معركة توشكى

(تم التحويل من معركة توسكي)
معركة توشكى
جزء من حروب الثورة المهدية
التاريخ3 أغسطس 1889
الموقع
النتيجة انتصار الجيش المصري
المتحاربون
الجيش المصري البريطاني قوات المهدية
القادة والزعماء
السردار گرانڤيل
كتشنر باشا
ويندل بك
الأمير عبد الرحمن النجومي
القوى
غير معروف 13.000 مقاتل
الضحايا والخسائر
غير معروف غير معروف

معركة توشكى، وقعت في 3 أغسطس 1889 بين قوات الجيش المصري والقوات الثورة المهدية في توشكى وانتهت بهزيمة المهديين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

تعد موقعة توشكي من الأحداث المهمة في التاريخين المصري والسوداني وكانت بداية النهاية لذلك المد الكاسح الذي فجّره واحد من أبرز الدعاة الدينيين والسياسيين في تاريخ مصروالسودان وهو محمد أحمد الدنقلي، الذي عرف بعد ذلك بالمهدي، والذي قاد ثورة قدر لها أن تحقق نجاحـا ملموسا ضد الوجود المصري في السودان لكن العمر لم يمهله لتحقيق حلمه بإحكام قبضته على كل ربوع السودان.[1]

وتولى زمام الأمور من بعده خليفته عبد الله التعايشي وهو من أسوأ الحكام الطغاة الذين شهدتهم السودان على مدى تاريخها وأكثرهم تخريفا وكان من أحلامه فتح مكة، فلما لم يستطع قام ببناء قبة فوق قبر المهدي بأم درمان، وألزم السودانيين بالحج إليها بدلا من الحـج إلى بيت الله الحرام، ثم فكر في غزو مصر حين سيّر إليها حملة بقيادة الأمير عبدالرحمن النجومي لكى يصبح خليفة على مصر والسودان ثم على كل المسلمين وكانت المواجهة بين جيش النجومي والجيش المصري في 3 أغسطس 1889.

وتقول سيرة النجومي الشهير بالأمير ود النجومي، أنه في قرية مويس ريف شندى ولاية نهرالنيل في 1854 لعائلة متدينة تنتمي لقبيلة النافعاب، وتوفى والده وهو رضيع في عامه الأول وانتقلت به والدته إلى حى الصبابي بالخرطوم ونشأ في كنف جدها الشيخ خوجلى أبوالجاز صاحب المقام المعروف باسمه في الخرطوم وهناك تعلم مبادئ الدين، وشب عبدالرحمن النجومي في بيئة متدينة وتعلم القرآن على يد الفكي هاشم.

وفي إحدي رحلاته لجنوب السودان سمع بدعوة الإمام المهدي فقابله خلال رحلة عودته في أغسطس 1881 وبايعه خليفة للرسول، وظل في رفقته وهاجر معه إلى جبل قدير بجنوب كردفان مع خمسمائة من الأنصار الآخرين وحاز النجومي إعجاب المهدي وثقته لما يتمتع به من ميزات قيادية، وعينه المهدي أميراً للأمراء وقائداً عاماً على قوات المهدية خلال حصار الخرطوم والتي سقطت على يديه ثم أرسله عبدالله التعايشي، خليفة المهدي، إلى بربر ليتولي قيادة القوة المطاردة للحملة الإنجليزية هناك.


الخروج لغزو مصر

وكان الخليفة عبد الله التعايشي حين تولي مقاليد السلطة في الدولة المهدية بالسودان بعد وفاة المهدي قد عمل على تحقيق تطلعات المهدي، فأرسل في طلب ود النجومي الذي كان يعسكر في المتمة منذ فبراير 1885 بعد مطارته لحملة الإنقاذ البريطانية التي كانت مكلفة بضمان انسحاب آمن للقوات المصرية التركية، وأوكل إليه مهمة فتح مصر واستمرت الاستعدادات لتحريك جيوش المهدية نحو الحدود مع مصر بالرغم من اشتداد المجاعة التي ضربت بالسودان عام 1889 م والمعروفة محليًا بمجاعة سنة ستة (هجرية) مما جعل الخليفة عبدالله يستعجل تشكيل الجيوش وقرر أن تتقدم أقسامها نحو الحدود بسرية واحدة إثر أخرى وطائفة بعد طائفة.

وتم اختيار عبدالرحمن النجومي قائدا للسرية الأولي (سرية المقدمة) وواصل النجومي تقدمه برفقة 13 ألف مقاتل من المهدية حتى وصل إلى منطقة معتوقة حيث عسكر فيها، حيث عسكر فيها وقام بتقسيم جيشه إلى ثلاثة أقسام وجعل عبد الحليم مساعد، وكيلاً ومعاوناً له:

  • القسم الأول ويضم مقاتلين من قبائل الجعليين والبطاحيين بقيادة إبن أخيه أحمد البشير الآمين.
  • القسم الثاني ويضم مقاتلي قبائل الدناقلة والمولدين بقيادة الأمير عثمان أزرق.
  • القسم الثالث ويشمل قبائل البقارة من حمر، وهبانية، وأولاد حميد ومسيرية، بقيادة إسماعيل عبدالمجيد المنتمي إلى أولاد حميد.

ومن جانبها إهتمت الحكومة المصرية بأمر قواتها المرابطة على الحدود الجنوبية وسارعت إلى إرسال تعزيزات تم توزيعها على الحاميات الحدودية في آبار المرات قاليب، وكركر، وأسوان، ووادي حلفا، وحرص، وأرقين. وكانت قوات أسوان تمثل الإحتياط لهذه الحاميات.

كانت قوات النجومي ترمي إلي بلوغ مورد المياه في أرقين بينما كان الجنوال البريطاني ودهاوس يتابع أخبار الحملة وسيرها أولاً بأول، فسبقها في الوصول الي أرقين بإثنتين من البواخر النيلية قوامهما 2500 فرد، اضافة إلي 130 جندي آخرين من جنود الهجانة (التي تمتطي ظهور الجمال) وثمانية مدافع وقوة الأورطة السودانية التاسعة عشرة والحادية عشرة. وتم تحصين المدينة في إنتظار الحملةالتي أعياها المسير عبر الصحراء وأنهكها العطش.

أصدر ود النجومي أوامره بأن يتم فتح الطريق لجلب الماء للجيش، وبإستخدام عبدالحليم مساعد لخور متصب بالنيل وصلت قوة النجومي إلى مورد الماء بدوابها وأخذت كفايتها من الماء وفي العودة قسمت القوة إلي ثلاث أجنحة: الميمنة والميسرة والوسط، وتمكنت من إحتلال أجزاء من أرقين. دارت معركة عنيفة لطرد قوات ود النجومي من القرية وكانت خسائرها جسيمة بلغت 90 قتيلاً و500 أسير، وجرح معظم ما تبقي منها، في حين لم تتجاوز خسائر الجيش المصري 11 قتيلاً و 60 جريحا.و انسحب النجومى الى تلال ارقين وعقد مجلس للتشاور واقترح عبد الحليم مساعد الانسحاب لكن النجومى رفض بعنف و قال لن اعود محمولا على الاعناق و اشتدت الخلافات بين الامراء مما اثر على الروح المعنوية للجيش فقد بلغت الخلافات الى حد عدم تنفيذ الاوامر فمثلا القائد عبد السلام بله رفض التحرك نحو مورد المياه بل هرب هو ومجموعة من جنوده من الجبهة و توالى هروب الجنود من جيش النجومى و ظهر للناس ان النجومى يقود جيشه نحو التهلكة.

رغم هذه الظروف كلها كان النجومي يصر على التقدم شمالاً في وقت كان فيه الجنرال جرانفيل يتابع أخبار الحملة أولاً بأول، بينما عسكر ودهاوس بجنوده على ضفاف النيل ليمنعهم من الماء وعندما علم الجنرال جرانفيل بالحالة المزرية لقوات النجومي كتب إليه واصفاً الحالة الجيدة لحملته وأمره بالإستسلام قائلاً: «إن الخليفة أرسلكم للهلاك، فإن تقدمت تجد جيش الإنجليز متعطشاً لدمائكم وإن عدت فقوات حلفا جاهزة لإبادتكم وإن بقيت مكانك متّ من العطش، فلا أمامك إلا الإستسلام»، لكن ود النجومي إستقبل هذه الرسالة بفتور شديد وكان رده نابعاً من إيمانه بمهديته وتصميمه على القتال من أجلها، فرد على جرانفيل قائلاً: «ندعوك للإسلام ولا تعتمد على قوة جيشك وعتادك فإن الله سينصر عباده المؤمنين.» وطلب منه أن يستسلم هو، وكتب للخليفة شارحاً له ما قام به فبارك له الخليفه رده.

قبيل تحرك ود النجومي من مواقعه هرب كاتبه حسن الحبشي إلي معسكر الجنرال ودهاوس ونقل إليه صورة حية عن معسكر ود النجومي وإحصائيات مفصلة عن الحملة على النحو التالي:«2821 محارب، 309 بنادق، 132 جواد،200 جمل، 4000 من النساء والأطفال، بالإضافة إلى تعزيزات بقيادة على ود سعد وكمين النور التي وصلت وتتكون من 500 مقاتل، 3000 بندقية مع عدم حملهم لأي مؤن.»

المعركة

تحرك النجومي بعد وصول التعزيزات وتنظيم قواته قاصداً توشكي وترك ورائه الكثير من المرضى والجرحى الذين تعذر عليهم مواصلة السير، ووصل إلي تلال توشكي وعسكر عند سفحها الغربي وذلك يوم 1 أغسطس 1889م وقد انخفضت اعداد قواته الى 3000 مقاتل أما من الجانب الأخر فقد إنضمت قوات ود هاوس التي كانت تتابع النجومي إلي القوات المصرية بقيادة السردار گرانڤيل وأصبحت قوة واحدة تحت قيادة جرانفيل وكانت على النحو التالي:

1- 500 من الفرسان الراكبة بقيادة اللواء كتشنر باشا.

2- 240 من الطوبجية ومعهم 8 مدافع بقيادة القائمقام ويندل بك.

3- لواء مشاة من قوة ود هاوس قوامها 1500 جندي.

4- فريق طبي يتكون من 70 فرداً.

واصل النجومي تقدمه شمالاً، لكن لواء كتشنر تصدى له فبادر النجومي بإطلاق نيران كثيفة على قوات كتشنر مما اضطره إلي الإنسحاب خلف التلال على بعد نصف ميل من جهة مجرى نهرالنيل ومن هناك بدأ في ضرب قوات النجومي. حاول النجومي تركيز هجومه على قيادة القوات المصرية الراكبة والتي كانت بقيادة جرانفيل وإجباره على التراجع والإستعانة بمدفعية الطوبجية لمواجهة هجوم النجومي. وبازدياد كثافة النيران على قواته اضطر النجومي إلى وقف الهجوم الذي لم يحقق أي اختراق في صف الجيش المصري، وغير اتجاه تقدم قواته نحو الشمال الغربي، لكن لواء كتشنر كان قد احتل مواقع ذلك الاتجاه فتصدى لقوات النجومي وتمكن من ايقاف تقدمها نحو ذلك الاتجاه وبذلك اصبحت قوات النجومي شبه محاصرة بين فكي الرحى.

مصرع النجومي

عندما أدرك النجومي خسارته اختار لمحاولته الأخيرة منطقة منبسطة الأرض صف فيها قواته ونشر حملة البنادق في الامام وخلفهم حاملي السيوف والحراب وأمر بنقل النساء والأطفال في مكان منخفض بعيداً عن النيران واستعد لمواجهة الجيش المصري.[2]

قامت القوات المصرية بشن هجوم مركز على قوات النجومي فتصدت لها قوات النجومي وقاتلت قتالاً شرسا لكنها لم تستطع الصمود وتكبدت خسائر فادحة مما اضطرت إلى التقهقر والتفرغ بعد فقدان عدد كبير من اقادتها، وبذل النجومي جهودا لإعادة تجميع قواته وتنظيمها لمواصلة القتال، فلاحظ ذلك جرانفيل ووجه نحوه قوة راجلة للقضاء عليه وسقط الأمير النجومي على الارض ليسلمّ الروح فحمله ملازميه على ظهر جمل وحاولوا الإفلات به من قوات الجيش المصري، الا إنها لحقت بهم واستولت على الجثمان وتفرقت بقية قوات النجومي بعد الهزيمة التي لحقت بها وانسحبت جنوبا لتطاردها القوات القوات البريطانية التي قضت علي جزء كبير منها وقد إستشهد في المعركة غير المتكافئة حوالي 1500 مقاتل من قوات النجومي وبهزيمة توشكي بدء العد التنازلي لدولة المهدية في السودان.

أسباب هزيمة القوات المهدية

تتلخص أسباب الهزيمة في الأتي:

  • عدم تجانس عناصر حملة عبدالرحمن النجومي مما أدي إلى ظهور خلافات القادة.
  • عدم توفر المؤن والإمدادات مما أثر على فعالية الأفراد وأدي إلي خفض روحهم المعنوية.
  • قلة وسائل النقل في بداية الحملة وإنعدامها تماماً عندما إحتدم القتال.
  • زيادة العبء الإداري بإصطحاب النساء والأطفال.
  • الإفتقار للخدمات الطبية.
  • تعنت ود النجومي وإعتداده برأيه وعدم أخذه بمشورة الأمراء.
  • تفوق الجيش المصري في القوة والتدريب.
  • عدم توفر المعلومات عن قوات الجيش المصري.
  • مركزية إتخاذ القرار من خلال الرجوع إلى أم درمان قبل إصدار الأوامر للجنود.
  • تفشي المجاعة المعروفة بمجاعة (سنة ستة) في عام 1306 هـ (1889م) والتي أثرت تأثيراً كبيراً على إقتصاد البلاد.

.

المصادر

  1. ^ "«زي النهارده».. معركة توشكى بين «النجومي» والجيش المصري 3 أغسطس 1889". جريدة المصري اليوم. 2015-08-03. Retrieved 2015-12-10.
  2. ^ معركة توشكى، المجموعة 77 مؤرخين