرات المقالات رداً على الكتابات التي جرى الترويج لها في تلك الفترة التي تقول بانتهاء المقاومة. حينها، شارك مع آخرين في صياغة خطاب ياسر عرفات الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974.

لم تطل إقامة «منظمة التحرير الفلسطينية» في بيروت. خرج المقاتلون بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 إلى تونس، لكنّه فضّل العودة إلى القاهرة لينشئ مع آخرين منهم قدري حفني، والسفير طه الفرنواني، والكاتب الراحل لطفي الخولي «اللجنة الوطنية لدعم الانتفاضة الفلسطينية»، كما أنشأ فرعاً لـ «مركز الأبحاث الفلسطيني» وتحلّق حوله عدد من التلاميذ، وكان يكتب مقالاً أسبوعياً في صحيفة «الشعب»، فضلاً عن إصداره عدداً من الكتب التي تؤرّخ للقضية الفلسطينية من بينها: «الأشرفية»، و«أيلول في جنوب الأردن»، و«حوار في ظل البنادق»، و«الكلمة والبندقية»، و«الناس والحصار»، و«صبرا وشاتيلا»، وغيرها من أعمال لا يزال بعضها أسير ورق الصحف ويحتاج إلى جهد الجمع والنشر. ورغم قبوله اتفاقية أوسلو في 1993 التي رأى أنّها «الاختراق» (عنوان كتابه عن اتفاق غزة ـــ أريحا)، إلا أنّه لم يعدّها نهاية المعركة، بل «بداية لمعركة واسعة شاملة تسهم فيها كل أقوام المسلمين شعوباً وحكومات»، مشيراً إلى أن الصراع مع اسرائيل هو «حضاري عناصره الاقتصاد والثقافة».

وفاته

توفي في مستشفى فلسطين بالقاهرة في 17 مارس 2012 بعد إصابته بجلطة دموية، كانت قد أثرت على حركته في أواخر أيامه.

جوائز وتكريمات

في مارس 2012 أعلنت جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين الثقافية، تأسيسها لجائزة سنوية عن القضية الفلسطينية باسم الدكتور محجوب عمر، ستمنح لأفضل كتاب بحثى يطرح رؤية استشرافية واقعية للقضية، ويتناول أبعادها ويساهم في إضافة تأصيل للحقوق الفلسطينية، ومواجهة تحدياتها، وسبل الخروج من الأزمة التى تعد شأن كل مواطن عربى من المحيط للخليج، وذلك من خلال محاور معينة يطرحها المفكرون كل عام، ويتنافس عليها الباحثون في مختلف أرجاء الوطن العربى.[3]

وفي مايو 2012 أحيا أصدقاؤه في بيروت ذكراه في مسرح دوّار الشمس من خلال قصائد من أعماله، متلوة بصوته، وشهادات حية من أصدقائه، هو الذي تمثّل بيروت محطة مهمّة في مسيرته التي تنقّل خلالها بين مصر والأردن وتونس والجزائر، ثائراً ومناضلاً ضد الاستعمار والاحتلال الإسرائيلي.

كرّمه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 2004 بمنحه وسام نجمة القدس، تقديراً لإسهامه في خدمة القضية الفلسطينية.

قيل عنه

وصفه المفكر الإسلامي جمال البنا بالحكمة المختفية العميقة التي تجمع «بين محمد والمسيح، ماركس وأبو ذر الغفاري، الداعية والمحارب».

المصادر

  1. ^ مصطفى اللباد (2012-03-27). "سلطان العاشقين، محجوب عمر". جريدة السفير اللبنانية. Retrieved 2012-06-07.
  2. ^ "من يَذكر الفدائي محجوب عمر؟". جريدة الأخبار اللبنانية. 2012-06-07. Retrieved 2012-06-07.
  3. ^ "إطلاق جائزة "محجوب عمر" عن القضية الفلسطينية". جريدة اليوم السابع. 2012-05-06. Retrieved 2012-06-07.