المتحف الوطني بباردو

المتحف الوطني بباردو
Bardo Museum - Carthage room.jpg
حجرة قرطاج، المتحف الوطني بباردو، 2005.
الموقعتونس العاصمة، تونس
النوعمتحف وطني
أمين المتحفطاهر غالية
الموقع الإلكترونيwww.bardomuseum.tn
تفاصيل فسيسفاء لأوليس في متحف باردو.
مدخل المتحف الوطني بباردو-تونس

المتحف الوطني بباردو فرنسية: Musée national du Bardo)، أو متحف باردو، هو متحف يقع في تونس العاصمة، تونس.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

شيدت عدد من المباني الفاخرة داخل أسوار الحي العسكري المحصن بباردو والذي مثل مركز الحكم الحسيني منذ سنة 1705. ومنها:

  • قصر أول بسلم ضخم مؤطر بأسود، شيده علي باشا الحاكم الثاني في العائلة الحسينية بين سنتي 1735 و 1756.
  • "القصر الصغير" بطابع أندلسي مغربي تونسي والذي بناه حسين باي ما بين سنتي 1824 و1835.
  • قصر البديع ذا الطابع الايطالي والذي يأوي حريم محمد علي والمبني ما بين 1859 و1864.

وقد ظل قصر البديع والقصر الصغير المتقاربان مقرات إقامة للبايات إلى حدود سنة 1879. وقد اضطر بعدها الصادق باي، المسئول عن إفلاس المملكة، إلى التقشف والانتقال بالتالي للعيش في المبنى المجاور المسمى قصر السعيد وهو أكثر تواضعا من قصور باردو.


إنشاء المتحف

قامت الحماية الفرنسية المقامة سنة 1881، بأشغال هامة شملت مجموعة قصور باردو وذلك في الفترة الممتدة بين سنتي 1885 و1888. وقد أدى ذلك إلى تحويل داخل القصور إلى قاعات عروض معدة لاستقبال مجموعات وطنية أثرية، تاريخية وعرقية.

أعلن تغيير صبغة المكان عبر المرسوم الذي اقره الباي في 25 مارس 1885، والذي يعلن إنشاء المتحف العلوي وإيوائه بالقصر القديم لحريم محمد باي. يمثل هذا القرار نتيجة للسياسة المتبعة والعاملة على إعطاء صبغة تراثية للمكاسب الثقافية للبلاد والتي أسسها، منذ 1876، الوزير التونسي الأول، المصلح الكبير خير الدين باشا، مما يضع نهاية لنشاط هواة جمع التحف الخواص والذين عرفوا ازدهارا في عهد سلفه مصطفى خزندار (1837-1873).

وتهدف هذه البادرة إلى إعداد مجموعات متحفية وطنية تمس مختلف الحقب التاريخية للبلاد. تم عرض هذه المجموعات في البداية بفضاءات وقع تهيئتها بقصبة تونس قرب مقر الولاية (دار الباي) وتم نقلها بعد ذلك إلى المتحف العلوي مع إثراء العملية بتأسيس قسم جديد للحرف التونسية وهو مشروع أقره الوزير خير الدين باشا بنفسه ليبرز الطابع العتيق والمستدام لخبرة حرفيي ذلك العهد.

وقد قررت الحكومة التونسية وقوات الحماية الفرنسية بعث "إدارة الأثريات و الفنون التونسية" وكلفتها بالاهتمام بالمشروع وذلك حسب المرسوم الصادر عن الباي بتاريخ 7 نوفمبر 1882. فتح المتحف العلوي أبوابه يوم 7 مايو 1888، بعد ست سنوات من أشغال الترميم والتأهيل وجمع التحف الفنية والأثرية. و قد افتتحه، صحبة شخصيات فرنسية وفي جو احتفالي رسمي، علي باي ممثل الحكومة في تلك الفترة.

المتحف العلوي تحت الحماية

كان رونيه كودراي دو لا بنشار، المدير الأول لقسم الأثريات التونسية (1885-1895)، واكسافيي شارم، رئيسه في الوزارة الفرنسية للتعليم العام والفنون الجميلة، الفاعلان الأساسيان في تنفيذ مشروع المتحف الوطني التونسي والذي انطلق من فكرة لخير الدين باشا ولمستشاري الهيئة العلمية الفرنسية خلال مهمتهم الأثرية بتونس. وقد تم سنة 1888. فتح قسمين فقط للجمهور بالطابق الأول من قصر محمد باي يتم الوصول إليها عبر سلم كبير ينطلق من بهو الدخول أو "الدريبة". ويتكون القسمان من:

- فناء مغطى حيث تعرض مجموعات بتأثيرات لاتينية من بينها المجموعة المشهورة من الشواهد النذرية البونية بمغراوة والتي كانت على ملك محمد خزندار، وقد سمي هذا الفضاء بمتحف النقوش والكتابة حسب اللائحة المتحفية لتلك الفترة.

