مرض

(تم التحويل من مرضى)

المرض أو الداء disease هو اعتلال الجسم أو العقل. وقد يكون المرض عارضًا خفيفًا مثل التهاب الحلق أو خطيرًا مثل النوبة القلبية. ويمكن للأمراض أن تصيب أي جزء في الجسم. كما يمكنها أن تؤثر على صحة الشخص العقلية والوجدانية. وهذه المقالة تتناول أساسًا أمراض الجسم. ولمزيد من المعلومات عن أمراض العقل أو الوجـــــدان.

يستخدم هذا المصطلح أحيانا للدلالة على أي تأذي فيزيائي ، إعاقة ، متلازمة syndrome ، أعراض غير مريحة ، سلوك منحرف ، تغيرات لانمطية في البنية و الوظيفة ، في سياقات أخرى قد يستلزم الأمر التمييز بين هذه الأمور كلها .

تسببت الأمراض في قتل وإعاقة أعداد من الناس تفوق الذين قتلوا في جميع الحروب مجتمعة. ففي كل عام، يموت ملايين الناس بسبب الأمراض. ويعيش ملايين غيرهم بعد إصابتهم بأمراض خطيرة، مثل السرطان أو السكتات الدماغية، ولكنهم يخرجون منها بعجز دائم. وتصاب أعداد غفيرة أخرى بأمراض عارضة خفيفة، مثل نزلات البرد وآلام الأذن، ويبرأون منها.

وتحدث أمراض عديدة بسبب كائنات حية دقيقة مثل البكتيريا أو الفيروسات، تقوم بغزو الجسم. وهذه الكائنات الدقيقة تسمى عادة جراثيم ولكن العلماء يسمونها أحياء مجهرية. وتسمى الأمراض الناتجة عن هذه الأحياء الأمراض المعُدِية.

علم الأمراض Pathology هو العلم الذي يدرس هذه الأمراض ، في حين نشير للعلم الذي يعنى بدراسة التصنيف المنظومي للأمراض المختلفة بعلم تصنيف الأمراض nosology . أما المعرفة الشاملة بالأمراض البشرية و طرق تشخيصها و علاجها فتشكل ما يدعى بالطب medicine .

العديد من هذه الحالات المرضية قد تصيب الحيوانات (أهلية كانت أو برية) ، و دراسة هذه الأمراض التي تصيب الحيوانات تشكل ما يدعى بالطب البيطري veterinary medicine .

يمكن تصنيف جميع الأمراض الأخرى أمراضًا غير معدية. والأمراض غير المعدية لها أسباب عديدة، بعضها تسببه مواد مؤذية أو مهيجة للجسم، مثل دخان السجائر أو الدخان الناتج عن حركة المرور، وبعضها الآخر يحدث بسبب عدم تناول أغذية متوازنة. ويمكن للقلق والتوتر أن يؤديا إلى أمراض الصداع وارتفاع ضغط الدم والتقرحات وغيرها. وهناك أمراض أخرى غير معدية تحدث لمجرد أن الشيخوخة تؤثر على بعض أجزاء الجسم.

وكل شخص تقريبًا قد أصيب بالمرض في وقت من الأوقات. ولكن ليس كل شخص معرضًا بنفس الدرجة للإصابة بمرض معين. فمعظم حالات النكاف والجدري الكاذب (الحماق) مثلاً، تصيب الأطفال. وهذه الأمراض تصيب الإنسان عادة مرة واحدة فقط. ونظرًا لأن معظم الناس يصابون بهذه الأمراض أثناء طفولتهم، فإنهم يكتسبون مناعة ضدها وهم بالغون. ومن ناحية أخرى، فإن البالغين يتعرضون أكثر للإصابة بالتهاب المفاصل، وأمراض القلب، وسائر الأمراض التي تتضمن انحلالاً تدريجيًا لأنسجة الجسم.

تحدث بعض الأمراض أساسًا في أجواء معينة وفي مناطق جغرافية معينة. فمرض النوم الإفريقي مثلاً، يحدث في مناطق إفريقيا الرطبة والحارة جدًا. ويُسبِّب هذا المرض نوع من الأحياء المجهرية ينتقل بوساطة حشرة تسمى ذبابة تسي تسي تعيش في تلك الأماكن. وبالمثل فإن الذين يبنون بيوتهم بالقرب من المستنقعات أكثر عرضة للإصابة بالملاريا (البرداء)، ممن يعيشون بعيدًا عن تلك الأماكن الرطبة. فبعض أنواع البعوض ينقل الملاريا وتكون المستنقعات مكانًا لتكاثر الحشرات.

تكثر بعض الأمراض الأخرى أساسا في فصول معينة، فمعظم حالات الإنفلونزا (النزلة الوافدة)، على سبيل المثال، تحدث في الشتاء. والإنفلونزا يسببها فيروس ينتقل مباشرة من شخص إلى آخر. ومن المرجح أن ازدحام الناس في الأماكن المغلقة، في الطقس البارد، يساعد على سهولة انتشار هذا الفيروس.

أزعجت الأمراض البشر على مر التاريخ. وقد فحص الباحثون في مجال الطب بقايا المومياوات المصرية، التي يرجع عمرها إلى ما يزيد عن 2,000 سنة، فوجدوا أن قدماء المصريين عانوا من العديد من الأمراض التي نعاني منها اليوم.

