زرافة محمد علي باشا

Charles X's giraffe in 1827
The Nubian Giraffe, by Jacques-Laurent Agasse (c.1827), depicts one of the three giraffes sent to Europe by محمد علي باشا. This one was received by George IV in لندن. The gentleman shown in the top hat is Edward Cross, operator of the menagerie at Exeter Exchange and then Royal Surrey Gardens. Also shown are the giraffe's Egyptian attendants, and, in the background, the Egyptian cows that supplied the young giraffe with milk.

زرافـة محمـد علـى باشـا (1825[1] – 12 يناير 1845) هي زرافة أنثى أهداها محمد علي باشا، حاكم مصر إلى شارل العاشر، ملك فرنسا. وكانت أول زرافة تصل فرنسا. وقد أثارت اهتماماً شعبياً بالغاً.

في متحف التاريخ الطبيعي في منطقة "لاروشيل" في فرنسا، زرافة محنطة هي زرافة الملك شارل العاشر، قصتها مثيرة، تتكلم، وزائرو المتحف يتمتعون الى جانب رؤيتها بقراءة قصتها التي تدور حول كيفية وصولها الى فرنسا، ومشاهدة الناس لها لأول مرة، واهتمام الملك شخصياً بها، وتكليفه احد اكبر العلماء في عصره بالاشراف على نقلها من مارسيليا الى باريس.

وتبدأ حكاية الزرافه من حيث كانت الاجواء بين فرنسا ومصر مشحونة بالغيوم في ذلك الحين. وبعد ان ساءت العلاقات بين مصر وبريطانيا ساءت نتيجة الحكم بالاعدام على بعض البريطانيين وعرض رؤوسهم على أسوار القاهرة، مما أثار غضب بلاط السان جيمس في لندن.

وكان لفرنسا في مصر قنصل عام يتميز بطرافته وفضوليته وخفة روحه، يُدعى "برناردينو دروفيتي Bernardino Drovetti". الذى نمى إلى علمه أن أحد أعيان السودان واسمه "موكر بيه" أرسل إلى محمد علي باشا زرافتين صغيرتين فحاول التخفيف من حدة الخلافات، فالتمس ان تهدى الزرافة الرائعة الى الملك شارل العاشر بهدف ترطيب الاجواء. ولم تكن فرنسا رأت زرافة حتى ذلك التاريخ.

قَبل محمد علي ان يقدم الهدية الفائقة الخصوصية الى الملك شارل العاشر. غير انه علم بواسطة خبر سري ديبلوماسي ان قنصل بريطانيا العظمى أبدى الرغبة ذاتها في إرسال زرافة هدية من محمد علي باشا الى التاج البريطاني. أدرك محمد علي باشا ان الفائدة التي ستجنيها مصر من وراء هذا الطلب المضاعف للزرافة كبيرة جداً، فقررت ان تعطي فرنسا وبريطانيا الزرافتين القادمتين من السودان. وطلبت من القنصلين ان يختار كل واحد منهما زرافته بالقرعة.

وبعد أيام كتب برناردينو الى وزيره الرسالة التالية:

"أنا سعيد باعلام سعادتك ان القرعة على الزرافتين كانت من حظنا. فقد حصلنا على الزرافة القوية والنشيطة. أما تلك التي جاءت من حظ بريطانيا فهي مريضة ولن تعيش طويلاً". وفعلاً ماتت زرافة بريطانيا بعد اشهر عدة من هبتها.

فى عام 1826 جهز برناردينو لارسال زرافته الى فرنسا. فجهز للسفر بعناية فائقة وكانت نقطة البداية من الاسكندرية التى إنقلبت رأسا علي عقب لوصول موكب يخص الباشا محمد علي يضم حيوانين أسطوريين هما زرافتان مع حاشية مكونة من ثلاث أبقار حلائب وراعيها حسن وعطير واستقر الموكب في ساحة قصر الباشا برأس التين لمدة ثلاثة أشهر ريثما يتم الإنتهاء من إجراءات سفر الزرافتين إحداهما الي إنجلترا والأخري الى فرنسا

كانت الزرافة التي حصلت علي الجنسية الفرنسية إبنة شهرين. قصيرة القامة!! تم ترويضها علي تناول اللبن, حيث كانت تحتاج الى خمسة وعشرين لتراً من الحليب في اليوم , وقرر القنصل ارسال ظبيتين وثلاث بقرات معها، وكلف عامل اسطبل بمرافقة الزرافة للعناية بها ويساعده في ذلك ثلاثة سودانيين، حتى تبقى بين مواطنيها. وأحيط عنق الزرافة بجميع أنواع التعاويذ التي تمنع عنها الاصابة بالعين وتحميها من التعرض لأي مرض او خطر.

