تارودانت

(تم التحويل من Taroudannt)
تارودانت
ⵜⴰⵔⵓⴷⴰⵏⵜ
Taroudant / Tarudant / Rudana
TAROUDANNT defensive wall (js).jpg
Al Kassbah, Taroudant, Morocco - panoramio.jpg
Taroudant
درع تارودانت
تارودانت is located in المغرب
تارودانت
تارودانت
الموقع في المغرب
الإحداثيات: 30°28′15.59″N 8°52′50.16″W / 30.4709972°N 8.8806000°W / 30.4709972; -8.8806000
البلدالمملكة المغربية المملكة المغربية
الجهةسوس-ماسة
الإقليمتارودانت
المنسوب
238 m (781 ft)
التعداد
 (2014)[1]
 • الإجمالي80٬149
منطقة التوقيتUTC+0 (WET)
 • الصيف (التوقيت الصيفي)UTC+1 (WEST)
Postal code
83000

تارودانت (الأمازيغية : ⵜⴰⵔⵓⴷⴰⵏⵜ) هي من أعرق المدن المغربية بمنطقة سوس، تنتمي لإقليم تارودانت وتأوي 69.489 نسمة (إحصاء 2004). أسستها الأميرة الأمازيغية تارودانت في القرن الثالث ق.م. [محل شك]، وبذلك يرجع تاريخها إلى العهود القديمة (الفترة الفينيقية) حيث اشتهرت مركز حضر وتجارة. اكتسبت تارودانت أهمية بالغة خلال الفترتين المرابطية والموحدية، حيث كانت قاعدة عسكرية لمراقبة منطقة سوس وضمان استقرار الطرق التجارية الصحراوية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التسمية

لا يوجد أي أصل حقيقي لتسمية "تارودانت"، يوجد كم زاخر من الافتراضات والاحتمالات يستعصي معها معرفة الأصل الحقيقي لهذه التسمية، وهي عبارة عن روايات شفهية تناقلتها رواية القدماء الذين زاروا المدينة، ومن ضمن الروايات: رواية مشهورة في التراث الروداني مفادها أن المدينة تعرضت لفيضان في وقت مضى فتسبب في خرابها وهلاك أغلب سكانها، وهنا يحكى ان امرأة فقدت أبنائها وبفعل حزنها صاحت باللغة الأمازيغية (تاروا، دانت)، ومعناها بالعربية (الأبناء، ذهبوا) ومع توالي السنين أصبحت المدينة معروفة بهذا النعت وبكثرة الاستعمال إندمجت الكلمتين تاروا ودانت في كلمة واحدة فأصبحت تارودانت، ما يدعم هده الرواية نجد المدينة محاصرة بين وادي سوس ووادي الواعر، مما جعلها أكثر عرضة لفياضانات متتالية في العصور القديمة حيث كان المناخ رطبا، فترسخت الرواية في الذاكرة الشعبية نظرا لترددها عبر الأجيال، وقد ورد في بعض المصادر الأخرى أن تأسيس مدينة تارودانت تم على يد عناصر من الشام، فسميت برودانة بنت الشام، وهي رواية مشهورة عديمة السند بالمعنى الذي وردت به، ولعل رواجها حديث العهد وبالتالي فهذه الرواية لا تعدو أن تكون مجاراة لعادات المؤرخين المشارقة القدماء في تشبيههم للمناطق والمدن التي زاروها بالمغرب والأندلس بمناطق شامية مشرقية لوجه شبه بسيط. وهناك تفسير يعتمد على معطى الموقع المتميز للمدينة وسط سهل خصب دائم الاخضرار تُغذيه أودية هامة وعلى البعد اللغوي للتسمية نجد لفظ تارودانت آت بمعنيين مختلفين ( تار) وتعني: عديم أو عديمة، والمعنى الآخر (دانت) بمعنى: ذهبوا. من جهة أخرى، هناك من يرى أن تارودانت اسم محرف عن لفظة (تاغودانت)، وهو نوع من التين باللغة الامازيغية "لهجة تاريفيت" ويسمى بلهجة "تاشلحيت" (تالغودانت)، وهنا يتحقق ما يسمى بالإبدال فيصبح حرف الغين راءاً أو العكس، وهناك ما يؤكد ذالك مثلا "اداوزداغ" وهي تعني أهل المنطقة السفلى توجد في الأطلس الكبير وتحولت لتصبح "اداوزدار". وكما يزعم أن تارودانت قد تكون لها صلة بما يسمى بالمنطقة بالأمازيغة "دار وادان" والتي تعني الحاجز، وبما أن المدينة محاطة بالسور أطلق عليها اسم تارودانت، وهي مؤنث لـ "دار ودان" لإسم السور، وبالتالي فان اسم تارودانت قد يكون له معنى المدينة المسورة. ومن خلال ما سبق يتبين أن تارودانت هو الاسم القديم الذي عرفت به المدينة مند ظهرت أخبارها في كتب التاريخ، ورغم كثرة الاجتهادات لتفسير دلالة هذا الاسم، فقد ظل يكتنفه الغموض، ويفتقر إلى كثير من البحوث ويمكننا في الأخير ترجيح ما جاء به الاستاذ عمر افا في كتابه "مسألة النقود": من أن الكلمة الأمازيغية أصلها (أرودان) بمعنى المرتفع وقد عرب هذا الاسم فورد على القطع النقدية التي سكت بالمدينة خلال القرن 19م - ق13ه، بإسم (رودانة).

التاريخ

رغم وجود الاختلاف بين الباحثين في تاريخ تأسيس تارودانت، فإن نوعا من الإجماع حاصل حول كون المدينة من تأسيس أمراء قبائل شتوكة وجزولة، وهي الرواية التي أوردها أبو القاسم الَّزياني، ولاقت إستحساناً وقبولاً من طرف الباحثين المتخصصين في تاريخ المدينة نظراً لما يدعمها من قرائن تاريخية، وهكذا ظلت تارودانت لقرون عديدة قبل وصول كتائب الفتح الإسلامي، عاصمة لأمراء هشتوكة وجزولة، ومحورا يستقطب النشاط السياسي والتجاري للقبائل السوسية. يوجد في سياق حديث المؤرخين ما يفيد أن تارودانت كانت مركزا لقيادات محلية تتزعم قبائل سوس، ولذلك فإن دخول قادة الفتح إلى المدينة كان يعني إذعان البربر والسيطرة على بلادهم، ولكن هذا الغموض يبدأ في الزوال نسبيا مع وصول طلائع الفتح الإسلامي، حيث أن الإسلام وصل إلى تارودانت على يد عقبة بن نافع الفهري أثناء ولايته الثانية سنة 62هـ، حيث إنتهى إلى تارودانت وهزم جموع البربر، ثم دخلها بعده موسى بن نصير أثناء ولايته (86-89هـ). وعندما تولى عبيد الله بن الحبحاب أمر المغرب (114هـ) عين ابنه إسماعيل على سوس وأنزله في تارودانت واتخذها دار إقامته، من خلال أخبار الفتح الإسلامي لسوس تتأكد مكانة تارودانت كعاصمة للإقليم ومتجمعا لقبائله، ومستقرا لولاته، وبذلك تستمر في لعب دورها كمركز إداري وكمحور مستقطب لمختلف الأنشطة بهذا الإقليم. لكن من كل تلك الأخبار يتأكد كذلك سوء معاملة قادة الفتح وولاتهم للقبائل الأمازيغية، حيث أمعنوا في سبي النساء، وفرض المغارم، والجور في الأموال. وكان ذلك سببا في إنضمام تارودانت إلى ثورة الخوارج التي تزعمها ميسرة المطغري سنة (121هـ/739م). وفي أخبار هذه الثورة تتأكد من جديد المكانة الإستراتيجية لمدينة تارودانت، وأهميتها في السيطرة على سوس والتحكم في قبائله. حيث بمجرد أن نجح الثوار في السيطرة على طنجة والقضاء على عامل الأمويين بها عمر بن عبيد الله المرادي، تمت مبايعة عبد الأعلى بن جريح، الذي سارع إلى الزحف على سوس بجيوش الثوار الخوارج فدخل تارودانت وقتل عامل السوس إسماعيل بن عبيد الله بن الحبحاب. وقد انحسر نفوذ الخلافة الإسلامية بالمشرق عن سوس وعن عاصمته تارودانت منذ هذا التاريخ بصفة نهائية. مع هذه الأحداث ستدخل أخبار تارودانت في دوامة من الغموض والاضطراب، وبصفة خاصة بعد أن دخلت تحت نفوذ البرغواطيين على يد أميرهم إلياس بن صالح ( 128-176هـ). فقد جرت عادة المؤرخين الرسميين على النفور من الحديث عن أهل المذاهب الثورية، والمعارضة للدولة التي يعيشون في كنفها، فلا تدخل عندهم حيز التاريخ إلا اضطراراً مع ما يلحق أخبارها عندهم من بتر وتشويه.

في عهد الأدارسة

اهتم المولى إدريس الثاني منذ توليه بتوسيع حدود الدولة التي ورثها عن أبيه، في محاولة للسيطرة على أهم محاور التجارة العابرة للصحراء واستقطابها نحو عاصمته فاس. وفي هذا الإطار وجه حملاته العسكرية جنوبا نحو بلاد المصامدة منذ سنة 197هـ فافتتحها. هكذا دخلت تارودانت في نفوذ الأدارسة، وقد استمرت ضمنه في عهد محمد بن إدريس الذي عين أخاه عبد الله بن إدريس على جبال المصامدة والسوس الأقصى، وجعل مقره بمدينة أغمات. ظلت تارودانت خلال هذا العهد تابعة من الناحية الإدارية لأغمات، ففقدت بذلك مكانتها كعاصمة جهوية ومقرا للولاة، لكن هذا الوضع لم يفقد المدينة أهميتها الاقتصادية حيث كانت تتحكم في محاور تجارة الذهب التي تربط المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء. ولعل هذه المكانة المتميزة هي التي تفسر لنا إهتمام البرغواطيين باستعادة نفوذهم على تارودانت بعد أن أمضت ما يزيد عن قرن من الزمان تحت النفوذ الإدريسي. عادت تارودانت إذن من جديد إلى المذهب الخارجي في ظل حكم البرغواطيين مع نهاية القرن الثالث الهجري، واستمرت على ذلك إلى منتصف القرن الرابع حيث إنتشر بها المذهب الشيعي بدعم ومباركة من الفاطميين. وسرعان ما تحولت المدينة إلى جزيرة للشيعة الروافض البجلية، وسط محيط من القبائل السوسية السنية. وهو ما يفسر اضطراب أخبار المدينة منذ هذا التاريخ، حيث طغى العداء المذهبي على مواقف وروايات المؤرخين ليضيع علينا فرصة رصد تفاصيل وتطورات فترة جد هامة من تاريخ هذه المدينة.

في عهد المرابطين

ظلت القبائل السوسية تحت تأثير فقهاء جزولة السنيين، وعلى رأسهم الشيخ وجاج بن زللو اللمطي، تعمل بكل الوسائل على حصار أعدائها المذهبيين من الشيعة البجليين بتارودانت. لذا ما إن نجح عبد الله بن ياسين الجزولي (تلميذ الفقيه وجاج بن زللو) في جمع قبائل صنهاجة في إطار الحركة المرابطية، حتى توجه صحبة حليفه أبي بكر بن عمر اللمتوني نحو تافيلالت فأخضعاها، ومنها توجها إلى سوس حيث كان فقهاؤه يستعجلونهما للقضاء على شيعة تارودانت، فتم لهم ذلك سنة 448هـ/ 1056م. هكذا عادت تارودانت تحت النفوذ المرابطي إلى مذهب أهل السنة، وعرفت استقرارا سياسيا وازدهارا اقتصاديا ونهضة عمرانية. وأصبحت مركزا إداريا يتحكم بواسطتها المرابطون في شؤون سهل سوس وجبال درن، وقد عين عليها يوسف بن تاشفين إبنه تميم واليا.استأنفت المدينة منذ هذا التاريخ دورها كنقطة التقاء للطرق التجارية الآتية من جنوب الصحراء، وهو ما جعلها تستقطب عناصر بشرية متنوعة الأصول (أندلسيين، أفارقة زنوج)، وتشهد رواجا تجاريا وحرفيا هاما. فنالت في عهد يوسف بن تاشفين وعهد ابنه علي بن يوسف عناية خاصة، حيث اهتما بتحصينها واستصلاح أراضيها الفلاحية، وإلى هذا العهد يرجع سور المدينة القديم الذي ورد ذكره عند ابن الزيات. وقد تأكدت الأهمية الإستراتيجية لتارودانت خلال هذا العصر كذلك، حيث أصبحت قاعدة عسكرية متقدمة لمراقبة قبائل المصامدة بالأطلس الكبير، وبها كانت تستقر القوات المرابطية التي كانت تخرج لمحاربة أنصار ابن تومرت عند بداية أمر دولة الموحدين.

في عهد الموحدين

عاشت تارودانت أواخر عصر المرابطين جوا مشحونا بالصراعات، فبعد وفاة ابن تومرت استمر خلفه عبد المومن بن علي الكومي في توجيه حملاته العسكرية لاستنزاف القوات المرابطية بسوس. وبعد أربع سنوات نجحت عساكر الموحدين في دخول تارودانت سنة 528هـ، ثم ما لبثوا أن انسحبوا منها بعد أن غنموا وسبوا. وقد عاد عبد المومن ليقتحمها بصفة نهائية سنة 535هـ/ 1140م، وباستسلامها انقادت كل قبائل السوس للموحدين بعد أن قضوا على ما تبقى من فلول القوات المرابطية بالحصون والقلاع المحيطة بتارودانت، وخاصة حصن (تين واينان). بعد أن تمكن عبد المومن من إرساء دعائم دولته والقضاء على مناوئيه من الثوار والمطالبين، قام برحلة إلى سوس لتفقد الأحوال وتهدئة النفوس سنة 550هـ. ومن خلال أخبار هذه الرحلة تأكدت من جديد أهمية تارودانت كقاعدة تاريخية ومتجمع للقبائل السوسية، حيث اختارها عبد المومن للقاء الوفود المهنئة، واستقبال شيوخ القبائل فوجا بعد فوج.وعرفت تارودانت بعد هذا التاريخ استقرارا سياسيا ورخاء وازدهارا، واستعادت دورها كعاصمة إدارية لسوس حيث اتخذها الموحدون دارا لولاتهم، ومستقرا لعساكرهم التي تراقب الإقليم. وقد جرت عادتهم على تعيين ولاتها من ضمن أمرائهم أو كبار رجالاتهم المخلصين، وذلك منذ أن عين عليها عبد المومن بن علي ابنه عبد الرحمن بن اللمطية سنة 548هـ. وكان من الطبيعي أن تنتعش تجارة تارودانت بعد تمهيد السبل وتأمين الطرق، وازدهرت بها الزراعات المختلفة والحرف المتنوعة، فاشتهرت بوفرة منتوجاتها ورخص أسعارها وقصدها التجار من الآفاق. وقد تركت المدينة خلال هذه الفترة أثرا بالغا في نفوس زوارها من الرحالة والمؤرخين، خاصة الشريف الإدريسي، وابن عذاري. ولا يستبعد الأستاذ أحمد بزيد أن تكون تارودانت قد عرفت في عهد الموحدين عناية كبيرة بحركة العمران، على ما هو عليه دأب الموحدين في باقي مناطق المغرب. لكن مظاهر هذه العناية قد تكون طمست أثناء ثورة علي بن يدر الزكندري ( 651هـ/ 1253م) والذي خرب المدينة، وأزال أسوارها، واستأصل معالمها، وهدم دورها. وقد استمر عبث ابن يدر وأنصاره بالمنطقة وأهلها إلى حدود (665هـ/1266م)، عندما دخل الخليفة الموحدي الواثق تارودانت وحاصر ابن يدر في حصن تين واينان، ثم تراجع عنه بعد إعلان الثائر خضوعه. لكنه سيعود من جديد إلى الاستئثار بتارودانت بعد مقتل الواثق ودخول المرينيين مراكش سنة (668هـ/ 1269م).

في عهد المرينيين والوطاسيين

تمكن المرينيون من دخول تارودانت سنة 668هـ، ونجحوا في القضاء على الثائر ابن يدر، لكنهم لم يفلحوا في القضاء على ثورته. وقد ظلت سلطتهم بسوس، منذ هذا التاريخ وإلى حدود وفاة السلطان المريني أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق سنة 685هـ، بين أخذ ورد. حيث كان عليهم أن يبعثوا، بين الفينة والأخرى، حملات عسكرية لإستتباب الأمن بهذا الإقليم، الذي لم تنطفئ به شرارة ثورة بني يدر بتارودانت، ولا فترت به عزائم عرب المعقل الذين بسطوا نفوذهم على الأراضي والسكان وتحكموا في المسالك والطرق. وفي هذا الإطار تندرج حملات 671هـ، 673هـ، 681هـ و683هـ. وبعد فترة صمت طويلة تطالعنا المصادر من جديد سنة 742هـ بمحاولات السلطان أبي الحسن تقليم شوكة عرب المعقل، واستعادة نفوذ الدولة بسوس وعاصمته تارودانت. وهو الأمر الذي سيتكرر في عهده سنة 751هـ، وفي عهد ابنه أبي عنان سنة 756هـ، هذا الأخير الذي سيضمن تبعية تارودانت إلى حين وفاته سنة 759هـ، لينحسر نفوذ آله بني مرين عن المنطقة بصفة نهائية. ظلت تارودانت طيلة هذا العصر، بالرغم من اضطراب أوضاعها السياسية، محتفظة بزعامتها للقطر السوسي على كل المستويات السياسية والإدارية والاقتصادية. فقد اتخذها بنو مرين، أثناء فترات نفوذهم، مركزا لإقامة نائب السلطان في هذا الإقليم، وحين يعود آل بني يدر إلى الظهور يتخذونها دار ملكهم، ولا شك فقد عرفت المدينة خلال هذا العصر تجاذب عوامل الهدم والبناء مما أثر على وضعها العمراني، فقد اهتم بنو مرين بتعميرها وبنوا بها قصبة سلطانية، بينما عاث فيها الثائر ابن يدر وخرب معالمها. لم يحالف الحظ بني وطاس ليبسطوا نفوذهم نحو سوس، بل إن سلطتهم كانت تتقلص أحيانا لتقتصر على ضواحي مدينة فاس. وهكذا ظلت تارودانت منذ نهاية المرينيين مستقلة عن أية سلطة مركزية، لكنها عانت كثيرا من الخضوع لنفوذ القبائل العربية التي بسطت سيطرتها على السهول، وفرضت على سكان المدينة خراجا كثيرا مقابل تأمين الطرق التجارية. وإذا كان من الصعب علينا أن نرسم صورة مفصلة عن الأوضاع الحضارية العامة بالمدينة خلال هذه الفترة الغامضة، بسبب اضطراب الاوضاع العامة بالمنطقة وبالمغرب كافة، وكذا بسبب غياب المصادر المتنوعة، فإنه يمكننا مع ذلك كله أن نجزم باستمرار تارودانت في لعب دورها الإشعاعي كمركز حضاري واقتصادي هام رغم ما تعرضت له معالمها من خراب. فابن خلدون يحدثنا عن انتشار زراعة قصب السكر، بينما يشير ليون الإفريقي إلى كثرة الصناع بالمدينة التي وصفها بالمدينة العظيمة، بينما وصف سكانها بأنهم أكثر تحضرا. كما يمكننا الاستدلال على هذا الطرح بنجاح المدينة في التأقلم مع وضعية الاستقلال التي عاشتها قرابة قرنين من الزمن، فقد نجح سكانها في إقامة نظام سياسي خاص بهم بلغ درجة عالية من التطور والرقي، ترك لنا الوزَّان بعض معالمه عندما زار المدينة في مطلع القرن (10هـ/ 16م)، حيث قال: " تخضع تارودانت لحكم الأعيان ويتداول أربعة منهم مجتمعين السلطة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر. وأهل تارودانت أناس مسالمون لا يسيئون إلى جيرانهم". وبالرغم من محاولات التأقلم هذه، فإن المدينة لم تسلم من آثار أزمة التجارة القافلية، المترتبة عن الحصار الذي ضربه الإيبيريون على السواحل الأطلنتية المغربية، منذ احتلال البرتغاليين مدينة سبتة سنة:(818هـ/ 1415م). فقد وقعت المنافذ التجارية البحرية السوسية بدورها تحت النفوذ البرتغالي، وهو ما أقنع قبائل سوس بالتجنيد للجهاد تحت راية الشرفاء السعديين الذين تمت مبايعتهم لهذا الغرض. ولم تكد تمضي على هذه البيعة، التي تمت سنة (916هـ/ 1510م)، إلا بضع سنوات حتى بايع أهل تارودانت السعديين ودخلوا في طاعتهم سنة (920هـ/ 1515م)، لتدخل معهم تارودانت أبهى وأزهى عصور ازدهارها ورقيها، فأمست أحد الأقطاب الثلاثة التي طبعت الحضارة المغربية في كل مستوياتها خلال العصر الحديث، وهذه المراكز هي: تارودانت، مراكش، وفاس.

في عهد السعديين

وبدخول تارودانت في بيعة السعديين ( 920هـ / 1515م) ستدخل عصرها الذهبي، حيث سرعان ما أصبحت أولى عواصمهم، قبل انتقالهم إلى مراكش (930هـ/ 1524م). وقد قام الأمير محمد الشيخ منذ هذا التاريخ بتحصين المدينة، وجدد معالمها، وزودها بعدد من المباني الفخمة، فأصبحت من حينها تنسب إليه، وعرفت خلال هذا العصر بالمحمدية. وعلى عكس ما جرت عليه عادة المؤرخين من قبل، فإن اسم وأخبار المحمدية ستتردد كثيرا في مؤلفات هذا العصر. وهو أمر يعكس بجلاء مدى أهمية الأدوار التي أصبحت تضطلع بها المحمدية خلال عصر الشرفاء السعديين من جهة، ومدى ارتباط السعديين وعنايتهم الكبيرة بأولى عواصمهم ومنبت دولتهم. تعددت أدوار تارودانت أيام السعديين، واحتلت مكان الريادة بين نظيراتها من مدن المغرب العتيقة على عدد كبير من المستويات. فقد اتخذها السعديون عاصمة في بداية دولتهم، وقاعدة محصنة لاستجماع قواتهم، وإمكانيات القبائل المبايعة لهم، قصد مواجهة الاحتلال الإيبيري لسواحل سوس والمغرب عامة. وعرفت الحياة الاقتصادية بالمدينة انتعاشا لم يسبق له نظير، فقد اهتم السعديون بالسيطرة على طرق التجارة الصحراوية ومراقبتها، عبر تحويلها نحو توات، تافيلالت، وبصفة خاصة نحو تارودانت. حيث أصبحت هذه الأخيرة أهم المراكز المتحكمة في طرق التجارة القافلية، فقصدها التجار المسلمون والأوربيون، وخاصة منهم الإنجليز، واشتهرت ببضائعها المتنوعة كالأواني النحاسية، والأنسجة الصوفية، والمصنوعات الجلدية، وبصفة خاصة السكر الذي لم يكن بإمكان القصر الإنجليزي الاستغناء عنه. كان رواج التجارة عاملا ساعد على ازدهار الصناعات الحرفية المختلفة، ومن أشهرها صناعة النسيج التي كانت تنتج الأنسجة الصوفية والحريرية، والصناعات المعدنية المختلفة والتي اشتهرت منها على الخصوص صناعة الأواني النحاسية والبرونزية. وتعتبر صناعة السكر أهم وأشهر الصناعات التي عرفتها تارودانت، والمغرب عامة خلال هذا العصر، وقد تركزت أهم معاملها على مشارف المدينة بمنطقتي أولاد مسعود وتازمورت، وقد أشار تقرير مؤرخ ب 25 أكتوبر 1598 (وهو لأحد الجواسيس الإنجليز الذين زاروا المدينة) إلى أن السلطان المنصور كان يجني من وراء هذه الصناعة أزيد من 800.000 مثقال في السنة. لقد انعكس الرخاء الاقتصادي على الأوضاع العمرانية للمدينة، وجاء لينضاف إلى تلك العناية الخاصة التي أولاها السعديون إياها، فشهدت حركة تعمير واسعة النطاق وتوافر لها من البنايات الفخمة، والمنشآت الضخمة، ما جعلها تفوق العواصم التقليدية الأخرى (فاس ومراكش) رونقا وبهاء. بل ونافستهما على مستوى ازدهار الحركة العلمية والثقافية، فسرعان ما تحول الجامع الكبير، إلى إحدى أهم جامعات المغرب في هذا العصر وأمه الطلبة من مختلف الآفاق، كما انتصب للتدريس فيه ثلة من كبار علماء المغرب خلال القرن 16م ومنهم: سعيد بن علي الهوزالي، عبد الرحمن بن عمرو البعقيلي، عيسى بن عبد الرحمن السكتاني، عبد الرحمن بن محمد بن الوقاد التلمساني، يحيى بن عبد الله الحاحي، وقائمة أساتذة هذا الجامع أحق بأن يخصص لها مصنف خاص في عدة مجلدات. إذا كان القرن 10هـ/16م قد حمل في طياته معالم الازدهار والرخاء، فإن تارودانت ستشهد مع مطلع القرن الموالي إحدى أكبر نكباتها، فقد ضرب المغرب طاعون جارف كان السلطان أحمد المنصور الذهبي نفسه أحد ضحاياه سنة (1012هـ/ 1603م). وكان وقع هذا الطاعون وخيما في تارودانت، حيث لم يزل يضرب المدينة سنة بعد أخرى مدة اثني عشر عاما، حتى استولى عليها الخراب وهجرها جل سكانها. وقد كان هذا الطاعون أحد الأسباب التي ساهمت في تفكك المخزن السعدي، حيث سرعان ما انهار ذلك الصرح العظيم الذي بناه أحمد المنصور الذهبي، وتقاتل أبناؤه على العرش، فانقسم المغرب إلى مملكتي فاس ومراكش. وظلت تارودانت تحتفظ بمكانة متميزة داخل مملكة مراكش، فإليها كان السلطان زيدان بن المنصور يلجأ، وبها يحتمي، وفيها يستجمع قواه كلما داهمه خطر أو هدده منافس، إلى أن انتهى حكم الشرفاء السعديين لتدخل المدينة من جديد مرحلة من الاستقلال. ظلت تارودانت وفية لبيعة السلطان زيدان ابن المنصور، بل ظلت ملاذه وملجأه كلما ألم به خطر أو هدده منافس، فبتارودانت استجمع قواه يوم عاد خائبا من عند أتراك الجزائر سنة 1604م، وإليها تراجع بعد هزيمته أمام قوات ابن أخيه عبد الله بن المأمون بمراكش سنة 1607م، وفيها استأمن على نسائه وعياله وكل ثروته، يوم أخرجه الثائر ابن أبي محلى من عرشه بالقصر البديع بمراكش (1022هـ/ 1613م). بل إن سكان تارودانت والقبائل المحيطة بهم هم الذين تجندوا وراء الشيخ أبي زكريا يحيى الحاحي يوم هزم الثائر المذكور بمعركة جليز، وأرجع زيدان إلى عرشه 1613م. غير أن إخلال زيدان بشروط اتفاقه مع الشيخ يحيى الحاحي، والذي على أساسه هب لنصرته، جعل هذا الأخير يخلع بيعته ويخرج من طاعته، فأعلن نفسه أميرا على تارودانت وما يحيط بها. وهكذا تأسست إمارة الحاحيين بتارودانت فيما بين (1023_1039هـ/ 1613- 1629م)، وقد ظل مؤسسها يحيى بن عبد الله يحاول توسيع نفوذه، على حساب زيدان بمراكش وأبي حسون السملالي (بودميعة) بإليغ، إلى أن توفي سنة (1035هـ/ 1626م)، بعدما عرفت الإمارة في عهده استقرارا ورخاء، وحركة علمية نشيطة. ولا عجب، فيحيى هذا فقيه محدث، وعالم مشارك، وقطب صوفي مشهود له ولآله بالولاية، هب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسعى إلى إجراء الأمور على منهجها الشرعي، وفق ما تمليه عليه مكانته العلمية، وطبقا لما يقتضيه واجب العلماء تجاه الأمة. ظل أبو حسون السملالي (أمير إليغ) يتحين الفرص للسيطرة على تارودانت، لكن قوة ورباطة جأش الشيخ يحيى قامت دائما حائلا بينه وبين مراده هذا. وهكذا كان عليه أن ينتظر وفاة يحيى ليخلو له الجو ويحقق مبتغاه، فقد دخلت تارودانت تحت سيطرته منذ (1039هـ/ 1629م)، وعانى سكانها كثيرا من جور واعتساف ولاته وخلفائه، إلى أن قضى المولى الرشيد العلوي على إمارتهم عندما شتت جموعهم وهدم عاصمتهم إليغ سنة (1081هـ/ 1670م). وكان قبل ذلك قد دخل تارودانت في نفس السنة وأخضعها، لتدخل منذ ذلك التاريخ تحت نفوذ الدولة العلوية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في ظل الدولة العلوية

منذ دخولها تحت طاعة العلويين اتخذها هؤلاء قاعدة لسوس، ودارا ومستقرا لخليفة السلطان عليه. ولم يكن يتولى هذا المنصب إلا أفراد الأسرة العلوية من إخوة وأبناء السلاطين. ونظرا لما كانت توفره المدينة من موارد اقتصادية مهمة تجارية، فلاحية وحرفية، وكذا نظرا لموقعها الإستراتيجي وسط سهل سوس المحصن بسلسلتي الأطلسين الكبير والصغير، فإن هذا الوضع غالبا ما كان يغري هؤلاء بالاستقلال عن نفوذ الدولة المركزية والدعوة لأنفسهم. ففي سنة ( 1096هـ/ 1685م ) بلغ السلطان المولى إسماعيل أن أخاه المولى الحران، وابن أخيه المولى أحمد بن محرز دخلا قصبة تارودانت واستحوذا على إقليم سوس الغني. فزحف السلطان بجيشه إليهما وحاصر المدينة إلى أن قضى على هذه الثورة بعد حروب طاحنة، ودمار شامل سنة ( 1098هـ/1687م ). تولى المولى محمد العالم أمر تارودانت نيابة عن أبيه المولى إسماعيل، وقد عادت المدينة في عهده إلى ما كانت عليه من الاستقرار، ونشطت بها كراسي العلم وحلقات الأدب، وتحول مجلس هذا الأمير إلى ناد أدبي، انعقدت فيه المناظرات بين شعراء المدينة ومن كان يفد عليهم من شعراء العاصمة مكناس، وفاس وغيرها من كبريات حواضر المغرب. لكن هذا الأمير مافتئ بدوره أن ثار على أبيه ودعا لنفسه سنة ( 1114هـ/ 1702م)، فبعث المولى إسماعيل ولده المولى زيدان لحصار أخيه بتارودانت إلى أن تمكن من اقتحامها (في صفر من سنة 1116هـ ) بعد ثلاث سنوات من الحروب، وقد لحقت بعلماء المدينة وأعيانها محنة كبيرة من جراء التفافهم حول الأمير العالم وتأييده .وقد عين المولى إسماعيل ابنه المولى عبد الملك على المدينة سنة (1134هـ/ 1721م) واستمر بها إلى ما بعد وفاة والده، حين عزل عبيد البخاري أخاه أحمد الذهبي، وبايعوه وهو على ولاية تارودانت سنة: (1141هـ / 1728م). وقد استمرت أوضاع المدينة مضطربة باضطراب أوضاع المغرب (بعد وفاة المولى إسماعيل) إلى أن دخلها المولى محمد بن عبد الله (1169هـ / 1756م) عندما غزا سوس، وجعلها مقرا للحامية. فعرفت المدينة في عهده استقرارا، وعين عليها من يثق بهم من آل بيته، ومنهم ابنه المولى عبد السلام سنة ( 1199هـ/ 1785م). ظلت تارودانت خلال هذا العهد كذلك مستقرا للقواد والباشوات المخزنيين المعينين على سوس، لكنها مع ذالك فقدت الكثير من أدوارها ومن رونقها بفعل ما شهدته من حروب وصراعات حادة، خاصة خلال القرنين 17 و18م، وهو ما كان سببا في انهيار الأسس التي انبنى عليها رخاؤها الاقتصادي، ومنها بصفة خاصة صناعة السكر. كما أن تحول الطرق التجارية، واستقطاب الأوربيين لتجارة السودان نحو المراكز التي أقاموها بسواحل إفريقيا الغربية عند استعمارها، ساهم في توقف القوافل التجارية التي كانت ترد نحو تارودانت. منذ هذا التاريخ ظلت ثروة تارودانت منحصرة في نشاطها الفلاحي، والذي بدأ يتركز تدريجيا حول شجرة الزيتون، حيث أصبحت تشكل عصب ثروة سكان المدينة. وإلى جانب إنتاج زيت الزيتون والمتاجرة فيها، لم يفقد حرفيو المدينة خبراتهم الصناعية الضاربة في القدم، وخاصة في مجال صناعتي النسيج والجلود، رغم المنافسة الحادة التي بدأت تعرفها الصناعتان من جراء تدفق المنتجات الصناعية الأوربية. ومن حسن الحظ أن حفظ العلامة محمد المختار السوسي، في رحلته الرابعة من موسوعته "خلال جزولة"، قائمة بأسماء القواد المخزنيين الذين تعاقبوا على حكم المدينة إلى حين سقوطها تحت نفوذ سلطات الحماية الفرنسية. ومن ضمن هؤلاء القائد محمد بن يحيا أغناج والذي بقي بالمدينة إلى حدود ( 1236هـ/ 1821م)، ثم القائد حمّاد بومهدي الهواري والذي امتد نفوذه بسوس من تارودانت وأكادير إلى سكتانة وواد نون، وقد استمر في الحكم إلى أن سجنه المخزن فيما بعد (1264م/ 1848م ). ثم توالت على المدينة بعد هذا التاريخ سلسلة من القواد كان أشهرهم الباشا محمد بن بوشتا ابن البغدادي، الذي اشتهر فيما بعد بفاس، والباشا حمو الشهير، الذي أزاحه عن مكناس إليها الصدر الأعظم أحمد بن موسى، وكانت وفاته بها سنة (1318هـ/ 1900م). وقد ثار بها الباشا الكَابَّا على نفوذ حيدة بن مايس، واستمر في حكمها إلى أن قتل، بعد استيلاء أحمد الهيبة على تارودانت. ثم ما لبثت المدينة أن عادت إلى نفوذ آل حيدة الموالين للفرنسيين، بعد انهزام أحمد الهيبة أمام قوات الفرنسيين، التي يتقدمها التهامي الكلاوي سنة (1331هـ/ 1913م). أمضت المدينة سنوات عصيبة تحت نفوذ ضباط الشؤون الأهلية الفرنسيين، الذين كانوا يمثلون سلطات الحماية الفرنسية. وقد تبلور في أوساط شباب تارودانت منذ الأربعينات وعي سياسي مرهف، على يد وطنيين من أمثال القاضي سيدي رشيد المصلوت، جعلهم ينخرطون في صفوف حزب الاستقلال. ومع بداية الخمسينيات دخلت بها الحركة الوطنية بالمدينة منعطفا حاسما، حيث تبنت خيار المقاومة المسلحة على يد قادة شبان وطنيين من ضمنهم مولاي عبد الحفيظ الواثر، سي محمد بن إبراهيم برهان الدين، الحاج حسن اللودعي، مولاي رشيد السملالي، وقد انخرط جل هؤلاء في الحياة السياسية لما بعد الاستقلال، وناضلوا من أجل بناء المؤسسات الديمقراطية الحرة، وقدموا من أجل ذلك تضحيات جسام ساهمت في تعبيد الطريق التي ولج منها المغرب عهد التحول الديمقراطي الذي يعيشه في وقتنا الراهن.

في سنة 1959، وضع الملك محمد الخامس الحجر الأساس لمعهد التعليم الأصيل.

في سنة 1981، عمد المغفور له الملك الحسن الثاني في إطار سياسة تقريب الإدارة من المواطنين إلى إعادة الاعتبار لتارودانت كقاعدة متميزة لسوس، وذلك عندما أصدر أمراً بجعل هده الحاضرة عاصمة لإقليم تارودانت، وذلك بمقتضى الظهير الملكي رقم 2-81-854 المؤرخ في 2 صفر 1402 الموافق 18 دجنبر 1981. وأن من شأن هدا القرار، أن يحقق للمدينة وللإقليم تنمية شاملة في جميع المجالات وأن يعمل بالتالي على إيجاد فرص قادرة للدفع بتارودانت قدما إلى الأمام حتى تتمكن من مواصلة دورها الإشعاعي .

في سنة 2006، زار الملك محمد السادس تارودانت ودشن بها المركب الاجتماعي ودار الفتاة بحي المحايطة، وعاد لزيارة المدينة في سنة 2009 ودشن بها مشروع إنقاذ الحوامض بحوض سبت الكردان، وفي سنة 2011 زار الملك المدينة من جديد وإطلع على برنامج التجميع لسلسلتي الحوامض والحليب ومشروع تطوير إنتاج اللحوم الحمراء بجهة سوس ماسة. وفي سنة 2015 زارت زوجة الملك الأميرة للا سلمى المدينة لتدشين المركز المرجعي للصحة الإنجابية والرصد المبكر لسرطان الثدي وعنق الرحم.[2]

المناخ

مناخ مدينة تارودانت قاري مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وارتفاعها في فصل الصيف والتي تتجاوز أحيانا 40 درجة مئوية، ويبلغ معدل التساقطات المطرية السنوي بين 200 و400 ملمتر.

الدين

أهم المساجد بالمدينة:

  • الجامع الكبير: من أقدم المساجد بالمغرب، بني في عهد الدولة السعدية.
  • مسجد الحسن الأول: بناه أحد المحسنين الذي تبرع بمبلغ مليار سنتيم. وقد دشن هذا المسجد يوم 22 نونبر 1996، بمناسبة الذكرى الواحدة والأربعين لعيد الاستقلال.
  • مسجد فرق الأحباب
  • مسجد القصبة

في سنة 1936، كان بمنطقة تارودانت 2124 يهودي موزعون في ملاحات بزقموزن واولاد برحيل والفيض واولوز، وفي 1960، كان عدد اليهود قد نقص بنسبة الثلث ونزل العدد إلى 1434 (حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 1982)، قبل أن يتلاشى كلياً هذا العدد من جراء موجة الهجرة الجماعية لليهود نحو المدن الكبرى كالدار البيضاء أو إلى خارج المغرب. وتوجد بالمدينة كنيسة كاثوليكية في حي فرق الأحباب، بنيت في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب وبداخلها العديد من الحدائق البهية، لا تزال تقام بها الصلوات كل يوم أحد.

السكان

لقد انتقل عدد سكان مدينة تارودانت من 57136 نسمة تقريبا سنة 1994 إلى 69489 نسمة سنة 2004. ويشكل السكان داخل اسوار المدينة أزير من 50% من سكان تارودانت يعتبر اكثر المتوجدين حاليا بالمدينة، سكانا غير اصليين حيت ان اغلبهم قادمون من الدواوير المجاورة لمدينة تارودانت بحثا عن عمل او لتقريب أسرهم من البنيات التحتية الصحية والتعليمية نظراً لانعدامها في الوسط القروي، فيما يعتبر اغلبية سكان المدينة من اصحاب الدخل المحدود او الضعيف نظراً لاشتغال اغلبيتهم من مهن موسمية كالفلاحة او المصانع، ويبدو ذالك واضحاً للزائر الذي يزور تارودانت حيث يرى ان اغلبية سكان المدينة يرتدون ملابس متواضعة ويقودون دراجات هوائية عادية.

الجغرافيا

المناخ

مناخ مدينة تارودانت قاري مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وارتفاعها في فصل الصيف و التي تتجاوز أحيانا 40 درجة مئوية، معدل التساقطات المطرية السنوي بين 200 و 400 ملمتر

المعالم التاريخية

سور المدينة

يبلغ طول سور مدينة تارودانت 7,5 كلم. وقد بني على شاكلة الأسوار المغربية الأندلسية الوسيطية. فهو عبارة عن جدار من الطابية يدعمه 130 برجا مستطيلا و9 حصون تتخلل السور خمسة أبواب أصلية هي باب القصبة وباب الزركان وباب تارغونت وباب أولاد بونونة وباب الخميس. كما تتخل السور أبواب أخرى جديدة تم فتحها لتسهيل حركة المرور وهي باب أكفاي، باب تافلاكت، باب البلاليع، باب السلسلة، باب الحجر، باب بنيارة. وكحماية لهذا الثراث المعماري التاريخي فقد تم إعادة الاعتبار لسور المدينة وذلك من خلال عدة ترميمات للسور. إن التفكير في تسوير مدينة تارودانت قديم جدا، حيث أنه يعود إلى عهد المرابطين، فقد وردت في ترجمة أبي محمد صالح بن واندالوس (سيدي وسيدي) المتوفى عام 592 هجرية إشارة إلى وجود “سورة” تحيط بالمدينة يرجع أنها كانت في سياسة التطويق العسكري التي نهجها المرابطون مع قبائل الأطلس الكبير والصغير، إلا أن المؤكد تاريخيا هو أن الأسوار الحالية تعود إلى صدر القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي (10هـ 16م) حيث اتخذت تارودانت منطلقا للدولة السعدية ولجيوشها المجاهدة ضد محتلي السواحل المغربية من إسبان وبرتغال. فقد قام السلطان محمد الشيخ السعدي بتجديد المدينة وتوسيع عمرانها وأحاطها بالسور القائم حاليا سنة 935هـ والذي يتخذ شكل مخمس يبلغ طوله (7.250م) تقريبا وعرضه بين (1.50م) وأربعة أمتار، خاصة عند الأبراج في حين يبلغ ارتفاعه (10) عشرة أمتار في بعض الجهات، تتخلله شرفات وأبراج مربعة بارزة على هيئة قلاع صغيرة مقدمة بينما تمتد القصبة السلطانية على مساحة تقدر ب : (50.000م2) وتوجد بالمنطقة الشمالية الشرقية للمدينة، وقد أدى انعدام الحجارة بالمنطقة إلى استعمال كمية كبيرة من الجير وخلطه بالتراب المدكوك المستعمل عادة في بنايات المنطقة، ونظرا لان محمد الشيخ لم يكن ليأمن من قبائل الأعراب المحيطة بالمحمدية (تارودانت حاليا)، فقد استعمل كميات كبيرة من الحصى في تدعيم أساس أسوارها، ويخبرنا التمانارتي أنه: “في سنة تسع وثلاثين وألف حاصر بغاة من العرب والبرابر مدينة تارودانت … وحضروا لها أسرابا تحت أسوارها فوجدوا قاعدة أساسه الحصى لا تنال منه الفؤوس شيئا لوثاقته فقنطوا. وقد كان هذا السور بحق مؤسسة عسكرية تبرز الدقة والقوة في التقدير والمنطق الحربي السليم. ومنذ ذلك التاريخ يعد سور المدينة الحالي معلمة تاريخية وحضارية، ومظهرا من مظاهر عظمة المغرب السعدي. وعبر عن ذلك أحد القواد الفرنسيين في وصفه للسور بكونه يشبه في لونه لون الأسد.
تتميز أبواب السور بتصميمها المتميز والذي وضع أصلا للاستجابة إلى دورين أساسيين وهما :
الدور العسكري : ويتجلى في حماية المدينة من كل هجوم مفاجئ، مراقبة زوارها مراقبة دقيقة يمكن منها تعدد الأبواب داخل بناية الباب الواحد (باب القصبة، باب الزركان، باب تارغونت، باب السلسلة… بابين لكل منها)، وبينما تشكل الرحبات (الساحات) المتواجدة بينهما مجالا لتحرك الجيش، وتفتيش الزوار الغرباء، وساحة لمواجهة بعض المهاجمين الذين قد يتمكنون من اجتياز الباب الأمامي وتعطيلهم على إغلاق الباب الخلفي … وعلى جنبات كل مدخل أمامي نجد أقواسا تحصر فراغات مرتفعة بحوالي 80 سم عن الأرض، مغطاة يستقر بها الحراس يتناولون طعامهم بل ويطبخون أحيانا وهو ما خلف غلافا سميكا من الدخان في سقفها. وقد كان يتم إغلاق هذه المنافذ خلال الليل بواسطة أبواب سميكة غلف بعضها بصفائح من الحديد حتى يتمكن من الصمود في وجه النيران …
الدور الجبائي: في فترات السلم كانت المدينة تتحول إلى قبلة للتجار الوافدين سواء من القبائل السوسية، حيث كانت عاصمة سوس ومتجمع قبائله أو من المدن وآفاق البعيدة كمراكش وفاس وبلاد السودان، وكانت هندسة الأبواب التي ترغم القوافل على المرور ببابين متواليين تمكن من ضبط مستخلص الجبايات كما كانت الرحبات تتحول إلى مستودعات لتجميع البضائع والمواد التي تدفع كضرائب عينية لتعشير التجارة الداخلة نحو المدينة.[3]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دار البارود

عبارة عن قلعة قديمة، بنيت في عهد السعديين وهي ذات طابع عسكري وسميت بهذا الاسم لوجود مكان لتخزين السلاح بها

المساجد

يوجد بالمدينة مساجد جد قديمة وعتيقة منها مسجد القصبة ومسجد سيدي وسيدي ومسجد فرق الاحباب ومسجد الخرازين

المسجد الأعظم

المسجد الأعظم أو الجامع الكبير معلمة كبيرة بالمدينة هو مغلق حالياً بسبب تعرضه لحريق كبير وهو الان في طور الترميم

المسجد الكبير، أو المسجد الأعظم، بمدينة تارودانت المغربية، الذي يبلغ من العمر 500 عام، قبل أن يأتي حريق على أغلب مرافقه.
المسجد الكبير، أو المسجد الأعظم، بمدينة تارودانت المغربية، الذي يبلغ من العمر 500 عام، قبل أن يأتي حريق على أغلب مرافقه.
المسجد الكبير، أو المسجد الأعظم، بمدينة تارودانت المغربية، الذي يبلغ من العمر 500 عام، قبل أن يأتي حريق على أغلب مرافقه.

النقل والمواصلات

الشبكة الطرقية

تمر بتارودانت الطريق الوطنية رقم 10 من الجنوب الغربي في اتجاه الشمال الشرقي، وهي في حالة جيدة لما عرفته من أشغال التهيئة والتوسعة التي شملت الطريق وأرصفتها والإنارة العمومية والتزيين بمختلف الأغراس. فيما تتميز الطرق في المدينة داخل الأسوار بطرق معبدة بالطوب الإسمنتي، أما الجزء الواقع خارج الأسوار وخاصة الحي الإداري فيتضمن طرق معبدة في حالة جيدة.

المحطة الطرقية

في غياب للنقل الجوي أو سسك حديدية تعتبر المحطة الطرقية البوابة الرئيسية لكل مسافر قادم لمدينة تارودانت، حيث تتوفر على حافلات باتجاه المدن الكبرى بالمغرب كأكاير، مراكش، الدار البيضاء والرباط، كما وتتوفر على سيارات اجرة من النوع الكبير تقوم برحلات في اتجاه المدن الصغيرة القريبة من تارودانت، وايضا المدن الكبيرة كأكادير ومراكش.

الطاكسيات

تتميز مدينة تارودانت على غرار المدن المغربية بالتسعيرة الموحدة للطاكسيات الصغيرة، حيث ان هذه الاخيرة لا تشتغل بالعداد انما تعمل حسب تسعيرة موحدة حددت في ثمن سبعة دراهم ونصف بالنهار وعشرة دراهم بالليل.

عربات الجر بالخيول

يوجد بالمدينة عربات الجر بالخيول (الكوتشيات )التي لابد للزائر من ان يقوم بجولة بها في المدينة العتيقة بتعسيرة منخفضة وثمن في المتناول.

المطار

مطار تارودانت مطار مدني بمدرج غير معبد يستعمل من طرف الطائرات الصغيرة وبه نادي خاص للقفز بالمظلات

الصحة

تتوفر مدينة تارودانت على مستشفى عمومي إقليمي واحد (مستشفى المختار السوسي)، ومستوصفين بالاضافة إلى مركز صحي واحد ومستودع للاموات، كما تتوفر أيضا على مصحات خاصة لكن الاقبال عليها يبقى ضعيفاً نظراً للظروف المعيشية لسكان تارودانت الذين يعتبر اغلبهم ذوي دخل محدود وضعيف.

السياحة

تعتبر تارودانت من المدن العريقة والمفضلة لدى السياح الباحثين عن المآثر التاريخية والراغبين في مكان هادئ بعيدا عن ضجيج المدن الكبرى، كما وان الفنادق بمدينة تارودانت توفر خدمات مميزة وبأثمنة جيدة. ويشكل السياح الفرنسيين أعلى نسبة للزائرين بالمدينة ثم يليهم الألمان والإيطاليين.

الفنادق

تتوفر على عدة فنادق غير مصنفة بأثمة رخيصة. ودور للضيافة. وكذلك فنادق مصنفة مثل فندق السعديين. تيوت.فندق هوارة القريب من المسجد الاعظم. قصر السلام 4 نجوم. والغزالة الذهبية في مدخل المدينة 5 نجوم هذا الأخير يعتبر قبلة للعديد من المشاهير والأمراء ومن أهم الفنادق فندق قصر السلام الذي هو قصر خاص بحاكم تارودانت وقتها.

الصناعة التقليدية

تعتبر الصناعة التقليدية الركيزة الاساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد المحلي بحيث تشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة وتدعم القطاع السياحة بالمدينة، وتتضمن عدة مجالات منها الدباغة والحدادة والخرازة والنجارة

الأمن

يوجد بتارودانت 4 مراكز للشرطة، بالإضافة إلى مركز خاص بالدرك الملكي.

مشاريع

مشاريع منجزة

عرفت تارودانت تطوراً ملحوظاً في المشاريع التنموية الكبرى سواء التي انتهت بها الاشغال او التي مازالت قيد الانجاز او الدراسة ومن بين المشاريع الكبرى الكلية المتعددة التخصصات، المسبح البلدي الجديد، المركب الثقافي، والثانوية التقنية كلها مشاريع تم انجازها بالحي المحمدي (لاسطاح) خارج اسوار المدينة وذلك لتشجيع الساكنة على الاستقرار والعيش خارج الاسوار وتخفيف الكثافة السكنية بداخل الاسوار. وقد عرفت أيضا المدينة داخل الاسوار تأهيلا لفضاءات السير والجولان تتجلى في ازالة الطرق القديمة والتي كانت حالتها مهترئة واستبدالها بالطوب الاسمنتي

حوادث

  • 7 ماي 2013 : احتراق المسجد الأعظم الذي يعود تاريخه إلى العصر السعدي والذي يعد من أكبر المساجد التاريخية بالمغرب، يعزى سبب الاحتراق إلى تماس كهربائي، فحاولت السلطات المحلية اخماد الحريق لكن طبيعة بناء المسجد وسقفه الخشبي حالت دون تدخل ناجع لاخماد الحريق.

مراجع

  1. ^ "POPULATION LÉGALE DES RÉGIONS, PROVINCES, PRÉFECTURES, MUNICIPALITÉS, ARRONDISSEMENTS ET COMMUNES DU ROYAUME D'APRÈS LES RÉSULTATS DU RGPH 2014" (in العربية and الفرنسية). High Commission for Planning, Morocco. 8 April 2015. Retrieved 29 September 2017.
  2. ^ {{cite web}}: Empty citation (help)
  3. ^ أسوار المدينة، الموقع الرسمي لبلدية تارودانت.

وصلات خارجية