حملة ترعة السويس الأولى

(تم التحويل من حملة البر العثمانية)
حملة ترعة السويس الأولى
جزء من حملة سيناء وفلسطين
The camel corps at Beersheba2.jpg
سلاح الهجانة العثماني في بئر سبع، 1915.
التاريخ28 يناير - 3 فبراير, 1915
الموقع
النتيجة نصر بريطاني
المتحاربون
الامبراطورية البريطانية الامبراطورية البريطانية الدولة العثمانية الدولة العثمانية
القادة والزعماء
الامبراطورية البريطانية جون ماكسويل الدولة العثمانية جمال باشا
الإمبراطورية الألمانية كريس فون كرسنشتاين
القوى
30,000 20,000 من الجيش الرابع التركي
الضحايا والخسائر
غير معروفة 1,500 قتيل
كارتون ألماني نقلته مجلة پنچ Punch اللندنية:
الجمل التركي: "إلى أين؟"
الضابط الألماني: "مصر."
الجمل التركي: "فكـّر مرة أخرى."
"تمساح" (EWK Gillois)، الألماني الأصل. وقد صممه واستخدمه الألمان، بقيادة كريس فون كرسن‌شتاين، في عبور قناة السويس غرباً عام 1915 في حملة ترعة السويس الأولى. ثم اشترته إسرائيل، خردة من شركة بريطانية في 1970، واستخدمه سلاح المهندسين الإسرائيلي في أول جسر في عملية ذوي القلوب اليقظة (الثغرة) لعبور قناة السويس غرباً في 15 أكتوبر 1973. إلا أن عدد من وحداته غرق، واستعيض عنها بجملونات.

حملة ترعة السويس الأولى (بالتركية العثمانية: برنجي قنال حركاتي؛ ألمانية: Offensive zur Eroberung des Suezkanals؛ وسمّتها بريطانيا: Raid on the Suez Canal، وسمتها مصر: الغارة على قناة السويس)، شنتها الدولة العثمانية ضد القوات البريطانية في مصر خلال الحرب العالمية الإولى للإستيلاء على قناة السويس. الحملة بدأت في 28 يناير 1915 وانتهت بإنسحاب العثمانيين في 3 فبراير من العام نفسه. بإرسال آلاي قوامه 18,000 جندي بقيادة جمال باشا والعقيد كريس فون كرسنشتاين.

الهدف المعلن للعرب والمسلمين كان تحرير قناة السويس من الاحتلال البريطاني. أما الهدف المعلن مع القوات المركزية (ألمانيا) فكان قطع طرق المواصلات بين بريطانيا ومستعمراتها الآسيوية. وقد منيت بالفشل في معركة رمانة على ضفاف قناة السويس في 3 فبراير 1915 حيث سقط 1500 جندي عثماني قتلى بنيران مدفعية البوارج البريطانية والفرنسية في قناة السويس.

على الرغم من فتوى الجهاد التي أعلنتها الدولة العثمانية، إلا أن الحملة فشلت في إثارة جموع المصريين للثورة ضد الإنجليز.

منطقة السويس وسيناء، 1917

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهداف الحملة

الهدف المعلن لحرب السفر برلك كان تحرير قناة السويس من الاحتلال البريطاني. أما الهدف الحقيقي، فكان قطع طرق المواصلات بين بريطانيا ومستعمراتها الآسيوية وخاصة الهند. وتجنيد الرجال لإرسالهم للقتال في أوروبا.

كانت مهمة جمال باشا الأساسية تجهيز حملة على مصر للقضاء على السيطرة البريطانية، إلا أنه قبض على زمام السلطة بيد من حديد، واعتمد سياسة البطش، وتلهى عن إعداد الحملة بالعمل على تعزيز سلطته وبسط سيطرته وإقصاء العناصر العربية عن مراكز الإدارة والقرار.

وفي عام 1915 قاد جمال باشا الجيش الرابع التركي لعبور قناة السويس واحتلال مصر. وفي ليل 2 فبراير/شباط 1915 اخترق صحراء سيناء التي كانت حينها تفتقر لطرق المواصلات فكانت القوات التركية تصل إلى القناة منهوكة القوى لتحصدها البوارج البريطانية الموجودة في القناة أو القوات البريطانية التي تتحصن على الضفة الغربية للقناة بمدافعها ورشاشاتها ومع أن بعض السرايا القليلة استطاعت اجتياز القناة إلا أن الهجوم فشل فشلاً ذريعاً ولم ينج من الجيش الرابع إلا القليل.[1]


تاريخ الحملة

بدأت الحملة في 28 يناير 1915 وانتهت بانسحاب العثمانيين في 3 فبراير من العام نفسه، حيث قام العثمانيون بإرسال جيش قوامه 20,000 جندي بقيادة جمال باشا والعقيد كريس فون كرسنشتاين. فتصدت لهم القوات البريطانية بقيادة جون ماكسويل بجيش قوامه 30,000 جندي.