سافرت الزرافة علي متن سفينة شراعية من سردينيا بقيادة القبطان الإيطالي ستيفانو منارا الذي قام بعمل فتحة في سطح السفينة تسمح للزرافة بالوقوف أسفلها لمد رقبتها وقام بتبطين الفتحة بالقش لحمايتها من أي إصابة عند إضطراب البحر وغطيت بغطاء أشبه بالكانفاه لحمايتها من الشمس والمطر, وبدأت السفينة رحلتها29 سبتمبر1826 مع الكثير من عبارات الوداع والمراسم العسكرية. وصلت الهدية الثمينة ميناء مرسيليا بفرنسا يوم 31 أكتوبر عام 1826، حيث كان الحاكم في انتظارها والذي وصفها بأنها المصرية الجميلة, الأنثي بمعني الكلمة, والكنز الثمين, وقد خلبت لب الجميع بسحر عينيها الواسعتين وخجلها وطباعها بالغة الرقة دون وقوع اي حادث يذكر للزرافة، الا ان ظبية نفقت وأصيبت بقرة بدوار البحر. ووفقاً للاجراءات المتبعة، وضعت حمولة السفينة البشرية والحيوانية في المحجر الصحي الواقع في طرف المرفأ لمدة أربعين يوماً. كان هذا الوقت كافيا لحاكم مقاطعة "بوش دون رون" التي توجد فيها مدينة مارسيليا للقيام بالاجراءات اللازمة لاستقبال "هدية الملك", فشيد لها بيتا على قياس الزرافة مجهز بتدفئة خاصة وبوسائل اتصال مع الاجنحة التي تحتل طابقي مقر الحكم, وتم نقل الزرافة من المحجر الصحي الى مسكنها في صرح الولاية ليلة الرابع عشر من شهر نوفمبر 1826 خوفاً من الهياج الذي يمكن ان تسببه بين الناس في حال نقلها نهاراً.

وتقرر ان تمضي الزرافة الشتاء في بيتها هذا، لأن نقلها الى باريس لا يمكن ان يتم الا في فصل جميل، ولم يتردد الوالي في ارسال المعلومات عن حالة الزرافة كل يوم الى وزير الداخلية شارحاً له جميع الاجراءات المتخذة لتأمين وسائل الحماية والراحة لها. وأطلعه على المصاريف الجديدة التي يجب ان تضاف الى ميزانية الولاية، لأنها لم تكن متوقعة. فقد تكلفت رحلة الزرافة ومرافقوها فرنك فرنسي أي ما يقرب من750 دولارا أمريكيا ــ مبلغ ضخم بمقاييس هذا الزمان ــ دفعتها الحكومة الفرنسية عن طيب خاطر من أجل عيون الزرافة وهو ما رصدته الجريدة الفرنسية illustration بنشرها صورة للزرافة مرسومة باليد وهي علي متن السفينة الشراعية.

قامت زوجة حاكم "بوش دو رون فى مارسيليا بتنظيم حفلات استقبال للطبقة البورجوازية في المنطقة من اجل التعريف بالزرافة. وتوافد الاكاديميون في مارسيليا الى قصر الولاية ليلاً ونهاراً، وأقاموا حول الزرافة كي يدونوا كل شاردة وواردة من حركاتها وسلوكها. وقد دهشوا من صمتها لفترة طويلة، حتى اكتشفوا ان عنق الزرافة لا يملك حبالاً صوتية نظراً لطوله. كان يجب على الحاكم ي ان يحافظ على صحتها ونشاطها. ولهذا قرر تأمين نزهة يومية لها كانت متعة مجانية لسكان مارسيليا. ففي كل يوم، كان الخيالة من سلك الدرك يتقدمون الزرافة وسيوفهم تلمع على جوانبهم. وكانت هذه تقطع شوارع المدينة بتمهل وزهو وسط تحديق وإعجاب الناس المتجمهرين لرؤيتها.

The stuffed giraffe, also known as Zarafa, now in the Museum of Natural History of La Rochelle, France.

