حركة الوطنيين الديمقراطيين

حركة الوطنيين الديمقراطيين هو حزب سياسي تونسي. وهي جزء من الحركة الشعبية المناضلة، و جزء لا يتجزأ من اليسار التونسي الذي قاد الحركة الشعبية والحركة الطلابية في السبعينات والثمانينات وناضل في مختلف هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل ، ملتحما بقضايا الجماهير، فكان دوما في طليعة التحركات العمالية والشعبية. في هذا الخضم النضالي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

ومن رحم الصراعات اليسارية الداخلية، ظهر" الخط الوطني الديمقراطي" في أواسط السبعينات كتيار فكري تبنى الأطروحات اليسارية وسعى إلى تطويرها معتمدا على التحليل العلمي للواقع المعيش في البلاد، فكان أن وقع طرح الثورة الوطنية الديمقراطية كرؤية واقعية لتغيير المجتمع.. فأي واقع مادي أدى إلى ظهور هذا الطرح؟ كانت البلاد في بداية السبعينات ( بعد فشل مشروع التعاضد) تعيش وضعا انتقاليا يتمثل خاصة في فتح المجال واسعا أمام الرأسمال الأجنبي من خلال سن قوانين تؤمن له كل التسهيلات ( قانون أفريل 1972 ). وقد بدأ مشروع الدولة الوطنية ينهار أمام قدوم الرأسمال الأجنبي وإنشاء المشاريع البائسة وتخلي الدولة عن صلاحياتها لفائدة الشركات متعدية القومية التي راحت تؤسس لرأسمالية طفيلية ، غير منتجة تكون بمثابة الذراع الطويلة للرأسمال الأجنبي لتكريس مزيد من تبعية اقتصاد البلاد للاقتصاد العالمي وضرب كل محاولة لبناء اقتصاد وطني منتج.. أما في الريف فقد سعى التحالف الحاكم إلى الإبقاء على نمط الإنتاج القديم الذي كان قائما على أنماط غير متجانسة: الزراعة الاكتفائية الموجهة للاستهلاك العائلي، الزراعات الصغرى الموجهة للسوق المحلية، الغراسات التقليدية الموجهة في جزئها الأهم للتصدير ( التمور الجيدة- زيت الزيتون- القوارص...)، الزراعات الحديثة ذات الإنتاج التصديري.. وإثر نقاشات وتحاليل علمية للواقع المعيش، لاحظ الرفاق المؤسسون للخط الوطني الديمقراطي أن الرأسمال الأجنبي الذي هجم على بلادنا بقوة خاصة مع بداية السبعينات، لم يحاول تثوير الاقتصاد الزراعي المنغلق وإنما اكتفى باستفزازه إلى الحد الذي يحول البلاد إلى سوق وثيقة الارتباط بالاقتصاد العالمي مع المحافظة على كل ما هو قديم، فكان الحاصل مزيجا اقتصاديا وسياسيا يجمع أسوأ سمات العالمين: الزراعي والرأسمالي، ويعرقل بنجاح كل إمكانية للنمو الاقتصادي. وقد اتضح لرفاقنا من هذه التحاليل أن الامبريالية جعلت من الأمم المخلفة ومنها بلادنا مجتمعات هجينة، مخضرمة، لم تحافظ على النمط الإنتاجي القديم ولم ترتق إلى مجتمع رأسمالي معاصر فكان التناقض فيها بين الشعب وأعدائه كما يلي: 1- القوى الشعبية: تتكون هذه القوى من طبقات وفئات تعاني من نفس الوضع، خاصة بعد الانفتاح الاقتصادي الذي أصبح واقعا مع إدارة الهادي نويرة. وتتكون هذه الفئات المضطهدة والمهمشة من العمال والفلاحين الفقراء والمتوسطين ومن المعطلين والبرجوازية الصغيرة متمثلة في الموظفين والتجار الصغار والحرفيين وأصحاب المهن الحرة. فئة أخرى مضطهدة أيضا وهي الرأسمالية الوطنية التي تسعى إلى الاستثمار وتوظيف رأسمالها في قطاعات منتجة ولكنها اصطدمت بالضرائب المسلطة عليها من الطغمة الحاكمة محليا وبالمنافسة الشرسة القادمة من وراء البحر..

