مؤتمر مونترو المتعلق بإلغاء الامتيازات في مصر

مؤتمر مونترو لإلغاء المحاكم المختلطة في مصر Montreux Convention Regarding the Abolition of the Capitulations in Egypt، كان مؤتمر دولي عقد في 8 مايو 1937، والذي أدى لإلغاء النظام القضائي للأجانب في مصر، الذي يعرف باسم المحاكم المختلطة. وقع عليه حكومات مصر، الولايات المتحدة الأمريكية، بلجيكا، المملكة المتحدة، الدنمارك، إسپانيا (الجانب الجمهوري في الحرب الأهليةفرنسا، اليونان، إيطاليا، إثيوپيا، النرويج، هولندا، الپرتغال والسويد. دخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 15 أكتوبر 1937، وسجلت في سلسلة معاهدات عصبة الأمم في اليوم نفسه.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

نظام امتيازات المحاكم المختلطة دخل مصر في القرن 19 نتيجة لضغوط دولية على الحكومة المصرية من قبل القوى الغربية، وخاصة الامبراطورية البريطانية والهدف منه كان استثناء رعايا بعض الدول الغربية من الخضوع للقانون المصري، وبدلاً من ذلك، إذا نشب خلاف قانوني أحد طرفيه من دولة أجنبية، فإن القضاء المختلط هو من ينظر في الاختصام.

وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى، ظهرت موجة من الوطنية في مصر، والحكمة، بدعم من حزب الوفد حديث التأسيس، وضعت المطالب المتزايدة أمام الحكومة البريطانية - التي كانت تحكم مصر - لإلغاء نظام الإمتيازات بينما وضعت الأجانب تحت النظام القضائي المصري. نتيجة لذلك، ألغيت عدد من محاكم الأجانب عام 1920-1921، في الوقت الذي وضع فيه مواطينها تحت الولاية القضائية القنصلية البريطانية. لم يرض هذا مطالب الحكومة المصرية تجاه الإلغاء الكامل للتنازلات.

لاحت فرصة جديدة في الأفق بعد عقد المعاهدة الإنگليزية المصرية 1936، والتي بدأت بعدها المفاوضات لتسوية إلغاء الإمتيازات في مصر. أدى هذا إلى عقد المؤتمر.

إن تدهور الموقف الدولي وازدياد تهديد موسليني ودول المحور الأخرى جعلت المصريين أكثر قبولاً للاتفاق مع بريطانيا على عقد معاهدة التحالف بين البلدين في اغسطس 1936 وأثناء المفاوضات على تلك المعاهدة اقتراح محمد محمود وحلمي عيسى انهاء المفاوضات إذا رفضت بريطانيا الطب المصري بالغاء الامتيازات، ووافقت بريطانيا على الاقتراح ووعدت بمساعدة مصر في الغاء الامتيازات وفعلاُ بعد أن عقدت المعاهدة نصت المادة 13 منها أن:

1-الوصول على وجه السرعة إلى إلغاء الامتيازات وما يتبع ذلك من حتماً من إلغاء القيود ستكون الحكومة المصرية حرة التي تفيد السيادة المصرية في مسألة سريان التشريع المصري بما في ذلك (التشريع المالي) على الأجانب.

2-أن تمنح الحكومة المصرية مدة انتقالية للمحاكم المختلطة وبعد نهاية تلك المدة ستكون الحكومة المصرية حرة في حل المحاكم المختلطة كما نصت نفس المادة أنه إذا ما وجدت الحكومة المصرية من المستحيل تنفيذ التدابير المتعلقة بالامتيازات الأجنبية فإن الحكومة المصرية تحتفظ بحقوقها غير منقوصة ازاء الامتيازات الأجنبية بما فيها المحاكم المختلطة.