وعندما حل الربيع وتحسن الطقس بدأت رحلتها إلي باريس, للقاء الملك شارل العاشر تم القرار بنقلها الى باريس سيراً على الاقدام، لأنها اعتادت المشي وتم تكليف العالم الشهير "جوفروا سانت هيلير" المعروف بنظريته "توازن الاعضاء"، ليقوم بذلك، خصوصاً انه من افراد البعثات القديمة الى مصر، وربما كان الشخص الفرنسي الوحيد الذي اقترب من زرافة كان جوفروا في الخمسين من عمره ويعاني من آلام الروماتيزم وآلام أخرى. لكنه كان مأخوذاً بحمى المغامرة فتحمس لفكرة ان يكون على رأس موكب الزرافة عن الزرافة من تأليف العالم الباريسي المذكور.

حُضّر للسفر ومراحله بعناية فائفة ودقة محكمة. تضمنت القافلة الزرافة والبقرات والظبية والسودانيين وأضيفت عنزتان وحلاّب للبقر ومترجم وعربة تحمل الحبوب والأغذية المتنوعة وما تطلبه الرحلة. كما تم تفصيل معطف واق من المطر من المشمع المطرز بشريط أسود علي كل الأطراف, وأحذية طويلة خوفا من تآكل حوافرها خلال الرحلة التي تبلغ خمسمائة وخمسين ميلا.. وقد استدعيت تعزيزات أمنية لحراسة القافلة.. وطلب منهم الاستعداد ببقرات حلوب وتوفير إسطبلات بأسقف يصل ارتفاعها إلي ثلاثة عشر قدما في القري التي يحتمل أن تتوقف فيها الزرافة أما الزرافة الإنجليزية فقد ماتت بعد عدة أشهر من وصولها الي إنجلترا.

في العشرين من مايو 1827، تحرّك الموكب من مارسيليا يتقدمه جوفروا سانت هيلير. كان يجلس الى جانب سائق العربة ليرتاح من آلام الروماتيزم. كان يبدو سعيداً من استقبال الناس الحار له ولموكبه، وطبعاً للزرافة بالدرجة الاولى، واحتفاء السلطات المحلية بها. ولحدث ان دخل مسمار في قدم الزرافه فوجد قائد الرحلة انه من المفضل ان ترتاح لبعض الوقت. فأمّن لها فراشاً في ساحة بيلكور، في قلب مدينة ليون. وراحت هذه تتلذذ لمدة خمسة ايام بالاسترخاء على الزيزفون المفروش تحتها وحولها وتذوق الحلوى من أيدي بعض المتفرجين.

تابعت القافلة السير. ومرّت بجموع غفيرة كانت تزداد عدداً في كل مدينة وقرية تمر بها. وقد جاء في كتاب غابرييل داردو بعنوان "زرافة للملك" الذي صدر سنة 1985 "ان اكثر من ثلاثين صاحب فندق صغير ومكتب بريد ومخزن اختاروا الزرافة شعاراً لهم في ذلك الحين. ولا يزال هذا الشعار موجوداً حتى اليوم في اماكن متعددة من فرنسا .وصلت القافلة الزرافية الى باريس في الثلاثين من يونيو فأدخل العالم جوفروا سان هيلير الزرافة الى حديقة النباتات وعاد الى بيته ليستريح، فوصله خبر يقول ان الملك الذي كان يقضي فصل الصيف في منطقة سان كلو من ضواحي باريس يرغب في رؤية الزرافة فوراً. وعلى التحديد في اليوم التالي لوصولها.

سار موكب الزرافة في باريس من جديد وسط أبهة عارمة. جنود حامية مدينة باريس قاموا بالاحاطة به، جنرالات زينوا صدورهم بالريش واعتلوا صهوات الخيول وتقدموا الموكب، اساتذة المتحف وأعيان الجامعة وموظفون في الكليات الجامعية حملوا عصيهم ذات الرؤوس الفضية وشعارات وظائفهم الثقيلة واختلطوا في الموكب. وسار العالم جوفروا سان هيلير الى جانب حيوانه مسافة الخمسة عشر كيلومتراً الاخيرة وهو يكاد يسقط على الأرض من شدة آلام الروماتيزم.

. ووصل الملك ومر امام الفرق العسكرية التي أدت له تحية السلاح. كان يرتدي ثياباً تليق بالمناسبة ويضع زناراً أزرق يلفت النظر. وكان ابنه دوق أنگولم، وريث العرش، يتبعه وكذلك الدوقة الصغيرة دو بيري التي كانت تمسك بيديها طفلين من العائلة المالكة لم يرفعا نظرهما لحظة واحدة عن الحيوان العجيب.