ارتأت السلطات التركية، في ظل الظروف التي فرضتها الحرب العالمية الأولى، تعيين قائد كبير يفرض سلطته القوية على منطقة بلاد الشام ومصر التي كانت قد خضعت للإنكليز، فعينت عام 1915 والياً جديداً على سوريا خلفاً للوالي خلوصي بك، هو أحمد جمال باشا الملقب بالسفاح.

وأحمد جمال باشا هو قائد عسكري عثماني ومن زعماء جمعية الاتحاد والترقي، ومن المشاركين في الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني، وقد شغل منصب وزير الأشغال العامة وقائد البحرية العثمانية، قبل أن يصبح الحاكم المطلق في سوريا وبلاد الشام.

وقد خطب جمال باشا أول قدومه إلى دمشق في النادي الشرقي عام 1914 قائلاً:[1]

Cquote2.png "يجب عليكم يا أبناء العرب أن تحيوا مكارم أخلاق العرب ومجدهم، منذ شروق أنوار الديانة الأحمدية، أحيوا شهامة العرب وآدابهم حتى التي وجدت قبل الإسلام، ودافعوا عنها بكل قواكم. واعملوا على ترقية العرب والعربية، جددوا مدنيتكم، قوموا قناتكم، كونوا رجالا كاملين" Cquote1.png

إلا أن والي سوريا الجديد، لم يكن في الحقيقة إلا مبغضاً للعرب، كارهاً لهم، وكان يبيت في نفسه نية الانتقام منهم ومن حركاتهم السياسية على الأخص، حالما تسنح له الفرصة.

في 3 فبراير 1915، اتخذ القائد التركي جمال باشا طرفا داخليا في قلب شبه جزيرة سيناء تفاديا لبحرية قوات الحلفاء، واتخذ طريق القدس-بئر سبع، وجعل بئر سبع مركز الحملة على مصر، وهناك قسم جيشه على ثلاثة محاور:

  1. المحور الأول من المتطوعين السوريين والبدو لاحتلال العريش-قطية لمهاجمة القناة عند كوبري القنطرة.
  2. المحور الثاني من المتطوعين عرب الحجاز، وفرق من الشام والمركز نخل في اتجاه السويس لمهاجمة القناة عند كوبري السويس.
  3. المحور الثالث يقودها جمال باشا مع جيش كبير في اتجاه طريق الإسماعيلية لمهاجمة القناة عند كوبري الإسماعيلية مارا على: بئر السبع، الخلصة، العوجة، الروافعة، جبل لبني، الجفجافة، فالخبرة شمال جبل أم خشيب.[2]

وعند وصول القائد العثماني إلى الخبرة قسم جيشه إلى قسمين، قسم متجه نحو بئر المحدث لمهاجمة الإسماعيلية عند الكوبري، والقسم الآخر وهو الأكبر إلى كثيب النصارى في اتجاه سرابيوم والدفرسوار. هذا وفي أثناء زحفه على الإسماعيلية، زحف الجيش الذي أرسله بطريق العريش لمهاجمة القناة عند القنطرة، والجيش الذي أرسله بطريق نخل لمهاجمة قناة السويس، فهاجم القناة من القنطرة شرق والإسماعيلية وسرابيوم والدفرسوار والسويس في وقت واحد.

نتائج الحملة

الحملة على ترعة السويس كانت فاشلة, إذ راح ضحيتها 1,500 قتيل عثماني وقد تبين للعثمانيين عدم وجود أدنى اهتمام في مصر للثورة ضد الإنگليز. كذلك أصبح جلياً الحاجة لقوة أكبر بإمدادات أكثر وفرة إذا ما أرادت الدولة العثمانية معاودة الكرة في الهجوم على مصر (انظر معركة رمانة لتفاصيل ذلك الهجوم اللاحق). البريطانيون, بالرغم من نجاحهم, فقد أيقنوا أن الاعتماد على قناة السويس نفسها كخط دفاع هو مخاطرة كبيرة.

الجنرال الألماني فريدريش فرايهر كرس فون كرسنشتاين (رئيس أركان جمال باشا) قاد قوة عثمانية صغيرة لبقية العام, للإغارة على مدافعي القناة. الفكرة وراء ذلك كانت شـَغـْل البريطانيين بالجيش العثماني ومحاولة زيادة القوات البريطانية المطلوب تواجدها في مصر (وبالتالي إنقاص عديد القوات البريطانية المتاحة لشن هجمات مثل گاليپولي). وفي تلك النقطة, فقد حقق الجيش العثماني هدفه لأن القوات البريطانية اضطرت للاحتفاظ بقوات أكثر بكثير جداً مما توقعوا عند بداية الحرب.

