مؤامرة غرق تايتانك

Titanic & Olympic.jpg

حادثة غرق السفينة تايتانك هي واحدة من أشهر حوادث البحار في التاريخ الحديث، ومنذ وقعت تلك الحادثة، لم ينقطع اهتمام الناس بها وبتفاصيلها، كما انتشرت الكثير من النظريات والتكهنات حولها،[1] ولكن أبرزها هي التي تطرح أمر غرق السفينة على أنه خدعة محبوكة ومدبرة من جانب الشركة المالكة للسفينة ذاتها. ونستعرض هنا التفاصيل والأدلة التي تعضد هذه النظرية.

لنحاول البحث عن إجابة سؤال: هل غرقت تايتانيك فعلاً؟ [2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فيلم تايتانك

عبر السنوات، تحدث الكثير من الناس عن السفينة تايتانيك وعرفوا عن كيفية غرقها في هذه الليلة المخيفة من شهر إبريل عام 1912. وقد إزدادت شهرة هذه السفينة على وجه الخصوص عندما تم عرض فيلم تايتانيك عام 1997،[3] من بطولة النجم الأمريكي ليوناردو دي كابريو و الممثلة البريطانية كيت ونسلت، من إخراج جيمس كامرون.

وصحبت الفيلم ذكرى واحدة من أشهر قصص الحب في تاريخ هوليوود بين جاك وروز، وارتبطت ذكرى القصة بالأغنية الأنجح للمطربة سلين ديون My heart will go on. [4]

السفينة أولمبيك RMS Olympic (يسار) يتم قيادتها إلى الرصيف الجاف في بلفاست لإجراء إصلاحات صباح 2 مارس، 1912 بعد إلقاء شفرة مروحة الدفع. السفينة تايتانك RMS Titanic (يمين) ترسو على رصيف مرفأ التجهيز. أوليمبك ستقوم بعدها بالإبحار إلى ساوثهامبتون يوم 7، لتصبح هذه هي المرة الأخيرة التي يتم التقاط صورة للسفينتين معاً.

ولكن الكل يعلم أن قصة الحب هي دراما من خيال كاتب القصة التي استوحي الفيلم منها في إطار قصة الفيلم الرئيسية ألا وهي حادثة الغرق الأشهر. ولكن ما يعتقده البعض أن قصة غرق السفينة تايتانك ذاتها، هي أيضاً خيال، أو بالأحرى خدعة.


تفاصيل الخدعة

والآن دعونا نكتشف ما هي السفينة التي تقبع في قاع المحيط الأطلنطي على عمق 12.500 قدم. ولنبدأ رحلة الاستكشاف، علينا بالعودة إلى يوم 20 سبتمبر 1911، عندما اصطدمت السفينة أولمبيك RMS Olympic [5] بالسفينة الحربية البريطانية إتش إم إس هوك HMS HAWK قرب سواحل جزيرة وايت البريطانية.

تسبب هذا الحادث في مشاكل عديدة لمالكي السفينة، وهي شركة وايت ستار لاين White Star Line.[6] فهذا تسبب في إخراج السفينة أولمبيك من الخدمة لإجراء الإصلاحات اللازمة عليها. وقد أدى ذلك أيضاً إلى تأجيل رحلة تايتانك الشهيرة من ساوثهامبتون إلى بوسطن من تاريخ 20 مارس إلى 10 إبريل. وذلك الأمر في حينه، لم يكن أمراً تستطيع أن تتحمل تكاليفه حيث كانت أمامهم فواتير قانونية مستحقة الدفع، بالإضافة إلى تكاليف إصلاح أولمبيك. ولذا كان عليهم وقتها إيجاد طريقة لتعويض الخسارة الناجمة عن تعطل أولمبيك وبالتالي توقف إيرادات رحلاتها، وكذلك الأموال التي لم يكونوا ليتمكنوا من تعويضها جراء الحادث. ولذلك قاموا بوضع خطة (حسب هذه النظرية).