لكن الأمراض تتغير بمرور الزمن. ففي العديد من البلاد، حدثت تغيرات مهمة من خلال تحسين مستوى المعيشة وتقدم علوم الطب. ويعني تحسن مستوى المعيشة أن الناس أصبح لديهم مزيد من المال لشراء طعام جيد، وللحصول على مساكن نظيفة، كما أنه يتيح لهم الفرصة لكي يعتنوا بصحتهم بطريقة أفضل. أما تقدم علوم الطب، فهو يساعد على الوقاية وعلاج العديد من الأمراض التي كانت تسبب الموت سابقًا. وحتى عام 1900م، كانت الأمراض المعدية مثل شلل الأطفال (التهاب سنجابية النخاع) وحمى التيفوئيد (التيفية) من أهم أسباب الوفاة في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبريطانيا. ولكن اليوم أصبحت هذه الأمراض تسبب عددًا قليلاً من الوفيات في هذه البلاد، في حين أصبحت أمراض القلب والسرطان وسائر الأمراض غير المعدية السبب الرئيسي للوفاة. ويحاول الباحثون إيجاد الطرق الكفيلة بالتغلب على هذه الأمراض القاتلة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأمراض المعدية

الأمراض المعدية أكثر الأمراض شيوعًا حيث تستطيع أنواع عديدة من البكتيريا والفيروسات وسائر الكائنات الدقيقة أن تغزو جسم الإنسان وتسبب أمراضًا. وتسمى الكائنات الدقيقة المسببة للمرض الممرضات. تستولي الممرضات على بعض خلايا الجسم وأنسجته وتستخدمها لنموها الخاص وتكاثرها. وأثناء هذه العملية تقوم بتدمير أو إتلاف الخلايا والأنسجة، وبذلك تسبب الأمراض. ويمكن تصنيف الأمراض المعدية حسب نوع الممرض. وتعتبر البكتيريا والفيروسات أكثر الممرضات شيوعًا. ولكن الفطريات والأوليات والديدان يمكنها أيضًا أن تسبب الأمراض المعدية.


الأمراض البكتيرية

البكتيريا كائنات مجهرية أحادية الخلية، وتعتبر من أوسع الكائنات الحية انتشارًا. فحبة واحدة من التراب يمكن أن تحتوي على أكثر من 100 مليون بكتيريا.

ومعظم البكتيريا لا تسبب أمراضًا، حيث تعيش أنواع عديدة منها دون أي ضرر في فم الإنسان وفي الأمعاء وعلى الجلد. وهذه البكتيريا المتعايشة نادرًا ما تسبب أمراضًا إلا إذا تحركت نحو عضو ليس من الطبيعي أن توجد به. فالبكتيريا التي تعيش في الفم على سبيل المثال، يمكنها أن تسبب عدوى إذا دخلت إلى الأذن الداخلية، ولكن معظم الأمراض البكتيرية تسببها أحياء دقيقة لا تعيش طبيعيًا في الجسم.

وتحدث معظم الأمراض البكتيرية عندما تتكاثر البكتيريا بسرعة في الأنسجة الحية فتؤدي إلى إتلافها أو قتلها. فالبثور والجمرات تنتج عن تكاثر البكتيريا في الجلد، والالتهاب الرئوي البكتيري يحدث عندما تغزو البكتيريا الرئتين وتتكاثر فيهما. والعديد من الأمراض الأخرى الخطيرة، مثل السيلان والدرن (السل) تنتج عن تكاثر البكتيريا.

وتسبب أنواع أخرى من البكتيريا المرض من خلال إفراز الذيفانات (السموم). فمثلا، مرض الكزار الذي يسمى أيضا كزاز الفك، يبدأ عندما تدخل البكتيريا التي تعيش طبيعيا في الأرض إلى الجسم من خلال جرح. وتفرز هذه البكتيريا سمًا يؤثر على العضلات والأعصاب بعيدًا عن الجرح. ويحدث التسمم الغذائي بسبب تناول أطعمة تحتوي على بعض السموم البكتيرية. ومرض التسمم الوشيقي ـ وهو أحد أنواع التسمم الغذائي ـ يشتمل على واحد من أكثر السموم المعروفة فتكا.

الأمراض الفيروسية

الفيروسات أصغر من البكتيريا. وهي تبلغ حدًا من الصغر حتى إن العلماء لايستطيعون رؤيتها إلا باستخدام المجاهر الإلكترونية القوية. ويبدو الفيروس في حد ذاته وكأنه جسيم عديم الحياة. ولكن بعد أن يغزو الفيروس إحدى الخلايا الحية، فإنه يتحول إلى كائن نشط قادر على التكاثر السريع. وأثناء تكاثر الفيروس فإنه يتلف ويدمر الخلية. وعندما تصاب عدة خلايا يحدث المرض.

تسبب الفيروسات العديد من الأمراض الشائعة، مثل الجدري الكاذب والحصبة الألمانية والحصبة والنكاف. والفيروسات مسؤولة أيضا عن مرض الإنفلونزا ونزلات البرد. وفي الواقع فإن العلماء قد تعرفوا على أكثر من 100 نوع مختلف من الفيروسات التي تسبب نزلات البرد. ومعظم حالات الإسهال والقيء تحدث بسبب عدوى فيروسية. وتسبب الفيروسات أيضا العديد من الأمراض الخطيرة مثل الالتهاب الكبدي وشلل الأطفال وداء الكلب، والإيدز (متلازمة عوز المناعة المكتسب). انظر: الفيروس.

أمراض مُعْدية أخرى

توجد أمراض معدية أخرى ناتجة عن الفطريات أو الأوليات أو الديدان التي تعيش داخل جسم الإنسان أو خارجه. وهذه الممرضات تحصل على غذائها عن طريق تكسير أنسجة الجسم، أو امتصاص المواد المهضومة من الأمعاء. وهي تسبب أمراضًا تتراوح بين العدوى البسيطة للجلد والعلل الداخلية المهددة للحياة. وتشبه الفطريات النباتات الخضراء، ولكنها لا تستطيع أن تصنع غذاءها. ومن الفطريات المعروفة جيدًا فطر العفن وعيش الغراب. وتعيش أنواع قليلة من الفطريات على جلد الإنسان مسببة سعفة القدم والقوباء الحلقية وغيرها من أنواع العدوى. ويمكن أيضًا للفطريات المسببة للمرض أن تسبب التهابات دماغية وأحد أمراض الرئة واسمه داء النوسجات.

والأوليات حيوانات أحادية الخلية، وتوجد الأوليات المسببة للأمراض أساسًا في المناطق المدارية. والأوليات تسبب أمراضًا مثل الزحار الأميبي، وهو نوع من أنواع العدوى المعوية، والملاريا، ومرض النوم الإفريقي.

