ثقافة الهزيمة (كتاب)

ثقافة الهزيمة
المؤلفمحمد عبد السلام العمري
البلدمصر
اللغةالعربية
الناشر
الإصدار2005

ثقافة الهزيمة، هو كتاب من تأليف محمد عبد السلام العمري، نُشر في 2005.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فكرة الكتاب

يعد الروائي والمعماري محمد عبد السلام العمري أحد الكتاب الذين عانوا من عسف السلطة الرسمية، ودائما ما كان مثيرا للتوجس وانعدام الثقة داخل أروقتها، منذ أن نشر قصته المثيرة للجدل 'بعد صلاة الجمعة'، تلك القصة التي تنتقد بعنف ومرارة مفهوم القصاص في المملكة العربية السعودية،عبر قصة إعدام مأساوية أمام ساحة أحد المساجد بالمملكة، في الوقت نفسه وضع العمري على أعتاب السجن عندما أصدر روايته الضخمة ' الجميلات '، التي اتهمت لاحقا بالمروق والخروج على الآداب العامة والمساس بالأديان رغم أن المقاطع المنسوب لها الاتهامات مأخوذة من صلب الكتب التراثية، وقد أحيلت القضية الى محكمة جنايات جنوب القاهرة التي أصدرت حكما تاريخيا ببراءة الرواية مما هو منسوب إليها.

وفي كتابه 'ثقافة الهزيمة' يرصد العمري جانبا مهما ومؤثرا من أسباب التراجع الثقافي المصري، عبر رصده الكثير من أوجه هذا التراجع . وفي الإجمال لا يمكننا بحال فصل حال الثقافة المصرية عن واقعها السياسي والاجتماعي، ولا يستقيم الحديث عن غياب المشروع الثقافي دون نقاش عن غياب قرينه النهضوي بالمفهوم العام سواء كان ذلك على مستوى الوعي بالحتميات المستقبلية، أو الوعي بالمأزق الحضاري الراهن الذي تتشكل عبره الهياكل الشبحية المخيفة للحكومات والملكيات الأبوية، يشمل ذلك الأنظمة التي شاركت بالقسط الأكبر في قيادة حركة التحرر الثوري العالم ثالثي التي وعدت بتغيير العالم لكنها لم تترك في الواقع سوى تركة ثقيلة ورثها عسكريون أغبياء أساؤوا إليها والى أنفسهم والي حضارتهم وأممهم. وسوف يكون من المخجل أن نوجه مثل هذه الأسئلة الى شخص أي وزير ثقافة في العالم العربي مهما كانت الثقافة التي يحتمي خلفها، ولن يغفر التاريخ لأي منهم العطايا المبذولة لمثقفين هنا وهناك يتخذون من التبرير مهنة لهم، ولا يجدون غضاضة في الدفاع المستبسل عن هذه الصورة الكريهة للسلطة، التي حاول رصدها الروائي والقاص الراحل محمد عبد السلام العمري على أكثر من مستوى سواء كان ذلك في الجانب المتعلق بالعلاقة بين الثقافة والتغيير بمفهومه العام، أو هذا الجانب المتعلق بالأداء الوظيفي الذي يقوم على توصيل وتفعيل العلاقة بين الثقافي من ناحية والسياسي والمجتمعي من ناحية أخرى حول هذه العلاقة الشائكة.

حال ثقافتنا الراهنة كان هما مؤرقا للكاتب الراحل وقد ذهب في كتابه الى أن حاضر ثقافتنا الآن كما يتبدى للمثقف الموضوعي النزيه والمحايد حاضر مؤرق مقلق لأن هذه الثقافة كما تتبدى ثقافة دعاية وإعلام ومهرجانات وظلام وقهر، أما لُب الثقافة الحقيقية فتغطيه وتعتم عليه هذه القشور البراقة المبهرة، التي تنتهي فعاليتها بانتهاء مناسباتها. ويتساءل العمري: هل تجتمع هذه الثقافة الآنية حول مشروع قومي يرتضيه المثقفون ويلتفون حوله، ويتحمسون له، ويجسدونه؟ لكنه سرعان ما يجيب بأن هذه الثقافة تؤكد وتجزر القطيعة بين المثقفين، ووطنهم وتقف في جانب السلطة. وينتقل العمري من علاقة المثقف بالسلطة الى علاقة الثقافة بالحرية ويقول: تتجسد السلطة لدينا في مؤسسات للضبط والمراقبة، والعقاب، ولا يمكن لأي حديث جاد في الثقافة إلا أن يلتقي في دروبه بقضايا الحرية والقيد. ويقول العمري: أدت ممارسة هذه الثقافة خصوصا في بعدها السياسي الى تصدع هائل على المستوى الفردي، وفي المجتمع على السواء وقد شغلت هذه الفئة الساحة، وهي نخبة متهالكة طاردة لكل ما يغايرها، فأصبح الإنتاج المعرفي والثقافي واهنا ومتهرئا وتآكلت بذلك المكانة الإقليمية للدولة المصرية، وبدا ذلك واضحا، بدءا من مستوى التعليم المتدهور، حتى لغة الحوار السياسي، الذي يصدر من طرف واحد. ويردف العمري قائلا: لم يعد في مصر ثقافة، بل صياغة ثقافية قلبت المعايير فهل يستحق المثقف المصري الانتماء الى مصريته؟ ويجيب: إن البعض يرى أن التدليس والانصياع والحظائر خيانة في المفهوم ألشفاهي والشعبي للثقافة، وأن المصرية اكبر بكثير وأرقى من أن ينتمي مثل هؤلاء إليها، وينقل العمري عن الدكتور محمد حافظ دياب قوله إن مصطلح الانحطاط الثقافي يليق بهذا الأوان.

وضمن أوجه التناقض الذي رصده العمري التخبط المثير للجدل في احتفالية نهاية القرن والاحتفال بالحملة الفرنسية ونهب الآثار وقلعة محمد علي . ويستعرض العمري مشكلات عدة في قطاع الآثار مثل ترميم الأزهر عن طريق شركات المقاولات، ويقول العمري قاصدا الوزير: لقد كان يعلم أن هناك أيادي إرهابية عابثة طمست معالم الجامع الأثرية، لأنها لا تروق الجماعات الإسلامية التي تعشش في الأزهر و نحن نعلم أن كل الفنون في مفهومها حرام ومع ذلك تم التغاضي عن هذا العبث. وأشاد بما تبقى من المقرنصات والزخارف على الواجهات، في حين تم محوها في الداخل، إلا أن لب الموضوع هو أن بعض الأعمدة والأرضيات باتت مخلخلة بفعل المياه الجوفية، ومياه الصرف، ولا نعرف هل تم تلافي هذه العيوب عندما استولت على الترميم شركة المقاولون العرب بأمر مباشر من وزير الإسكان أم لا؟ ولماذا صمت وزير الثقافة عن ترميم أهم أثر معماري إسلامي في العالم؟ ويرى العمري أن أحوال الآثار الإسلامية لا تقل سوءا عن حال الأزهر فيوجد مثلا في شارع المعز 87 أثرا إسلاميا أهمها مجموعة قلاوون والمؤيد شيخ وقصر بشتاك والأقمر والحاكم، وبوابة المتولي، وهي كلها آثار معرضة للتدمير، كما يشير أيضا الى احتراق قصر الجوهرة بعد نهب محتوياته وكذلك دار الأوبرا الخديوية التي لا تزال تعاني ـ حسب العمري ـ من الحسرة المريرة - 'كان ذلك قبل احتراقها الأخير' - على ضياعها من ناحية، وعلى قبح وتخلف ما حل محلها من ناحية أخرى وإلى الدمار المستمر لكنوز القاهرة الفاطمية على يد الورش ومعامل الطرشي ومحلات الأدوات المنزلية.

ويعبر العمري عن دهشته من تبرير سرقة الآثار حيث إن عدد أمناء العهد قليلون وكل واحد منهم يشرف على آلاف القطع ويجيب العمري على سؤال آخر: هل هذا معقول؟ هل هذا يفسر كل هذه السرقات، ألا يوجد في مصر أكثر من 4.5 مليون شاب عاطل، معظمهم من المؤهلات العليا وأثريون وفنانون متخصصون، ثم نترك 17 ألف قطعة أثرية في عهدة موظف واحد؟ كذلك ينتقل العمري الى مشكلة ترميم قصر البارون بواسطة وزارة الإسكان ثم قضية الروايات الثلاث التي تفجرت في عام2001 ويرى أن موقف الوزير لم يكن مقبولا على أي نحو وكان يجب عليه أن يدافع عن المثقفين، وعن حرية الإبداع، لكنه صادر الكتب وأحال المسئولين عن إصدارها للتحقيق وفتش في ضمائرهم أكثر مما يفعل الظلاميون، وأعلن أن الروايات تمثل تعديا على الأديان وتحوي الكثير من الفحش. ويقول العمري إن الهدف مما فعله الوزير هو تقديم نفسه كرجل يحافظ على تقاليد المجتمع وأديانه، ليس حبا في الدين أو في المجتمع لأنه لا يريد أن يستعدي التيار الظلامي ضده. أيضا تناول العمري محرقة مسرح قصر ثقافة بني سويف وما انتهت إليه من مقتل اثنين وخمسين من المبدعين والمخرجين والنقاد، ثم ثقافة القبح والرداءة وعلاقة ذلك بإنشاء ما يسمى جهاز التنسيق الحضاري والحداثة بين عمارة القبح وثقافة القهر والسؤال الأساسي للعمري في هذه الدراسة هو كيف يفشل مجتمع به أكثر من 250 ألف مهندس معماري ومخطط في الحفاظ على شخصية مدينة مثل القاهرة؟

ينتهي العمري الى القول بأن المشكلة الحقيقية الآن هي هذا التآلف العجيب بين القبح والرداءة والعشوائيات ويري أن مشكلتي الترييف والعشوائيات من اكبر المشاكل التي تواجه المدنية العربية الحديثة. كذلك قدم العمري فصلا من كتابه حول مذابح القصور والفيلات ويرى أن دورا كبيرا كان ينعقد على وزارة الثقافة في الحفاظ على هذا التراث ثم كتب العمري فصلا آخر تحت عنوان ثقافة الجهل بالكتلة، بالحيز، بالفراغ والميادين المستباحة وتناول فيها التماثيل التي توضع في ميادين عامة دون دراسة، كذلك تضمن الكتاب أيضا مقالا تحت عنوان ملاحظات نحو تعريف الثقافة وهو عنوان كتاب كانت أصدرته مكتبة الأسرة للشاعر الانكليزي المعروف ت. إس اليوت، ويتهم العمري الكتاب بالتطرف ودعم توجهاته التي يناهضها بالأساس مشروع مكتبة الأسرة ثم يتناول العمري معرض الكتاب ومجلات وزارة الثقافة ورجال الوزير ومؤتمر الثقافة العربية والإصلاح الذي انعقد في القاهرة قبل أكثر من عشرة أعوام، ثم تناول الثقافة والتنمية ومشروع السياسة الثقافية، وإعادة صياغة الوجدان المصري، وكذلك تناول المتحف المزمع إنشاؤه في مصر على أن يكون اكبر متحف في العالم.


المصادر

  • محمود قرني (2012-06-21). "محمد عبد السلام العمري في ذكراه الثانية: رصيد كبير من الروايات اللاذعة". صحيفة القدس العربي.