الإفلات من دوامة الطائرة الروسية

حول المؤلف

مساهمات حديثة أخرى

اجعل هذه الصفحة أفضل بتحريرها.
Shafei
0
دوامة
"حين تتصارع الفيلة، فإن الحشائش هي من تعاني." —مثل للكيكويو.

تبدو مصر كما لو أنها تنجرف بسرعة إلى دوامة أزمة الطائرة الروسية، والتي هي مجرد جزء من موسم أعاصير الشرق الأوسط الجديد. لحسن الحظ فمازالت هناك فسحة ضيقة من الوقت للإفلات من هذه الدوامة.

لماذا تُستهدف طائرة روسية بمصر؟

لماذا استهداف طائرة روسية، بينما شواطئ شرم الشيخ تعج بالآلاف من الروس الذين يمكن استهدافها بسهولة أكبر كثيراً من تفجير طائرة؟
الحديث في الأزمة السورية، منذ بدء الغارات الروسية، أصبح يتركز حول استهداف الطائرات الروسية. لاحظ بدء الحديث من أسبوع عن ظهور صواريخ ستينجر في ليبيا واحتمال تسللها شرقاً لمصر ثم سوريا.

صراع الفيلة

حادث سقوط الطائرة الروسية بسيناء يبدو أنه جزء من صراع الفيلة، روسيا وأمريكا. وهذا لا يعني أن دولة منهما قامت بذلك، ولكن الصراع الهائل الدائر نتج عنه تشكيلات ارهابية لها أجنداتها الخاصة والتي تختلف كثيراً عن مصالح وأهداف الدولتين الكبار. وتعيث تلك التنظيمات فساداً.

الفيلة، أي الدول الكبرى، لا تكترث بالأعشاب، التي هي الدول الصغرى وأنظمتها. وبالتالي فهي لا تتآمر عليها. قد تتشارك الدول الكبرى في عدم احترام أنظمة المنطقة (كثيراً بسبب سلوكها)، ولكن ذلك لا يعني أن الدول الكبرى تتآمر ضد نظام الحكم في مصر أو العراق أو بوركينا فاسو.

حدد فسطاطك

على مصر أن تعي جيداً مقامها الضئيل بالنسبة للفيلين وفي ذات الوقت موقعها الفريد الذي تقدره الفيلة الثلاث (أمريكا وروسيا والصين). قصة الحياد الإيجابي في الخمسينيات والستينيات ولَّى عهدها. على كل دولة، اليوم، أن تحدد تماماً موقعها في الاصطفاف الدولي الساخن بين الفيلة. الصين لا تريد الاقتراب من مصر أو الشرق الأوسط حالياً. أكثر من 90% من أوراق مصر السياسية هي مع أمريكا. وروسيا، على لسان لاڤروڤ في مؤتمر صحفي بالقاهرة في خريف 2014، قالت ذلك. لذلك فكل الغثاء الإعلامي المحلي عن الاستقلالية عن أمريكا والاتجاه إلى روسيا هو لتغطية وجود أزمة كبرى في العلاقات بين واشنطن والقاهرة. واشنطن تضغط على القاهرة لإشراك الإخوان المسلمين في الحكم. والمؤسسة العسكرية ترفض.

لماذا تهتم واشنطن بالإخوان

أمريكا تحتاج أكبر وأمتن اصطفاف ممكن لحلفائها في مواجهة الصين وروسيا. والإخوان يشكلون حلف طبيعي يمكن أن ينتظم فيه كل دول العالم الإسلامي السني. ومثل هذا الاصطفاف (أو الخلافة) سيكون ركناً هاما في المعسكر الغربي ضد الصين. وقد جرّبت أمريكا وبريطانيا فكرة الوحدة العربية في الأربعينات والخمسينات، إلا أنها لم تنجح بسبب اصرار عبد الناصر على معاداة إسرائيل (ولو لفظياً). لذلك خلص الغرب إلى حقيقة مفادها أن النظم العسكرية أو الوطنية أو القومية لا تطرح بديلاً جاهزا بنفس الحجم والترابط.

المؤامرة العالمية بوجهين

حديث "المؤامرة العالمية على مصر، أو على الإسلام" هو إسفاف العاجز عن فهم الأمور.

وكما ينخرط النظام المصري في أكذوبة "المؤامرة العالمية على مصر"، ينخرط الإسلاميون في أكذوبة مشابهة هي "المؤامرة العالمية على الإسلام"، ومفادها أن أمريكا وروسيا تتآمران بينما تتظاهران بالنزاع في سوريا.

والهدف من حديث المؤامرة هو الابتعاد عن مناقشة أخطائنا التي ساهمت بشكل كبير، أو صغير، في المأزق الذي نحن فيه.

التسرع قاتل في الأزمات

مصر استشاطت غضباً من عدم إطلاع الروس ولا البريطانيين لمصر على مجريات التحقيق في حادثة الطائرة. فقررت مصر الانتقام بدعوة مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي للتحقيق في سقوط الطائرة الروسية. فاتزعجت روسيا. وبالرغم من ذلك في 11 نوفمبر أعلنت روسيا إمكانية استئناف ذهاب الأفواج السياحية الروسية إلى شرم الشيخ عن طريق مطار إيلات الإسرائيلي. فتوعد الإسلاميون بأن القصاص من روسيا قد يكون في شرم الشيخ. وأعلنت مصر في اليوم التالي، 12 نوفمبر، بإرسال آخر سبع دقائق من تسجيل الصندوق الأسود إلى جهة غربية. فقررت روسيا، في 13 نوفمبر، وقف قدوم الطائرات المصرية إلى روسيا أو تحليقها فوقها، خشية تفخيخ أي طائرة مصرية لضعف إجراءات الأمن بالمطارات المصرية. كما قررت روسيا وقف ذهاب الطائرات الروسية إلى مصر، خشية استهدافها بصواريخ أرض-جو، من قِبل الارهابيين.

الأزمة: انتزاع اعتراف روسي بشرعية بعض المقاومة

Flag of Syrian Democratic Forces.svg
جيش سوريا الجديد.jpg

الأزمة الحالية هي الغارات الروسية المكثفة على جميع فصائل المعارضة السورية. ويرى كثيرون أن في ذلك شططاً، إذ يعتبر كل المعارضين للنظام السوري هم ارهابيون. هذا التعميم هو ما قد يستدعي ضربات عنيفة ضد روسيا داخل وخارج الساحة السورية. بحلول ربيع 2015، أدركت الولايات المتحدة أن معظم المعارضة السورية المسلحة ترتبط بشكل أو آخر بتنظيمات وممارسات إرهابية. لذلك بدأت الولايات المتحدة، في ربيع 2015، تشكيل قوى معارضة مسلحة جديدة في سوريا، مثل قوات سوريا الديمقراطية وجيش سوريا الجديد. فأصبح من الصعوبة تعميم صفة الارهاب على كل المعارضة السورية المسلحة. ولعل ڤلاديمير پوتن أدرك ذلك في أعقاب سقوط الطائرة الروسية، فنشاهد المتحدث العسكري الروسي، نفسه، يقول أن عدد الغارات الروسية اليومية قد انخفض بنسبة تناهز 40%. كما أصبحت روسيا تفاخر بتعاونها مع المعارضة العلمانية السورية في تحديد مواقع الارهابيين، أمثال داعش وجبهة النصرة. هل تنجح تلك الخطوة في منع انسكاب المعارضة السورية ضد روسيا إلى خارج سوريا؟

بإمكاننا تفادي الأزمة

جندي مارينز أمريكي مزود براديو ميداني ينقل اتجاه طائرة تقترب إلى زميله الحامل لقاذف صاروخ ستنگر FIM-92 في سبتمبر 1984.
الموديل تيلار على عجل من المنظومة Buk-M2EK سام متواجد لدى الجيش المصري. فهل يتعرض للسرقة؟

ثمة إجماع دولي على توقع ضربات كبيرة يقوم بها الارهاب المتأسلم (داعش وأخواتها) في مصر أو على طائراتها. ويكون للأسلحة المضادة للطائرات دور رئيسي فيها. فهل يستطيع النظام الحاكم في مصر فرض حماية صارمة تمنع هذا الارهاب؟ وخصوصاً:

على السيسي الذهاب فوراً إلى واشنطن، ومقابلة أوباما والعمل على رأب الصدع في العلاقات الأمريكية المصرية.

الوقت لم يتأخر لمعالجة الأمور بحصافة. ولكن المزيد من الخطوات الحمقاء قد تزج بمصر في آتون أزمة الشرق الأوسط مع سوريا والعراق.

وأخيراً وليس آخراً: "لا تستمع لنصائح نتنياهو."

الهامش

<comments />