تسبب أنواع معينة من الديدان المسطحة والأسطوانية أمراضًا للإنسان. وتشمل الديدان المسطحة المسببة للأمراض الديدان المثقوبة التي قد تغزو الدم أو الأمعاء أو الكبد أو الرئتين، والديدان الشريطية المسطحة التي تعيش في الأمعاء. أما الديدان الأسطوانية المسببة للأمراض فتشمل الديدان الخطافية والأنكلستوما التي تعيش في الأمعاء، والديدان الشعرية التي تصيب العضلات، وديدان الفيلاريا التي تغزو السوائل تحت الجلد. وتسبب العدوى بالديدان العديد من الأمراض المدارية الخطيرة مثل داء الفيل، والعمى النهري، والبلهارسيا.

انتشار الأمراض المعدية. معظم الأمراض المعدية أمراض سارية؛ أى تنتقل من شخص إلى آخر. وفي بعض الأحيان، يكتسب أحد الأمراض المعدية قدرة عالية على العدوى والانتشار في المجتمع. وتسمى هذه الحالة وباء. وعندما يحدث الوباء في عدة أماكن من العالم في آن واحد، فإنه يسمى جائحة. وقد حدثت جائحة في شتاء (1918-1919م) عندما انتشرت الإنفلونزا في العالم وقتلت حوالي 20 مليون نسمة. وبعض الأمراض المعدية توجد دائمًا في منطقة جغرافية معينة، ويقال عن هذه الأمراض أنها متوطنة. فالملاريا مثلاً، متوطنة في أجزاء كثيرة من إفريقيا.

انتشار الأمراض المعدية

وتنتشر الأمراض المعدية بثلاث طرق رئيسية، هي: 1-الإنسان 2- الحيوان 3- المصادر غير الحية. عن طريق الإنسان. تنتشر العديد من الأمراض المعدية الشائعة عن طريق الاتصال بشخص مصاب. وهذا الاتصال يحدث عادة من خلال السعال أو العطس، اللذين ينشران رذاذًا دقيقًا قد يكون محتويًا على الممرضات. فإذا استنشق المحيطون هذا الرذاذ تنتقل الممرضات من الشخص المصاب إلى الشخص السليم. والأمراض التي تنتشر أساسًا عن طريق السعال والعطس تشمل نزلات البرد والإنفلونزا والحصبة والنكاف والالتهاب الرئوي والدرن والسعال الديكي.

تنتقل بعض الأمراض عندما يتلامس الشخص السليم تلامسًا مباشرًا بمنطقة مصابة في جسم شخص آخر. وبعض الأمراض الجلدية مثل البثور والقوباء تنتشر بهذه الطريقة، وأيضًا الأمراض التناسلية التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي بشخص مصاب.

وفي معظم الأمراض السارية، يكون الشخص المصاب معديًا خلال فترة محددة فقط من المرض. وتتراوح فترة الانتقال هذه بين بضعة أيام من المرض وعدة شهور أو سنوات. فمثلا فترة انتقال الحُماق هي أسبوع واحد تقريبًا، ابتداء من اليوم السابق لظهور الطفح الجلدي وحتى اليوم الذي تتحول فيه آخر قرحة إلى قشرة. ولكن فترة الانتقال بالنسبة لمرض السيلان تستمر طوال مدة وجود البكتيريا داخل جسم المصاب. يحمل بعض الناس الكائنات المعدية داخل أجسامهم دون أن تظهر عليهم أي أعراض للمرض. وتحدث العديد من حالات الديفتيريا (الخناق) والسيلان والالتهاب الرئوي والتيفوئيد (التيفية) من خلال الاتصال بمثل هؤلاء الأشخاص الحاملين للميكروب. لذلك فإن اكتشاف وعلاج حاملي الميكروب مهمان في مكافحة هذه الأمراض. عن طريق الحيوان. تنقل الحشرات بعض الأمراض الجلدية المعدية الأكثر فتكًا، فالبراغيث والبعوض وغيرها من الحشرات التي تتغذى بالدم، تنقل العديد من الأمراض الخطيرة. وهذه الكائنات الماصة للدم تنقل العدوى بطريقة معقدة. فعندما تتغذى مثل هذه الحشرة بدم إنسان أو حيوان مصاب، فإنها قد تأخذ في نفس الوقت بعضًا من الأحياء المجهرية المسببة للأمراض. وتتكاثر الممرضات داخل جسم الحشرة. وهكذا تنتشر العدوى إذا قامت الحشرة بلدغ شخص سليم وحقنت بعضًا من الممرضات في مكان اللدغة. فالبعوض ينقل الالتهاب الدماغي والملاريا والحمى الصفراء بهذه الطريقة. وبنفس الأسلوب، تنقل البراغيث الطاعون الدبلي، ويحمل القمل التيفوس. وكذلك فإن القراد، وهو حيوان يتغذى بالدم شبيه جدًا بالحشرات، ينقل تيفوس القراد ومرض لايم بالطريقة نفسها.

وينتقل عدد قليل من الأمراض المعدية بالاتصال المباشر بالثدييات والطيور المصابة. ولعل أشهر مثال على ذلك هو داء الكلَب الذي ينتقل من خلال عضة حيوان ثديي مصاب. ويصاب الناس بمرض التولاريمية أو حمى الأرانب من خلال التعامل مع الأرانب والسناجب المصابة. وبالمثل، فإن الببغائية التي تعرف أيضًا باسم حمى الببغاء، تنتقل إلى البشر من خلال الاتصال المباشر بالطيور المصابة. عن طريق مصادر غير حية. تستطيع بعض الممرضات أن تعيش لفترات طويلة على أشياء غير حية. ويمكن لهذه الأحياء المجهرية أن تنتقل عن طريق الثياب والملاءات والأدوات المنزلية وسائر الأشياء التي يستخدمها المصاب. وتنتشر بعض الإصابات البكتيرية أحيانًا بين مرضى المستشفيات عن طريق الأشياء الملوثة. وتنتقل بعض الأمراض المعدية عن طريق مياه الشرب. فمرض الإسهال، على سبيل المثال، قد ينتشر انتشارًا واسعًا إذا تلوثت مياه الشرب العمومية بمياه الصرف غير المعالجة. وفي المناطق ذات المستوى الصحي المنخفض، يمكن أن تحمل مياه الشرب غير النقيــة الممرضات المسببة للكوليرا وحمى التيفوئيد.

