غزالة الحرورية

غزالة الحرورية (ت. 77هـ/696م) من ربات الفروسية والشجاعة والبلاغة والفصاحة والنسك. ولدت في الموصل من أرض العراق، ولا يُعرف عنها شيء غير ذلك، لا سنة ولادتها ولا نسبها ولا حتى اسم أبيها، واشتهرت بـ «الحرورية» بعد زواجها من «شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني الحروري»، والحروري والحرورية نسبة إلى «حروراء» وهي قرية في العراق نزل فيها أول مَنْ نزل الذين خرجوا من صفوف قوّات علي بن أبي طالب بعد موقعة صفين معترضين على قبول التحكيم، وهؤلاء سمّوا فيما بعد بالخوارج؛ لأنهم خرجوا من بين القوات معترضين، وسمّوا بالحرورية نسبة إلى القرية المذكورة، وسمّوا أيضاً بالشُّراة لأنهم ادّعوا أنهم شروا أنفسهم من الله بخروجهم ذاك.

ومن بين هؤلاء عُرِفَتْ غزالة واشتهرت بعد زواجها من شبيب بن يزيد بن نعيم الذي خرج معها على عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي سنة 76هـ أيام ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي على العراق.

وكانت غزالة شديدة البأس تقاتل قتالاً شديداً يعجز عنه الأبطال من الرجال، وقد بعث الحجّاج خمسة قوّاد لمحاربة شبيب، فهزمهم جميعاً، ثم خرج شبيب من الموصل يريد مهاجمة الكوفة ومعه غزالة، وخرج الحجّاج من البصرة يريد الكوفة أيضاً، وأسرع شبيب لملاقاته قبل وصوله الكوفة، ولكن الحجّاج كان أسرع منه، فدخل الكوفة وتحصّن في قصر الإمارة خوفاً من ملاقاة شبيب وغزالة، وقد عيّره الشعراء بذلك، ومنهم عمران بن حِطّان وكان ملاحقاً من الحجّاج، فقال يعيّره بهروبه من اللقاء واختبائه في دار الإمارة:

أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ

                         فتخاء تنفرُ من صفير الصَّافرِ

هلاّ برزتَ إلى غزالةَ في الوغى

                         بل كان قلبك في جناحي طائرِ

صدعت غزالة قلبه بفوارسٍ

                         تركت مدابره كأمس الدابرِ

ودخل شبيب الكوفة ومعه أمه جهيزة وزوجته غزالة عند الصباح، وكانت غزالة قد نذرت أن تدخل مسجد الكوفة فتصلّي فيه ركعتين، تقرأ في الأولى سورة «البقرة»، وفي الثانية سورة «آل عمران»، وهما أطول سورتين من سور القرآن الكريم، وقد جاؤوا إلى الجامع في سبعين رجلاً، فصلّت فيه غزالة ركعتين وخرجت من نذرها وهي محاطة بمظاهر التقدير والاحترام، ولكن أهل الكوفة والذين كانت حروب الحرورية قد أقلقتهم كثيراً، قالوا في تلك السنة:

وفت الغزالة نذرها

                 يا ربّ لا تغفر لها

وظلّ شبيب ومعه غزالة على رأس قوّة من الخوارج «الحرورية» يحاربون الحجّاج حتى هزموا له عشرين جيشاً في مدّة سنتين، وقد دخل شبيب الكوفة للمرّة الثانية على رأس ألف مقاتل ومعه غزالة على رأس مئتين من نساء الخوارج، وقد تقلّدن السيوف وحملن الرماح، ووصلوا إلى المسجد الجامع بعدما قتلوا حرّاسه ومن كان فيه، ونصّب شبيب غزالة على المنبر، فخطبت فيمن حضر، وقد قال أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي في ذلك:

أقامت غزالة سوق الضراب

لأهل العراقين شهراً قميطا (كاملاً)

سمت للعراقين في جيشها

فلاقى العراقان منها بطيطا (عجباً)

كما قال عتبان بن وصيلة الشيباني الخارجي يخاطب عبد الملك بن مروان مفاخراً برجال الخوارج معدّداً مناقبهم وبطولاتهم في قصيدة له، وذكر فيمن ذكر غزالة التي خصّها بهذا البيت من قصيدته تلك:

غزالة ذات النّذر منا حميدةٌ

لها في سهام المسلمين نصيبُ

وقد أرسل عبد الملك بن مروان جيوشاً عديدةً من الشام لمحاربة قوّات شبيب وغزالة، وقد استطاعت تلك القوّات وبعد معارك عنيفة أن تنتصر على قوّات شبيب، وقد قتلت غزالة في معركة قرب الكوفة، وحمل رأسها أحد الفرسان ليأخذه إلى الحجّاج، ولكن شبيب شاهده وعرفه، فأرسل إليه أحد فرسانه فقتله وعاد بالرأس إلى شبيب الذي أمر بغسله وتكفينه ودفنه، وقال شبيب فوق قبرها:

هي أقرب إليكم رحماً. يعني غزالة.

وقد مات شبيب بعد ذلك بقليل غرقاً في ماء نهر قرب الكوفة حين سقط فيه عند القتال، وبموت شبيب انتهت حروب فرقة من الخوارج أو الحرورية هم فرقة الشبيبية نسبة إلى شبيب المذكور.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  • عبدو محمد. "غزالة الحرورية". الموسوعة العربية.


للاستزادة