والخطة كانت بسيطة، قم بتبديل أولمبيك بتايتانك، ثم قم بإغراق السفينة المصابة أولمبيك لكي يحق لك المطالبة بتعويض التأمين. وقد اعتمدوا قي ذلك على حقيقة أنه لم يكن لأحد أن يعرف بهذا التبديل سوى الأناس المسئولين عن الشركة ( دي بروس إزماي، اللورد بيري، توماس آندروز و جي بي مورجان J P Morgan). والأمر الذي يسهل مثل هذا التبديل هو أنه إذا نظرت إلى السفينتين وهما قابعتين في المرفأ بجانب بعضهما البعض، لم تكن لتستطيع التفرقة بينهما، إلا إذا نظرت إلى لوحات الأسماء على السفنتين.

وبمجرد البدء في تنفيذ الخطة، تم تغطية أرضيات السفينة أولمبيك لتتطابق مع أرضية تايتانيك وتصبح بلا آثار أقدام. حيث أن السفينة تايتانيك كان من المفترض أنها جديدة وعلى وشك الإنطلاق في أول رحلة لها، على عكس شقيقتها الأكبر أولمبيك.

ورغم هذا التغيير وغيره، تبقى شيء واحد يمكن الناظرين من التفرقة بين السفينتين، وهي الفتحات أو النوافذ في الطابق C.

في تايتانك يوجد 14 فتحة متراصة على مسافات متساوية، بينما يوجد 16 فتحة متراصة على مسافات غير متساوية في أولمبيك.

حيث أن تايتانيك كان تم تصويرها أثناء عملية البناء، وظهر في الصور أنه كان بالطابق C أربعة عشر 14 فتحة عريضة على مسافات متساوية فيما بينها. بينما حينما غاردت تايتانيك (أو في الحقيقة أولمبيك حسب نظرية المؤامرة)، كان يمكن رؤية 16 فتحة رفيعة بمسافات غير متساوية بينها في الطابق C.[2]

شهادات العاملين

ولكن هذا لم يكن الدليل الوحيد لدعم النظرية. بل إن هناك شهادات قدمها بعض العاملين بشركة وايت ستار لاين، ممن اشتركوا في عملية بناء السفينة تايتانيك، في حوض بناء السفن "هارتلاند آند وولف" بمدينة بلفاست الأيرلندية. وتفيد شهادات هؤلاء العاملين بأنهم يعلمون أنه قد تم بالفعل تبديل السفينتين، ولكن تم تهديدهم من قبل وايت ستار لاين، بفقدان وظائفهم إذا هما سربوا كلمة بخصوص هذا الأمر. وبالطبع لا أحد يريد فقدان وظيفته، ولكن لا أحد يمكن أن يخفي مثل هذه الأقصوصة عن عائلته أيضاً، وهكذا تسربت الأخبار عن الفضيحة.

صور توضح تطابق فتحات النوفذ في السفينة الغارقة، مع السفينة أولمبيك وليس تايتانك.

وقد قام بعد عقود عديدة رجل من أستراليا بإرسال خطاب إلى جريدة نورثرن ستار Northern Star، بتاريخ 31 يوليو، 1996، يخطرهم فيه بخصوص المحادثة التي تمت بين ابنه وبين أحد العاملين بشركة وايت ستار لاين يدعى بادي فنتون.

اقتباس من الخطاب:[2]

“عندما عاد فريق عمل السفينة الناجي إلى الميناء، تم جلبهم إلى ركن ومقابلتهم باثنين من الرجال، أحدهما في مركز عالي بالشركة، والثاني في مركز حكومي كبير. وقام المسئول الحكومي بقراءة "قانون الأسرار الرسمية" على العاملين، شارحاً لهم أنهم إذا أخبروا بالسبب الحقيقي لغرق السفينة، أو سربوا إشاعات تخص خدعة تخص التأمين، أنهم سيقضون على الأقل 20 عاماً بالسجن، ولن يحصلوا على وظيفة أبداً بعد خروجهم منه"

خدعة جي بي مورجان

أعلى اليسار: رئيس شركة وايت ستار لاين، جي بروس ازماي، أسفل اليسار: مالك شركة هرلاند آند وولف، اللورد بيري، أعلى اليمين: رئيس مصممي السفينة تايتانيك، توماس آندروز، أسفل اليمين: مالك شركة وايت ستار لاين، جي بي مورجان

وفي إشارة أخرى يمكن اعتبارها شبه دليل على الخدعة المخططة، فقد قام جي بي مورجان، مالك الشركة، والذي كان قد قرر بالطبع ركوب السفينة في أول رحلة لها، بالاعتذار فجأة وقبل دقائق من انطلاقها عن القيام بالرحلة بحجة اعتلال صحي. وقد فعل الأمر ذاته في أوقات مختلفة 50 شخصاً آخر كانوا من ركاب الدرجة الأولى على السفينة.

