عودة عوليس إلى وطنه
![]() |
هذا الموضوع مبني على مقالة لابراهيم العريس. |
كلاوديو مونتڤردي |
---|
![]() |
عودة عوليس إلى وطنه (بالإيطالية: Il ritorno d'Ulisse in patria؛ SV 325، إنگليزية: The Return of Ulysses to his Homeland )، هي اوپرا تتكون من مقدمة وخمس فصول (فيما بعد اختصرت إلى ثلاثة)، ألفها موسيقياً كلاوديو مونتڤردي والليبرتو لجاكومو بادروارو. عرضت الاوپرا لأول مرة في تياترو سانت جيوڤاني في پولو، البندقية في الموسم الفني 1639–1640. اقتبست القصة من النصف الثاني من الاوديسة لهومر.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الأحداث
إذا استثنيا شخصية أوديب التي لا تزال تواصل العيش بيننا منذ أقدم عصور الدراما الاغريقية، مروراً برائد التحليل النفسي سيگموند فرويد الذي أفرد للشخصية ودلالاتها الإنسانية فصولاً في كتبه، من الصعب أن نجد في الأدب العالمي شخصية أخرى قدرت على العيش حقاً، على مدى ألوف السنين، متداخلة في آداب الشعوب، خائضة حياة جديدة بدلالات متجددة في كل مرة، تضاهي في ذلك شخصية يوليس، التي ملأت حياتها ومغامراتها صفحات «إلياذة» هوميروس و «أوديسته» وصولاً الى رواية جيمس جويس الحاملة اسم الشخصية، والتي تعتبر واحدة من أكبر روايات القرن العشرين وأهمها، وحتى الى فيلم انجلوبولس الشهير.
عوليس (أو يوليس أو يوليسيس إذا شئتم) هو الشخصية الوحيدة تقريباً التي تطاول أوديب، مشتغلة على المخيلة الإنسانية وعلى أذهان المبدعين، ودائماً من منطلق يرتبط بالأسطورة الأولى: أسطورة العائد بعد غياب وبعد أن خاض المغامرات والضياع، مثلما ستكون حال سندبادنا الشرقي الذي قد لا يكون من المبالغة القول، انه المعادل الشرقي ليوليس الغربي. ولئن كان دانتي، من بين كل الذين تناولوا، في أعمالهم، شخصية يوليس، الوحيد - على حد علمنا - الذي جعل، خلال بدايات النهضة الايطالية الإنسانية، من هذه الشخصية رمزاً لإنسانية تواقة الى المعرفة وذات إرادة تدفعها الى محاولة البحث عن الذات، فإنه كان من المتوقع أن يلي تجديد دانتي في دلالة الشخصية اهتمام بمثل هذا التجديد، لكن ذلك لم يحصل، خصوصاً في ايطاليا النهضة. ومن هنا يظل من المستغرب أن مبتدع فن الأوبرا بمعناه المعاصر، الايطالي كلوديو مونتفردي، على رغم نهضويته التي تجلت في عمله التأسيسي «اورفيو»، حين كتب أوبراه منطلقاً فيها من شخصية يوليس، اختار أن يعود الى الدلالة العتيقة للعمل، تلك الدلالة التي تتوقف بخاصة، كما كان يفعل كل الذين اقتبسوا العمل من بعد هوميروس، عند عودة يوليس الى ايتاكا، ونضاله ضد طالبي ودّ زوجته بينيلوب، التي ينتهي بها الأمر الى التعرف إلى زوجها المفقود... وما إلى ذلك.
ومهما يكن من شأن اختيار مونتيفيردي، لا شك في أن عمله الأوبرالي الكبير هذا يظل حياً، ومرجعياً، على رغم أن موسيقيين كثراً جربوا حظهم مع العمل نفسه، ونجحوا غالباً، إنما من دون أن يصل أي منهم الى النجاح الرائد الذي حققه عمل مونتفردي. ونذكر من بين هؤلاء، الفرنسيين شارل گونو وكميل سان-سانس...