إعدام المثقفين العرب في بيروت ودمشق

قام جمال باشا بإعدام نخبة من المثقفين العرب من مختلف مدن سوريا ولبنان, فقد ساق السفاح لهم مختلف التهم التي تتراوح بين التخابر مع الاستخبارات البريطانية والفرنسية للتخلص من الحكم العثماني، إلى العمل على الانفصال عن الدولة العثمانية، وهو ما يقال أنه ما كان يسعى هو بنفسه إليه.

أحال جمال باشا ملفاتهم إلى محكمة عرفية في عاليه في جبل لبنان، حيث أديرت المحاكمة بقسوة وظلم شديدين، وبدون أن تحقق أدنى معايير المحاكمات العادلة والقانونية، صامّاً أذنيه عن جميع المناشدات والتدخلات التي سعت لإطلاق سراحهم, وخصوصاً تلك التي أطلقها الشريف حسين بن علي شريف مكة، الذي أرسل البرقيات إلى السفاح وإلى السلطان وإلى الصدر الأعظم، وأوفد ابنه الأمير فيصل بن الحسين إلى دمشق، وقابل السفاح ثلاث مرات في مسعى لإيقاف حكم الإعدام دون جدوى، إذ أن السفاح كان قد عقد النية على تنفيذ مخططه الرهيب.

نفذت أحكام الإعدام شنقاً على دفعتين: واحدة في 21 أغسطس/أب 1915 وأخرى في 6 مايو/أيار 1916 في كل من ساحة البرج في بيروت، فسميت ساحة الشهداء، وساحة المرجة في دمشق[3].

بقي أحمد جمال باشا السفاح ممعنا في غيه، إلى أن شعرت الدولة العثمانية بنتائج سياسته الفظيعة فنقلته من سوريا وعينت بدلاً منه جمال باشا المرسيني الشهير بالصغير.

قـُتل جمال باشا السفاح في مدينة تبليسي عام 1921 م على يد أرمني يدعى اسطفان زاغكيان، وقد روي عن طلعت بك زميل جمال باشا السفاح في جرائمه أنه خاطب زميله هذا بقوله: "لو أنفقنا كل القروض التي أخذناها لستر شرورك وآثامك لما كفتنا".

أيام سفر برلك (1914 م - 1918 م)

تمثل أيام سفر برلك (وهي أيام الحرب العالمية الأولى) إحدى أوجاع الإنسان العربي في المشرق العربي فقد قامت الدولة العثمانية بالتجنيد القسري لأهالي بلاد الشام والمدينة المنورة وتم مطاردة الفلاحين وأهل القطعان وحتى الصبيان الذين اقتربوا من سن الرشد,[4] حيث تم إرسالهم للقتال في أوروبا بعد فشل الحرب في قناة السويس. مما سبب إهمالاً للزراعة وعناصر الحياة الضرورية، فانتشر الفقر والبؤس والجهل في المشرق العربي.

إن ذكرى (أيام حرب سفر برلك) والقصص المروعة خلالها طوال ثلاث سنوات ما زالت راسخة في أذهان أهالي بلاد الشام والمدينة المنورة حتى الآن، فقد كانت القوات العثمانية تفتش القرى والمدن وترسل الشبان والرجال وحتى الشيوخ إلى أتون تلك الحرب.

كانت وسيلة التنقل في ذلك الوقت هي المشي للجنود (الأنفار)، والخيول لصف الضباط والضابط المسؤول (الخيالة). وكان العثمانيون يطوقون القرية من جميع منافذها ويمسكون الأفراد جميعاً باستثناء رجال الدين (أئمة المساجد). مما جعل تلك الأيام عصيبةً على الأهالي فالذهاب إلى سفر برلك يعني غياباً بلا رجعة. هذا بالإضافة إلى أن العثمانيين قاموا بمصادرة المؤن من السكان لإطعام الجيش وفرضوا المزيد من الضرائب لتمويل تلك الحملة.

سفر برلك في الثقافة العامة

تم إنتاج مسلسل سوري درامي بعنوان إخوة التراب يحكي عن تلك الحقبة التي حكم فيها جمال باشا بلاد الشام، والمسلسل من إخراج نجدت أنزور، واشترك فيه نخبة من الممثلين السوريين منهم أيمن زيدان وسوزان نجم الدين وسامر المصري.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب اكتشف سوريا
  2. ^ ألفت أحمد الخشاب (2008). تاريخ تطور حدود مصر الشرقية. دار الشروق.
  3. ^ السادس من أيار عيد الشهداء ذكرى أول قافلة للشهداء في سبيل الحرية ما هي قصة هذا اليوم المجيد؟
  4. ^ دنيا الرأي-ماهين شيخاني تاريخ 29/2/2008