ميگل أسين پلاثيوس

أسين پلاثيوس

ميگل أسين پلاثيوس (بالإسبانية: Miguel Asín Palacios) (١٢٨٨-١٣٦٣هـ/5 يوليو 1871، سرقسطة - 12 أغسطس 1944م، سان سباستيان) مستعرب ومستشرق وقس كاثوليكي أسباني.[1]

من مؤلفاته كتاب "علم الأخرويات الإسلامي في الكوميديا الإلهية" (1919، بالإسبانية: La Escatología musulmana en la Divina Comedia)، الذي ألقى فيه الضوء على المصادر الإسلامية للأفكار والدوال الموجودة في الكوميديا الإلهية لدانتي

كتب بلاثيوس الكثير من المؤلفات عن الإسلام في العصور الوسطى، عني بلاثيوس بمحيي الدين بن عربي عناية شديدة، فنشر عنه سلسلة دراسات منوعة.[2]

غير أن بلاسيوس لم يكن رائداً في البحث في حياة وفكر ابن عربي وحسب، بل كذلك في العمل على فيلسوف أندلسي آخر هو ابن حزم، إضافة إلى عمله على الغزالي. وكان الغزالي هواه الأول والمبكر، على أي حال، حيث نعرف أنه إنما حصل على شهادة الدكتوراه وهو في الخامسة والعشرين من عمره، بفضل أطروحته المميزة عن صاحب «إحياء علوم الدين». إذاً من الغزالي إلى ابن عربي إلى ابن حزم، عرف بلاسيوس طوال حياته كيف يسلك اتجاهاً في الفكر الروحي الإسلامي مغايراً لاتجاه غيره من الأوروبيين. وعبر هؤلاء غاص بلاسيوس في الفلسفة والتصوف وفي الثقافة الإسلامية عموماً، ودائماً عبر مقارنة مع الثقافات الغربية المزامنة لها، وكانت المقارنة تأتي، دائماً لمصلحة الثقافة الإسلامية، أو على الأقل لمصلحة البحث في تلاقح ثقافي لم يكن المسلمون فيه، بالنسبة إليه، الطرف الأضعف بأي حال من الأحوال، تشهد على هذا دراسته المهمة (والمتطرفة في رأي عبدالرحمن بدوي)، حول تأثير ابن عباد الرندي على القديس يوحنا الصليب. ومهما يكن من أمر سجالية بلاسيوس وحماسته، فإنه أسدى للثقافة الإسلامية والعربية خدمات، جعلته واحداً من المستشرقين الأوروبيين الأكثر إثارة لاهتمام الفكر العربي واحترامه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ابن عربي

ابن عربي (بالإسبانية: Abenarabi).

في مطلع عام 1919 حين نشر مستشرق إسباني في الثامنة والثلاثين من عمره كتاباً وقع على الأوساط العلمية في بلده، ثم في أوروبا، وقوع الصاعقة، على الأقل كما يخبرنا المفكر العربي عبدالرحمن بدوي، لأن المستشرق الإسباني برهن فيه بالأدلة العلمية إلى سمة على أن «الكوميديا الإلهية» كتاب الإيطالي دانتي الذي يعد من مفاخر آداب الأمم الأوروبية، إنما هو كتاب تأثر، وإلى درجة كبيرة، في نظرته إلى الحياة الآخرة، بالتصورات الإسلامية. كان كثيراً على الفكر الغربي في ذلك الحين أن يهضم مثل تلك الفكرة، هو الذي كان بعضه قد اعتاد منذ زمن طويل على التقليل من شأن النتاج الثقافي العربي والإسلامي. ومن هنا جاء بحث المستشرق الإسباني الشاب، ويدعى ميغويل آسين بلاسيوس، ليوقظ غرباً علمياً مسترخياً في إعجابه بنفسه ومحورته للدنيا من حول ذاته، على واقع أن المسلمين والعرب، ليسوا فقط موجودين ولهم حضارة ونتاج ثقافي، بل يمتلكون كذلك آداباً أثرت في الغرب.

وكانت القنبلة التالية، حين انتقل بلاسيوس من الحديث عن تأثر الكوميديا الإلهية بالفكر الإسلامي العربي، إلى الحديث عن سرقة الكاتب الإسباني تورميدا، لرسائل «إخوان الصفا»، ونسبها لنفسه، هو الذي اكتشف الرسائل في تونس التي ارتحل إليها أواخر القرن الرابع عشر واعتنق الإسلام. وبعد أن فرغ بلاسيوس من تورميدا، التفت إلى باسكال، الصرح الفلسفي الفرنسي الذي لا يشق له غبار، ليكتب عنه بحثاً بعنوان «السوابق الإسلامية لرهان باسكال». تلك «الاكتشافات» الثلاثة أسبغت على بلاسيوس شهرة واسعة ودفعت بالاستشراق الإسباني كله إلى الواجهة، في الوقت الذي حددت فيه للاستشراق مهمة جديدة، أو متجددة، إذ بعد أن كان همه وعمله اكتشاف الشرق والإسلام وثقافتهما، صار من مهماته أن يكشف الستر عن الثقافة الغربية وعلاقاتها بالثقافة الإسلامية. ولم تكن تلك مهمة يسيرة بالطبع. ولكن هل كان في وسع أحد غير الإسبان القيام بذلك؟ إن ارتباط الماضي الإسباني بالحضارة العربية كان حاسماً في هذا المجال وأضاف إضافات كبيرة إلى الإمكانيات المتاحة أمام العمل الاستشراقي. ومن هنا فإن بلاسيوس، وإن كان يعتبر اليوم واحداً من كبار المستشرقين الإسبان، فإنه في الحقيقة لم يطلع كالعشبة الشيطانية من عدم، بل كان حلقة (وإن أساسية) في سلسلة عديدة ضمت باحثين كباراً ولا تزال تنتج حتى اليوم أعلاماً في البحث الاستشراقي... ولا تزال تعد بالكثير من المفاجآت.

آسين بلاسيوس كان من ذلك النوع من المفكرين الذين يوقفون حياتهم وجهودهم على مجال يبرعون فيه وإليه يضيفون إبداعهم الشخصي، سواء أخطأ ذلك الإبداع أو أصاب، يشهد على هذا عمله الفذ، والمثير للسجال، حول ابن عربي، المتصوف الإسلامي الشهير، إذ، حتى أيامنا هذه، لا يزال الكتاب الذي وضعه بلاسيوس عن ابن عربي، واحداً من أفضل الكتب الموضوعة عن صاحب «الفتوحات المكية»، بل يمكننا أن نقول بالأحرى أن الطابع السجالي، الاستفزازي، الذي طبع هذا الكتاب، كان السبب في الاهتمام الغربي الكبير بابن عربي، حيث نعرف أن عشرات الكتب قد وضعت عنه في شتى اللغات الأوروبية.

وحسبنا أن نتنبه هنا إلى أن هذا الطابع الاستفزازي للكتاب يبدأ منذ عنوانه: «الإسلام نصرانياً، دراسات حول صوفية ابن عربي من مرسية». ومنذ مفتتح الكتاب يقول المؤلف أن العنوان نفسه من شأنه أن يثير في ذهن القارئ، غير المطلع، بعض الشكوك التي سيكون من المفيد التحسّب لها وإزالتها. وفي سبيل هذا يتساءل بلاسيوس عما إذا كان ثمة حقاً في الإسلام حياة صوفية بالمعنى الحرفي للكلمة، أي بسمات سيكولوجية تشبه- ظاهرياً على الأقل - تلك الماثلة في حياة أنماط معينة من المتصوفين النساك والزاهدين المسيحيين؟ ثم إذا كان في وسعنا الإقرار بإمكانية وجود حياة روحية خالصة في الإسلام تشبه تلك الماثلة في المسيحية، فما هي الأسباب التي يمكننا أن نعزو إليها ذلك التشابه؟ أو بكلمات أخرى: ما الذي يمكن أن يكونه الأصل التاريخي الذي في إمكانه تفسير السبب الكامن في خلفية ذلك الحضور.

بالنسبة إلى المؤلف، أمامنا هنا عبر هذه التساؤلات «مجموعة عضوية من المشكلات التي يتوجب علينا الوصول إلى حلول لها، تماماً كما يهم مؤرخ الأديان واللاهوتي، أن يصار إلى بحثها على ضوء اللاهوت والتاريخ معاً، أي عبر رصد الوقائع وتفحص المبادئ بغية التنسيق بينها إن كان مثل هذا التنسيق ممكناً. والحقيقة أن مئات الصفحات التي يتألف منها الكتاب، ليست في نهاية الأمر سوى الصورة العملية لمحاولة المؤلف الوصول إلى إجابات على مثل هذه التساؤلات. ومن الواضح أن اختيار آسين بلاسيوس لأن يكون ابن عربي هو بالتحديد من يقود خطاه ويرعى أفكاره على هذه الدرب لم يكن من قبيل الصدفة. إذ استناداً إلى كتابات ابن عربي نفسه في «الفتوح المكية» أو في غيره من مؤلفاته، وبخاصة في أشعار هذا المثقف الأندلسي المتصوف الكبير ولا سيما منها تلك القصيدة التي يتحدث فيها عن نظريته التوحيدية إلى الأديان قائلاً: «لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورة/ ٍ فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ - وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ/ وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ - أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ/ رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني». عبر دراسة هذا كله، يسهب المستشرق الإسباني في تحليله المعمّق الذي يوصله إلى ذلك الاتحاد الذي يفترض ضرورته ليس فقط بين الأديان السماوية بل حتى بينها وبين شتى ضروب الإيمان التوحيدية التي يتبعها البشر لتقودهم معاً في طرق روحية - أخلاقية هي أولاً وأخيراً الرهان الحقيقي والأصحّ للدين كفاعلية إنسانية.

ومن أجل التمكن من هذا كله، قسم بلاسيوس كتابه ثلاثة أقسام، درس في أولها حياة ابن عربي منذ ولادته وسنوات صباه وشبابه الأولى، إلى سنواته الأخيرة مروراً بالسنوات التي شهدته يتجول في أنحاء الأندلس وأفريقيا قبل أن يقوم بتجواله الكبير في المشرق العربي الإسلامي. وفي القسم الثاني يدرس المؤلف ما يسميه «نظرية ابن عربي الروحية» غائصاً في جذورها ومنهجها ومخطّطها ثم في المبادئ التأسيسية مروراً بالوسائل التي اتبعها ابن عربي للوصول إلى الكمال، الذي يعني به هيامه الموله بالخالق. أما في الصفحات الأخيرة من هذا القسم فيدرس المؤلف ما يسميه «سمات النزعة الروحية لدى ابن عربي». وأما في القسم الثالث والأخير من الكتاب، فيقدم المؤلف مختارات مترجمة من مؤلفات ابن عربي مع تحليل معمّق لبعض صفحاتها.


انظر أيضًا

المراجع

  1. ^ بلاثيوس (أسين) موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بدوي، 1992
  2. ^ {{cite web}}: Empty citation (help)


Gxermo2.svg هذه المقالة عبارة عن بذرة تحتاج للنمو والتحسين؛ فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.