وبالمثل فإن الأغذية الملوثة أيضا تنقل الأمراض المعدية. وكما سبق الذكر، يمكن للأغذية الملوثة بالسموم أن تؤدي إلى التسمم الغذائي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن لحم الخنزير قد يحتوي على ديدان تسبب داء الشعرينات، ولبن البقر غير المغلي قد يحتوي على البكتيريا المسببة للدرن البقري والحمى المتموجة في الإنسان. وبفضل البسترة، وهي عملية قتل البكتيريا الموجودة في اللبن، أصبح هذان المرضان غير شائعين في معظم الدول الصناعية.

الأمراض غير المعدية

المرض غيرالمعدي مصطلح واسع يجمع جميع الأمراض التي لا تسببها الممرضات، ويشتمل على الأمراض الناتجة عن تكسر الأنسجة والأعضاء والعيوب الخلقية والنقص الغذائي والمخاطر البيئية والمهنية والضغوط والتوتر.

مراض التنكّس المزمنة

أمراض طويلة المدى، تتضمن تكسرًا تدريجيًا للأنسجة والأعضاء. وهذه الأمراض تصيب البالغـين أكثر مما تصيب الأطفـال، ويشيـع منهـا: 1- أمراض القلب والأوعية الدموية 2- السرطان 3- التهاب المفاصل.

أمراض القلب والأوعية الدموية

تصيب القلب والأوعية الدموية. وتعتبر هذه الأمراض التي تشمل تصلب الشرايين وضغط الدم المرتفع والنوبات القلبية والسكتات الدماغية من أهم أسباب الوفاة في العالم. وتصلب الشرايين مرض خاص بالشرايين، ويحدث عندما تتراكم رواسب دهنية على الجدار الداخلي للشرايين، فتجعل الأوعية أكثر صلابة وضيقًا. وهذه الحالة تعوق سريان الدم عبر الشرايين، ويمكن أن تؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية. وضغط الدم المرتفع مرض آخر يساهم في حدوث السكتات الدماغية والنوبات القلبية. وكثيرًا ما يطلق الأطباء اسم القاتل الصامت على ضغط الدم المرتفع؛ لأنه قليلاً ما يسبب أعراضًا إلا بعد أن يُحدث تلفًا واسعًا في القلب والأوعية الدموية. ومعظم حالات ضغط الدم المرتفع تنتج عن أسباب غير معروفة. وتحدث النوبات القلبية عندما لا يستقبل القلب كمية كافية من الدم الغني بالأكسجين. ويسبب نقص الأكسجين موت جزء من القلب، وإذا مات جزء كبير من القلب، فقد يموت المريض حالا أو بعد أسابيع قليلة. وبعض النوبات القلبية التي تصيب أجزاء صغيرة من القلب قد لا تكون مميتة ولكنها تحرم المصاب من ممارسة نشاطاته لشهور أو سنوات. وتحدث السكتة الدماغية عندما لا يحصل جزء من الدماغ على حاجته من الدم، حيث يحرم الجزء المصاب من الدماغ من الأكسجين والمواد الغذائية، فيتلف تلفًا مستديمًا. ويمكن للسكتة الدماغية أن تكون قاتلة إذا كانت جسيمة.

السكتات الدماغية

فإنها قد تترك ضحيتها مصابًا بعاهات متنوعة على حسب الجزء المصاب من الدماغ. ومن المشاكل الشائعة حدوث الشلل أو فقدان القدرة على الكلام. وفي بعض المرضى، تستعيد الأجزاء غير المصابة من الدماغ بعض الوظائف المفقودة بعد فترة. ولكن كثيرين من ضحايا السكتة الدماغية يظلون بعاهات مستديمة.

السرطان

يحدث عندما تتكاثر خلايا معينة من الجسم بدون ضابط. ويمكن أن يصيب أي نوع من الخلايا. وبعد فترة تُدمر الخلايا السرطانية الخلايا الطبيعية المحيطة بها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النمو السرطاني قد ينتشر إلى خلايا بعيدة في أماكن أخرى من الجسم. ومعظم أنواع السرطان قاتلة إذا تُركت دون علاج. ولا يعرف العلماء على وجه التحديد كيف تتحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية. ولكن اكتشف الباحثون أن حالات عديدة من السرطان تحدث بعد تعرض الشخص لفترات متكررة أو ممتدة لشتى المواد الكيميائية أو الإشعاع.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التهاب المفاصل

تسمية عامة للأمراض التي تصيب المفاصل. وأشكال التهاب المفاصل الأكثر شيوعًا هي التهاب المفاصل الرثياني والفصال العظمي. ويسبب التهاب المفاصل الرثياني ألمًا وتورمًا في العديد من مفاصل الجسم، وقد يؤدي إلى حدوث تشوهات وعجز. ويصيب التهاب المفاصل الرثياني الناس من جميع الأعمار، ولكنه أكثر شيوعًا بين البالغين متوسطي العمر. وسبب المرض غير معروف. أما الفصال العظمى فهو أساسًا مرض يصيب كبار السن، وينتج عن أثري البلى والتمزق في المفاصل، خاصة مفاصل الركبتين والفخذين والأصابع. ونادرًا ما يسبب عجزًا، ولكن الألم يُرغم العديد من ضحاياه على الحد من أنشطتهم.

الأمراض الهورمونية

تحدث إذا فشلت الغدد الصماء في أداء وظيفتها بطريقة سليمة. فهذه الغدد تنتج الهورمونات، وهي مواد كيميائية فعالة تقوم بتنظيم وظائف الجسم.

وقد يكون أشهر مرض هورموني معروف هو داء السكري، ويحدث عندما يفشل البنكرياس في أداء وظيفته بطريقة سليمة. فالبنكرياس ينتج الأنسولين، وهو هورمون يجعل الجسم قادرًا على استخدام السكر، وهو أحد النواتج الأساسية لعملية الهضم. فإذا لم تتمكن الخلايا من استخدام السكر، يبدأ الجسم في تكسير أنسجته الذاتية للحصول على الغذاء. والداء السكري يؤدي إلى الوفاة إذا تُرك دون علاج.

