أخبار:أولى جولات مفاوضات الحدود الإسرائيلية اللبنانية

أفراد من قوات اليونيفيل، الناقورة، جنوب لبنان.jpg
الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع الوفد اللبناني لمفاوضات الحدود البحرية الإسرائيلية اللبنانية بحضور وزيرة الدفاع وقائد الجيش اللبناني، 13 أكتوبر 2020.

في 14 أكتوبر 2020، انتهت الجلسة الأولى من المحادثات بين لبنان وإسرائيل، حول ترسيم الحدود البحرية، التي عقدت في مقر اليونيفيل ببلدة الناقورة وبرعاية أمريكية، ومن المقرر عقد الاجتماع الثاني بين الجانبين في 28 أكتوبر.

وقال مصدر مقرب من الجيش اللبناني أن: "الاجتماع كان بروتوكولياً واستكشافياً، وأن الاجتماع التالي سيعقد في 28 أكتوبر الجاري"، مؤكداً أن "الجانب اللبناني رفض التقاط صورة رسمية برغم إصرار الأمريكيين والإسرائيليين وتم الاكتفاء بصورة غير رسمية"، بحسب طلب حزب الله. وتابع أن "وفد التفاوض اللبناني سيتوجه إلى مقر قيادة الجيش ثم القصر الرئاسي لإطلاع الرئيس اللبناني ميشال عون على المحضر".

ويتألف الوفد اللبناني المشارك في المفاوضات من العميد الركن الطيار بسام ياسين رئيساً، والعقيد الركن البحري مازن بصبوص، وعضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، والخبير نجيب مسيحي. [1]

أما الوفد الإسرائيلي، فيضم المدير العام لوزارة الطاقة أودي أديري، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رؤوڤين عازر، ورئيس دائرة الشؤون الاستراتيجية في الجيش الإسرائيلي. وشاركت الولايات المتحدة]] كمسهل للمفاوضات عبر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديڤد شنكر.[2]

وأعلن كل من حزب الله وحركة أمل، رفضهما لوجود شخصيات مدنية في الوفد اللبناني الذي سيشارك في مفاوضات ترسيم الحدود. وقالوا في بيان، إن الوفد المشكل يخرج عن اتفاق الإطار الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويضر بموقف لبنان ومصلحته.

بعد توقيع اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان وقبرص، والتي تحدَّد بموجبها خط حدود بحري بين نقطتين غير نهائيتين، في انتظار التفاوض مع الدول المعنية. ولكن مشكلة جوهرية برزت بعد إبرام قبرص وإسرائيل عام 2010 اتفاقية لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما، والتي تجاهلت الاتفاقية القبرصية-اللبنانية، وأدت بالتالي إلى خسارة لبنان مساحة مائية تزيد على 860 كم²، وذلك في منطقة بحرية تحوي أكبر حقول الغاز الطبيعي التي اكتشفتها إسرائيل قرب الحدود البحرية اللبنانية، ما أضفى مزيداً من التأزم.

على خلفية هذه التعقيدات، دخلت الولايات المتحدة على خط ترسيم الحدود، فعلى أثر مفاوضات مع الحكومة اللبنانية، عرض الموفد الأمريكي فردريك هوف ترسيماً وفق خطّ بات يحمل اسمه، تم بموجبه تقسيم الكليومترات المربعة الثمانمئة والستين المتنازع عليها بين جزء تم تأكيده للبنان (بمساحة 500 كيلومتر مربع)، وجزء بمساحة 360 كيلومتراً مربعاً خاضع للتفاوض، وهو ما رفضه الجانب اللبناني، الذي أصرّ أيضاً على الترابط بين ترسيم الحدود البحرية والحدود البرية، خصوصاً أن الخلاف على النقطة "ب-1" عند البر في منطقة رأس الناقورة الساحلية (أقصى حد للحدود اللبنانية الإسرائيلية) من شأنه أن يوسع الرقعة البحرية التي يمكن أن تكون من حصة لبنان، انطلاقاً لكونها ستشكل نقطة ارتكاز لترسيم الحدود من البر إلى البحر.[3]