2- التحالف الطبقي الحاكم: هو تحالف لا وطني، يتكون أساسا منالرأسمالية الطفيلية ( الكمبرادورية ) المرتبطة بالشركات الأجنبية بمشاريع تجارية. وجود هذه الشريحة رهين تخلف المجتمع...وبالتالي ستحارب بكل الطرق أي نفس وطني، اقتصاديا كان أو سياسيا. إنها شريك فاعل في إعادة إنتاج التخلف... فئة أخرى في عداء مع شعبنا، هي طبقة كبار الفلاحين المالكين للأرض، المستثمرين في قطاعات تقليدية أو حديثة موجهة للتصدير...شعبنا في الريف يعاني من هؤلاء ( الأجر الزهيد، المعاملة السيئة، يوم العمل غير المحدد....). أما الفئة الأخيرة فتتمثل في الإدارة الفاسدة التي تسعى من جانبها إلى حماية مصالح هذا التحالف عن طريق القمع والاستبداد ونشر ثقافة لا وطنية وتنفيذ برامج الهيئات الدولية صنيعة الشركات متعدية القومية.. لقد وعى الرفاق المؤسسون أن هذا النظام اللاشعبي قد أدخل إلى مجتمعنا، وبسرعة مذهلة، كل الاضطرابات الاقتصادية الكامنة في النظام الرأسمالي ونجح في تعطيل كل ما كان متبقيا من التماسك الاجتماعي القائم على الاكتفاء الذاتي وربط مصير البلاد بالاقتصاد العالمي وما يحويه من تقلبات محمومة. وقد أفضى هذا الوعي إلى طرح رؤية جديدة لتغيير المجتمع، رؤية جديدة للثورة، الثورة الوطنية الديمقراطية، ثورة العمال والمعطلين والفلاحين الفقراء والمتوسطين والبرجوازية الصغيرة والرأسمالية الوطنية على الرأسمالية الطفيلية وكبار ملاكي الأراضي وبقايا الإقطاع والإدارة الفاسدة...ولهذه الثورة مهمتان أساسيتان: المهمة الوطنية التي تهدف إلى تخليص البلاد من التبعية للخارج اقتصاديا وسياسيا، والمهمة الديمقراطية وتهدف إلى بناء الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية... وبصفة عامة هي ثورة يقوم بها الشعب ضد أعدائه... وبهذا تتطور الفكر اليساري وأصبح أكثر واقعية، وبالتالي أكثر التصاقا بالجماهير وتراجعت الأفكار الطوباوية.. وقد عم هذا الطرح الجديد الأوساط الطلابية والنقابية والشعبية وأصبح الخط الوطني الديمقراطي خطا فكريا سائدا مع بداية الثمانينات وقاد نضالات شعبنا ضد الدكترة البوليسية المتصاعدة، وقد قدمت الحركة، في نضالها هذا، كوكبة من الرفاق الشهداء نذكر منهم:محمد هماني ( ديسمبر 1983 )الفاضل ساسي ( جانفي1984 ) فتحي فلاح ( جانفي 1984 ) كمال السبعي ( جانفي 1984 )عمران المقدمي ( فلسطين 1988 ) وبذلك اكتسبت الحركة رصيدا نضاليا وبعدا نظريا واقعيا وعلميا فازداد تجذرها في الريف والمدينة على حد سواء.. ولما جاءت المخابرات الأمريكية ببن علي في نوفمبر 1987، وسوقت له على أنه جاء لينقذ البلاد ويبني نظاما ديمقراطيا وقد صدقت الحركات اليمينية هذه الأكاذيب فقال راشد الغنوشي وقتها: " ثقتى في الله وفى السيد الرئيس عظيمة "، بينما قال عبدالفتاح مورو" أعتبر رئيس الدولة هو المسؤول عن حماية الشرعية القانونية فنحن