بينما تم رؤية مورجان في فرنسا بعد يومين من انطلاق الرحلة وهو في صحة جيدة للغاية. وذات الأمر ينطبق على جوليا زوجة بروس إزماي (رئيس وايت ستار لاين) وأبنائها، والتي شوهدت في رحلة بالسيارة في ويلز، رغم أنها أيضاً قامت بإلغاء الحجز لعائلتها بحجة إصابتها بوعكة صحية.

وقد أمر جي بي مورجان أيضاً بإزالة 7 تماثيل برونزية قيمة للغاية من على ظهر السفينة قبل انطلاقها من ساوثهامبتون بساعة واحدة. كل ذلك برغم أنه قد أصدر تصريحات علنية يؤكد فيها أنه بالطبع سيكون على ظهر السفينة في هذا اليوم المشهود.[2]

جيمس آ. فنتون (عرف أيضاً بلقب "بادي الخنزير" أو بادي فنتون) أخبر أحد زملائه البحارين أن تبديل السفينتين تم بالفعل.

كما تخلف عن الرحلة لورد بيري رئيس شركة هارلاند اند وولف لبناء السفن في بلفاست عن الرحلة لظروف مرضية مفاجئه أيضا وحل محلة في الرحلة المدير التنفيذي للشركة.

وهذه التصرفات قادت الكثير من الناس إلى الاعتقاد بأن مورجان وجوليا وبيري ضمن آخرين، كانوا على علم بأن شيء ما خطط له أن يحدث، فهل كانوا بالفعل يعلمون أن السفينة أولمبيك (المنتحلة لإسم تايتانيك) كان مقرراً لها الغرق في أول رحلة لها.

السفينة إس إس كاليفورنيان

صورة للسفينة SS Californian

لكن لم تنتهي الأدلة هنا، فهناك أمر أثار الكثير من الشكوك التي حامت حول السفينة إس إس كاليفورنيان SS Californian. سفينة بخارية بريطانية كانت هي الأقرب لموقع غرق السفينة أولمبيك (تحت إسم تايتانيك)، وقد وقع اللوم على قبطان هذه السفينة ستانلي لورد، [7]نتيجة لتقاعسه عن الاستجابة السريعة حين انطلقت صواريخ الاستغاثة النارية من السفينة تايتانيك. وقد وصل الأمر إلى تحقيقات من جانب مجلس الشيوخ الأمريكي ومفوضية خاصة بالنيابة عن المجلس التجاري ببريطانيا حققت لمدة 42 يوم متتالية في الحادث وملابساته. وبرغم الإقرار بأن التعامل غير السريع مع الحادث من قب طاقم السفينة إس إس كاليفورنيان كان مستحقاُ للتوبيخ، فلم يتم توجيه أية تهمة رسمية لستانلي لورد ولا أياً من طاقمه.

وفي حقيقة الأمر، قضى هذا القبطان بقية حياته محاولاً الدفاع عن إسمه لإخلاء مسئوليته عن الموضوع، كما أن سفينته ذاتها تم إغراقها عام 1915 من قبل غواصتين ألمانيتين في شرق البحر الأبيض المتوسط أثناء إحدى معارك الحرب العالمية الأولى البحرية.

ولكن في عام 1992، أي بعد مرور 80 عاماً على الحادث البشع، قام فرع تحقيقات حوادث البحار بالحكومة البريطانية بإعادة فحص القضية، وقد خلص هذا التحقيق في النهاية أنه مهما كان سرعة رد فعل القبطان ستانلي لورد، فلم يكن ليتمكن من تغيير مجرى الأحداث عن الوصول إلى الكارثة التي وقعت. [8]

السفينة 401

وإذا سافرنا عبر الزمن إلى تاريخ 13 أكتوبر، 1935، نجد شيئاً آخر يثير الشكوك بخصوص معضلة أولمبيك/تايتانيك.