ومع رفض الجانب الإسرائيلي للمطلب اللبناني عرض المبعوث الأمريكي التالي آموس هوكستاين تسوية تلحظ تطوير "خط هوف"، على النحو الذي يسمح لشركات الطاقة باستثمار الكيلومترات المربعة الثلاثمئة والستين المتنازع عليها، وتأسيس صندوق خاص لعائدات النفط والغاز في هذه الرقعة، تتفاوض لاحقًا كل من بيروت وتل أبيب على توزيع عائداته، وهو ما قوبل مجدداً برفض لبناني.

وبحلول بداية 2019، وبعد جولات عدة قام بها المبعوث الأمريكي الثالث ديڤد ساترفيلد، بدا أن الأمور لم تعد في صالح لبنان، خاصة منذ أن بدأت أزمته الاقتصادية تلوح في الأفق، وكذلك بعدما بدأت إسرائيل بالفعل في تلزيم بعض النقاط المتنازع عليها لشركات الغاز الأجنبية، وهو ما دفع بوزير الخارجية الأمريكي مايك پومپيو لتطوير خطة آموس هوكستاين، خلال زيارته لبيروت في مارس 2019، حين اقترح تسوية النزاع الحدودي البحري حصراً، في مقابل تقديم شركات حكومية أميركية ضمانات لقروض بات الاقتصاد اللبناني في أمسّ الحاجة إليها، وهو ما رفضه الجانب اللبناني مجدداً.

ورغم محاولة الجانب اللبناني إقناع الأمريكيين بتلازم الترسيم البري والبحري للحدود، فإن المطالب اللبنانية قوبلت بتصلب حادّ من جانب الولايات المتحدة، لُمِس بوضوح خلال زيارة وفد برلماني – دبلوماسي إلى واشنطن، التي أصرت مجدداً على "خط هوف" كأساس للتفاوض، في وقت حاول المبعوث الأميركي الحالي ديفيد شينكر طوال العام الماضي على ايجاد حلول تسمح ببدء التفاوض، وهو ما أثمر الاتفاق-الإطار، الذي اقرّ بضرورة تلازم المسارين البري والبحري، وإن كانت الآلية التي يفترض أن تعتمد في هذا الإطار خلال المفاوضات المقبلة غير واضحة حتى الآن، وهو ما يضفي المزيد من الغموض حول فرص التوصل إلى اتفاق نهائي.

على هذا الأساس، يمكن الخلافات المتصلة بترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على ثلاث نقاط أساسية، أولها تحديد وتثبيت النقطة "ب-1" عند رأس الناقورة كآخر منطقة حدودية بين البلدين، والنقطة الثلاثية التي تربط الحدود البحرية بين كل من لبنان وقبرص وإسرائيل، والوضعية القانونية لجزيرة تخيليت.

وكان قائد الجيش اللبناني جوزيف عون قد أكد، خلال اجتماع عقده يوم السبت 12 أكتوبر لإعطاء التوجيهات الأساسية لانطلاق عملية التفاوض، أن ترسيم الحدود البحرية يجب أن يتم على أساس "الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة استنادا إلى دراسة أعدتها قيادة الجيش وفقا للقوانين الدولية".

المصادر

  1. ^ "مصدر يكشف تفاصيل الجلسة الأولى من محادثات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل". سپوتنك نيوز. 2020-10-14. Retrieved 2020-10-14.
  2. ^ "انتهاء الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل". روسيا اليوم. 2020-10-14. Retrieved 2020-10-14.
  3. ^ "مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل... تعقيدات كبيرة في البر والبحر". سپوتنك نيوز. 2020-10-14. Retrieved 2020-10-14.