نلتجئ إليه بإعتباره الضامن لتطبيق القانون في البلاد " (مجلة حقائق عدد200 بتاريخ 4-10 أوت 1989)، نفس الشيء بالنسبة لحركة التجديد والحزب التقدمي الديمقراطي وغيرها من أحزاب المعارضة الكرطونية .... هذه الحركات والأحزاب جميعها باركت الانقلاب النوفمبري وتهافتت على قصر قرطاج لتوقع، سنة 1988، أمام المخلوع على الميثاق اللاوطني ومن ثم تشارك في الانتخابات المهزلة لسنة 1989. أما الوطنيون الديمقراطيون فلم تنطل عليهم تلكم الأكاذيب واعتبروا حكومة بن علي أداة جديدة لخدمة الشركات متعدية القومية، فكان موقفهم من الانقلاب النوفمبري واضحا وقد صيغ في بيان صدر بتاريخ 8 نوفمبر 1987. وقد أثبتت الأيام صحة هذا الموقف فقد جر بن علي البلاد إلى مزيد من التبعية من أجل هدف واحد هو النهب والتدمير، فعلين متلازمين: نهب الموارد وتدمير كل نفس وطني، كل محاولة لبناء اقتصاد وطني لتصبح السوق التونسية فقط لعرض ما تم إنتاجه في المراكز الرأسمالية العالمية، وهذا يفترض رأسمالية طفيلية تؤمن التجارة مع الخارج وتعرقل القطاعات المنتجة بالداخل وقد وجد بن علي ضالته في العائلات المالكة، حديثة القرب من السلطة مثل "الطرابلسية" وآل "بن علي" وكذلك في العائلات العريقة في العمالة..وهذا يفترض أيضا إدارة فاسدة وجهازا بوليسيا دمويا. لم تنخرط حركتنا في العمل السياسي الرسمي الذي اقترحه بن علي وواصلت النضال ضد النظام مع بقية القوى التقدمية من أجل تحقيق الهدف الواقعي الذي رسمه الرفاق المؤسسون: الثورة الوطنية الديمقراطية، فتواجدوا في مختلف الأطر الممكنة وأساسا النقابات والهيئات والمنظمات وشاركوا بفاعلية في كل المحطات النضالية.. ولما نضجت الظروف واندلعت أحداث سيدي بوزيد سعى رفاقنا في كل مكان إلى المساهمة في تأطير الثورة وتوجيهها الوجهة الصحيحة. وكان الشعار المركزي للحركة" أرض حرية كرامة وطنية" حاضرا في كل المسيرات والاعتصامات كدليل قاطع على الدور الفعال الذي قام به رفاقنا من بنزرت إلى بنقردان... هكذا برهنت الأحداث والوقائع صحة الطرح الذي تبنته الحركة منذ تأسيسها، حيث نشاهد اليوم الثورة الوطنية الديمقراطية تتحقق، والحركة لا تزال تناضل إلى جانب كل القوى التقدمية من أجل التصدي لقوى الثورة المضادة وإنجاز المهمة الوطنية الديمقراطية وما تعنيه من مهام أساسية بدءا باقتصاد وطني حر يسعى إلى تحقيق التوزيع العادل لما يراكمه على عموم التونسيين دون تمييز جهوي أو قطاعي أو شخصي وانتهاء بنظام سياسي ديمقراطي يقطع مع الاستبداد، فيه مكان لكل التونسيات والتونسيين. تلك أهم سمات الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية كما نراها..[1]


انتخابات 2011

فازت حركة الوطنيين الديمقراطيين بمقعد واحد من اجمالي المقاعد البالغ عددها 217 مقعد في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي 2011.[2]

المصادر