وبناء على ذلك أرسلت الخارجية المصرية في 16 يناير 1937 خطاباً دورياً لدعوة الدول صاحبة الامتيازات في مصر لمؤتمر يعقد في مونترو في ابريل 1937 للاتفاق على الغاء الامتيازات الأجنبية وقد ذكرت المذكرة أن مصر البلد الوحيد الذي يتمتع فيه الأجانب بالامتيازات وأن هذا النظام (الامتيازات) يتناقض مع مبادئ القانون وإنها تعوق تقدم وتطور البلد (مصر) وتعد انتهاكاً واضحاً لسيادة الدولة وكرامة الوطن وأن ذلك الوضع الشاذ يجب أن ينتهي بالغاء الامتيازات وأن الحكومة المصرية ستطبق على الأجانب المبادئ العامة المقبولة في التشريع الحديث وبشكل خاص فيما يتعلق بالتشريع المالي وسوف لا يكون هناك تميز ضد الأجانب ولا الشركات الأجنبية بالإضافة إلى منح فترة انتقالية للمحاكم المختلطة بعد انتهائها تؤول فيها السلطات القضائية للمحاكم المختلطة إلى المحاكم الأهلية كما أرسل واصف بطرس غالي (وزير الخارجية) في 3 فبراير 1937 مذكرة ملحقة لمذكرة 16 يناير للدول صاحبة الامتيازات متعلقة بالمبادئ الرئيسية التي ستتخذ قاعدة للنظام الانتقالي التي ترغب الحكومة المصرية الموافقة على تأسيسه وهي كالآتي:

1-أن القضايا التجارية والمدنية للأجانب من نفس الجنسية والتي من اختصاص المحاكم القنصلية الآن ستنتقل للمحاكم المختلطة.

2-أن السلطات القضائية التي تمارسها المحاكم القنصلية على قضايا الجنح ستنتقل بشكل كامل للمحاكم المختلطة وبسبب هذا النقل فإن الحكومة المصرية ستعلن قانون عقوبات جديد وقانون اجراءات جنائية وستخبر بنصه الدول.

3-أن مسائل قضايا الأحوال الشخصية التي تدخل ضمن السلطات القضائية للمحاكم القنصلية ستنتقل للمحاكم المختلطة.

4-وسيراعي زيادة الموظفين التي يمكن أن تكون ضرورية لمواجهة زيادة التوسع في الاختصاص.

5-أن تغيير جنسية طرف من الأطراف المتنازعة أثناء نظر القضية سوف لا تغير اختصاص المحكمة في النظر للقضية.


شروط الاتفاقية

أدت الإتفاقية إلى الإلغاء الكامل للإمتيازات ووضع الأجانب في مصر تحت النظام القضائي المصري. بعد فترة انتقالية طولها 12 سنة. فكان تاريخ إلغاء المحاكم القنصلية في 15 أكتوبر 1949.


الولايات المتحدة ومؤتمر مونترو 1937

ردت الخارجية الأمريكية في فبراير 1937 على مذكراتي الخارجية المصرية بأن حكومة الولايات المتحدة ستكون سعيدة أن تمثل في المؤتمر المقترح وانها تأمل في المستقبل القريب في ابلاغ الحكومة المصرية عن أعضاء الوفد الأمريكي) وفيما يتعلق بمذكرة 3 فبراير المبينة وجهة نظر الحكومة المصرية فيما يتعلق بالنظام الانتقالي للمحاكم المختلطة. فإن الخارجية الأمريكية أمرت الوزير الأمريكي المفوض بالقاهرة أن أن يكرر الأهمية التي تعلقها حكومة من أن تستلم في أقرب نص القانون الجديد المقترح للعقوبات وقانون الاجراءات التجارية وأيضاً التفاصيل الأخرى للمقترحات التي تنوي الحكومة المصرية تقديمها من المؤتمر المرتقب.

وفي نفس الوقت بدأت المشاورات بين الخارجية الأمريكية والبريطانية بشان المؤتمر وخاصة ان العلاقات الأمريكية البريطانية في تلك الفترة كانت تتميز بالتعاون الذي أمتد في النهاية لتعاون جدي لحل المشاكل ذات الاهتمام المشترك وجاءت نتيجة التشاور الأمريكي لبريطانيا في رسالة السفير البريطاني واشنطن للخارجية الأمريكية ذكر فيها (أن الولايات المتحدة ستدرك أن هناك رغبة قوية في مصر لالغاء الامتيازات من طرف واحد علاوة على أن الحكومة المصرية واثقة بأن لها الحق الشرعي التام في عمل ذلك حيث أنه ليس هناك شك في أن الحكومة المصرية تملك الحق الشرعي لانهاء المحاكم المختلطة بانذار في خلال سنة وحيث أن الحكومة المصرية ملتزمة في معاهدتها (معاهدة 1936) مع الممكلة المتحدة بألا تحاول أن تلغي الامتيازات أو المحاكم المختلطة إلا بعد الفشل النهائي لمؤتمر الامتيازات وتشعر حكومة صاحب الجلالة أن مسئوليتها أن تبين بشكل خاص ودون تأجيل لحكومة الولايات المتحدة [أن الحكومة المصرية لن تعجز في خلق الوضع الشرعي الكامل لالغاء الامتيازات من طرف واحد وفي تلك اللحظة فإن حكومة صاحب الجلالة تشعر أن حكومات الدول الأجنبية صاحبة الامتيازات سيقدمون بشكل مؤيد استجابة جديدة بالثناء للحكومة المصرية، لمعالجة المسألة بالمفاوضة وعلى أن يعطي نظام انتقالي معطياً ضمانات للأجانب ومنح فترة ضرورية للانتقال من نظام الامتيازات إلى نظام اللامتيازات ويبدو أن رسالة السفير البريطاني أقلقت الخارجية الأمريكية وخصوصاً انها تتضمن التهديد المصري بالغاء الامتيازات من طرق واحد، وتأييد بريطانيا لهذه السياسة الغاء الامتيازات فكتبت الخارجية الأمريكية لسفيرها في بريطانيا بنگهام Bingham بأنها (الحكومة الأمريكية) ترغب من أن تتجنب في أن تكون في موضع تظهر فيه أنها معوقة للمؤتمر المرتقب.

ولهذا السبب أيضاً حثت الخارجية الأمريكية وفدها الذي سيشترك في المؤتمر بالتعاون مع الوفد البريطاني في المؤتمر حيث ذكر رئيس قسم الشرق الأدنى للوزير الأمريكي المفوض فيش أنه لا يمكن أن يكون مفيد لوفدنا بأن يخبر الخبراء البريطانيين مثل بسلى Besly وبكت Beket ببعض أفكارنا وأعتقد أنه لن تكون مقترحاتنا غير مقبولة لبريطانيا وأنه بالتبادل الصريح لوجهات النظر يمكن أن نكون قادرين لاقناعهم (الوفد البريطاني) بأن يتمسكوا بأفكارنا، ومن فضلك تناقش مع الممثلين البريطانين في المسائل المتعلقة بمصالحنا المتبادلة التي نعتبرها مناسبة ومفيدة.

وبالتشاور مع بريطانيا كان على الحكومة الأمريكية أن تعد نصائحها للوفد المريكي وتحدد له خطوط العمل الذي سيسير عليها وبالفعل أرسلت الخارجية الأمريكية خطتها في 30 مارس 1937 للوزير الأمريكي المفوض بالقاهرة والتي تحددت فيما يأتي:

1-أن نظام الامتيازات لم بعد يطابق روح العصر ولذلك فيمكن انهاء ذلك النظام طبقاً لضمانات مؤقتة وذلك طبقاً للسياسة التي تتبنها الحكومة الأمريكية لتأسيس علاقات مع الدول الأجنبية على أسس ودية طبقاً للقانون الدولي الحديث دون طلب الحكومة الأمريكية امتيازات خاصة أو حظوة للمواطنين أو الشركات الأمريكية.