ويحدث مرض إديسون عندما تعجز الغدد الكظرية عن إنتاج القدر الكافي من الهورمونات. ويؤدي هذا المرض إلى نقص الوزن والضعف، وفي النهاية إلى الوفاة. والغدة الدرقية، غدة صماء أخرى، تفرز هورمونات تؤثر على معدل استخدام الجسم للغذاء ومعدل بنائه للأنسجة الجديدة. فإذا لم تفرز هذه الغدة القدر الكافي من الهورمونات أثناء الطفولة، تحدث حالة اسمها الفدامة، التي تؤدي إلى ضعف النمو الجسماني وإلى التخلف العقلي. ويمكن أن تحدث عدة اضطرابات، من بينها مرض العملقة ومرض القزامة، إذا فشلت الغدة النخامية والوطاء (تحت المهاد) في أداء وظيفتيهما بطريقة سليمة. وهذه الأعضاء الصماء تفرز العديد من الهورمونات.

الأمراض الخلقية

هي أمراض تنشأ منذ الولادة، حيث يولد أطفال كثيرون وبهم أمراض خطيرة. وفي بعض الحالات، يحدث المرض بسبب عدوى أصابت الأم أثناء الحمل. فإذا أصيبت الأم بالحصبة الألمانية مثلاً، فقد يولد الطفل وبه تشوهات في القلب أو تخلف عقلي أو أمراض أخرى. وقد يحدث غير ذلك من المشاكل الخلقية إذا تعرضت الأم للإشعاع، أو تناولت أنواعًا معينة من الأدوية، أو غيرها من المواد الكيميائية أثناء الحمل.

وتتضمن العديد من الأمراض الخلقية الخطيرة عيوبًا متوارثة من أحد الوالدين أو كليهما. وتشمل هذه الأمراض الوراثيةمرض الناعورية (نزف الدم) وأنيميا الخلية المنجلية الذي يصيب الدم، ومرض الجالاكتوزمية والبيلة الفنيلية الكيتونية، وهي اضطرابات لا يستطيع فيها الجسم أن يستخدم أغذية معينة بطريقة سليمة. وتظهر معظم الأمراض الخلقية عند الولادة أو أثناء الطفولة المبكرة. ويعتبر مرض هنتنجتون، الذي يصيب الجهاز العصبي، مثالاً للمرض الوراثي الذي لا يسبب أعراضًا إلا في وقت لاحق من العمر.

وتنتشر أمراض معينة أخرى، مثل ضغط الدم المرتفع وداء السكري، غالبًا في عائلات معينة. فالأشخاص الذين يعاني فيها الوالدان من هذه الأمراض أكثر عرضة للإصابة بها من الأشخاص الذين لا توجد هذه الأمراض عند والديهم.

الأمراض البيئية والمهنية

يمكن للعديد من العوامل البيئية أن تسبب أمراضًا خطيرة. فالهواء، الملوث من المصانع ومن وسائل الانتقال، يمكن أن يهيج العينين والأنف، ويمكنه أيضًا أن يساعد على حدوث تمدد حويصلات الرئة والانتفاخ الرئوي والالتهاب الشعبي وغيرها من أمراض الرئة. ويمكن أن تلوث العديد من مجاري المياه. وشرب هذه المياه الملوثة يؤدي إلى أمراض خطيرة. والتعرض المستمر للأصوات العالية، سواء كانت صادرة من الآلات أو من وسائل المواصلات أو الطائرات، قد يؤدي أيضا إلى الصمم. وهذا التلوث الضوضائي يمكن أن يؤدي أيضًا إلى التوتر الذي يساعد على حدوث الأمراض النفسية البدنية، والتي سيتم مناقشتها لاحقًا في هذه المقالة. وبالإضافة إلى مواد التلوث، فإن بعض المواد الكيميائية المستخدمة في المنتجات الحديثة لها ارتباط بالأمراض. فعلى سبيل المثال، اكتشف العلماء أن بعض المنكهات والصبغات التي كانت تستخدم سابقًا في الأطعمة المعبأة، يمكن أن تؤدي إلى شتى أنواع السرطان.

وقد يكون التعرض لبعض العوامل البيئية الضارة ناتجًا عن عادات الشخص نفسه. فالأشخاص الذين يدخنون بشراهة يعرضون أنفسهم لمواد لها صلة بحدوث سرطان الرئة والانتفاخ الرئوي وأمراض القلب. وبالمثل فإن تناول الكحول يمكن أن يؤدي إلى تلف شديد في الكبد والدماغ، والإفراط في استخدام العقاقير الأخرى، مثل المهدئات والمنشطات والمنومات، يسبب أيضًا العديد من الأمراض العضوية والنفسية الخطيرة.

وبعض المهن تعرض العاملين لعوامل بيئية ضارة. فعمال مناجم الفحم الحجري والعاملون في صناعات الأسبستوس والحديد والنسيج قد يستنشقون غبارًا يمكن أن يؤدي إلى أمراض الرئة. والعاملون في الصناعات الكيميائية يتعرضون لمواد سامة، وكذلك يتعامل الفلاحون بصفة متكررة مع المواد الكيميائية المبيدة للأعشاب والحشرات. وهذه المواد الكيميائية يمكن أن تسبب أمراضًا خطيرة إذا تم استنشاقها أو ابتلاعها، أو حتى إذا وقعت على الجلد. ويمثل الإشعاع تهديدًا لفنيي الأشعة، وللناس الذين يعملون في مجال المواد النووية. فالتعرض للإشعاع يزيد من إمكانية حدوث السرطان وقد يتلف المادة الوراثية في الخلايا.

أمراض التغذية

تحدث بسبب الغذاء غير المناسب. ففي العديد من البلاد النامية، يرغم الفقر الناس على الاعتماد على غذاء غير مناسب. وتكثر بين هؤلاء الناس أمراض نقص التغذية والقصور الغذائي. وينشأ نقص التغذية عن النقص العمومي في الغذاء. ويتميز بتأخر النمو ونقص الطاقة وضعف المقاومة للأمراض المعدية. أما أمراض القصور الغذائي فتنشأ عندما يفتقر الغذاء إلى عنصر واحد أو أكثر من العناصر الغذائية الأساسية. فنقص البروتين يؤدي إلى مرض الكواشيوركر، وهو مرض خطير يصيب الأطفال عادة، وقد يؤدي إلى الوفاة. ويسبب نقص الفيتامينات أمراضًا مثل البري بري والبلاغرا والكساح والإسقربوط. وينتج مرض فقر الدم والدراق ( تضخم الغدة الدرقية ) عن نقص المعادن.