- قاعة الاستقبال التي تعلوها قبة من الخشب المذهب حيث عرضت الفسيفساء والخزف والتماثيل والتي سميت متحف العصور القديمة.

وقد مكنت مقاسات هذه القاعة (130 م2) ورشة فنيي الفسيفساء بالمتحف العلوي، المؤسسة سنة 1885، من إدراج الفسيفساء الشهيرة انتصار نپتون، مع مركبه المكون من تريتون (إله إغريقي بحري وهو ابن بوزديون وانفيتريت) وبنات الآلهة نيريه ودوريس (وتسمى النريد)، بأرضية الفضاء.

عين بول كوكلار، أثري مهتم بالعالم الشرقي كان يقطن بمدينة تونس, على رأس إدارة الآثار والفنون، سنة 1896. وهو يعرف المتحف العلوي كمكان أساسي لحفظ وعرض الأشياء المتأتية من الحفريات الأثرية المختلفة والمقامة على التراب التونسي.

وقد واصل إعادة توزيع قاعات القصر مع إضافة:

- غرفة الطعام القديمة للقصر و قد سميت بقاعة أوذنة وخصصت للفسيفساء الأرضية، للتماثيل ولمختلف الأجسام المكتشفة خلال الحفريات المنجزة بها.

- قاعة قرطاج الحالية مع الميزانين (طابق جزئي) والتي مكنت مقاساتها من إدماج لوحتي فسيفساء كبيرتين بأرضيتها. و تمثل لوحة منها سر صناعة النبيذ التي قام بها ديونيزوس تجاه الملك ايكاريوس أما الثانية فتصور الحياة الريفية.

تحافظ طريقة عرض هذه التحف الفنية على طريقة توزعها الأصلي بالموقع الأم وذلك بأكثر وفاء ممكن وهي في نفس الوقت تبرزها حسب منظور مسقط انطلاقا من رواق الطابق الثاني. وقد أعاد بول كوجلار توزيع قاعة المعروضات القارة حسب معايير زمنية و تصنيف نوعي للأشياء المعروضة. وهكذا تمت تهيئة أجنحة الطابق الأول والمرافق الموجودة بالطابق الأرضي لتستقبل:

- القسم المسيحي بالقاعة المسماة حاليا دقة والتي تم افتتاحها سنة 1903 لعرض حلي و تحف استثنائية.

- قسم المتحف العربي الإسلامي في القصر الصغير مع ورشة لتعليم حرفة نقش الجص المسماة بتقنية نقش حديدة وهي موجهة للحرفيين التونسيين الشباب والتي أقيمت بالكشك القديم للحديقة الداخلية.

وقد اهتم بول كوجلار خاصة بالقيام بجرد لمجموعات باردو وهو كاتب فهرس المتحف العلوي مشاركة مع رونيه دوكودراي دو لا بلانشار وواصل من بعده خلفاؤه على رأس إدارة الآثار والفنون التونسية نشر الملاحق.

بين سنتي 1905 و1920 قام المسئول الجديد بإدارة الآثار الفراد ميرلان بإعادة تنظيم المتحف حسب قاعات تحمل أسماء أكبر المواقع الأثرية التونسية. وهكذا تم بعث أو إعادة توزيع قاعات التيبيروس، قرطاج، دقة، سوسة، تيبوربو ماجوس، تيسدروس (الجم).

وقد استقبلت قاعة فرجيل، والتي كانت في الأصل غرفة النوم للحريم القديم، الفسيفساء الشهيرة الممثلة للشاعر اللاتيني وهو يكتب قصيدته الأنيد والتي تم العثور عليها بأحد المنازل بسوسة. ويتواصل استعمال نفس تسمية القاعات الى اليوم والهدف منه هو دفع جمهور المتحف إلى زيارة هذه المواقع.

