عبد الله بن جعفر بن أبي طالب

قالب:تعظيم عبد الله بن جعفر هو أبو جعفر عبد الله بن ذي الجناحين جعفر الطيار بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي.

وأما أمه فهي أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيم الخثعمية شقيقة سلمى بنت عميس زوج حمزة بن عبد المطلب، وأما أخواتها لأمها هند بنت عوف فهي سيدتنا ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله وأم لبابة زوج العباس بن عبد المطلب، ولبابة أم خالد بن الوليد بن المغيرة.

وأما جده لأبيه، فهو أبو طالب بن عبد المطلب الذي شهد له التاريخ بعظيم مواقفه. وأما جدته لأبيه فهي فاطمة بنت أسد أول هاشمية تزوجت بهاشمي، وأما جده الأعلى لأبيه فهو عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.وأما شقيقاه فهما محمد وعون. وأخواه من أمه هما محمد بن أبي بكر الصديـق ويحيى بن علي. وأما زوجته، فهي حفيدة رسول الله زينب بنت علي.

كان أول مولود في الإسلام بأرض الحبشة وكانت ولادته سنة واحد للهجرة، ثم قدم مع والديه مهاجراً إلى المدينة في السنة السابعة للهجرة يوم فتح خيبر وكان قد بلغ من العمر سبع سنين، فوصلوا إلى النبي وقد فتحت خيبر.

وفي السنة الثامنة للهجرة استشهد والده جعفر الطيار بن أبي طالب في معركة مؤتة، وكان عمره ثماني سنوات فكفله رسول الله وأولاه رعايته الخاصة لمكانة أبيه، وكذلك كان علي، أما هو فكان من أكثر الناس موالاة للسبطين الحسن والحسين.

يروي أن الرسول أتاهم بعد استشهاد والده فقال: "ائتوني ببني أخي" ثم قال: "أما محمد فشبه عمي أبي طالب، وأما عبد الله فشبه خَلقي وخُلقي". ثم أخذ بيديه وقال: "اللهم اخلف جعفراً في أهله، وبارك لعبد الله في صفقته". فجاءت أمنا فذكرت يتمنا فقال: "ألعيلة تخافين عليهم، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟".

وروى إسماعيل بن عباس قال: "إن عبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير بايعا النبي وهما ابنا سبع سنين، فلما رآهما رسول الله تبسم وبسط يده وبايعهما".

وقال: "لقد رأيتني وقثم وعبيد الله ابني عباس، ونحن صبيان إذ مر بنا رسول الله فقال: "ارفعوا هذا إلي" فحملني أمامه، وقال لقثم: "ارفعوا هذا إلي" فحمله وراءه، وكان عبيد الله أحب إلى عباس، فما استحيا من عمه أن حمل قثم وتركه، ومسح على رأسي ثلاثاً كلما مسح قال: "اللهم اخلف جعفراً في ولده".

كان عبد الله بن جعفر سريع الجواب، حاضر البديهة فصيحاً وافر الحشمة كثير العبادة يديم قراءة القرآن، سيداً عالماً عفيفاً حليماً جواداً كريماً حتى قيل عنه، قطب السخاء وبحر الجود وذو البجادين من الإكمال، لا يصله شيء من صلات إلا وزعها على أهل المدينة حتى لا يبقى منها شيء لنفسه، وكان يعفو عن الديون ويساعد في النوائب والملمات، وقال عنه معاوية بن أبي سفيان يوم أن عوتب على كثرة عطائه له: "هذا هدية ملك الدنيا إلى من هو أولى منه بالإمامة"، وقال غير واحد عنه: "إن أجواد العرب في الإسلام عشرة، وإنه لم يكن منهم أسخى منه".

وهو آخر من رأى النبي وصحبه من بني هاشم. كان يمارس التجارة منذ صغره، فمر به رسول الله يوماً وهو يلعب فقال: "اللهم بارك له في تجارته". اشترك مع عمه علي بن أبي طالب في موقعة صفين، وكان أميره على قريش وأسد وكنانة. وكان له فيها وغيرها ذكر مشهور.

وأما في كربلاء فلقد كان ممن كتب إلى الحسين يثنيه عن السفر إلى العراق. وعلى الرغم من عدم سيره معه فقد أرسل ابنيه عون ومحمد إلى كربلاء برفقة أمّهما زينب، فاستشهدا كلاهما، فقتل عبد الله بن قطنة التيهاني التميمي ابنه عون، وقتل عامر بن نهشل التميمي ابنه محمد.

وقد روي أن عدم خروجه كان بسبب كف بصره، فلما نعي إليه الحسين وبلغه قتل ولديه عون ومحمد كان جالساً في بيته ودخل عليه الناس يعزونه، فقال غلامه أبو اللسلاس: هذا ما لقينا من الحسين (وكان الغلام قد ربى عوناً ومحمداً) فحذفه عبد الله بنعله وقال له: "يا بن اللخناء. أللحسين تقول هذا؟ والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل معه، والله إنهما لما يسخى بالنفس عنهما ويهون علي المصاب بهما، إنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه" ثم اقبل على الجلساء فقال: "الحمد لله، أعزز علي بمصرع الحسين، إن لم أكن واسيت الحسين بيدي فقد واسيته بابني".

ولقد روى عدة أحاديث، وروى عنه أولاده، وأبو جعفر الباقر، والقاسم بن محمد، والشعبي، وعروة بن الزبير، وآخرون م، ومما رواه قوله: "أردفني رسول الله ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس". وكذلك ما رواه ابن عساكر عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قوله: "يا عبد الله هنيئاً لك مريئاً. خلقت من طيني، وأبوك يطير مع الملائكة في السماء".

انتقل إلى الرفيق الأعلى في المدينة المنورة سنة ثمانين للهجرة وعمره ثمانون عاماً ووري جسده الشريف البقيع وكان والي المدينة أبان بن عثمان بن عفان، فلما حضر غسله كفنه وحمله مع الناس وقد ازدحم على حمله ثم لم يفارقه حتى دفنه ودموعه تسيل وهو يقول عنه: كنت والله خيراً لا شر فيك، وكنت والله شريفاً واصلاً براً.