ويمكن أن تؤدي العادات السيئة في التغذية إلى حدوث أمراض نقص غذائي في البلاد المتقدمة أيضًا. ولكن في البلاد المتقدمة، تحدث معظم مشاكل التغذية بسبب الإفراط في الطعام. فالبدانة (السمنة الزائدة) تحدث عندما يأكل الشخص كمية من الطعام أكثر من التي يحرقها الجسم. وتساعد البدانة على حدوث العديد من الأمراض، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري. انظر: التحكم في الوزن.

أمراض المناعة

تحدث عندما يفشل الجهاز المناعي في أداء وظيفته بطريقة سليمة. ويعتبر الجهاز المناعي أحد الوسائل الدفاعية الأساسية للجسم ضد المرض. فهو يتعرف على الممرضات والخلايا السرطانية وغيرها من المواد الغريبة، ويهاجمها. ولمزيد من المعلومات عن وظيفة الجهاز المناعي في الجسم،

وتعتبر أمراض الحساسية مثل الربو وحمى القش والشَّري أكثر أنواع أمراض المناعة شيوعًا. وتحدث الحساسية عندما يصبح الجهاز المناعي حساسًا بدرجة غير عادية لإحدى المواد الغريبة. وتحدث عند أناس كثيرين حساسية ضد غبار الطلع أو غبار المنازل أو شعر الحيوانات أو الأغذية المختلفة. وعندما يتعرض المصاب بالحساسية لهذه المواد، فإن الجهاز المناعي يحدث به رد فعل. وتتراوح ردود أفعال الحساسية بين حدوث رشح في الأنف وتهيج في العينين عند ضحايا حمى القش، وبين حدوث ردود أفعال قاتلة عند الأشخاص الذين لهم حساسية ضد البنسلين وغيره من الأدوية.

وتتضمن بعض الأمراض الخطيرة ردود أفعال منيعة الذات. ويحدث رد فعل منيع الذات عندما يهاجم جهاز المناعة أنسجة الشخص نفسه. ففي أحد أمراض المناعة، الذي يسمى مرض الذأب الحمامي المجموعي، يهاجم جهاز المناعة الجلد والمفاصل، وفي الحالات الخطيرة يهاجم الكليتين والجهاز العصبي. ويعتقد بعض الأطباء أن التهاب المفاصل الرثياني والتصلب المتعدد، وهو من أمراض الجهاز العصبي، يتضمنان أيضًا ردود فعل منيعة الذات. ويولد بعض الأطفال بقصور في الجهاز المناعي. ويعاني هؤلاء من العدوى المتكررة والخطيرة، وقد لا يعيشون أكثر من بضع سنوات إذا لم يتلقوا أدوية معينة أو علاجًا جراحيًا أو زرعًا لنقي العظم.

الأمراض النفسية البدنية

اضطرابات عضوية تحدث بسبب الضغط النفسي والتوتر. وتعتبر ضغوط العمل أو الدراسة والأعباء الاقتصادية والمشاكل العاطفية من بين الحالات العديدة التي يمكن أن تسبب التوتر. وبعض الناس يتعاملون مع الضغوط بالتحدث عن مشاكلهم مع الآخرين. وبعضهم الآخر يعرف كيف يُخفِّف الضغوط عن طريق الاسترخاء أو حتى بالبكاء، ولكن بعض الناس يحتفظون بالضغوط مكتومة بداخلهم، وهذا الكبت يمكن أن يؤدي في النهاية إلى أمراض عضوية. وتشمل الأمراض النفسية البدنية الشائعة صداع التوتر وآلام الصدر والذراعين والساقين واضطرابات المعدة والقروح. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الضغوط المكبوتة تضعف مقاومة الجسم للعدوى وللأمراض الأخرى.

أنـواع رئيســية من الوســائل الدفاعيـة

1- الحواجز ضد الممرضات 2- ردود الفعل العـامة ضـد العدوى 3- ردود أفعال الجهاز المناعي.

الحواجز

يعد الجلد السليم حاجزًا فعّالاً للغاية ضد الممرضات، ولذلك، فإن عددًا قليلا من الممرضات يستطيع اختراق الأغشية المبطنة للفم والأنف، إذ إن هذه الأغشية مغطاة بالمخاط، وهو سائل لزج يقتنص العديد من الممرضات، وبعد ذلك يلفظ الجسم الأحياء المجهرية من خلال العطس أو السعال. وتبطن الأغشية المخاطية أيضًا القنوات التي تؤدي إلى الرئتين. وتقوم أهداب دقيقة شبيهة بالشعيرات بدفع المخاط من الرئتين والقصبة الهوائية في اتجاه الفم، حيث يمكن بلع المخاط والجراثيم العالقة به دون أي ضرر.

والجسم لديه أيضًا حواجز كيميائية ضد العدوى. فالدموع، على سبيل المثال، لا تقوم فقط بغسل المواد الغريبة من العينين، ولكنها أيضًا تحتوي على مواد كيميائية تقاوم العديد من الممرضات الشائعة. وتفرز الأغشية المخاطية أيضا مواد كيميائية دفاعية. وفي المعدة، تقوم العصارات الهاضمة، وهي غنية بالحمض، بقتل العديد من الممرضات التي يتم ابتلاعها مع الطعام أو المخاط.

وأخيرًا، فإن البكتيريا التي تعيش طبيعيًا على الجلد وفي الفم والأمعاء دون أن تسبب أي ضرر، تمثل حاجزًا دفاعيًا ضد العدوى. وتنافس هذه البكتيريا المقيمة في الواقع العديد من الأحياء المجهرية الممرضة التي لولاها لكانت قد كونت مستعمرات على سطح الجسم أو في داخله. وتقوم البكتيريا المقيمة أيضا بتصنيع مواد تقتل أو تتلف أنواعًا معينة من الممرضات.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ردود الفعل الدفاعية العامة

على الرغم من وجود حواجز الجسم ضد الممرضات فإن بعضها ينجح في غزو الجسم. وعندما تدخل مادة غريبة إلى الجسم، تحدث ردود أفعال عامة معينة. أولا، تبدأ الأوعية الدموية الدقيقة في مكان العدوى برشح سوائل وخلايا. وتحتوي السوائل على مواد كيميائية متنوعة قاتلة للجراثيم. أما الخلايا فإن معظمها كريات دم بيضاء تســـمى العدلات. ويمكن للعدلات أن تحيط بالبكتيريا المقتحمة وتهضمها، وتسمى هذه العملية البلعمة.