ففي هذا التاريخ، تقرر إنهاء خدمة السفينة "أولمبيك" -أو إذا صحت النظرية "تايتانيك"- وتحطيمها. وهنا تظهر الألواح الخشبية ودرجات السلالم كشيء محبب اقتنائه، وقد آل أمر الألواح والسلالم إلى فندق اسمه وايت سوان ، في مدينة ألنويك، المملكة المتحدة.

وقد كشفت هذه الألواح عن شيء غريب، فعلى إطار هذه الألواح ظهر رقم يسمى Yard number أو رقم الساحة 401، وقد كان هذا هو الرقم الذي أعطي للسفينة تايتانيك قبل تسميتها وأثناء بنائها في حوض بناء السفن ببلفاست، أيرلندا. وكل سفينة تعطى رقماُ من جانب حوض البناء، وقد كان الرقم الذي أعطي للسفينة أولمبيك هو 400 وليس 401! [2]

ستانلي لورد - قبطان السفينة إس إس كاليفورنيان

فهل هذه مصادفة أيضاً؟


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإعلانات الدعائية

شيء آخر ملفت يجدر الإشارة إليه قبل الانتهاء من العرض. أنه إذا نظر إلى أية إعلانات قديمة مصورة لرحلة تايتانيك الأولى، ففي كل مرة تم استخدام صورة السفينة أولمبيك سواء من الخارج أو من داخلها. [2]

فهل تم تدبير مثل هذا الأمر عن قصد للتمهيد أو التمويه بين السفينتين اللتان تشير الأدلة التي عرضنا عليكم أنه قد تم بالفعل تبديلهما؟!

إعلان دعائي لتايتانك استخدمت فيه صورة لأولمبيك

وأخيراً لكل من حزنوا على جاك الذي غرق في حب روز، ثم إلى قاع الأطلسي، لا تحزنوا فهو شخصية خيالية ولم يغرق في الحقيقة. ويبدو أن هذه الجملة الأخيرة يمكن أن تنطبق على تايتانيك أيضاً، فهي لم تغرق في الحقيقة، بل من غرقت هي أولمبيك!

فيلم "لماذا أغرقوا تايتانك؟"

وقد كثرت الأعمال الدرامية من أفلام ووثائقيات عن موضوع غرق السفينة تايتانك، ونعرض هنا لواحد من أبرز أعمال الدراما الوثائقية Docudrama التي تناولت على وجه التحديد موضوع تبديل السفينتين تايتانك وأولمبيك. عنوان الفيلم هو "لماذا أغرقوا تايتانك" Why They Sank Titanic أصدر عام 2012. وهذا الفيلم إنتاج بريطاني-جنوب أفريقي، مدة عرضه 52 دقيقة. [9]

بوستر فيلم Why They Sank Titanic

وفيه يعرض تمثيل لشخصيات القصة ولكنه في شكل الدراما الوثائقية، من وجهة النطر التي تؤيد خدعة غرق تايتانك التي كانت هي في الحقيقة أولمبيك.

كتب عن الخدعة

غلاف كتاب Titanic or Olympic: Which Ship Sank

وقد بلغ عدد الكتب التي أصدرت عبر العقود أضعاف ما تم إنتاجه من أعمال مرئية. ومن أبرز الكتب التي صدرت بشأن نقطة تبديل السفينتين، كتاب صدر عام 2012 بعنوان "تايتانك أم أولمبيك: أي سفينة غرقت؟" Titanic or Olympic: Which Ship Sank.[10]

ومن الجدير بالذكر ظهور اسم سفينة ثالثة كانت مملوكة لشركة وايت ستار لاين أيضاً، وهي السفينة بريتانيك HMHS Britannic. [11]وهي التي تضيف المزيد من التداخل إلى نظرية المؤامرة الخاصة بغرق بالسفينة تايتانك.

وقد صدر في عام 1998 كتاب مليء بالتفاصيل الدقيقة والصور الأرشيفية عن الثلاث سفن بعنوان "تايتانك وأخواتها أولمبيك وبريتانك" Titanic and Her Sisters Olympic and Britannic.[12]

غلاف كتاب Titanic And Her Sisters

مصادر