أخذ الملك يقدم تيجان الورود الى الزرافة وهو يصغي الى شرح العالم جوفروا الذي توجه، فور انتهائه، الى المستشفى. اما الزرافة فعادت الى حديقة النباتات مارة في شوارع باريس التي غصت بالناس وكان من الصعب على الجنود حفظ النظام الا بالقوة. ساهمت الزرافه فى حركة رواح اقتصادى في باريس حيث تم صنع اعداد لا تحصى من الاشياء والقطع الفنية المصنوعه من السيراميك عنها. كما تم تصنيع اطباقاً وصحوناً منقوشة بالزرافة. وطبع ونُقش رسم الزرافة على الاوراق والمكاوي والمحابر والمراوح وأدوات التدخين والمطبوعات من كل نوع.

كما أطلق خلالها إسم الزرافة علي الشوارع والميادين. وتحولت إلي مادة للأغاني والاستعراضات, واعتاد الأطفال شراء كعك الزرافة, أما البنات فقد صففن شعورهن علي شكل تسريحة الزرافة.. كما أعلنت صحيفة النساء والموضة عن عقد الزرافة.. وارتدي الرجال قبعات وأربطة عنق زرافية الشكل, واحتوت مجلة اليوم علي إرشادات لطريقة ربط كرافتة الزرافة! وانتشر ذلك في كل فرنسا تقريباً. وصارت النساء يسرّحن شعورهن على طريقة الزرافة. وأطلق على آلة موسيقية اخترعت في ما بعد اسم "البيانو - الزرافة".

أقامت الزرافة في حديقة النباتات في اناء زجاجي مخصص عادة لنباتات البلاد الحارة، وفي الأول اكتوبر 1827، أفردت لها شقة مؤلفة من حجرة واسعة مغطاة بالحصر ومدفأة بواسطة موقد، ومن ملحق للبقرات وبقية الحيوانات المرافقة لها. كانت تحتاج الى حرارة لا تنقص عن خمس عشرة درجة مئوية، وهي الحرارة المطلوبة لسلامة صحة الزرافة. الى جانب غرفتها كانت هناك غرفة اخرى للمصري المكلف بالعناية بها. وكان يجب على هذا ان ينام قرب رأسها.

ما بين يوليو يناير 1827 زار الانسه زرافه ست مئة ألف شخص باريسي الزرافة في مقرها في حديقة النباتات. وحققت الزيارات أرباحاً ذهبية لأن الفرنك الفرنسي كان من الذهب. وبقيت نجمة حديقة النباتات، وراحت تقوم بنزهة فيها حين كان الوقت يسمح بذلك. شاخت الزرافة بهدوء بعد ان عاصرت الملك شارل العاشر والعالم جوفروا هيلير، وماتت في بداية سنة 1845 عن واحد وعشرين عاماً. حنطت الزرافة واحتلت مكاناً مرموقاً في قسم الطبيعيات من متحف الحديقة. بين الحربين العالميتين، نجح محافظ المتحف الطبيعي في لاروشيل في الاستئثار بها لمتحفه. هكذا ولدت عند منابع النيل واجتازت قسماً من افريقيا والبحر المتوسط وفرنسا حتى تزيل الهموم عن الباريسيين لمدة ثمانية عشر عاماً قبل ان ترحل الى شاطئ المحيط الاطلسي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

References

  1. ^ « On a varié sur son âge compté en nombre de lunes ; cependant on est parvenu à concilier quelques renseignemens contradictoires et à établir qu'elle avait pris vingt-deux mois en novembre 1826 » (Various accounts on her age, expressed in lunar months, have been given; however we managed to conciliate contradictory information and to establish that she was 22 months old in November 1826), Étienne Geoffroy Saint-Hilaire, « Quelques considérations sur la Girafe », in Audouin, Brongniard et Dumas (dir.), « Annales des sciences naturelles », tome 11, Paris, Crochard, 1827, p.211


للاستزادة

  • Allin, Michael (1999). Zarafa: A Giraffe's True Story, from Deep in Africa to the Heart of Paris. Delta Books. ISBN 0-385-33411-7.
  • Milton, Nancy (2013) [1992]. The Giraffe that Walked to Paris. Purple House Press. ISBN 978-1-930900-67-7. Illustrated by Roger Roth. To be released summer 2013.

المصادر

  • جريدة الاهرام ، بقلم: أمـــل الجيار، 31 ديسمبر 2011.
  • صحيفة الراكوبة

وصلات خارجية