وإذا كان الممرض المقتحم للجسم فيروسًا، فإن الجسم يحاول أن يقاوم الفيروس بصنع مادة كيميائية تسمى الإنترفرون. والإنترفرون تفرزه الخلايا التي أصيبت بالعدوى من الفيروس، ثم يدخل في تيار الدم ويسري إلى الخلايا الأخرى ليمنع الفيروسات من إصابة هذه الخلايا.

والحمى رد فعل آخر يصاحب العديد من الأمراض المعدية، ولكن وظيفتها غير واضحة. ويعتقد بعض الباحثين أن الحمى تقتل أو تضعف الممرضات التي لا تستطيع أن تعيش أو تتكاثر في درجات الحرارة العالية الزائدة عن درجة حرارة الجسم الطبيعية.

ردود الفعل المناعية

من أقوى الوسائل الدفاعية للجسم ضد الأمراض. وعلى عكس الوسائل الدفاعية العامة، فإن جهاز المناعة ينتج مواد مصممة خصيصًا لمحاربة مواد غازية معينة.

وتقوم إحدى فئات كريات الدم البيضاء واسمها الخلايا الليمفاوية بدور رئيسي في الاستجابة المناعية، أي في ردود الفعل المناعية. وهناك نوعان من الخلايا الليمفاوية: الخلايا البائية والخلايا التائية. وتستطيع الخلايا من كلا النوعين أن تتعرف على الممرضات والسموم وغيرها من المواد الغريبة وتقوم بمهاجمتها. وتتفاعل الخلايا البائية إزاء هذه المواد الغازية، بإفراز بروتينات في الدم تسمى الأجسام المضادة. وتهاجم الأجسام المضادة المادة الغازية وتدمرها، أو تبطل ضررها. فمثلاً، قد تجعل الأجسام المضادة البكتيريا تتكتَّل معًا، وبعد ذلك تبتلعها خلايا آكلة كبيرة لديها القدرة على الابتلاع تسمى البلاعم.

وتقوم الخلايا التائية بالحماية من الفيروسات وسائر مسببات الأمراض التي تنمو داخل خلايا الجسم. تهاجم الخلايا التائية الخلايا المصابة وتقضي على الأجسام الدخيلة. والخلايا التائية مسؤولة أيضًا عن التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها. وفي معظم ردود الفعل المناعية، تعمل الخلايا البائية والخلايا التائية والبلاعم بالتضامن معًا للتغلب على الجسم الدخيل.

ومن الخصائص المهمة للجهاز المناعي أنه يستطيع أن يتذكر الممرضات بعد الالتقاء بها. وهذه الخاصية تجعل الجسم قادرًا على تكوين حماية طويلة الأجل تسمى المناعة تجاه العديد من الأمراض المعدية. فبعد أن يصاب الشخص بالحصبة، على سبيل المثال، يظل جهاز المناعة متذكرًا لفيروس الحصبة. وإذا دخل الفيروس مرة ثانية إلى الجسم، تهاجمه في الحال خلايا الجهاز المناعي المصممة خصيصًا لمقاومته. وهكذا يتم تدمير الفيروس الغازي قبل أن يتمكن من إحداث المرض. ولهذا السبب فإن الإنسان يصاب عادة بالحصبة مرة واحدة فقط.

المعـركة ضد المرض

من المرجح أن المعركة ضد الأمراض قديمة قدم الإنسانية ذاتها. وللاطلاع على التاريخ التفصيلي لهذه المعركة ابتداء من عصور ما قبل التاريخ وحتى عصر الطب الحديث،وتتضمن المعركة ضد الأمراض ثلاثة عناصـر أســــاسية، هي: 1-التشخيص 2- العلاج 3- الوقاية.

تشخيص المرض

هو تحديد نوع الداء، ويعتبر أول خطوة نحو العلاج. فالعديد من الأمراض المختلفة تسبب أعراضًا متشابهة. لذلك يجب على الطبيب أن يحدد المرض الذي يعاني منه المريض بدقة، حتى يقرر أفضل طرق العلاج.

يقوم الطبيب أولا بمراجعة التاريخ المرضي عند المريض، ويطلب منه أن يصف أعراض المرض الحالي. كما يسأل الطبيب عن نشأة المرض، وعن صحة باقي أفراد الأسرة، وعن الأمور المشابهة التي قد تساعد في تحديد المرض. ثم يقوم الطبيب بفحص المريض وقياس درجة الحرارة وسرعة النبض والتنفس وضغط الدم. ويتركز الفحص على أجزاء الجسم المتضمنة في أعراض المريض. وقد يرغب الطبيب في الحصول على معلومات إضافية من خلال الاختبارات المعملية. ويمكن للمختبر الطبي أن يوفر الأشعة السينية التي تبين عيوب العظام والرئتين والقلب والأعضاء الأخرى. ويمكن للمختبر أيضًا أن يفحص الدم والبول وسوائل الجسم الأخرى بحثًا عن أمراض معينة. وبعد وضع جميع المعلومات في الاعـــتبار يصل الطبيــب إلى تشخيص لعلة المريض.

علاج المرض

لا يزيد أحيانًا عن مجرد الراحة والغذاء الصحي. فالجسم لديه طاقات شفائية كبيرة، وهذه التدابير قد تكون هي كل ما يحتاجه للتغلب على الأمراض البسيطة. ولكن قد تحتاج الأمراض الأشد خطورة إلى نظام علاجي محدد يشتمل على الأدوية أو الجراحة أو غيرها من أشكال العلاج.