2-وفي معالجة المشاكل التي شتعرض في المؤتمر أرغب أن تتخذ موقفاً مؤيداً تجاه أماني الحكومة المصرية، وفي نفس الوقت ستسعى الحكومة الأمريكية بالطبع – لتحصل على ضمانات وتاكيدات يمكن أن نعتبرها جوهرية للحماية التامة للمصالح الأمريكية وخصوصاً الإصلاح المقترح للمحاكم المختلطة ومن رأي – وزير الخارجية الأمريكي – أن الوفد الأمريكي يجب أن يتجنب اتخاذ موقف الصدارة في مناقشة المشكلات المختلفة التي ستطرح في المؤتمر وأن هذه السياسة متفقة بشكل تام مع الاتجاه الذي اتخذته الحكومة الأمريكية بشكل تام فيما يتعلق بالمسائل المصرية ومتفقة كذلك مع ضائلة المصالح الأمريكية في مصر.

3-واعتقد أن جهداً سيبذل في المؤتمر للشرط على استخدام اللغة الإنجليزية كأحد اللغات الرسمية للمؤتمر فإنك الوزير الأمريكي المفوض بالقاهرة يجب أن تعطي ذلك الاقتراح تأييدك الكامل.

4-أن الحكومة الأمريكية تفوضط (الوزير الأمريكي المفوض بالقاهرة) بأن تصرح بأن الولايات المتحدة ستأجل حقها في حرمة إقامة المواطنين الأمريكيين حتى ياتي وقت تنفيذ الاتفاق المقترح (اتفاق ومنترو) على أن تقدم دول الامتيازات الأخرى تأجيلاً أو تنازلاً كاملاً لهذا الحق وفي حالة طلب الوفد المصري هذا التصريح كتابة فأنت مفوض أن تقدم ذلك التصريح المكتوب.

6-ومن المفترض أن الحكومة المصرية ستقترح الغاء المرسوم الخديوي الصادر بتاريخ 31 يناير 1889 وقانون 11 نوفمبر 1911 المانح سلطات تشريعية للجمعية العامة لمحكمة الاستئناف المختلطة فأنت مفوض بأن توضح أن حكومتك لن تعارض هذا الالغاء بشرط أن توافق بشرط أن توافق دول الامتيازات الأخرى على ذلك الالغاء.

7-وفي حالة عرض الغاء أو تأجيل حقوق الامتيازات الأخرى التي نشئت بالعادة والعرف ولم تنشأ من خلال المعاهدات فأنت موفض بأن تصرح بأن رغبة الولايات المتحدة من ارجاء ممارسة تلك الحقوق انتظاراً لتنفيذا الاتفاق مونترو بشرط أن ترجئ تلك الحقوق أو تلغى من جانب الدول الأخرى صاحبة الامتيازات.

8-وقد علمت الحكومة الأمريكية نية الحكومة المصرية أن تقترح أن توقع الدول المشتركة ملحقاً بالاتفاقية وستشكل جزءاً متمماً لها وأن رغبة الحكومة المصرية أن ينفذ المقترح (لائحة التنظيم القضائي) في 15 اكتوبر 1937 سواء نفذت أو صدق عليها وللوصول لهذه الغاية اقترح وزير الخارجية الأمريكي أن نوقع على البروتوكول الخاص الذي يقضي بأن لائحة التنظيم القضائي ستنفذ مؤقتاً ابتداء من 15 اكتوبر 1937 انتظاراً للتصديق على الاتفاقية ولكن الحكومة الأمريكية لا تستطيع تفويضك على التوقيع على تلك اللائحة لأن ذلك سيكون متناقضاً مع الدستور الأمريكي ومع ذلك فإن الحكومة الأمريكية. قلقة لتجنب أن تظهر بأن تكون عائقاً في هذه المسألة أو تعطي مبرر للدول الأخرى الغير مقيدة بشكل مماثل بالقيود الدستورية على أن تصر على تأجيل التوقيع وأن يعرض ذلك نتيجة المؤتمر للخطورة وطبقاً لذلك فأنت مفوض أن تبلغ الوفد المصري – بشرط أن تتخذ دول الأمتيازات الأخرى نفس العمل – بأن الحكومة الأمريكية مستعدة لتأجيل ممارسة السلطات القضائية للقنصل الأمريكي والموظفين الدبلوماسيين على المواطنيين الأمريكيين وإذا طلب منك ضمانات مكتوبة لهذه المسألة من الوفد المصري فيمكن أن تعطي ضمانات مكتوباً طبقاً لذلك، ويتضح من الخطة الأمريكية المتعلقة بسياستها في مؤتمر مونترو:

