حامد عمار

حامد عمار

حامد عمار (25 فبراير 1921 - 8 ديسمبر 2014)، شيخ التربويين المصريين ، عن عمر يناهز ال93 عاما.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

وُلِد "حامد عمار" في قرية "سلوا" مركز كوم أمبو، محافظة أسوان، وهي قرية مصرية كانت تعاني الإهمال والفقر مثل آلاف القرى في ذلك الزمن، غير أن هذه القرية كانت منعزلة في أقصى الجنوب، ومحرومة من خدمات الدولة التعليمية والصحية "25 فبراير عام 1921"، وكان مرتبطا بقريته برغم بساطتها، واعتمادها على الزراعة التي توفر قدرا من الاكتفاء الذاتي.

فى يوم قرر ناظر مدرسة سوهاج الثانوية (كانت المدرسة الثانوية الوحيدة في جنوب الصعيد آنذاك) حبس الفصل كله، بسبب حيلة نفذها زميلهم منصور (ابن أحد كبار تجار الصعيد) الرافض لتعلم اللغة الفرنسية. قام منصور بكتابة الدرس الفرنسى على السبورة بحروف عربية، حتى يتمكن من قراءته إذا سأله المدرس، وبالفعل نجح في ذلك، فاستغرب المدرس من تقدم منصور غير المتوقع. وفجأة سأله المدرس عن معنى كلمة فلم يعرفها، فشرحها المعلم بعد أن مسح ما في السبورة، وعندما طلب من منصور إكمال الدرس لم يستطع، ولم يقدر أن يعيد ما كان قد ألقاه، فقام المدرس بالشكوى للناظر. وعندما حضر الناظر للفصل وتناقش مع الطلاب عرف الحيلة، وحكم على الفصل كله بالحبس لمدة أسبوع بعد انتهاء اليوم الدراسى، وأسبوع إضافى لمنصور، وأرسل ذلك في تقارير لأولياء الأمور، فكان هذا من بين سلطاته، ولم يستطع الأب الثرى التأثير على قرار الناظر.

وفى حادثة ثانية، يتذكر الطالب عمار منظر مدرس اللغة العربية الذى أصبح فيما بعد ناقداً كبيراً (الدكتور شكري عياد) عندما جاء لأول مرة للمدرسة مرتديا الزى الأزهرى، وفوجئ بأن على المدرسين جميعهم ممارسة الرياضة مع الطلاب، ورفض في البداية المشاركة، ولكن مدير المدرسة الذى أصبح فيما بعد وزيرا للتعليم (على حافظ) أجبره على خلع زيه وممارسة الرياضة، وكان على كل مدرس أن يدرس أحد أنشطة الفنون أو المسرح أو التصوير أو غيرها للطلاب بجانب تخصصه.

ويتوقف عمار عند أول وقفة احتجاجية شارك فيها مع زملائه بالمدرسة، عندما فوجئوا في ذلك اليوم بأن الوجبة المدرسية تحتوى على بيضة واحدة فقط، بدلا من بيضتين كما هى العادة، فرفضوا أن يتناولوا إفطارهم، وخرجوا في وقفة احتجاجية بفناء المدرسة، وما كان من المدير إلا أن تحدث مع مورد الأغذية المدرسية، واستطاع بعد مشاورات أن يعيد الوجبة كما كانت، وأعلن ذلك للطلاب، فهلل الطلاب بمظاهرة أخرى وهتفوا (عادت إلينا حقوقنا)، دون أن يحدث الاحتجاج أى مشكلة مع المدير.

كما كان له حكاية مع الأديب علي الجارم الذى كان يومها موجها للغة العربية أو بلغة زمان مفتشا على مدرسة الطالب حامد عمار، وعندما مر ذات يوم على فصلهم، وكانوا يدرسون مادة (متن اللغة) التى تبحث في المعانى المشتركة للكلمات، وأخطأ أحد الطلاب وهو يقول (والبط يسبح لاعبا فوق المياه الجارية)، وكانت في الكتاب (والبط يلعب سابحا وسط المياه الجارية)، فشجعه الجارم وقال له ليست خطأ، فالمعنى واحد والوزن أيضا لم يختلف، في تشجيع واضح على الخروج من المقررات الضيقة، تلك كانت علاقة الطلاب والمدرسين والمفتشين.[1]


العمل

تدرج في وظائف هيئه التدريس بكلية التربية، جامعة عين شمس – مدرس – استاذ مساعد – أستاذ أصول التربيه من 1952 – 1975 ، ثم عمل رئيس قسم التدريب بالمركز الدولى لتنمية المجتمع في العالم العربى بسرس الليان من 1955 حتى 1968 ، ثم عمل رئيس قسم الدراسات التربوية: معهد البحوث والدراسات العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من 2003 حتى الآن.

وتناول الدكتور حامد عمار قضية "مجانية التعليم " في عدة سلاسل من المقالات، فعلي المستوي الشخصي يذكر اضطراره إلي تقديم شهادة فقر كل عام مع شهادة التفوق الدراسي للحصول علي مجانية التعليم كل عام، ومدي ما كان يشعره من ذل ومهانة . ولعل هذا الشعور هو مادفعه إلي تسجيل أول رسائله الجامعية بعنوان "مبحث في عدم تكافؤ فرص التعليم في مصر" عام 1947 بجامعة لندن.

يذكر أنه في مؤلفاته أذهل جدا من الاقتراح الذي قدمه أحد التربويين بضرورة إعادة النظر في مجانية التعليم بحيث تقتصر علي الفقراء، وعلي القادرين أن يتحملوا مصاريف تعليمهم، وهنا يتساؤل المؤلف :كيف يتم تحديد من هم الفقراء ومن هم الأغنياء ؟ وكيف يثبت الفقراء فقرهم والأغنياء غناهم علي مختلف مستويات كل من الحالتين ؟

ويؤكد أن مجانية التعليم هي الأمل الوحيد في انفتاح طاقة العيش الكريم والتقدم . والشيء الكارثة أن قضية مجانية التعليم استقرت عليها سياستنا التعليمية منذ عام 1944 عندما قررت الدولة توحيد التعليم الابتدائي ومجانيته، مع ضم التعليم الإعدادي إلي هذه المرحلة وفي عام 1951 قرر وزير المعارف وقتها "عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين" مجانية التعليم الثانوي وقال فيها قولته الخالدة "وعلي وزير المال أن يدبر المال".

وجاءت ثورة يوليو فقررت مجانية التعليم الجامعي لتصبح مراحل التعليم كلها بالمجان . إذن لقد اكتسب الشعب المصري حق مجانية التعليم بنضاله ووعي مثقفيه وساسته ومن ثم أصبح حقا مشروعا لا يجوز المساس به . فالثروة البشرية هي أغلي ما يمكن أن تمتلكه مصر، والتعليم هو عماد هذه الثروة وقوتها الحقيقية .

ويستمر الدكتور حامد عمار في كتابة سلسلة مقالاته حول ما أسماه "اغتصاب مجانية التعليم "فيؤكد علي عدة مباديء إنسانية منها أن التعليم بمختلف مراحله حق من حقوق الإنسان، وهذا الحق هو حق للجميع دون تمييز في العرق والنوع أو المعتقد الديني أو السياسي أو الحالة الاقتصادية.

المصادر

  • ياسمين بدوي (2014-12-08). "وفاة "حامد عمار" شيخ التربويين المصريين". صدى البلد (صحيفة مصرية).