الأدوية تعتبر من أهم الأسلحة التي يستخدمها الطبيب ضد الأمراض. فالمضادات االحيوية تستطيع أن تعالج الإصابات البكتيرية التي كانت سابقًا قاتلة في كثير من الأحيان. ويمكن أيضًا علاج العديد من أنواع العدوى الفطرية والطفيلية، بصورة فعالة باستخدام الأدوية، ولكن معظم أنواع العدوى الفيروسية ليست كذلك. تساعد الأدوية على التحكم في العديد من الأمراض غير المعدية. فأنواع كثيرة من السرطان يمكن إبطاؤها أو حتى شفاؤها بالأدوية. وضغط الدم المرتفع يمكن علاجه بالأدوية، كما تستخدم الأدوية المحتوية على الهورمونات في علاج الأمراض الهورمونية ، أما الأسبرين وغيره من مسكنات الألم فتساعد مرضى التهاب المفاصل لكي يعيشوا حياة أكثر نشاطًا.

الجراحة تمكن الأطباء من إزالة الأنسجة المصابة التي تهدد باقي الجسم؛ فالاستئصال الجراحي، على سبيل المثال، لعضو مصاب بالسرطان أو جزء منه قد يوقف انتشار المرض إلى الأعضاء الأخرى. كما قد يلجأ الجراحون إلى استئصال زائدة دودية أو مرارة مصابة لمنع العدوى من الانتقال إلى باقي الأعضاء. كما يمكن للجراحين إصلاح أو استبدال الأعضاء المصابة. فالعديد من عيوب القلب، على سبيل المثال، يمكن تصحيحها جراحيًا. ويستطيع الجراحون أن يستبدلوا العظام والمفاصل المريضة بأجزاء معدنية أو بلاستيكية، بل يستطيعون استبدال كلية أو قلب مريض بعضو سليم من جسم شخص آخر. انظر: زراعة الأنسجة.

علاجات أخرى تشمل العلاج الإشعاعي والأنظمة الغذائية الخاصة والعلاج بإعادة التأهيل. ويستخدم العلاج الإشعاعي الأشعة السينية والمصادر المشعة لقتل الخلايا السرطانية. ويمكن للأنظمة الغذائية الخاصة أن تتحكم في مرض البيلة الفنيلية الكيتونية وغيره من الأمراض الوراثية التي لا يستطيع الجسم معها أن يستخدم أغذية معينة. ويؤدي النظام الغذائي أيضًا دورًا هامًا في علاج داء السكري. أما العلاج بإعادة التأهيل فيساعد المرضى على استعادة وظيفة أجزاء معينة من أجسامهم. وهذا العلاج يفيد الأشخاص الذين أصيبوا بالسكتة الدماغية وغيرها من الأمراض المعوقة.

الوقاية من المرض

تتطلب تعاونًا بين الفرد وبين الطبيب وبين الخدمات العامة المختلفة. فالأفراد يمكنهم أن يساهموا في الوقاية من الأمراض باكتسابهم عادات صحية سليمة. وتشمل هذه العادات تناول غذاء متوازن وممارسة الرياضة بانتظام والحصول على قدر كاف من الراحة والاسترخاء والعناية بالنظافة الشخصية. ويمكن للناس أن يحافظوا على صحتهم أيضًا بالامتناع عن التدخين وعدم تعاطي الكحول والعقاقير الأخرى. ولمزيد من المعلومات عن العناصر الأساسية للصحة الشخصية.

والطبيب يوفر العديد من الخدمات التي تساعد على الوقاية من الأمراض. فالفحوصات الطبية الدورية تؤدي دورًا مهمًا. ففي أثناء هذه الفحوصات يقوم الطبيب باكتشاف ضغط الدم المرتفع وغيره من الأمراض التي لا تبدي أعراضًا إلا بعد أن تحدث مضاعفات خطيرة. ويمكن للفحص أن يقود أيضًا إلى التشخيص المبكر للسرطان وداء السكري وأمراض القلب والأمراض المزمنة الأخرى. وهذه الأمراض يمكن علاجها بطريقة أكثر فاعلية إذا تم اكتشافها مبكرًا. والفحص أيضًا يتيح الفرصة للطبيب لكي يقدم النصائح للمرضى عن كيفية الاعتناء بصحتهم.

ويقوم الأطباء بحماية المرضى من العديد من الأمراض الخطيرة من خلال التحصينات الفعالة والمنفعلة. وتضمن التحصينات الفعالة استخدام اللقاحات، وهي مواد تحتوي على الممرضات إما ميتة أو مضعَّفة. وتعمل اللقاحات على تنشيط أجهزة الجسم المناعية بصورة محددة ضد أحد العوامل المسببة للمرض. واللقاحات الفعالة قادرة على الحماية من العديد من الأمراض الخطيرة في الطفولة، مثل الدفتريا والحصبة الألمانية والحصبة والنكاف وشلل الأطفال والكزاز والسعال الديكي.

وفي التحصينات المنفعلة يستخدم الأطباء الأمصال لحماية المرضى الذين تعرضوا بالفعل لمرض ما. وتحتوي الأمصال على أجسام مضادة مستمدة من إنسان أو حيوان لديه مناعة ضد المرض.

الخدمات العامة تساعد في الوقاية من الأمراض بطرق متعددة. ففي البلاد المتقدمة تقوم الخدمات العامة بتطهير مصادر المياه العمومية وفحص الأغذية لوجود أحياء مجهرية أو مواد كيميائية ضارة، وضمان أمان وفاعلية الأدوية. وتقوم أقسام الصحة المحلية بملاحظة الوسائل الصحية للتخلص من النفايات ومياه الصرف الصحي، وقيادة البرامج لمكافحة الحشرات والفئران والحيوانات الأخرى التي تنقل الأمراض. وتقوم الدولة أيضا بحماية المجتمع من التلوث البيئي ومراقبة أماكن العمل للوقاية من المخاطر المهنية. وتقود العيادات الصحية برامج التحصين وقد تقدم أيضا فحوصات مجانية لاكتشاف ضغط الدم المرتفع وغيره من الأمراض. وتساعد برامج التغذية التي تُمولها بعض الدول على حماية صحة الأطفال والأمهات الفقراء. وبالإضافة إلى ذلك فإن العاملين في مجال صحة المجتمع يساعدون في تثقيف الناس وتعريفهم بالعادات الصحية السليمة.


مواضيع مرتبطة

المصادر

الكلمات الدالة: