الحرب في بر مصر (رواية)

الحرب في بر مصر
اسم الرسام أو الأديب
المؤلفيوسف القعيد
اللغةعربية
الناشردار بن رشد
الإصدارمارس 1978
عدد الصفحات172

الحرب في بر مصر رواية مصرية من تأليف يوسف القعيد، حازت على المرتبة الرابعة ضمن أفضل مئة رواية عربية. ويوسف القعيد أديب وقصاص مصري معاصر ولد بالبحيرة، عرف بنبرته السياسية الناقدة كما تعرضت بعض أعماله للمصادرة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أحداث الرواية

لقراءة الرواية، اضغط على الصورة.

"الحرب في بر مصر" رواية للكاتب يوسف القعيد، صدرت عام 1978 م وترجمت إلي عدة لغات أجنبية، وقد حازت على المرتبة الرابعة ضمن أفضل مائة رواية عربية ، كما أعادت دار "الشروق" المصرية طباعتها مجدداً.

تدور الرواية حول العمدة الذي يهرب أولاده من التجنيد في قرية مصرية قبيل حرب 1973, وهو المسئول عن تجنيد كل أولاد البلد، مستندا علي علاقاته وامواله والأوضاع التي أصبحت سائده في السبعينيات "نحن في أيام شعارها معروف: معك قرش تساوي قرشا. وانا والحمد لله معي ملايين القروش. وما دام القرش أصبح رب هذه الأيام، فلن أخاف أبدا من أية احتمالات. وقريبا سيجرون عمليات جراحية للناس في بلدي، يستأصلون فيها القلوب، ويعلقون مكانها جنيهات ذهبية تخفق بدلا من القلوب وتدفع بالقروش الذهبية بدلا من كرات الدم الحمراء والبيضاء".

تنقسم الرواية إلي عدة فصول يقسمها الكاتب بحسب المتحدثين فيأتي الأول منها بعنوان "العمدة" وفيه يشرح مشكلة العمدة الذي عادت له أرضه التي أخذت من قبل عن طريق الإصلاح، والذي يبحث عن حل لمشكلة ابنه المطلوب للتجنيد والذي لا يجد له حل غير ارسال شاب آخر مولود في نفس اليوم لكنه من عائله فقيرة وهو شاب وحيد علي خمس شقيقات. كم تساوي من القروش؟

الفصل الثاني بعنوان "المتعهد" والذي يملك الحل لكل المشاكل مهما كانت صعوبتها، وهو متعهد أي شىء، وهو في الأصل مدرس ابتدائي ألقي القبض عليه في قضية رشوة أو تزوير، وفصل من عمله فزالت عنه صفة المدرس وبقيت له صفة المتعهد.

"عندما يمر الناس أمام بيتي ويعرفون إني نائم يقولون بصوت عال: نوم الظالم عبادة، مع إني لم أظلم أحدا طول عمري، حياتي كلها خدمات للناس. العادة إنه بمجرد أن تحل مشكلة لأحد، وتصل إلي لحظة دفع المعلوم، أصبح ظالما في نظره".

ونقرأ على لسان المتعهد ما يشير للظروف التي كانت تمر بها مصر في هذه الفترة: "البلد سابت والكل يعمل ما يريده دون خوف. صديق متعاون من الاسكندرية طلب مني توسيع دائرة العمل، فنحن نمر بفرصة لن تتكرر، المصريون الآن أحرار فعلا. لأول مرة في تاريخ وادي النيل، كل مصري حر في عمل ما يريده. من يرغب في السفر يسافر، من يبغي الهرب حر في الهروب، طريق أبو زيد كله مسالك، وكل الطرق تؤدي إلي ما يريد القادر علي الدفع. وما دام معك قرش، فأنت قادر علي فعل ما يساوي هذا القرش".

  • جوع العمر

"طول عمري وأنا أعاني من الجوع: الجوع إلي النوم، الجوع إلي اللقمة، والجوع إلي الهدمة، والجوع إلي الراحة، العمر كله جوع".. انه الخفير الذي يتحدث في الفصل الثالث وهو خفير نظامي تم إحالته علي المعاش.. وهو من المصريين المنتفعين بقانون الإصلاح الزراعي في عهد عبدالناصر.

يصدر حكم قضائي بعودة الأرض التي أخذها الإصلاح الزراعي من العمدة ووزعها علي الفلاحين.. "لم يدر بخاطري أن بلدي ستعرف أياما عصيبة، سيكون فرح إنسان ما فيها، غما وكربا إنسان أخر".

"خرجنا ونحن نضرب كفا بكف. تفرقنا ويبدو أن الضابط أعطانا هذه الفرصة لنختلف: بعضنا أعلن أنه سيهاجر تاركا مصر بعد أن انتشر الظلم فيها بهذه الصورة، يأخذون ممن لا يملك ويعطون لمن معه الدنيا بما فيها. البعض قالوا أنه أشرف أن نشتري بثمن الأرض والمواشي أسلحة ونقاوم حتي الحكومة نفسها".

للخفير ابن يدعي "مصري" وهو وحيد علي خمس شقيقات، ومولود في نفس اليوم الذي ولد فيه ابن العمدة الأخير.. يطلب منه العمدة إرسال "مصري" إلي الجيش في مقابل بقاءه في الأرض والعمل علي حراسة الدوار والمخازن بعدما خرج علي المعاش.

تستخرج أوراق إثبات جديدة لـ"مصري" باسم ابن العمدة، ويؤخذ منه كل ما قد يثبت هويته الحقيقية، ولا يتبق معه سرا إلا شهادة نجاحه في المرحلة الإعدادية والتي يخفيها تحت بطاقته الجديدة المستخرجة باسم ابن العمدة.

  • أقدار جيل

يتحدث "الصديق" في الفصل الرابع من الرواية وهو زميل "مصري" في الجيش والوحيد الذي يعلم سره والذي أوصاه بأن يفشي سره إذا استشهد في الحرب وأن يدفن علي أنه "مصري" ابن الخفير وليس ابن العمدة. يخبرنا "الصديق" بصفات "مصري" الذي كان شابا ينضج باشواق. فيه الكثير من تناقضات بلدنا، حب الدنيا والزهد فيها، الجرأة والخجل، الخوف والشجاعة، الواجهة المسالمة والباطن المتفجر بالثورة والتمرد... حياته كانت فصولا متصلة ومستمرة من العذاب الذي لا نهاية له.

يتحدث الصديق عن أقدار جيله بعد رحيل الزعيم عبد الناصر وبداية عهد جديد في مصر "لكل جيل قدره، وقدر جيلنا نحن أبناء مصر كان الطموح أكبر من الإمكانية. وضعنا الأقدام فلم نجد تحتها أرضا. ورفعنا الرؤوس لنلامس السحاب فاختفت السماء من فوقنا. وفي اللحظة التي وضعنا فيها أيدينا علي حقيقة جيلنا تخلي عنا الزعيم باستشهاده في الوقت الذي أزداد فيه احتياجنا له".

نعلم بعد ذلك أن العمدة ماطل ولم يعط الخفير الأرض "أخذ منه الأرض أولا بحكم القانون الجديد ثم سلمه قطعة منها زرعها بنظام المزارعة أو المشاركة ورفض حتي كتابة ورقة بهذا الوضع الظالم علي طول الخط". "كان العدو من الخلف ومن الأمام، وكل رصاصة انطلقت في اتجاه سيناء السليبة كان لابد ان تقابلها رصاصة أخري إلي الخلف والظلم والقهر. ولكننا لم ندرك. وجهنا كل الجهد نحو العدو الظاهر الواضح. تركنا الأعداء السرطانية الخبيثة، تلك التي لا وجود لها أمام العين. كان لنا العذر. تصورنا ان أهلنا سيقومون بتلك المهمة بدلا منا، ولكنهم خيبوا ظننا. وهذا ما يجعلها مهمتنا –الآن- التي لابد وان نقوم بها. لن يتأخر ذلك. التأخر معناه ان السرطان سيسري في جسم الوطن بشكل يصعب معه العلاج. من يدري، فقد يصل استفحال الخطر إلي أن يصبح العلاج الوحيد هو استئصال الجسم كله، والحلان أحلاهما مر".

يعاود يوسف القعيد في هذا الفصل العزف علي وتر أساسي يلتزم به منذ بداية الرواية وهو التحولات التي طرأت علي البلد بعد رحيل عبدالناصر والعهد الجديد بعد حرب 1973 وأن هناك مصريين ضحوا بأرواحهم في الحرب بينما ذهبت عائدات "النصر" الى طبقة الاثرياء التي لم تشارك في الحرب.

"إن الدرس الذي تعلمته اليوم جيدا أن بلدنا أصبحت مثل القطط تأكل أبناءها بدون رحمة، وأن هؤلاء الأبناء أنفسهم يخرجون إلي الدنيا مثل السمك، الكبير يأكل الصغير. لننظر جيدا إلي بلدنا الآن، أنه عالم غريب، ملغوم وآمن، صعب وسهل. محب وحاقد، متخم وجائع. ولكنه لنا علي أية حال وهنا القضية. هذا البلد لنا كيف ومتي؟ ولمن منا بالتحديد؟ ألستم معي أن كلمة أن البلد لنا تحتوي الكثير من المعاني بداخلها.

كنت أتمني. آه. وماذا نملك في تلك الأيام غير التمني. كنت أتمني لو أن الحرب ما تزال قائمة، لكي أحضر نقطة من دمي. آخر دم دافع عن تراب وادي النيل. ذلك أن عصر الحروب انتهي. ويبدأ في مصر عصر الكلام ولأن الكلمات تشتعل من بعضها البعض، فلن يعرف في بر مصر سوي الكلمات".

يأتي الفصل الخامس بعنوان "الضابط" والذي يقوم بتسليم الجثة إلي أهل الشهيد وعندها يفاجىء بالحقيقة.. يتجمع أهالي البلد ويطلبون منه إبلاغ المركز لينال العمدة عقابه علي الجرائم التي ارتكبها. "شعرت إن يدي ملوثتان بدم الجثة الموجودة في الصندوق. علي أن أتصرف. كانت الجريمة من نوع فريد ومبتكر ليست سرقة أو قتلا أو حتي تزويرا في أوراق رسمية. جريمة لم يخترع لها اسم بعد لأنها لم تحدث من قبل في مصر أو في أي بلد من بلاد العالم".

تكتمل أركان القضية في الفصل الأخير، بيد المحقق بجميع الأدلة ولكنه يفاجأ بمندوب الشرطة العسكرية يأخذ عليه أنه بدأ التحقيق في قضية عسكرية مائة في المائة دون حضور الشرطة العسكرية أو إخطارها وهي جهة الاختصاص الوحيدة. وقال أن القوانين تفرض أن يتم تحقيق جديد بمعرفتهم وتحت إشرافهم. "رفضت هذا وقلت أن الواقعة كلها تمت هنا. بعيدا عن المعسكرات والجيش ولابد من المضي في التحقيق حتي نهايته وليكن ما يكون.. فجاة أتت التعليمات صريحة وواضحة بقفل التحقيق واعتباره كأن لم يكن ودفن الجثة".

تبين لنا الرواية كيف تزيف الحقائق فيقول المسؤول "ابن الخفير ذهب إلي الجيش ولأنه يدرك وضاعة أصله ويريد أن يتمسح في الكبار أولاد الذوات أملي بياناته من اليوم الأول خطأ، نسب نفسه إلي العمدة. قال أنه ابنه، أبا عن جد. لهذا عندما استشهد تم هذا الاستشهاد بالاسم الذي ارتضاه لنفسه، برغبته الكاملة. هذا كل ما حدث ولهذا سيقيد استشهاده بموجب هذا الاسم. ودفنه علي هذا الأساس، علي انه ابن العمدة. هل سمعتني. لا توجد قضية".

يزيدنا الكاتب حزنا وكمدا عندما نعلم أن الذي يحصل علي التكريم الأدبي والمستحقات المالية هو العمدة وليس الخفير والد الشهيد الحقيقي، حيث يرفض العمدة التنازل عن المستحقات معتبرا أن هذا استدراج إلي فج وأن تنازله معناه أنه ارتكب جريمة تزوير. والتنازل يتساوي مع الاعتراف!!.[1]


في السينما

نقل صلاح أبو سيف الرواية إلى الشاشة الكبيرة في فيلم المواطن مصري بطولة عمر الشريف وعزت العلايلي.

وصلات خارجية

المصادر