1- أن الولايات المتحدة تجنبت اتخاذ موقف الصدارة وذلك بسبب ضآلة المصالح الأمريكية في مصر ولا أدل على ذلك من تعداد الأمريكيين في مصر سنة 1937 حيث بلغ 790 نسمة كما كانت الدبلوماسية الأمريكية تنظر لمصر كمنطقة ثانوية ولذلك تراها تسعى في ذلك الوقت لإرضاء الطموحات الوطنية المصرية وفي نفس الوقت اقرار المحافظة على القوة العسكرية البريطانية التي تعتمد عليها أمريكا في المحافظة على مصالحها الثقافية والتجارية في مصر وهذا يدلك على أن أمريكا في علاقتها مع مصر تأثرت بالوجود البريطاني في مصر.

2- أن الولايات المتحدة لم تكن لديها سياسة محددة بالنسبة لمؤتمر الامتيازات والدليل على ذلك أنها أوقفت موافقتها أو رفضها لشئ على موافقة أو رفض دول الامتيازات الأخرى على نفس الشئ كما بينت مذكرة وزير الخارجية الأمريكية لوزير الأمريكي المفوض بالقاهرة ذلك، على أية حال اشتركت اثنتا عشرة دولة في مؤتمر مونترو لالغاء الامتيازات هم الولايات المتحدة، بلجيكا وبريطانيا وايرلندا والأملاك البريطانية فيما وراء البحار والدنمارك واسپانيا وفرنسا واليونان وايطاليا والنرويج وهولندا والسويد والبرتغال.

وضم الوفد المصري في المؤتمر مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء رئيساً وعضوية كلاً من الدكتور أحمد ماهر الذي بدأ يعرف بتروتسكى Tortsky المصري وواصف بطرس غالي وزير الخارجية المصري ومكرم عبيد باشا وزير المالية، ورئيس أقلام قضايا الحكومة، وعثمان محرم وزير الأشغال.

وضم الوفد الأمريكي مستر برت فيش Bert Fish رئيساً والمستر بول. النگ Paul H. Alling مساعد رئيس قسم الشرق الأدنى بالخارجية الأمريكية مستشاراً، ومستر فرنسيس كولت دى ولف Francis Cott De Wolf من قسم المعاهدات بالخارجية الأمريكية مستشاراً قانونياً، ومستر لوسيل سنيدر Lucille Synder من قسم الشرق الأدنى بالخارجية الأمريكية سكرتيراً. ووصل الوفد الأمريكي مونترو يوم الأحد 11 ابريل وحضر افتتاح المؤتمر في 12 ابريل 1937 حيث خطب النحاس باشا في المجتمعين ثم تحدث المسيو دى تيسان De Tessan رئيس الوفد الفرنسي فاقترح انتخاب النحاس باشا رئيساً للمؤتمر، ونال هذا الاقتراح تصفيق وموافقة كل الحاضرين ثم انتخب المسيو اگنيدس Aghnids سكرتيراً عاماً للمؤتمر ثم اقترح النحاس باشا أن يعين المسيو ج. موتا G.Motta رئيس الوفد اليوناني رئيساً شرفياً للمؤتمر وخطب برت فيش رئيس الوفد الأمريكي رداً على خطبة النحاس باشا مؤكداً أن الحكومة الأمريكية ليس لها مصلحة وظنية بحتة في تعديل نظام الامتيازات ولا في تحديد فترة الانتقال وستضع نصب عينيها المصالح المتبادلة بين الدول المعنية وفي جملتها مصالح الحكومة المصرية نفسها وفيما يتعلق بالمحاكم المختلطة تعلق الحكومة الأمريكية أهمية على الضمان الناشئ عن عمل إدارة مختصة بشؤون القضاء هو ما امتازت به المحاكم المختلطة المصرية منذ نشأتها.

وقد أيد الوفد الأمريكي المطالب المصرية في المؤتمر بأن تكون الفترة الانتقالية لإنهاء عمل المحاكم المختلطة، 12 عاماً تبدأ من 15 اكتوبر 1937 وتنتهي في 14 اكتوبر 1949 حيث كان الوفد الفرنسي يعارض ذلك وطلب فترة انتقالية 18 عاماً.

وكان قلق الرعايا الفرنسيين على مستقبلهم بعد الفترة الانتقالية والتي تبدو أقصر مما كانوا يتوقعون هو السبب في طلب الوفد الفرنسي بفترة 18 سنة فعارض المستر برت فيش هذا المطلب وقال أنه يرى في اقتراح الحكومة المصرية دليلاً على حسن الإدارة والرغبة في الاتفاق ويرى أن الاثنى عشر سنة كافية للانتقال، ولكنه قال إن الموعد المعين لبدأ مدة الانتقال 15 اكتوبر موعد غير ملائم لأنه مبكر جداً بحيث لا يتثنى معه لمجلس الشيوخ الأمريكي مناقشة الاتفاق قبل بدأ فترة الانتقال والسبب في اتخاذ برت فيش هذا الموقف المؤيد كما بين هو نفسه في تقريره عن المؤتمر (واتخذت هذا العمل لأنني أخبرت بشكل موثوق فيه بأن هذه أحد النقاط التي سوف لا يعطي فيها الوفد المصري أية تنازلات حيث أنه (الوفد المصري) وعد البرلمان بأنه سوف لا يوافق على مدة أطول من ذلك كما أن الأثنىعشر عاماً تدخل ضمان العشر او الخمس عشرة سنة التي فوضتنى الخارجية الأمريكية بالموافقة عليها.

كما قدمت الولايات المتحدة اقتراحاً في 19 ابريل للنحاس باشا لتعديل المادة 13 من مشروع الاتفاق المتعلقة باللجوء إلى محكمة العدل الدولية عند الاختلاف في تفسير مواد المعاهدة أما التعديل الذي اقترحه الوفد الأمريكي فهو يقضي بأن لا يعرض الخلاف المذكور على محكمة العدل الدولية إذا تعذر حله بالطرق السياسية إلا إذا كانت جميع الدول التي ينشأ بينها الخلاف من الدول الموقعة على بروتوكول 16 ديسمبر 1920 الخاص بنظام هذه المحكمة أما إذا كانت إحدى الدول التي ينشأ بينها الخلاف يعرض على محكمة التحكيم التي أنشئت وفقاً لاتفاقية لاهاي في 18 اكتوبر 1907، والسبب في اقتراح الولايات المتحدة، أنها ليست عضواً في محكمة العدل الدولية، بينما توجد بين الولايات المتحدة ومصر معاهدة تحكيم تقضي بالتحكيم بينهما وفقاً لاتفاقية 18 اكتوبر 1907 وقد أيد المندوبون المصريون هذا الاقتراح وأصبحت المادة 13 بعد تعديلها كالآتي (وكل خلاف ينشأ بين الدول المتعاقدة بشان تفسير أو تطبيق أحكام هذا الاتفاق ولا يتثنى لهم تسويته بالطرق الدبلوماسية يعرض بناء على طلب إحدى الدول على محكمة العدل الدولية الدائمة على أنه إذا وجد في الوقت الحاضر بين إحدى الدول المتعاقدة وبين حضرة صاحب الجلالة ملك مصر معاهدة تحكيم تعين محكمة أخرى فتحل هذه المحكمة في مدة هذا الاتفاق محل محكمة العدل الدولية الدائمة في تطبيق هذه المادة حتى لو انتهى العمل بمعاهدة التحكيم في أغراضها الأخرى.

وقد اقترح الوفد الأمريكي كذلك أثناء المفاوضات أن يزور القناصل والمحامون، مواطنيهم، عند اعتقالهم رهن المحاكمة، وهذا الاقتراح ليس له وجه من أوجه الامتيازات ولكنه حق تقدمه جميع البلدان وقد قبل المندوبون المصريون هذا الاقتراح لأنه يهمهم أن تحصل مصر على التسهيلات نفسها التي تقدم في هذا الصدد في جميع البلدان.

كما قدمت الولايات المتحدة اقتراحاص للجنة التنظيم القضائي (إحدى لجان المؤتمر) لتعديل المادة الخاصة بالسجون وقد وافقت اللجنة على التعديل الأمريكي وهذا نصه (يكون للنائب العمومي حق الرقابة على السجون والمنشآت الخاصة بالاعتقال التي يعتقل فيها الأجانب ويكون له حرية الدخول إلى هذه الأماكن وغيرها من الأماكن التي يعتقل فيها الأجانب وللنائب العام أن يلفت نظر وزير الحقانية إلى كل ما يراه مخالفاً للنظام ويبلغه كل ما يقضي عليه واجب الرقابة تبليغه ولكل اجنبي يعتقل احتياطياً الحق في تبليغ قنصله ومحاميه بواسطة النيابة أمر اعتقاله طبقاً للمبادئ الدولية المعمول بها ويكون للقنصل وللمحامي الحق في زيارته تبعاً للاجراءات التي توافق عليها النيابة.

أما فيما يتعلق بالتاريخ المقترح في تنفيذ الاتفاق فإن الولايات المتحدة لا تستطيع تنفيذ الاتفاق قبل أن تحصل أولاً على مشورة مجلس الشيوخ وموافقته وسيكون مستحيلاً كما ذكر وزير الخارجية لمستر فيش الحصول على موافقة مجلس الشيوخ خلال الجلسة للكونجرس، وأنه سيقضي عام على الأٌقل قبل الآن أن ينفذ هذا الاتفاق فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فاقترحت الولايات المتحدة حلاً يحقق رغبة الحكومة المصرية في تنفيذ النظام الجديد ف يوقت قريب ويحقق في الوقت نفسه الشروط الدستورية في الولايات المتحدة وهي أن تعطي الولايات المتحدة للحكومة المصرية الضمانات الآتية: والتي أرسلت لرئيس الوفد المصري النحاس باشا في 8 مايو 1937.

1-تعلن حكومة الولايات المتحدة انتظاراً للتصديق من جانبها للاتفاقية الموقعة هذا اليوم (8 مايو 1937) أنها ستتوقف عن ممارسة حقها في المعارضة على الضرائب التي تفرضها الحكومة المصرية على المواطنين الأمريكين والشركات الأمريكية في مصر بشرط أن تكون تلك الضرائب لا تختلف أو تكون أعلى من تلك المفروضة والتي يدفعها المواطنون المصريون والشركات المصرية ويشترط أيضاً بأن تلك الضرائب ستطبق على الأجانب والشركات الأجنبية على قاعدة المساواة التامة.

2-تعلن حكومة الولايات المتحدة انتظاراً للتصديق من جانبها على الاتفاقية الموقعة هذا اليوم بأنها ستتوقف عن ممارسة حقها في المعارضة على تفتيش محل اقامة مواطنيها في مصر بشرط أن يحضع الأجانب الآخرين لذلك.