حين وضع مونتيفيردي أوبرا «يوليس» وعنوانها في الإيطالية «عودة يوليس الى الوطن» في العام 1640، لتقدم للمرة الأولى في البندقية، اختار أن يبني موسيقاه على نص كتبه جاكومو بادوورا، في اقتباس عن الصفحات الأخيرة للأوديسة نفسها من دون أن يلقى بالاً لتفسير دانتي. وهذه الصفحات تتضمن بالطبع العودة واستقرار يوليس في ايتاكا ونضاله وتعرف زوجته إليه. هنا عند بداية الفصل الأول تطالعنا بينيلوب زوجة يوليس، وهي لا تزال جاهلة أن هذا الأخير قد عاد الى الديار، بعد سنوات التجوال والضياع. لذلك نراها تواصل الشكوى من وحدتها بفعل غياب زوجها المحبوب، في الوقت الذي يواصل خاطبو ودّها وهم كثيرون، محاولاتهم الدنو منها وإقناعها، كل على حدة، بالزواج منه. وإذ تبدو پنلوپه في بعض الأحيان صامدة في وجه الضغوط، تبدو في أحيان أخرى وكأنها على وشك أن تذعن وتقبل الارتباط برجل جديد، إذ تبدو في تلك اللحظات يائسة من عودة الزوج الغائب. لكن هذا الزوج، متنكراً في ثياب شحاذ، كان بالفعل وصل الى جزيرة إيثاكا، بمساعدة مينرڤا، ولجأ حال وصوله الى كوخ الراعي إيميروس. ومن دون أن يكشف يوليس شخصيته أمام هذا الراعي، تعمّد إخباره بأن ملك البلاد سيعود عما قريب، آملاً منه أن ينشر هذا الخبر ليستطلع ردود الفعل عليه. وبالفعل يقوم الراعي بنشر الخبر في أوساط خطّاب بينيلوب الذين إذ يخشون من أن عودة الملك يوليس ستفسد خطط الحصول على الزوجة الحسناء، يزيدون من ضغطهم على هذه الأخيرة التي لم يبلغها النبأ الذي أذاعه الراعي. وهكذا تجد بينيلوب نفسها مرغمة أخيراً على اختيار خاطب لها من بين كل أولئك المتقدمين المتنافسين. فلا يكون منها إلا أن تتعهد علناً أنها ستمنح يدها لذلك الذي سيمكنه ان يفرد قوس يوليس. وهكذا يدب الأمل في قلوب الخطاب، ثم يتوالون الى القوس وكل منهم يحاول أن يفرد القوس، غير أنهم يعجزون جميعاً عن ذلك. وفي تلك الأثناء يكون يوليس، الذي كان كشف سر هويته أمام ابنه تيليماك، قد وصل الى القصر، ودائماً متنكراً في زي شحاذ راغباً في ألا يتعرّف إليه في البداية أحد. ثم يطلب أن يسمح له بتجربة حظه مع القوس. وهكذا ما إن يضع القوس على كتفه حتى يتمكن من فرده، ثم يتناول الأسهم، واحداً بعد الآخر، ويروح موجهاً اياها نحو الخطّاب قاتلاً أكبر عدد ممكن منهم، مسبّباً فرار الباقين. ونراه إثر ذلك يقدم براهين عدة، أمام پنلوپه على أنه هو زوجها الملك يوليس، عن حق وحقيق، وينتهي الأمر بپنلوپه التي لا تميل الى تصديقه أولاً، الى الاقتناع أخيراً بأنه زوجها الحبيب وقد عاد. وإذ ينال يوليس في النهاية رضى نپتون، إله البحر وبركته، يعود الى زوجته وعرشه.
لقد استند مونتيفيردي، إذاً، الى هذه الخاتمة لتجوال يوليس، لكي يحولها الى تلك الأوبرا التي كما كانت حال «اورفيو» أسّست بدورها لهذا الفن. بيد أن مونتفردي لم يكتف بجعل أوبراه مجرد سرد للأحداث، بل شاء لها أن تكون أكثر من ذلك. وهكذا، نراه، يجعل للعمل تمهيداً تنشد فيه شخصيات رمزية عدة، أهمها واحدة ترمز الى الضعف البشري، وثانية ترمز الى الزمن، وثالثة الى المصير، ورابعة الى الحب. وكذلك عمد مونتفردي الى أن يضيف الى الشخصيات المعروفة والمرتبطة بالدراما اليونانية الأصلية (وهي شخصيات يوليس وپنلوپه ويوريماك وميلانت وتلماك...)، شخصية مهرج مضحك هو إيروس، الذي يعيش على حساب الخطّاب ويشجعهم دائماً على الدنو من الحسناء بينيلوب، مزيّناً لهم الزواج منها، ومؤكداً لهم أن زوجها لن يعود أبداً. والحال ان هذه الشخصية نالت حظوة كبيرة لدى المتفرجين الايطاليين وقلّدت في أعمال أخرى لاحقة. وعلى رغم وجود هذه الشخصية قيل دائماً ان ثمة ثقلاً مملاً في بعض مقاطع الأوبرا. أما قوتها فإنها تكون، موسيقياً، حين يبدو التعبير عن العواطف كبيراً، مثلاً لحظات شكوى بينيلوب من وحدتها وحزنها، صارخة في زوجها الغائب «عد إليّ، عد إليّ»، بل أصلاً في كل ما تنشده بينيلوب التي تكون مأساتها عماد الأوبرا، أكثر من عودة يوليس نفسه. والحال ان هذا التفاوت في القوة التعبيرية بين أجزاء من أوبرا «يوليس» وأجزاء أخرى منها، جعل عدداً من النقاد والمؤرخين، يقول ان من المحتمل ألا يكون مونتفردي هو ملحن هذا العمل، أو يمكن أن يكون قد شاركه في تلحينه تلاميذ له، عهد اليهم بتلك الأجزاء التي تبدو اليوم ضعيفة، تاركاً لنفسه اللحظات الأكثر درامية وعاطفية. غير أن ليس ثمة في الحقيقة التاريخية ما يؤكد هذا.
المصادر
- هوامش
- Citations
- المراجع
- Arnold, Denis. "Claudio Monteverdi: Three decades in Venice". Britannica Online. Retrieved 21 February 2010.
- Ashby, Tim (24 August 2009). "Il ritorno d'Ulisse in patria: Kings Theatre, Edinburgh". The Guardian. London. Retrieved 11 February 2010.
- Beat, Janet E. in (eds)Arnold, Denis and Fortune, Nigel (1968). The Monteverdi Companion. London: Faber and Faber.
{{cite book}}
: CS1 maint: multiple names: authors list (link) - Carter, Tim (2002). Monteverdi's Musical Theatre. New Haven: Yale University Press. ISBN 0-300-09676-3.
- Carter, Tim (2007). Macy, Laura (ed.) (ed.). "Monteverdi, Claudio: Venice". Oxford Music Online. Retrieved 7 February 2010.
{{cite web}}
:|editor-first=
has generic name (help); External link in
(help) قالب:Subscription|publisher=
- Cascelli, Antonio (2007). "Claudio Monteverdi:Il ritorno d'Ulisse in patria: ed. Alan Curtis". Music and Letters. Oxford. 88 (2): 395–398. Retrieved 11 February 2010. قالب:Subscription
- Cassaro, James P. (September 1987). "Claudio Monteverdi: Il ritorno d'Ulisse in patria". Notes. San Diego: Music Library Association: 166–67. Retrieved 10 February 2010. قالب:Subscription
- "Central Opera Services Bulletin, Spring 1973". Central Opera Services. Retrieved 10 February 2010.
- Chew, Geoffrey (2007). Macy, Laura (ed.) (ed.). "Monteverdi, Claudio: Works from the Venetian years". Oxford Music Online. Retrieved 21 February 2010.
{{cite web}}
:|editor-first=
has generic name (help) قالب:Subscription - "Classical Music and Dance Guide". The New York Times. 2 November 2001. Retrieved 10 February 2010.
- "Concert programmes: Cyril Eland collection". Arts and Humanities Research Council. Retrieved 12 February 2010.
- Dunn, Geoffrey (translator) (1972). Il ritorno d'Ulisse in Patria: Italian and English libretto. London: Faber Music Ltd.
{{cite book}}
:|first=
has generic name (help) - Forbes, Elizabeth (5 January 2007). "Werner Hollweg (obituary)". The Independent. London. Retrieved 10 February 2007.
- "Glyndebourne firsts". Glyndebourne Opera. Retrieved 10 February 2010.
- "Gramophone Archive". The Gramophone. Retrieved 18 February 2010. (registration required)
- Gurewitsch, Matthew (29 February 2004). The New York Times "Music: Into the Heart of Darkness, with Puppets". Retrieved 11 February 2010.
{{cite news}}
: Check|url=
value (help) - "Il ritorno d'Ulisse in Patria". Edinburgh International Festival. Retrieved 11 February 2010.
- Johnson, David (May 1965). "For the Record". The North American Review. University of Northern Iowa: pp. 63–64. Retrieved 21 February 2010.
{{cite journal}}
:|pages=
has extra text (help) قالب:Subscription - Kennedy, Michael (2006). Oxford Dictionary of Music. Oxford: Oxford University Press. ISBN 0-19-861459-4.
{{cite book}}
: Text "Michael Kennedy" ignored (help) - March, Ivan (ed.) (1993). The Penguin Guide to Opera on Compact Disc. London: Penguin Books. ISBN 0-14-046957-5.
{{cite book}}
:|first=
has generic name (help) قالب:Subscription - Neef, Sigrid (ed.) (2000). Opera: Composers, Works, Performers (English edition). Cologne: Könemann. ISBN 3-8290-3571-3.
{{cite book}}
:|first=
has generic name (help) - "Performances". Washington National Opera. Retrieved 10 February 2010.
- Ringer, Mark (2006). Opera's First Master: The Musical Dramas of Claudio Monteverdi. Newark N.J.: Amadeus Press. ISBN 1-57467-110-3.
- Robinson, Michael F. (1972). Opera before Mozart. London: Hutchinson & Co. ISBN 0-09-080421-X.
- Rosand, Ellen (1991). Opera in Seventeenth-Century Venice: the Creation of a Genre. Berkeley: University of California Press. ISBN 0-520-25426-0. Retrieved 13 November 2009.
- Rosand, Ellen (2007). Monteverdi's Last Operas: a Venetian trilogy. Los Angeles: University of California Press. ISBN 0-520-24934-8.
- Rosand, Ellen (2007). Macy, Laura (ed.) (ed.). "Ritorno d'Ulisse in patria". Oxford Music Online. Retrieved 7 February 2010.
{{cite web}}
:|editor-first=
has generic name (help) قالب:Subscription - Rosand, Ellen (1995). "Monteverdi's Il ritorno d'Ulisse and the power of "music"". Cambridge Opera Journal. Cambridge: Cambridge University Press. 7 (3): pp. 179–84. Retrieved 21 February 2010.
{{cite journal}}
:|pages=
has extra text (help) قالب:Subscription - Rosand, Ellen and Vartolo, Sergio (2005). Preface to recording: Il ritorno d'Ulisse in patria: Monteverdi's Five-Act Drama (CD). Leeuwarden (Netherlands): Brilliant Classics 93104.
- Sadie, Stanley (4 September 1978). "Il ritorno d'Ulisse in patria: Review". The Times. London. p. 9.
- Sadie, Stanley (ed.) (2004). The Illustrated Encyclopedia of Opera. London: Flame Tree Publishing. ISBN 1-84451-026-3.
{{cite book}}
:|first=
has generic name (help) - Walker, Thomas. Macy, Laura (ed.) (ed.). "Badoaro, Giacomo". Oxford Music Online. Retrieved 7 January 2010.
{{cite web}}
:|editor-first=
has generic name (help) قالب:Subscription
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .