جان-باتيست پيگال

تمثال جان-باتيست پيگال في اوتل ده ڤي في باريس

جان-باتيست پيگال Jean-Baptiste Pigalle (و.26 يناير, 1714 - August 20, 1785[1]) كان مثالاً فرنسياً.

نحات فرنسي، ولد في باريس لأب نجار، وتعلم الفن عند النحات روبي لولوران (1666-1743) R.LeLorrain ثم عند النحات جان باتيست لوموان (1704-1778) J.B.Lemoyne. تقدم إلى مسابقة روما Concours de Rome التي كانت تنظم سنوياً في فرنسا منذ عام 1664 للفنانين الشباب الفرنسيين، ويستحق كل من نال جائزة أولى فيها في نوع من أنواع الفن منحة لمدة ثلاث سنوات في أكاديمية فرنسا في روما القائمة في ڤيلا مديتشي Villa Medicis التي يعود بناؤها إلى القرن السادس عشر، ولما لم يسعفه الحظ في الحصول على منحة، يمم شطر إيطالية سيراً على قدميه حتى كاد يموت من العوز، واستطاع الدخول إلى الأكاديمية الفرنسية في رومة بمساعدة النحات گيوم كوستو الثاني (1716-1777) G.Coustou II وكان تلميذاً فيها، فاقتنى سفير فرنسة في إيطالية أحد أعماله.

عاد پيگال إلى فرنسة بعد إقامة في رومة دامت ثلاث سنوات من عام 1736 إلى عام 1739، وصار عضواً في الأكاديمية الملكية للتصوير والنحت سنة 1944 بعمله «مركور يربط جناحاً في كل من قدميه»، وهو يمثل الإله الشاب مركور منحنياً يلتفت إلى الخلف وتتصالب يداه مع رجله المرفوعة في مركز التكوين الفني للتمثال، هذا التكوين الهرمي الذي يخرج عن الأطر الاتباعية (الكلاسيكية) جعل التمثال يبدو كأنه معلق بالهواء (متحف اللوفر).

عمل پيگال في بلاط الملك لويس الخامس عشر، وعند المركيزة السيدة دي بومبادور اللذين كلّفاه أعمالاً عدة منها «بوابة كنيسة الأطفال اللقطاء» (1747) (هدمت)، و«عذراء الأنفاليد» (1748)، و«تمثال الملك لويس الخامس عشر» و«تمثال الحب والصداقة في متحف اللوفر».

نفذ پيگال أعمالاً استقى موضوعاتها من الأساطير مثل «ڤينوس ومركور» وهو تمثال من المرمر (متحف برلين)، كما نفّّذ أعمالاً نصبية تخليداً لذكرى أبطال فرنسة، كالنصب الجنائزي للماريشال الكونت كلود داركور C.d’Harcourt (كنيسة نوتردام في باريس)، والنصب الجنائزي للماريشال الكونت موريس دي ساكس M.de Saxe في ستراسبور الذي يعد في أعمال الفنان الرئيسة، وقد أنجزه في المدة ما بين سنة 1753 وسنة 1776، بإيعاز من الملك لويس الخامس عشر، وتم تدشينه سنة 1777، وكان دي ساكس قائداً فرنسياً أعاد الألزاس إلى فرنسة، وقد جمع پيگال في هذا العمل بين البطولة والمأساة من خلال تلاحم الإنسانية وتزاحم العناصر الأخرى بحيث توضع الضريح في قاعدة النصب، وعلى غطائه ارتمى الموت بهيئة هيكل عظمي مسجّى بكفن، ووضع الفنان في الجهة الثانية من الضريح شكلاً إنسانياً يمثل هرقل يستند إلى هراوة رمزاً للقوة العسكرية التي تحلى بها دي ساكس الواقف في أعلى النصب، كما وضع فرنسة القانطة بين صاحب الضريح والموت وهي ممثلة بامرأة رائعة الجمال تحاول التمسك بإحدى يديها بيد الماريشال، وتبعد واقعة الموت بالأخرى، كما وضع الفنان على جوانب النصب تزيينات تمثل رايات وأسداً يزأر. تترتب الأشكال الإنسانية في النصب مشكلة تكويناً هرمياً مغلقاً.

نحت پيگال أيضاً مجموعة من التماثيل النصفية لشخصيات مرموقة مثل ديدرو Diderot (متحف كلوني)، والمركيزة مدام دي بومبادور، وڤولتير Voltaire، وقد جعل له جسماً عارياً مثل أبطال الإغريق.

وتظهر شخصية پيگال الفنية في منحوتاته التي تمثل الأطفال الممتلئة أجسادهم بالعافية، وهي أعمال واقعية تؤكد مراقبة هذا الفنان للطبيعة ودراستها دراسة متفحصة ودقيقة. وإذا ما أريد تصنيف أسلوب جان باتيست پيگال، يمكن القول إنه استطاع تحقيق التوازن بين نزعة الباروك التي كانت سائدة في زمانه والأسلوب التقليدي الاتباعي (الكلاسيكي) السابق.

قصد پيگال روما على نفقته، يعينه على ذلك كوستو، بعد أن أخفق في نيل "الجائزة الكبرى" التي تُدفع لنائلها مصروفات تعلمه الفن في روما، فلما عاد إلى باريس شق طريقه إلى أكاديمية الفنون الجميلة برائعته المسماة "عطارد يثبت خفية"، هذه الرائعة التي صاح الفنان للعجوز جان-باتست لموان حين رآها "وددت لو كنت راسمها" كذلك أعجب بها لويس الخامس عشر، وأرسلها إلى حليفه فردريك الثاني 1749. وقد وجدت سبيلها بطريقة ما عوداً إلى اللوڤر، حيث نستطيع أن نتأمل المهارة الفائقة التي ألمع بها الفنان الشاب إلى لهفة الرسول الأولمبي على النهوض والانطلاق. ووافق فن بيجال مزاج مدام ده بومبادور، فعهدت إليه بالكثير من المهام. وقد صنع لها تمثالاً نصفياً محفوظاً الآن بمتحف المتروبولتان للفن بنيويورك، وحين هدأ ما بينها وبين الملك من غرام مشبوب واستحال إلى صداقة، نحت لها تمثالاً على هيئه "ربة الصداقة" (1753).(45) وصنع تمثالاً للويس بوصفه مجرد "مواطن" للميدان الملكي بران، وأتم تمثال بوشاردون "لويس الخامس عشر" للميدان الذي يسمى الآن ميدان الكونكورد. وصور ديدرو في البرونز، رجلاً تمزقه الفلسفات المتصارعة. ولكنه أطلق لنفسه عنان التمثيل في المقبرة التي نحتها لرفات المارشال ساكس بكنيسة القديس توما بستراسبورگ -فهو المحارب العاشق يركب إلى الموت كأنه راكب إلى معركة ينتصر فيها.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أشهر تماثيله: ڤولتير عارياً

ڤولتير عارياً، 1776.

أما أشهر التماثيل الذي كان حديث الناس في هذا العهد فذلك الذي اختارت صفوة مفكري أوربا بيجال لينحته لڤولتير. وقد اقترحته مدام نكير في إحدى أمسياتها في 17 إبريل 1770 ورحب بالاقتراح جميع ضيوفها السبعة عشر (ومنهم دلامبير، أندريه مورليه، ورينال، وگريم، ومارمونتيل) ودعي عامة الناس للمساهمة في النفقة. وأثيرت بعض الاعتراضات، إذ لم يكن من المألوف إقامة التماثيل لأي أحياء سوى الملك، ولم يصنع تمثال لكوريني أو راسين قبل موتهما. ورغم ذلك تدفقت التبرعات، حتى من نصف ملوك أوربا، وأرسل فردريك مائتي جنيه ذهبي لتخليد ذكرى صديقه وخصمه القديم. وأستأذن روسو في المساهمة، فأعترض فولتير ولكن دلامبير أقنعه بالموافقة. وعرض فريرون وبالايسو، وغيرهم من خصوم جماعة الفلاسفة أن يشاركوا في التحية، ولكن عرضهم رفض. ووضح أن الفلاسفة كانوا أبطأ من خصومهم مغفرة وصفحاً. أما فولتير نفسه فقد نبه مدام نكير إلى أنه لا يصلح موضوعاً لتمثال:

طفلة وتفاحة (متحف اللوڤر)

"لقد بلغت السادسة والسبعين، ولم أكد اتماثل للشفاء من مرض عبث بجسدي وروحي عبثاً منكراً ستة أسابيع. ويقولون إن مسيو پيگال قادم ليصنع تمثالاً يحكي محياي. ولكن هذا يا سيدتي يقتضي أن يكون لي محياً، ومن العسير التكهن بالموضع الذي كان فيه هذا المحيا. فعيناني غائرتان ثلاث بوصات، وخداي من الرق البالي الملصق لصقاً سيئاً على عظام لا ترتكز على شيء، وقد فقدت الأسنان القليلة التي كانت لي. وليس كلامي هذا من قبيل التمنع، ولكنه الصدق الخالص. ولم ينحت قط تمثال لرجل مسكين في حالتي هذه، ولعل مسيو پيگال سيعتقد أنكم تهزؤون به، أما أنا فينبغي أن يكون عندي من حب الذات ما لا أجرؤ معه أبداً على الظهور في حضرته. ول شاء أن يضع حداً لهذه المهمة الغريبة لنصحته بأن يأخذ نموذجه، بتغيرات طفيفة، ومن تمثالي الصغير المصنوع من صيني سيڤر porcelaine de Sèvres‏."

وضاعف بيجال المشكلة باقتراحه أن يصنع تمثالاً عارياً لذلك العفريت الأشهر، ولكنهم ثنوه عن هذا الرأي. وقصد فرنيه في يونيو، وجلس إليه الفيلسوف الخجول ثمانية أيام، في فترات متقطعة، ولكن في تململ شديد-يملي على سكرتير ويومئ للإيماءات وينفخ حبات البازلاء على أشياء شتى في الحجرة-حتى قاربت أعصاب المثال على الانهيار. فلما عاد إلى باريس بقالب للتمثال عكف على مهمته شهرين، ثم أعلن النتيجة في 4 سبتمبر، وأقبل نصف الصفوة الممتازة يعجبون ويبتسمون. والتمثال يقوم الآن في دهليز مكتبة المعهد.


منافسة فالكونيه

"لويس الخامس عشر مواطناً"، في ريمز، من نحت پيگال.
تمثال "پگماليون وگلاتيا" المرمري، الذي صممه فالكونيه ونفذه دوريه.

ولم يكن من مزاحم لپيگال في زعامة النحت في هذه الحقبة غير إتيان موريس فالكونيه، ويروي ديدرو قصة لطيفة عن خصومتهما، ذلك أن فالكونيه الذي كان يصغر غريمه بعامين تجنب أول الأمر منافسته مباشرة، فكان يصنع التمثال من الصيني، وكان من أبهج هذه التماثيل تمثال "پگماليون" الذي صنعه دوريه على تصميم فالكونيه، وفيه تبدو دهشة النحات الإغريقي إذ ينحني تمثاله "گلاطية" المرمري للتحدث إليه. واستطاع ذاك التمثال أن يرمز إلى حقيقة أوشك الناس أن ينسوها، وهي أنه ما لم يتحدث إلينا العمل الفني فهو ليس بفن. فلما أطلع پيگال على هذه القطعة من الطين وقد تحولت إلى رمز خالد فاه بالثناء التقليدي يثني به فنان عظيم على آخر: "وددت لو كنت صانعه!" ولكن فالكونيه لم يرد التحية بمثلها تماماً حين رأى تمثال پيگال "لويس الخامس عشر مواطنا" فقد قال "إني لا أحبك يا مسيو پيگال، وأعتقد أنك تبادلني هذا الشعور. وقد رأيت تمثال "المواطن" الذي صنعته، لقد كان ممكناً خلق هذا العمل، لأنك قمت بهذا فعلاً، ولكني لا أعتقد أن الفن يستطيع أن يجاوزه بخط واحد وهذا لا يمنعنا من أن نظل كما كنا".

خلود غير مقصود

اشتهر اسم بيجال بسبب پيگال، منطقة الرذيلة في باريس تقع حول الميدان الذي يحمل اسمه.

أعمال أخرى

أحد حوضي الماء المقدس في كنيسة كنيسة سان-سولپيس في پاريس


المصادر والهامش

أحمد الأحمد. "بيغال (جان باتست ـ)". الموسوعة العربية.

  1. ^ Barton, Eleanor Dodge Barton (1976). "Pigalle, Jean Baptiste". In William D. Halsey (ed.). Collier's Encyclopedia. Vol. 19. New York: Macmillan Educational Corporation. p. 43.

وصلات خارجية

* Virtual Gallery

قالب:France-sculptor-stub