3-تعلن حكومة الولايات المتحدة انتظاراً للتصديق من جانبها على الاتفاقية الموقعة هذا اليوم بانها سترجئ استخدام السلطات القضائية لموظفيها القنصلين والدبلوماسين على المواطنين الأمريكيين والشركات الأمريكية على السوء بشرط أن ترجئ الدول الأخرى صاحبة الامتيازات استخدام نفس السلطات.

4-تعلن الحكومة الأمريكية بانها سوف لا تقدم معارضة لإلغاء المرسوم الخديوي بتاريخ 31 يناير 1889 وقاونو 11 نوفمبر 1911 المانح سلطات تشريعية لتلك المحكمة على السواء بشرط موافقة دول الامتيازات الأخرى على ذلك الإلغاء وفي نفس الوقت أرسل النحاس باشا خطاباً لرئيس الوفد الأمريكي في 8 مايو 1937 أكد فيه أن المؤسسات الأمريكية الطبية والخيرية والتعليمية سيسمح لها بمواصلة نشاطها بحرية حتى تنتهي الاتفاقات المحددة لوضعهم أو حتى انتهاء الفترة الانتقالية بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة كانت من الدول التي احتفظت لقنصليتها بسلطة الفصل ف يقضايا الأحوال الشخصية الخاصة برعاياها المقيمين في مصر إلى أن يحل أجل القضاء المختلط في 15 اكتوبر 1949.

وقد وقعت جميع الدول المشتركة ف يالمؤتمر على اتفاقية مونترو في 8 مايو 1937 على أن تدخل الاتفاقية في دور التنفيذ في 15 اكتوبر 1937 وفي شهر اكتوبر سجلت سكرتيره عصبة الأمم الاتفاق الخاص بالغاء الامتيازات في مصر واتفاق التنظيم القضائي الملحق والبروتوكول وتصريح الحكومة المصرية.

وقد أعقب نجاح مصر في مؤتمر مونترو دخول مصر في عصبة الأمم حيث اجتمعت الجمعية العامة لعصبة الأمم يوم 26 مايو 1937 في جنيف ووافقت باجماع الأراء على قبول مصر من العصبة وعين علي الشمسي مندوباً لمصر العصبة.

كما نتج عن مؤتمر مونترو وتغير وضع الأجنبي ولم تعد جنسية الأدنبي امتيازاً بل أصبحت عائقاً كما منحت مصر الحرية المالية لفرض الضرائب على الأرباح التجارية والمهنية وكنتيجة لاتفاقية مونترو أيضاً وضعت مصر تعديلات معينة على القانون الجنائي وعينت الحكومة المصرية لذلك لجنة لوضع الترتيبات اللازمة كان نتيجة ذلك اعلان قانون العقوبات 937 للاستخدام في كلا من المحاكم المختلطة والمحاكم الأهلية ويطبق على كل المقيمين في مصر وهذا القانون مبني على أساس قانون 1904 الصادر للمحاكم الأهلية مع تعديلاته طفيفة كانت تبدو ضرورية والنتيجة الأهم لالغاء الامتيازات هو بدأ سياسية أمريكية أكثر عداء لبريطانيا والتي رغبت في ازاحة بريطانيا عن وضع السيطرة في مصر وذلك بتأسيس بناء قوى للعلاقات المصرية الأمريكية غير ملوث بالاندماج في السياسة الاستعمارية والامير بالية البريطانية .. وأثناء سنوات الحرب العالمية الثانية هدأت السياسة العدائية ضد السيطرة البريطانية على مصر وذلك لإدراك الخارجية الأمريكية ضرورة المحافظة على التعاون الغربي للدفاع عن مصر والتي كانت حتى معركة العلمين (1942) مهددة من دول المحور وأيضاً رغبة الخارجية الأمريكية للانسجام مع الحلفاء وباندلاع الحرب العالمية الثانية تبدأ صفحة جديدة في العلاقات المصرية الأمريكية أظهرت فيها الولايات المتحدة اهتماماً أكثر بمصر والشرق الأوسط بشكل عام.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ League of Nations Treaty Series, vol. 182, pp. 38-103.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية