نمسيوس

نِمـِسيوس (نحو 390 م) فيلسوف مسيحي ومؤلف العمل الهام De Natura Hominis ("عن الطبيعة البشرية"). وحسب عنوان كتابه، فقد كان أسقف حمص، سوريا. وكان كتابه محاولة لجمع نظام لعلم الإنسان من وجهة نظر الفلسفة المسيحية.

كما كان نمسيوس منظراً فسيولوجياً. وقد بنى الكثير من كتاباته على أعمال سابقة لكل من أرسطو وگالن، وقد خـُمـِّن أنه توقع اكتشاف وليام هارڤي للدورة الدموية.[1] آراؤه الأخرى تضمنت تراتب من خمسة نظريات للDivine Providence. تلك النظريات تطورات من نظرية أفلاطونية سابقة.

كان نِميسيوس Nemesios أسقف مدينة حمص (إمـِسا ـ Emesa) في مطلع القرن الخامس الميلادي (نحو عام 400م) ومن أشهر الشخصيات العلمية والفكرية والأدبية الذين أنجبتهم المدينة في العصور القديمة.

لا يُعرف كثير عن وقائع حياته ويعتقد أنه هو نفسه كان والي كبادوكيا Cappadocia في الأناضول، الذي وجه إليه الأب غريغوريوس النازيانزي Gregory of Nazianzus - أحد كبار علماء اللاهوت آنذاك - في عام 385م أربع رسائل وقصيدة شعرية يدعوه فيها إلى اعتناق الديانة المسيحية. ولابد أن نميسيوس كان سليل أسرة غنية من علية القوم في حمص ونال تربية ممتازة وثقافة عالية تليق بمكانته الاجتماعية. ويبدو أنه استجاب لتلك الدعوة وانصرف بعد ذلك إلى العمل الكهنوتي والعلمي الذي أسس لشهرته اللاحقة التي جمعت بين أفكار الفلسفة الأفلاطونية الجديدة (المحدثة) Neoplatonism [ر: أفلوطين ] والثقافة الإغريقية واللاهوت المسيحي. ومن المعروف أن الأفلاطونية المحدثة صارت في منتصف القرن الرابع الميلادي العقيدة الأساسية للطبقات العليا الوثنية في تصديها للديانة المسيحية، وبدأت تؤثر بصورة متزايدة في الفكر المسيحي وكانت مدينة أفاميا Apameia على العاصي أشهر مراكزها في سورية وأعظمها. كما أن حمص كانت في العصر البيزنطي مركزاً للآداب الإغريقية وظهرت فيها مجموعة من العلماء والأدباء المشهورين مثل الروائي هليودوروس Heliodoros والفيلسوف لونگينوس (لونجينوس)، مستشار زنوبيا ملكة تدمر، الذي كان يلقب بالمكتبة الحية والمتحف المتجول لسعة اطّلاعه ووفرة معارفه، ومن رجال الدين المسيحي الأسقف يوسبيوس Eusebios الحمصي الذي أجاد اللغة والفلسفة والآداب الإغريقية إضافة إلى تبحره في علم اللاهوت والكتاب المقدس.

عاش نميسيوس في تلك الأجواء العلمية والفلسفية وتشبع بثقافة عصره وألف كتابه «في طبيعة الإنسان» Peri physeus anthropou باللغة الإغريقية حيث دمج فيه التعاليم والمعتقدات المسيحية عن خلود الروح وحرية الإرادة الإنسانية وسيادة العناية الإلهية في هذا الكون ومسائل أخرى من اللاهوت المسيحي مع تعاليم الفلسفة الأفلاطونية الجديدة. وقد تأثر نميسيوس فيما يتعلق بعلم النفس بتعاليم أفلاطون وأرسطو وبوسيدونيوس الأفامي، كما تأثر فيما يتعلق بوظائف الأعضاء بالطبيب جالينوس وكيف ينبغي تفسير تأثيرات النفس في الجسم وأعضائه. وقد ضمَّن نميسيوس كتابه الذي يضم خمسين فصلاً أموراً فلسفية ولاهوتية وعلمية وطبية، ما يدل على عمق ثقافته وشمولها. وقد وجدت بعض فصول هذا الكتاب بعنوان «في النفس» سبيلها إلى مؤلفات الأب الكنسي غريغوريوس النيساوي Gregory of Nyssa المتأثر في لاهوته بأفكار الفلسفة الأفلاطونية الجديدة. ولقي هذا الكتاب انتشاراً واسعاً في القرون الوسطى، وتُرجم منذ وقت مبكر إلى اللغة اللاتينية بعنوان De natura hominis، كما تُرجم إلى لغات أخرى كثيرة ومنها العربية. وقد طُبع ضمن سلسلة آباء الكنيسة الإغريقية (Migne, P.G.)، ثم صدر في طبعة علمية محققة عن دار نشر تويبنر Teubner الألمانية للنصوص الكلاسيكية، كما صدرت طبعات عديدة لترجماته اللاتينية. وكان الكتاب موضوع أطروحة تقدم بها الأب متري هاجي أثناسيو إلى جامعة السوربون بباريس لنيل درجة الدكتوراه في الفلسفة عام 1985. وهذا يدل على أن نميسيوس وكتابه عن طبيعة الإنسان والأفكار الواردة فيه مازالت تحظى باهتمام كبير منذ صدوره قبل ستة عشر قرناً حتى الوقت الراهن.

عاش نميسيوس في عصر وصف بعصر آباء الكنيسة الذهبي في الشرق والغرب فكان مثالاً ساطعاً للمفكرين السوريين الذين وفقوا بين التراث الفلسفي الموروث ومتطلبات المعتقد الجديد الذي اعتنقوه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  • محمد الزين. "نِميسيوس". الموسوعة العربية.
  • Blowers, Paul, M., (1996). Gentiles of the Soul: Maximus the Confessor on the Substructure and Transformation of the Human Passions. Journal of Early Christian Studies, 4:1, 57-85.
  • Morani, M., (1989). A Teubner of Nemesius. Oxford University Press.39-40.
  • Rist, John M., (1985). Pseudo-Ammonius and the soul/Body Problem in Some Platonic Texts of Late Antiquity. American Journal of Philosophy,109. 402-415
  • Sharples, R.W., (1983). Nemesius of Emesa and some Theories of Divine Providence. Vigiliae Christianae, 37, 141-156.
  • National Council of Catholic Bishops (USA)


انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ Some references regarding this:

للاستزادة

  • الأب متري هاجي أثناسيو، موسوعة بطريركية أنطاكية التاريخية والأثرية - سورية المسيحية في الألف الأول الميلادي، المجلد الثالث: سورية الوسطى (دمشق 1997).

Nemesius, Peri Physeos Anthropou Liber, ed. C. Burkhardt, Teubner 1917, http://www.archive.org/details/nemesiiepiscopip00nemeuoft