وقد استقبلت قاعة ورجلوس، والتي كانت في الأصل غرفة النوم للحريم القديم، الفسيفساء الشهيرة الممثلة للشاعر اللاتيني وهو يكتب ملحمته الشعرية الأنياذة والتي تم العثور عليها بأحد المنازل بسوسة. و يتواصل استعمال نفس تسمية القاعات إلى اليوم والهدف من ذلك هو دفع جمهور المتحف إلى زيارة هذه المواقع.

عرف المتحف العلوي سنة 1913 حدثين أعادا إحياءه، أولهما هو افتتاح قسم عربي داخل الأجنحة الخاصة للقصر التونسي لعرض مجموعة اثنوغرافية و مواد حرفية تونسية. أما الحدث الثاني فهو بعث قسم آخر خصص لمجموعة الحفريات البحرية بالمهدية والتي قادها الفراد ميلان ما بين 1907 و1911. ومنذ تلك الفترة و بأمر المرسوم المؤرخ سنة 1907، حول المتحف العلوي إلى مؤسسة عمومية ذات صبغة مدنية. يعرف هذا النص القانوني صلوحيات المتحف ويشير إلى موارده العادية والخاصة والخارقة للعادة مع إعطائه نظاما مستقلا بذاته يكون فيه المسئول الأول ممثلا في شخص مدير قسم الآثار والفنون و يساعده في مهامه محافظ إداري. وقد شغل هذه الوظيفة للتصرف الإداري بالمتحف العلوي "برتران برادار" الذي كان ضمن إداريي المتحف منذ افتتاحه سنة 1888 وإلى حين تقاعده سنة 1928.

أنشأت في بداية القرن العشرين جمعية "أصدقاء المتحف العلوي" والتي كانت جد ناشطة حتى بداية الخمسينات و تضم ضمن أعضائها أوروبيين وتونسيين وتعمل على مساعدة المتحف ماليا لتمكينه من شراء الآثار وإقناع هواة جمع التحف بوهب مجموعاتهم للمتحف و لكنها نشرت خاصة سمعة ايجابية للمتحف داخل البلاد التونسية وخارجها.

عرفت فترة ما بين الحربين ترأس "لويس بوانسو" إدارة المتحف العلوي. وقعت تهيئة جناح جديد بالطابق الأول في الثلاثينات ليستقبل مجموعة فسيفساء (خاصة تلك ذات المواضيع البحرية) والضريح الذي اكتشف بمقبرة "الأوفسيال" بقرطاج (مقبرة مخصصة للمسئولين بإدارة الإمبراطورية ويعرض المتحف أحد قبورها). وفي نفس الفترة تم إحداث قاعات فسيفساء "أوليس" و"الخيول الرابحة".

وقد أعاد "لويس بوانسو" كذلك توزيع القسم المسيحي سنة 1932 بإدماج لوحات فسيفساء جديدة بالأرضية. كما انه أضاف داخل القاعة ذات الأعمدة بالطابق الأرضي، قسما إسلاميا لعرض مجموعة كتابات جنائزية. وقام كذلك ببسط تهيئة متحفية في القاعة الكبرى للقصر التونسي والمسماة "إيوان" كما أبرز بالقاعة المجاورة لها والمسماة "جودايكا" أثارا يهودية المرجع.

متحف كل البلاد التونسية

ضمن هذا الإطار، أصبح المتحف العلوي مركز مسار أثري دائري يضم جملة من المواقع الثقافية المهيأة (قرطاج، دقة، تيبوربو ماجوس، المسرح الأثري بالجم، سبيطلة). وهو ما أعطاه شهرة عالمية تعتمد على ثراء مجموعاته و خاصة منها تلك التي تجمع فسيفساء رومانية افريقية.

بعد رحيل المحافظ الثاني للمتحف "ايميل بريشو" (1928- 1948) قرر تغيير خاصية شخصية المحافظ. وقد خلفه "بيار كونيام" (1948- 1945) العضو القديم للمدرسة الفرنسية بروما والذي اختير لامتيازاته كباحث ليصبح المسئول العلمي للمتحف ويسانده في مهامه متصرف إداري. وقد كان وراء المشاريع المتعلقة بالجناح المسيحي الثاني والذي تم إرساءه داخل إسطبلات القصر القديم وكذلك مشروع قاعة " أشولا" التي تمت تهيئتها بعد استقلال البلاد التونسية سنة 1956.

في فترة ما بعد الحرب أنشأت متاحف جهوية وتذكر منها خاصة متحف "صفاقس" ومتحف "سوسة"، وكذلك بعض المنتزهات الأثرية مثل حمامات "أنتونان" بقرطاج والتي حولت بأمر قانوني إلى ملحقات للمتحف العلوي تسهيلا لمهمة المحافظة على القطع الأثرية والتصرف بها. وقد نشرت عبر العالم مفكرات تجمع بطاقات بريدية تصور مجموعات المتحف و مدى ثرائه فنيا وثقافيا. وقد تواصلت هذه العملية الإعلامية بعد استقلال البلاد لكونها حازت استحسان الجمهور.

بعد الاستقلال 1956

تحول قصر "علي باشا"، الذي كان مركز الحكم التنفيذي منذ 1705, إلى مقر "المجلس الوطني التأسيسي" سنة الاستقلال 1956. وهكذا يصبح المتحف العلوي منقوصا من أقدم مبانيه و يتغير بالتالي اسمه ليصبح, منذ الاستقلال, المتحف الوطني بباردو الذي يفتح أبوابه للجمهور مع أستاذ تاريخ و جغرافيا شاب كمدير: "عبد العزيز إدريس" (1956- 1964).

وقد قام هذا المحافظ بتغيير الطابق الثاني بين سنتي 1958 و1962 ليهيئه كقاعات عرض لمجموعات من الخزف داخل رواق "قرطاج" في حين غطى جدران الرواق المؤدي إلى قاعة " أشولا" بمجموعة هامة من الفسيفساء بمواضيع مختلفة أهمها ألعاب مدارج المسرح مع الحيوانات, صراع "تيزيوس" ضد "مينوتور" و "ديانا" الصيادة. وصمم المهندس المعماري "نور الدين الربعي" سنة 1964 رواقا بأعمدة ليبرز مدخل المتحف.

في نفس الفترة عين الباحث "محمد يعقوب" (1964-1973) على رأس إدارة المتاحف العمومية و بسرعة لاحظ هذا الأخير أن مداخيل الزيارة جد ضئيلة لذلك عمل على تنويع الموارد المباشرة للمتحف من خلال بيع المنتجات المتنوعة المصنعة في ورش "القصر الصغير" من قوالب و فسيفساء. كما قام سنة 1966 بإعداد دليل للمتحف الوطني بباردو ليشمل جميع مقتنيات المتحف ويعرف بها. وقد سمحت الهبة التي قام بها العالم البارز "حسن حسني عبد الوهاب" بإعادة تنظيم القسم العربي الإسلامي. في إطار دمج المؤسسات التراثية, سنة 1973, أصبح "المتحف الوطني بباردو" مؤسسة وطنية تحت إشراف المعهد الوطني للآثار والفنون INAA سابقا وINP حاليا.

كان المدير الثاني بعد الاستقلال "منجي النيفر" (1973-1986), وهو مختص في الفسيفساء الرومانية الإفريقية, وراء عمليات إقراض مجموعات باردو, في إطار عروض وقتية بالخارج, وأهمها كانت تلك التي نظمها القصر الصغير "بوني بالي" بباريس سنة 1977 تحت عنوان "من قرطاج إلى القيروان". في نفس الوقت بعث "النيفر" قسم الخدمة التعليمية داخل المتحف ليهتم باستقبال جمهور التلاميذ و إعداد ورش تنشيطية موجهة إلى الأجيال الشابة وكذلك كلف القسم بالإشراف على التغطية الإعلامية للمعارض الأجنبية التي نظمها المتحف في فضاء مجاور للقصر.

في تلك الفترة أيضا تمت تهيئة قاعة بالمتحف لاحتضان لقاءات مشروع "مجموعة الفسيفساء التونسية" وهو برنامج أعده الأستاذ "الكسندر مارجارات" باعتبار السياقات الأثرية بالبلاد. وهكذا تمت دراسة وإعادة نشر فسيفساء مواقع قرطاج والجم و"تيبوربو ماجوس" و" أوتيك" حسب المعايير العلمية.

خلال الفترة الممتدة بين 1986 و1991 أدارت السيدة "عايشة بن عابد" المختصة بالفسيفساء الرومانية الإفريقية, متحف باردو واتخذت عددا من المبادرات تهدف إلى تعزيز المؤسسة المتحفية . وقد أبرمت السيدة "بن عابد" اتفاقا مع المتحف الجهوي ببون (ألمانيا) لترميم مجموعات من البرونز والرخام التي تم اكتشافها خلال الحفريات البحرية بالمهدية, وفقا للمعايير العلمية والتي تدهورت حالتها بسبب عرضها بالهواء الطلق منذ عام 1913.

مئوية المتحف: بعد عالمي

تجسد حدث إحياء مئوية "متحف باردو" سنة 1988 عبر عرض وقتي بعنوان "متحف باردو بين الأمس و اليوم من 1888 إلى 1988". و قد سهرت السيدة "بن عابد" على تجديد القسم البوني و بعث قاعة الكنوز و تركيز إضاءة خلفية على مستوى قاعة "قرطاج".

تم إسناد إدارة المتحف في سنة 1191 إلى الباحث المختص بالحضارة اللوبية البونية السيد "الحبيب بن يونس" (1991-2001) و الذي خلف السيد "جمال الزغلامي" المختص بفترة ما قبل التاريخ و الذي لم تطل فترة إدارته للمتحف. و قد قام "الحبيب بن يونس" بإعادة تنظيم المؤسسات التراثية و توسعة صلاحياتها. و هكذا تم تحقيق عدد من الانجازات بفضل إبرام اتفاقية بين المعهد الوطني للتراث (INP ) والوكالة الوطنية لإحياء التراث و التنمية الثقافية (AMVPPC) و الذي مكن من إعادة تهيئة رواق التوابيت بقسم ما قبل التاريخ و القاعة البونية.

	سنة 1995 تم افتتاح قاعة اللباس التقليدي و القبعات التي سهرت على إعدادها مختصة الاتنيات, السيدة "سميرة ڤرڤوري ستهم" بمساهمة الديوان الوطني للسياحة التونسية (ONTT). و قد تمت تهيئة قسم لكنوز المتوسط بالطابق الأول يتمتع برؤية متحفية تعليمية مطابقة لمعايير الحفظ ليحتضن مجموعات حفريات المهدية البحرية المرممة بعد عودتها من جولة فرنسا و ألمانيا (معرض قرطاج بالقصر الصغير بباريس). و لإتمام هذه الانجازات المتحفية, وقع تهيئة هياكل تستقبل الجمهور بالطابق الأرضي لتوفير الرفاهة للزوار.

من بين العروض المؤقتة التي نظمها المتحف نذكر "عودة الديناصورات" و التي تمت بالتعاون مع مدينة العلوم سنة 1995 و التي عرفت نجاحا لدى جمهور الشباب التونسي و الأجنبي. خلال هذه العشرية, تم عرض عدة تحف من المتحف الوطني بباردو خارج البلاد خاصة بمناسبة الاحتفالات البارزة للموسم الثقافي التونسي بفرنسا سنة 1995, الأجنحة التونسية في العروض العالمية باشبيلية (1992) و "هانوفر" (2000) و قد عرفت هذه المعارض التي حملت عنوان "ألوان من تونس, 25 سنة من خزف قرطاج" صدى طيب لدى الجمهور.

اعد السيد "خالد بن رمضان"المختص بنقود و عملات الفترة العربية الإسلامية و الذي شغل خطة محافظ لمتحف بين سنتي 2001 و 2003, إعادة تهيئة القسم الإسلامي و أدار العروض المؤقتة المنظمة من "متحف باردو" بالتعاون مع الأقسام الثقافية بسفارة ايطاليا بتونس. كما شارك المتحف خلال تلك الفترة, من خلال إقراض بعض معروضاته, في عروض "لاتس" سنة 2001 بعنوان "من المسيحية إلى الإسلام" و "نامور" سنة 2003 بعنوان "الفن التونسي من جذوره إلى اليوم".

توسعة وتجديد المتحف

في إطار تطبيق خطة شاملة لتنمية السياحة الثقافية تم, خلال هذه الفترة, بعث مشاريع تجديد عدد من المتاحف التونسية, ومن بينها "متحف باردو", و ذلك بفضل قرض منح للجمهورية التونسية من طرف البنك العالمي.

في ديسمبر 2003, عين الباحث المختص في العصور القديمة المتأخرة "الطاهر غالية" مديرا لمتحف باردو. وانطلقت فترة انتقالية, فالمتحف يعد للتجدد حتى يصبح "واجهة" التراث التونسي مع انطلاق الدراسات حول المشروع المعماري والمتحفي الجديد. وقد توصل جميع المساهمين في المشروع إلى تنسيق مثالي بينهم و تم إسناد الدراسة إلى مكتب دراسات فرنسي "كودو هاندلاي" بالاشتراك مع المهندس المعماري التونسي "عميرة نويرة". و قد أعد برنامج علمي لانجاز تصور متحفي يتمثل في مسارات مرتبة حسب تسلسل زمني أو حسب مواضيع مختلفة وذلك بطرق عرض حديثة تتطابق مع الذوق العام.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهدافه

يهدف المتحف من خلال أنشطته إلى:

  • ضمان نشاط متواصل لتوفير المعلومة الصحيحة والمكتملة حول تاريخ البلاد وتراثها، لإرساء التواصل وبناء علاقة مباشرة مع هذه الثقافة وذلك من خلال العروض المختلفة القارة منها والمؤقتة.
  • إحداث موقع مرجعي ورسمي لاحتضان اللقاءات الثقافية والفنية وكذلك إمكانية اختبار العمل التطبيقي في إطار ورش المتحف.
  • تحسيس الشباب وتحفيز اهتمامهم بالتراث وثرواته وذلك من خلال إرساء تقاليد لمقاربات تحليلية للمعروضات والإعداد لأنشطة مختلفة تساهم في الدعوة المتواصلة لزيارة المتحف كالندوات والنقاشات العامة واللقاءات مع الطاقم الفني والتقني.

الوصف

هيأ أقدم وأهم المتاحف التونسية منذ أكثر من قرن داخل حرم أحد أشهر قصور البايات. وقد بني هذا القصر منذ القرن الخامس عشر ميلادي فوق سهل يبعد حوالي أربع كيلومترات عن تونس العاصمة وتعود تسميته إلى كلمة ذات أصل اسباني "البرادو" وتعني الحديقة أو الحقل.

عرف القصر عددا من الترميمات والتوسعات خلال حكم العائلة المرادية ثم الحسينية التي جعلت منه مقرها الرئيسي. وهكذا أصبح "القصر الكبير" المشيد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ميلادي من طرف معماريين تونسيين, حسب السيد "يعقوب" المحافظ السابق لمتحف باردو, "معلما يمثل الترف والرفاهة التي شهدتها العمارة التونسية في فترة البايات أحسن تمثيل... خاصة مع الإضافات المحلية التي امتزجت بالتأثيرات الأندلسية والآسيوية والأوروبية".

منذ سنة 1882, مع تحول مقر الحكم والحاشية إلى قصر المرسى, وقع منح المباني المخصصة للحريم إلى سلطات الحماية الفرنسية ليتم تحويلها إلى متحف صغير يضم أولى المجموعات الأثرية و التي تعود إلى العصور القديمة. وفي سنة 1899 تم ضم القصر الكبير إليها ومن بعده الفضاء المسمى بالقصر الصغير ليستقبل مجموعات الفن الإسلامي.

ينبثق من مختلف الفضاءات النبيلة لمجمع القصر, تناسق عميق للألوان والأشكال حيث يتمتع الناظر بالأسقف الجصية المنقوشة أو المزوقة بورق الذهب التي تتناغم مع الجدران المنمقة بالخزف المبرنق المصنوع بأياد حرفيين تونسيين. كذلك يمتزج الرخام الذي يغطي الجدران والأعمدة مع الخشب المطلي والمنقوش.

تختلط بقاعات الاستقبال المتعددة والمهيأة على ثلاث طوابق, بذوق وحكمة, تيارات معمارية وفنية وتقنيات مختلفة مغاربية وتركية وايطالية مما يجعلها تمثل ما يشبه خلاصة للفن المعماري بالبلاد التونسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ميلادي. مكن تغيير صبغة هذا القصر إلى متحف من المحافظة عليه مع ضمان إحياء المبنى بإعطائه فرصة حياة ثانية نوعا ما.

بعد جملة من عمليات التهيئة الجزئية بهدف أقلمة الفضاء مع كل إثراء للمجموعات المعروضة وتزايد عدد الزوار, يخضع القصر اليوم إلى عملية ترميم كلية ومدمجة. انطلق مشروع تجديد وتطوير قصر متحف باردو منذ ربيع 2009 وذلك بفضل تمتعه بقرض بقيمة 30 مليون دينار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير ((BIRD و ذلك في إطار خطة وطنية للتنمية الثقافية عموما وللنهوض بالسياحة الثقافية تحديدا.

وقد تمت إضافة جناح جديد بتصميم معماري معاصر وراء المعلم التاريخي الموجود والذي خضع هو نفسه إلى إعادة تهيئة. و هكذا فقد مكن المشروع من مضاعفة المساحة المتحفية فعدد المعروضات تضاعف ليصل إلى 8000 قطعة أثرية وفنية. يتقدم الجناح الجديد بهو استقبال كبير يقود إلى مختلف أجزاء وخدمات المتحف والتي أصبحت تتمتع بإضاءة جديدة متميزة بفضل إدماج أسطح بلورية بمساحات ضخمة. وقد أضيفت 6 أقسام جديدة لمعروضات تنتمي إلى فترات تاريخية مختلفة: ما قبل التاريخ, الحضارة البونية الفينيقية, العالم النوميدي, الحضارة الرومانية في الفترة المتأخرة والحضارة الإسلامية إضافة إلى مجموعة المهدية المتميزة والتي تم اكتشافها في أعماق البحر.

مختلف هذه القاعات المحدثة وقعت برمجتها وهيكلتها حسب رؤية متحفية معاصرة متطورة ولافتات خاضعة للمواصفات الحديثة. هذا التوزع الفضائي الجديد مع إرساء مسلك أكثر عقلانية و تأقلما من الذي اعتمد سابقا يمكن من إبراز جمال الإطار المعماري سواء القديم أو المحدث مع المحافظة على تناسق و ثراء المكان.

تهدف إعادة تهيئة المتحف إلى الترفيع من طاقة الاستيعاب من 600 ألف زائر في السنة (قبل الأشغال) إلى مليون زائر سنويا. ولتحقيق هذا الهدف تمت إضافة عدد من المساحات المخصصة للخدمات التي تلبي حاجيات الزوار كالدكاكين والمقاهي والمطاعم والقاعات المخصصة للملتيميديا والورش المختلفة وكذلك مرافق للأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة وفضاءات معلوماتية وأخرى للترجمة.

وهكذا, بتجديد مخزونه ومعروضاته وتطوير خدماته مع إدماج فضاءات للترجمة وسط مسلك الزيارة لتحسين قراءة التراث الوطني على المستويين الزمني والموضوعي, يرتقي متحف باردو إلى صف المتاحف العالمية المعاصرة والمستجيبة لاحتياجات جمهور جديد أكثر تطلبا وأكثر انفتاحا ومعرفة يستحسن الأعمال الفنية المتميزة والفريدة من نوعها في تاريخ الإنسانية.

يضم متحف باردو العديد من الأجنحة والقاعات، أهمها:

ثاني أكبر مجموعة فسيفساء رومانية في العالم

اكتسب المتحف الوطني بباردو شهرة عالمية بفضل مجموعة الفسيفساء التي يمتلكها والتي تعد الأثرى والأكثر تنوّعا وتفنّنا في العالم. ولعلّ أحسن ما يمثّلها اللوحات التي رسم فيها الشاعر فيرجيل تحيط به ربات الفن والتبليط الذي يمثّل ديونيزوس وهو يهدي الكرم إلى إيكاريوس أو ذلك الذي يشيد بانتصار نبتون. وما هذه إلاّ بعض الطّرف الرائعة لكنّها ليست ثروة المتحف الوحيدة.

الهجوم الإرهابي 2015

قوات الأمن تطوق ساحة باردو أمام المجمع الذي تعرض لهجوم إرهابي في 2015.

في 18 مارس 2015، سقط سبعة سياح وتونسي واحد عى الأقل، بعد استهدافهم من قبل مسلحين في المبنى الذي يضم المتحف والبرلمان التونسي. من بين الرهائن المحتجزين، بريطانيين، إيطاليين، فرنسيين وإسبپان، حسب الإذاعة المحلية.[1][2]

انظر أيضاً

وصلات خارجية

المصادر

  1. ^ Souissi, Zoubeir (18 March 2015). "Hostage situation in Tunis as parliament, museum come under attack". RT TV. TV-Novosti. Reuters. Retrieved 18 March 2015.
  2. ^ "Armed militants disguised as soldiers attacked the Tunisian parliament and the Bardo museum on Wednesday, RT reported". Sputnik News. Reuters & RT TV. 18 March 2015. Retrieved 18 March 2015.

Coordinates: 36°48′33.79″N 10°08′04.23″E / 36.8093861°N 10.1345083°E / 36.8093861; 10.1345083